شيزوفرونية نوري المالكي والناتو

طلال عبدالله الخوري 11\10\2012

شيزوفرونية المالكي والناتو

 

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

فصام نوري المالكي بين التصرف الوقح والراقي

طلال عبدالله الخوري 11\10\2012

فصام نوري المالكي بين تصرف تركيا الوقح وتصرفه مع ايران الاكثر وقاحة

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

نفاق الطبقة السياسية الجزائرية

عبد القادر أنيس

دفعني لكتابة هذه المقالة ما أثاره مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في الجزائر من طرف جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان والتعبئة العامة التي قوبل بها هذا المطلب من طرف الأحزاب الإسلامية (حركة مجتمع السلم و حركة النهضة) وجمعية (العلماء) المسلمين الجزائريين والمجلس الإسلامي الأعلى (مؤسسة دينية رسمية).
ما أود التطرق إليه في هذه المقال هو حجم التقية والنفاق في مختلف تصريحات صناع هذه المهزلة:
الحقوقي فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان (مؤسسة رسمية تابعة لرئاسة الجمهورية) في مؤتمر دولي عقد بجنيف السويسرية حول إلغاء عقوبة الإعدام في العالم، تحدث باسم الجزائر عن “دعم مساعي الأمم المتحدة لإلغاء عقوبة الإعدام من منظومة التشريع الدولي”.
يجب أن ألفت انتباه القارئ أن المراد حصرا بـ”الأحوال الشخصية” هو التشريع الإسلامي الخاص بالمرأة في الأسرة: الزواج، الطلاق، الميراث وغيره، وفيه تحصر المرأة في وضعية دونية مخجلة رغم كل الجهود للتحايل على النص الأصلي الذي وضع قبل 14 قرنا. كلمة فاروق قسنطيني أبرزت مرة أخرى مدى النفاق الذي يمارسه الإسلاميون بجبن. فهم مثلا لا يستطيعون تحدي الرئيس ومطالبته بتطبيق الشريعة ويفضلون التخندق وراء مناوشات جانبية جبانة من حين إلى آخر ليوهموا الناس أنهم حماة الإسلام والمدافعون عن المواطن ضد أي مساس بسلامته رغم أنهم لطالما برروا عمليات التقتيل التي قامت بها الجماعات الإسلامية المسلحة باسم شبهة الجهاد وإقامة الدولة الإسلامية كما قال بوجرة سلطاني وعبد الله جاب الله (رئيسان لحزبين إسلاميين).
وأضاف فاروق قسنطيني “شاركت في ملتقى جنيف حول إلغاء عقوبة الإعدام ونقلت موافقة الحكومة الجزائرية من حيث المبدأ على إلغاء هذه العقوبة بعدما صارت المطالبة بها ذات بعد دولي وليس محليا”.
ورأى فاروق قسنطيني أن “المجتمع المدني في الجزائر مدعو لمواصلة النضال لإقناع الجزائريين بضرورة إلغاء هذه العقوبة التي لم تطبق في البلاد منذ عام 1992 تاريخ تنفيذ آخر إعدام في حق مفجري مطار الجزائر الدولي”. رغم مئات الأحكام بالإعدام التي نطقت بها المحاكم.
فاروق قسنطيني عُيِّن على رأس هذه الهيئة الحكومية بقرار جمهوري، ولهذا فإننا يمكن أن نرى في تصريحاته مقدمات لاتخاذ قرارات من طرف الحكومة الجزائرية أو على الأقل جس نبض الرأي العام الجزائري قبل الإقدام على قرارات يمكن أن تكون محل أخذ ورد.
الهجمات المتزامنة التي قام بها الإسلاميون في الدوائر الرسمية والمستقلة دفعت فاروق قسنطيني إلى التراجع عن تصريحاته بطريقة ملتوية، ملتفا على ما صرح به سابقا في مناسبات مختلفة فالتزم خطابا منافقا آخر من قبيل: “نحن مع إلغاء عقوبة الإعدام”، وشتان بين “نحن مع …” وبين “لقد قررت الجزائر…”.
الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان على لسان مؤسسها علي يحيى عبد النور رأت أن تبريرات الجزائر لعقوبة الإعدام واهية. كما رأت أن التبرير الديني لا سند واقعيا له بالنظر إلى أنه “ليس هناك تراجع كبير في عدد الجرائم المقترفة منذ اعتماد عقوبة الإعدام”.
وهو رأي حصيف لولا أن صاحبه طالما ضايق الحكومة سابقا في الداخل وفي المحافل الدولية، باسم حقوق الإنسان، عندما كانت الدولة تكاد تنهار وهي تشن حربا شرسة ضد الجماعات الإرهابية ونصب نفسه مدافعا عن قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذين تسبب تطرفهم في كل هذه الكارثة بسبب خطاب متطرف تكفيري دفع بآلاف الشبان إلى الانخراط في الإرهاب باسم الجهاد.
لويزة حنون زعيمة حزب العمال (تروتسكي)، كانت أول من يدلي بدلوه من بين الأحزاب، فدعت إلى إلغاء عقوبة الإعدام وردت على المعارضين للإلغاء من الإسلاميين بأن الإعدام ليس خصوصية إسلامية، وهو معمول به في دول غربية كثيرة، مثل الولايات المتحدة، مذكرة بلجوء الاستعمار الفرنسي إلى الإعدام بشكل واسع في حق المناضلين الجزائريين.
لويزة حنون ليست بريئة هي الأخرى كما قد يتوهم البعض بسبب خطابها الديماغوجي. لقد دافعت هذه المرأة عن الجبهة الإسلامية وعن حقها في حكم البلاد رغم أنها كانت تنادي بالدولة الإسلامية وبتطبيق الشريعة التي لا أخالها تجهل أن من ضمن بنودها عقوبة الإعدام (القصاص).
هي إذن مسرحية مضحكة مبكية لاستغفال الناس، سرعان ما تنتهي فصولها. الراجح أن الجميع يمثلها بهدف استمالة أصوات الإسلاميين، كل حسب الزاوية التي ينظر منها للفريسة.
ما أثار غضب الإسلاميين (المفتعل طبعا) كان وصف لويزة حنون للإعدام بالطريقة الوحشية (رغم أنها كانت دائما تتجنب وصف تقتيل الإرهابيين الإسلاميين للناس بالوحشية التي يجب مقاومتها)، ملمحة إلى ضرورة انتهاج سياسة تفصل بين الدين والدولة حسب مبدأ: “العبادة لله وحده والسياسة للجميع”. هل نسيت هذه السيدة التروتكسية أنها دافعت مدة عشر سنوات عن حق الإسلاميين في حكم البلاد وإقامة دولتهم الدينية لا لشيء إلا لأن الشعب اختارهم عن بلهنية وانتحار جماعي؟
وعبرت عن مساندتها لفاروق قسنطيني في “مسعاه بالشجاع”، وذكّرت بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أعلن عن مساندته لفكرة إلغاء الإعدام في 2003 متهمة الجهات الدينية بتعطيل المسعى.
هذا من جهة (أنصار) إلغاء هذه العقوبة أما موقف مناهضي إلغائها فيمكن تلخيصه في مواقف التيارات الإسلامية داخل وخارج الحكومة. عدا ذلك فقد التزمت مختلف الأحزاب والجمعيات صمت القبور في انتظار أن تأتيها الأوامر من فوق أو أن تركب القطار حالما ينطلق.
أبرز هذه المواقف نفاقا نلمسها لدى المؤسسات والأحزاب الدينية التي دافعت في السابق عن الإرهابيين الأصوليين القتلة وأيدت الرئيس في مسعاه لتحقيق المصالحة الوطنية عبر إصدار عفو عام عن التائبين مهما ارتكبوا من جرائم.
أبوجرة سلطاني، وهو وزير سابق في الحكومة الجزائرية وعضو فاعل في التحالف الرئاسي الراهن ويرأس حزبا إسلاميا هو حركة مجتمع السلم (حمس) يبز الجميع في مدى النفاق وهو يلجأ بدون حياء إلى الكيل بمكيالين في التعامل مع جرائم القتل التي حكمت فيها المحاكم الجزائرية بالإعدام على المجرمين من كل شاكلة. فهو في الوقت الذي يعارض فيه إلغاء العقوبة على الجرائم الفردية نراه، وهو يتحدث عن الجرائم الجماعية (الإرهاب) عن عمد وسبق إصرار وتبرير ديني من طرف مختلف مشايخ الإسلام الأصولي بإن مجرمي الجماعات الإرهابية التي ارتكبت أبشع الجرائم في حق الناس وكان سلاحها المفضل هو الذبح، يقول بضرورة: “محاكمة هؤلاء التائبين محاكمة مدنية ومن ثمة إحالتهم على تأهيل تربوي وسياسي ومدني لأنهم قتلوا الناس بشبهة سياسية أو شرعية وهي شبهة الجهاد”.
نعم، يقول قتلوا الناس ومع ذلك يدعو إلى “عدم إعدام التائبين وأخذ المثل من تجربة الرئيس السوداني عمر البشير عندما أفرج عن سجناء في دارفور، وكان بينهم محكوم عليهم بالإعدام”. فما أرحم عمر البشير بشعبه !!
هل حقا أن عمر البشير توقف عن إعدام التائبين تطبيقا لشريعة الإسلام السمحاء أم لأن الضغوط الدولية ضده هي التي أملت عليه هذا القرار المنافق؟
ومن جهة أخرى، فأية شبهة سياسية وأية شبهة جهاد تدعو إلى التغاضي عن محاكمة مرتكبي جرائم الذبح والقتل والتحريق والتفجير بغض النظر عن الموقف المؤيد أو المعارض لعقوبة الإعدام؟
بوجرة لم يهضم تصريحات حنون التي اتهمته بالنفاق وطلبت منه “أن يختار بين الرقية والسياسة” كما رفضت دعوتها لها بالتوبة “لأن التوبة (حسب قولها) لا تصلح إلا للمنافقين والذين يختلسون المال العام” ، ورد بعنف مواز واصفا حنون بأنها فعلا مصابة، وأنه متطوع لرقيتها مجانا، واعتبر أن “حنون عادت إلى معلمها تروتسكي أما نحن فنعلن عودتنا إلى سيدنا محمد”.
بوجرة سلطاني، هنا على الأقل، على حق عندما يقول إنه عاد إلى سيده محمد. فالطيور على أشكالها تقع. محمد أصدر عفوا عن أهل مكة، لأنهم أهله (اذهبوا فأنتم الطلقاء) رغم الحروب الدموية التي دارت بينه وبينهم، ولكنه شن غزوات دموية شرسة ضد اليهود وضد قبائل عربية ثم دفع بجيوشه ضد أمم خارج الجزيرة العربية ليس بينها وبين العرب أية عداوة. لكن نداء الغزو والسلب كان أقوى.
تصريحات حنون لم تمر مرور الكرام كذلك، لدى رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ بوعمران، الذي أكد أن الأوصاف التي استخدمتها حنون مثل “متوحشون، رجعيون”، تنطبق على الذين يزهقون النفس البريئة التي حرمها الله والقوانين البشرية”. وكأن النفوس التي أزهقها القتلة الإسلاميون ليست بريئة، وقال بأن رئيسة حزب العمال “حرة في عقيدتها”، ولكن “ليس لها الحق أن تهاجم الإسلام والمسلمين بطريقة عدوانية”، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة “تزعم أن زمن تطبيق الشريعة الإسلامية قد ولّى، وذلك يعني عداوة صريحة للدين”.
هذا الكلام عندما يأتي من رجل يرأس هيئة رسمية تصدر الفتاوي يمكن النظر إليه كفتوى حقيقية للقتل العمد ضد حنون. لكن في رسوم ميكي يجوز كل شيء، حتى الأموات يُبعثون من جديد.
واستطرد الشيخ بوعمران قائلا: “هذه السيدة لا تفقه في أمور الدين، وتفتي فيها وتنطق عن الهوى بأحكام عشوائية ، داعيا إياها إلى “التوبة لأنها تجاوزت الحدود”.
وجه النفاق عند الشيخ بوعمران يكاد يفقأ العيون ويزكم الأنوف فمؤسسة هذا الرجل (المجلس الإسلامي الأعلى) وما أدراك، لم تنبس ببنت شفة عندما قرر الرئيس إصدار عفو عن مجرمي الجماعات الإسلامية. هل هو جبن؟ هل هو نفاق؟ هل هو المنصب وتوابعه وإغراءاته (للعلم فقد تم تعيين بنته سفيرة للجزائر في البرتغال)، أم أن السبب يعود إلى كون الإرهاب تم باسم “شبهة الجهاد” كما رأى بوجرة سلطاني؟ أم إلى كل ذلك جميعا؟
ثم كيف نفسر سكوت كل هؤلاء عن عدم مراعاة الدولة الجزائرية لحدود الله الأخرى مثل قطع يد السارق وجلد شارب الخمر والزاني والزانية والعمل بالبنوك الربوية؟ بل كيف نفسر سكوتهم عن خرق الشريعة الإسلامية عندما ترشحت هذه السيدة ذات يوم للرئاسة بينما دينهم لا يبيح لها تولي الحكم؟
من جهته يرى رئيس حركة مجتمع السلم أن “الإعدام حكم شرعي يطبق كحد في ثلاث حالات هي القاتل عمدا ومروّج المخدرات والناهب للمال العام”. فهل القتل الذي مارسته الجماعات الإسلامية لا يندرج ضمن هذه الحالات الثلاث؟ غريب أمر هذا السياسي !!!.
لويزة حنون اتهمت بوجرة سلطاني بالسارق للمال العام وسكت. فلا هو رفع ضدها دعوى قضائية لمطالبتها بالدليل ولا هي رفعت ضده قضية بوصفها نائبة في البرلمان عن الشعب ومخولة للدفاع عن مصالحه ولا المدعي العام فتح ملفا للقضية وطالبها بإثبات تهمتها.
أنا لا أصدق. هل نحن فعلا أمام رسومات ميكي حيث كل شيء ممكن؟
بينما الشيخ بوعمران رئيس المجلس الأعلى الإسلامي قال بأن منظمته “لن تؤيد أبدا إلغاء عقوبة الإعدام بحجة أن ذلك سيهدد عدة سور في القرآن الكريم”. حسنا، فلماذا أيد هيئته قانون العفو عن القتلة من الجماعات الإسلامية؟ ولماذا سكت عن تعطيل آيات حد السرقة مثلا؟
وجاء على لسانه “المجرم الذي يقتل طفلا ويبيع أعضاءه، على سبيل المثال، لا يمكنه الهروب بفعلته من عقوبة الإعدام”. حسنا مرة أخرى ولكن هيئتك يا شيخ لم تطالب بالإعدام تجاه ذباحي فتيات بريئات لأنهن لم يرتدين الحجاب كما أمرت الجماعات الإرهابية بل وأيدت قانونا يجوّز العفو عنهم لو وضعوا السلاح وتمكن الكثير من الإرهابيين فعلا من الاستفادة منه والعودة إلى بيوتهم سالمين غانمين بفضل الأموال التي اغتصبوها من الناس.
أما حركة النهضة (حزب إسلامي آخر) فقد أصدرت بيانا صحفيا معارضا لتوجه السلطة الجزائرية لإلغاء عقوبة الإعدام، ووصفت موقفها بأنه “جاء استجابة للأصوات الناشزة المتطرفة المنسلخة عن حياة المجتمع الجزائري وقيمه ومبادئ ثورته وهو انتصار واضح ضد إرادة الأمة الجزائرية”.
هكذا إذن، هي إرادة الأمة الجزائرية. وكأن هذه الإرادة لا يحسن التعبير عنها إلا الإسلاميون أمثاله ممن أيدوا الجهاد الإرهابي. هذا البيان يعيدنا إلى حقبة التكفير التي مهدت للحرب القذرة التي شهدتها البلاد في التسعينات.
وفي بيان لهذا الحزب رأى أن القرار جاء أيضا في وقت “تجندت الجزائر حكومة وشعبا لمحاربة الفساد المستشري في أجهزة الدولة من نهب للمال العام وانتشار اللصوصية في دواليب الحكم”.
هل يعقل أن يقول هذا الكلام رجل ترشح عدة مرات لرئاسة الجمهورية؟ لكن في بلادي كل شيء ممكن. كيف يعقل أن تجتمع كل هذه المتناقضات في جملة واحدة؟ من جهة ” تجندت الجزائر حكومة وشعبا لمحاربة الفساد” لكن هذا الفساد مستشر ” في أجهزة الدولة من نهب للمال العام وانتشار اللصوصية في دواليب الحكم”. هل يعقل أن يكون حاميها حراميها؟ لكنه الفكر الإسلامي البائس الذي تجتمع فيه كل المتناقضات بقدرة قادر.
وهو موقف منافق آخر من حزب إسلامي دافع لسنوات طويلة عن التطرف الديني والإرهاب الإسلامي ونعت القائمين به بجماعات الجهاد كما نعت المطالبين بالتصدي للإرهاب بالعلمانيين الاستئصاليين. وهي دعوة أخرى للقتل والإرهاب عندما يصف المنادين بإلغاء عقوبة الإعدام بـ”الأصوات الناشزة المتطرفة المنسلخة عن حياة المجتمع الجزائري وقيمه ومبادئ ثورته وهو انتصار واضح ضد إرادة الأمة الجزائرية”
رئيس جمعية العلماء المسلمين الشيخ عبد الرحمن شيبان، رأى أن “إلغاء الإعدام يتنافى مع الدستور الجزائري الذي ينص في المادة الثانية منه على أن الإسلام دين الدولة”. ولكنه رأى أيضا أن “إعدام المتمردين (يقصد إرهابيي الجماعات الإسلامية) ليس ضروريا كعقوبة لهم ويتوجب على السلطات أن تتصرف بما لا يضر بخصوصية المجتمع الجزائري المعروف بإسلامه”. فكيف يتوجب على الحكومة الجزائرية أن ” تتصرف بما لا يضر بخصوصية المجتمع الجزائري المعروف بإسلامه”؟ هل خصوصية المجتمع الجزائري المعروف بإسلامه توجب على الحكومة التغاضي عن جرائم الإسلاميين؟ أم هو يقصد تبرئة الإسلام مما فعل الإسلاميون عن طريق السكوت عن إثارة القضية؟
عبارة “الإسلام دين الدولة” الدستورية صارت عند إسلاميينا بمثابة مسمار جحا، كما نقول في الجزائر، ومطية يركبونها لمناهضة كل خطوة لدفع البلاد في ركب الحداثة والتخفف من أثقال الماضي.
هكذا إذن، فعندما يتعلق الأمر بممارسات الإسلاميين الإرهابيين يصطف الجميع للدفاع عنهم ويتحول تقتيل الناس على أيديهم إلى تمرد يجب معالجته سياسيا بعيدا عن المحاكمات العادلة التي حتى دينهم ينص على ضرورتها عبر القصاص من القاتل المتعمد وبدون تمييز وهم لا يتوقفون عن ترديد الحديث: “والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”.
وحتى وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله قال: “أنا أعترض على إلغاء عقوبة الإعدام”. مع أنه وزير في حكومة أصدرت عفوا عن القتلة الإسلاميين الإرهابيين وهي تخرق حتى قانونها بالذات (ميثاق الوئام المدني) ولم يعترض ولم يستقل من منصبه. لماذا؟ هل دماء الجزائريين درجات؟
ومن المعروف أن السلطات الجزائرية منذ مجيء الرئيس بوتفليقة تدعم في صمت وبتأييد من أغلب الأحزاب بما فيها الأحزاب والهيئات الدينية، قرار إلغاء عقوبة الإعدام، كخطوة من شأنها إقناع المسلحين بالتوبة، تحت ذريعة أن كثيرا من التائبين عبروا عن خشيةِ من تبقى في صفوف الإرهاب من تطبيق عقوبة الإعدام عليهم في حال سلموا أنفسهم للسلطات.وبالتالي فإن استصدار قانون مثل هذا سوف يؤدي إلى إقناع بقايا الإرهاب بوضع السلاح.
هنا بيت القصيد. لقد حاول معارضو إلغاء عقوبة الإعدام استثناء الإرهابيين من العقوبة تأييدا لمسعى الرئيس في مصالحة وطنية على حساب الحقيقة وتنتهك حقوق الإنسان الجزائري أما غيرهم من المواطنين فلا بأس بإعدامهم تقربا بهم إلى الله.

عبدالقادر أنيس فيسبوك

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

خرافة التوفيق بين العلم والإيمان

 عبد القادر أنيس

هذه هي المقالة الثانية عشر والأخيرة حول كتاب محمد الغزالي ” حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة”.

يحاول الغزالي في هذا الفصل أن يقدم لنا الغزالي عصارة (عقله) في شكل منافحة كلامية فضفاضة لا يقدر عليها إلا أصحاب لغة الضاد من الإسلاميين، لإبراز ما زعمه من أهمية عظيمة أولاها الإسلام للعلم، لكن مسعاه أفضى به إلى سرد ترهات ما كانت لتستحق الانتباه لولا سلطة هذا الرجل الفقهية و(العلمية) عندما كان حيا وبعد مماته، في الأوساط التعليمية والمؤسسة التي أقيمت لتقديم العلم والمعرفة للناس وما ساهم به في هيمنة الحركة الأصولية الإسلامية المعاصرة في تقهقر مجتمعاتنا في جميع الميادين.
إن العلم عند شيخنا يتحول إلى عبد مطيع بل ودمية لا حياة فيها في ساحة الدين، ليس أمامه سوى الخضوع لأوامره ونواهيه والوقوف عند الحدود التي رسمت له منذ أربعة عشر قرنا. لم يكفِ رجال الدين عندنا أن فرضوا مادة التربية الإسلامية في جميع مراحل التعليم وفي مختلف وسائل الإعلام بعد أن غزوا مثل الجراد كل المؤسسات التعليمية والفضائيات ومواقع انترنت، بل إن المناهج ودروس الفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية والرياضيات والتاريخ والجغرافيا والأدب واللغة لم تعد نظرياتها ونتائجها بمقبولة إلا إذا زكتها الآيات والأحاديث ومنحتها علميتها. بل حتى الحواسيب بوصفها معجزات القرن قد شحنوها بمعجزاتهم الوهمية فصارت تفتح بالسلام عليكم وتغلق بـ “في أمان الله”.
من هنا تبرز خطورة هذا الفكر الإسلامي على مصير مجتمعاتنا وعلى عقول ناشئتنا، كما وتبرز أهمية كشف تهافته في سبيل تخليص من ضللهم هذا الفكر.
نقرأ للشيخ في هذا الفصل (ص ص 145-158): “إن البلادة الفكرية رذيلة نفسية قد تكون أخطر من بعض المعاصي الشائنة ومن ثم رأينا القرآن الكريم يلفت الإنسان إلى ما حوله كيف يعرف خصائصه وعجائبه، ثم ينتقل من ذلك إلى معرفة من صاغه وأبدعه…” وهو ما يعني أن الهدف النهائي الذي يتوجب على إنسان هذه البلاد البائسة هو ” معرفة من صاغه وأبدعه…” وليس المساهمة في المجهود الإنساني الجبار لحل مشاكل البؤس والمرض والجهل وكل ما ساهم ولا يزال يساهم في عذابات هذا الإنسان رغم ما تحقق من الإنجازات العظيمة على يده في مسيرة شاقة رهيبة دامية في غياب بركات كل القوى الغيبية التي ادعتها الأديان لآلهتها منذ القدم.
الغزالي ها غير صادق حتى مع دينه، بل هو يتعمد المغالطة والانتقائية والخداع عندما يقول: ” إن البلادة الفكرية رذيلة نفسية قد تكون أخطر من بعض المعاصي الشائنة”، ذلك أن الإسلام منذ فجره الأول لم يرحب بالذكاء الإنساني وشجع هذه “البلادة الفكرية” رغم كثرة كثيرة من الآيات التي تدعو إلى التدبر والتأمل واستخدام العقل تميزت بها الفترة المكية خاصة. فمؤسس الإسلام سرعان ما ضاق ذرعا بالأسئلة الذكية وعمل ما بوسعه لكي يبقى هو المصدر الوحيد للمعرفة إلى الأبد. وهو ما نلمسه من مفهوم الآية “لا تسألوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تسؤْكم” أو حديث “إذا ذُكِرَ الجدلُ فقوموا ما”. ولعل السبب يعود إلى محدودية محمد المعرفية خاصة بعد أن استقر في المدينة يثرب وما بها من يهود يعرفون جيدا تاريخ الأديان الإبراهيمية ويلمون بالثقافة العامة السائدة يومئذ. بل لعل هذا ما يفسر حقده ضدهم أدى إلى تصفيتهم من المنطقة عندما تمكن من ذلك ثم توريثه إيانا هذا الحقد ضد كل من يخالفنا الرأي والمعتقد والمذهب وخاصة اليهود الذين ينسب إليهم المسلمون ببلاهة منقطعة النظير كل مصائبهم وخيباتهم ماضيا وحاضرا. ولعل هذا ما يفسر أيضا قول عمر: “اللهم ألهمني إيمان العجائز”. والذي تحول فيما بعد إلى حرب حقيقية شنها رجال الدين على الفلاسفة والمناطقة والمتكلمين ومن من حاول الخروج من إيمان العجائز، وأخيرا على الحضارة الحديثة التي ما كانت لتحقق ما حققت لولا أنها شقت عصا الطاعة ضد الأديان وحررت العقل من سجونه.
محدودية مؤسس الإسلام المعرفية بسبب محدودية المستوى المعرفي لبيئته الأمية البدوية الصحراوية يومئذ أدت إلى اكتظاظ القرآن بمعارف خاطئة عن الأرض والسماء والكواكب والنجوم، فاعتقد أن الإنسان هو مركز العناية الإلهية وأن كل ما خلق الله مسخرله مثل هذه الآية التي أوردها الغزالي للتأكيد على هذه (الحقيقة):
“وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون” الأنعام 98.
سذاجة هذه المعرفة التي يعلي الغزالي من شأنها ويجعلها ندا للعلم الحديث بل يطالب أن يظل العلم تابعا لها مستهديا بها، بادية لمتعلمي اليوم ممن رفعت غشاوة الجهل عن عقولهم، بعد أن صاروا يعرفون أن الكون بنجومه وكواكبه موجود قبل ملايير السنين من وجود الإنسان على الأرض ولا علاقة لحركتها به، بل إن الأرض نفسها لا تعدو أ، تكون ذرة فيه.والصحيح هو أن الناس هم من استنبط ذلك من ملاحظة انضباط حركتها قوانين ساعدته فعلا على الاهتداء بها قبل اختراع البوصلة مثلا كما اكتشف مع الزمن علوما زادت من قدرته على تسخير هذه القوانين لصالحه .
كذلك تبدو سذاجة الصورة التي يرسمها القرآن للأرض والسماء بليدة لا ترقى حتى إلى علوم اليونان والصينيين والهنود قبل مئات السنين من ظهور الإسلام بله علومنا المعاصرة. الكون في القرآن يختصر في سبع أراضين وسبع سموات طباقا (كانتا رتقا ففتقناهما) والسماء الدنيا عبارة عن قبة مرفوعة فوق أرضنا “بغير عمد ترونها” بعد أن زينها الله بالنجوم والشمس والقمر. وهي فوق ذلك “سقف مرفوع” سميك لا يمكن اختراقه إلا بسلطان وهو ما يفهم من شرح الآية “يا معشر الإنس والجن..”، أما النيازك التائهة القادمة من الفضاء الخارجي المرتطمة بكل ما صادفها من كواكب ونجوم بما فيها الأرض فهي في ذهن محمد وعصره شهب جعلها الله “رجوما للشياطين” التي تحاول الاقتراب من السماء التحتية.
مع ذلك يقول الغزالي: “ومن هنا كان العلم والدين متلازمان، بل إن أحدهما – في منطق القرآن الكريم- سبب ونتيجة للآخر. ص 146”. ولا بد أن يكون العلم تابعا للدين في ذهن الشيخ.
طبعا المتتبع لتاريخ الأديان يعرف أن الدين والعلم في فجر التاريخ كان متلازمين. بل كانا عبارة عن معرفة واحدة تمتزج فيها الخرافة بالحقيقة آمن بها الإنسان وهو يجتهد لمعرفة غوامض الطبيعة، فنسب ما كان يعجز عن تفسيره لقوى غيبية تقف وراء مظاهر الطبيعة المخيفة لكن هيمنة الدين بصفته المتعالية وعقائده الجامدة قد عرقل العلم وعاداه دائما وخاصة بعد أن بدأ العلم يستقل عن الدين بل ويشك في معارفه المتكلسة مما أدى إلى نشوب صراعات مريرة بين المؤسسات الدينية والعلماء كثيرا ما كانت تفضي إلى اضطهاد العلماء إرهابا ونفيا وحرقا لهم ولكتبهم بالإضافة إلى ما تسببت فيه من عرقلة لمسيرة الإنسانية المعرفية.
نحن اليوم نعرف أن الزلازل ظاهرة جيولوجية تتسبب فيها حركة تدافع القارات خاصة، لكن التصور الإسلامي للزلازل وغيرها من الظواهر الطبيعية أبعد ما يكون عن العلم وهو ما يعرفه الغزالي طبعا. ففي رواية: ” عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله عز وجل يخوّف الله بهما عباده فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة”. وأنا أتذكر هنا كيف احتفل العالم قبل عدة سنوات بالكسوف الكلي للشمس بينما جرى عندنا في الجزائر الحجر على الصغار في البيوت بعد أن أغلقت الأبواب والنوافذ وتعطلت المدارس وهرع الرجال إلى المساجد وتعال البكاء والعويل رغم أن الكسوف عندنا كان جزئيا !!!
و”في خلافة عمر بن عبد العزيز حدث زلزال فكتب إلى عماله (ولاته) في البلدان وأمرهم أن يأمروا المسلمين بالتوبة إلى الله والضراعة إليه والاستغفار من ذنوبهم. إنه ما نزل بلاء إلا بذنب، وما رُفِع إلا بتوبة، وصنائع المعروف تطفئ غضب الرب، والواجب على المؤمنين أن يكونوا على وِجلٍ من ذنوبهم كما قال الحسن البصري رحمه الله إن المؤمن لا يصبح إلا خائفاً ولا يصلحه إلا ذاك”. (أي الخوف).
“وأكدَ أحد المفكرين الإسلاميين المعاصرين أن هذه الزلازل “لا شك أنها نذر وعقوبات، وفيها عبر وعظات، ودلالة على قدرة الله الباهرة، حيث يأذن لهذه الأرض أن تتحرك بضع ثوان أو دقائق فينتج عن ذلك دمار وهلاك وربما رعب وفزع، لعل الناس يراجعون أنفسهم لعلهم يتوبون، لعلهم يستغفرون. لعلهم يتضرعون ويكثرون من العبادة.. الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن معاصيه والندم، كما قال بعض السلف لما زلزلت الأرض: “إن ربكم يستعتبكم (من العتاب).”
http://www.saaid.net/Minute/285.htm
المتتبع للتراث الإسلامي قديما وحديثا يجد كما هائلا من هذه الترهات البليدة ومع ذلك يقول شيخنا الغزالي: “والمجتمع الذي يلده الإسلام أو يولد فيه الإسلام، هو المجتمع الذي يسود فيه جو صحو من الدراسات الأصيلة الحرة. ينمو فيها العقل الإنساني وتتوطد فيه أواصر الصداقة بين الإنسان وبين ما في العالم من عناصر قوانين”.
فأين هذا الصحو وهذا العقل الإنساني الذي تتوطد فيه أواصر الصداقة بين الإنسان وبين ما في العالم من عناصر قوانين” عندنا منذ قرون؟ بينما واقع المجتمعات العربية الإسلامية عموما لا يعكس هذه المزاعم بل لا يزال المسلم يترعرع ضمن هذه التربية الترهيبية التي تنتزع منه ملكة الفضول والشك بوصفهما من خاصيات البحث العلمي والإبداع والابتكار.
لكن الغزالي لا يهمه الواقع في شيء، وهو يحسب أوهامه واقعا ملموسا لهذا نراه يكتب يسذاجة متناهية: “ما هي الميزة التي جعلت كفة آدم ترجح على غيره وجعلت الملائكة تشعر بتفوقه؟ ص 145.
ويجيب بثقة عمياء: “لقد أجاب (يقصد آدم) عن السؤال الذي عجز الآخرون عنه. عرف أسماء كل شيء وتبين أن له عقلا يدرك به ما حوله من مخلوقات.. “.
فأي فضل لآدم أو لعقله إذا كان الله هو الذي (علمه الأسماء كلها) ولم يعلمها الملائكةَ؟ هل يعقل أن يصدر هكذا سؤال عن ذي عقل؟
وتبلغ السذاجة أوجها في شرح ابن كثير لآية ” وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ” وهي الآية التي قصدها الغزالي ليشيد، بغير حق، بموقف الإسلام من العلم والعقل لكنه يتعمد الانتقائية والخداع. لنقرأ مثلا شرح ابن كثير لها: “هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة بما اختصه من علم أسماء كل شيء دونهم وهذا كان بعد سجودهم له… قال: علّمه أسماء ولده إنسانا إنسانا والدواب، فقيل: هذا الحمار هذا الجمل هذا الفرس… قال علمه اسم الصحفة والقدر. قال: نعم، حتى الفسوة والفسية (؟) …وقال مجاهد: وعلم آدم الأسماء كلها. قال: علمه اسم كل دابة وكل طير وكل شيء. وكذلك رُوي عن سعيد بن جبير وقتادة وغيرهم من السلف أنه علمه أسماء كل شيء وقال الربيع في رواية عنه: أسماء الملائكة . وقال حميد الشامي: أسماء النجوم . وقال عبد الرحمن بن زيد: علمه أسماء ذريته كلهم . …عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا (طلبنا الشفاعة) إلى ربنا فيأتون آدمَ فيقولون: أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء فاشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول: لست هناكم ويذكر ذنبه فيستحي. ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض . فيأتونه فيقول: لست هناكم ويذكر سؤالَه ربه ما ليس له به علم فيستحي . فيقول: ائتوا خليل الرحمن (إبراهيم) فيأتونه فيقول لست هناكم . فيقول ائتوا موسى عبدا كلمه الله وأعطاه التوراة فيأتونه فيقول: لست هناكم ويذكر قتل النفس بغير نفس فيستحي من ربه . فيقول: ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه فيأتونه فيقول: لست هناكم. ائتوا محمدا عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأنطلق حتى أستأذن ربي فيأذن لي فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله ثم يقال: ارفعْ رأسك وسَلْ تُعْطَهُ وقل يُسْمَعْ واشفع تُشفع فأرفعُ رأسي فأحمده بتحميد يُعَلَّمُنِيه ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود إليه فإذا رأيت ربي مثله ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود الثالثة ثم أعود الرابعة فأقول ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود. هكذا ساق البخاري هذا الحديث”.
فعلا هذه المعرفة الساذجة لا تليق إلا بإيمان العجائز، وهو إيمان كبل عقول الناس حتى وجدوا فيها إعجازا تُلَقِّنُهُ مؤسساتُنا التعليمية في جميع مراحل التعليم لناشئتنا، وتعقد له الجامعات مؤتمرات ترصد لها الملايين لبحث الإعجاز العلمي في القرآن بينما هم يتطفلون على موائد الغربيين من الباحثين والعلماء الحقيقيين. وهي معرفة لا علاقة لها بنشوء اللغات على الأرض كما استنتجها علماء اللغة من دراسة تطور اللغات.
ثم يقول الغزالي: “فمن عرف الحياة وتأدَّى منها إلى الإيمان بالخالق الكبير فهو إنسان، أما من لم يعرف هذا العالم أو عرفه بطريقة مقلوبة لا تصله بالله فهو حيوان أو شيطان” مسترشدا بآية: “إن شر الدواب في الأرض الذين كفروا فهم لا يؤمنون” الأنفال 55.
هكذا يتجلى العقل الإسلامي على حقيقته عند الشيخ بعد أن سَوَّدَ عشرات الصفحات حول حقوق الإنسان في الإسلام والتي جعلها أرقى من حقوق الإنسان كما صاغتها الحضارة الحديثة.
لكن من يعتقد مثله بأن “الدين- كما جاء من عند الله- هو الخلاصة النقية السهلة التي جمعت الحق كله في أسلوب من القول بعيد عن اللغو والتعقيد وهو الهدى المغني عن تجارب الخطأ والصواب ومتاعب العثور والنهوض” لا بد أن يكون له هذا الموقف العنصري المقيت.
فلماذا لم يهضم المسلمون هذه ” الخلاصة النقية السهلة “؟ ولم تعصمهم هذه ” الخلاصة النقية السهلة” عن الوقوع في لتلك الفتن والأهواء والأنانيات حتى عندما كان نبي الإسلام بينهم (يتلقى الوحي من الله مباشرة)، أما بعد أن رحل عنهم فلم تتوقف صراعاتهم الدموية إلى يوم الناس هذا؟ رغم “الخلاصة النقية السهلة التي جمعت الحق كله” التي وضعها الله بين أيديهم، وزودهم بـ” الهدى المغني عن تجارب الخطأ والصواب ومتاعب العثور والنهوض”.
ويتمادى في هذه الحماقات وهو يكتب بتبجح زائد: “والواقع أن الله لما ارتضى لنا الإسلام دينا أراحنا من عنت المشي في الظلام والتردي في هاويات الأهواء والأوهام”. يقول هذا وكأن العالم الإسلامي لم يمر بفترة انحطاط مظلمة طويلة تواصلت قرونا ولا تزال.
ولا شك أن خضوع الناس في هذا العالم الإسلامي البائس لهذا الحقن الأيديولوجي النرجسي قد تسبب في نفورهم من البحث والإبداع وركونهم إلى الزهد والقناعة والرضا بالقضاء والقدر خيره وشره لأن الدنيا متاع الغرور، ووقوفهم ضد المفكرين الذين حاولوا الخروج من هذه الشرنقة مثل المعتزلة والفلاسفة قديما والذين مازال الغزالي يناصبهم العداء حتى في كتابه هذا رغم تبجحه بحرية الفكر المطلقة التي منحها الإسلام كما قال، وضد كل الأفكار الجديدة في العالم بوصفها أفكارا مستوردة ما أنزل الله بها من سلطان، تريد بالإسلام شرا.
ويكتب: “إن الإيمان بالله هو أساس الفضائل ولجام الرذائل وقوام الضمائر وسند العزائم في الشدائد وبلسم الصبر عند المصائب….” 153.
ويكتب: “فالذي لا ريب فيه أن القرآن معصوم من الخطأ، وأن آياته هي لباب الحق وأن الاهتداء بها منار يقود إلى الدنيا والآخرة”.
الغزالي بكلامه هذا يضعنا أمام خيارات عويصة مضحكة مبكية ونحن نشهد هذا الانحطاط المستفحل في بلادنا وفي جميع المجالات وعلى رأسها الأخلاقية:
إما أن ما يقوله صحيح، وهو ما يقودنا مباشرة إلى الحكم على شعوبنا وعلى رأسها متعلموها ونخبها بالبلادة الذهنية التي تقترب من العته والجنون لأن المسلمين بين أيديهم الدواء الشافي والحل المثالي لكل مشاكلهم بوصفهم أصحاب دين ” هو أساس الفضائل ولجام الرذائل وقوام الضمائر وسند العزائم في الشدائد وبلسم الصبر عند المصائب….” وبين أيديهم كتاب جامع شامل مانع ” معصوم من الخطأ، وأن آياته هي لباب الحق وأن الاهتداء بها منار يقود إلى الدنيا والآخرة”. ومع ذلك لا يعملون به ولا يستفيدون منه وقد بلغ بهم الأمر درجة جعلتهم عاجزين عن تحقيق أمنهم القومي والغذائي والدوائي وحتى المائي بعد أن مروا بانحطاط طويل انتهى باستعمار بلدانهم.
وإما أن حالهم كحال المريض الذي التزم ببلاهة ما وصف له من دواء فراح يحقن بدنه وعقله به دون جدوى لأن الدواء الموصوف لا علاقة له بالمرض المشخص ولأن الطبيب مدلس.
ماذا نختار لحالنا؟ هل نحن معتوهون لا نعرف ما ينفعنا وما يضرنا أم نحن ضحية طبيب مزيف ودواء مغشوش؟
وفي كلتا الحالتين، نحن لسنا بخير بسبب هذا الفكر البليد الذي تحالف على فرضه علينا حكام الاستبداد ورجال الدجل الدين على طراز شيخنا.

عبدالقادر أنيس فيسبوك

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

ارهابية سورية ستفجر نفسها بالاقليات؟

 طلال عبدالله الخوري 10102012

جوا الملا فنانة سورية معارضة واكيد رح يعتبرها النظام بانها ارهابية ستفجر نفسها بالاقليات اذا تم اسقاط بشار الاسد ابو البراميل

 

 

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

ضد من صفقات اسلحة نوري المالكي؟

طلال عبدالله الخوري           10\10\2012 حصريا مفكر حر

ضد من صفقات اسلحة نوري المالكي؟

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

روسيا في العراق فمن سيكون الأسد؟

 إبراهيم الزبيدي

من أسوأ ذكريات ضباطنا وجنودنا في العراق تلك التي تدور حول السلاح الروسي وخيبات من استخدموه أو كلفوا بإصلاحه وصيانته وتغيير قطع غياره.
ليس في الجيش العراقي وحده، بل كان لدينا، أيضا، في الإذاعة والتلفزيون، أجهزة بث وتسجيل ومونتاج روسية إذاعية كان جميعنا يتندر بها وعليها، خصوصا على حديدها الضخم والثقيل وغير المهذب، وتلك الضوضاء التي تحدثها عندما تدور.
 
وأذكر في العام 1964 أن الإذاعة أوفدتني لتسجيل خطاب الرئيس عبد السلام عارف في قاعدة الحبانية وهو يودع القطعات العسكرية التي كانت تتهيأ للتوجه إلى كردستان لقتال الملا مصطفى، فتطرق في خطابه إلى مؤامرة القوميين العرب التي قيل، يومها، إن النظام كشفها مؤخرا، فقال في خطابه، وكان باللهجة العامية العراقية: ما ظل علينا غير العربنجية، والله اللي يمد راسه منهم لأقصه بقندرة. وترجمة ذلك لقرائنا العرب غير العراقيين هي أنه ( لم يبق علينا غير القوميين العرب، والله إن مد أحدٌ منهم رأسه فسأقطعه بحذاء). وبعد الخطاب فوجئت بالرئيس يطلب مني محوه أمامه كاملا لئلا يسمعه أحد، فأقسمت له على أن الجهاز الروسي الذي كنا نستخدمه للتسجيل (وكان كتلة حديدية ثقيلة) يدور فقط إلى جهة واحدة، ولا يعود إلى وراء، وعليه فهو لا يصلح لغير لتسجيل، ولا يمكن استخدامه للمحو مطلقا. فصدقني ولكنه أمرني بأن أذهب إلى الإذاعة وأمحوه فور وصولي. وهددني بأنه سيقطع أذني إذا علم بأن أحدا سمعه، وخاصة عبد اللطيف الكمالي المدير العام للإذاعة والتلفزيون، وكان من القوميين العرب يومها.
 
أخونا نوري المالكي هبط في موسكو مؤخرا. وسبقه وزير دفاعه الصوري سعدون الدليمي، لقلب الطاولة على أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من دول العلم الأخرى التي تصنع السلاح وتتاجر به، معلنا إعادة تسليح الجيش العراقي بالسلاح الروسي، وإعادة ذكريات سنوات الخيبات القديمة الطويلة كلها، مع الأسف الشديد.
 
 
والحقية أن ما أحزنني ليس هو رجوع العراق إلى الوراء عشرات السنين، ولا العودة لمهازل السلاح الروسي، ولا على المال العراقي الغزير الذي جعله المالكي ُيمطر على الكرملين دون أن يحتسب، بل إن ما أرعبني وأشعل الخوف والأسف في عروقي هو ما تحمله هذه الالتفافة المالكية الدليمية الروسية من علامات شؤم وحظ سيء للعراقيين. فإن كان الروس في سوريا قد  ُوفقوا بأسد سوريا فمن سيكون لها أسد العراق في الأيام المقبلة؟
 
ومن سيرسل الطائرات الروسية لتدك أحياء المواطنين الآمنين غير المقاتلين وغير المسلحين في بغداد والنجف وكربلاء والرمادي والموصل والبصرة والعمارة والناصرية وغيرها إذا ما انتفضت على الفساد والظلم والديكتاتورية التي تطل برأسها علينا من جديد؟ ومن سيطلق صواريخها نحو المدارس والمساجد والمستشفيات في جنوب العراق وشماله، وفي غربه وشرقه، سواء بسواء؟
 وكم سيختلف نوري المالكي عن بشار؟ وهل سُتغير إيران طبعَها فترفع يدها عن الجلاد، وتقف مع الجماهير العراقية المقهورة والمسحوقة إذا استفاقت وهبت لتطالب بالحرية والكرامكة ذات يوم؟ وهل سيختلف (شبيحة) نوري المالكي عن (شبيحة) الديكتاتور السوري القبيح؟
 
ومرة أخرى، وكما سبق أن تساءلت في السابق، أسأل اليوم هذا السؤال، كلُ هذا السلاح الروسي الكريه لقتال من؟ إيران، أم تركيا، أم سوريا، أم السعودية، أم الكويت، أم الأردن؟؟ أم هي لتحرير الجولان ومزارع شبعا وفلسطين؟؟ وقبل الإجابة على هذه الأسئلة أسال أيضا:
 هل لدينا دولة حقيقية واضحة الحدود والمقاييس والسياسة كأية دولة أخرى من دول البشر تحاسب رئيس وزرائها ووزير دفاعها إذا ما ارتكبا خطيئة بحق الوطن وأهله ومستقبل أجياله القادمة؟
 
وهل للعراق وشعبه مصلحة حقيقية في مكافأة روسيا على قلة ذوقها وموت ضمائر قادتها وإصرارهم على ذبح أهلنا وأشقائنا في حواري دمشق وحلب واللاذقية وطرطوس ودرعا وحمص وحماة؟
 
وهل وافقت حكومتنا، بكل وزرائها أجمعين، على رحلة المالكي الروسية الخائبة هذه؟، وهل شارك جميع وزرائها في رسم شخصية الحكومة وسياستها وأهدافها، وموافقون على برامجها وسياساتها؟
 
شيء آخر. هل لدينا برلمان حقيقي اختاره الناخبون العراقيون (بحق وحقيق) ليحمي مصالحهم ومواقفهم، ويمنع حكومتهم من إهدار أموالهم والعبث بها؟، أم إنه برلمان (لملوم) من حواشي هذا الزعيم وذالك؟ 
 
ثم هل لدينا جيش موحد مهني مستقل عن الأحزاب والتيارات والعشائر والمرجعيات والمليشيات، سيستخدم السلاح الروسي الجديد فقط في الدفاع عن الوطن، كل الوطن، عندما يتعرض لإهانة؟
 
وهل هو قادر فعلاً على أن يطلق رصاصة واحدة، إذا ما أراد أن يصد جيشا غازيا جاءنا من شرق الوطن أو من غربه أو جنوبه أو شماله؟
ومتى سيصبح جيشُ المالكي قادرا على غزو الكويت أو السعودية أو إيران أو الأردن أو سوريا أو تركيا، أسوة بسلفه الراحل أبي عدي، لتأديبها ومنعها من استرخاص الماجدات العراقيات؟، وماذا سيكون في مقدور السلاح الروسي فعله حين يواجه مئات الطائرات والصواريخ وأقمار التجسس الغربية المتطورة التي تحشدها دول الجوار، صغيرها وكبيرها، غنيها وفقيرها على حد سواء؟.
 
أعلم بأن كثيرين من عشاق المالكي سوف يرشقونني بما اعتدتُ عليه من ورد وسكر وزبيب، ويردون علي بأن العراق دولة كاملة غير منقوصة، وفيه حكومة منتخبة وجيش وبرلمان ورئيس ونواب رئيس وحرية وديمقراطية وأمن وأمان وسلام. اللهم سامح هؤلاء المتحيزين، فهم لا يفقهون. 
 
فدولتنا العامرة الزاهرة القوية العزيزة لم تستطع منع إيران الشقيقة الكبرى من قصف قرى كردستان الآمنة. ولم تجرؤ على صفعها حين جففت أنهار المواطنين وجعلتها قاحلة، أو حين رمت وساخاتها علينا فدمرت مزارعنا ولوثت مياهنا. ولن تفعل شيئا لتردع تركيا من عبور حدودنا واستباحة مدن وقرى كاملة في الشمال؟
 
وها هو المالكي وأعوانه ومستشاروه، بعد كل ذلك الصراخ القديم على ظلم البعث السوري الذي يرسل المخربين والقتلة لتفجير المفخخات لقتل نسائنا وشيوخنا وأطفالنا، يبارك اليوم مجازر الأسد، عملا بتوجيهات الولي الفقيه وإرشاداته، ويطير إلى الكرملين ليدفع مليارات دولارات العراقيين المساكين المعدمين ليكافيء بوتين على وقفته الشجاعة ضد (المخربين السوريين)، وعلى تمسكه بالديمقراطية إلى قطع النفس، وإلحاحه على حل سلمي دون تدخل أحد من الخارج، وانتخاب رئيس سوري جديد، ولكن بعد أن يلقي (المتمردون) سلاحهم ويدخلوا جنات النعيم التي أعدها لهم بشار وشبيحته ومحازبوه وداعموه الأشاوس.

نوري المالكي أعلن من موسكو أنه يدعم الحل الروسي للثورة السورية الصامدة، وكان عليه أن يغتنم الفرصة فيوظف ملياراته التسليحية الضخمة لإقناع السَلاَّخ الكبير بوتين بالكف عن قتل الشعب السوري، والسماح بتحرير سوريا من بعثها الأشد ظلما ودموية وفسادا من بعث صدام حسين الذي ذاق منه نوري المالكي وحزب الدعوة الأمرين.
 
لكن الحقيقة الثابتة هي أن الأباطرة أحباب الأباطرة، والديكتاتوريون حلفاء الديكتاتوريين، والحرامية حلفاء الحرامية، من أيام آدم وحوا وإلى اليوم. والحقيقة الثابتة الأخرى هي أن الديكتاتوريين، وعبر التاريخ، يخرجون دائما من صفوف الفقراء والمظلومين، ويصعدون على أكتاف الجماهير المضطهدة، باسم الحرية والعدالة والمساواة، ومن أجل رفع الظلم عنها وتحقيق المساواة بين أفرادها، ومحاربة الفساد، وإقامة دولة القانون.

إنهم يتمسكنون، وحين يتمكنون يبدأون بالذبح الحلال. ويستر الله أهلنا في العراق مما سوف يأتيهم مع السلاح الروسي الكريه.

المصدر موقع ايلاف

Posted in فكر حر | Leave a comment

أحلام إقتصادية , عراقية سويدية

رعد الحافظ

أحلام ( ذكريات / في أصل قصيدة أحمد رامي ) , داعبت فكري وظنّي لستُ أدري أيُّها أقربُ منّي .
أحلامي النهضويّة الإقتصادية الإجتماعيّة , ربّما تبدو جامحة و خُرافيّة هذا المساء .
(غالباً بتأثير التقرير الذي قرأتهُ عن السويد ,وليس بتأثير النبيذ الأبيض)
كيف لي أن أحلم بأنْ يقفز بلدي الأمّ ( العراق ), ليقارب حالة وطني الثاني ( السويد ) , حتى لو قدّرتُ الفترة ببضعة عقود ؟
لكن أليست الأشياء الجميلة والعظيمة تبدأ بحُلمْ ؟
ثمّ أليست الأحلام هي من بين أبسط حقوقنا ,حتى لو بدتْ بعيدة المنال ؟
لا تظنّوا أنّي مجرّد مهووس أو مسحور بالحُلم الأمريكي , الذي وَرَدَ في الجملة الثانية من إعلان الإستقلال ,والذي نصّ على ما يلي :
{ أنّ كلّ الناس خُلقوا متساوين , وأنّ لهم بعض الحقوق غير القابلة للتغيير , وتضّم حقّ الحياة والحُريّة والسعي وراء تحقيق السعادة ( يعني الرفاهيّة حضرتك ) } من ويكيبيديا
لكنّي مواطن عادي أفترصُ فرصة تواجدي في بلدٍ حُرّ سعيد , لأكتب لكم عن أحلامي ومشاعري .
**************
تقرير إقتصادي عن السويد / 9 إكتوبر 2012
{ السويد مِثال إقتصادي يُحتذى بهِ , حسبَ تقرير صدرَ اليوم عن صندوق النقد الدولي IMF
رَصَدَ الأوضاع التي تعيشها مختلف الأسواق الإقتصادية العالمية .
جاء في التقرير , أنّ عدم تبني السويد للعملة الاوروبية الموحدة مكنّها من تخطى الأزمة الاقتصادية التي أصابت مجموعة اليورو .
ورأى صندوق النقد الدولي في تقريره أنّ باستطاعة الحكومات التعلّم من الطريقة السويدية عبر إتباع بعض التدابير , منها العمل على بناء إحتياط إقتصادي كبير في الاوقات الجيدة .
بالاضافة الى التعامل بحزم مع البنوك التي قد تعاني من أزمات إقتصادية.
التقرير ساقَ سببين آخرين لخروج السويد من دائرة الأزمة الاقتصادية
هما تمتعها ببنك مركزي مُستقل يحظى بدرجة عالية من الثقة .
وتدّني قيمة العملة السويدية بنسبة 15 % خلال فترة الأزمة الاقتصادية.
(تدّني قيمة العملة لهُ فوائد ومضار ,من الفوائد زيادة الصادرات) والسببان مُرتبطان بشكلٍ مباشر بعدم إنخراط السويد في العملة الاوروبية الموحدة } إنتهى التقرير
ماذا تستنتجون منهُ ؟
1 / تخطيط سليم توّفر نتيجة الديمقراطيّة ووضع الشخص المُناسب في المكان المُناسب .
( كم أمقت هذه العبارة التي تتكرّر دائماً في بلادنا , دون أدنى تطبيق )
2 / بناء إحتياط إقتصادي جيّد في الاوقات الجيّدة .
وهذهِ النقطة بالذات ربّما هي السبب لهذهِ المقالة
إذ سمعنا اليوم في الأخبار بأنّ العراق , سيحّل عام 2035 في المركز الثاني عالمياً بتصدير النفط .
ما يعني توّفر كمّ هائل من العملة الصعبة التي يجب أن تُستغل بأفضل السُبِل خلال العقود اللاحقة. لكن التخطيط يجب أن يبدأ من اليوم !
كالتفكير بإنشاء عشر مُدن عملاقة صناعية , ومثلها زراعيّة ومثلها سياحيّة .
وسأضع شروط النجاح في خلاصة المقال
( إنظر رابط 2 )
3 / بالمناسبة السويد تُصدّر كلّ شيء من الملابس الى الطائرات الحربية المتقدمة , والصفقة القادمة بهذا الشأن مع كرواتيا .
*****************
ملاحظات
1/ اليوم أيضاً ومع هذا التقرير الذي يشيد بالسويد , صدر تقرير آخر من صندوق النقد الدولي , يُبدي تشاؤماً حيال تحسّن الإقتصاد العالمي .
ويُخفّض توقعاتهِ لنمو ذلك الإقتصاد .
ويستثني الشرق الأوسط , وبالذات الدول المُصدّرة للنفط .
إنظر رابط 3
( وإنتبهوا مرّة اُخرى لإمكانية نهوض العراق , وهناك تقرير آخر لم يتسع المجال لهُ عن تعاون السويد والعراق المستقبلي )
2/ بالنسبة لكارهي الغرب الإمبريالي الكافر الفاشل , بسبب الآيدولوجيّة الحزبيّة المقيتة , أو التطرّف الديني
أو عاشقي جلاديهم في الأنظمة الشموليّة التوليتاريّة ( المُصابين بمتلازمة ستوكهولم يعني )
أو ربّما يكرهون الغرب هكذا عمّال على بطّال (وراثة مثلاً ) أقول :
فكروا بالموضوع من باب محاولة الإستفادة من تجارب الناجحين .
ولا تقولوا كالذي قال / أنا مع بشار و نجاد ونصرالله , وأنظمتهم القمعيّة , ماداموا أعداء لأمريكا .
3 / أزمة ديون اليونان ومشاكلها الإقتصادية , تبدو في تحسّن لو أصغينا لكلام المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل في زيارتها الى اليونان اليوم .
والبنك الأوربي يقوم بالواجب وأكثر .
*****************
الخلاصة
أعلمُ أنّ النهوض لا يحدث بالأحلامِ وحدها .
وأعلمُ أنّ الغرب سبقنا بالحضارة بضعة قرون نتيجة علمانيتهِ وليبراليتهِ
منذُ ظهور أمثال / ديكارت وسبينوزا وروسو وكانت وهيجل وماركس .
وأعلمُ أنّ ثقافتهم / حبّ العمل والعلم والبحث العلمي والسؤال عن كلّ شيء , ورُقيّ حياة الإنسان .
بينما ثقافتنا / تتلخّص بالتديّن والعبادات والسكون والخمول وكراهيّة كلّ جديد .
وأعلم أنّ رجال الدين يتخذون من الدين حصان يمتطوه لتحقيق مطامحهم غير المشروعة في التكسّب على حساب البؤساء ,الذين يموتون منتظرين جزاءً من نوع آخر .
أعلم كلّ ذلك وأكثر , وتفاصيل أدهى وأمرّ .لكن لكلّ شيء بداية !
وشروط بداية نهوضنا , تستدعي دساتير حرّة ناهضة بالإنسان والبلدان . ( مصر العزيزة تمّر في هذه المرحلة المهمة اليوم )
دساتير تُحرّر نصف المجتمع المكبّل ( المرأة ) . وتُحرّر عقول النصف الثاني من ثقافته الابوية التسلطيّة .
نحتاج تعليم مُفيد . ونحتاج تغيير مجرى إقتصادنا , من اللغف والفساد والصرف على بناء المساجد وتعميرها ومخصصات الحج السنوّي .
الى الصرف على البنية التحتية وصولاً الى البحث العلمي المتقدم .
يعّز علينا جميعاً أن نرى العالم الحُرّ يتقدم وعلماؤه ينالون جوائز نوبل ( سأكتب عنها قريباً )
بينما علماؤنا ( في الدين ) يتسابقون على نشر فتاوي , يندى لها جبين البشرية , ناهيك عن الإنسان العاقل .
في الدول المتقدمة هناك صندوق الأجيال , ( حتى في الكويت يوجد مثلهُ) فهم يتحسبون لعاديات الزمن .
مع ذلك نجد البعض يكتب عن حاجة الإنسان الغربي ليثور على نظامهِ الليبرالي ؟ ولماذا يثور الإنسان المُرفّه أصلاً ؟
كتابات بائسة لا تنفعنا مثقال ذرّة من خردلٍ , و قديماً قيل / ما قرأتُ كتابَ رجلٍ قَطّ , إلاّ وعرفتُ فيهِ عقلهُ
بينما على الجهة الأخرى , نجد في العراق مثلاً معظم إيرادات النفط ( ولا يوجد مصدر مهم سواه ) يذهب الى الجزء التشغيلي في الميزانية وليس الجزء الإستثماري . طيّب إستثمروا ولو الرُبع لصالح البلد والأجيال القادمة !
أبعدوا رجال الدين عن التدّخل في الحياة السياسية ,وتخلصوا من فسادكم وأنانيتكم وعبثكم . وإسمحوا للمخلصين بالعمل في ضوء النهار
ولن يقف بعدها سداً أمام أحلامكم , مهما إتسعت !
على كلٍ , ومهما يكن من أمر , فأنا مستعد لسماع الآراء وتعديل موقفي تبعاً لقناعتي بها .
وكما وردّ في البيان والتبيين / مذاكرةُ الرجال تلقيحٌ لألبابها ( أفكارها , لو شئتم ) !
*********************
روابط
رابط 1

السويد مثال يحتذى في السياسة الإقتصادية

رابط 2

تقرير دولي يتوقع ان يصبح العراق ثاني اكبر مصدر للنفط في العالم عام 2035

رابط 3
.صندوق النقد الدولي يخفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي

تحياتي لكم
رعد الحافظ
9 إكتوبر 2012

رعد الحافظ(مفكر حر)؟

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية | Leave a comment

سُبْحَانَهُ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ

محمد البدري

لم تنطلي فكرة زيارة رئيس مصر بعد الثورة لايران علي انها تقاربا بين ايران الصامدة والمتصدية للمشروع الصهيوني الامريكي الذي ظلت الشتائم له تتردد في فضاءات العرب دون احراز اي مكسب لاي وطن من اوطان المنطقة، فالزيارة كانت مبرمجة سابقا كونها ضمن برامج منظمة عدم الانحياز. ولولا ثورة المصريين لكان مبارك هو الحاضر هناك. وليس التأكيد في مقدمة زيارته علي عدم شق صف المسلمين بين سنة وشيعة الاعضاء في المنظمة من دول الاسلام سوي دعم للسعودية في مواجهه الالتفاف الشيعي في العراق وجنوب لبنان وتاييد حماس ثم محاولة احتواء الثورة السورية لصالح النظام السوري وليس لصالح الثورة. ولولا زيارة مرسي للسعودية مرتين متتاليتين كاول زيارات له الي عواصم اخري لكان للمواطن المصري او العربي ان يعتقد ان لمرسي موقفا ثوريا ضد النظم المحافظة في المنطقة. ولولا انتماء مرسي لجماعة الاخوان وهي جماعة محافظة، تسعي لتحقيق مشروع عفي عليه الزمن مهما اقسم قادتها ومرشدها علي عكس هذا الطرح، لكان ممكنا ان تشوب مرسي بعضا من الثورية التي ظهرت عندما وقف مع الثورة السورية وابدي نوعا من الغضب ومطالبته لرئيس سوريا بالتخلي عن السلطة توافقا من نظام الامبريالية العالمية.

فلا احد يمكنه الجزم بان مرسي هو رئيس ثوري تتناسب افعاله مع مطالب ثوار التحرير خاصة وانه لم يتخذ اي قرار ثوري منذ توليه السلطة سوي احالة من حموا شباب الثورة من بطش مبارك ورجال امنه في واقعة احالة المشير طنطاوي ورئيس اركان الجيش للتقاعد!!! والتي شاع مؤخرا انها اتفاق مسبق بينهما برعاية الراعي الكبير للمنطقة برمتها.

فعندما خرجت وسائل الاعلام المصرية التي لم تختلف في اداءها كثيرا عن زمن مبارك لعقد مشابهه بين مرسي وعبد الناصر فإن ما فاتهم ان الظروف برمتها باتت مختلفة وان خرائط المنطقة تغيرت ومناهج التفكير تبدلت. بل ان هناك قوي كانت من الضعف والهزال زمن الستينات فاصبحت الان ديناصورية ماليا وانخفض مستوي عقلها السياسي الي ادني من عقول القشريات. وهو ما يكبل آفاق الفكر عند رئيس مصر الحالي (الجاصل علي دكتوراه في فيزياء المعادن) إذا ما اخذنا في الاعتبار انه سيراعي التوافقات العقائدية قبل اي مصالح اخري بحكم الارضية العقائدية لتلك الدول ومثيلتها الاخوانية. لكنه ولمقتضيات الرئاسة لدولة ثقيلة التاثير علي العالم بكونها مصدرا لكل خرافات الاديان وبين مراعاته للمؤسسة التي اتي منها ويقودها مرشد محافظ الفكر يجعله متجانسا مع نفسه لولا الزعامة التي يحاول اكتسابها كلما بدي له شبح زعامة عبد الناصر وهيبة طلعته أو السادات بانجازه اما اسرائيل (بعبع العرب) التي يتمني كل حاكم عربي أو اسلامي الحصول ولو علي قدر يسير منها. الرئيس مرسي لن يسني ان عبد الناصر كان عضوا بالجماعة ولن ينسي ايضا انه الذي مرغ جباه المصريين في التراب. فباتري اي وجه منهما يريده مرسي ان يرتديه وهو العليم بانه كان لاعبا احتياطيا وليس رئيسيا في سباق الرئاسة؟

لكن دعنا من قدرات الرئيس مرسي الهشة والتي ما خفي منها اعظم مما هو معلن. ففي التعامل مع القوي الاقليمية سيكون التردد والارتباك صفة اساسية فيها، فالانتماء للعرب يولد جينات النفاق والكذب. فما بالنا والقوي العالمية الكبري التي تحتاج الي القوة وصلابة الموقف علي قواعد من الاقتصاد القوي والبني الاساسية العميقة الجذور بالحقيقة وليس بالخرافة والدين. خاصة لو اخذنا في الاعتبار انه تربي في بيئة تتطلب الانصياع والطاعة لمن هو اعلي واقوي. ونشأ في تنظيم دولي تشرف عليه نفس القوي العالمية التي لو حاول مرسي تقليد عبد الناصر في تعامله معها لارتدت عليه بافدح مما تعاملت هي مع عبد الناصر. مرسي عليم بذات الامر وهو ليس غافلا عنها، اضافة ان مرشده في التنظيم يعلم هذا الشان علمه باسماء ابنائه. فرؤوس الاموال والاستثمارات والبنوك التابعة للتنظيم الدولي للاخوان ليست في مناي عن القوي العالمية، بما فيها المافيا وتجارة السلاح، بل تحت رحمتها مباشرة. وربما لهذا السبب حاول مرسي الظهور بمظهر البطل القومي علي حساب من لفظتهم الامبريالية الامريكية وكانه استثمار سياسي مجاني لن يكلفه شيئا. لهذا فإن اي تماس من اي نوع مع اسرائيل ليس سوي تحاشي تلوث السمعة أو مجابهة القوة والتي ستكشف مدي كفاءة مرسي وتنظيم الاخوان كامتحان حقيقي لهم امام شعوب المنطقة.

كان ظهوره التالي في الجامعة العربية وكانه يحاول احياء الموتي فهو الاعلم بمدي عجز هذه المنظمة. فلا هو ولا اعضاء الجامعة يعيرون العروبة اي اعتبار فهو ابن مشروع الخلافة الاسلامية وليس العنصرية العربية. فصدي عقيرته فيها تلاشي باسرع مما تلاشي رفرفات جناح الفراشة. وفي مقابل موتها (الجامعة) فهو يعلم مدي نجاح اموال اعضائها النفطيين في ادارة السياسات داخليا وخارجيا بها وفي صياغة قرراتها التي لا تسعف احدا ولم تنقذ طفلا في اي بلد عربي من بطش حكامها او بطش الاعداء، هذا من ناحية ومن ناحية أخري مدي تحالفهم ودفاعهم عن الفساد والفاسدين في اي مكان في العالم. وهنا يكمن السؤال للرئيس المصري لما بعد الثورة كيف سيقاوم اغراءات من زارهم في بداية توليه للسلطة ومن جاءه ليضع عنده وديعة بملياري دولار وهما اكثر الدول انحيازا لامريكا واسرائيل، عدوة العرب والاسلام حسب قول اعضاء الاخوان المسلمين في قطاع غزة؟ !!!

من السهل إذن معرفة السبب في وقف كل الحملات الدعائية ضد امريكا واسرائيل منذ تولي الاخوان السلطة في مصر وحتي الان والتي كانت تلوكها السنة اعضاء مكتب الارشاد طوال عصر مبارك مزايدة عليه حتي يقضي الله امرا كان مفعولا بالانتخابات التي اوصلت مرسي لرئاسة مصر بنسبة ضعيفة لعدد المصوتين وبنسبة لا تذكر في مواجهه مرشح مبارك؟ وكذلك التكتم علي ما يجري في سيناء من اعمال ارهابية شارك فيها بعضا ممن افرج هو عنهم بعد توليه الرئاسة ومعهم فلسطينيين من قطاع غزة.

في زمن عبد الناصر طالت وصلات الردح لامريكا واسرائيل باكثر مما ينبغي ولم يطور الرجل موقفا يتفق واهداف من أتوا به الي السلطة في انقلاب 1952. فقد كان مطلوبا منه عمل سلام بينه وبين اسرائيل حسب مذكرات رجال الادارة الامريكية وقتها، لكنهم وكاي ادارة تتخذ من الاكاديميين ومؤسسات البحث قواعد لهم في التعامل مع العالم فان البديل الذي لم يألوا جهدا في اخفاؤه كان دائما في متناولهم بعد تخلصهم منه. هكذا تولي رؤساء مصر (السادات ومبارك) أمور البلاد وبنفس النهج وبذات الفلسفة الامريكية بالتتابع منذ وفاة الاول الي خلع الثالث. فمن يصل الي نهاية مشواره عليه بالخروج من السباق ويسلم الرئاسة لمن تقرر ان يخلفه. فالوظائف الشاغرة في النظام العالمي لا مكان لها لان هناك ما ينبغي عمله دائما. فمهما اختلفت ادوات التغيير فان الهدف ثابت وهو وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
بعد انقلاب 1952 لم يعد هناك من مخزون بشري في مصر يمكنه افراز سياسيين في قامة من كانوا يحكمون في الفترة الليبرالية قبل الانقلاب. حل الاحزاب وفك التنظيمات ومحاكمة السياسيين ومطاردة القيادات النقابية مع الاحلال المستمر بضباط (مديوكر) بحكم تعليمهم وانتمائاتهم الطبقية الي حد لم يعد هناك سوي ذات التنظيم الذي انشأه الانجليز بعد الحرب العالمية الاولي وتبناه الامريكين بعد الحرب الثانية واوصلوا بعضا من اعضائها الي سدة الحكم، واقصد الاخوان المسلمين. فالموقع الوظيفي في مصر مشغول دائما وليس هناك فراغ يمكن ان تقلق بشانه الادارة العالمية للكون من علي كرسيها الذي وسع كل شئ في سدرة المنتهي بالبيت الابيض. ولن تجد مصر نفسها ولفترة طويلة قادمة احدا ترضي عنه الادارة الامريكية من خارج التيارات الدينية بكل تصانيفها. ففي طابور الوظائف يوجد حزب النور السلفي وآخرين يجري اعدادهم وتاهيلهم علي قواعد من الكتاب والسنة بفهم سلف الامة برعاية امريكية وصهيونية حسب طبائع الامور منذ انشات بريطانيا العظمي جماعة الاخوان المسلمين.

لم يتغير شئ إذن بعد ثورة يناير 2011 فنفس التنظيم يدير شؤون البلاد أما بحذاء العسكر ودعايته القومية وأما بلحية الداعية وخلافته الاسلامية. وهنا ينبغي طرح السؤال الاكثر الحاحا عن الطوعية والهدوء الذي خرج به مبارك ثم خرج من بعده قادة المجلس العسكري بنعومة أكثر. فهل البيت الابيض هو مقر المرشد العام الاعلي لتنظيم الاخوان المسلمين وما ذاك الصرح الضخم الذي كان في منطقة الروضة، حيث مقر المماليك البحرية قديما، ثم انتقل الي المقطم حديثا ليس سوي فرع للمقر الاصلي ويقبع به احد الموظفين ذوو الرتب العالية في التنظيم بهدف ادارة الفرع؟

في التبادل السلعي وفي التجارة، وبما للهيمنة الراسمالية من تامين، تجري عملية التسليم والتسلم بهدوء وسلاسة طالما ان السلع مشروعة والاتفاق ساري المفعول والاسواق متعطشة للاستهلاك والماكينات في موقع الانتاج تضخ كغيث من السماء وببركة من قوة العمل. وهل هناك من شرعية باكثر من شرعيات الثورة سياسية كسلعة جري عليها اتفاق وتنتظرها جماهير بفارغ الصبر منذ عقود واقيمت لها موالد واحتفالات ونبوؤات كلها بامل الا يكتشف فيها جمهور السيرك السياسي الالاعيب والتآمرات الصادرة كارشاد من المقرات الرئيسية الي مقرات الفروع.

فإذا كان للسذج أن يعتقدوا أن ثورة يناير 2011 ستستعيد بها مصر دورها الذي توهموه في ستينات القرن الماضي ضد الهيمنة الاميركية فان الهيمنة الاميركية احرزت نصرها مرة أخري بصعود جماعة الاخوان المسلمين وتسليمهم السلطة كتسليم الشقق علي المفتاح دون اي اعتبار لمجلس عسكري او جيش أو حتي شعب. هكذاعدنا الي لحظة 1952 بلحية وبعقل ديني تجاري. ولهذا آثر الرئيس مرسي الصمت وعدم ذكر اسرائيل باي شكل والاقلال بقدر الامكان من الحديث عن امريكا ووثائق كامب ديفيد لانه علي علي يقين ان اي تشاكل مع اسرائيل وامريكا سيصل في منتهاه الي الدبابة والمدفع بينما حكم الداخل بالايات البينات والدعوات الصالحات والبسملة والحوقلة في اللحظات الحرجة. لكن ما فات الرئيس مرسي ان هناك من ينتظر وما بدلوا في عقائدهم تبديلا من المتهورين واصحاب نفس مشروع الخلافة وعلي استعداد للانطلاق من قراءة القرآن الي امتطاء صهوة الدبابة دون ادني اعتبار للقواعد والظروف. وهذا بالضبط ما جري في سيناء اكثر من مرة ووصلت زروة احداثها في شهر رمضان الماضي. فلا يهم من المقتول فالجميع في عرف هؤلاء كفارا لا يستحقون سوي القتل اسرائيليين كانوا أو مصريين، يهودا كانوا او مسلمين. الاهم من مجرد وجودهم انهم علي قائمة الانتظار في اللوح المحفوظ بالبيت الابيض.

فعندما يحاول البعض تفسير ما جري منذ الثورة وحتي تولي الرئاسة في مصر بانه تحالف العسكر والاخوان، فان الاحداث قد اثبتت صدق تفاسيرهم رغم أن شعار الثورة ” الشعب يريد إسقاط النظام” وما بدي بعده من انبساط للاسارير وارتياح لدي الثوار هو ليس سوي كابوس أشد من كابوس 1952 وكأن د. جيكل جري استبداله بمستر بهايد برعاية امريكية. فاسقاط النظام لا معني له الا اسقاط الاخوان بكل ارديتهم والتي يختبئ تحتها جماعات سلفية حاليا وبرعاية امريكية ايضا لعلمهم ان العمر الافتراضي لكل الماكينة الاخوانية قد ولي وليس هناك من امكانية لتجديد الدماء فيه لان الهدف الاكبر وهو الحفاظ علي النظام الوهابي يستلزم السلفية بكل انواعها وليس الاخوان والعسكر المدجنين دائما.

هنا يصبح العبئ علي القوي المدنية اكبر واشد قسوة لان اسقاط جيكل يستلزم قتل هايد، ولن يساعدهم لانجاز المهمة الا فشل كل الفصائل من ذوات اللحي، قصرت أم طالت، في حل مشكلات المجتمع التي تفاقمت بشكل اعنف مما كانت عليه قبل الثورة. فالقوي العالمية حجمت اهل المنطقة من بناء مستقبل لابنائها بتحقيق الفشل بوصاية عسكرية لمدة 60 عاما والان يكملون مشوار تعطيل اي محاولة بناء بالوصاية الدينية، وتعاونهم قوي عربية هي اصل الاسلام الذي ترعاه الولايات المتحدة. هكذا تبدو المنطقة عارية أمام جهاز الاشعة السياسي وبما تحمله من آفات وميكروبات ضمن صفائحها وكريات دمها الحضارية والعقائدية، وكأن التاريخ يعيد نفسه في دوائرضيقة لعدة عقود زمنيا مثلما تكرر قديما في دوائر اكثر اتساعا في نظم الخلافة التي استمرت دوائرها متسعة لمئات السنوات. فهل نصدق الاسلاميين ورجال الدين وبعض مثقفي القومية واليسار بان الغرب لا يعرف شيئا عنا نحن الشرقيين ام انه يعرف تكويننا الجيني سياسيا واجتماعيا وثقافيا.

في زمن الديموقراطية لا وصاية أو رقابة او إرشاد من قبل السلطة علي الشعب، انما العكس هو الصحيح حيث يسقط الشعب السلطة بطرق مدنية سلمية مشروعة لها اساسها في الممارسة الديموقراطية. وهنا يكمن تناقض جوهري واساسي بين سلطة الاخوان وبين ما يتمناه مجتمع بعد الثورة. فما يجري لتشكيل لجنة وضع الدستور سوي تجنب تفجير هذا التناقض بين طموحات شباب الثورة وبين اهداف القيادة الجديدة ذات الدماء القديمة. فليس غريبا إذن ان يسعي تيار اللحي في اللجنة وهو اغلبية لمحاولة الذهاب الي ابعد مدي في مطالبه الدستورية بتطبيق احكام الشريعة اسكاتا لاصوات شباب الثورة حتي يستقر النظام العالمي المائل لصالح البعض دون البعض الاخر. وكذلك لما يمكن تمريره ويصلح لبقاء النظام الديني (الاسلامي تحديدا) اطول فترة ممكنة. فمطالب عودة الرقيق تحت مسميات ناعمة والتجارة بالاناث ومضاجعة الاطفال ودفع الزكاة قانونيا استعدادا لفرض الجزية علي غير المسلمين دينيا كلها من مطالب التيار الاسلامي في اللجنة، وتصب بهدف الاقلال من درجات وعي البشر بذواتهم وفي مواجهه بعضهم البعض وتماسكهم الاجتماعي، لكن أغرب مطلب في تاريخ المصريين، لان مصر بلد العجائب، ما اقترحه البعض بوضع مواد لحماية الله بعدم التعرض للذات الالهية في بند حريات التعبير والابداع. فهل يدري مساطيل اللجنة ان اسم الله يذكر بغزارة مفرطة، عمّال علي بطّال، في لغة المصريين اليومية. يكذبون ويتحايلون باسمه ويستلهمون رضاه ورحمته علي الاموات والاحياء علي السواء ويطلبون منه الرزق ويخدعونه بكل انواع المعصية أم ان المقصود به الحماية للادارة العالمية للنظام التي تهيمن وترزق وتعز وتذل من تشاء. ولنا في الرئيس الحالي اسوة حسنة وفي المخلوع القابع وراء القضبان اسوة أحسن.

محمد البدري (مفكر حر)؟

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

أحداث الساعة بعيون د. وفاء سلطان

Posted in ربيع سوريا, فكر حر, يوتيوب | Leave a comment