نجاد ومرسي… وبائع العباءة!

علي الرز: العربية

غريبٌ هذا الإصرار من مصر “الإخوان” على إعطاء إيران دوراً رئيسياً في الشؤون العربية والإقليمية من دون أن تصدر من طهران أيّ مبادرة أو إشارة حتى إلى تغيير سياساتها بما يكفل الاندماج في فضاءٍ أوسع بشكل طبيعي وتلقائي ومقبول.

ليس مطلوباً إيجاد قواعد اشتباك جديدة مع جارٍ إقليمي مثل إيران، إنما الواقعية السياسية تقتضي أن يزيل هذا الجار المتاريس والسواتر العالية التي وضعها أمام عبور المبادرات والاتفاقات والمصالحات.

المطلوب من الرئيس محمود أحمدي نجاد أن يعرف أن الشراكة تقتضي وجود أطراف أخرى ينبغي أن تؤخذ مواقفها وخياراتها ومصالحها ورؤاها في الاعتبار لا أن يقدّم لها فقط عرض “الحماية” من دولة شبه نووية.

والمطلوب أن يعرف أن التقارب الحقيقي لا يعني الجلوس فقط أمام طاولة واحدة لتوزيع الصور والابتسامات والحديث عن دور الشياطين الكبار والصغار في منع التقارب العربي – الإيراني.

والمطلوب أن يعرف ايضاً وايضاً ان التعاون المأمول اقليمياً لا تختصره مفردات العاطفة والمحبة، ولا بعض الآيات من القرآن الكريم، ولا اللعب على أوتار الطائفية والمذهبية.

بمعنى آخر، فإن أهل المنطقة ليسوا من السذاجة كي يفرحوا ويهلّلوا ويصفّقوا وقوفاً ولفترة طويلة لمجرّد سماع الرئيس المصري “الإخواني” محمد مرسي يمجّد الخلفاء الراشدين في قلب طهران، أو بعد سماع تحريم الرئيس الإيراني ومعه مرجعيّات دينيّة شيعيّة كبيرة التعرّض بالسوء لزوجات الرسول (صلى الله عليه وسلم) و لأصحابه الأخيار الصالحين.

هذا المستوى تحديداً من الضيق الفكري والإنساني هو ما تعمل على تكريسه تيارات “التوظيف الديني للسياسة” الشيعية والسنية بغية إلغاء العقول وزيادة الاستقطاب وأخذ المنطقة الى مكانٍ آخر يكون فيه لـ “المرشد” الكلمة العليا واليد الطولى.

عندما تريد إيران أن تمدّ يداً صادقة الى أهل المنطقة، فعليها أن تحترم خياراتهم لا أن تساهم في تدميرها خدمة للحاكم الموالي لها أو المؤتمِر بأمرها. والرئيس مرسي يعرف تماماً أن إيران تحكم في العراق كما تحكم في طهران مع بعض الفروق الشكلية مراعاةً للتركيبتين السكانية والسياسية.

وأن إيران تحكم في سورية أكثر مما تحكم في طهران وتمدّ “المحافظ” بشار الأسد بكل أنواع الأسلحة والعتاد لقتل عشرات الآلاف من شعبه لمجرّد أنهم طالبوا بحريّتهم من نظامٍ اعتقل البلد لمدة خمسين عاماً.

وإيران تتعاطى مع “حزب الله”، الحزب الحاكم في لبنان، كما تتعاطى مع لواء القدس، وكذلك الأمر بالنسبة الى “حماس” سابقاً و”الجهاد” راهناً. وإيران مدّت أذرعها الى دول الخليج في أكثر من موقعٍ موجّهة رسالةً مفادها أن أحداً ليس بمنأى عن نفوذها …

بعيداً عن اللغو اللفظي والتلاعب السطحي الممجوج بالغرائز الطائفية، يعرف الرئيس مرسي أن إيران لم تتراجع عن ايّ من سياساتها تجاه المنطقة ولن تتراجع، ومع ذلك يصرّ – مفتوناً بتجربة الحكم الإسلامي هناك أو مراهناً عليها – على وجودها في ايّ مبادرة، وآخرها اللجنة الرباعية لحلّ الأزمة السورية.

والغريب في الأمر أن الطرفين الناشطين في المبادرات الإقليمية يعيشان أسوأ الأوضاع الداخلية على الإطلاق، فالعملة الإيرانية تتسابق مع المصرية على الانهيار، والاحتياطي النقدي في الدولتين يعيش نزيفاً غير مسبوق، والأوضاع الاجتماعية من سيّء إلى أسوأ، والاحتجاجات الداخلية متشابهة مع فارق أن الساحة المصرية الشعبية غير ممسوكة بعد كما هو الحال في إيران… ومع ذلك يتباهى الرئيسان بقوّة بلادهما ودورهما المحوري الإقليمي.

في دول الخليج مثل شعبي هو “بياع الخبل عباته”. فعندما تكون الأجواء خادعة ويتوقّف البرد قليلاً، يسارع “الخبل” أي الغبي الى بيع عباءته ظناً منه أن موسم الحرّ بدأ، ليفاجأ في اليوم التالي بأن البرد عاد ويدخل في معاناة طويلة. ومَن يصدّق أن إيران تغيّرت اعتماداً على كلام قادتها العاطفي دون أن يرى ممارساتها على الأرض هو “الخبل” بعينه عربياً كان أم أميركياً… اللهمّ إلا إذا كان مرسي ونجاد يعتمدان على “خبول” لتصديقهما.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 1 Comment

كاتب القرآن يقر ويعترف بأن المسيح أنزل من السماء مائدة الحياة ليغنى الفقير ويبرأ المريض للابد

رشا نور :الحوار المتمدن

فيقول القرآن فى ( سورة المائدة 5 : 111 – 115 ) : ” وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115) ” .

والمعنى الظاهري من النص يقول أن حواريين المسيح أوحي لهم أن يؤمنوا بالله والمسيح وقالوا أمنا، ولم يقل لنا كاتب القرآن ما نوع الوحي التى أوحى به الله للحواريين وكلمهم من خلاله ؟

ثم يطلب الحواريين من المسيح ينزل من السماء مائدة يأكلون منها وتطمئن قلوبهم بها، وتكون عيداً لأولهم ولآخرهم، أية من الله ورزقاً .. وقد قال عنها أهل التأويل من أئمة المفسرون مايلي :

1 – يكون يوم نزولها عيداً :

فهذه المائدة يكون يوم نزولها عيداً يعظمه الحواريون ومن يأتي من بعدهم ومن المعلوم أن الاعياد عند اليهود والمسيحيين والمسلمين هى ذكرى لأكبر الحوادث ذات الاثر الفعال فى حياة الشعب الذى يعيد ويحتفل بها .. فيقول فى التفسير الكبير فى تفسيره للنص :

قَوْلُهُ : عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا .. أَيْ نَتَّخِذُ الْيَوْمَ الَّذِي تَنْزِلُ فِيهِ الْمَائِدَةُ عِيدًا نُعَظِّمُهُ نَحْنُ وَمَنْ يَأْتِي بَعْدَنَا ، وَنَزَلَتْ يَوْمَ الْأَحَدِ فَاتَّخَذَهُ النَّصَارَى عِيدًا ، وَالْعِيدُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِمَا عَادَ إِلَيْكَ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ عَادَ يَعُودُ ، فَأَصْلُهُ هُوَ الْعَوْدُ ، فَسُمِّيَ الْعِيدُ عِيدًا لِأَنَّهُ يَعُودُ كُلَّ سَنَةٍ بِفَرَحٍ جَدِيدٍ ، وَقَوْلُهُ : ( وَآيَةً مِنْكَ ) أَيْ دَلَالَةً عَلَى تَوْحِيدِكَ وَصِحَّةِ نُبُوَّةِ رَسُولِكَ ( وَارْزُقْنَا ) أَيْ وَارْزُقْنَا طَعَامًا نَأْكُلُهُ ( وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=132&ID=2239

أما تفسير “التحرير والتنوير” فيقول فى تفسيره للنص :

” وَهَذَا الْعِيدُ الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَ النَّصَارَى وَلَكِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَكَلَ مَعَ الْحَوَارِيِّينَ عَلَى مَائِدَةِ لَيْلَةِ عِيدِ الْفِصْحِ ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ صُلِبَ مِنْ صَبَاحِهَا . فَلَعَلَّ مَعْنَى كَوْنِهَا عِيدًا أَنَّهَا صُيِّرَتْ يَوْمَ الْفِصْحِ عِيدًا فِي الْمَسِيحِيَّةِ كَمَا كَانَ عِيدًا فِي الْيَهُودِيَّةِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ قَدْ صَارَ عِيدًا بِاخْتِلَافِ الِاعْتِبَارِ وَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ وَاحِدًا لِأَنَّ الْمَسِيحِيِّينَ وَفَّقُوا لِأَعْيَادِ الْيَهُودِ مُنَاسَبَاتٍ أُخْرَى لَائِقَةً بِالْمَسِيحِيَّةِ إِعْفَاءً عَلَى آثَارِ الْيَهُودِيَّةِ ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=61&ID=732

2 – يعيد بها كل يوم أحد :

فهذه المائدة التى يعيد لها النصارى كل يوم أحد أى يعيدون لها اثنين وخمسين مرة فى السنة بينما الأعياد جميعها عند أصحاب الأديان الثلاثة يعيدون لها مرة واحدة كل سنة فيقول الطبري فى تفسيره للنص :

” وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ ” تَكُنْ ” عَلَى الْجَوَابِ ; وَالْمَعْنَى : يَكُونُ يَوْمَ نُزُولِهَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا أَيْ : لِأَوَّلِ أُمَّتِنَا وَآخِرِهَا ; فَقِيلَ : إِنَّ الْمَائِدَةَ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْأَحَدِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً ; فَلِذَلِكَ جَعَلُوا الْأَحَدَ عِيدًا ، وَالْعِيدُ وَاحِدُ الْأَعْيَادِ ;…. ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1249&idto=1249&bk_no=48&ID=671

3 – تزيد القلب بالأيمان واليقين :

فسر عظمة هذه المائدة وعظمة أسرارها الفعالة أنها تزيد القلب بالأيمان واليقين ولا يتمكن الناس من الاظلاع على أسرارها إلا أذا حصلوا على الإيمان واستعملوا التقوى فيقول البغوي فى تفسيره :

” قَالُوا نُرِيدُ .. أَيْ : إِنَّمَا سَأَلْنَا لِأَنَّا نُرِيدُ ، ( أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا ) أَكْلَ تَبَرُّكٍ لَا أَكْلَ حَاجَةٍ فَنَسْتَيْقِنَ قُدْرَتَهُ ، ( وَتَطْمَئِنَّ ) وَتَسْكُنَ ، ( قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا ) بِأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، أَيْ : نَزْدَادُ إِيمَانًا وَيَقِينًا ، وَقِيلَ : إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَصُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ، فَإِذَا أَفْطَرُوا لَا يَسْأَلُونَ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُمْ ، فَفَعَلُوا وَسَأَلُوا الْمَائِدَةَ ، وَقَالُوا : ” وَنَعْلَمُ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا ” فِي قَوْلِكَ ، إِنَّا إِذَا صُمْنَا ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَا نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَانَا ، ( وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ) لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالْقُدْرَةِ ، وَلَكَ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ ، وَقِيلَ : وَنَكُونُ مِنَ الشَّاهِدَيْنَ لَكَ عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَيْهِمْ .” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=51&ID=436

4 – دليلأ على وحدانية الله وتأيد أرسالية المسيح :

فهذه المائدة تكون آية فائقة من الله ودليلاً على توحيده تعالى وصحة نبوة رسوله القاطعة فيقول الطبري فى تفسيره :

” قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي – تَعَالَى ذِكْرُهُ – بِذَلِكَ : قَالَ الْحَوَارِيُّونَ مُجِيبِي عِيسَى عَلَى قَوْلِهِ لَهُمْ : ” اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ” فِي قَوْلِكُمْ لِي ” هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ” : إِنَّا إِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ ، وَسَأَلْنَاكَ أَنْ تَسْأَلَ لَنَا رَبَّنَا لِنَأْكُلَ مِنَ الْمَائِدَةِ ، فَنَعْلَمُ يَقِينًا قُدْرَتَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ” وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا ” يَقُولُ : وَتَسْكَنُ قُلُوبُنَا ، وَتَسْتَقِرُّ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ مَا شَاءَ وَأَرَادَ ، ” وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا ” وَنَعْلَمُ أَنَّكَ لَمْ تَكْذِبْنَا فِي خَبَرِكَ أَنَّكَ لِلَّهِ رَسُولٌ مُرْسَلٌ وَنَبِيٌّ مَبْعُوثٌ ” وَنَكُونَ عَلَيْهَا ” يَقُولُ : وَنَكُونُ عَلَى الْمَائِدَةِ ” مِنَ الشَّاهِدَيْنِ ” يَقُولُ : مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا حُجَّةً لِنَفْسِهِ عَلَيْنَا فِي تَوْحِيدِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى مَا شَاءَ ، وَلَكَ عَلَى صِدْقِكَ فِي نُبُوَّتِكَ ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=50&surano=5&ayano=113

5 – غرضها روحي وليس جسدي :

هذه المائدة ذات الأغراض الدينية الروحانية هى ليست لأطعام الجسد فقط بل طعام روحي أيضاً للروح تجعل أكلها يبتهج ابتهاج الروح بالنعمة أعنى مائدة أكلها لا يؤثر تأثيراً جسدياً بل يمنح الروح ابتهاجاً بالنعمة التى ينالها الانسان بتناول هذا السر .. فيقول الإمام فخر الدين الرازي فى التفسير الكبير فى تفسيره للنص :

” تَأَمَّلْ فِي هَذَا التَّرْتِيبِ فَإِنَّ الْحَوَارِيِّينَ لَمَّا سَأَلُوا الْمَائِدَةَ ذَكَرُوا فِي طَلَبِهَا أَغْرَاضًا ، فَقَدَّمُوا ذِكْرَ الْأَكْلِ فَقَالُوا : ( نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا ) وَأَخَّرُوا الْأَغْرَاضَ الدِّينِيَّةَ الرُّوحَانِيَّةَ ، فَأَمَّا عِيسَى فَإِنَّهُ لَمَّا طَلَبَ الْمَائِدَةَ وَذَكَرَ أَغْرَاضَهُ فِيهَا قَدَّمَ الْأَغْرَاضَ الدِّينِيَّةَ وَأَخَّرَ غَرَضَ الْأَكْلِ حَيْثُ قَالَ : ( وَارْزُقْنَا ) وَعِنْدَ هَذَا يَلُوحُ لَكَ مَرَاتِبُ دَرَجَاتِ الْأَرْوَاحِ فِي كَوْنِ بَعْضِهَا رُوحَانِيَّةً وَبَعْضِهَا جُسْمَانِيَّةً ، ثُمَّ إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِشِدَّةِ صَفَاءِ دِينِهِ وَإِشْرَاقِ رُوحِهِ لَمَّا ذَكَرَ الرِّزْقَ بِقَوْلِهِ : ( وَارْزُقْنَا ) لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ بَلِ انْتَقَلَ مِنَ الرِّزْقِ إِلَى الرَّزَّاقِ فَقَالَ : ( وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ ) فَقَوْلُهُ : ( رَبَّنَا ) ابْتِدَاءٌ مِنْهُ بِذِكْرِ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَقَوْلُهُ : ( أَنْزِلْ عَلَيْنَا ) انْتِقَالٌ مِنَ الذَّاتِ إِلَى الصِّفَاتِ ، وَقَوْلُهُ : ( تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا ) إِشَارَةٌ إِلَى ابْتِهَاجِ الرُّوحِ بِالنِّعْمَةِ لَا مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا نِعْمَةٌ ، بَلْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا صَادِرَةٌ عَنِ الْمُنْعِمِ … ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=132&ID=2239

6 – أن أسرارها عميقة لا يقف كنهها إلا أصحاب النظر والاستدلال :

فهذه المائدة التي للنفس فيها حصة لها قوة البرهان لأصحاب النظر والاستدلال وأن أسرارها عميقة لا يقف كنهها إلا أصحاب النظر والاستدلال .. فيقول الإمام فخر الدين الرازي فى التفسير الكبير فى تفسيره للنص :

” ، وَقَوْلُهُ .. وَآيَةً مِنْكَ .. إِشَارَةٌ إِلَى كَوْنِ هَذِهِ الْمَائِدَةِ دَلِيلًا لِأَصْحَابِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ ، وَقَوْلُهُ : ( وَارْزُقْنَا ) إِشَارَةٌ إِلَى حِصَّةِ النَّفْسِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ نُزُولٌ مِنْ حَضْرَةِ الْجَلَالِ . فَانْظُرْ كَيْفَ ابْتَدَأَ بِالْأَشْرَفِ فَالْأَشْرَفِ نَازِلًا إِلَى الْأَدْوَنِ فَالْأَدْوَنِ . ثُمَّ قَالَ : ( وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ ) وَهُوَ عُرُوجٌ مَرَّةً أُخْرَى مِنَ الْخَلْقِ إِلَى الْخَالِقِ وَمِنْ غَيْرِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَمِنَ الْأَخَسِّ إِلَى الْأَشْرَفِ ، وَعِنْدَ ذَلِكَ تَلُوحُ لَكَ شَمَّةٌ مِنْ كَيْفِيَّةِ عُرُوجِ الْأَرْوَاحِ الْمُشْرِقَةِ النُّورَانِيَّةِ الْإِلَهِيَّةِ وَنُزُولِهَا ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِهِ .. ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=132&ID=2239

7 – من يستهين بهذه المائدة العظيمة يمسخه الله خنزيراً :

فهذه المائدة التى يكفر بها يعذبه الله عذاباً لا يعذبه احداً من العالمين يعني بمسخهم خنازير وقردة ويجوزان يعجل عذابهم فى الدنيا ويجوز ان يكون مؤخراً … ويقول البغوي فى تفسيره للنص :

” وَقَالُوا : أَتَرَوْنَ الْمَائِدَةَ حَقًّا تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : إِنِّي شَرَطْتُ أَنَّ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ نُزُولِهَا عَذَّبْتُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ، فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فَمُسِخَ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا بَاتُوا مِنْ لَيْلَتِهِمْ عَلَى فَرْشِهِمْ مَعَ نِسَائِهِمْ فَأَصْبَحُوا خَنَازِيرَ يَسْعَوْنَ فِي الطُّرُقَاتِ وَالْكُنَاسَاتِ ، وَيَأْكُلُونَ الْعُذْرَةَ فِي الْحُشُوشِ فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ فَزِعُوا إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبَكَوْا فَلَمَّا أَبْصَرَتِ الْخَنَازِيرُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بَكَتْ وَجَعَلَتْ تُطِيفُ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجَعَلَ عِيسَى يَدْعُوهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَيُشِيرُونَ بِرُءُوسِهِمْ وَيَبْكُونَ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْكَلَامِ ، فَعَاشُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ هَلَكُوا ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=51&ID=436

8 – يُلبس لها مسوح التقوي عند نزولها من السماء :

فهذه المائدة لما أراد المسيح الدعاة بشأن نزولها لبس مسوحاً من الشعر كرداء للتقوة وكأن المائدة هذه تتطلب استعداداً خاصاً عند الصلاة عليها بل وعند نزولها يبكي يسوع المسيح اشفاقاً على الناس الذين كانوا مزمعين أن يأكلوا منها فخاف أن يأكلوا منها بدون استحقاق فتكون لهم مثلة وعقوبة .. فيقول بن كثير فى تفسيره للنص :

” فِلْمًا رَأَى عِيسَى أَنْ قَدْ أَبَوْا إِلَّا أَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ بِهَا ، قَامَ فَأَلْقَى عَنْهُ الصُّوفَ ، وَلَبِسَ الشَّعْرَ الْأَسْوَدَ ، وَجُبَّةً مِنْ شَعْرٍ ، وَعَبَاءَةً مِنْ شَعْرٍ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ ، وَدَخَلَ مُصَلَّاهُ فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَامَ قَائِمًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَصَفَّ قَدَمَيْهِ حَتَّى اسْتَوَيَا ، فَأَلْصَقَ الْكَعْبَ بِالْكَعْبِ وَحَاذَى الْأَصَابِعَ ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فَوْقَ صَدْرِهِ ، وَغَضَّ بَصَرَهُ ، وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ خُشُوعًا ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَيْنَيْهِ بِالْبُكَاءِ ، فَمَا زَالَتْ دُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى خَدَّيْهِ وَتَقْطُرُ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ حَتَّى ابْتَلَّتِ الْأَرْضُ حِيَالَ وَجْهِهِ مِنْ خُشُوعِهِ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ دَعَا اللَّهَ فَقَالَ : ( اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&ID=417

9 – نزلت من السماء بين غمامتين وعلى سفرة حمراء :

المائدة التى نزلت ولها فرش أحمر من تحتها أو من غمام وغطاء فوقها ومن تحتها من غمام .. فيقول البغوي فى تفسيره للنص :

” وَقَالَ قَتَادَةُ : كَانَتْ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ بُكْرَةً وَعَشِيًّا حَيْثُ كَانُوا كَالْمَنِّ وَالسَّلْوَى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ لَمَّا سَأَلَ الْحَوَارِيُّونَ الْمَائِدَةَ لَبِسَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ صُوفًا وَبَكَى ، وَقَالَ : ” اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ” الْآيَةَ فَنَزَلَتْ سُفْرَةٌ حَمْرَاءُ بَيْنَ غَمَامَتَيْنِ غَمَامَةٍ مِنْ فَوْقِهَا وَغَمَامَةٍ مِنْ تَحْتِهَا ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَهِيَ تَهْوِي مُنْقَضَّةً حَتَّى سَقَطَتْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَبَكَى عِيسَى ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الشَّاكِرِينَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلَا تَجْعَلْهَا عُقُوبَةً ، وَالْيَهُودُ يَنْظُرُونَ إِلَى شَيْءٍ لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ قَطُّ وَلَمْ يَجِدُوا رِيحًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِهِ ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=51&ID=436

ويقول بن كثير فى تفسيره للنص :

ثُمَّ أَرْسَلَ عَيْنَيْهِ بِالْبُكَاءِ ، فَمَا زَالَتْ دُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى خَدَّيْهِ وَتَقْطُرُ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ حَتَّى ابْتَلَّتِ الْأَرْضُ حِيَالَ وَجْهِهِ مِنْ خُشُوعِهِ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ دَعَا اللَّهَ فَقَالَ : ( اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سُفْرَةً حَمْرَاءَ بَيْنَ غَمَامَتَيْنِ : غَمَامَةٌ فَوْقَهَا وَغَمَامَةٌ تَحْتَهَا ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا فِي الْهَوَاءِ مُنْقَضَّةً مِنْ فَلَكِ السَّمَاءِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَعِيسَى يَبْكِي خَوْفًا لِلشُّرُوطِ الَّتِي اتَّخَذَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&ID=417

10 – مخلوقة بقدرة الله الغالبة :

فهذه المائدة التى لا هى من طعام الدنيا ولا من من طعام الآخرة ولكنها شئ أفتعله (الأفتعال معناه خلق جديد أو ابداع جديد) الله بالقدرة الغالبة .. فيقول البغوي فى تفسيره للنص :

” فَقَالَ شَمْعُونُ : يَا رُوحَ اللَّهِ أَمِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا هَذَا أَمْ مِنْ طَعَامِ الْآخِرَةِ؟ فَقَالَ : لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا تَرَوْنَ مِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا وَلَا مِنْ طَعَامِ الْآخِرَةِ ، وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ افْتَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقُدْرَةِ الْغَالِبَةِ ، كُلُوا مِمَّا سَأَلْتُمْ يَمْدُدْكُمْ وَيَزِدْكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=51&ID=436

11 – فيها غني و شفاء أبدي :

فهذه المائدة التى لا يأكل منها فقير الا غنى مدة عمره ولا مريض إلا برئ ولم يمرض أبداً .. فيقول بن كثير فى تفسيره للنص :

” فَأَكَلَ مِنْهَا أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ إِنْسَانٍ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ، يُصْدِرُونَ عَنْهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَبْعَانُ يَتَجَشَّأُ ، وَنَظَرَ عِيسَى وَالْحَوَارِيُّونَ فَإِذَا مَا عَلَيْهَا كَهَيْئَتِهِ إِذْ أُنْزِلَتْ مِنَ السَّمَاءِ ، لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْهَا شَيْءٌ ، ثُمَّ إِنَّهَا رُفِعَتْ إِلَى السَّمَاءِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ [ ص: 230 ] فَاسْتَغْنَى كُلُّ فَقِيرٍ أَكَلَ مِنْهَا ، وَبَرِئَ كُلُّ زَمِنٍ أَكَلَ مِنْهَا ، فَلَمْ يَزَالُوا أَغْنِيَاءَ صِحَاحًا حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا ..” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&ID=417

ويقول البغوي فى تفسيره للنص :

” فَدَعَا لَهَا أَهْلَ الْفَاقَةِ وَالْمَرْضَى وَأَهْلَ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَالْمُقْعَدِينَ وَالْمُبْتَلِينَ ، فَقَالَ : كُلُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَكُمُ الْمَهْنَأُ وَلِغَيْرِكُمُ الْبَلَاءُ ، فَأَكَلُوا وَصَدَرَ عَنْهَا أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْ فَقِيرٍ وَمَرِيضٍ وَزَمِنٍ وَمُبْتَلًى ، كُلُّهُمْ شَبْعَانُ ، وَإِذَا السَّمَكَةُ بِهَيْئَتِهَا حِينَ نَزَلَتْ ، ثُمَّ طَارَتْ سُفْرَةُ الْمَائِدَةِ صُعُدًا وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا حَتَّى تَوَارَتْ ، فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا زَمِنٌ وَلَا مَرِيضٌ وَلَا مُبْتَلًى إِلَّا عُوفِيَ وَلَا فَقِيرٌ إِلَّا اسْتَغْنَى ، وَنَدِمَ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا فَلَبِثَتْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا تَنْزِلُ ضُحًى ، فَإِذَا نَزَلَتِ اجْتَمَعَتِ الْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ وَالصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ ، وَلَا تَزَالُ مَنْصُوبَةً يُؤَكَلُ مِنْهَا حَتَّى إِذَا فَاءَ الْفَيْءُ طَارَتْ وَهُمْ يَنْظُرُونَ فِي ظِلِّهَا حَتَّى تَوَارَتْ عَنْهُمْ ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=51&ID=436

12 – أنها رحمة للمؤمنين بها وعذاباً للمكذبين :

فهذه المائدة التى يرى عيسى ان انزالها من السماء سهل ولكن فيه خطر وخوف عاقبة (تعليل هذا الخوف أن السالك اذا انكشف له ماهو أعلى من مقامه لعله لا يحتمله ولا يستقر له فيضل به ضلالاً بعيداً، وهذا جلال فى المائدة يخشى من كشفه على غير المستحقين) .. فيقول بن كثير فى تفسيره للنص :

” اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ .. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سُفْرَةً حَمْرَاءَ بَيْنَ غَمَامَتَيْنِ : غَمَامَةٌ فَوْقَهَا وَغَمَامَةٌ تَحْتَهَا ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا فِي الْهَوَاءِ مُنْقَضَّةً مِنْ فَلَكِ السَّمَاءِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَعِيسَى يَبْكِي خَوْفًا لِلشُّرُوطِ الَّتِي اتَّخَذَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ – فِيهَا : أَنَّهُ يُعَذِّبُ مَنْ يَكْفُرُ بِهَا مِنْهُمْ بَعْدَ نُزُولِهَا عَذَابًا لَمْ يُعَذِّبْهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالِمَيْنِ – وَهُوَ يَدْعُو اللَّهَ مِنْ مَكَانِهِ وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً ، إِلَهِي لَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا ، إِلَهِي كَمْ مِنْ عَجِيبَةٍ سَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي ، إِلَهِي اجْعَلْنَا لَكَ شَكَّارِينَ ، إِلَهِي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَكُونَ أَنْزَلْتَهَا غَضَبًا وَجَزَاءً ، إِلَهِي اجْعَلْهَا سَلَامَةً وَعَافِيَةً ، وَلَا تَجْعَلْهَا فِتْنَةً وَمُثْلَةً.. .” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&ID=417

13 – يأكل منه النصاري إلى يوم البعث :

هذه المائدة التى تظل إلى يوم البعث يأكل منها آخر الناس ولا يأكل منها إلا أهل دينه .. فيقول القرطبي فى تفسيره للنص :

” وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ ” تَكُنْ ” عَلَى الْجَوَابِ ; وَالْمَعْنَى : يَكُونُ يَوْمَ نُزُولِهَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا أَيْ : لِأَوَّلِ أُمَّتِنَا وَآخِرِهَا ; فَقِيلَ : إِنَّ الْمَائِدَةَ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْأَحَدِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً … ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1249&idto=1249&bk_no=48&ID=671

ويقول تفسير ” التحرير و التنوير ” فى تفسيره للنص :

” وَلِذَلِكَ قَالَ لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا ، أَيْ لِأَوَّلِ أُمَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ وَآخِرِهَا .. ” .

http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=61&ID=732

وأكتفي بهذه الإستدلالات التفسيرية حول هذا النص الذى يثبت أن كاتب القرآن كان يتكلم عن القربان المقدس والذى يرمز للمسيح الذى قال عن نفسه فى الإنجيل :

” ٤٨ أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ…. ٥١ أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ». ٥٢ فَخَاصَمَ الْيَهُودُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ:«كَيْفَ يَقْدِرُ هذَا أَنْ يُعْطِيَنَا جَسَدَهُ لِنَأْكُلَ؟» ٥٣ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. ٥٤ مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، ٥٥ لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَق وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌّ. ٥٦ مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. ٥٧ كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي. ٥٨ هذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ يَأْكُلْ هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ»… ” ( يوحنا 6 : 48 – 58 ) …

فالمائدة التى نزلت من السماء كانت رمز لشخص المسيح خبز الحياة الذى أعطانا الغني والكرامة والشفاء من داء الخطية وأمراض الجسد …

وهذه الأمور كلها قد عرفتها ورأيتها وفهمتها عندما تركت الإسلام وذهبت إلى الكنيسة فى يوم الأحد ورأيت مايحوط بسر المائدة أو مايطلق عليه ( سر الشركة أو التناول أو الأفخارستيا أو سر القربان المقدس .. ) .

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

لاعب “الكشتبان” السوري

السوريون من أبرع أهل اﻷرض في التجارة، يكفي التسكع لساعات قلائل في أي من أسواق الشام وسيجد المرء نفسه يشتري ما يحتاجه وما لايحتاجه بعد “مفاصلات” طويلة ما كان لها أن تبدأ أصلاً.

من سوء حظ السوريين أن السياسة الدولية تختلف جذرياً عن “سوق الحميدية” وأن الشارين الدوليين لثورتهم ليسوا من السواح مرتاحي البال الذين كانت تغص بهم حارات الشام العتيقة. ولكي تكتمل المأساة السورية، أتى ٳلى البيت اﻷبيض رجل أسمر “لايبيع ولايشتري ولايريد حتى أن يحضر البازار…”.

هذا الحديث بمناسبة مبادرة الشيخ “معاذ الخطيب” الذي قابل اثنين من سفاحي الشعب السوري في “ميونيخ” وأتبعها بمقابلة السيد “جو بايدن” المشهور بزلاته الكلامية والذي “لايحل ولا يربط..”.

مبادرة الشيخ “معاذ الخطيب” تبدو شبيهة ب “مفاصلة” مع اﻷسد و”محور الشر” من جهة ومع من يدعّون أنهم “أصدقاء سوريا” من جهة أخرى. خطوة السيد “الخطيب” وعرضه مبادلة “الحوار مع من لم تتلوث أيديهم بالدماء من النظام” مقابل ٳطلاق سراح 160 ألف معتقل وتجديد جوازات سفر المعارضين في الخارج أتت لتحرك بعض المياه الراكدة في المستنقع السوري في غياب تطورات ٳيجابية على اﻷرض.

المبادرة ليست سيئة في المطلق، فهي تفضح همجية النظام وتخاذل أصدقاء الثورة. هذه المبادرة تبدو موجهة للطرفين معاً. من المفهوم التوجه ٳلى النظام ﻹطلاق سراح المعتقلين، أما تجديد الجوازات فيتعلق “بأصدقاء سوريا” الذين يكفيهم تسليم سفارات النظام للائتلاف الذي اعترفوا به وتكلييفه بتجديد وٳصدار وثائق السوريين في الخارج، أقله من يتواجدون في دول الخليج “صديقة الشعب والثورة السوريين”. لنلاحظ أن هؤلاء “اﻷصدقاء” هم من بدؤوا بفتح النار على السيد “الخطيب” انطلاقاً من السيد “داوود اوغلو” الذي تساءل عن جدوى هكذا حوار؟ انتهاء “بالمدفعية اﻹعلامية ” لقناتي الجزيرة والعربية.

المشكلة مع المعارضة السورية أعمق بكثير من مجرد الالتزام بوثائق الدوحة أو في وجود “آراء شخصية” لدي رئيس الائتلاف، مشكلة المعارضة السورية أن لاشيء ملموساً لديها لتقدمه في بازار الدم السوري المفتوح على مصراعيه، لا شيء غير المطالبة برحيل النظام و”بعدها لكل حادث حديث…”.

المعارضة السورية تبدو كمن يبيع سمكاً في الماء، فالسيد “معاذ الخطيب” والمعارضة السورية كلها عاجزة عن تأمين “دخول آمن” ﻷفرادها ٳلى اﻷراضي السورية المحررة، فكيف لها أن تعرض “خروجاً آمناً” للأسد ؟ المعارضة السورية المتواجدة في الخارج “لاتمون” على كتيبة واحدة في الداخل تؤمن لها الحماية ٳن هي عادت ٳلى سوريا، فوق ذلك، شيوخ المعارضة كلهم “ما شاء الله” زعماء ورؤساء ووجهاء ولا أحد بينهم “يحطها واطية” لغيره لدرجة مطالبة الشيخ “معاذ” بالاستقالة فوراً لمجرد أنه خرج عن حالة الموت السريري الذي ترتع فيه المعارضة السورية بقضها وقضيضها.

المعارضة السورية تبدو وكأنها تريد من العالم الخارجي أن يعيدها لدمشق “سالمة وغانمة” ودون مقابل سوى “بوس اللحى”. خلال عامين انهكتنا هذه المعارضة بلقاءاتها ومؤتمراتها ومزاوداتها التلفزيونية مع القليل النادر من الخطاب المتزن والعقلاني. لسان حال هذه المعارضة يقول : “أسقطوا لنا هذا النظام أو ساعدونا على ٳسقاطه وبعدها نعدكم، والله علينا شهيد، اننا سنعمل ديمقراطية أفضل من السويد ولن يكون هناك مشكلة أقليات ولا تطرف ولا تعصب ومصالح الجميع ستكون بالحفظ والصون، حتى جبهة النصرة ستصبح جمعية رعاية طفولة…”.

هذه البضاعة لم تجد من يشتريها منذ أكثر من عام ومع ذلك، لم تعمل عليها المعارضة “اوكازيون” ولا حتى ٳعادة نظر. 

ماذا تقدر هذه المعارضة أن تفعل و ماذا يريد العالم من المعارضة السورية ولا تستطيع هذه المعارضة تقديمه ؟ وماذا يقدم اﻷسد لهذا العالم بالمقابل ؟

المعارضة السورية متواجدة في الخارج وبعيداً عن الحدود وهي مشتتة ولا صلة تنظيمية لها مع المسلحين في الداخل. اﻷسد من جهته موجود في دمشق وهو مصدر القرار، ولو بٳيحاء ٳيراني، وقواته تبقى منضبطة لحد ما وتعمل بشكل منسق.

المعارضة السورية “تعِد” بالمحافظة على مصالح روسيا في حين يقوم اﻷسد بالخضوع بشكل كامل لكل طلبات “بوتين” بغض النظر عن السيادة السورية ومصالح السوريين.

المعارضة السورية تريد “علاقات سليمة” مع طهران في حين يتعامل الثوار السوريون مع اﻹيرانيين “كعدو مجوسي”. أما اﻷسد فهو يخضع تماماً ﻹملاءات “الولي الفقيه” لدرجة العمالة الكاملة.

يبقى السلاح اﻷمضى في يد اﻷسد وهو “تفاهماته ” مع ٳسرائيل. هذا هو “جوكر” اﻷسد الذي ضمن حدود ٳسرائيل الشمالية ﻷربعين عاماً وخلصها من كل التهديدات القادمة من جهة المقاومة الفلسطينية في لبنان وحتى خارجه. اﻷسدان اﻷب ثم الابن هما “رجلا المهمات القذرة” ﻹسرائيل ابتداء من سحق المقاومة اللبنانية اليسارية والفلسطينية وانتهاء بتحييد سوريا وشعبها ثم تدميرهما مروراً بتفخيخ الوضع الفلسطيني الداخلى عبر حماس وغيرها.

هل تستطيع المعارضة السورية أن تقدم للعالم الخارجي شيئاً لم يتنازل عنه اﻷسد سلفاً ؟ مهما فعلت المعارضة السورية فهي لن تتوصل بأي شكل من اﻷشكال ﻹتقان “بهلوانيات” التنازلات الدولية بما يضارع مهارات نظام الشبيحة.

هل تظن المعارضة السورية أنه يكفي تسمية مسيحي على رأس مجلس ٳخواني لطمأنة اﻷقليات ؟ وهل تكفي تسمية علوي معارض كممثل للائتلاف في فرنسا من أجل أن تنشق الطائفة العلوية وتعود لضميرها ووطنها ؟ 

هل يعتقد جهابذة الائتلاف الوطني أن من الممكن التوافق على “رئيس” للائتلاف ثم تكبيله بحيث لا يرأس شيئاً ولايقدر على أخذ زمام المبادرة في أي مضمار، ثم ٳقناع العالم أن هذه المعارضة مسؤولة ومنضبطة ؟

كيف للمعارضة السورية أن تتوجه بخطاب تصالحي للأكراد والآشوريين والتركمان وهي تجأر “بعروبتها” كأن هذه العروبة قدمت شيئاً للثورة ؟ المعارضة السورية تصر على “العروبة والقومجية” الصحيحتان، لدرجة استعمال مصطلح “العربي السوري” البعثي اﻷصل ؟! يكاد خطاب هذه المعارضة أن يكون أكثر “عروبة وربما بعثية” من النظام اﻷسدي ذاته…

في الموضوع اﻹسرائيلي، يبقى خطاب المعارضة غائماً وضبابياً، فمن جهة تتجنب المعارضة التطرق للمسألة اﻷولى في المنطقة ومن جهة أخري يؤنب السيد “معاذ الخطيب” ٳسرائيل بعد غارتها على “جمرايا” ويطالبها “بالبقاء خارج الوضع السوري الداخلي..” متناسياً أن ٳسرائيل هي الرقم اﻷصعب في الشأن السوري.

ما هو موقف المعارضة السورية من وجود ٳسرائيل وحدودها وماهو رأي أساطين هذه المعارضة فيما يخص الجولان ونازحيه واللاجئين الفلسطينيين ؟ أي “سوريا” مستقبلية تريد هذه المعارضة ؟ هل هي “سوريا ممانعة ومقاومة” لكن هذه المرة “عن جد” أو أن هذه المعارضة تريد الخروج من الورطة “الاورويلية” التي خلقها التفاهم اﻷسدي مع ٳسرائيل منذ 1974 والتي تكبل الشعبين السوري واﻹسرائيلي ؟ هذه المعادلة قوامها دوام حالة الحرب، دون حرب، وهي في صالح عصابة اﻷسد في سوريا والطغمة الاستيطانية والعسكرية في ٳسرائيل التي تحكمها ذات النخبة والعقلية العنصرية منذ عقود. 

بالمناسبة، السيد “معاذ الخطيب” الذي التقي باثنين من سفاحي سوريا المباشرين، لافروف وصالحي، ما الذي منعه من التوجه بخطاب واضح ٳلى “العدو اﻹسرائيلي” الذي لم يسفك منذ قيامه واحداً في المئة من الدماء السورية التي سفكها اﻷسدان بدعم من روسيا على الدوام وبدعم ٳيراني وروسي منذ بداية الثورة ؟ هل من المقبول الالتقاء بممثل “الاورثوذوكسية” الروسي والولي الفقيه “الشيعي” لكن الالتقاء بيهودي لم يسفك دم السوريين حرام ما بعده حرام ؟

ٳن كانت المشكلة أن “ٳسرائيل” تحتل جزءاً من اﻷرض السورية فٳيران وروسيا “تحتلان” سوريا كلها بمعية جند اﻷسد.

من غير المقبول أن تستمر المعارضة السورية في تجنب المواقف الواضحة وعليها حسم موقفها في قضايا حقوق اﻹنسان، اﻷقليات، حقوق الجوار، مستقبل المنطقة والتعاون الاقتصادي. لا تستطيع هذه المعارضة الاستمرار في تجاهل كون “جبهة النصرة” ٳرهابية “ولو قالت واشنطن أنها كذلك” على حد قول أستاذنا “حازم صاغية”. هذه الجبهة “أباحت دم” اﻷستاذ “معاذ الخطيب” على لسان ٳمام ليبي في حلب، لمجرد أن الرجل طرح موضوع الحوار مع النظام ! من يريد مثالاً أوضح على الطبيعة الظلامية العميقة لهذه الجماعة التي “تكفّر” الناس بالجملة ؟ 

أين الخطاب اﻷخلاقي واﻹنساني

humanist and universal))

 للمعارضة السورية ؟ ليس كافيا الحديث في العموميات واجترار ذات الخطاب المعلب والمكرور

 حول “غياب الطائفية” في سوريا ما قبل اﻷسد وحول “الشعب السوري الواحد” الموروث من الخطابين البعثي واﻷسدي، أما آن أوان تبني خطاب ٳنساني وحقوقي مختلف جذرياً عن البلاغات اللفظية الموروثة من الحقبة القومجية؟ 

باختصار، ٳلى متى تستمر المعارضة السورية في ممارسة السياسة على مبدأ “لاعبي الكشاتبين”؟

أحمد الشامي فرنسا  ahmadshami29@yahoo.com

 نشرت في بيروت اوبسرفر في السادس من شباط 2013

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

إلى أي صندوق إقتراع نحتكم؟

المحامي ادوار حشوة : كلنا شركاء

السيد الرئيس يدعو الى الاحتكام الى صندوق الاقتراع بمواجهة الذين يطالبونه بالتنحي او الرحيل ) 

كلنا نعرف هذا الصندوق الديمقراطي الذي يدعونا إليه والذي يستند الى حالة فريدة في الديمقراطية الشعبية أسمها

( التعيين بالأنتخاب) حيث يسمي النظام أسماء من يريدهم سواء لمجلس الشعب او الادارة المحلية او أي نقابة مهنية ثم

يكلف وزير الداخلية والمخابرات بتنفيذ ذلك كما أي مخرج سينمائي يفعل . 

الأ نتخابات السورية معدة للا ستهلاك الخارجي تعبيرا عن وجود ديمقراطية موجودة فعلا على الورق …فهل

على هذه الديمقراطية ندعى لمسابقة انتخابية تعددية بحماية المخابرات واجهزة القمع وبقضاة سبق تعينيهم من الاجهزة 

ليحققوا ارادة النظام .؟

كيف يمكن اجراء انتخابات حرة في ظل الاحكام العرفية التي تطبق على البلد منذ نصف قرن والتي تمكن الاجهزة من 

فبركةالانتخابات و إخراجها وفق المطلوب ؟

وكيف تجري الانتخابات التنافسية ولم يعد الجيش الى ثكناته ويتوقف عن القصف والتدمير وتتوقف الاجهزة عن القتل 

وتتوقف عصابات الشبيحة وما يماثلها بالمقابل عن الذبح والخطف والسرقة وكيف الانتخابات او الاستفتاء ونصف

الشعب بين مهجر ومعتقل ومقتول وخائف ؟ 

قبل كل شئ ولكي يكون التنافس حرا يجب الغاء النظام الرئاسي واعادة العمل بدستور 1950 لان الثورةقامت اصلا

للخلاص من النظام الرئاسي الديكتاتوري ولا نريد نظاما مماثلا و عندما يتحقق كل ذلك يكون للتنافس الانتخابي الاهمية 

التي تؤهل الفائز أن يدعي ان الشعب اختاره رئيسا او نائبا وما عدا ذلك ليس الا شعارات للا ستهلاك الخارجي

ولكسب الوقت وللالتفاف على الشعار الاساسي اسقاط النظام.. 

منذ 2005 استشعرنا الخطر القادم وفي مقالنا (التحديات الحقيقية للاصلاح السياسي في سورية) قدمنا الحلول ولم تكن

الثورة قد بدأت ولكن لاأحد يريد اصلاحا لأن مرض ال99% ما يزال ينخر جسم النظام. 

وفي 30-4-2011 وقبل أن تتحول التظاهرات الى الصدامات الخطرة طلبنا في مقال وزع على نطاق واسع ودعونا

رئيس النظام أن يقود رغبة الشباب في التغيير بان يعيد دستور 1950 وقانوني الاحزاب والانتخابات بموجب مرسوم تشريعي من مادة واحدة تقول ( يعاد العمل بدستور 1950 وقانوني الاحزاب الانتخاب السارية في ظله )ويحدد موعدالانتخاب مجلس نيابي حقيقي بعد ان يطلق سراح المعتقلين ويسمح بعودة المبعدين ويصدر عفوا عن السياسيين فتتوقف على الفور التظاهرات التي تطالب باسقاط النظام وبدلا من ان يكون الرئيس هدفا يتحول الى مصلح وقد يشايعه الكثيرون وربما يحصل على أكثرية نيابية تسمح بالتجديد له لمرة واحدة.

هذا العرض الاصلاحي رفضه النظام وذهب للحل الامني والقمع والاعتقالات وانتهى الى القصف بالطائرات وا لمدافع والدبابات ثم الصواريخ ولسنتين فشل في تحقيق الاستقرار وعرض استقلال سورية للخطر لأن القرار السوري المستقل صار مرهونا بموافقة الروس والايرانيين وصارت سورية ورقة من اوراقهما وعاد الصراع على سورية الذي توقف ايام الرئيس حافظ وهذا التوقف كان من انجازاته التي بعثرها النظام الحالي .

.لم يعد بعد هذا القمع الذي اخذ شكلا طائفيا في ادوات القمع واخذ الشكل المضاد في بعض تنظيمات المعارضةا

لمسلحة للأسف الشديد لم يعد سهلا المراهنة على حل سياسي ولا بد من تفكيك مخاطر هذا الشكل لكي 

تتمكن الحلول السياسية من تحقيق الانتقال السياسي لحكم ديمقراطي جديد تنبع فيه السلطة من صناديق اقتراع

حقيقية ولا تنبع من فوهات البنادق وهذا التفكيك لايتم بدون تنازلات متبادلة لا تؤدي الى تبادل الادوار بين ظالم 

ومظلوم بل الى الاتفاق على شكل و طن جديد لا يخترقه ظلم آخر ويتحول الجميع من توابع طائفية او دينية الى

توابع وطنية تأخذ حقوقها السياسية من صناديق الاقتراع . 

خلال سنتين لم تستطع السلطة مع كل قوة الجيش والمخابرات والشبيحة أن تهزم معارضة مسلحة هي الأخرى لم

تتمكن من إسقاط النظام وإن بعثرت قوا ه وكلاهما يعانيان لأن الخارج الذي دخل الساحة يريد إضعافهما معا لكي 

يقبلا بحل دولي جاهز ومطلوب يربط السلام الداخلي بمصالح الدول التي حولت الازمة السورية الى مسألة شرقية جديدة

يتأخر حلهاالى أن تتفق هذه الدول على إقتسام المصالح فيها والشعب يعاني ويموت ولا من يهتم في العالم بصراخ أطفاله.

يا أهلنا في سورية تعالوا الى ميثاق حياة جديد نتفق عليه نحن ويقوم على ديمقراطية لا يحذف منها أحدولا يقهر وجمهورية 

برلمانية وجيش لا يركب السياسة ولا يحتكرها ووطن يعطي لكل شرائحه الحق في الا عتزاز بأصولها وأديانها وطوائفها

على أن يكون الولاء للوطن أولا وهذا هو الصندوق الوطني الذي ندعو الجميع اليه بديلا عن الذبح والتدمير والتقسيم 

والتدخل الخارجي فهل إليه نذهب أم الى صندوق يحتكم اليه النظام وأجهزته والذي حول البلد الى مزارع طائفية

والى وحشية يرفضها الناس.. ؟ هذا هو السؤال .

20-1- 2013

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

حكمها في شريعة الله القتل

Egyptian Salafi Cleric Mahmoud Shaaban Calls to Kill Leaders of the National Salvation Front

Posted in English, ربيع سوريا, فكر حر | 1 Comment

التجاذب الإيراني والمصري الإخواني

عزيز الحاج

سبق زيارة أحمدي نجاد للقاهرة زيارة السيد مرسي لطهران بمناسبة قمة دول ” حركة عدم الانحياز”، وهي الحركة التي فقدت معنى وجودها منذ انتهاء الحرب الباردة. ورغم أن مرسي ألقى كلمة تندد علنا بالرئيس السوري، فإن هذا التصريح لم يكن مبررا لكي يقوم هو شخصيا بالمشاركة بدلا من وزير الخارجية أو سواه. وكان بإمكانه قول الشيء نفسه عن الوضع السوري من القاهرة أو في تصريح مبعوثه في طهران.

كما هو معروف، فإن علاقات الإخوان المصريين بخميني والخمينية تعود لقيام الثورة الإيرانية وإرسال وفد إخواني كبير لطهران لمباركة خميني بعد النجاح، وتمجيده كإمام للمسلمين. نعيد أيضا ذكر مشاركة الإخوان المسلمين في المنظمة الدولية الأصولية التي أسسها مهدي كروبي في أواخر الثمانينيات.

إن المغازلة بين مرسي ونظام الفقيه جاءت من الطرفين منذ انتهاء عهد مبارك. وفي تموز العام المنصرم أدلى مرسي لمنظومة فارس الإعلامية بتصريحات عن نية التنسيق مع إيران. ومع إنكار مرسي لما نسب إليه، فإن الإنكار نفسه جاء بصيغة ملتوية. ومعروف أن زيارات الوفود المصرية إخوانية وغيرها لإيران، راحت تتوالى قبل ذلك. ونعرف كذلك تعاطف إخوان المنطقة مع نظام الفقيه باسم القضية الفلسطينية وما شابه من لافتات.

لقد كان الأولى بالرئيس المصري، بدلا من زيارة طهران، أن يبدأ عهده بشجب التدخل الإيراني في الدول العربية، وتهديدات إيران المتكررة بغلق مضيق هرمز والمطالبة بوقف هذا النهج كأحد شروط تطبيع العلاقات مع مصر.

قبل زيارة أحمدي نجاد، كانت زيارة الجنرال قاسم سليماني السرية بدعوة من القيادات الأمنية المصرية العليا [ اقرأ من الرئيس المصري شخصيا]، وهي الزيارة التي انكشف أمرها رغم محاولات التعتيم عليها. وسليماني هو قائد فيلق القدس الإرهابي الذي يزرع خلاياه وجواسيسه وعناصر تخريبه في أرجاء المنطقة والعالم. وقد ذهب العديد من المراقبين إلى أن هدف دعوة زيارة قاسم سليماني كان في نقل التجربة الخمينية عن بناء المليشيات الرادعة والفعالة على نمط الحرس الثوري وباسدران وتهميش السلك الرسمي للشرطة والجيش. وهو ما فعله خميني في إيران بعد قيام نظامه الشمولي الطائفي التوسعي.

في هذه الظروف يرى الطرفان أن كلا منهما بحاجة للآخر. فالشارع المصري يعود غليانا، والسلطة الإخوانية تواجه صعوبات كبرى، وهي تريد الاستعانة بالخبر الإيرانية لاحتواء الموقف الداخلي وتصفية قوى المعارضة. كما تواجه مصر ضائقة مالية كبرى. وهذا ما دفع بأحمدي نجاد لعرض مساعدة مالية سخية برغم أن إيران نفسها في أزمة اقتصادية ومالية ضخمة بسبب العقوبات. فنظام الفقيه يحاول التمدد حيثما أمكن كالبكتيريا على حد وصف أحد الكتاب. وهو ينتهج مختلف الوسائل، من ترغيب وإغراءات ومن ضغوط وترهيب وتخريب، ويستهدف كسب مصر في حساباته وصراعاته الإقليمية والدولية، والتخفيف من عزلته الدولية بسبب النووي والاستعراضات التسلحية والعسكرية اليومية والتهديدات. ولعله أيضا يشعر بأن نظام الأسد يترنح فيسعى لموطئ قدم آخر كمصر، فضلا عن العراق، وهو المستباح أصلا إيرانيا.

كل من الطرفين منجذب للآخر. وإيران مستعجلة جدا. أما مرسي، فثمة من عوائق كالعلاقات مع الخليج ومراعاة الولايات المتحدة. ولكن من السابق لأوانه الحديث عن فشل مساعي أحمدي نجاد وعرضه بقيام تحالف إستراتيجي مصري – إيراني. فالطرفان يشتركان في العقلية والنهج والممارسة الشمولية والاستبدادية، المناوئة للديمقراطية. والطرفان مشتركان في اللعب بالورقة الفلسطينية ورفض الوجود الإسرائيلي برغم كل مناورات مرسي التمويهية في هذا الشأن حاليا. والطرفان، ولاسيما إيران، يثيران المخاوف في أكثر دول الخليج. فإيران تسلط خطر السلاح النووي، وتتدخل علنا في أنحاء شتى من الخليج كالبحرين والكويت وغيرهما. والإخوان ينشطون في عدد من دول الخليج، ولاسيما الإمارات والكويت، لزعزعة استقرارها ولنشر الطائفية.

إن ما كان على مرسي قوله لأحمدي نجاد قد قاله شيخ الأزهر حين طالب إيران علنا وبحضور رئيسها بالتوقف عن التدخل في الخليج وإنهاء اضطهاد سنة إيران والكف عن نشر الفتن الطائفية في المنطقة.

هذا بعض ما يمكن أن نقوله في هذه اللحظة. والتطورات القادمة ستكون كشافة. ومن جانبنا، فإننا نرى أن ما يجمع نظام الفقيه والسلطة الإخوانية المصرية أكثر مما يفرق. وحتى بالنسبة للقضية السورية، فإن الصيغة التوفيقية المهلهلة والمطاطة عن “الحوار الجدي” ستزيل أي خلاف بينهما على ما نخمن. والكثير أيضا يعتمد على التطورات السورية والمصرية القادمة، وعلى السياسات الأميركية. 

المصدر ايلاف

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 1 Comment

انحسار الدور الأميركي يقلق الحلفاء

راغدة درغام :الحياة اللندنية

معروف أن الظاهر والخفي في السياسة الخارجية الأميركية ليسا وليدَي اليوم، بل كلٌّ منهما تقليد قديم وحجر أساسي للاستراتيجية البعيدة المدى للولايات المتحدة. الإدارة المنتخبة تضع بصماتها لجهة العلاقة بين القطبين، ولجهة هويتها إن كانت «انعزالية» أو «تدخلية» أو مزيجاً من الاثنين. إدارة أوباما الثانية لها تصوّرها، الذي يجوز وصفه بأنه التدخل الخفي الحديث الذي لا ترافقه الأساطيل ولا القوات الأميركية، وإنما التكنولوجيا المتفوقة وأدوات الطائرة بلا طيار والحروب «التخيلية»

Cyber wars.

لذلك نشهد ما نراه انحساراً في الأدوار الأميركية الإقليمية التقليدية وتحولاً استراتيجياً ظاهرياً من منطقة الشرق الأوسط إلى آسيا. هذا يقلق الدول الخليجية الشريكة للولايات المتحدة، بل الحليفة لها منذ عقود، إضافة إلى القلق من غموض سياسة الرئيس باراك أوباما في إطار الصراع الإقليمي على موازين القوى، حيث ايران وتركيا ومصر والعراق وسورية والدول الخليجية تتنافس وتتموضع وعيونها على واشنطن. وبدلاً من أن يتملك الخوف والقلق سياسات هذه الدول إزاء الانحسار الأميركي في عهد أوباما، يشكل هذا التراجع فرصة مفيدة لقيادات الدول العربية المعنية للعودة إلى طاولة رسم السياسات الاستراتيجية، لتكون فاعلاً إقليمياً حقاً، بدلاً من السقوط في دوامة استيراد أمنها من الولايات المتحدة، أو التهاوي على نغم العلاقة الأميركية–الإيرانية، أو علاقة تركيا بحلف شمال الأطلسي (ناتو)، فالمنطقة العربية تشهد اليوم أهم مرحلة انتقالية وأخطرها، وهي مرحلة ستدوم لسنوات، وستكون مصيرية بكل معنى الكلمة، لأن معاركها محلية وإقليمية، والدور الأميركي فيها سيكون خفياً إنما ليس مركزياً.

الرئيس باراك أوباما سيلقي قريباً الخطاب التقليدي المسمى «حال الاتحاد»، والذي سيدرج فيه الأولويات الداخلية والخارجية للإدارة الحاكمة. واضح أن الأولوية ستعطى للأمور الداخلية التي تعنى بحال الفرد الأميركي، التي ترتبط ليس فقط بالسياسة المحلية وإنما بالدور الأميركي عالمياً. والفرد الأميركي يحبذ الانحسار والتراجع عن الانخراط في مشاكل العالم، وهذا ما يلبيه له الرئيس الأميركي، أقله ظاهرياً.

ما عكفت عليه إدارة أوباما الأولى هو «استعادة»، أو «ترميم» القوة الأميركية والنفوذ الأميركي في العالم على الطريقة «الأوبامية»: الانحسار، وليس التوسع والتدخل اللذين ميّزا سياسة سلفه جورج دبليو بوش، وأثارا استياء الأكثرية الشعبية ولكن بعد فوات الأوان وليس عند مناقشة جدوى التدخل. وعكفت إدارة أوباما أيضاً على الاستثمار في القوى الصاعدة، مثل الصين والهند والبرازيل، وخطت نحو علاقة جيدة مع الدول الكبرى المهمة، مثل الصين، وتجنبت المواجهة الجدية مع روسيا، بالرغم من الخلافات الجذرية وحروب «الفيتو» في مجلس الأمن في شأن سورية، وشددت على أهمية الانسحاب من العراق وأفغانستان في سعيها وراء إسدال الستار على الحروب «التدخلية» التي ميّزت إدارة بوش.

ووفق تعبير أحد كبار الأعمدة في صنع السياسة القومية في الإدارة السابقة والإدارة الحالية: «لقد أعدنا ترميم أرضيتنا»

We have restored our Foundation.

والآن أيضاً، في الولاية الثانية، ستكون لإدارة أوباما أولويات، منها ما هو استمراري جذرياً ومنها ما هو مختلف ظاهرياً.

ستستمر الإدارة في التركيز على الشفاء الاقتصادي، وزيادة القدرة على التصدير، وتوسيع أجندة التجارة العالمية بالذات، عبر مبادرات مع دول الاتحاد الأوروبي، بما يؤدي إلى التكامل الاقتصادي وليس فقط إلى علاقة عسكرية عبر حلف شمال الأطلسي.

وبين الأولويات الجديدة والمستجدة، السعي لأن تصبح الولايات المتحدة مع حلول 2020 أكبر مصدِّر للنفط في العالم، وهذا يعني -وفق تفكير المسؤولين الأميركيين- أن هناك فرص عمل جديدة لأكثر من نصف مليون أميركي. هذا إلى جانب نوعية النفوذ الأميركي في الأسواق النفطية، وتأثير ذلك -مثلاً- على مصير «أوبك» (مجموعة الدول المصدرة للنفط) وأهمها دول عربية، أي أن مصير النفوذ النفطي سيتحول من الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة إلى آسيا، مع أن ذلك لن يكون انسحاباً أميركياَ كاملاً من تلك البقعة النفطية الشرق أوسطية المهمة، لأنها تبقى مصدراًَ للدول الصاعدة، وبالذات الصين، التي تحتل منصب المنافس الأول للولايات المتحدة.

أما من الناحية الجغرافية–السياسية، فإن القدرة الأميركية على إنتاج النفط بهذا القدر الضخم وتصدير الغاز سيكون لهما أثر عميق في السياسة الأميركية نحو الأصدقاء، وكذلك الأعداء. فمثلاً، ستتمكن الولايات المتحدة من فرض عقوبات على إيران تدخل في صميم المعادلة النفطية من دون أن تقلق عمّن سيقوم بتغطية النقص من النفط الإيراني نتيجة العقوبات.

ما سيبقى ثابتاً في العلاقة الأميركية بمنطقة الشرق الأوسط هو التحالف مع إسرائيل، وهذا جزء من الاعتبارات التي جعلت الرئيس الأميركي يقرر أن تكون إسرائيل أول محطة زيارة له للمنطقة في ولايته الثانية، علماً أنه لم يزرها في ولايته الأولى، وأن زياراته الأولى كانت إلى تركيا ومصر في إطار تواصله مع الإسلام المعتدل لصد الإسلام المتطرف واحتوائه.

الأمور اختلفت اليوم، فزيارة الرئيس أوباما إلى إسرائيل سيكون هدفها ترميم العلاقة التي تشنجت في الولاية الأولى، بسبب الأولوية التي رفعها رئيس الولاية الأولى للنزاع الإسرائيلي–الفلسطيني وحل الدولتين.

المسألة الفلسطينية المطروحة في الزيارة المقبلة قد لا تكون تحقيق حل الدولتين، وإنما احتواء الأدوات الفلسطينية الجديدة التي أسفر عنها تصنيف فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة. هذه الأدوات تشمل أداة التحاقها بالوكالات التابعة للأمم المتحدة كدولة عضو، مما قد يؤدي إلى قطع الكونغرس الأميركي الأموال عن تلك الوكالات الدولية، كما حصل مع اليونيسكو. وما تخشاه إسرائيل والولايات المتحدة معاً أيضاً، هو التحاق دولة فلسطين بنظام روما، الذي يخوِّلها أن تتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية لترفع دعوى ضد الاحتلال والمستوطنات بصفتهما يقومان بـ «جرائم حرب» ضد الفلسطينيين.

لذلك، ستكون زيارة الرئيس أوباما إلى إسرائيل ورام الله، حيث سيلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، زيارةَ «منْعٍ» أكثر منها زيارةَ «ترميم» أو «احتواء»، والسبب أنّ توجه الفلسطينيين كدولة إلى الوكالات التابعة للأمم المتحدة أو إلى المحكمة الجنائية الدولية، سيكون سيفاً ذا حدين، حدٍّ موجَّه إلى السلطة الفلسطينية، متمثِّل في حجب الأموال الأميركية عنها بقرار من الكونغرس، وآخر محرج للولايات المتحدة، بسبب أنها قد تضطر لحجب أموالها عن الوكالات الدولية، ما سيجعلها أيضاً شريكاً لإسرائيل ضد القانون الدولي.

كيف ستتجاوب السلطة الفلسطينية مع هذه الضغوط، علماً أن عدم توجهها إلى المحكمة الجنائية لرفع دعوى ضد استمرار الاستيطان الإسرائيلي سيقضي بدوره عملياً على خيار الدولتين؟ هوذا السؤال الذي ستكون الإجابة عليه مصيرية. ماذا ستطلب السلطة الفلسطينية من الرئيس الأميركي بالمقابل؟ وكذلك ماذا ستطلب من الأمم المتحدة ووكالاتها الدولية؟ هذه أسئلة مهمة لمصير المسألة الفلسطينية ومصير النزاع الفلسطيني–الإسرائيلي.

«المنع» لن يكون سياسةً للرئيس الأميركي في ولايته الثانية مع السلطة الفلسطينية فقط، وإنما سيكون «منع» إيران، أثناء زيارته إسرائيل، من أن تصبح دولة نووية أساساً لمحادثاته فيها، فقد تعهد أوباما أثناء الحملة الانتخابية أن السياسة الأميركية لم تعد «احتواء» إيران وإنما «منع» إيران من امتلاك القدرة النووية العسكرية.

رأي كبار الفاعلين في الإدارة الأميركية أن مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم يتخذ قراراً جدياً بالتوجه إلى طاولة المفاوضات للتباحث في الشأن النووي أو الدور الإقليمي الذي تلعبه ايران وتطمح أن تحصل على تصديق أميركي عليه، فمن الدور الذي تلعبه إيران في اليمن، إلى مساندتها الملموسة للنظام في دمشق، إلى نشاطاتها المباشرة وغير المباشرة في العمليات الإرهابية، يرى هذا المسؤول الكبير أن طهران غير جدية في وقف طموحاتها النووية ودورها الإقليمي.

وهو يرى أيضاً أن لا مناص من انهيار إيران اقتصادياً، بسبب سياسة العقوبات والعزل التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها، فالصادرات النفطية تبلغ النصف الآن، والبطالة عالية جدياً، والعملة في انهيار، وليس لدى طهران القدرة على التجارة بالعملة الصعبة، وهي الأدوات التي ستستمر الإدارة الجديدة في استخدامها، إلى جانب استنزاف إيران في سورية لتصبح «فيتنامها»، إذ إنها مقتنعة بأن لا مصير للنظام في دمشق سوى الانهيار أيضاً، ففي سورية تبدو إدارة أوباما ماضية في سياسة الإنهاك المتبادل، ليس فقط بين النظام والجماعات المسلحة المتطرفة المعارضة، وإنما أيضاً بين إيران وتلك الجماعات المنشقة عن «القاعدة».

إدارة أوباما، كما أوضح أحد كبار أركانها، تشعر «أننا في نزاع مسلح مع القاعدة ومشتقاتها». هذه المعركة لا تدور فقط في سورية وانما تستعر في منطقة شمال أفريقيا بالدرجة الأولى. في هذه المعركة، سيكون «التدخل الخفي» الحديث هو العنوان الأساسي لسياسة أوباما، وليس الشراكة العلنية الظاهرة. هذه المعركة تشكل ركناً أساسياً في الحسابات الخارجية للولاية الثانية لإدارة أوباما، وبأدوات التقنية المتطورة، من الطائرات بلا طيار

drones

الى أدوات حروب الـ

Cyber،

الى أدوات الاستخبارات التقليدية والحديثة… فما تفعله فرنسا في مالي من تدخل مباشر ستتجنبه الولايات المتحدة في مختلف البقع التي تشن فيها حروبها الخفية الباطنة، بما سيترافق وما يسمى «وطأة القدم الخفيفة» في السياسة العلنية الظاهرة.

ما يجدر باللاعبين في الساحة العربية، التي تمر بمرحلة انتقالية مصيرية، إدراكه هو أن الحروب بين المسلمين هي حروبهم، أكانت الحروب بين السنة والشيعة أم بين جماعة الإخوان المسلمين والجماعات السلفية. بالطبع هناك أدوار خارجية، لكن هذه الأدوار تنمو بقدر الاستعداد المحلي لتقبلها وتنفيذها، فما يحدث اليوم بين الإسلاميين في السلطة وبين المدنيين والحداثيين، هو صراع على الدستور وعلى الحريات الشخصية والحقوق المدنية.

جريمة اغتيال المدافع عن حقوق الإنسان في تونس معارض «النهضة» الإسلامية شكري بلعيد، تشكل وصمة على جبين الإسلاميين لدى صعودهم إلى السلطة، الذي ترافق مع احتكار واستفراد وإبعاد واستبعاد للحداثيين والعلمانيين. قد يلام الغرب على تلهفه لاحتضان صعود الإسلاميين إلى الحكم بمجرد انتخابات تمت الهرولة إليها، لكن مصير المنطقة لا يأتي بقرارات وأخطاء غربية أو اميركية حصراً، إنه مسؤولية محلية.

كذلك الأمر في ما يتعلق بمصير المنطقة العربية، والخليجية بالذات، في أعقاب انسحاب الاهتمام الأميركي بها وانحسار الدور الأميركي في تأمين أمنها أو في الدخول طرفاً في المعادلة الخليجية-الإيرانية. هذه فرصة لصياغة بديل من الاتكالية، والمساهمة الفعلية في صنع المستقبل، وفي الاستثمار الجدي في المرحلة الانتقالية المصيرية.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 1 Comment

الشيخ الشعراوي

من ذا الذي لا يعرف الشيخ الفضيل فنادرا ما يخلو منه تليفزيون شرق أوسطي، يعرفه الأطفال ومن بلغ الحلم لكن عشقه يأتي من الكبار مولوه برصيد هائـــل من الولاء والحب بعد فراغ الساحة من شخص مثل عبد الناصر. في بساطة الريف وأريحيته تأتى لغته ومن سطوة المنبر والجامع يستمد هيبته ومن قدسية النص الشارح له يسحب البساط من تحت مؤخرة سامعيه وهم جلوس.

 يجلس متربعا كأنه الله في يوم الحساب لجموع بشرية شاخصة إليه من تحت قدميه لا يجرؤ أحـــد علي نبت شفه قناعة منهم بأنهم مريدين وهو العليم تبدو مهارته التي لا يباري فيها، ليس في قدرته علي توصيل نص مفحم شفاهه، إنما باستخدام لغة الجسد الإشارية التي تسبق تطوريا نطق اللسان عند بني البشر. فقسمات الوجه وحركات اليدين وتلوي الجسد ونبرة الصوت كلها أسلحة لا راد لقضائها إذا ما كان السامعون من جميع الطبقات في مصر الثورة. ما اسهل النفاذ من خلالهم ببساطة بعد عشوائية وارتباك الحراك الاجتماعي والسياسي في الحياة المصرية لاربعين عاما مضت.

 في شرحه يزاوج المقدس بالشعبي والفصحي بالعامية يهزم الباطل بكلمــات يتطهر معها السامعين في مغسل الجمعة من كل أسبوع. هو واحد منهم ومتعال عنهم ما يقوله هو نفس ما يجول بخاطرهم قياما وقعودا وعلي جنوبهم فياله من توكيـــد لذواتهم العليلة وتصديقا لمكنون فكرهم المريض. يأتيهم من فوق منبر ويتحدث نيابة عمن هو في علين. هكذا تسقط الحواجز الداخلية التي تخفي شبهة شك فيما هم به مؤمنون. ويخرج المريدون في رضا مبددين شكوكا. لكنهم يعيدون الكرة كل أسبوع لاسباب لا تخفي علي لبيب. فما كان مبهما في أذهانهم أصبح راسخا وما كانوا فيه من شك بات إيمانا ويقينا دون أي إضافة من الشيخ الجليل. ويتكرر العرض من كل أسبوع بتكرار قهري ووسواس. هكذا يصبح خطاب الآخرين اسفل المنبر وخارج الجامع وفي المدارس والجامعات من لغو الحديث يجهد العقول ولا يرضي السامعين من كفر بواح وجهل المدعين.

 إنهم العوام بعد تعليم مجاني وتأميم وبعد العمل عند الرأسمالي الكبير الدولة ذاتها. إنها الطبقة الوسطي انتقلت من ريف إلى حضر حاملة معا قيم الزراعة القديمة التقليدية إلى مدن لاهية يحكمها تقسيم عمل لا بطأ فيه. جاءوا بازيائها الملوثة بطين الحقل وروث البهائم. وجلس علي المنبر من بدي مظهره نظيفا وكانه العمدة في اوطانهم التي رحلوا عنها. ازدحمت بهم المدن بالإنجاب الريفي الذي لا يعرف الحدود. هكذا ضاق الرزق فارتدوا إلى عمال تراحيل موسميين في بلاد النفط بعد فقدانهم مهارة الزراعة في موطنهم الأصلي وعجزهم عن اكتساب قدرات الصناعة رغم حملهم شهادات موثقة بأنهم متعلمون.

شدد الشيخ وحذر وهدد دوما وأنذر علي ألا ينصت المريدين لأي معرفة خارج ما يلقيه علي سمعهم. فهو من العلماء إن لم يكن كبيرهم وباعتراف النص يخشون ويخشي منهم . إنها النخبة في عليائها، تعكسها وتصنعها حاجة المريدين الملحة بسبب فقرهم العقلي بعد أن خبت الثورة التي صاغت وضعهم المتدني وصاغت أيضا مقام النخبة.

يلجأ الحواة إلى حيل تبدوا معجزات يهيم بها المشدوهين من المتفرجين أملا في أن تكون حقيقة قابلة للتحقق يوما فربما تحل مشاكل وتنفك عقد دون أثمان تذكر. وجد الشيخ ضالته عندما تحققت المعجزة وبشهادة الجالسين في حضرته وقت أن تحول بدو الصحراء، وهم دون الريف، إلى ما بعد الحداثة برائحة النفط وأرصدة البنوك ذات البأس، فهم لم يشقوا ترعة ولم يفلحوا حقلا ولم يتسطحوا قطارا ولم يعملوا في مصنع ولم يتظاهروا في نقابة ولم ينسحبوا في كل مرة من سيناء لم يسددوا فاتورة واحدة وحصلوا علي كل شئ إنها معجزة المعجزات فيالها من عصا مغشوشة تلك التي كانت بيمين موسى.

لقد اشتروا واجروا جيوشا تحارب عنهم ولهم، في طاعة وأدب لتأديب المرتدين في القاهرة و بغداد والحواضر العربية بعد أن أصـــابهم فساد الريف وفســق المدن وتأديبا لهم علي اللعب بالقوميــة والكلام بأيديولوجيات غير موحى بها، تنضح بالكفر والعياذ بالله.

هنا وجدت رثاثة المدن ضالتها في شيخ يفسر كل شئ دون تناقض واحد. لقد أعطاهم ما يسوغ به وجودهم ومعرفتهم ويردد أيضا صدق ما أتت به الصحراء يوما معطيا أصحابها شهادة منشأ جديدة بعد انتهاء الصلاحية وإحساس مرير بمهانة الإملاق والعوز، إنه الريفي الغريب يشهد للبدو بالتفوق علي قومه أجمعين. هكذا تولد عقد النقص والإحساس بالدونية. إنها نفس الأهداف التي جاءت بذات الشيخ بترشيح نخب ثــورة وطنه. إنها المعادلة التلفيقية العامة لقوانين الاستبداد السياسي بتلفيق العلم والإيمان، الثورة والخضوع، النضال والطاعة، المعرفة والجهل. معادلة تشوه الجميــع ومحصلتها صفرا.

هكذا قدم الشيخ، الكاريزمي الشخصية، وصفته السحـــرية لرديف الريف وسكان المدن وكافأته السلطة السياسية لوصله ما انقطع تأثيره بعد أن خسرت كثيرا من أوراقها في مسلسل هزائم أمام ربيبه الاستعمار وليس الاستعمار ذاته فقام الشيخ بدور ورقة التوت الغالية إنها أدوار الترغيب والترهيب ، العصا والجزرة ، الميثاق والقرآن.  محمد البدري (مفكر حر)؟

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

طربوش فارس الخوري

نسمات لاذعة يكتبها : زهير دعيم

تمطّى صديقي في كنبته بُعيْدَ عودته من رحلة قصيرة إلى عمّان، العاصمة الاردنية ، تمطّى ضاحكًا وقال : لقد اكتشفت يا صديقي انّ للسُمنة ضريبة ما عرفتها من قبل ، فقد عرفت ضريبة ضغط الدم المُرتفع والدّهنيات و…و… أمّا انّ هناك ضريبة البنطلون فما عرفتها الا في الايام الاخيرة –ربما كانت وانا ما جرّبتها- …نعم عرفتها وتعرّفت عليها في عَمّان. فقد بحثتُ طويلاً في حوانيت العاصمة الاردنية حتّى اهتديت الى بنطال يلائم مقاسي ، وفوجئت حين طلب البائع سعرًا أعلى بكثير من سعر البنطلون العادي ، مُتذرّعاً بأنني لن أجد هذا المقاس في كلّ حانوت ، فاضطررت لشرائه .

غرقت في الضحك وقلت لصاحبي : “كان عليك ان تفعلَ كما فعل فارس الخوري قبل عشرات السنين .

من هو فارس خوري هذا وماذا فعل؟

فارس خوري يا صاحِ أشهر من نار على علم ، أنه رجل قانون وأدب وسياسة سوري تولّى رئاسة الحكومة السورية من سنة 1945- 1954 وابنته الكاتبة المُبدعة كوليت خوري ، كان رحمه الله رأساُ كبيراً في كلّ شيء!!

كان رأسًا كبيرًا في الحجم وفي السياسة وفي الادب وفي الحقوق…اهترأ طربوشه او كاد ، فارتأى ان يشتريَ طربوشًا اخر َجديدًا ، فبحث في دمشق وفي كل حوانيت سوق الحميدية لعله يجد طربوشًا بمقاس رأسه إلى أن اهتدى أخيرًا الى ضالّته المنشودة لدى احدهم ، فحدثت مساومة جميلة بينه وبين البائع ، فقد طلب هذا سعرًا عاليًا قائلاً : ” انصحُكَ بشرائه بالثمن الي اطلبُ ، فلن تجدَ في السّوق كلّه طربوشًا بهذا الحجم .

فرد الخوري ببسمته الحنطية المعهودة : ” بل نصيحتي لكَ ان تعطيه بالثمن الذي اعرضُ ، فانك لن تجد في سورية كلّها رأسًا بهذا الحجم !!”.

غريب امر هذه الايام ، فالكل يريد ان ينتهز الفرصة وان ينقضّ على “فريسته” دون ان يفكّر في طينة هذه الفرصة، وما مدى حلالها، ومن هي الضحية ، فيُخيّل اليك ان ميكيافيلي الجديد يتربّص بكَ في كل ركن وفي كل زاوية ، تارةً في الحانوت واخرى في المصرف ، وطورًا في المدرسة والمكتبة والكلّية والشارع ، وعن طريق الهاتف ، الذي يُزعجك خمسًا في اليوم الواحد وعلى الطرف الآخر ، صوت أنثوي ولا أحلى، يُخبركَ بأنك فُزْتَ-هكذا-بالقُرعة برحلة الى اسبانيا ، او انك مدعو ٌللانضمام إلى عائلة تأمين الحياة وتأمين الدراسة الجامعية لاولادكَ.

الكلّ يريدُ ان ينتهز الفرصة ، وان يربح بأهون السُّبل وبالطريقة الأمريكية …بطريقة أنت الساذج تدفع ونحن نتدبّر،انت تدفعُ ونحن نتظلّل افياء النعيم ، وبعدنا الطوفان !!

لقد بات الأمر مُزعجًا ، ويدعو الى اليقَظة والانتباه والحيْطة، ويُحتّم علينا ان نصحوَ ونتيقظَ خاصةً في هذا الظرف الاقتصاديّ العصيب نوعًا ، والذي

ُيشجّع على أعمال الاحتيال والنصب والربح السريع، البعيد عن بذل الجُهد ، كما ويُشجّع على الركون الى مُخصصات البطالة ، تاركين النشاط والمُثابرة جانبًا ، ملتجئينَ الى الذّل نشربه بإرادتنا من كأس التأمين الوطني!.

انّ في العمل حياة وحياة وكرامة، وفي الكسل مهانة ما بعدها مهانة ، وفيها ايضًا جريٌ حثيث ٌ خلف أساليب ملتوية ٍيمقتها الله والحِسّ وينهى عنها الضمير الحيّ …وقديماً قالوا التدبير نصف المعيشة، وامّا اليوم فنقول ان اليقظة اكثر من نصف المعيشة!!.

زهير دعيم (مفكر حر)؟

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

إيران: الثوار القدامى يبدون الندم

أمير طاهري: الشرق الاوسط

مع استعداد الإيرانيين للذكرى الرابعة والثلاثين لصعود آية الله الخميني إلى السلطة، بات نمط جديد من الجلد المعنوي للذات هو الاتجاه الشائع في الأوساط الثورية.

ويتجلى هذا في المقالات والقصائد والخطب والمقابلات التي يتم تناقلها في وسائل الإعلام والمدونات. ويتزعم اتجاه جلد الذات مثقفون إسلاميون ويساريون لعبوا دورا في «الثورة الإسلامية».

يشير ثائر تخالجه مشاعر الندم إلى أنه لو لم تخُض إيران تجربة الثورة لصارت الآن قوة اقتصادية رئيسية تنعم بمستويات معيشة مرتفعة وحريات اجتماعية وثقافية واسعة النطاق. أما ثائر نادم آخر، وهو شاعر، فقد نظم قصيدة يرثي فيها قيام الجمهورية الإسلامية، ناعتا ذلك بـ«الكارثة القومية».

قد يتفق المواطن العادي مع هذا الرأي، ففي المقام الأول تقدم قيادة طهران مشهدا محبطا.

في الشهر الماضي، حذر «المرشد الأعلى» علي خامنئي نبلاء النظام من أنهم إذا ما أشعلوا توترا بمهاجمة بعضهم بعضا، لاعتبرهم خونة. غير أن هذا تحديدا ما فعله الرئيس أحمدي نجاد ورئيس مجلس الشورى، علي لاريجاني، الأسبوع الماضي أثناء جلسة علنية لمجلس الشورى الإسلامي، الذي يعد بديل البرلمان في إيران. قام أحمدي نجاد بتشغيل الشريط الذي تم تسجيله سرا لاجتماع وعد خلاله أحد إخوة لاريجاني رجل أعمال بأن يأتي له بعقود حكومية مقابل رشوة قيمتها 20 مليون دولار (ومنذ ذلك الحين، تم عرض فيديو مسجل سرا لواقعة الرشوة على موقع «يوتيوب»، وهو العمل الذي يفترض أنه قد تم من قبل أحمدي نجاد).

وانتقم لاريجاني بالإطاحة بأحمدي نجاد من المجلس. وجاء انتقام صادق، الأخ الأكبر للاريجاني، الذي يرأس النظام القضائي، ممثلا في اعتقال سعيد مرتضوي، وهو شخصية ظل مقربة من أحمدي نجاد، بتهم غير محددة (تم إطلاق سراحه بعد 48 ساعة). وذهب علي مطهري، صهر لاريجاني وعضو مجلس الشورى الإسلامي، إلى أبعد من ذلك وأشار إلى أحمدي نجاد بوصف «الخائن».

وسارت صحيفة «كيهان» اليومية، التي تنقل آراء «المرشد الأعلى»، على النهج نفسه باتهام أحمدي نجاد بـ«الخيانة العظمى». ونظرا لأن سلفي أحمدي نجاد، رافسنجاني وخاتمي، كانا قد اتهما بالخيانة العظمى أيضا، فإن هذا يعني أنه على مدى ربع قرن سيطر على مقاليد الحكم في الجمهورية الإسلامية زمرة من الخونة.

يسير صراع السلطة في طهران على نمط عصابات المافيا، من خلال قيام الرئيس بتسجيل شرائط لمعارضيه من دون إحالة جرائمهم للسلطات القضائية. وعلى غرار أسلوب عصابات المافيا أيضا، يقوم معارضو الرئيس باختطاف، وفي بعض الأحيان اغتيال، الأشخاص المقربين منه كوسيلة لضمان انسحابه أو التزامه الصمت.

ويزعم أحمدي نجاد أن أسرة لاريجاني تعمل كتشكيل إجرامي، موظفة بعض أجهزة الدولة. وجاء رد فعل أسرة لاريجاني في صورة اتهام لأحمدي نجاد بإدارة تنظيم سري متورط في «سرقة» الخزانة الوطنية. ومن المؤكد أنه من الصعب التحقق من صحة مزاعم كلا الجانبين.

وعلى الرغم من ذلك فإن هناك أمرا مؤكدا، ألا وهو أنه بينما دخلت الفصائل المتناحرة في صراع محموم على السلطة، تبدو الدولة على نحو متزايد أشبه بسفينة بلا ربان تسير في بحر هائج.

وبوضع جميع الحقائق المذكورة في الاعتبار، نجد أنه ليست القضية الجوهرية هي تحديد ما إذا كان يجب أن يضطلع بمسؤولية إدارة الجمهورية الإسلامية «التشكيل الإجرامي» لأسرة لاريجاني أم «دائرة الخيانة» التي يتزعمها أحمدي. القضية المحورية هي ما إذا كان بمقدور الجمهورية الإسلامية، التي تعتبر عملاقا هجينا أنشأه ملا شبه أمي، أن تعكس آمال وطموحات إيران في القرن الحادي والعشرين على الوجه الأمثل.

لن تفاجئك معرفة أن إجابتي هي «النفي» القاطع. أثق بقوة في أن الثورة الخمينية كانت خطأ كارثيا. وعلى الرغم من ذلك فإنه في ظل كونها حقيقة واقعة الآن تعتبر جزءا من التاريخ، ومن ثم فإن موجة جلد الذات الحالية لن تجدي نفعا. قد يجعل الندم الثوار يشعرون بالارتياح تماما كما يشعر الآثمون بالتطهر حينما يعترفون بذنوبهم. ومع ذلك فإن هذا لن يخاطب المبادرات السياسية الإيرانية الحالية والمستقبلية. بعد ثلاثة عقود من الاحتكاك المباشر بالنظام الخميني، توصل الإيرانيون إلى حكم مؤكد عليه. وعلى الرغم من ذلك فإن الحكم النهائي سيصدره التاريخ.

ما يهم الآن هو الوضع الحالي للأمة، في ظل قيادة مزقتها مشاحنات على نمط حرب المافيا وكيان سياسي معد للدفع بالدولة إلى طريق مسدود. يبدو الاقتصاد في وضع حرج، كما أن قيمة العملة الوطنية آخذة في التراجع. يغادر كثيرون، من بينهم مسؤولون كبار سابقون، الدولة حاملين معهم حقائب سفر مليئة بالعملات الأجنبية. ويوميا يفقد أكثر من 1000 شخص وظيفته. في الوقت نفسه يتم استغلال أشخاص لا ناقة لهم ولا جمل في إدارة انتخابات رئاسية أخرى مزعومة. إن سياسة خارجية متقلبة تزج بالدولة إلى نزاعات وربما إلى حرب. يتم تبديد الموارد التي يحتاج إليها الوطن أمسّ الحاجة على دعم الطاغية السوري المحكوم عليه بالسقوط وتجنيد مغامرين أمثال حسن نصر الله في لبنان ونظرائه من الجهاديين الإسلاميين في غزة.

إن السؤال المثير للاهتمام ليس هو ما إذا كان القيام بثورة بمثابة خطأ، على غرار ثورات أخرى في التاريخ، حدثت ثورة إيران في عام 1979 نظرا لأنه لم يكن بمقدور نظام الشاه توفير آلية فعالة للإصلاح لتفعيل التغييرات الضرورية. على نحو صائب أو خاطئ، وفي رأيي خاطئ، شعر كثير من الإيرانيين بأنهم مثل رجل يقف في شرفة بمبنى تشتعل فيه النيران ويلقي بنفسه منها بدافع اليأس، ربما ليلقى موتا محققا، فرارا من ألسنة اللهب.

إنما يتمثل السؤال المثير للاهتمام في ما إذا كان النظام الخميني قد دفع بنفسه إلى دائرة مغلقة أيضا أم لا. إن رفضه التام قبول أي معارضة، بما فيها المعارضة الموالية من قبل أشخاص على شاكلة موسوي وكروبي، وعجزه عن وضع استراتيجية قومية موثوق فيها، مع تماديه في العجرفة، عوامل من شأنها أن تضخم من حجم التبعات الكارثية لفقدانه الأهلية.

اليوم، يتمثل السؤال الذي ينبغي أن يفكر فيه الثوار النادمون وآخرون في قدرة إيران على الخروج من عنق الزجاجة الحالي من دون تغيير آخر في النظام من عدمها.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment