طلال عبدالله الخوري 6\10\2012 حصرياً موقع مفكر حر
طلال عبدالله الخوري 6\10\2012 حصرياً موقع مفكر حر
جوزيف شلال
2012 / 10 / 6
البداية :
ان كل نظام دكتاتوري استبدادي قمعي يرتكز و يستند على ثلاثة عوامل وركائز لكي يبقى مسيطرا مهيمنا على سدة الحكم , من اهم هذه الركائز , اجهزة الامن والمخابرات والاستخبارات بانواعها المعروفه , الاعلام الحكومي المسيطر والمبرمج لصالح السلطه و الزمرة الحاكمه , الثالث هو الاقتصاد المسير لصالح حفنة من الطبقة الحاكمة . اذا ارادت اية قوى اختراق النظام لاجراء التغيير المطلوب عليها اولا , الدخول في عملية تكسير وتهشيش وضعضعة النظام من الداخل , التركيز اولا على الاعلام المضاد للدوله في الداخل والخارج بكل الطاقات والامكانيات المتوفرة لكشف افعال واعمال النظام وما يقوم به سواء كان في الخفاء والسر اوالعلن للجماهير في الداخل وامام الراي العام العالمي , ياتي هذا من خلال وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة والفضائيات والانترنيت وغيرها .
ان زمن الصوت الواحد والمفروض فرضا على المواطن يجب ان يكسر لانه من مخلفات الانظمة الفاشية والدكتاتورية , كما كانت تلك الانظمة القمعية تقوم بفرض اذاعات وصحف ومجلات ونشرات وكتب من خلال ما يسمى بالاعلام الموجه , وكانت تمنع وتراقب كل من يحاول التواصل مع الخارج ومع اية جهة معارضة لسياسة النظام الحاكم بحجة التامر والمؤامرات والعدو الخارجي وتخريب البلاد والاستقواء بالخارج والتجسس وما الى ذلك .
اما بالنسبه الى الحاله الامنيه والمخابراتية والاستخباراتية نقول هنا على المعارضات والقوى التي تريد فعلا تغيير النظام وازالته , عليها ان تخترق هذه المنظومات المحصنه بوسائل سريه وعلميه والدخول اليها بالتطوع والمشاركة في هذه الاجهزة التي تدار من قبل الزمرة الحاكمة , واستعمال تقنيات حديثه ووسائل وطرق طبقتها الشعوب التي تحررت من انظمتها الدكتاتورية النازية . فضح جرائم السلطة الحاكمة عن السجون والعتقلات وحالات القمع والتعذيب و كشف الارقام والصور والافلام عن عدد السجناء وسجناء الراى والفكر وغيرهم .
المطالبة بحرية المسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية والتعبير ورفع حالة الطوارئ والاحكام العرفيه واصلاح الجهاز القضائي لكي يخدم المواطن وليس النظام والفئة الحاكمه . اما عن الاقتصاد الموجه والمسيطر عليه من قبل الشلة الفاسده الحاكمه , يجب المطالبه بالتحقيق حول الفساد المالي والسرقات وكيفية ادارة المال العام , محاسبة كل من اصبح لديه اموال و ثروة مشبوهة وتطبيق مبدا من اين لك هذا ! , المطالبة بتوفير العمل لكل مواطن وخاصة العاطلين عن العمل , الضمان الاجتماعي والصحي لجميع قطاعات الشعب وبدون تفرقه ,التوزيع العادل للثروة , عدم احتكار قطاع التجارة والسوق المالي والبورصات والتصدير والاستيراد وان لا تبقى بيد فئة واحدة معينه , تعديل القوانين في الصناعه والتجارة والتصنيع لكي يكون من حق اي مواطن ممارسة تلك المهن وبشفافية , مناقشة ميزانية الدوله علنا ووضع جميع واردات البلد في الاتجاه الصحيح لخدمة الوطن والمواطن , على سبيل المثال لا الحصر , النفط في ليبيا لا يدخل من ضمن الموازنه , الاخ العقيد القائد وابنه من لهم الحق فقط في صرف هذه الاموال , ونحن نعرف ان جميع الدول النفطيه هكذا وبدون استثناء . . .
النظام السوري مثالا :
النظام السوري قام بتطبيق نفس المبدا , اسرق على كيفك , بعد ان تبين بان هناك حوالي ستة الاف مليون برميل احتياطي في سوريا , النظام لم يدخل واردات النفط في الموازنه .
نحن نقول المطلوب والواجب هو تغيير الانظمه وليس الى اصلاحها وترميمها , اي كما يقال بالعاميه تغيير القبعه . كما ان النظام السوري وحزب البعث الحاكم لن تطول هيمنتهما على الحكم في سوريا وكما حصل في العراق , نستغرب من بعض الذين يطالبون التغيير في سوريا ويرددون شعار البائسين والمهزومين لا نريد عراقا اخر او ثان هنا ! , ماذا تريد , نظام جاهز ومعلب على صينيه من الفضه او الذهب !! هذه خيبة امل . اعتقد ان من يردد هذا الشعار والمقوله هذه لا يريد تغيير النظام , علم النفس علمنا ان نقرا الافكار والنوايا , التغيير له ثمن ولا يوجد شئ في العالم اليوم بدون ثمن و مقابل . اذا لم تريد او ترغب بان يسال دمك عليك واجب الحفاظ على النظام وهذه خيانه معروفه لمروجي التغيير الرومانسي الشاعري .
اذن نرجع حول مصير النظام والحزب في سورية , ان وجود بعض المعارضات التي هربت الى الخارج من بطش النظام والحزب والاجهزة القمعيه والامنيه المخابراتيه , لان النظام لا يريد من يعارضه احدا لا في الداخل ولا في الخارج , كل معارض يعتبر خائنا وعميلا ومجرما بحسب دستور النظام ومنهاج برنامج العمل الحزبي والحكومي . السلطة الحاكمة الغير شرعية همها الوحيد اطفاء مشعل الحريه لهذه الجماهير وان تبقى جائعة وذليلة ومتخلفة لكي تتبع النظام ولا تخرج عن طاعته , سياسة النظام هي البطش والتنكيل وقمع الحريات المدنيه العامه والشخصيه و اثارة الفتن الطائفيه والسياسيه والمذهبيه الدينيه .
ان الحزب في سوريا والنظام لم يسئ فقط الى الشعب السوري وانما الى كل شعوب المنطقه , اساء الى الفلسطينيين , اذ استغل قضية فلسطين كقميص عثمان لاطالة عمر الحزب والنظام , كما فعل نظام صدام خلال اكثر من خمسة وثلاثون عاما واراد محو نصف اسرائيل باطلاق 39 صاروخا كارتونيا في الصحراء ولم تموت الآ عجوز عمرها 85 عاما وكانت تعاني من مرض القلب . النظام السوري اساء الى الاردن بايوائه للمنظمات الارهابية الفلسطينية واخيرا انقلب عليها , حزب البعث والنظام السوري اساء الى العراقيين لمدة اكثر من اربعة عقود بوقوفه مع النظام المجرم في ايران ضد العراق وشعبه بارسال اسلحة ومعونات الى ايران لضرب وتدمير العراق . النظام الى هذا اليوم يقف كعائق بعدم الاستقرار في العراق بسبب ما اقترفه من جرائم وعمليات ارهابية وارسال قتلة ومجرمين لقتل الشعب العراقي .
لا ننسى ايضا الافعال المشينة التي ارتكبها النظام السوري في لبنان حينما احتلها باسم الاخوة العربية والحفاظ على عروبة لبنان وتلك الشعارات المزيفة . الشعب السوري عانى كثيرا من عمليات الاقصاء والاعتقال والتهجير والزج في السجون والمعتقلات وبدون محاكمات عادلة وعلنيه ومكشوفه . لقد آن الاوان لشعب سوريا المحتل من قبل سلطة الامر الواقع بان ياخذ زمام المبادرة لتغيير هذا النظام المتعفن المستهلك . ان العالم سوف يقف كله مع من يقوم بعملية ازالة هذا النظام بكل الطرق والوسائل المتاحه , ان الوضع في سوريا هش وليس بالقوة كما يصفونه من قبل الذين يقفون عائقا امام حدوث التغيير في سوريا .
عدم الانتظار وانتظار الفرج او الحل الرباني الالهي , الحل هو بقيام انتفاضه شعبيه عارمه وتعطيل كافة مرافق الحياة بعيدا عن القتل والعنف والتخريب وتخريب ممتلكات ومؤسسات ودوائر الدوله , هنا سوف نرى بان النظام سوف يخرج مظاهرات هنا وهناك مؤيدة له ولنظامه وحزبه لكي يخدع الشعب ويقول بانه سوف يستجيب للمطالب واجراء التغيير والاصلاح المطلوب . على جميع القوى والمعارضات والشعب السوري ان يهئ نفسه لهذه الاحتمالات وهي متوقعه وجميع السيناريوهات وان يتحرك بسرعه على هذا الاتجاه .
ان ثورة وانتفاضة سوريه هي شعبيه وجماهيريه وسوف تنال الحريه والكرامه , علينا ان نذكر بان هناك معارضه شريفه وصادقه سوف تمد العون للشعب السوري وهي قادره على قيادة الوطن والدوله الى سر الامان والى ما هو افضل في الحياة , لا بد ان نذكر بعض المعوقات والهواجس في العمليه السلميه والديمقراطيه في سوريا لكي يبقى الموضوع مترابطا ومتكاملا . طبعا هناك اطراف تحاول الاعاقه لهذا التغيير منها جهات عربيه ومنظمات واحزاب مثل حزب الله الارهابي وحماس الطائفية وعملاء ايران في المنطقة كجيش عصابات المهدي ومقتدى الصدر , و تحاول جميع هذه الاطراف الانتهازية والخائنة والعميلة الابقاء على هذا النظام الى الرمق الاخير , لان زوال وسقوط هذا النظام يعني نهايتها وانقراضها وسقوطها في مزابل التاريخ , كذلك هناك دول اقليميه واجنبية مثل ايران وروسيا والصين ودول اخرى معنيه لها خطط ومصالح وتوجهات واوراق للحفاظ والابقاء على هذا النظام لكي يبقى يحكم في المنطقة واستخدام النظام السورية كاوراق وساحة حرب بالنيابة بين القوى الخارجية والاقليمية ومجرمي القاعدة والاسلاميين السلفيين والارهابيين . . . .
سوريا وايران :
لا بد من الاشارة قليلا حول تلاقي وجهات النظر بين النظامين السوري – الايراني , كما هو معروف ان ايران لها تدخلات على الساحه العربيه منذ اقدم العصور والى مجئ نظام خميني السفاح وانتهاءا الى الرئيس الفاشي والعنصري والطائفي السيد نجاد , هذا التدخل له مبرراته من وجهة نظر الايرانيه الا وهي قضية فلسطين وهم يريدون ان يصبحوا ملوكا اكثر من ملوك وحكام العرب , حتى العرب قد نسوا القضيه وهم اي الايرانيين نراهم متمسكين بها , لماذا , الله اعلم ! , هناك من يقف ويدعم النظام الايراني المنبوذ في العالم كالنظام السوري والنظام العراقي ومقتدى الصدر ومافياته المجرمة وحماس وحزب الله وبعض المنظمات والاحزاب المجرمة الاخرى .
هذه الحاله الغريبه خلقت نوع من الانقسام في الشارع العربي وخلقت كذلك التشتت الفكري والعقلي في مجتمعاتنا وهي عمليه مقصودة ومدروسة , لا بد ان يسال اي مراقب للاحداث ما يلي , ان وقوف بعض القوى والاحزاب والمنظمات التي تدعي انها مقاومه وهي ليست كذلك مع الثورة الايرانية الخمينية الاسلامية الرجعية قد خلقت حالة يرثى لها في المنطقه العربيه , وكان لها نتائج من الفوارق وفي الافكار والتشتت الاعلامي والتخندق الطائفي باعتبار ان النظام الاسلامي في ايران يعتبر ابو الطائفية والتعصب المذهبي والديني .
ان ما تم تخطيطه وبرمجته في زمن الشاه محمد رضا بهلوي نراه اليوم ينفذ ويتحقق من قبل الثورة الخمينيه على الساحه العربيه وهي ايصال المنطقة وشعوبها الى حالة التمزق والياس وفرق تسد واقتتال , اعادة السيطرة الفارسية المذهبية الصفوية وصولا الى لبنان . البعض من الجهلة والمغفلون تدعي بطلانا بانها طبقه مثقفه وواعية وداركة , هي التي قدمت هذه العطايا والاوراق على طبق من ذهب للنظام الايراني , النظام السوري في مقدمة هؤلاء الجهلة الذي اراد تدمير المنطقه بهذا العمل الخسيس والمخزي , والنظام لا يكترث لهذا الدور الفارسي الصفوي التدميري .
الاخطر من هذا قيام اجهزة النظام الايراني بنشر التشييع الصفوي وفكر ولاية الفقيه , مع احترامنا طبعا للشيعة العرب , ونحن نرى ان من حق الشيعة نشر افكارهم ومعتقداتهم كباقي الاديان والطوائف الاخرى , وهنا ما نقصده التشييع الايراني الصفوي الفاسد ! , ان الاجهزة السوريه تغض النظر عن تلك الممارسات , على ضوء ما ذكرناه هناك طرف اقليمي ودولي يحول عائق دون حصول عملية التغيير في النظام السوري .
الشعب السوري سوف يدفع الثمن لهذه الحالة الكارثية , لان غالبية دول العالم وقفت مع التغيير الذي حصل ويحصل في اية دولة في العالم باستثناء سوريا ! . اخيرا لا بد ان نقول على جميع المعارضات السوريه في الداخل والخارج ان تتوحد لاجراء التغيير المطلوب في سوريا باستعمال شتى الطرق والوسائل بما فيها العسكرية وتلقي الخبرة والمساعدات من الخارج والابتعاد عن المزايدات بالوطنية واستخدام الشماعات المعروفة وايجاد اعداء والحديث عن المؤامرات والاستقواء بالاجنبي وهذا ما يريده النظام المتعفن ويتمناه .
طلال عبدالله الخوري 2011 / 8 / 7
مرة اخرى استخدمت فزاعة الاسلام بحنكة سياسية ليس لها مثيل من قبل مخضرمي سياسة النظام السوري لثني البرازيل عن ادانة النظام وارهابه ضد شعبه, حيث يستخدم الاسد هولاكو العصر الدبابات في قصف المدن والقرى التي تسير في شوارعها الاحتجاجات. لقد كانت البرازيل هي الدولة التي تبنت فكرة شجب العنف على الجانبين بسوريا في القرار الرئاسي الذي صدر عن مجلس الأمن مع العلم بان البرازيل هي عضو غير دائم فيه.
لقد بررت البرازيل قرارها هذا بان سقوط النظام السوري سيجلب نظاما إسلاميا متشددا، أو فوضى تتسبب في مآس كبيرة ضد الأقليات، بما فيها الأقلية المسيحية!
حنكة الديباوماسية السورية بتحقيق هذا النصر الديبلوماسي
لا نستطيع ان نستخف بحنكة دبلوماسيي النظام السوري, فهم يعرفون بانه سيكون للبرازيل شأن في قرار مجلس الأمن, وهم يعرفون بان لهم بالبرازيل بيدق شطرنجي سياسي يستطيعون تحريكه, وهو متمثل بالجالية السورية واللبنانية والتي تمثل قوة انتخابية لا يستهان بها و يسيل لها لعاب اي حزب سياسي بالبرازيل.
لذلك همت الدبلوماسية السورية بإرسال نائب وزير الخارجية فيصل مقداد إلى برازيليا، ونجح هذا المقداد بتخويف السياسيين البرازيليين من ان الاقليات بسورية ومنها الاقلية المسيحية ستتعرض للمآسي جراء تغيير النظام؟
ونحن نشك ( اي ليس لدينا اي دليل على هذا) بان فيصل المقداد اصطحب معه عند مقابلته للمسؤلين البرازيليين مجموعة من رجال الدين الاسلامي والمسيحي بالبرازيل والذين يستنفعون من نظام الاسد بسورية بطريقة او باخرى, لكي يؤكدوا روايته ويعددوا معه كل المأسي التي تحدث بالشرق الاوسط من جراء الارهاب الاسلامي المتطرف في كل من العراق ومصر والصومال وافعانستان وغيرها الكثير…. فهل يستطيع اي دبلوماسي برازيلي ان يتجاهل مثل هذه الحقائق وخاصة عندما تأتيه من قوة انتخابية برازيلية؟
الكهنوت الاسلامي والمسيحي من الد اعداء العلمانية والتغيير
من الواضح بان المؤسسات الدينية الاسلامية والمسيحية هم من الد اعداء العلمانية!! وذلك لان العلمانية ستحرمهم من الجاه والسلطة التي يمنحها لهم النظام الاستبدادي! ولان العلمانية ستحرمهم من العطايا السخية التي يغدقها عليهم النظام الاستبدادي, ولان سوق الاديان لا تنتعش الا بكنف الانظمة الاستبدادية. طبعا رجال الدين الاسلامي والمسيحي ينظرون الى نظرائهم الغربيين ويرون ما حل بهم جراء العلمانية؟؟ وكيف اصبحت مهنتهم محصورة داخل المعابد ,وهم يرون ايضا كيف ان الكثير من الكنائس تم بيعها بالغرب كعقارات وذلك لقلة المصلين الذين يرغبون بالتبرع لدفع نفقات ومصاريف الخدمات الدينينة التي يؤدونها!! بينما رجال الدين بالانظمة الاستبدادية تشارك بالحكم والسلطة والثروة.
كلنا نتذكر كيف وقف جميع رجال الدين بمصر من الازهر الى المفتي والى اصغر واعظ من وعاظ السلطان ضد الثورة والتغيير وأيدوا الديكتاتور وكفروا كل معارضيه. وكلنا رأينا كيف انهم انقلبوا على مواقفهم ولحسوا كل بصاقهم عندما تيقنوا من ان زمام الامور اصبحت مع الثورا وعندها فقط انحازوا للثورة. وهذا بالضبط ما يحدث مع كل الثورات العربية.
وهاهم الان وبمنتهى القذارة يريدون ان يجعلوا من طنطاوي رئيس المجلس العسكري مستبدا يحكم مصر, حيث انهم نادوا بمظاهراتهم الاخيرة بتأييدهم لحكم طنطاوي العسكري وكأن شيئا لم يتغير .
من هنا نرى بان المؤسسات الدينية اخر ما يهمها تحسين وضع الشعب وان كل ما يهمهم هو ان يكونوا وعاظ للسطان, يأكلون خبزهم من هذه المهنة وحتى لو كان على دماء الشعوب.
الفزاعة الاسلامية سلاح استخدمه ديكتاتور تونس للتمسك بالسلطة, ثم استخدمه ديكتاتور مصر حسني مبارك للتمسك بالسلطة, وما زال يستخدمه ديكتاتور ليبيا معمر القذافي للتمسك بالسلطة وايضا يستخدمه ديكتاتور اليمن صالح لاجهاض ثورة الشباب اليمني وبنفس االطريقة يستخدمة النظام السوري الذي يتعمد تخويف الأقليات بما فيها الأقليتان العلوية والمسيحية بفزاعة الاسلام.
من هنا نرى بأن هناك مشكلة واقعية هي مشكلة فزاعة الاسلام. هذه المشكلة هي مشكلة يعيها العالم ويلمسها لانها مشكلة مدعومة بالحقائق والوثائق التي لا تقبل الشك او الجدل ومن وثائق تاريخ الاسلام على مدى 1430 سنة وايضا من الواقع الحالي بالزمن القريب من الاحداث التي جرت وتجري في كل من العراق ومصر والسودان والصومال ولبنان وافغانستان والباكستان وايران وحتى جميع دول العالم قاطبة. هذه المشكلة هي مشكلة حيوية هامة يجب مواجهتها وايجاد حل لها, وذلك للمساهمة بانجاح الثورة السورية ولكي ينجح التغيير, ومن اجل ايضا تقصير زمن الثورة وبالتالي التقليل من عدد الضحايا وتقريب زمن الحرية والازدهار الاقتصادي. انا احمل زيادة زمن الثورة وضحاياها على فزاعة الاسلام اي على الفزع الذي يزرعه الاسلام بقلب الاقليات بشكل خاص والمسلمين والعالم قاطبة بشكل عام.
لقد استخدم هذه الفزاعة كل من ديكتاتور تونس و مبارك بمصر وصالح باليمن وبشار بسورية, ؟؟ هذا يعني بان هناك فعلا مشكلة ويجب حلها,والهروب او تجاهل هذه المشكلة لن يفيدنا ابدا, ولقد اقترحنا حلول لهذه المشكلة بمقالاتنا السابقة مثل مقالة : ما هو الحل (معضلة الدين الاسلامي).
أديب الأديب
مذبحة الارمن الكبرى 24-4-1915 والتي قضى فيها حوالي مليون ارمني
,هذه الصورة التقطها صحافي ألماني ومحفوظة في أرشيف الفاتيكان و في الصورة توجد أمهات أرمنيات معلقات على الصليب عاريات تم صلبهن اثناء الإبادة من قبل الجنود الأتراك. موقع الإعدام في صحراء دير الزور بسوريا, وقتها قام أهالي دير الزور باخفاء اطفال الارمن ومن استطاع الهرب من المذبحة من البالغين وكان الدرك التركي يمر ويسأل الاهالي عن الاطفال ، وكانو أهالي دير الزور ينكرون رؤيتهم ويدعون أن الاطفال أطفالهم هم حاليا عدد سكان الأرمن بمدينة دير الزور فوق 25000
مذابح الأرمن,
Ermeni Soykırımı
وتعرف أيضا باسم المحرقة الارمنية وتشير إلى القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل الامبراطورية العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى،وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر وعمليات الترحيل، والترحيل القسري وهي عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية مصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين.
يقدّر الباحثين ان اعداد الضحايا الأرمن تتراوح ما بين 1 مليون و 1.5 مليون نسمة.
مجموعات عرقية مسيحية أخرى تم مهاجمتها وقتلها من قبل الإمبراطورية العثمانية خلال هذه الفترة كالسريان والكلدان والآشوريين واليونانيين , حيث تقول الاحصائيات الموثقة بان عددهم قد تجاوز مئات الآلاف من الآشوريين,السريان,الكلدان, واليونان البنطيين.
تعرف مذابح سيفو بالمذابح الآشورية أو مذابح السريان ، وهي تطلق على سلسلة من العمليات الحربية التي شنتها قوات نظامية تابعة للدولة العثمانية بمساعدة مجموعات مسلحة كردية شبه نظامية استهدفت مدنيين آشوريين, سريان, وكلدان أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى بالسريانية: ܣܝܦܐ أي السيف.
يرى عدد من الباحثين ان هذه الاحداث، تعتبر جزء من نفس سياسية الإبادة التي انتهجتها الإمبراطورية العثمانية ضد الطوائف المسيحية
يعتبر يوم 24 نيسان من كل عام ذكرى مذابح الارمن، وهو نفس اليوم التي يتم فيه تذكار المذابح الآشورية وفيه تم اعتقال أكثر من 250 من أعيان الأرمن في إسطنبول. وبعد ذلك، طرد الجيش العثماني الأرمن من ديارهم، وأجبرهم على المسير لمئات الأميال إلى الصحراء من ما هو الآن سوريا، وتم حرمانهم من الغذاء والماء، المجازر كانت عشوائية وتم مقتل العديد بغض النظر عن العمر أو الجنس، وتم اغتصاب والاعتداء الجنسي على العديد من النساء. اليوم أغلبية مجتمعات الشتات الارمني نتيجة الإبادة الجماعية.
تنفي جمهورية تركيا, وريثة الإمبراطورية العثمانية، وقوع المجازر التي تؤكدها ؛ وجهت الأمم المتحدة دعوات متكررة لتركيا للاعتراف بالأحداث بأنها إبادة جماعية.
لقد اعترفت عشرين دولة رسميا بمذابح الارمن بأنها إبادة جماعية، ومعظم علماء الإبادة الجماعية والمؤرخين يقبلون بهذا الرأي.
جريدة نيويورك تايمز صادرة في 15 ديسمبر 1915 تذكر المقالة في الجريدة أن قريب المليون شخص قتلوا أو تم نفيهم على أيدي الأتراك
السلطان عبد الحميد الثاني هو أول من بدأ بتنفيذ المجازر بحق الأرمن وغيرهم من المسيحيين الذين كانوا تحت حكم الدولة العثمانية. ففي عهده نفذت المجازر الحميدية حيث قتل مئات الآلاف من الأرمن واليونانيين والآشوريين لأسباب اقتصادية ودينية متتعدة.
بدأت عمليات التصفية بين سنتي 1894-1896 وهي المعروفة بالمجازر الحميدية. كما قام عبد الحميد الثاني بإثارة القبائل الكردية لكي يهاجموا القرى المسيحية في تلك الأنحاء
قام أحد أفراد منظمة الطاشناق بمحاولة فاشلة لاغتيال اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني في عام 1905 , بتفجير عربة عند خروجه من مسجد. فقام على اثرها السالطان عبدالحميد بمجازر في قيليقية راح ضحيتها حوالي 30,000 أرمني
خلال فترة الحرب العالمية الأولى قام الأتراك بالتعاون مع عشائر كردية بإبادة مئات القرى الارمنية شرقي البلاد في محاولة لتغيير ديموغرافية تلك المناطق لاعتقادهم أن هؤلاء قد يتعاونون مع الروس والثوار الأرمن.
كما اجبروا القرويين على العمل كحمالين في الجيش العثماني ومن ثم قاموا بإعدامهم بعد انهاكهم.
غير أن قرار الإبادة الشاملة لم يتخذ حتى ربيع 1915, ففي 24 نيسان 1915 قام العثمانيون بجمع المئات من أهم الشخصيات الأرمنية في إسطنبول وتم اعدامهم في ساحات المدينة.
بعدها أمرت جميع العوال الأرمنية في الأناضول بترك ممتلكاتها والإنضمام إلى القوافل التي تكونت من مئات الالآف من النساء والأطفال في طرق جبلية وعرة وصحراوية قاحلة. وغالبا ما تم حرمان هؤلاء من المأكل والملبس. فمات خلال حملات التهجير هذه حوالي 75% ممن شارك بها وترك الباقون في صحاري بادية الشام.
ويروي أحد المرسلين الأمريكيين إلى مدينة الرها«خلال ستة اسابيع شاهدنا أبشع الفضائع تقترف بحق الآلاف… الذين جائوا من المدن الشمالية ليعبروا من مدينتنا. وجميعهم يروون نفس الرواية: قتل جميع رجالهم في اليوم الأول من المسيرة، بعدها تم الأعتداء على النسوة والفتيات بالضرب وسرقن واختطفت بعضهن. حراسهم… كانوا من أسوأ العناصر كما سمحوا لأي من كان من القرى التي عبروها باختطاف النسوة والاعتداء
عليهن. لم تكن هذه مجرد روايات بل شاهدنا بأم أعيننا هذا الشيء يحدث علنا في الشوارع.
جراء هذه المذابح, هاجر الأرمن إلى العديد من دول العالم مثل سوريا، لبنان، مصر، العراق. ولا يزال الأرمن يحيون ذكرى المذابح الارمنية في 24 أبريل \ نيسان من كل عام.
عندما دخل الإنجليز إلى إسطنبول محتلين في 13 تشرين الثاني من سنة 1919،أثاروا المسألة الأرمنية، وقبضوا على عدد من القادة الأتراك لمحاكمتهم, غير أن معظم المتهمين هرب أو اختفى فحكم عليهم بالإعدام غيابيا، ولم يتم إعدام سوى حاكم يوزغت الذي أثم بإبادة مئات الأرمن في بلدته.
مراجع :
موسوعة الويكبيديا
محمود الدرة –القضية الكردية
هنري لايارد – البحث عن نينوى – منشورات دار سرجون. السويد. ترجمة ميخائيل عبدالله عن البولونية.
الآشوريون بعد سقوط نينوى- المجلد السادس- مذابح بدر خان بك. للباحث: هرمز أبونا.
طلال عبدالله الخوري 5\10\2012 حصرياً مفكر حر
رياض الحبيّب
موقع لينغا
وُلِدتُ وعيدُ ميلادي قريبُ * ومُتُّ وراحَ يَدفِنُني الغريبُ
لأنّ الأقرباءَ نسَوا وُجُودي * وعُمري حين أدرَكَهُ المَشيبُ
وقد نَسِيَ الصّديقُ أوان عيدي * ويومُ المَوتِ أغفلهُ الحبيبُ
فأوقدتُ السِّراجَ ونارَ ضيفي * وقد هَجَمَتْ على قلبي كُروبُ
وبتّ أرى اٌغترابي مِن زمانٍ * ولي وطنٌ خُرافيٌّ سَليبُ
إذا سُلِبَتْ حياتي أمسِ غدرًا * فمَوتي لا يُفكّرُ فيهِ ذيبُ
نزلتُ بهِ على البُلدان وَحْدي * وخَبَّرَتِ المُحيطات السُّهوبُ
بأنّي مُتّ حُرًّا خيرَ موتٍ * ليَغْبِطَني عليهِ فتىً نَجيبُ
وما لِي مِن رفيقٍ في بلادٍ * أضافتني ولا صَدرٌ رحيبُ
يبيتُ القبرُ ما وَرْدٌ عليهِ * ولا شَمْعٌ يُذوّبُهُ اللهيبُ
وكمْ وَعَدَ الحبيبُ بأنّ قبري * تُنافِسُ في تَعَطُّرِهِ الدّروبُ
وكان الوردُ يسبقني إليهِ * إذا ما زُرتُهُ والعندليبُ
ولكنْ قلتُ يكفيني إذا ما * علاهُ اٌسْمي ومَيّزهُ الصّليبُ
* *
سُررتُ بعيد ميلادي ولكنْ * سروري لا يتمّ ولا يطيبُ
عَلِمْتُ بأنني في كلّ عيدٍ * دنا حَتفي وأسرَعَتِ الخطوبُ
فعِشتُ وليس في الدنيا خُلودٌ * ومُتّ ومات شُبّانٌ وشِيبُ
على أمَل القيامةِ ذاتَ يومٍ * يُقرِّرُهُ المسيحُ فلا يَخِيبُ
لقد وَعَدَ المسيحُ النّاسَ طُرًّا * بيوم قيامةٍ لمّا يؤوبُ
وَثِقتُ بهِ وُثوقًا لمْ أثِقهُ * بنفْسِي ما طغى أمْرٌ مُريبُ
كما اللصّ الذي رَجّى خلاصًا * بلا شَكٍّ فكان لهُ نصيبُ
* *
شَكَكْتُ بصِحَّة الأديان يومًا * وربّي عالِمٌ أنّي أتوبُ
سُقِيْتُ مَرارةً منها وسُمًّا * فأبْرَأني السّماويّ العَجيبُ
ظننتُ بأنّ عند النّاس طِبًّا * فقال ليَ المسيحُ: أنا الطبيبُ
فلا تذهبْ إلى غيري لأنّي * وديعٌ تستريحُ لِيَ القلوبُ
لدَيَّ عِلاجُ دائِكَ كُلَّ حينٍ * فخُذهُ وأنتَ محزونٌ كئيبُ
لأنّي ما أتيتُ إلى مُعافىً * ولكنْ مَن تُغطّيهِ العُيوبُ
دَفعْتُ على الصّليب دُيون قَومي * وإنْ كثُرتْ وإنْ ثقُلتْ ذُنُوبُ 1
فقلتُ لهُ: خطايايَ اٌستمرّتْ * فأخْجَلَني الدّعاءُ وتستجيبُ
* *
وُلدتُ وفي يدي قلمٌ جميلٌ * عُرِفتُ بهِ وفي كبدي لهيبُ
غَزَتْ قلمي القصائدُ فاٌستقرّتْ * عليها الطّيرُ والرّيحُ الهَبوب
صَحيحُ الشِّعْر: ما اٌنتظمتْ عليهِ * أعاريضٌ تُعَزِّزُها ضُروبُ
فلمْ تمُتِ القصائدُ في زمانٍ * وشاعرُهُنّ بل مات الرّقيبُ
فشِعْري شوكةٌ في عين عَصْرٍ * يُظَنّ بأنّهُ عَصْرٌ عَصيبُ
لهُ شَهِدتْ حُروفٌ مِن عَقيقٍ * وزكّاهُ المُحَكِّمُ والأريبُ
أموتُ ولا يموتُ الشِّعْرُ منّي * وأظهَرُ بالقريضِ إذا أغيبُ
وكمْ عارضتُ فيهِ مُعَلّقاتٍ * وأخرى مِن خصائصها النَّسيبُ
وهلْ غيرُ التغزّل مِن شؤونٍ * يَذوبُ بها المُرنِّمُ والطَّرُوبُ
إذا ملأ القصيدة حُسْنُ لفْظٍ * ونورٌ، ما لنجْمَتِها غُروبُ
فلمْ أُحسِنْ لغير يسوعَ قولًا * لعلّ بهِ إلى رُشْدي أثوبُ
* *
وفي أدب المقالة لي طريقٌ * يسيرُ عليهِ من بعدي الأديبُ
فحَقلٌ للعَروض وكلُّ حقلٍ * أنمّيهِ بحَرقِ دمي خَصيبُ
وما أدَبُ المقالة دون عِلْمٍ * وبَحْثٍ نافِعٌ وبهِ عُيوبُ
وإلّـا فالحروفُ إذا أضاءتْ * فرُوحُ الحرفِ ليس لها دَبيبُ
ولا قلمُ الكتابة مُستحَقٌ * لصاحِبِهِ فقد وَهِمَ الرَّبيبُ
ولم يَحسُبْ لعُدَّتِها حِسابًا * ليَعرِفَ ما الجوازُ وما الوُجُوبُ
ويجمَعَها فيُدرِكَ أنّ فيها * مذاقًا ما يَسُوغُ وما يَطيبُ
هَلِ الإملاءُ والإعرابُ صَعْبٌ * وهَلْ عَنْ حُسْنِ مَعنىً ما ينوبُ؟
فدَعْ قلمًا بلا وعْيٍ وجِدٍّ * فقد خَزِيَ المُضلِّلُ واللَعُوبُ
ودَعْ هَمّ السّطور لمُنصِفيها * وفِرّ فقدْ يُناسبُكَ الهُروبُ
لأنّ العَيبَ في رأيٍ سَديدٍ: * جَهُولٌ في جهالتِهِ رَغيبُ
كفى زمَنُ التلاعُب بالمعاني * وقولٌ للمُقصِّر: ذا مُصيبُ
وذا بالصّدق ضاهى أنبياءً * فتنكشفُ الحقيقة: ذا كَذوبُ
وذا بالعِلْم فاق مُعَلِّمِيهِ * فإنْ يُسألْ فأبْكَمُ لا يُجيبُ
وذا إيمانُهُ باللهِ أعمى * وثوبُ الزُّهْدِ تُثقِلُهُ الجُيوبُ
وذا فاضتْ مَحَبّتُهُ كُرُومًا * ذوى منها القليلُ هُوَ الزَّبيبُ
وذا مَثَلُ التّسامُح والتّآخي * وذا رمزُ التّمدّن سَنْحَريبُ 2
غباءُ الإنس ليس لهُ حدودٌ * فظيعٌ في مِساحَتِهِ رَهيبُ
عَجيبٌ طولُ مُدّتِهِ مَقيتٌ * وأعْجَبُ مِنهُ تقديسٌ مَهِيبُ
* * *
1
قَومي؛ المقصود به هنا: خاصّتي- بحسب الإنجيل: {إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ} يُوحَنّا:1
2
سَنْحاريب (سَنحَريب- للضّرورة الشِّعريّة) ملك آشوري (705 – 681 ق. م.) اعتلى العرش بعد وفاة والده سرجون واتّخذ نينوى عاصمة له. اشتُهِر بتشييد المباني الجميلة وبحملاته الحربية. وردت أخبارُهُ في أسفار الكتاب المقدّس؛ الملوك الثاني، أخبار الأيام الثاني، إشعياء
– – –
تمّت كتابة القصيدة يوم الخميس الموافق الرّابع من تشرين الأوّل- أكتوبر 2012 على وزن بحر الوافر في مناسبة ذكرى ميلاد الشّاعر خلال الشّهر المذكور
¤ ¤ ¤
رياض الحبيّب
تناولت في الحلقة السابقة المثال الأوّل الذي ساق الرصافي على ما ليس من البلاغة في القرآن من جهة اللامعقول في عدل الله. وهنا المثال الثاني ممّا ساق الرصافي من جهة اللامعقول في مشيئة الله بقول مؤلّف القرآن: (ولو شاء لجعله ساكناً) أي: ولو شاء الله لجعل الظلّ ساكناً. وهنا نصّ كلام الرصافي في الصفحة 618 من كتابه الموسوم- الشخصية المُحمّديّة:
{وفي سورة الفرقان: 45 قوله (ألم ترَ إلى ربّك كيف مدّ الظلّ ولو شاء لجعله ساكناً) – إنّ المعنى في قوله (ولو شاء لجعله ساكناً) لا يتمشى مع المعقول، وبيان ذلك أنّ الشواخص الماثلة في سطح الأرض تحجب الشمس عمّا دونها من الأمكنة فيكون فيها الظل، فالظل إذن هو عدم نور الشمس لكونه محجوباً بالشخوص الماثلة. وهذا الظل يختلف امتداده باختلاف ارتفاع الشمس في الأفق، فعند الطلوع تأتي أشعة الشمس أفقية وحينئذ يحجبها كل شاخص في سطح الأرض ويكون الظلّ مديداً، وكلما ارتفعت الشمس تقلّص الظل على قدر ارتفاعها حتى إذا كانت الشمس في سمت الرأس كان الظل من كل شاخص قالصاً إلّا قليلاً. فهذا هو امتداد الظل وهذا هو قلوصه وانقباضه بارتفاع الشمس. ومعلوم أن طلوع الشمس وارتفاعها في الأفق ناشئ من حركة الأرض ودورانها على محورها، فليس من المعقول جعل الظل ساكناً غير متقلص ولا منقبض إلا إذا وقفت الأرض عن حركتها المحورية والدَّورية، وذلك مُحال لأنه مخالف لنواميس الطبيعة التي هي سنّة الله و(لنْ تجدَ لِسُنَّةِ اللهِ تبْديلًا) – الأحزاب: 62 والفتح: 23 وعلماء الكلام مُجْمِعون على أنّ قدرة الله لا تتعلق بالمُحال، على أن وقوف الأرض عن حركتها المحورية والدورية لا معنى له سوى زوالها وفنائها، وإذا فنيت الأرض لم يبق ظلّ ساكن ولا متحرك، فماذا يُراد إذن بقوله (ولو شاء لجعله ساكناً)؟!} انتهى
وتعليقاً على سعة اطّلاع الرصافي في مجالـَي الفيزياء والفلك؛ إنها ليست المرّة الوحيدة التي تحدّث فيها الرصافي عن ظواهر فيزياوية، إنما له كلام جميل وتصوّر رائع في موضوع “خلق السماوات والأرض” في الصفحة 650 من كتابه وكيف {كان محمد يعتبر الأرض مركزاً للعالم، جرياً على النظرية القديمة التي كانت شائعة في زمانه} ما يستطيع القرّاء الكرام بسهولة متابعة كلام الرصافي في الصفحة التي ذكرت. وللجواب على تساؤل الرصافي المشروع {فماذا يُراد إذن بقوله (ولو شاء لجعله ساكناً)} ذهبتُ أوّلاً إلى تفسير الطبري:
قوله (ولو شاء لجعله ساكناً) يقول: ولو شاء لجعله دائماً لا يزول، ممدوداً لا تُذهِبهُ الشَّمْس، وَلَا تُنْقِصهُ؛
20035 – عن ابن عباس- قوله (ولو شاء لجعله ساكناً) يقول: دائماً.
تعليقي: كيف يجعل الظلّ دائماً بعد اختفاء الضوء وهوالمُسبّب الوحيد للظلّ؟
20036 – عن مجاهد- قوله (ولو شاء لجعله ساكناً) قال: لا تصيبُهُ الشمس ولا يزول
تعليقي: إنْ كان القصد بقوله (لا تصيبه الشمس) لا تصِلُه أو لا تُدركه فالظلّ ليس مادّة ليقصدها ضوء الشمس، إنما يستحيل نشوء الظل أصلاً بدون توفـّر ضوء. أمّا قوله (لا يزول) أي يستمرّ فيستحيل أيضاً استمرار الظلّ أو دوامه بدون وجود ضوء.
ومن تفسير القرطبي:
{ولو شاءَ لجَعَلهُ سَاكِناً: أي دائماً مستقِرّاً لا تنسَخهُ الشمس. ابن عباس: يريد إلى يوم القيامة، وقيل: المعنى لو شاء لمنع الشمس الطلوع} انتهى
تعليقي: يا ليت شِعْري كيف يجعل الظلّ (دائماً مستقِرّاً لا تنسَخهُ الشمس- إلى يوم القيامة) في ليل مُعتِم لا ضوء فيه؟ ولماذا خلق الله الشمس وفي ذهنه أنْ يمنعها الطلوع؟
ومن تفسير الجلالين:
{“ولو شاء” ربّك “لجعله ساكناً” مُقيماً لا يزول بطلوع الشمس} انتهى
تعليقي: من البديهي أنْ ينشأ الظلّ بعد طلوع الشمس ولكنّه يتلاشى تدريجيّاً في خلال وقت انتقالها إلى الجهة الأخرى من الأرض فكيف يجعل الله الظلّ مقيماً و{علماء الكلام مُجْمِعون على أنّ قدرة الله لا تتعلق بالمُحال} كما تقدّم في تحليل الرصافي لمقطع الآية القرآنية المذكورة؟ ولو ورد المقطع المذكور في كتاب غير القرآن لاتّهِم مؤلّفه بالهذيان أو الغباء. أمّا لو كان المعنى في صورة شعريّة أو حبكة ما لمَا اعترض أحد على قبولها ولربما اٌستـُحسِنتْ. ولا تزال العبارة (دام ظلّه أو ظلّك) من عبارات الترحيب والتعظيم ولكنّها في المجاز وليست في الحقيقة. وفي النهاية وفي سياق التعظيم أيضاً قلت: لا ظلّ دائم سوء ظلّ الله عز وجلّ أي ظلّ الحقيقة أو المحبّة أو السلام أو العدل…إلخ وأمّا كلّ ظلّ سواه فذاهبٌ في النهاية وزائل. وفي الإمكان متابعة موضوع منطقتـَي الظلّ
Shadow
بالإنگليزيّة وشبه الظلّ عبر ويكيبيديا- الموسوعة الحرّة:
http://en.wikipedia.org/wiki/Shadow
أمّا بعْدُ فالسكون في اللغة ضدّ الحركة.
ولشرْح معنى “سكن” في مُعجم “لسان العرب” لابن منظور (الذي اتخذ من القرآن والأحاديث والشّعْر مراجع) أورد المقتطفات التالية:
{سَكَن الشيءُ يَسْكُنُ سُكوناً إذا ذهبت حركته، وأَسْكَنه هو وسَكَّنه غيره تسْكيناً. وكلّ ما هَدَأ فقد سَكَن كالريح والحَرّ والبرد ونحو ذلك.
وسَكَن بالمكان يَسْكُنُ سُكْنَى وسُكُوناً: أَقام؛ قال كثيِّر عزة:
وإن كان لا سُعْدَى أطالتْ سُكُونـَهُ *** ولا أَهْلُ سُعْدَى آخِرَ الدّهْرِ نازِلُهْ [بحر الطويل]
وفي حديث زيد بن ثابت: كنت إلى جنب رسول الله (ص) فغـَشِيَتْهُ السّكِينة؛ يريد ما كان يَعْرِضُ له من السكون والغـَيْبة عند نزول الوحي} انتهى-
فلم أجد “ساكناً” في هذا المعجم- وغيره- لتعني “دائماً” كما تفضّل أهل التأويل ولم أجد “سكن” بمعنى “دامَ” ولو افترضنا أنّ المقصود بقوله (ولو شاء لجعله ساكناً) في الآية القرآنية يعني “دائماً” فأوّلاً: لم يكن صعباً على مؤلّف القرآن القول به بدلاً من قوله (ساكناً) وثانياً: لا يوجد ظلّ دائمي بدون ديمومة الضوء- كما تقدّم.
أمّا من جهة العلم؛ قد أثبتت الفيزياء الحديثة أنْ لا وجود لسكون مطلق إنما نسبيّ؛ لأنّ جميع الأجسام والجُسيمات في الكون في حالة حركة نسبيّة. حتى ذرّات المواد التي في حالة الجماد كالجليد والحجر والخشب والزجاج والملح… إلخ تتحرّك الذرّات فيها (ودقائق الذرّات) حركات اهتزازية بقدر ما فيها من طاقة. وأمّا حالات السكون التي يدرسها التلاميذ في علم الفيزياء (المُتقدّم) فهي افتراضيّة الهدف منها تبسيط الدراسة.
————–
أخيراً- لقد ساق الرصافي أربعة وعشرين مثالاً- لا حصراً- على ما ليس من البلاغة في القرآن من جهة الإصطدام مع الله والعقل والمعقول ومن جهة الغلط اللغوي في أماكن عدّة ومتفرّقة في القرآن من جهة مؤلّف القرءان نفسه، كذلك في موضوع “المُحْكم والمتشابه في القرآن” الذي حدّد الرصافي ثلاثة مَباحث لافتة للخوض فيه وشيّقة.
————–
وفي نهاية هذه الحلقة- وهي الأخيرة- أجدّد الشكر لأصحاب المنبر الحُرّ في موقع الحوار المتمدن وفائق التقدير.
وأجدّدهما لجميع القرّاء الكرام الذين تفضلوا- وتفضّلن- بالتعليق على حلقات هذه السلسلة والتصويت.
أمّا السيدات والسادة ممّن ساءهم الموضوع فأتمنى عليهم إعادة النظر فيما يقدّسون لعلّهم يعرفون الإله الحقيقي والذي قام مؤلّف القرآن بمحاولات عدّة (في القرآن والحديث) بتشويه صورته وتغيير شرائعه والإفتراء عليها وباختلاق أكاذيب وتصديقها ليردّ عليها وإجبار الآخرين على القبول بها؛ في خطّة استمرّ التخطيط لها مدّة طويلة قبلما حان موعد تنفيذها وهو في سنّ الأربعين- راجع لطفاً كتاب الشخصية المحمدية، باب الخلوة في حراء وبدء الوحي- ص 138 – ثمّ فترة الوحي وصُوَر الوحي.
وتالياً لا أظنّ عاقلاً- بعد تقصّي الحقائق في هذا البحث خصوصاً وفي كتاب “الشخصيّة المحمّديّة” عموماً- يصدّق بقول محمّد على أنّه ”قوله تعالى” فحاشا الله (والإنسان السّويّ) أن ينزل إلى مستوى ما في القرآن من زنا وكراهية وحقد وغضب وقتل متعمَّد (أيّاً كانت المبرّرات) واضطهاد لحقوق الإنسان الآخر (أي المختلف) ولحقوق المرأة المُسْلمَة وغير المُسْلِمَة. أمّا الذي يريد (والتي تريد) أن يعرف الله وعلم الله المعرفة الحقيقية والصادقة فعليه-ا بدراسة الإنجيل. وسيعلم الذين يبحثون عن الحقيقة (واللائي يبحثن) بأنّ القرآن كتاب من تأليف مؤلّفه فحسْبُ ما ليس من عند الله ولا موحىً به من الله.
وها انّي خاطبت القرّاء بصيغتـَي المذكّر والمؤنث ما يدلّ على عجز اللغة العربيّة من مخاطبة الجنسَين بصيغة واحدة مُفرَدَة- كما في اللغات اليونانيّة واللاتينيّة- في إشارة إلى أنّ من غير المعقول أن يختار الله لغة عاجزة ومُقصِّرة كالعربيّة ليوصل بها رسالته إلى العالم. وللإطّلاع على اللغة اليونانية:
http://en.wikipedia.org/wiki/Greek_language
وكذلك اللاتينية:
http://en.wikipedia.org/wiki/Latin
رياض الحبيّب
نقرأ في الصفحة 616-617 في كتاب الرصافي- استكمالاً لموضوع البلاغة في القرآن:
لا شكّ أن البلاغة من التبليغ، كما ذكره الجاحظ في “البيان والتبيين” فالمقصود من جميع طرق البلاغة ومناحيها هو الوصول إلى إفهام المعنى للمخاطب على وجه يكون أحسن وقعاً في سمعه وأشدّ تأثيراً في نفسه، فكلّ من استطاع أن يفهم مخاطبة المعنى الذي حاك في صدره وجال في خاطره بأسلوب من أساليب البلاغة فهو بليغ وفي كلامه بلاغة. فالإفهام هو المحور الذي يدور عليه فلك البلاغة، والكلام يبعد عن البلاغة قدر بعده عن فهم المخاطب ويقرب منها قدر قربه منه، ولا يماري في هذا إلا معاند.
تعليقي: صدق الرصافي. إذاً مَنْ يؤمنْ بالله مطلق الكمال في كلّ شيء فلا يجب أن يكون في ريب منْ أنّ كلام الله بليغ أي واضح ومفهوم للعامّة من الناس الذين يُخاطِب فلا يترك سبحانه مجالاً لغموض ولا التباس، إنّه هو العليم والحكيم والقدير.
أردف الرصافي:
إنّ آيات القرآن متفاوتة في بلاغتها، بل فيها مالا يتمشى مع البلاغة، بل فيها ما لا يتمشى بظاهره مع المعقول. فمنها ما هو غير مفهوم، ومنها ما لا يبلغه الفهم إلا بتأويل وتقدير. وليس هذا القول ببدعة، فالقرآن نفسه قائل بذلك ومعترف به. ففي سورة آل عمران: 7 (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات مُحْكمات هُنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهات) والمحكمات هي التي أحكِمَتْ عبارتها فلا يتطرّقها الاحتمال فيكون المعنى فيها مفهوماً وصريحاً، والمتشابهات هي الملتبسات في معانيها فلا يكون المعنى فيها صريحاً ولا مفهوماً. والأصل في التشابه هو المشابهة، يقال: تشابه الرجلان إذا أشبَه َ أحدُهُما الآخرَ حتى التبسا، لأنّ شدّة المشابهة تؤدّي إلى الالتباس ولذلك استعمل التشابه بمعنى الالتباس. وسنتكلم عن هذه الآية فيما سيأتي-
[لقد أفرد الرصافي فصلاً كاملاً عن المُحْكم والمتشابه في القرآن- ابتداءً بالصفحة 643 في كتابه- الشخصيّة المحمّديّة]
أضاف الرصافي:
ولا حاجة أن نذكر لك اختلاف أقوال العلماء في المتشابه وما هو المراد به في القرآن، فإنّ القرآن عربي، وقد استعمَل هذه الكلمة بمعناها اللغوي المعلوم، وليس هناك ما يضطرّنا إلى الخروج بها عن معناها العربي المعلوم. وإنْ أردت الوقوف على أقوالهم، فعليك بالإتقان [الإتقان في علوم القرآن- لمؤلّفه جلال الدين السّيوطي] وها نحن نورد لك بعض الآي من القرآن فنتكلم عنه بما يناسب الموضوع لتعلم منه صحة ما نقول:
(1) جاء في سورة الإسراء: 16 قوله (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمَرْنا مُترَفيها ففسقوا فيها فحق عليه القول فدمّرناها تدميراً) –
إنّ ظاهر هذه الآية غير معقول؛
أوّلاً: لأنّ الله أمَرَ المُترَفين بأن يفسقوا ففسقوا وذلك لا يجوز لأن فِعْل القبيح مستحيل على الله! فقد جاء في القرآن قوله في سورة الأعراف: 28 (قلْ إنّ الله لا يأمُر بالفحشاء)
ثانياً: إذا كان هو الذي أمَرَهُمْ أن يفسقوا كان فسقهم طاعة له وامتثالاً لأمره، فكيف يستحقون الإهلاك؟
ثالثاً: إنّ الإهلاك بالتدمير قد شمل أهل القرية كلهم، وإنما المجرمون منهم هم المترفون الذين هم يمثلون الأقلية من الناس في كل زمان ومكان، وليس هذا من العدل والله يأمر بالعدل والإحسان.
تعليقي: لنضرب مثالاً على ما في كتب التفسير ما يؤيّد احتجاج الرصافي. وهنا من تفسير الطبري للآية المذكورة-
{وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأ (أمَرْنا مُتْرَفِيهَا) بقصر الألف من أَمَرْنَا وَتخْفِيف المِيم منها، لإجماع الحُجّة من القرّاء على تصويبها دون غيرها. وإذا كان ذلك هو الأولى بالصواب بالقراءة، فأولى التأويلات به تأويل من تَأَوَّلَهُ: أمَرْنا أهلها بالطاعة فعَصَوا وفسقوا فيها، فحقّ عليهم القول: لأن الأغلب من معنى أمَرْنا: الأمر، الذي هو خلاف النهي دون غيره، وتوجيه معاني كلام الله جَلّ ثناؤه إلى الأشهَر الأعرَف من معانيه، أوْلى ما وُجـِدَ إليه سبيل من غيره} انتهى. ولقد قمت بتشكيل أمَرْنا حيث الميم مخففة ومفتوحة أيضاً وكان الرصافي على حقّ.
وقد ختم الرّصافي في محاولة منه لإصلاح العبارة القرآنيّة وتصليح معناها:
وإنّ علماء التفسير قد أوّلوا الآية تأويلات بعيدة فقالوا: إنّ الأمر هنا مجاز وإن معنى قوله (أمرنا مترفيها) أي أنعَمْنا عليهم نِعَماً كثيرة فجعلوها ذريعة إلى المعاصي، فكأنهم مأمورون بذلك. ولو كان هذا الكلام في غير القرآن لمَا تكلّفوا له هذا التأويل البعيد بل رفضوه وما قبلوه. ولو سلّمْنا صحّة هذا التأويل فما ذنبُ غير المُترَفين؟ ولا نطيل عليك بذكر أقوالهم، فعندك كتب التفسير فارجع إليها إن شئت، سوى أننا نقول: إنّ في هذه الآية قراءة أخرى يستقيم بها المعنى من بعض الوجوه. وهي أمّرنا المترفين (بتشديد الميم) من الإمارة أي جعلناهم أمراء، ففي هذه القراءة إصلاح للعبارة وتصليح للمعنى، لأنّ أمراء الناس مسبّبو هلاكهم في كل زمان، والظاهر أنّ الذي حمل هذا القارئ على قراءته هو ما رآه في القراءة الأولى مِنْ أنّ المعنى غير معقول، فقرأ “أمّرنا” -بتشديد الميم- لأنهم كانوا يقرأون القرآن بالمعنى، فكل ما صحّ به المعنى فهو قرآن عندهم. وليس الذي قالوه في القراءات إنها توقيفية بصحيح.
تعليقي أخيراً وتأكيداً على مشروعيّة وجهة نظر الرصافي، ذهبتُ أيضاً إلى مطلع تفسير ابن كثير للآية فوجدتُ قوله:
{اِخْتلفَ القرّاء فِي قِرَاءَة قوْله (أَمَرْنَا) فالمَشهُور قِرَاءَة التخفيف وَاختلفَ المُفسِّرُون في مَعْناها} انتهى. وكما تقدّم فإنّ اختلاف المفسّرين من العلماء والفقهاء على كلمة أو جملة منسوبة إلى السّماء يدلّ على الإفتقار إلى البلاغة.
————–
في الحلقة السادسة والعشرين: ما ليس من البلاغة في القرءان- في نظر الرصافي- سورة الفرقان: 45
زهير دعيم
“نحن سعداء لتقديم هذا الكتاب الذي هو ثمرة ثمينة للتعاون بين مؤسسة الكتاب المقدّس في إسرائيل وبين مؤمنين من جميع أنحاء العالم الذين يحبّون الكتب المقدسة”.
بهذه الكلمات توجّه السيد فيكتور كاليش المدير العامّ لمؤسسة الكتاب المقدّس في اسرائيل ، في منتصف شهر تموز الفائت الى العديد من أعضاء الكنيست الإسرائيلي والشخصيّات الهامّة في البلاد..
كلمات جميلة مهذّبة تحمل في طيّاتها كما في داخل مظروفها المحبّة والخير والفداء المجانيّ من خلال العهد الجديد ( الإنجيل ) ، فما كان من عضو الكنيست اليمينيّ المتطرّف ميخائيل بن آري الا أن مزّقه أمام كاميرات الصّحافة والإعلام وقذف به في سلّة المهملات !! هكذا بوقاحة وصَلَف.
ونددنا وتذمرنا بهدوء وقلنا : “عيب” الأجدر بالسيد ابن آري أن يشكر السيد كاليش ،ثمّ أنّه هو حرّ في ان يقبل الهدية أو أن يرفضها او يردّها الى صاحبها بذوق ،حرٌّ في أن يقرأ الإنجيل او يضعه على الرفّ ،ولكن ان يفعل ما فعل ويجرح مشاعر مئات الملايين من المسيحيين فهذا عيب ومناف للأخلاق وللإنسانية وللذوق الحسن.
ولم تمضِ أيام على هذه الحادثة ،حتى تمّ الاعتداء من قبل مجموعة من اليهود المتطرفين فكتبوا باللغة العبرية شعارات بذيئة بحقّ ملك الملوك ورب الأرباب على جدران وأبواب دير اللطرون على مشارف مدينة القدس، وبالأمس القريب استفاق رهبان دير الفرنسيسكان الواقع على جبل الزيتون والمُطلّ على القدس القديمة ؛ استفاقوا على شعارات تُلطّخ أحد مداخل الدير وباللغة العبرية تهاجم الربّ يسوع له المجد وتنعته بأبشع العبارات..
وفي كلّ الحالات سمعنا كلامًا، كلامًا فقط ،فقد ندّد واستنكر ذلك رئيس الدولة ورئيس الحكومة وعدد من الوزراء في هذه البلاد.
…تنديدات وامتعاض لا تغطية حقيقيّة لها.
أين هم الجُناة ؟ أين هم ؟ ولماذا لم تُلق الشرطة القبض عليهم حتى يلقوا جزاءهم؟…أتراهم يعيشون في المريخ ؟ أترى ان الشرطة الإسرائيلية عاجزة وغير قادرة على كشف هويتهم وتقديمهم للعدالة؟!
والسؤال الذي يفرض نفسه هو : ماذا كان سيحدث لو أنّ الأمر كان معكوسًا ؟ ماذا كان سيحدث لو أنّ عربيًا مسيحيًا كان او غير مسيحيّ أذنب وارتكب جناية كتابة شعارات مسيئة لليهودية على أبواب احد الكُنُس ؟.
هل كان الأمر سيمرّ مرّ الكرام بتنديد لا يسمن ولا يغني عن جوع؟ وهل سيفلت الجُناة من أيدي العدالة الاسرائيلية ؟ أم ستقوم الدنيا ولا تقعد وسيقولون : عنصرية..لا ساميّة .و…
نعم في خلال فترة وجيزة لا تتعدّى الثلاثة أشهر حدثت هناك ثلاثة اعتداءات على الربّ وانجيله ، فلم نسمع من المسيحيين الا استنكارًا وتنديدًا وصلوات تُرفع الى الربّ الحيّ كيما يفتح ويُكحّل عيون هؤلاء المعتدين بنوره العجيب وأن يغفر لهم ويسامحهم ، فالإله الذي نعبده كان وما زال نموذجًا رائعًا للغفران والمسامحة أضف الى ذلك أنّه إله قويّ لا يحتاج لي ولا الى غيري حتى نأخذ بثأره، فالنقمة له يقول في كتابه المقدّس.
أترانا ضعفاء ، أترانا جبناء إن نحن سامحنا وصلينا ولم نثر ونشتم ونهدم ونخرّب المصالح الخاصّة والعامّة ؟ أترانا ضعفاء ان نحن لم نقتل أو نهدّد بالقتل؟
أترانا جبناء ان نحن تذمرنا بصمت واستنكرنا بهدوء وصلينا بحرارة ؟!
لا أظنّ ذلك.