ألغاز العلاقة الناصرية المرتبكة بالمخابرات الأميركية

الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر وزوجته تحية

الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر وزوجته تحية

الانقلاب العسكري يفقد الشرعية، لاعتماده القوة في الاستيلاء على السلطة. الانقلاب يلغي السياسة، ويعتمد الفاشية الأمنية، وهو لا يستخدم العنف لإرهاب خصومه وأعدائه، وإنما أيضا لتصفية الخلاف بين قادته. والانقلاب على الانقلاب سهل، لأن قائد الانقلاب لا يملك شرعية النظام الديمقراطي، ولم يأتِ عبر سلطة شعبية منتخبة تدعم شرعيته.

أشرت في حديث الثلاثاء السابق إلى رواية صديقي الراحل نذير فنصة، مدير مكتب المشير حسني الزعيم، قائد أول انقلاب كلاسيكي في سوريا، كان اللواء سامي الحناوي، رئيس الأركان وقائد الانقلاب الثاني، يرقص لتسلية وطمأنة قائد الانقلاب الأول، ثم غدر به. جيء بحسني الزعيم ورئيس حكومته محسن البرازي بالبيجاما حافيين إلى ساحة الإعدام. شاهد فنصة المأساة. أطلق ثلاثة ضباط شباب (سني، علوي، درزي) الرصاص على الرجلين دون محاكمة.
كان استقلال سوريا ولبنان (1946) إنجليزيا! ماطل الرئيس ديغول بالانسحاب فهدده الإنجليز بالزحف إلى البلدين. وكان الانقلاب الأول «أميركيا»، وكان انقلاب سامي الحناوي «إنجليزيا» يستلهم العون من عراق غير مستقل! وكان الانقلاب الثالث «أميركيا» بقيادة أديب الشيشكلي. 3 انقلابات في سنة واحدة (1949)، ثم قتل القادة الـ3، قتل سامي الحناوي في بيروت برصاص شاب من أسرة البرازي، انتقاما لمقتل محسن البرازي، وقتل أديب الشيشكلي في منفاه بالأرجنتين، برصاص شاب درزي، انتقاما لاجتياح الشيشكلي جبل الدروز بالدبابات.
الديمقراطية نبتة رقيقة تفقد براءتها بمجرد الشبهة. كان الرئيس شكري القوتلي ديمقراطيا، ناضل بشجاعة من أجل الاستقلال، حكم (1943)، ولم يكن يملك الثقافة السياسية لمتابعة التحولات الاجتماعية والسياسية المتسارعة، ظل معتمدا على زعماء الأحياء القديمة كقاعدة شعبية له، بينما تشكلت أحزاب سياسية جديدة استقطبت الشباب والطلبة قاعدة سياسية لها.
داوى القوتلي نظامه بالتي كانت هي الداء، سمح لتجار طبقته البورجوازية والأرستقراطية الدمشقية باستثناءات تجارية واقتصادية، وبمس عذرية الانتخابات الرئاسية والتشريعية (1947)، فمهد الفساد للانقلابات الكلاسيكية.
حكم حسني الزعيم 137 يوما، وحكم أديب الشيشكلي 5 سنوات، فكان هو الذي أرسى الانقلاب قاعدة للحكم، وأجهزة المخابرات أدوات للهيمنة بالعنف والقوة. أخرج عبد الناصر ضباط السياسة من الجيش السوري، فقاد الانقلاب عليه ضباط الطبقة التجارية الوسطى الدمشقية (1961). عاد ضباط الآيديولوجيا البعثية والناصرية. وقلبوا انقلاب دمشق (1963). صفى البعثيون الناصريين، فدشن ضباط البعث الطائفي (العلوي) حكم الأب والابن منذ 44 سنة، فأنتجوا جيلا سوريا متأسلما يريد فرض دولة دينية، على مجتمع يضم 18 دينا، وطائفة، ومذهبا!
بعد الفشل في سوريا، وخيبة الأمل بالشيشكلي والزعيم، توجه ضباط المخابرات «العروبيون» إلى مصر، فأبدوا إعجابهم بجمال عبد الناصر وذكائه، وتعاطفوا مع مشروعه القومي، ورأوا فيه «بطلهم» الجاد لتوحيد العرب، وللتنسيق مع أميركا في مكافحة الشيوعية، ولتبديد سوء التفاهم مع رؤسائها، وإدارتها، وطبقتها السياسية.
أترك هنا المؤرخ والباحث هيو ويلفورد، ليروي تفاصيل علاقة عبد الناصر بالضباط «العروبيين»، وذلك من خلال الوثائق الرسمية الأميركية، وكتب ومؤلفات هؤلاء، لأطرح سؤالا ما زال يثير مواقف أنصار القومية العربية وخصومها من عبد الناصر ومشروعه القومي الوحدوي: هل كان الرجل عميلا للمخابرات الأميركية؟
السؤال مؤلم لإنسان عربي لم يعمل في السياسة، لكن ارتبطت حياته بأمل الوحدة، كخلاص للعرب من الانقسام، والضعف، والهزائم المريرة، وتسييس الدين الذي انتهى بالانتفاضات إلى هذا الاقتتال بأبشع صوره الدامية. نعم السؤال مؤلم لي كشاهد على عصر بدا فيه عبد الناصر مكرسا حياته ونظامه لخدمة مصر والمشروع القومي، وبالتالي ليس هناك من داع للتشكيك بالرجل.
لكن رواية ويلفورد المحايدة لتفاصيل العلاقة المخابراتية مع الناصرية، من خلال الوثائق الأميركية وحدها، لا تكفي للحسم، وهي تترك المجال واسعا للتشكيك، وللاتهام، وللنفي. والمؤسف أن ويلفورد لم يطلع على الوثائق البريطانية والفرنسية التي تتناول العلاقة الغربية بالناصرية، في مرحلة الأربعينات والخمسينات، مع غياب تام للوثائق العربية، لعدم الجرأة الرسمية على نشرها، وندرة المذكرات الصريحة للعسكر والساسة العرب.
من هنا، أحاول الإجابة عن السؤال من خلال مراجعة ودراسة التفاصيل الطويلة التي قدمها ويلفورد، فأقول إن عبد الناصر امتلك من الجرأة ما يكفي للظهور، على الأقل، أمام ضباط مجلس قيادة الثورة، مع هؤلاء «العروبيين»، وفي مقدمتهم كبيرهم كيرمت روزفلت، ومعاونه مايلز كوبلاند.. من دون أن يشعر بأي حرج، ولم يبدِ ضباطه أي اعتراض على هذه الصداقة، لإيمانهم العميق بإخلاص عبد الناصر لوطنه وأمته، ورأوها تتجاوب مع رغبتهم هم أنفسهم بإقامة علاقة مع أميركا، لعصرنة مصر، وتنمية اقتصادها، وتبديد سوء التفاهم مع إدارتها الناشئ عن دعاية الصهيونية اليهودية ضد مصر، والعرب، وناصر.
بل كان أعوان عبد الناصر، وفي مقدمتهم محمد حسنين هيكل، يشجعون ضباط المخابرات الأميركية على إرضائه والتجاوب مع «لذائذه» الرأسمالية المتواضعة. كحبه للثقافة الشعبية الأميركية، وبالذات الأفلام، وشطائر الـ«هوت دوغ». مع نصيحة كيم لصديقه المصري، بأن يبتسم قليلا أمام الصحافيين.
غير أن الصدام بين عبد الناصر وإدارة الرئيس آيزنهاور بالذات يسقط كل الشكوك بعلاقته بالمخابرات الأميركية: معارضته لحلف بغداد الإنجليزي (تركيا، العراق، إيران). إصرار عبد الناصر على تسليح مصر بالسلاح الروسي، بعد غارات شارون على الحاميات المصرية في غزة وسيناء، وتحليق الطيران الإسرائيلي في سماء القاهرة، ثم إسقاط ناصر لمحمد نجيب الراغب في التعاون مع «الإخوان المسلمين» الذين غدوا في عصر الرئيس أوباما أعزاء على قلب أميركا.
تتابعت الاستفزازات المتبادلة: سحبُ البنك الدولي العرض الجزئي لتمويل السد العالي (200 مليون دولار). تأميمُ عبد الناصر للشركة الأنغلو – فرنسية التي تدير قناة السويس. رفضُ عبد الناصر مواصلة المحادثات السرية غير المباشرة مع إسرائيل بعد كشفه عملاء الموساد من يهود مصر الذين خربوا بعض المصالح الغربية.
كل ذلك يبرئ عبد الناصر من علاقة الصداقة المرتبكة مع ضباط المخابرات الأميركية، لكن هل كان حقا هؤلاء الضباط صادقين في النيات تجاه مصر، وعبد الناصر، ومشروعه القومي الوحدوي؟ شخصيا أميل إلى الأخذ بحكاية التعاطف، مشيرا إلى نجاح كيم روزفلت، في وساطته السرية، لعقد معاهدة إنهاء الاحتلال البريطاني لمصر (1954). ثم بجهده المتفاني في مكافحة الصهيونية الأميركية، وإنشاء جمعيات خيرية، وثقافية، وسياسية، مولتها المخابرات الأميركية ضد اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، وتقديمه مساعدة اقتصادية وتنموية لمصر، مع «رشوة» لعبد الناصر بـ3 ملايين دولار. أغضبت الرشوة عبد الناصر، فأمر بصرف المبلغ على بناء برج على ضفة النيل.
حكمت الحيرة والذبذة إدارة آيزنهاور/ جون فوستر دالس. الجنون فنون. جُنَّ رئيس حكومة بريطانيا العظمى أنطوني إيدن بعد تأميم قناة السويس، فدبر مؤامرة الحرب الثلاثية مع فرنسا، الجمهورية الرابعة، وإسرائيل. فشلت الحرب في إسقاط ناصر. جن آيزنهاور لإخفاء مؤامرة الحرب عن أميركا (سيدة القرن الـ20)، فأجبر الدول الـ3 على الانسحاب. جن جون فوستر دالس بعدما أصبح ناصر أحد زعماء العالم الثالث بعد حضوره مؤتمر عدم الانحياز في باندونغ الإندونيسية، واعترافه بالصين الشيوعية، فأمر بالقطيعة المخابراتية والسياسية مع مصر.
على أنغام موشح صباح فخري، لم تكن المخابرات الأميركية بعيدة عن «بعض الجنون»، فقد طوى الضباط «العروبيون» أحزان الصداقة مع عبد الناصر، وانصاعوا لأوامر الوزير جون فوستر دالس، بإدارة عمليات ضد شعبية ناصر ومشروعه القومي، بالتعاون مع المخابرات البريطانية في العراق، ولبنان، وسوريا، فسبقهم انقلاب قاسم/ عارف في العراق (1958). هنا تقول وثائق المؤرخ ويلفورد إن محاولة صدام حسين الفاشلة لاغتيال قاسم كانت بتدبير مخابراتي أميركي.
في لبنان، عانى كميل شمعون من مخاض علاقته البريطانية، فقامت ثورة ناصرية صغيرة على محاولته تمديد ولايته، فنزلت قوات أميركية لحمايته من «جنونه»، ومن يومها (1958)، دخل لبنان تحت المظلة الأميركية، إلى أن اقتلعها جنون المخابرات الإيرانية التي صفت عملاء المخابرات الغربية، بالتعاون مع المخابرات السورية في الثمانينات.
أما في سوريا، فقد تورط «العروبي» آرتشي (ابن عم كيم روزفلت) مع «تاجر» انقلابات يمينية، فسلفه نصف مليون ليرة سورية للتحضير لانقلاب يعيد أديب الشيشكلي رئيسا.
قبض السياسي الإقطاعي ميخائيل ليان المبلغ، واختفى من سوريا. زميل آرتشي، هوارد ستون، وقع ضحية ضابط دبابات سوري عميل لعبد الحميد السراج، مدير المخابرات العسكرية، فطرد وسط جلجلة دعائية ضد أميركا، في لحظة بدت دمشق مستعدة لاستقبال عبد الناصر رئيسا لجمهورية الوحدة المصرية/ السورية.
ماذا حدث لأميركا؟ أصيب آيزنهاور بنوبة قلبية، فأعلن هدنة مؤقتة في حرب أميركا مع عبد الناصر. استقال جون فوستر دالس احتجاجا على السرطان الذي فتك به بعد شهر من الاستقالة. استقال الضباط «العروبيون» من الـ«سي آي إيه» احتجاجا على أخطاء دالس العربية. عملوا سماسرة لدى الشركات النفطية والمتعددة الجنسية في العالم العربي، كسبوا مالا لكن ماتوا غما، بمن فيهم مايلز كوبلاند الذي حافظ على صداقته مع عبد الناصر. أما آرتشي روزفلت فقد تقبل سخرية حلاقه منه في «وول ستريت»، فقد سماه «مستر روكفلر».
نقلا عن الشرق الاوسط

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

فقط للسوريين .. إذا مو سوري لا تقرا .. ما رح تفهم شي

damsyriaتعابير سورية .. مصطلحات سورية بتشل …

نخلعت كتافي من النتع
تكسّرت رجليي من المشي
طئت خواصري من الضحك
تشرطت حناكي من المتاوبة
طق ضهري شقفتين من الشغل
صار ألبي بين رجليي
نط ألبي من محلو
انعمى على ألبي
غلي ألبي عليك
داب ألبي
دبل فؤادي
طار عئلي
زحل عئلي
ملص عئلي
طارو ضبنات عقلي
طلع على لساني شعر
طلع بلعي
انئصف عمري
فرطت أعصابي
ساخت ركبي
اجتني جلطة سفر سنة
متت من رعبتي
طلع الدم لراسي
انسلئ بدني
انهز بدني
ألبت أد الكمشة
صارت عضامو مكاحل
فطست من الشوب
متت من بردي
انسدت كل الطرقات بوشي
انتزع مرائي
طف ريئي
طاشش حلئي من الشوب
ساخ بزر مخي
تأبر عضامي
تأبشني أبوشه
تطلع على قبري
تروح فرم ..
يأمعوكي ..
تشكل آسي
لك يئبرني رب سووووووريا أنا شو بحبااااا

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

الغامدي وزوجته كاشفة الوجه بعد 1400 سنة يمكن للمرأة ان تضع المكياج ايضاً في الاماكن العامة

 الشيخ “أحمد الغامدي” رئيس سابق لفرع مكة المكرمة لسلطة هيئة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”  ظهر على  تلفزيون “ام بي سي”  السعودية مع زوجته ” جواهر بنت الشيخ علي” كاشفة الوجه من دون النقاب، وقال إن الحجاب كان فريضة فقط على زوجات النبي محمد. شغل الشيخ الغامدي عناوين الصحف مؤخرا عندما قال أن المرأة يمكن ان تكشف عن وجهها وتضع الماكياج في الأماكن العامة.

Saudi Sheik Ahmed Al-Ghamdi, former head of the Mecca chapter of the Authority for the Promotion of Virtue and the Prevention of Vice, appeared on Saudi MBC TV on December 12 with his unveiled wife, Jawaher bint Al-Sheikh Ali, and stated that the veil was obligatory only for the Prophet Muhammad’s wives. Sheik Al-Ghmadi made headlines recently when he stated that women may reveal their faces and wear makeup in public.

saudimakeup

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

DNA- محور الممانعة والغارة الاسرائيلية على سوريا 15/12/2014

DNA- محور الممانعة والغارة الاسرائيلية على سوريا 15/12/2014
proudlebaness

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

تساؤلات مشروعة تطرق أبواب ممنوعة!

sistaniعلي الكاش كاتب ومفكر عراقي

إن شمول داعش بالإرهاب وإستثناء الميليشيات الشيعية منه أثبت بما لايقبل الشك إزدواجية المعايير عند الولايات المتحدة الأمريكية والغرب والأمم المتحدة بل العرب أيضا في التعامل مع مسألة الإرهاب ـ ولسنا بصدد الدفاع عن تنظيم الدولة الإسلامية مطلقا ـ مع إن مسيرة الإرهاب الميليشياوي الشيعي مستمر منذ الغزو الأمريكي للعراق ولحد الآن مع إختلاف المسميات، إبتداءا من جيش المهدي وإنتهاءا بالحشد الطائفي. والحرب الأهلية عام 2006 لا يزال مذاقها مرُ في فم أهل السنة، مع أن الأمن الداخلي والخارجي حينها كانا من مسؤولية قوات الإحتلال حسب القانون الدولي، لكنها سمحت للميليشيات الشيعية والجيش والشرطة وبقية الأجهزة الأمنية بإبادة جماعية لأهل السنة والقتل على الهوية، ولم تُعتبر تلك الأفعال الوحشية والإبادة الجماعية نوعا من الإرهاب! مع إنها تصنف إرهابا وفق التعريف الدولي والامريكي للإرهاب. عرفت أمريكا الإرهاب وفقا لقانونها

( U.S Code. Section 2656f”d” )

بأنه العنف المتعمد المدفوع بعوامل سياسية والمرتكب ضد أهداف مدنية على أيدي جماعات لا تتمتع بالمواطنة أو عملاء سريين، ويكون هدفه عادة التأثير في جمهور معين”. يقول تشومسكي” عندما تتطور أزمة إنسانية فهناك ثلاثة خيارت متاحة لغير المتورطين بها، الاول العمل على تصعيد الكارثة، والثاني الامتناع عن عمل أي شيء، والاخير محاولة تخفيف الكارثة”. والحقيقة إن قوات الغزو الامريكي إستبعدت الخيار الثالث عام 2006! فكانت المجزرة الكبرى.
الإرهاب الذي مارسته الميليشيات لعشر سنوات ضد أهل السنة كان لا بد أن يُولد إرهاب مقابل يساويه في القوة ويعاكسه في الإتجاه. وحتى لو إفترضنا جدلا إن تنظيم الدولة الإسلامية سينتهي بعد سنتين كأقل تقدير وثلاثين سنة على أبعد تقدير حسب التحليلات الدولية، فهذا لا يعني إنتهاء التطرف المذهبي في المنطقة أو عقم الحركات الدينية المتطرفة. ربما القادم أقوى وأعنف من داعش طالما إن جزاري بغداد ودمشق ونظام الملالي الحاكم في طهران وخدامه في النجف يصبون الزيت على نار التحريض الطائفي. إن الإرهاب يولد إرهاب، والظلم يولد إرهاب، والطائفية تولد إرهاب، والفساد الحكومي يولد إرهاب، والتهميش يولد إرهاب! عندما تستأصل الأسباب حينها فقط ينتهي الإرهاب تلقائيا دون الحاجة الى الحلول العسكرية التي أثتت فشلها في إنهائه. وهذا ما لم يفكر به أو يعمل بموجبه الأطراف التي تحارب الإرهاب.
لو لم يجد تنظيم الدولة الإسلامية قاعدة جماهيرية مظلومة إحتضنته ما نجح كل هذا النجاح. ونجاح التنظيم يعني بالنتيجة فشل الحكومة، وكل إنتصار يحققه داعش يمثل هزيمة للحكومة. وإن توسع قاعدته جماهيريا حسبما تشير مصادر من يحاربه، ناجم عن إستمرار مظلومية أهل السنة من إباداة جماعية وقصف بالطائرات والمدفعية الثقيلة، وحرق بيوت الله وتدميرها او تحويلها الى بيوت للحسين(حسينيات) علاوة على التهجير الطائفي وحرق البيوت والمحلات بعد نهبها من قبل القوات الحكومية والحشد الطائفي ومنع عودة المهجرين، والتمثيل بالجثث والقتل على الهوية، هذه كلها روافد تعزز قوة تنظيم الدولة الإسلامية. وإستمرار هذه السياسة الطائفية للحكومة وحلفائها، يكون ثماره في سلة داعش.
صحيح إن داعش ثير علامات إستفهام قلقة حول سلوكياتها ومن الصعب تفسيرها، سيما إنها لا تتعامل مع الإعلام وتضع قيودا حادة عليها، مما يصعب علينا فهم سياستها، مقابل ذلك فإن ماكنة الإعلام العالمي والعربي تصب جام غضبها على التنظيم حقا وباطلا، فيزيد الأمر من حيرتنا، أن تسمع آلاف الأصوات من طرف محارب، ولا تسمع صوتا واحدا من الطرف الآخر، لا يمكنك الحكم على القضية. ولا يكون حكمك عادلا؟ السيد محمد سعيد كاظم الصحاف وزير الإعلام السابق كان يتصرف بحكمة عالية عند الحكم على طرفي متعارضين، عند حدوث مشكلة مثلا بين مدير عام وموظف صغير، يقرأ السيد الصحاف مطالعة المدير العام عن الموظف الضحية، ثم يسأل أين الصوت الآخر؟ أريد إن أسمع صوت الآخر لأعرف الحقيقة.
هذا التعتيم الإعلامي المفرط من قبل داعش، والتضخيم الإعلامي من قبل وسائل الإعلام العالمية والمحلية عن المارد الداعشي والمغالاة في أمره مع التغاضي عن بقية الميليشيات الإرهابية هو من أهم الأسباب التي تربك الكاتب المنصف، وتجعله يتجنب الخوض في هذا الموضوع الشائك، لأن الإعلام بصورة عامة موجها وليس حرا سواء في الدول المتقدمة أو غيرها، صحيح هو أكثر حرية في العالم المتقدم عنه في العالم الثالث، ولكن حريته محددة بأطر وضوابط حكومية. أشار الكاتب والمحلل السياسي الامريكي جيف سيمونز إلى وثيقة لشبكة (سي ان ان) بعنوان ( تذكير بشأن سياسة الموافقة على النصوص) تُلزم ع جميع المراسلين الامريكيين أن يرفعوا النصوص من أجل الموافقة عليها، ولا يسمح بإذاعة أي نص إلا اذا كان مختوما حسب الأصول بموافقة مدير مفوض بذلك الأمر”. هذه الضوابط في بلد الحرية الأول في العالم كما يسمونه، فما بالك بالدول المتخلفة؟ لاحظ التكتم على تقرير الكونغرس حول أساليب التعذيب التي مارستها وكالة المخابرات الأمريكية وقواتها في العراق وإفغانستان والتكتم عليها طوال هذه السنين، مع إنها لا تتضمن سوى النزر اليسير من الكارثة.
سنورد بعض من العقد المحيرة عن تنظيم الدولة الإسلامية الذي أساء للإسلام وشوه صورته وخدم أعدائه خدمة لا تُثمن، كما فعل تنظيم القاعدة قبله.
1. جاء تنظيم الدولة الإسلامية كردة فعل طبيعية ضد الميليشيات الشيعية المسعورة التي إرهبت أهل السنة، وقامت ولا زالت بإبادة وحشية لهم، وهي معروفة للجميع لا تحتاج إلى التفصيل، وتمت بمشاركة حكومة جودي المالكي وخلفه العبادي. ولكن داعش قتلت وأعدمت لحد الآن من أهل السنة أكثر مما قتل من عناصر الميليشيات الشيعية!
2. فتحت داعش عدة جبهات بلا مبرر، وإسلوبها هذا يفتقر إلى الحكمة أو إستراتيجية عسكرية معقولة ومقبولة، منها جبهات ضد الأكراد والأيزيدين والصحوات والعشائر السنية في العراق، وشبيحة الأسد وحزب الله في سوريا، وضد الجيش اللبناني، مع إنه العدو الأول المفترض لها هي الميليشيات الشيعية التي تديرها ولاية الفقيه.
لاشك إن تشتيت القوة العسكرية لداعش على عدة جبهات مع قلة عناصر مقارنة بقوات الأسد والعبادي والميليشيات الشيعية والحرس الثوري الإيراني وحزب الله والجيش اللبناني، وإفتقار التنظيم إلى الإسناد الجوي والبحري والصواريخ البعيدة المدى، أمر يثير الحيرة ولا يتوافق مع المنطق، فما الحكمة من وراء تشتيت قوة التنظيم بهذه الفوضى. اليس من المفروض ان تتم الخطة بتصفية القوى المعادية حسب خطورتها وقوتها كخطوة أولى، وبعدها يتم الإنتقال الى الخطوة الثانية وهكذا.
3. أضاع التنظيم فرصة ذهبية في التحلى بصفة التسامح الديني والمذهبي، وبدلا من يفتح ذراعيه للأقليات الدينية كالمسيحيين والأيزيدية ويحتضنهم لأنهم أيضا تضرروا من الممارسات الإرهابية للميليشيات الشيعية وظلم حكومة المالكي، فإذا به ينكل بهم دون أي ذنب إقترفوه. نحن لا نحمله مثلا ذنبا عما فعله مع شيعة تلعفر وجحوش أهل السنة مثل البو نمر والفهداوي والعلواني لأنه لا أحد يجهل ممارساتهم العدوانية ضد أهل السنة قبل ان ينالوا جزائهم العادل عما إقترفوه من جرائم وخيانات بالتعاون مع قوى الإحتلال وإضطهاد أهل الأنبار، لكن ما الذي فعله المسيحيون والإيزيديون لينتقم منهم؟ ونحن لا ننطلق من الحديث عن التهويل الإعلامي حول ما حصل، بل عن حقيقة ما جرى!
الأيزيدية شعب مسالم معروف بعراقيته الصميمية وحرصه الشديد في التمسك بالضوابط الوطنية ولا يمكن لمنصف ان يتجاهل دورهم في حماية العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية وما بعدها. الإنتقام يكون له سبب ومبرر وتوازن مع الخسارة! فما هو السبب والمبرر؟ ولو كان عند التنظيم مبررا كاف ِ على سبيل الإفتراض! فما هو ولماذا لا يوضحه للغير؟ ونحن لا نتحدث أيضا عن تدمير المزارات والمراقد مع إننا نعتبر حرية العبادة مضمون إسلامي واضح أشارت إليه عدة سور في القرآن الكريم، ولكن الحديث ينصب عن النفس التي كرمها الله، وحرم قتلها إلا بالحق. كما إن جرائم البيشمركة ضد الأيزيديين إنسحبت على داعش دون ان يوضح موقفه منها أو يتبرأ منها! والغريب إن داعش يحارب البيشمركة من جهة ويتضامن معهم في التنكيل بالأيزيدية من جهة أخرى! مع إن البيشمركة كما يفترض هي المسؤولة عن حماية الأيزيديين ولكنها تبرأت منهم في سابقة خطيرة لها تداعيات واضحة في المستقبل ولا سيما في مجال الثقة بين الطرفين.
4. إغتصب التنظيم الإسلامي ثورة العشائر العراقية التي ناضلت عن حقوقها ومظلوميتها وقدمت الآلاف من الشهداء والجرحى قبل ظهور التنظيم في نيسان عام 2014. لا حظ وسائل الإعلام الدولية والعربية والعراقية اليوم! لا أحد منها يتحدث عن ثورة أهل العشائر ولا عن الحقوق التي طالبوا بها خلال سنوات الإنتفاضة والتي تجاهلتها حكومتا جودي المالكي وخلفه حيدر العبادي. لقد أختزلت الإنتفاضة بداعش، مع إن داعش لم يظهر إلا بعدها. وكانت من آثار هذه الظاهرة كما عبر عنها رئيس مجلس ثوار العشائر علي حاتم السليمان أن ” ثوار العشائر كانوا قد أوقفوا العمل المسلح منذ تاريخ 15/6/2014 حتى الآن، لكي لا يختلط عمل الثوار المطالبين بالحقوق المشروعة مع العمل المتطرف الذي تمارسه داعش والميليشيات”. بالطبع لا أحد يقر هذا اللغو! لعدة أسباب:
أولا: لم تتوقف العشائر عن القتال، لإن الحكومة الحالية ما تزال تتجاهل مطالبهم ولم تنفذ أي مطلب منها لحد الآن، إنها مجرد وعود كاذبة إنتهت مع تسلم العبادي المنصب.
ثانيا: إن حكومة العبادي وقوات التحالف ما تزال تشن الغارات الجوية وتستخدم البراميل المتفجرة والقصف المدفعي على الأحياء السكنية لأهل السنة ومنها الفلوجة، لذلك فالحديث عن خلط الأوراق الذي تحدث به السليمان هو في الحقيقية لغط وخلط أوراق أيضا.
5. لم يتطرق التنظيم إلى الدور الإيراني التخريبي في العراق! ولم يتعرض إلى المراجع الدينية في طهران والنجف مع إنهم أصدروا فتاوي ضده ومنها حول تشكيل الحشد الطائفي! علاوة على الإنتقادات الموجعة والمستمرة من قبل نظام الملالي للتنظيم! ولم يُوقظ التنظيم خلاياه النائمة في طهران، ولم يقم بمهام عسكرية داخل إيران مع إن الحدود العراقية الإيرانية مفتوحة أمامه! في حين أن من يقود الحرب ضد التنظيم هو الجنرال الإيراني سليماني. كما إن الحرس الثوري الإيراني يشارك في المعارك ضد داعش، علاوة على معرفة التنظيم بالدعم المالي والتسليحي والتدريبي الإيراني للميليشيات الشيعية. فما الذي يجعله مكبل الأيادي أمام نظام الملالي؟ في حين إنه طالب عناصره بشن هجمات على النظام السعودي ووصفها برأس الأفعى، مهددا ومتوعدا بفتح بركان الجهاد.
من جهة أخرى إستطاع التنظيم أن يقتل ويؤسر العديد من عناصر الحرس الثوري الإيراني والبسيج، ومع هذا ينكر نظام الملالي تدخله العسكري في العراق ويُقصرة على التدريب والمشورة. الغريب إن التنظيم لا يكشف عن الأسرى الإيرانيين أو على عينات منهم، ولا يعرض لقاءات معهم ليكشف كذب الملالي ويفند إدعاءاتهم! لماذا يدعم التنظيم الموقف الإيراني من هذه الناحية ولا يميط اللثام عن حقيقة تدخلهم العسكري؟
6. من المؤكد إن للتنظيم قوة صاروخية حصل عليها سواء من سوريا او العراق وربما من أطراف اخرى اي السوق السوداء، وهذا ما شاهدناه في أفلام وثائقية، مع هذا لم يستهدف التنظيم المنطقة الخضراء بصواريخه، وهو يعلم إنها موطن العلة والداء، ولم يستهدف أي من أعيان مجلس النواب والحكومة، فطرائده خارج هذه المنطقة الخضراء. وهذا أمر يصعب تفسيره وقبوله.
7. تحدى التنظيم إدارة الرئيس أوباما وهدد بأن جنودة ومستشاريه سيُقبرون في العراق في حال إرسالهم، وقبل أوباما التحدي وأرسل ما يقارب ثلاثة آلاف من قواته العسكرية تحت غطاء المستشارين، وهم يُقيمون في مقرات وقواعد عسكرية يعرفها التنظيم جيدا، ولحد الآن لم تخسر القوات الأمريكية سوى جنديا واحدا كما أشيع. فلماذا لم يبر التنظيم بوعده؟ الأمريكان تحت مرمى النيران الآن! فماذا ينتظر؟
8. أخطأت القيادة الكردية في الدخول كطرف ضد تنظيم داعش سيما إن الإقليم منتعش إقتصاديا، ويرفل بالسلام والأمن والرخاء. والقيادة الكردية تعرف جيدا ان الجيل الحالي من الأكراد الذي عاش السلام وحياة الرفاهية والرخاء، هو ليس جيل المحاربين القدامى الأقوياء في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وبعد إن تكبدت البيشمركة خسائر أولية حيث” أعلنت وزارة البيشمركة في اقليم كردستان عن مقتل 727 عنصرا من القوات الكردية وجرح 3564 وفقدان 34 آخرين، خلال المواجهات ضد دولة الخلافة منذ التاسع من حزيران الماضي”. مما حدا بالبرزاني الإستنجاد بقوات التحالف ليخرجوه من هذه الورطة، لكن البرزاني لم يرعوٍ! فقد أرسل قوات من البيشمركة الى كوباني لمقاتلة داعش، وكان من المتوقع أن يقوم التنظيم بعمليات نوعية في الإقليم تجعل البرزاني يعظ على إصبعه بسبب تخبطه السياسي والعسكري، ولكن المفاجأة إنها لم تقم سوى بعمليتين عسكريتين فقط في الإقليم احداهما في أربيل بتأريخ 18/10/2014 ، على العكس مما كان متوقعا! وهذه ليست دعوة لإشعال كردستان وإنما تساؤل مشروع لا أكثر! فالأقليم جزء من العراق ونحرص عليه كما نحرص على بقية الأجزاء. الأمر المثير في عملية أربيل ان التنظيم كما تبين لم يقم بها أصلا بل ولم ينكر مسؤليتها عنها، فقد صرح عضو اللجنة الأمنية في برلمان كردستان، قادر عثمان رسول، في حديث صحفي إن “المسؤولين عن انفجار أربيل هم شبكة إرهابية تضم تسعة أشخاص
ستة من أعضائها من سكنة كركوك من العرب، والباقين من الأكراد، وأكد مصدر أمني كردي رفيع، في حديث إلى (المدى برس)، إن “الانتحاري الذي فجر نفسه داخل السيارة المفخخة، هو كردي من إيران، يدعى بيشتيوان الكردي”.
9. مع نقدنا السابق للتنظيم بشأن فتح عدة جبهات تستنزف قواه وتشتتها، لكن الغريب أنه ليس للتنظيم موقفا واضحا تجاه الكيان الصهيوني! مع أن هذا الكيان المسخ والولايلات المتحدة هما وجهان لعملة واحدة، وهذا مما لا يجهله التنظيم. ويبدو إن الصهاينة أنفسهم مندهشين من موقف داعش إتجاههم، فقد ذكر الباحث الإسرائيليّ رؤوفين باز، في دراسة نشرها موقع مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب” أن اليهود واليهوديّة لا يتواجدان في قاموس أعداء الدولة الاسلامية حتى اللحظة”.
10. تنصل داعش عن أمه الحقيقية تنظيم القاعدة وناصبها العداء، فقد أعلن أبو بكر البغدادي التمرد على أوامر أيمن الظواهري، وكذلك الحال مع جبهة النصرة! حيث ذكر توم جوزسلين المحلل الأمريكي في شؤون الإرهاب” في حالة توقف سفك الدم بين الطرفين فمن السهل عليهما التركيز على قتال الأسد”. (صحيفة الإندبندنت). مع إن العدو كما يفترض واحد. وكما يقول المثل الشائع ” عدو عدوي صديقي”. وهذا ما نلاحظه متجسدا في وحدة الميليشيات الشيعية تجاه أهل السنة بشكل عام. بالرغم من الإختلاف الفكري والمرجعي لها، لكنها موحدة جميعها في جبهة شيعية واحدة.
11. لا أحد يجهل وجود عناصر داخل التنظيم جاءوا من الولايات المتحدة والدول الأوربية لمحاربة الكفار وأعداء الإسلام كما يدعون. فقد أعرب رئيس الاستخبارات السويدية أندرز ثومبرغ عن اعتقاده بأن نحو 300 سويدي انضموا إلى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية.( في حديث له مع الإذاعة العامة في22/11/2014). كما كشف وزير الداخلية الألماني توماس دو ميزيير أن حوالي 550 ألمانيا توجهوا للقتال في صفوف تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق. (لقاء مع شبكة فونيكس الألمانية). الغريب في أمر هؤلاء المقاتلين الأجانب إنهم لا يحاربون الكفار في بلدانهم بل يأتون للعراق وسوريا لمحاربتهم!
حسنا! الحكومات الأوربية تخشى حاليا من عودتهم لبلدانهم خشية قيامهم بعمليات إرهابية! لكن لماذا لم يعتبر التنظيم هؤلاء المقاتلين خلايا نائمة في بلدانهم أو يكلفهم بعمليات نوعية داخل البلدان التي يعيشون فيها بدلا من مجيئهم للعراق وسوريا؟ بمعنى أبسط وأوضح، لماذا لا يقوم هؤلاء المقاتلون القادمون من الولايات المتحدة على سبيل المثال بالجهاد في الولايات المتحدة نفسها ضد قوات المارينز وبقية القوات الأمريكية، فيأتوا للعراق وسوريا ليقاتلوهم؟
12. عندما ينسحب التنظيم من مدينة أو قرية كان يسيطر عليها سابقا، يترك أبنائها لقمة سهلة في فم الميليشيات الشيعية والحشد الطائفي، وما حدث في جلولاء والمقدادية وبعض القرى في صلاح الدين خير شاهد على ذلك، فقد فتكوا بأهل السنة فتكا بجريرة داعش وقتلوا وإعتقلوا الشباب، وحرقوا المساجد ونهبوا البيوت والمحلات التجارية، ومنعوا عودة المهجرين من أهل السنة لديارهم، وهناك مشروع طائفي لإسكان أهالي الحشد الطائفي ممن لا يمتلكون بيوتا في دور المهجرين. فهل خدمت داعش حقا أهل السنة بطريقتها هذه؟ وهل وجدت حلا لهذه المشكلة التي يدفع ثمنها الأبرياء بلا مبرر؟
للحديث بقية بعون الله.
علي الكاش

Posted in فكر حر | Leave a comment

هل وقع نظام الاسد والولي الفقيه بفخ ديمستورا؟ معركة حلب

stafandemestoraطلال عبدالله الخوري 14\12\2014 مفكر دوت اورج

نستطيع ان نلخص الفرق بين السياسة الاميركية وكل من سياسة “بوتين” و”الولي الفقيه” و”نظام الأسد” بعامل الوقت!  فالشعب الاميركي لا يرض بأن لا تتصرف حكومته إزاء المذابح التي يرتكبها نظام الأسد بحق الشعب السوري, وقد ترجم عدم رضاه بصفعة قوية للرئيس أوباما والحزب الديمقراطي في الانتخابات الكونغرس الاخيرة, بينما في الطرف المقابل فان شراء الوقت هو نقطة قوة الأنظمة الاستبدادية في الأزمات, لانه بالواقع لايهمها ولا يعنيها كمية القتل والذبح والدمار, وشعوبها مغلوب على امرها و ليس لها اي تأثير على سياساتها, لذلك نرى ان كل ما يفعلوه هو استغلال عامل الوقت ضد سياسة اوباما الاميركية.

الرؤساء الاميركيون السابقون عندما كانوا يرون بان الطرف المقابل يشتري الوقت, كانوا يأمرون اساطيلهم بالضرب كما فعلوا مع صدام حسين في العراق, ومع طالبان والقاعدة؟ أما الرئيس أوباما فقد حبس نفسه بوعوده الانتخابية وهي عدم استخدام الاساطيل والاكتفاء بالعقوبات السياسية و الاقتصادية, وقد وصل به الامر لان يخفض سعر النفط الى اقل من 60 دولار للبرميل لكي يزيد الضغط الاقتصادي؟ ولكن للاسف فان الانظمة الاستبدادية لا يهمها رفاه شعوبها, وهي تستطيع التعايش مع اقتصاديات معدومة تحكم وتقمع بالحديد والنار.

من الواضح بان اوباما غير مستعد لأن يخون وعوده الانتخابية ” صفر استخدام للقوة العسكرية” وهذا ما يستنتجه كل من بوتين والاسد والولي الفقيه, وهم يستغلون الوقت للحصول على تنازلات اميركية في ملفاتهم؟ وقد استطاعوا التقليل من خسائرهم في المستنقع السوري, ونجحوا في تجميد الاوضاع هناك دون حراك يذكر, ووضعوا الكرة في الملعب الاميركي حيث الجميع ينتظر حركتها التالية لاستغلال اي تحرك ضدها! فما الذي سيفعله اوباما في هذه الحالة؟ 

من البديهي ان تلجأ السياسة الاميركية, بتحريك الوضع في سوريا وجر الاطراف الاخرى لكي تبادئ بارتكاب الاخطاء, وقد قلنا سابقا بان حلم الاسد وبوتين والولي الفقيه و داعش والقاعدة هو ان ترسل اميركا اساطيلها الى سوريا لكي يتحد الجميع ضدها ويغرقوها بالمستنقع السوري كما فعلوا بالعراق, واميركا تعرف هذا.

من قرأتنا الشخصية لما يجري بالمنطقة فنحن نعتقد بان مهمة ديمستورا هي تجريد الاسد وبوتين والولي الفقيه من عامل شراء الوقت, ودفعهم للمبادئة بارتكاب الاخطاء لخوض “معركة حلب” لاغراقهم بها, لذلك قام بايهامهم بان خطته تحمل في طياتها صدى لافكار روسية وايرانية,  ونحن نرى انه نجح بذلك, لان التحرك الاخير لنائب وزير الخارجية الروسي ” ميخائيل بوغدانوف” والذي كان يظن بانه يخدع الاميركان عن طريق توفير ثياب سياسية لخطة دي ميستورا لترسيخ  بقاء الاسد بالسطلة, وتحويل الحل الى مجرد تشكيل حكومة وحدة وطنية في سورية بعد تقسيم المعارضة اكثر مما هي مقسمة؟ وهذا لن ترض به اميركا قط لانها تعرف بان بقاء الاسد ورقة بيد روسيا تستخدمها لاحقا بملف القرم هو ضد المصالح الاميركية.

السؤال هنا: كيف سيتصرف النظام السوري وحلفاءه ازاء خطة ديمستورا؟ بالتأكيد بالخداع والقبول بالحلول السلمية, ولكن على الارض سيسارعون بالمبادئة بمعركة حلب لكسب المزيد من المناطق الاستراتيجية من اجل تقوية شروطهم التفاوضية على اساس خطة ديمستورا!؟

ونحن نعتقد انه اذا بدأ النظام معركة حلب  فهو بالتأكيد بلع الطعم ل” خطة ديمستورا” وهو يحفر قبره بيده ومعه حلفاءه لانه سيتم دفنهم هناك, لأن اميركا لن تقبل بان يبقى نظام الاسد ورقة تفاوضية بيد بوتين والولي الفقيه, والسؤال هنا هل تفهم المعارضة ما يجري وتقوم بخطوات سياسية تكتيكية تنتزع من خلالها اتقافية مع اميركا فيها كل مصالح الشعب السوري؟؟

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

سنظل دائما أميركيين

US-VOTE-2012-ELECTION-OBAMAلماذا يقف الناس في صفوف من أجل القدوم إلى هذا البلد؟ لماذا يشيدون قوارب من صناديق الحليب الكرتونية من أجل الإبحار إلى هنا؟ لماذا يثقون بدبلوماسيينا وجنودنا على نحو لا يحدث مع أي دولة أخرى؟ ذلك لأننا منارة للفرص والحرية، وكذلك لأن هؤلاء الأجانب يعرفون في قرارة أنفسهم أننا نقوم بالأشياء بشكل مختلف عن القوى الكبرى الأخرى على مدار التاريخ.
من الأشياء العظيمة التي قمنا بها، انتخابنا رجلا أسود، كان جده مسلما، ليكون رئيسا لنا بعد تعرضنا لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001. ومن الأشياء التي نقوم بها أيضا ما فعلناه يوم الثلاثاء وهو نشر تحقيق كشف عن تعذيبنا سجناء ومتهمين بالإرهاب بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر . إني حقا أشعر بالسعادة لأننا نشرناه.
قد يتسبب في تعريض الأميركيين المخطوفين للخطر في المستقبل؛ وهو أمر لا ينبغي النظر إليه باستخفاف. ولكن هذا النقد الذاتي هو ما يحافظ على مجتمعنا ككل صحيا، وهو ما يجعلنا نموذجا يسعى الآخرون إلى تقليده والمشاركة فيه والهجرة إليه، وهو ما يعد مصدرا حيويا للأمن وإن كان مختلفا.
لقد خضنا ذلك من قبل؛ ففي أوقات الحروب، غالبا ما يتم تقييد الحريات المدنية وانتهاكها، قبل استعادتها لاحقا. لقد عطل لينكولن أمرا قضائيا بإحضار متهم للمثول أمام المحكمة خلال الحرب الأهلية. وأثناء الحرب العالمية الثانية، احتجزنا أكثر من 127 ألف مواطن أميركي فقط لأنهم كانوا من أصل ياباني. وكان ذلك بدافع الخوف.
لم يكن الخوف الذي أعقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر أقل تدميرا. وأتعاطف مع الذين تحملوا مسؤولية الدفاع عن أمن البلاد بعد وقوع هذا الهجوم المفاجئ؛ فلقد كان من المستحيل توقع ما هو آت بعد ذلك – وقد تمت مساءلتهم من أجل ذلك. ولكن من الصعب قراءة ملخصات تقرير لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ دون أن تستنتج أن بعض المسؤولين، وكذا الاستخبارات المركزية، قد بذلوا الجهد الذي أعفيناهم نحن منه لاحقا بعد هجمات سبتمبر، بدافع الخوف من وقوع هجوم آخر، واستخدموها بأساليب لا تشمل التعذيب فقط، بل امتدت كذلك إلى إساءة استخدام المؤسسات والكذب على الرأي العام وهيئات حكومية أخرى، وذلك حتى بعد انتهاء حالة الطوارئ بفترة طويلة. وإذا لم يتم فضح هذه الإجراءات والتحقيق فيها، فإنها قد تضر بمجتمعنا بقدر لا يقل عن الضرر الذي يسببه هجوم إرهابي.
قامت صحيفة «التايمز» بتغطية مدهشة لهذا التقرير، مثلما فعلت صحف أخرى. وقد اكتشفت بالمصادفة مدخلا تفاعليا على الموقع الإلكتروني لصحيفة «واشنطن بوست»، أوجز الاتهامات الواردة في التقرير بشكل مثير للغثيان. إذ يقول: انقر على البيان الموجود أدناه للحصول على ملخص للنتائج، ويعرض قائمة بروابط لأشياء مؤذية للنفس تقود إلى خلاصات عن تقرير التعذيب، حيث تجد عبارات مثل «ليست وسيلة فعالة للحصول على معلومات استخباراتية»، و«تستند إلى مزاعم غير دقيقة بشأن فاعليتها»، و«وحشية وأسوأ بكثير مما جاء في وصف الاستخبارات المركزية»، و«كانت ظروف حبس معتقلي الاستخبارات المركزية أقسى»، و«قدمت معلومات غير دقيقة بشكل متكرر»، و«تجنبت أو أعاقت وجود رقابة فعّالة من الكونغرس»، و«أعاقت وجود رقابة فعالة من البيت الأبيض»… «أساليب استجواب قسرية غير مصرح بها»، و«نادرا ما تعرض أي فرد للتوبيخ أو خضع للمساءلة»، و«تجاهل الكثير من الانتقادات والإدانات والاعتراضات الداخلية»، و«غير مستدامة بطبيعتها»، و«أضرت بمكانة الولايات المتحدة في العالم».
وكذلك، كان هناك ما هو أكثر. وتشير القائمة إلى أن مخاوفنا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر جعلتنا نتسامح في بعض السلوكيات الشاذة وغير الشريفة وغير القانونية، التي ينبغي الكشف عنها بشكل كامل، لأن التهاون في الأكاذيب الكبيرة يؤدي إلى التهاون في الأكاذيب الصغيرة، وهو ما يؤدي إلى تآكل المؤسسات والثقة من داخلها.
هذه ليست توهمات، فقد ازداد الإرهابيون ويريدون استخدام الانفتاح في مجتمعنا المنفتح بالتحديد لتدميره. ولو وقعت هجمات شبيهة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر بعد الهجمات الأولى، لكان سيطلب الكثير من الأميركيين من الاستخبارات المركزية أن تفعل ما يحلو لها، ولتذهب الحريات المدنية إلى الجحيم. فمن يتحملون تبعة حمايتنا، الذين منعوا وقوع المزيد من الهجمات، يحرسون حرياتنا المدنية أيضا.
نريد أن نظل نزود أجهزتنا الأمنية دائما بأفراد يشعرون بالمسؤولية ويتمتعون باليقظة. ويكون اتفاقنا معهم قائما على جعلهم مدركين أننا نعي تحدياتهم وسنسمح لهم بالوصول إلى أقصى حدود القانون، بل تجاوزه في حالات الطوارئ النادرة إذا كان هناك ما يبرر ذلك، من أجل حمايتنا.
وفي المقابل، سيكون عليهم الاضطلاع بالمهام والتمتع بالثقة التي نمنحهم إياها دون تجاوز تلك الحدود على سبيل الاعتياد أو الكسل أو المصلحة أو الكذب أو النظريات الخاطئة، أو في مواجهة الاحتجاجات الداخلية؛ فكل ذلك يضر ببلادنا. يشير التقرير إلى انهيار هذا الاتفاق ويمثل خطوة مهمة على طريق إعادة بنائه.
أحترم كثيرا كلمة عضو مجلس الشيوخ جون ماكين عن هذا الأمر، حيث قال: «أفهم الأسباب التي دفعت إلى اتخاذ قرار باللجوء إلى مثل هذه الأساليب في التحقيق، وأعلم أن الأشخاص الذين وافقوا عليها والأشخاص الذين استخدموها كانوا حريصين على تحقيق العدالة لضحايا الهجمات الإرهابية وعلى حماية الأميركيين من أي ضرر آخر.. ولكنني أرفض بكل جوانحي اعتبار استخدامهم هذه الأساليب صحيحا، وهو الأمر الذي أوضحه هذا التقرير، فهي لم تكن في صالح تحقيق العدالة ولا في صالح أمننا، ولا في صالح المثل التي ضحينا بالكثير من الدماء والأموال دفاعا عنها». حتى في أسوأ الأوقات، «سنظل دائما أميركيين، مختلفين وأقوى وأفضل من أولئك الذين يريدون تدميرنا».
* خدمة: {نيويورك تايمز} الشرق الاوسط

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

واشنطن تهيئهم للقتال بعد عامين!

putinobamaفي جلسة استماع خصصت للحديث عن الحرب على داعش، وعن سوريا، استغرب بعض أعضاء الكونغرس من برنامج الحكومة الأميركية تدريب المعارضة السورية على السلاح، لأنه يبدأ في ربيع العام المقبل، وينتهي في ربيع 2016! ما الذي علينا أن نفعله حتى ذلك الحين، تقذفون بالقنابل في مناطق هامشية وتدربون لزمن بعيد؟ تساءلوا مستنكرين!
وبرنامج التدريب الموعود بذاته لا يستحق الاهتمام به إلا من الجانب السياسي، لأنه يعبر عن موقف أميركي مؤيد للمعارضة ومع مشروع إسقاط نظام الأسد. موقف سياسي فقط لا يجب أن يحمل أكثر مما يحتمل، ويمكن نقضه بتصريحات في الملخص الصباحي للبيت الأبيض.
عدد الموعود تدريبهم من الجيش الحر من الضآلة أنه لا يتجاوز رُبع عدد جيش تنظيم داعش الإرهابي، ولا يبلغ ثُمن عدد قوات الأسد. 5 آلاف مقاتل من الجيش الحر يفترض أن يمضوا عاما في معسكرات التدريب الأميركية، والأرجح أن عامين سيمضيان قبل أن يتمكن أحدهم من إطلاق النار في ساحة الحرب، بسبب البيروقراطية وعدم استعجال ترتيب المهمة الموعودة. وحتى عندما يتخرجون جنودا مدربين ما الذي سيفعلونه أمام الطائرات التي تقذف بالبراميل المتفجرة، أو المدافع التي تقصفهم من بعيد؟ لا شيء لأنهم محرومون من الأسلحة الدفاعية.
مع هذا فإن السوريين سيستمرون في القتال، سواء دربوا أم لا، سواء سلحوا أم لا، لأن الحرب ليست خيارا اليوم، ولا يمكن وقفها في انتظار الحل السياسي، أو حتى إنهاء التدريبات العسكرية. هناك 9 ملايين إنسان مشردون في الداخل والخارج، لا يمكنهم القبول بخدمة البطانيات، والخبز، والنوم في العراء كل شتاء، لهذا الحرب لم تتوقف ولن تتوقف. الكثير من السوريين يقاتل بأسلحة بسيطة، وبثياب رثة، وحتى من مل أو تعب منهم، لا حل أمامه للعودة إلى بيته إلا بالقوة، هذا أمله الوحيد. وربما يمضي العامان المقبلان والنظام باق في دمشق، متكلا على دعم حليفه الإيراني، إلا أن الحرب لن تتوقف من دون نهاية للنظام حلا أم حربا.
وكلنا يعرف أنه لو كان بحوزة المعارضة المعتدلة السلاح النوعي، لما عاش النظام، وكانت خسائر حلفائه أكبر من قدرتهم على الاستمرار في حمام الدم إلى اليوم، لأنه ليس هناك نقص في عدد المتطوعين للقتال، بل يبلغ عددهم في الجنوب وحده أكثر من 30 ألف مقاتل وإن كان تأهيلهم بسيطا وأسلحتهم محدودة. ليست الولايات المتحدة، ولا حتى الدول الأوروبية المؤيدة للجيش الحر، هي من تدرب المعارضة التي تقاتل على الأرض، بل معظمهم منح تدريبا سريعا في الدول العربية التي تؤيدهم، وتدعمهم، وكذلك تركيا.
ولهذا نقول للوسطاء الدوليين، ومبعوثي الدول الغربية، إن عليهم أن يفهموا الواقع الجديد، الذي لا ينسجم مع الحلول النظرية التي يعيدون طرحها بلغة مختلفة كل مرة. السر يكمن في الـ9 ملايين لاجئ، ومعظمهم داخل سوريا نفسها. بسببهم ستستمر الحرب، لأن نظام الأسد يعتبرهم خصومه، ولن يسمح لهم بالعودة إلى مدنهم وأحيائهم، خشية أن يسلموها للمعارضة، إن لم يحاربوا أيضا معها. وفي نفس الوقت لا يمكن أن نتوقع منهم البقاء على الحياد وهم مطرودون من منازلهم، لهذا السبب تحديدا الحرب ستستمر حتى حدوث التغيير. الذي لا نستطيع أن نعرفه في المستقبل القريب، هو كيف ستتشكل القوى والأوضاع بين اللاجئين، هل سينضم المزيد من الشباب السوري التائه إلى تنظيمات متطرفة مثل «داعش» و«جبهة النصرة» أم مع «الجيش الحر» المعتدل. من الصعب أن نخمن عن بعد ما الذي يحدث داخل مجتمع المهجرين والمشردين، سوى القول: إنهم خزان بشري هائل، وغاضب.

alrashed@asharqalawsat.com

نقلا عن الشرق الاوسط

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

حاكموا قتلة اليوم و عملاء اليوم و لصوص اليوم

تزوير الماضي ام تزوير الحاضرassadselfy
دأب عدد كبير من الفلاسفة تهشيم تاريخنا الماضي على سرد قصصا لاحداث مر عليها عدة قرون وبالرغم من تلك القصص جاءت على عدة روايات متناقضة الا ان اغلبهم تستوقفه الرواية المسيئة متجاهلا ضعفها و فقدان صدقية من نقلها
فمنهم من يتهجم على الاسلام ونبيه, و اخر على الصحابة والخلفاء و ثالث على القادة التاريخيين ومنهم من ينصب نفسه قاضيا ليحاكم تلك الشخصيات وفقا للرواية التي بين يديها حتى من دون ان يكلف نفسه عناء التطرق للروايات الاخرى و اجراء مقاربة او دراسة منطقية تاخذ بعين الاعتبار سيرة وتاريخ تلك الشخصية و تجاوز اية قصة تحكى عنه تتناقض مع الخط العام لتلك الشخصية
عرفنا من يتهجم على الاديان بانه رجل ربما كان يدين بدين اخر و صاحب نزعة متطرفة و هذا الهجوم قد يكون من صلب عقيدته وهو يتقرب به الى وليه ومولاه
ولكن ما يكون هدفه التاريخ نفسه متجاوزا الاحقاد الدينية الى الحقد على الامة ومخزونها الاخلاقي لا ادري كيف يمكن تصنيف هؤلاء؟
فهنالك من يحاكم خالد بن الوليد وفقا لرواية خاصة ارضت نواياه بينما العديد من المتتبعين لسيرة القائد خالد اثبتوا ضعف رواية متحدثنا
وهنالك من سفه صلاح الدين الايوبي وجعله في حكم القانون الجنائي اليوم بحكم المتأمر على الامة
جميعهم يحاكمون ماضينا بدون ادلة دامغة و يتجاهلون ما يجري الان من جرائم يندى لها الجبين موثقة بالصوت والصورة يقفزون فوق تلك الاحداث التي لا تحتاج الى ادلة فنحن جميعا شهود على مايجري و يتمسكون بقضايا خلافية او امور فيها من الشبهات ما يكفي لعدم الخوض فيها
لن يفيدنا محاكمة الماضي فالمتهمون وفق عرفهم قد ماتوا منذ امد بعيد
دع الماضي وشانه انه ترف و اسفاف العودة اليه لمحاكمته واهتموا بحاضرنا حاكموا قتلة اليوم و عملاء اليوم و لصوص اليوم فهذا النوع من المحاكمات هو الانجع

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

إيران ورقصة خامنئي الأخيرة: الصراع على منصب الولي

أحمد لاشclintonfaqihين

خامنئي، مرشد الثورة الإيرانية، والرجل الأول في الدولة، يرقص الأن رقصته الأخيرة، على مسرح الحياة السياسية في إيران، إن لم يكن بسبب مرضه الذي قد يكون الأخير، كما أشارت بعض التقارير الهامة، فبسبب سنه الذي قد تجاوز 75 عاماً.فرغم محاولات النظام أن يحافظ على ما تبقى من هيبة الرجل أمام شعبه، خاصة بعد الجراحة الأخيرة التي أجراها سبتمبر الماضي، والتي اضطر النظام آنذاك أن يعلن لأول مرة أن المرشد الأعلى، سيجري جراحة بسيطة في البروستاتة، وأنه لا خوف عليه.في محاولة مستميتة لنفي الشائعات التي تحولت إلى حقائق، بأن هرم السلطة في إيران، قد انهار تماماً.ومع ظهوره المكثف الذي أعقب الجراحة، لكن الأمر لا يتعدى صحوة أخيرة لموت بات وشيكاً.فالجميع تيقن الأن أن مرشد الثورة الإيرانية، وقائدها الأعلى، إنسان عادي، يمرض ويموت، وليس من الخالدين.وبوفاته، تنفتح إيران على العديد من الأسئلة، والصراعات السياسية التي قد تزلزل نظام ولاية الفقيه من أساسه.

خامنئي مرشد فض الاشتباك:
إيران منذ قيام ثورتها الإسلامية عام (1979)، بقيادة (آية الله الخُميني)، وهي دولة الفرد الواحد، الممسك بكل خيوط الحياة السياسية والاجتماعية.في البداية لعب (الخميني) هذا الدور بكفاءة منقطعة النظير، إلى وفاته عام (1989)، هنا مرت إيران بأخطر منعطف السياسية على الاطلاق، فالقائد الكاريزمي، الذي اعتبر نفسه نائب للإمام الغائب ـ طبقاً لفكرة ولاية الفقيه في المذهب الشيعي ـ قد اختفى، تاركاً وطن بأكمله في مهب الريح.وبعد مرحلة خطيرة للغاية من الصراعات بين آيات الله على اختلافهم، قرر (مجلس الخبراء) وهو (المجلس المنوط به دستورياً مراقبة كافة مؤسسات الدولة، وعزل المرشد وتعينه، والمكون من 89 عضواً منتخبين) تعيين أقل أفراده علماً وحضوراً، في هذا المنصب الحساس، وهو (حجة الإسلام علي خامنئي)، خلفاً للـ(خميني).
كان تعينه مفاجأة للجميع، فهو رغم نضاله الثوري مع الإمام الخميني، ورغم رئاسته للجمهورية الإيرانية، في أصعب الفترات، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، إلا أن النظام الإيراني قائم على حكم رجال الدين، ويتم اختيارهم في المناصب بناء على مكانتهم الدينية، تلك المكانة التي افتقدها (خمانئي) في ذلك التوقيت، ولكن الهدف كان أعمق من ذلك، فالصف الأول من آيات الله، قرروا ألا يتصدروا المشهد السياسي بعد وفاة (الخميني)، خشية عدم القدرة على شغل الفراغ السياسي الذي خلفه رجل في حجمه.لذا كان الحل الأمثل، أن يتصدر من هو أدنى، ويظلوا هم يديروا الأمور من خلف حجاب، وتم ذلك بدعم من رفيق النضال والدرب (هاشمي رفسنجاني)، ثعلب النظام، وصانع الزعماء، صاحب الأيادي البيضاء في بناء الدولة الإيرانية الحديثة (دولة الفقيه)، وما زال يملك العديد من أوراق اللعب إلى الأن.ولكن ومع مضي السنوات، قويت شوكة خامنئي، وأصبح الأكثر قوة ونفوذاً، وقدرة على المناورة، داخل أروقة السياسة. ليس فقط بحكم صلاحيات منصبه ولكن بدهاء سياسي، عوض به ضعف حضوره أو فقدانه لشخصية الزعامة كما سلفه (الخميني).
اعتمد خامنئي منذ الوهلة الأولى في حكمه، على المؤسسة العسكرية، ولا أقصد هنا مؤسسة الجيش الوطني، فهذا قد تم حله تدريجياً بعد الثورة، و تحييد المتبقي منه . ولكن المقصود هنا، مؤسسة (الحرس الثوري)، والتي نشأت أثناء الحرب العراقية الإيرانية كقوات تعبئة شعبية، وتحت إشراف (خامنئي) نفسه، حينما شغل منصب رئيس الجمهورية، وبالتالي حاول تحييد سلطان رجال الدين، أمام سلطة الحرس الثوري، الذي تعاظم دوره السياسي والاقتصادي بعد انتهاء الحرب.وبلغ القمة أثناء أزمة 2009، وانتخاب الرئيس السابق (أحمدي نجاد) لفترة رئاسة ثانية، واستخدام الحرس الثوري كأداة لقمع الحركة الخضراء المعارضة.
فإن توفي خامنئي، في أي وقت، سيتدخل الحرس الثوري بقوة في اختيار المرشد الجديد، بالإضافة بالطبع لمجلس الخبراء. فالنظام السياسي في إيران، قد تشابكت به سلطات الحرس الثوري ونفوذه، مع سلطة رجال الدين وسطوتهم، أي أصبح مزيجاً غريباً من العسكرية المقدسة. فبموت خامنئي الذي أصبح وشيكاً، ستبدأ فصول أخرى من الصراع بين آيات الله بعضهم البعض، من جانب، وبينهم مجتمعين والحرس الثوري من أخر.

الفصل الأول:ذئاب مجلس الخبراء وحرب تكسير العظام:
ينص الدستور الإيراني، في مادته رقم (107) من دستور (1979)، أن مجلس الخبراء يقوم بانتخاب المرشد الأعلى للثورة، وحسب المادة (111)، يحق له عزله، إذا ثبت عجزه عن أداء واجبه.فتبعاً للتشريع الإيراني، يحق لمجموعة من الفقهاء ـ وعددهم (89) يتم انتخابهم كل ثمان سنوات، بعد موافقة ( مجلس صيانة الدستور) وهو المجلس المنوط به الموافقة على المرشحين سواء للبرلمان أو لمجلس الخبراء.وعلى رأسهم (12) عضو يُعين ستة منهم بالأمر المباشر من المرشد ـ أن يحددوا من يصلح ليشغل منصب (الولي الفقيه).
وبناء على ذلك، تنحصر دائرة الصراع بين مختلف الأطياف السياسية، داخل مجلس الخبراء، أو بمعنى أدق في الوصول لرئاسة المجلس، والتي تتم بالانتخاب المباشر بين الأعضاء، وبدعم من المرشد .وإيران تمر الأن بحالة فراغ سياسي بعد وفاة آية الله (مهدوي كني) الشهر الماضي، رئيس مجلس الخبراء والبالغ من االعمر (83) عاماً، وأحد رموز التيار المتشدد، ومن أهم المشاركين في أحداث ثورة 1979. وبالتالي أصبح المجلس المنوط به تعين الولي الفقيه من بين أعضاءه، بلا رئيس.والأهم أن (مهدوي كني) كان من أهم الرموز المرشحة لشغل منصب أهم رجل في الدولة، رغم كبر سنه.وبوفاته احتدم الصراع بين أعضاء المجلس ليس فقط على رئاسته، ولكن على قيادة الدولة بأكلمها، في مشهد يذكرنا بالمجالس الكهنوتية الدينية في العصور الوسطى، حينما كان رجال الدين يختارون من يحكم، ويحكمون هم من خلف ستار القداسة.
من أهم الرموز المتصارعة على رئاسة المجلس، وبالتالي الدولة ككل بعد وفاة المرشد:

1ـ هاشمي رفسنجاني (ثعلب النظام): صانع الملوك، مهندس السياسة الإيرانية طوال الثلاثين عاماً الماضية، فقد كان من المقربين إلى المرشد الأول (آية الله الخميني)، والمشاركين في بناء الدولة الحديثة، وشغل منصب رئيس البرلمان في عهد الخميني، ثم رئيس الجمهورية لفترتين كاملتين في عهد (علي خامنئي)، ويشغل الآن رئيس (مجمع تشخيص مصلحة النظام)، وكان رئيس (مجلس الخبراء) قبل أن تنتهي دورة رئاسته له، ويسحب ترشحه أمام (مهدوي كني) المدعوم من المرشد خامنئي.يشكل رفسنجاني خطورة حقيقية على المشهد السياسي في إيران، فالرجل له تاريخ طويل في هندسة النظام، ولا يستهان برغبته في الوصول إلى أعلى المناصب الرسمية في الدولة، فهو من أكثر المرشحين خطورة، وإن لم يكن أوفرهم حظاً، وذلك لعدة أسباب، أهمها أن رفسنجاني بلغ من العمر حوالي ثمانين عاماً، بالإضافة إلى دعمه المباشر للحركة الإصلاحية أثناء تظاهرات 2009، وإلى الأن، والحقيقة أن هذا الدعم الذي قدمه رفسنجاني إلى رموز المعارضة آنذاك (مير حسين موسوي ومهدي كروبي)، لم يكن لوجه الله، فرفسنجاني مصنف سياسياً تبعاً للتيار المعتدل، ولكنه على المستوى الاقتصادي، أميل إلى الفكر الرأسمالي الاحتكاري، وله تجارته الخاصة وسطوته على البازار (السوق التجاري) في إيران، وبالتالي قدم دعمه لمعارضة (أحمدي نجاد)، في محاولة للحد من السطوة الاقتصادية التي نالها الحرس الثوري في فترة رئاسة (نجاد).ولكن ومع فشل الحركة الخضراء، ووضع رموزها تحت الإقامة الجبرية، خسر رفسنجاني الكثير من سمعته السياسية، وانهالت على اتهامات بالعمالة والخيانة، بل نادى بعضهم وعلى رأسهم آية الله (أحمد خاتمي) أحد أهم رموز التيار المتشدد، والمقرب من المرشد، إلى محاكمة رفسنجاني مثل بقية رؤوس الفتنة.لكن رغم كل ذلك يظل له نفوذه الخاص داخل الدوائر السياسية المقربة، فهو قاب قوسين أو أدنى من منصب الولي الفقيه، إن تمكن من نيل رئاسة مجلس الخبراء.

2ـ سيد محمود شاهرودي(العراقي المرشح لحكم إيران): أهم رجالات الدين البارزين على الساحة الإيرانية، وشغل منصب رئيس (السلطة القضائية)(2000ـ 2010)، وهو من صقور النظام، والمرشح لشغل منصب رئيس مجلس الخبراء، والأهم منصب المرشد العام للثورة، سنه لم يتجاوز الـ (66) عاماً، ويعتبر الأوفر حظاً، إن تم التجاوز عن أصوله العراقية، فقد ولد في النجف في العراق، ونال قيادة حزب الدعوة الإسلامي، ثم تم اضطهادة من قبل نظام صدام حسين، وهاجر إلى إيران، وهناك نال العديد من المناصب، وأصبح من الدائرة المقربة، وصانع القرار في العديد من القضايا المفصلية.هو الأقرب إلى التيار المتشدد، ويتمتع بتوافق كبير بين مختلف الأطياف داخل الأروقة السياسية.

3ـ محمد تقي مصباح يزدي (الوجه الأكثر تشدداً): حوالي عام 2010، صرح مصباح يزدي قائلاً: (إذا وضعنا نِعَم الله في كفة والولي الفقيه في كفة أخرى لرجحت كفة الولي الفقيه).يعتبر مصباح يزدي من أكثر الوجوه تشدداً على الساحة الإيرانية، وكان من أشد المناصريين لتوجهات الرئيس السابق (أحمدي نجاد) التي ادعى خلالها أنه ملهم من قبل المهدي المنتظر مباشرة، يعتبر (يزدي) من المقربين إلى الحرس الثوري، وهناك شبه اجماع بين صفوف القادة على توليه قيادة الدولة الإيرانية، لكن هذا التقارب أفقده الكثير من دعم آيات الله. يعتبر من المعارضين الأشداء لأي توجه إصلاحي، أو حتى معتدل.خاض العديد من المواجهات مع (هاشمي رفسنجاني) وتوجهاته الاقتصادية والسياسية.يشغل الآن منصب النائب الثاني في مجلس الخبراء، بعد (شاهرودي) النائب الأول.ويحاول الحرس الثوري أن يقدمه كمرشح يمثله في رئاسة مجلس الخبراء، وبالتالي قيادة إيران إن نال منصب الولاية.

4ـ صادق لاريجاني ( عصا خامنئي الباطشة): (مواليد 1960):يشغل الآن منصب (رئيس السلطة القضائية)، وعضو مجلس الخبراء، ويعتبر من أشد المخلصين للمرشد (علي خامنئي)، والمنفذ للعديد من رغبات خامنئي في قمع المعارضة، فهو من أصدر قراراً بوضع رموز المعارضة تحت الإقامة الجبرية، واعتقال القاعدة الشبابية من الحركة الخضراء.فرغم أن الدستور الإيراني يؤكد على استقلال السلطة القضائية في إيران، إلا أن الواقع يجعل من المرشد الأعلى، صاحب السطوة الكاملة على كل الأحكام القضائية التي تصدرها السلطة، بل تتعقد الأمور بوضع السلطة القضائية تحت سيطرة غير مباشرة للهيئات الأمنية والاستخباراتية والحرس الثوري.كل هذا جعل من (لاريجاني) المقرب لكل مؤسسات الدولة، والمطلع على أكثر الملفات حساسية وخطورة.كما أن حظوته لدى المرشد تكتمل، بوجود أخيه (علي لاريجاني) في رئاسىة البرلمان الإيراني، فلاكهما ممثل لسطوة الأسرة الواحدة على العديد من مقاليد الحكم داخل إيران.
كل تلك الشخصيات، هي الأبرز في الوصول إلى رئاسة مجلس الخبراء، وبالتالي إلى منصب الولي الفقيه، لكن الخطورة الحقيقية تكمن في كم التقاطعات السياسية والفكرية التي تفصل بينهم، فإن وصل أحدهم إلى سدة الهرم السياسي الإيراني، قد تشتعل إيران سياسياً واجتماعياً، لفترة لا يعلم مداها إلا الله.مما يرجح أن يقوم المجلس خلال الفترة القادمة بترشيح اسماً جديداً خارج دائرة الصقور المتصارعين، ليضمن بقاء النظام متماسكاً على السطح، وتظل الخلافات مشتعلة في العمق بعيداً عن أعين المجتمع، والمتربصين من الخارج.

الفصل الثاني:صراع التوريث( حفيد الخميني وابن خامنئي):
برز اسم حسن الخميني، حفيد آية الله الخميني(مؤسس الجمهورية والمرشد الأول للثورة الإسلامية)، على الساحة السياسية بقوة، بعد أزمة الاحتجاجات عام 2009م، حينما قرر حفيد الخميني أن يهاجم التيار الأصولي المتشدد الذي يحكم إيران، وينتقد السطوة السياسية والاقتصادية التي يتمتع بها الحرس الثوري، الداعم لرئيس الجمهورية السابق أحمدي نجاد، مما أثار حوله الكثير من الجدل، خاصة بعد زياراته المتكررة لرموز الحركة الخضراء، المفرج عنهم من المعتقلات الإيرانية.
اتهمه الأصوليون بأنه خائن لشرع جده الخميني، وعميل لدول أجنبية، ولكن ولمكانته التاريخية، لم يتمكنوا من محاكمته أو تلفيق التهم المباشرة لشخصة أو لعائلته، روغم أنه لم يشغل أي منصب رسمي داخل منظومة الحكم، وتعمد التيار المتشدد إبعاده سياسياً.إلا أن له مكانة لا يستهان بها داخل الحوزة الدينية، وبين رجال الدين المعتدلين.
تردد اسم (حسن الخميني) الأن بقوة ونحن على مشارف تغيرات جذرية على الساحة السياسية، ليحمل إرث جده القديم، بوصفه الأكثر اعتدالاً وقبولاً بين الأغلبية المتعدلة من رجال الدين، والأقرب إلى العقلية الشعبية، كما أنه يملك الكثير من كازيمية جده وحضوره، ولا يشكل عنصراً فعالاً في العديد من المعادلات السياسية المعقدة بين صقور النظام، فهو يُعتبر وجه أكثر اعتدالاً وقبولاً، إن أراد النظام أن يُجمل وجه المتشدد القبيح.ولكن تظل إشكالية صراعه مع سطوة المؤسسة العسكرية، تشكل خطراً حقيقياً على قبوله كوجه جديد بملامح قديمة، يحمل راية الدولة الإيرانية بعد وفاة الكاهن الأكبر علي خامنئي.
المثير في الأمر أن خامنئي لم يُعين له نائباً، أو يرشح اسماً من رجال الدين المقربين إليه، ليحل محله حال وفاته أو اعتزاله منصبه لأي سبب، مما يعكس حالة انعدام الثقة بين خامنئي ورجاله من آيات الله، و يفتح الباب على مصراعيه، لجملة من الصراعات الخطيرة بين مختلف الأجنحة السياسية داخل إيران، سواء تيار التشدد أو الاعتدال، أو من تبقى من التيار الإصلاحي، فرغم ما يبدو عليهم من وحدة الصف إلا أنك تراهم جميعاً وقلوبهم شتى.
فقد ظل الرجل ممسكاً بكل خيوط اللعبة إلى النهاية، مسيطراً على كل مفاصل الدولة، كما ينص الدستور الإيراني الذي يمنح (الولي الفقيه) سلطة مطلقة على كل شئ، بداية من إعلان قيام الحرب، والتصديق على تعيين رئيس الجمهورية، وصولاً إلى الموافقة على قرارات البرلمان، والفصل في المنازعات بين السلطات، بل إن حدث أي تعديل في الدستور، فلن يتم إجازته إلا بموافقته، كما تم في تعديلات دستور 1989.فكل جوانب الحياة السياسية في إيران، تكتسب شرعيتها الحقيقية من المرشد (الولي الفقيه) نائب الإمام الغائب، وليس العكس، الشرعية تُمنح منه، ولا يكتسبها.
تشير العديد من التقارير، إلى مدى النفوذ الذي يتمتع به (مجتبى خامنئي) الابن الثاني لآية الله (علي خامنئي) من مواليد (1969) البالغ من العمر 44 عاماً.فقد أطلق يده في أغلب مفاصل الدولة، خاصة ما يتعلق بالحرس الثوري، ومشاريعه الاقتصادية التي لا تنتهي، فقد أصبح لـ (مجتبى) سلطة (غير قانونية)، في تعيين قادة الحرس، و الإشراف على ميزانية المؤسسة العسكرية، بل ويشاع أن للرجل جهاز استخباراتي خاص به، مكون من قيادات عسكرية خارج الخدمة.كما أن له نفوذ في الحوزة الدينية في مدينة (قم)، وله علاقات وثيقة بالعديد من آيات الله المنتمين للتيار المتشدد، فرغم الغموض الذي يكتنف المكانة الدينية لـ(مجتبى)، فيقال أنه لم يبلغ بعد رتبة (حجة الإسلام)، ولهذا أهمية خاصة في الفقه الشيعي، لكن من المؤكد أن (مجتبى) يعمل على تأسيس جماعة دينية من الشباب، يؤمنون بالفكر المتشدد داخل الحوزة، ويكون ولاءهم الكامل إلى أبيه المرشد الحالي، بحيث يتم تعينهم داخل مجلس الخبراء، وبالتالي يسهل وصول مجتبى إلى منصب الإرشاد، متجاوزاً بذلك كبار آيات الله . فرجل إيران المريض، يخطط تدريجياً إلى توريث منصب الولاية إلى ابنه، خاصة بعد المكانة السياسية التي نالها أثناء التظاهرات الاحتجاجية عام 2009، ومساندته القوية لـ (أحمدي نجاد) الرئيس السابق، وبالتالي الحرس الثوري، الذي مثل عصاته الحديدية في القضاء على المعارضة بكل تيارتها.
شخصية (مجتبى) دائماً ما تثير حولها العديد من الشكوك، فهو رجل الظل، صاحب النفوذ، والذي اُطلقت حوله شائعات كثيرة، حول ذمته المالية، وحجم فساده الاقتصادي.فقد ذكر أحد قادة الحرس الثوري الإيراني (علي فضلي) في كتابه (خورشيد)، حكاية حاول بها أن يؤكد على نزاهة (مجتبى)، ولكنه ورطه من حيث لا يقصد، ومفادها، أن لندن قررت تجميد حوالي (مليار دولار)، لشبهة ارتباطها باسم ابن مرشد الثورة الإيرانية (مجتبى خامنئي)، مما أثار غضب المرشد، واستدعى السفير الانجليزي، وأبلغه أن تلك الأموال هي أموال الشعب الإيراني، ولا تمت لابنه بأية صلة، ونتيجة لارتباط لندن بالعديد من العمليات التجارية مع إيران، وخاصة مع أسرة خامنئي، قررت الإفراج عنهم.الحكاية في مجملها لا تثبت تورطه في شيء، ولكن كذلك لا تنفي، خاصة وأن الأمر برمته تم التكتم عليه إعلامياً، حتى كتبه (فضلي) في كتابه، لتبرئة ساحة خامنئي وابنه من أي شبهة.
فمكانة (مجتبى) التي نالها بالدعم المباشر من أبيه، أثارت مخاوف قوية في الدائرة القريبة من المنصب، فآيات الله الذي حملوا كيان الدولة لسنوات طوال، لن يسمحوا أن يأتيهم الأمر من سماء الولاية، ليُعين أحدهم في هذا المنصب الخطير، حتى وإن كان ابن مرشدهم.مما انعكس على طبيعة الصراع الحالي بين مختلف الأجنحة والتيارات.
فإن كان خامنئي يريد بالفعل أن يورث ابنه عرش الولاية، فعلية التغلب في البداية على رجال الدين المؤيدين لحسن الخميني، وكذلك هاشمي رفسنجاني بما له من نفوذ، ويستند بكل قوة إلى الحرس الثوري، بما قد يغير تماماً من شكل النظام الديني في إيران ويحوله إلى دولة عسكرية بخلفية دينية، حيث يحكم العسكر بغطاء ديني مقدس، أو على الأقل يقودون الدولة من وراء عباءة رجال الدين.مما ينذر ببداية انهيار دولة الإيرانية بشكلها المعروف حالياً.

الفصل الثالث:صراع الحرس والرئيس (انقلاب عسكري محتمل):
قدم الرئيس حسن روحاني إلى البرلمان الموازنة الجديدة للعام القادم 2015، ويعتبر البند الأكثر جدلاً في تلك الموازنة، هو الخاص بالحرس الثوري(بفصائلة المختلفة)، فقد ارتفع عن العام السابق إلى ما يزيد عن سبعة آلاف مليار طومان، أي بزيادة تتجاوز 32% عن موازنة عام 2014. فروحاني قد امتثل لسطوة الحرس الثوري المدعوم مسبقاً من المرشد علي خامنئي، خلافاً لما أعلنه في السابق عن نيته خفض مزانية الحرس الثوري والباسيج(قوات التعبئة).مما أثار ردود أفعال متباينة داخل أروقة السياسة الإيرانية.
فقد ظهرت العديد من التصريحات العدائية التي يشنها قادة الحرس الثوري، ومن خلفهم رجال الدين الداعمين للمؤسسة العسكرية مثل (مصباح يزدي)، تتهم رئيس الجمهورية بمحاولات الحد من ميزانية الحرس الثوري والباسيج (قوات التعبئة)، مما قد يهدد الأمن القومي الإيراني ـ على حد قولهم. ـوالحقيقة أن روحاني الذي يعاني من حالة تضخم كبيرة في إيران وصلت إلى 30%، والذي ورث تركة سلفه نجاد، بكل عبثة الاقتصادي، ودعمه المالي المباشر للحرس، رأى أن من أسباب حالة التضخم تلك ميزانية الحرس المفتوحة بدون حساب، بالإضافة إلى سيطرة المؤسسة على أغلب مشاريع الدولة وبنيتها التحتية، وبالتالي شرع في التقليل من ميزانية المؤسسة العسكرية في الميزانية الجديدة، وبمجرد أن وصل الأمر إلى الحرس، هددوا ضمنياً بالتصعيد إلى المرشد الأعلى علي خامنئي.
يخوض الأن الحرس الثوري حربة الأخيرة قبل انهيار خامنئي مع الرئيس الحالي لإيران (حسن روحاني)، فلدى روحاني مشروع اقتصادي مختلف تماماً عن الذي طرحه سلفه (أحمدي نجاد)، فالرجل أكثر ميلاً للمفهوم الرأسمالي في الإدارة، ويعمل على طرح مشروع خصخصة المؤسسات الكبرى في إيران بقوة خلال الأشهر السابقة، مع محاولاته الدائمة لفتح باب الاستثمار الأجنبي، والغربي على وجه التحديد، خاصة والدولة بأكملها في ظل مفاوضات الملف النووي الإيراني، وانفراجة سياسية واقتصادية قد تحدث بين لحظة وأخرى، إن وصلت إيران إلى تسوية جيدة، تتمكن بواسطتها اسقاط أو على الأقل الحد من العقوبات الدولية المفروضة على إيران.مما قد يهدد امبراطوية الحرس الثوري الاقتصادية وبالتالي السياسية.
ولكي ندرك امبراطورية الحرس الثوري بشكل جيد، علينا أن نشير إلى ما حققته تلك المؤسسة من مكاسب في عهد الرئيس السابق نجاد، فقد سيطرت على ما يقارب ثلث الاقتصاد الإيراني، بالإضافة إلى حق الإدارة المباشرة لأهم آبار النفط في جنوب إيران والتي تقع مباشرة على الخليج العربي، مع تحييد الجيش الوطني وإزاحته بالكامل إلى الشمال الإيراني.معظم مشاريع البنية التحتية من كباري ومنشآت وخطوط غاز وتمهيد طرق، وغيرها تحت يد الحرس الثوري.كما عمد نجاد أثناء فترة حكمه إلى عزل معظم الموظفين التكنوقراط من إدارة المؤسسات الكبرى في إيران، والاعتماد على لواءات متقاعدين كبديل يدين له بالولاء.والأهم من كل هذا، سطوة الحرس السياسية على مجريات الأمور في إيران، ودورهم كلاعب رئيسي في اختيار المرشد الجديد، خلفاً لعلي خامنئي، بالإضافة إلى المحاولات الدائمة من قيادات داخل الحرس الثوري، إلى تحييد دور الحوزة الدينية في (قم)، والحد من سلطة رجال الدين.فنحن تقريباً نتحدث عن دولة داخل الدولة، أو بمعنى أدق الدولة الإيرانية في طريقها إلى التحول إلى دولة شبه عسكرية، إن لم يتمكن (روحاني) من السيطرة على الطموح الجامح لقيادات المؤسسة العسكرية.
فأحمدي نجاد الذي تم إزاحته سياسياً بنهاية مدة رئاسته، ما زال له حضور لا يستهان به داخل الدولة الإيرانية بواسطة علاقاته القوية داخل مؤسسة الحرس الثوري، بل أن نجاد يحاول أن يعود ثانية للحياة السياسية عن طريق تخطيطه لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة 2015، سواء بشخصه أو ممن يمثلة من مناصريه وأعوانه، مما صعد حدة الصراع بين البرلمان الحالي(برئاسة علي لاريجاني)، وأحمدي نجاد، فوجه البرلمان اتهام مباشر حكومة نجاد بفساد مالي لما يقارب 300 مليون دولار، في فترة رئاسة نجاد الثانية، واستدعى عدد من وزراء حكومة نجاد السابقين للاستجواب في البرلمان.فسياسة أحمدي نجاد الاقتصادية التي اتسمت بالشمولية، وانعدام التخطيط الواضح، وضع البلاد بأكملها على حافة الانهيار الاقتصادي، وفتح أبواب لا يُستهان بها من فساد مالي داخل أروقة الدولة.
كل ما سبق يشير بقوة أن مؤسسة الحرس الثوري، سيكون لهم الكلمة الأخيرة في اختيار المرشد القادم، وبالطبع لن يقع اختيارهم على رجل بحجم (هاشمي رفسنجاني) الذي يعارض نفوذهم الاقتصادي بقوة، ويدعم الرئيس (حسن روحاني) في سياسته الخارجية والداخلية.أو أي من ممثلي التيار الأكثر اعتدالاً أمثال (حسن الخميني).فإن لم يتم تقديم شخصية توافقية تحل مكان خامنئي، فسوف يختار الحرس رجل دين موالي لهم، مثل (مصباح يزدي) أو شخصية ذات نفوذ قوي، مثل رجل الظل (مجتبى خامنئي).ففي النهاية للقوة العسكرية كلمتها الأخيرة في ظل الصراع على مؤسسة الولاية، وتعين رجل إيران الأول.وإلا قد يقلب الطاولة لصالحه تماماً بانقلاب شبه عسكري، يطيح من خلاله بكل الرموز الدينية المعارضة لسطوته السياسية والاقتصادية من الأساس، ويفرض كلمته الأخيرة على الساحة الإيرانية، ليحكم بشكل مباشر أو من وراء حجاب يجمع فيه بين قدسية الدولة الدينية، وقوة الحرس العسكرية.

الخلاصة: إيران تمر الأن بمرحلة مخاض سياسي خطير، فإما أن تمر بسلام على الجميع، وإما أن تنسحب إلى صراعات قد تؤدي إلى انهيار الدولة ككل، والدخول في مرحلة مصادمات لا تنتهي على المستوى الاجتماعي والسياسي، فإيران ما بعد (خامنئي) لن تكون كما تعودنا عليها.الأمور تسير إلى مزيد من التطرف والحدة والاستقطاب السياسي بين مختلف التيارات المتصارعة على جثة الولي الفقيه.مما قد ينعكس على الساحة الإقليمية والعربية بشكل سلبي، إن لم تتوحد القوى الإقليمية في المنطقة، وتخلق لها كياناً سياسياً يعتمد على المصلحة والمصالحة، فإيران دولة أخطبوطية، ذات نفوذ متشعب في أكثر من اتجاه، وأي تغير يطرأ على سياستها الداخلية، خاصة بحجم أزمة المرشد الجديد، يؤثر مباشرة على كل مناطق النفوذ التي تحتلها إيران.
ahmedlashin2000@gmail.com

المصدر ايلاف

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment