الروس والإيرانيون في خندق واحد

rashedالشرق الاوسط اللندنية

صحيح أن هذه المرة الثالثة خلال أشهر التي أكتب فيها عن شائعة الخلاف بين الحليفين الروسي والإيراني. لم أستطع، بعد، أن أصدقها، وأظن أنها رواية مصطنعة، هدفها تجميل التدخل الروسي، وتخفيف الغضب العربي الواسع ضد الروس.

وكانت وسائل الإعلام العربية رددت، أمس، نبأ مصدره من بغداد، ومع أنها تعتبر مركزًا جيدًا لتسقط الأخبار بحكم تعدد الانتماءات، لكن لا يوجد هناك ما يثبت صحة الخلاف بين الكرملين وقم، بل كل الشواهد على الأرض تؤكد أن العسكر والسياسيين من البلدين ينامون في نفس الخندق!
على أرض المعركة السورية، العمل موزع بشكل مريح. لا توجد قوات برية روسية، كما لا توجد قوة إيرانية جوية، مما يجعلهما جيشين متكاملين. وحتى لو وقعت خلافات بين قيادات عسكرية، حول إدارة التفاصيل اليومية، تظل مسألة مألوفة في مثل هذه الأجواء، بما في ذلك إجبار قيادات الحرس الثوري الإيراني على نقل بعض وحداتها من مناطق معينة، كما تردد حديثًا، أو قصف الطيران الروسي خطأ ميليشيات تحت قيادة إيرانية. ويبدو لي أن إشاعة تضارب المصالح بين الروس والإيرانيين التي تكررت كثيرًا، هي من باب التمنيات عند البعض، أو جزء من البروباغندا التي اعتادت موسكو إطلاقها منذ دخولها في الحرب إلى جانب الإيرانيين لإنقاذ نظام بشار الأسد.
العلاقة متينة بين الحكومتين. فلا يمكن أن يوجد خلاف ويقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارته المهمة قبل ثلاثة أسابيع إلى طهران. فهي الأولى له إلى هناك منذ ثماني سنوات، التقى خلالها بالمرشد الأعلى، وأهداه نسخة مصحف قديمة، وتعهد للرئيس حسن روحاني بصادرات قيمتها خمسة مليارات دولار، ووقعت الحكومتان مجموعة اتفاقيات بينها عسكرية! صعب أن نصدق بوجود خلاف والعلاقة على هذا المستوى الرفيع. رواية المصدر العراقي عن خلاف بين الحليفين لا قيمة لها، والأرجح أن الحقيقة عكس ذلك.

العراق، وليس سوريا، هو البلد الذي يقع في وسط منطقة الضغط العالي، بين القوى الدولية والإقليمية. فالأميركيون يقاتلون في الرمادي، والروس يتنقلون في الشمال الشرقي، والإيرانيون في بغداد والجنوب، والأتراك في إقليم كردستان وفي محيط الموصل، وتنظيم داعش يحفر المزيد من الخنادق في الموصل وعدد من مدن المحافظات الغربية. وجاء إعلان واشنطن أنها ستنشر قواتها على حدود العراق مع سوريا، وكذلك توليها إدارة المعارك مع العشائر السنية في الأنبار، كله ليؤشر على ارتفاع حدة التنافس بين المحاور.

ومع أنه لا شيء مستحيلا في السياسة، فإنه يصعب أن أصدق بوجود خلاف بين الروس والإيرانيين، وتكرار الرواية يعني أنها من مطبخ الحرب النفسية.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

#أردوغان ينقذ رجلا على وشك الانتحار بسبب مشاكل مع زوجته

كان موكب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  يمر به على الجسر حين صادف رجلا على وشك الانتحار, بسبب مشاكل مع زوجته ويعاني من الاكتئاب”, فتحدث معه وهو يبكي، فقبَل الرجل يد أردوغان قبل أن يصطحبه أحد مستشاريه إلى أحد المصحات

erdogan5

Posted in الأدب والفن, يوتيوب | Leave a comment

نجَّار القرن

faragلم أر في حياتي شخصًا يحب الكابتن “ممدوح فرج” بقدر ما رأيت العم “عبد الباسط” يحبه، ولم أر في حياتي شخصًا يحرص علي ترقب برنامجه علي القناة الثانية بقدر ما رأيته يحرص، وبقدر ما رأيته يفعل لم أر في حياتي صعيديًا لا يعرف الألف من كوز الدرة يحفظ أسماء المصارعين وسيرهم الذاتية كاملة، وينطق نطقاً سليمًا مفردات أجنبية مثل : “سوبلكس”، “مانشيت”، “كلوز لاين”، “سبير”، وأتذكر جيدًا أنه كان المصدر الأول لمعرفتي بأن “عفركوش ابن برتكوش” عفريت فيلم “الفانوس السحري” هو عم “ممدوح فرج”، وأشهد الآن أنه كان مسكوناً بروح خفيفة الظل من الصعب أن يتحامل عليها أحد، تمامًا كروح “ممدوح فرج”، ولا أجد تفسيرًا لذلك الاشتباك الذهني بينهما أكثر منطقية من أن ذاكرة صباي كانت قد خزنت صورة الرجلين في إطار واحد معًا، لكل هذ ربما، عندما رحل “ممدوح فرج” قبل عام وأكثر شعرت بأن نبضة من عالمي تهرب، وأنا هنا لا لأهينه، إنما لأهين رمزيته ورمزية أمثاله الذين اشتركوا في استدراج مصر إلي مشارف المجهول، وجعلوا منها أرضًا حتي الطيور المهاجرة لا تأمن المرور فوقها، ونسوا أو تناسوا مثله أن الماضي جثة أمينة، وأن حصانة الحاضر سريعة التآكل، وأن المستقبل لا يدخله أحدٌ ليبقي فيه إلا بعد اجتياز بوابات الماضي والحاضر مبرءًا من كل موقفٍ ضد الإنسان، وأن طعنات المظلومين المكتوبة والمسموعة والمرئية جراحها لا تلتئم أبدًا..

كان وجه “ممدوح فرج”، ولا يزال، بإمكانه أن يستدعي إلي ذاكرتي وجه العم “عبد الباسط” بكل وضوح، وأن يعوِّم علي سطحها مقولته هذه التي كان يرددها كثيرًا حتي ارتبطت بحضوره في ذاكرة البلدة :

– اتفوووه علي رُبع مليون دولار!

كان مسكيناً وتعيس الحظ وهدفاً دائمًا لغارات الفقر إلي حد جعلني ذات يوم أعتقد بأنه لو حالفه الحظ لمرة واحدة وتمكن من سرقة أحد البنوك سوف لا يكون في النهاية سوي “بنك الدم” أو “بنك المصل واللقاح” أو “بنك الحسنات” التي قد يحتاجها غيره، أما هو فلم يكن بحاجة إلي حسنات، ذلك أن “الفقر حشمة” فقط حين يتعلق المثل بفقير بلغ من الفقر حدًا يمنعه قسرًا من ارتكاب أفعال غير محتشمة، وهكذا كان العم “عبد الباسط”، كانت النقود بالنسبة إليه من الغيبيات، كما كان شعوره الحقيقي بتربص السماء به وتعمدها إفقاره وإهانته أمام الناس هو مصدر علاقته المبتورة بالعبادات، هذا جعل بعض الفارغين عندما يملئون أحياناً في المساءات أوقاتهم بإحصاء عدد المواظبين علي الصلوات في البلدة يضعون اسم “عبَّاسط” في صدارة الذين لم ير أحدٌ أيًا منهم “يركعها” قط، يحدث أحياناً أن يستغرق أحد المسنين في التفكير لدقائق ليبوح بعدها بشكه في أنه رآه مرة يصلي الجمعة منذ سنين، وفي بلدة لا تنام علي سر، كانت هذه النمائم تصل إلي العم “عبد الباسط” فيأخذها علي محمل السخرية ويستدعي دائمًا منطق العصاة في كل مكان : ارمي بياضك، من قدم السبت يلاقي الحد، ارزقني الأول وأنا ما اطلعش م الجامع، لقد كان معتدَّاً بعصيانه، وكان الأمر بالنسبة إليه نزاعًا بين طرفين، هو والسماء، ورفض من جانبه الاستسلام حتي آخر دقة من دقات جرس النهاية!

في نهايات الثمانينيات وصيغتها الزمنية الرزينة، كان “ممدوح فرج” لا يزال متزناً، يكتفي بالتعليق علي المباريات بلهجة رياضي أنفق بعضًا من عمره في ممارسة اللعبة فقط، لذلك، ولشعبية مصارعة المحترفين، تواصل زحف اسمه علي مساحاتٍ لا بأس بها من جماهير اللعبة دون عوائق، لكنه، في سنوات عمره الأخيرة، عندما نمت شعبيته بشكل تجاوز أحلامه وصل إلي حالةٍ منفرة من الاعتداد الزائف بالنفس والتشبيب بها، وفيما بدا أنه أصيب بكل الأمراض الناجمة عن هالة الضوء المدبر التي طوقت حياته دون أن يستعد ذهنيًا لها، تناسي أن أحدًا من المشاهدين لم يره قط يخوض مباراة حقيقية، وراح يملي عليهم بتهور أنه ليس فقط المصارع الكبير كما يظنون، ولا “مصارع القرن عن قارة افريقيا”، إنما هو عالم قائم بذاته من مصارعة المحترفين بموازاة عالم مصارعة المحترفين، ولا أشك أبدًا في أن إصابته بهذه الأمراض بدأت بقيام مجموعة قنوات “ART” بشراء لقب مصارع القرن له بهدف تلميعه تنفيذاً لوصية منظمات سرية تسيطر منهجيًا علي العالم من القطب إلي القطب، وهو ما حدث مع بعض الدعاة المزيفين وغيرهم أيضًا!

وفي بداية التسعينيات، كنت قد كبرت بالقدر الذي يكفي لا لأعرف فقط أن “ممدوح فرج” لا مصارع قوي ولا حتي متوسط القوة إنما لم يخض طيلة حياته إلا خمس أو ست مباريات ضد مغمورين من مصارعي اتحاد أوروبا، المرة الوحيدة التي واجه خلالها خصومًا حقيقيين وهزم بعضهم كانوا ضيوفاً علي القاهرة بمقابل مالي، سبوبة، ومن يري أيًا من مبارياته مع أحدهم سيكتشف علي الفور أنه إنما أمام خشبة مسرح لا حلبة مصارعة، ولقد حاولت أكثر من مرة أن أجلد العم “عبد الباسط” بأفكاري الطارئة عن حقيقته، وأن أسفه السرديات المبالغ فيها التي سمعناه يحكيها عنه، وأن أؤكد له أنه هو، العم “عبد الباسط”، ما زال بإمكانه، حتي بعد أن سقط فريسة لعدة أمراض، أن يعجن “ممدوح فرج”، لكنه كان صلدًا في الدفاع عن رأيه ما جعلني اكتشف أنه علي استعداد أن يصدق أنه من الممكن أن يملك ذات يوم 500 جنيه صحيحة، لكن، أن يصدق أن “ممدوح فرج” لم يكن ذات يوم بطلاً للعالم في المصارعة قتل ذات يوم مصارعًا علي الحلبة فهذا مستبعد تمامًا!

لقد نجح “ممدوح فرج” في الاختباء خلف صورته الذهنية المغلوطة سنين طويلة، وكان من الوارد أن يورِّثها للتاريخ لولا تهوره وإفراطه في التردد علي علب الليل وسيولة شهيته للضوء في السنوات الأخيرة من عمره، تقديم برامج، وإعلانات براقة تعزز من أفكار الناس السابقة عنه، والتطفل علي تجارب سنيمائية رديئة لم يصمد بعضها في دور العرض أكثر من ساعات، كفيلم “علقة موت” الذي لعب فيه دور المدرب دون أن يدور بباله أنه سيكون ضحية لـ “علقة موت” في سينما الواقع قبل نهاية العام نفسه!

حتي بعض المتهمين بالثقافة كانوا علي قناعة تامة بصحة تلك الشائعات التي نسجها هو حول نفسه، وأتذكر أن مذيعة سألته ذات مرة سؤالاً بطعم الإجابة:

– وطبعًا أكيد الكابتن “ممدوح” بيفطر بخروف؟

وهو، بمنطق : “أنا متواضع جدًا .. وما بأحبش أتكلم عن نفسي كتير”، نفي هذا الكلام وأكد أن طعامه كطعام كل المصريين ما أثار دهشة المذيعة، هي علي كل حال أقل “هَبَلاً” من أهلنا في الجنوب الذين كانوا يأخذون أساطير السيرة الهلالية علي محمل الجد، ويصدقون “جابر أبو حسين” أعظم شعرائها علي الإطلاق حين يحكي لهم عن شخصية خيالية من شخصيات السيرة، فيقول نثرًا بين فواصل الأبيات :

– والوحش “برطوم” كان ياكل في اليوم 3 جِمال، يُفطر بجمل ويتغدي بجمل ويتعشي بجمل، وقبل ما ينام كانوا بيجيبوا له خروف لباني اظغير كده يقزقز فيه!!

أقسم أن ظلالاً من الشعور بالخجل تمر الآن بأعماقي لأني تذكرت أني حتي سن التاسعة كنت أصدق هذا الكلام الذي لعب في تغذية معارك الجنوب دورًا لا يقل عن دور شعر الحماسة في الزمان الأول، كلهم كان يحلم بأن يشبهوه عقب المعركة بـ “أبوزيد الهلالي” أو “دياب بن غانم”، وبأن تمضغ سيرته ألسنة النساء والبنات، ما عدا الجد “عبد الرحمن” صاحب المبدأ الذي أبقاه أيامًا طويلة من عمره طريح الفراش وأفقده الكثير من الدم المجاني وحرمه من خوض العديد من معارك العائلة بالأمر المباشر..

كان الجد “عبد الرحمن” يستحي أن يضرب امرأة في المعركة حتي وإن بدأت بالإعتداء عليه، وهذا خُلُق كخلق المؤمنين لولا أن معظم نسائنا أشد كفرًا ونفاقاً من الأعراب، فما إن عرفن فيه هذا الخلق، وتأكدن من عدة تجارب سابقة أن المسكين متمسك بالتحلي به دائمًا، حتي تناقلن الخبر، وكن، بعد ذلك، قبل بداية المعركة، يتفقن معًا علي اعتباره أول فريسة يجب استهدافها عن قرب بقوالب الطوب والأحجار وضربات الشوم، وتخفيفاً من أعباء القتال عن الرجال لابد أن تنوب إحداهن عن الأخريات وتقول لهم بلهجة تآمرية:

– سيِّبوا لنا “عبدروحمان” وخلِّيكم في التانيين!

من الطبيعي إذاً أن يكون الجد “عبد الرحمن” أول المصابين في المعركة، وأول المحمولين علي سواعد الرجال إلي منازلهم أو إلي الوحدة الصحية، حسب درجة الإصابات ومواضعها، وكانت زوجته المصابة عادة أثناء الدفاع عنه تهرول خلف الموكب ولسان غيظها المكتوم يخاطب جريحها قائلاً: يا أيها الرؤوف الرحيم!

بمرور الوقت، قبل إندلاع إحدي المعارك المتوقعة، طلب منه كبار عائلته علي الملأ بلهجة حادة ومشوبة بمظاهر الغضب الحقيقي أن يختار بين التزام بيته حتي تنتهي المعركة تمامًا، وبين أن يكون في المعركة غشيمًا يضرب “عمياني” دون تمييز بين رجل وامرأة، وحجتهم في ذلك سليمة : ما دام عدد المصابين في الجانبين هو المؤشر الوحيد علي النصر أو الهزيمة، فلماذا يُحسب علي العائلة مُصاب مؤكد في احصائيات معركة اشتراكه فيها لا يحدث فرقاً إلا بالسلب في توازناتها؟

في البداية، وقبل أن ينصاع لأمر عائلته ويعتزل رياضة العراك نهائيًا، احتج بعنف، وصاح في انفعال حقيقي:

– دمي ما يجيبنيش يا ناس نُضرب مَرَه .. ولا نقدر نُقعد في البيت والعيطة شغالة!

ولربما كان الجو المشحون بكل مظاهر التوتر والمخاوف التي تسبق المعركة عادة هو ما دفع شابًا أصغر منه سناً بكثير إلي أن يشهر غضبه بلا خجل ويصيح به في انفعال :

– يعني نعينوا لك ناس تحرسك في العيطة يا عم “عبرحمان”؟ يا راجل مايز علي دمك شوية، راضيك يعني كل عيطة نجيبوك شايلينك؟

هذا الهجوم العفوي أخجل الجد “عبد الرحمن” حقاً وجعله ينسحب إلي بيته صامتاً، وظلت ذكراه عائقاً لا يستطيع أن يجتازه أبدًا ليواصل الاحتجاج علي قرار عائلته بإقصائه عن معاركها، وأضاع علي العائلات الأخري فرص الفوز بمصاب مضمون، ولقد توقعت أن يحذو “ممدوح فرج” حذوه ويتقاعد عن أي نشاط يتعلق بالمصارعة بعد علقة “عزبة خير الله” لكنه لم يفعل!

في ذلك الوقت، ربما لأن الحاجة “أم ممدوح” نسيت أن تدعو يومًا لابنها “ممدوح” كبقية النساء أن يكفيه شر الطريق وشر أولاد الحرام وشر النجارين، أو أن يموت قبل ديسمبر 2009، أي قبل اندلاع مشاجرة بين “مصارع القرن” وبين نجار باب وشباك من “عزبة خير الله” بحي البساتين يدعي “أحمد حسين” ذكر الإعلام أن سببها هو حصول النجار على مبلغ مالى لتجهيز ما تحتاجه صالة “جيم” أراد “ممدوح فرج” تأسيسها في الدقى من أثاث، إلا أنه لا جهز شيئاً، ولا رضي أن يرد ما حصل عليه من نقود..

وللأمانة، وللتاريخ، ولوجه الحقيقة، يجب أن أقول: كانت المشاجرة بين النجار!

ذلك أن ما أصيب به “مصارع القرن من منازلهم” من عشرات الجروح والكدمات والسحجات في معظم أنحاء جسده يجعلني لا أصدق أنه كان في المشاجرة أصلاً، بلغة “ممدوح فرج” : خَلّلللص عليه!

ما هو أكثر من هذه الملهاة تحريضًا علي الخجل أن “ممدوح فرج” لم يكن أعزل، بل كان مسلحًا بصاعق كهربائي كالذي تقتنيه العذاري بهدف الدفاع عن أنفسهن عند الحاجة، نقطة هزلية تكمن دلالتها الدنيا في أن “مصارع القرن” كان يعرف أن قوته الحقيقية لا يمكن أن تسعفه في شجار حقيقي، وتطرح سؤالاً مشروعًا :

– ما الذي كان يمنع “نجار القرن” من أن يكشف مؤخرة “هوجان مصر” ويهين رجولته لولا الصاعق الكهربائي!

لم يعد “ممدوح فرج” بعد هذه الحادثة أبدًا كما كان قبلها، صار شديد الحذر عند الكلام عن ماضيه في عالم المصارعة، وصارت ضحكاته شاحبة، وسكنه هاجس بأن كل مديح يوجه إليه يحمل في طياته سخرية مبطنة، وكنت أتألم من أجله، لكنني كنت أتألم أكثر من أجل موت العم “عبد الباسط” قبل هذه الحادثة بعام ونصف، فيا ليته كان انتظر حتي أتمكن من أن أنقل إليه الخبر مكتوبًا، وأري كيف يكون رد فعله عندما يكتشف أنه إنما قضي عمره يعبد صنمًا من بسكويت!

رحم الله كل من عبروا وتركونا أهدافاً سهلة للدغات الحنين..

محمد رفعت الدومي

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (70) حصاد الانتفاضة من المنظور الإسرائيلي

mostafalidawiيقول الإسرائيليون في معرض تقريرٍ أصدرته جهاتٌ أمنية، وتم نشره أمس الجمعة الخامس والعشرين من شهر ديسمبر من العام المنتهي 2015، أن الأحداث التي سادت المناطق الفلسطينية المختلفة على مدى المائة يومٍ الماضية، قد شهدت تراجعاً ملحوظاً، وأن العمليات الأمنية العنيفة لم تعد تقع يومياً كما كانت، وإن كان التقرير قد أشار إلى أن الأحداث التي هدأت نسبياً، لن تتوقف كلياً خلال الفترة القريبة القادمة، بل إنها ستتواصل على مدى الشهور التالية، ولكن بحدةٍ أقل، ووتيرةٍ أبطأ، وعملياتٍ متباعدة، ورغم أن أفق النهاية غير منظور، إلا أنها ستهدأ بعد ذلك وستنتهي، وسط تفاؤل كبير بتعاون السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية التي تعمل على ضمان عدم خروج الأحداث عن دائرة السيطرة التامة.

يضيف التقرير الأمني الذي يعتمد ويتبنى المعطيات الرسمية الإسرائيلية، ويغطي فترة المائة يوم الماضية من عمر الانتفاضة، أن 156 فلسطينياً قد قاموا بتنفيذ 140 عملية أمنيةٍ على خلفيةٍ قوميةٍ، منها 48 عملية تمت داخل الخط الأخضر المحتل، و92 عملية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وأن 22 عملية من تلك التي وقعت داخل الخط الأخضر قد نفذت بأيدي فلسطينيين يحملون الهوية الزرقاء، و26 عملية نفذت بأيدي فلسطينيين من مناطق مختلفة من الضفة الغربية، إلا أن أغلبهم قد جاؤوا من مدينة ومحافظة الخليل، التي نفذ أبناؤها الكثير من العمليات داخل محافظتهم، وفي أرجاء الضفة الغربية وعموم الأراضي الفلسطينية، رغم الإجراءات الأمنية المشددة والمطبقة على المدينة والسكان.

لا يشير التقرير إلى العدد الإجمالي للشهداء الفلسطينيين، ويقتصر على ذكر أرقام مختلفة لعددهم في بعض المناطق، كونه لا يعترف بالمسؤولية القانونية عن قتلهم، لكنه يذكر أن عدد القتلى الإسرائيليين بلغ على مدى المائة يوم الفائتة 22 قتيلاً وأكثر من مائتي مصابٍ، وأن عدداً من المصابين لا يزيد عن الثلث كانت إصابتهم خطرة، ومنهم من بقيت حالته مصنفة بأنها خطيرة حتى ساعة إعداد هذا التقرير.

ويشير التقرير إلى أن سلاح الانتفاضة الفلسطينية الثالثة ما زال محصوراً في عمليات الطعن وهي العمليات الغالبة إلى جانب الدهس والصدم، فضلاً عن إلقاء الحجارة والقنابل الحارقة محلية الصنع، وعملياتِ قنصٍ محدودة جداً، وقد تم اللجوء إليها في منطقةٍ واحدةٍ فقط، هي منطقة الخليل، ويبدو أن منفذها شخصٌ واحدٌ يتكرر ظهوره في أكثر من مكانٍ، بمعنى أن السلاح الناري لم يدخل الانتفاضة، ولم يلجأ إليه الفلسطينيون في مقاومتهم، بما لا يسمح باعتباره أحد الوسائل المستخدمة في الانتفاضة، رغم اكتشاف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية بعض الشبكات والخلايا العسكرية التابعة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، إلا أنه قد تم تفكيكهم واعتقال عناصرهم بسرعة، وفي هذا الشأن يشيد التقرير بدور الأجهزة الأمنية الفلسطينية في إحباط مثل هذه المحاولات وتفكيك شبكاتها، منعاً لوقوع المزيد من العمليات.

ويقلل التقرير من أهمية العامل القومي في عمليات الطعن والدهس، ويرى أن أغلبها جاء على خلفياتٍ انتقامية وثأرية لأخوة وأخوات وأصدقاء وجيران ومعارف قتلوا خلال الأحداث، وأن مشاركة المرأة وإن كان عددهن كبير نسبياً، إلا أنها جاءت تقليداً واتباعاً أكثر مما هي قناعة وتوجهاً قومياً، فضلاً عن التخبط الأعمى، والعمل الفردي غير المنظم، وغياب الرؤية والمعلومة والتنسيق، وعدم وجود قيادة ورأس للعمليات اليومية، في ظل غياب الدعم الخارجي والسند الإقليمي الذي كان موجوداً في الانتفاضات السابقة، الأمر الذي من شأنه أن يقصر من عمر الأحداث ويقرب أجل انتهائها، وإن بدت أنها قادرة على الاستمرار وحدها، والمواصلة بنفسها وقدراتها الذاتية.

ذاك كان مضمون ومحتوى التقرير الإسرائيلي، لكن القراءة العربية والفلسطينية تختلف عن القراءة الإسرائيلية للانتفاضة، وتتباين الأرقام وتختلف الإحصائيات حسب الجهة التي تجري البحث، والغاية والقصد منه، وإن كانت الكثير من البيانات الرقمية حقيقية، والصور والشواهد دقيقة، ولا يمكن إغفالها أو تزويرها وتحويرها، إذ أنها في أغلبها عامة ومكشوفة، ويتم الإعلان عنها دائماً عبر أكثر من طريقٍ ومصدر، فأعداد الشهداء واضحة ومحددة، وعدد عمليات الطعن معروفة وموثقة في أغلبها، وعمليات الدهس الفلسطينية يتم الإعلان عنها فور وقوعها، وغير ذلك من البيانات التي لا يستطيع الباحث تجاوزها كأعداد النساء والأطفال، إذا كانت مهمته مهنية علمية منصفة ودقيقة، وهذا ما لا يتوفر في التقرير الإسرائيلي.

لكن القراءة الإسرائيلية التي لا تستطيع تجاوز الحقيقة أحياناً لوضوحها وسطوعها، فتخضع لها وتلتزم بها، فإن لها في دراستها وإعلامها دائماً أهدافاً أخرى وغاياتٍ مختلفة، فهي تزيد في عدد الهجمات ومحاولات الطعن والدهس كلما رأت ذلك أنه لصالحها ويخدم أهدافها، وتضيف إليها كل ما اشتبهت فيه وظنت أنها عمليات مقصودة، وهي في الوقت الذي لا تريد أن تكون بياناتها مشجعة للمقاومة التي يرضيها أن يزداد عدد القتلى الإسرائيليين، وتتعاظم خسائرهم، فتشجع هذه النتائج غيرهم على التقليد والاتباع، وتنفيذ المزيد من الاعتداءات طمعاً في نتائج أفضل وخسائر أكبر، فإنهم يدرسون بعنايةٍ كل خبرٍ لئلا يكون مردوده سلباً عليهم وإيجابياً على الشعب الفلسطيني ومقاومته.

ولهذا فإن بياناتهم وإن كانت بعضها صحيحة وحقيقية، فإنها ترجو منها تطمين الشارع الإسرائيلي، وإشعاره بعدم خطورة ما يجري من أحداثٍ عليهم، وأنه لا ينبغي عليهم الخوف والقلق، ولا الفزع والجزع، وأنه يجب عليهم أن يثقوا في حكومتهم وجيش كيانهم وقدرة أجهزتهم الأمنية، وهي تتطلع إلى رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال وكبار المستثمرين لأن يثقوا في استقرار الأوضاع في الكيان الصهيوني، وأنه ليس هناك ثمة ما يقلقهم أو يدفعهم للهروب والفرار، والتخلي عن العمل والاستثمار، ومن ذلك التأثير الإيجابي على المكاتب السياحية ووكالات السفر وإدارة الفنادق والأماكن السياحية الدينية والتاريخية، التي تساهم بصورة كبيرة في حيوية الاقتصاد الإسرائيلي، ولهذا فهي تحرص على أن تكون أخبارها لهم مطمئنة، ولسوقهم مشجعة، وإلا فإنها تساهم من حيث لا تقصد في تحقيق بعض أهداف المقاومة الفلسطينية.

أما لجهة الجانب الفلسطيني فإن صياغة الخبر الإسرائيلي، وصناعة الأبحاث وكتابة التقارير تخضع لرقابةٍ أمنيةٍ واجتماعيةٍ ونفسية وسيسيولوجيةٍ مدروسةٍ، ليكون الخبر دائماً محبطاً للفلسطينيين، وسلبياً عليهم، بحيث يؤثر سلباً على روحهم المعنوية، وينعكس تراجعاً على اندفاعهم وأدائهم اليومي، ويثبت لهم عدم جدوى عملياتهم، وأنها لا تؤثر في الشارع الإسرائيلي ولا تضر به، وأن حجم خسائرهم أكبر من مكاسبهم بكثير، وأنهم يخسرون الكثير إن هم مضوا على ذات الطريق، فضلاً عن أنهم يحرصون من خلال بياناتهم على تضليل الشارع الفلسطيني، وتشويه صورة مقاومته، وتسطيح عملها وتبهيت جهودها، الأمر الذي يفرض على القارئ العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً أن يتأنى في القراءة، وأن ينطلق في فهمه لما يكتبون وينشرون من سوء الظن وانحراف القصد.

بيروت في 26/12/2015

Posted in فكر حر | Leave a comment

نشر ثقافة الحب

lovesickانا احبك! قالها جوزيف

فلبيني بأحد فروع ماكدونالدز جئته مرّات عديدة وعندما استلم منه الطلٓب اشكره فيجيب : آي لاڤ يو ( انا أحبّك ) .ابتسم واقول له مي تو ( وانا ايضاً) وانصرف.تكرر معي الموقف مرات كثيرة ، قلت لربّما زياراتي الكثيرة لهم جعلته يألٓف عليّ سيما اراه يزور فرعنا بإستمرار ويقوم بإيداع مبالغ مالية وتحويلها (ماك بجانب مقر عملي يبعد مسافة ٢٠٠م) اقول ان زياراتي المتكرّرة جعلته يألٓف عليّ فيقول لي احبك عندما اشكره، انتابني فضول لأعرف سر هذا الحب ، لأول مرة ار شخص في هذا البلد يوزع الحب للناس دون ايّة مصلحة حتى لو كان حباً لله كقول المطاوعة (احبك بالله فيما بينهم طبعاً) ، اليوم جئته وجلست على احد الطاولات وتابعته فوجدته يوزّع الحب على كل زبائن الفرع بإبتسامة ترى فيها الأمل والحياة والمحبّة فيما ترٓ ملامح الدهشة الممزوجة بالإبتسامة على وجوه من قال لهم انا احبّك لدرجة ان بعضهم برتبك ويكتف بإبتسامته لأنه غير معتاد على هذه الكلمة. قمت من طاولتي فطلبت وجبتي المفضلة بعد دقائق صوّت بالعربية برقم الطلب فأخذتُ وجبتي وقلت له (ثانكيو) فقال ( آي لاڤ يو سير) قلت له تعال تعال جاءني فضممته وقلت وانا احبك ايضاً. والتقطنا سيلفي مع بعض وضحكنا.حقيقة اننا نفتقد هذه المشاعر فيما بيننا بل ان الابن_ة لا يقولون لوالديهم واخوتهم كلمة احبّك والعكس.جفاف المشاعر في هذا البلد كصحراءها الجافة واشجارها اليابسة التي تنتظر هطول المطر لترتوي قليلا وتتزين باللّون الأخضر وتخرج منها رائحة زكيّة.

مؤكدّاً ان الرجل مسيحيّاً وغير مسلماً وهذا نعرفه من اسمه ، فتسعون بالمائة من فلبينّيو السعودية يدينون بالمسيحيّة اغلبيّتهم السّاحقة من الكاثوليك والباقي انجيليين ،برأيي انه يُجسّد فلسفة المسيح التي تأمر بمحبّة الآخرين غير المشروطة رغم ما يعانيه من كبت واضطهاد وحرمان من الجهر بدينه واهانة معتقداته والدعاء عليه من فوق المنابر

في الإسلام وثقافته تُعلّم المسلم ان الحب يُوجّه فقط للمؤمنين ( انّما المؤمنون اخوة) بينما يُعلّمهم ان تكون مشاعرهم ضد الآخر (الكفّار) مشاعر بغض وكره لأنهم يدينون بغير الإسلام (القرآن بنصوص على شاكلة الله لا يحب الكافرين وبموضع آخر لا يحب المشركين وبمواضع أخرى يعلّمهم مشاعر سلبية تجاه الآخر الذين لم يدين بالإسلام) .

نحن بحاجة للمحبة والحب لا نقول نريد مثاليين بل من يسعون لنشر ثقافة الحب وكلمة احبك التي قد تزيل الكثير من المشاعر السلبية.

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

اصل لاعماق قلبك عبر احساس الحزن لكي امرر عليك افكاري مهما كانت قاسية

salmanelaoda

الداعية سلمان العودرة

من ذكريات الإيمان / حلقة التحفيظ:
رغم قصر السورة الاّ ان سورة البلد كانت من أكثر السور التي اتعثّر بها ويستعصي عليّ حفظها بسرعة رغم حفظي لسور طويلة كالمجادلة مثلاً .ولا زلت حتى اللحظه احفظ خمسة أجزاء من القرآن كاملة … قال لي الشيخ ذات مرّة وانا بالمرحلة المتوسطة تُريد ان تحفظها بسرعة؟ ، اقرأها كشعراً واكتبها بخط يدك كل آيه في سطرٍ واحدٍ ثم ردّدها بدون ترتيل ولا تجويد لتحفظها.. وكانت نصحيته مفيدة فحفظتها كشعراً لكن ترتيلاً اتعثّر بها .
لاحظ قول الشيخ ( اقرأها كشعراً) هل هذا اعتراف من الشيخ انّ القرآن نصوصا شعريّة؟

القرآن كتابٌ صعب ويكاد نصفه يناقض نصفه الآخر ، كما ان القرآن يحتوي على تكرار ممل ، ولولا ترتيلة بأصوات جميلة ما تأثّر المؤمن به ..
محمد كان ذكياً يوم ان جعله مرتلاً لكي يصل تأثيره بسهوله كما انّ الترتيل والتركيز على جمال الصوت واللحن والآداء جعل المؤمن يغض الطرف عن معانيه وتدبّره فالترتيل الحزين قادر ان يجعل نصاً محرضاً للقتل أمراً طبيعياً .. فيسمغ المؤمن قراءة بصوت الشيخ خالد القحطاني صاحب الصوت الحزين مثلاً قوله : اقتلوهم يعذبهم الله ويشفي صدور قوم مؤمنين نصا مبكياً وبالتالي يتحول النص الى مركزا للخشوع مما يجعل لغة القتل مقدّسة وسراط مستقيم للوصول الى الخشوع وهذا ينطبق على كل النصوص.
لكن حقاً انا لا افهم عقلية شيخ يقرأ نص واضربوهن او قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله، او نساءكم حرث لكم ..الخ ثم يبك ويخشع وتدمع عينه على نص ليس مبكياً ولا يوجد سبب لهذا الخشوع!

اتبع محمد ممارسة اسلوب الحيلة النفسيّة ، فأنا اصل الي اعماق قلبك عبر احساس الحزن، الخشوع لكي امرر عليك افكاري مهما كانت قاسية او رحيمة .

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

عبث الدعاة بعقول أتباعهم 1: عدنان إبراهيم

يتساءل الداعية عدنان إبراهيم في هذا الفيديو: ما علاقة داعش بالإسلام؟
adnanibrahim يقول في مستهل محاضرته: “إذا أصررتم على أن ثمة علاقة بين الصليبيين والصليبيات بالمسيحية إذن لا بد أن تعترفوا، بتواضع، أن هناك ثمة علاقة بين الداعشية والبوكوامية وأمثال هؤلاء وأخواتهم وبين الإسلام. كيف؟ إيش هذا العلاقة؟”
هكذا هي عادة الكثير من كتابنا بشتى مشاربهم وهم يلجئون إلى إقحام المسيحية واليهودية كلما أرادوا توجيه نقد للإسلام مهما كان بسيطا، ظنا منهم أن هذا يجعل أفكارهم موضوعية حيادية أو يخفف من تأثير نقدهم للإسلام على المؤمنين غير المتعودين على سماع بعض الحقائق حول دينهم.
يرد الداعية: “هي علاقة قراءة. الصليبيات كانت قراءة في الكتاب المقدس، خاصة العهد القديم، قراءة من الواضح أنها متحيزة وكاذبة، كذبت على روح عيسى عليه السلام، وعلى روح عيسى رسالة المحبة. الأهداف كانت استعمارية واقتصادية… واليوم ما تفعله داعش وبوكو حرام من أمثال هؤلاء الإرهابيين قراءة في الإسلام، قراءة داعشية، قراءة بوكو حرامية، قراءة جماعتية حزبية إرهابية”.
يقول (استعمارية واقتصادية) ولو كان منصفا لقال نفس الشيء على ما سمي بالفتوحات الإسلامية. لكنه لن يفعل بعد أن قال بأن “القتال (في الإسلام) لا يكون إلا دفعا للعدوان ولا يمكن أن يُسْمَح به شرعاً أن يكون قتال عدوان..”.). هكذا تحولت عنده الشعوب المغزوة من نهر الغانج إلى نهر التاج، شعوبا مجرمة في حق المسلمين مما توجب عليهم غزوها.
يعترف عدنان بأن “هذا الكلام غير واف ولا كاف”. ليتساءل: “هل ثمة قراءات أخرى مغيبة، مدسوسة، مخبأة، غير موجودة.. قراءات موازية أخرى؟ وإذا كانت ثمة قراءات، أَفْرِزوها لنا، هل ثمة من يعظ بها؟ هل ثمة من يبشر بها؟ هل ثمة من ينتصر لها بالدليل والبرهان؟ ويحاول أن يثبت بنضال فكري وصراع عقلي كبير محموم أنها أقرب إلى روح الإسلام؟ المطابقة ما فيه مطابقة. كلها مقاربات، قراءة أبعد وقراءة أقرب”.
عدنان إبراهيم يقصد نفسه طبعا، ظنا منه أنه يقدم قراءة “أقرب إلى روح الإسلام”..
يجيب بعد هذه التساؤلات: “سأعطيكم مثالا سريعا له علاقة بكل ما تفعله داعش أو بأكثر ما تفعله داعش: لو قرأتم كتاب الله، وأنا أشهد الله على أنني فعلت جهدي أو بعض جهدي وفعل هذا مستشرقون أجانب وفعله كتاب إسلاميون بالمئات.. لو قرأتم كتاب الله هكذا مجردا بعيدا عن المفروضات والقبليات والمسلمات. كل الآيات المتعلقة بالجهاد والقتال، والله، لوجدتم هذه الآيات تَتَرَامَى إلى تقرير غاية ومعنى واحدا (وهو) أن القتال لا يكون إلا دفعا للعدوان ولا يمكن أن يُسْمَح به شرعاً أن يكون قتال عدوان..”.
قراءة عدنان إبراهيم الأقرب إلى روح الإسلام خلاصتها أن “كل الآيات المتعلقة بالجهاد والقتال.. تَتَرَامَى إلى تقرير غاية ومعنى واحد (وهو) أن القتال (في الإسلام) لا يكون إلا دفعا للعدوان ولا يمكن أن يُسْمَح به شرعاً أن يكون قتال عدوان..”.)
فهل يمكن أن نصدق أن رسول الإسلام باعتباره أول من أمر أصحابه بالغزو، بما في ذلك غزو قبائل وشعوب آمنة لم يكن بينها وبين المسلمين عداوة، ثم واصل صحابته والتابعون وتابعو التابعين طوال القرون غزو البلدان واستعمارها وفرض دينهم وشريعتهم على أهلها، بل شرّعوا استعباد الناس قرونا من الزمان حتى انقرضوا أو كادوا، هل يمكن أن نصدق أنهم فعلوا كل هذا جهلا بالإسلام الصحيح (دين الرحمة) أو تمردا على تعاليمه أو في أحسن الظروف إساءة لتطبيقه؟
عدنا إبراهيم وهو يتبنى هذه الأفكار الشاذة تاريخيا يحكم على أسلافه المسلمين، عامة وخاصة، علماء وفقهاء وساسة، بأنهم عاشوا وماتوا دون أن يفقهوا شيئا في دينهم لأنهم قاتلوا وحاربوا وغزوا واستعمروا خلافا لما ينص عليه دينهم. فما هذا الدين الذي عجز أهله عن فهمه 14 قرنا؟
هل يعقل أن تجتمع، في عصرنا، الوهابية والأصولية الإسلامية والأزهر وكل المذاهب والمدارس الدينية وكل الحركات الإرهابية على خطأ إما جهلا بصحيح الدين أو سعيا إلى تشويهه، ويصيب عدنان إبراهيم؟
يقول: “سيُرْمَى في وجهك بالآية الخامسة من سورة التوبة، بالتاسعة والعشرين، بالسادسة والثلاثين. سيُرْمَى في وجهك بالنسخ، لكن لو سلمنا اعتباطا بأن هناك نسخا، فهل النسخ حينما يقع ينبغي أن يعمل في اتجاه مقاصد القرآن وآياته الكبرى العامة أم عكس اتجاه هذه الغايات الكبرى العامة؟ لا طبعا، في اتجاه هذه الغايات. لأن هذا دين نهائي، رسالة خاتمة، ألقت السماء كلمتها الأخيرة، إذا كان هناك ناسخ ومنسوخ فالذي ينسخ هو الذي كان لا يعمل في اتجاه روح القرآن العامة، لا يعمل في اتجاه مقاصد الدين الكلية، كان يعمل عكسها لأمور ظرفية طرأت على الرسالة والرسول والمرسل إليهم من المسلمين والكافرين”.
دعونا أولا نقرأ آيات السيف التي أشار إليها عدنان إبراهيم والتي دعت إلى العنف لفرض الإسلام على الناس، دون أن يقرأها على مستمعيه، كما هي عادته في الآيات الأخرى. الآية الخامسة من سورة التوبة: ” فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”. الآية 29 من السورة نفسها: “قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ”. الآية 36: “… وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ”.
عدنان إبراهيم يرد: “جميل. السؤال الآن: لديك مئات الآيات تقرر حرية الاعتقاد والدين والضمير، وآيات كثيرة تقرر أن القتال لا يكون عدوانا وإنما يكون دفعا للبأس ودفعا للأذى وقطعا لدابر الفتنة، أن نُفْتَن عن ديننا، نُضْرَب ونُعَذَّب ونُقَطَّع حتى نترك التوحيد (قاتلوا حتى لا تكون فتنة)، وفي المقابل لديّ آية أو آيتان أو أربع أو خمس آيات تقول لا، (يجب) القتال للمشركين بعنوان كونهم مشركين، وطبعا هذا لا يجوز عليك خطوة واحدة، يعني القتال حتى ضد المشركين في القارة الهندية والصينية، هذا لم يخطر على بال الرسول والصحابةـ وطبعا لا تؤيده كل وقائع السيرة، لأنه حين أتت هذه الآية كان هناك مشركون في عَهْدٍ مع رسول الله وممنوع أن تقاتلهم والآية ما قبل تؤكد هذا وما بعدها تؤكد هذا، لأن هؤلاء كفلهم بعهدهم، إذن من هؤلاء المشركون الواجب قتالهم.. هم مشركون مخصوصون، عدوانيون ظالمون… ثم يقال بعد ذلك إن الإسلام يشرع للعدوان، يشرع للظلم.. دين يشرع للعدوان هل يكون رحمة؟.. وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، هذا هو روح القرآن”.
هذا الرد لا يؤيده تاريخ الإسلام كله كما روته كتب السيرة والتاريخ وهو بالتالي عبث بعقول الناس. فقوله بأن “لديك مئات الآيات تقرر حرية الاعتقاد والدين والضمير” خرافة. روح القرآن الحقيقية ليست كما يقول هذا الداعية، بل العكس تماما. فلا وجود لمئات ولا لآحاد الآيات التي “تقرر حرية الاعتقاد والدين والضمير”. فسورة التوبة (129 آية) التي وردت فيها هذه الآيات كلها مشحونة بالآيات الداعية إلى العنف من أول آية إلى آخر آية تقريبا.
http://www.holyquran.net/cgi-bin/prepare.pl?ch=9
وهي السورة التي بدأت بآية: ” بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ”. والبراءة هنا بمعنى الإعذار والإنذار، وبعد الإعذار والإنذار يأتي تبرير إعمال السيف وهو ما جاء في مختلف التفاسير، ومن أسباب (نزولها) تخلف بعض الصحابة عن الانضمام إلى جيش المسلمين الذي وجهه محمد لمحاربة الروم في تبوك (تبعد 700 كلم عن المدينة إلى الشمال). وبما أن هذه السورة هي الأخيرة (البخاري)، فإن ما جاء فيها يلغي ما قبلها. أليست كما يقول عدنان، هنا، آخر الكلام الذي ألقت به السماء؟ بل إن هذه السورة هي الموقف الصحيح للإسلام من المختلفين معه، خاصة بعد أن تغيرت موازين القوى لصالح المسلمين ولم يعودوا في حاجة إلى التكتيك والمهادنة وتأليف قلوب المترددين في دخول الإسلام. هذا هو مضمون آيات واضحات على شاكلة (ومَنْ يَبْتَغِ غيرَ الإسلامِ ديناً فلن يُقْبَلَ منه وهو في الآخرين من الخاسرين) أو مضمون الحديث المشهور (أمِرْتُ أن أقاتلَ الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويُؤْتُوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك ، عَصَمُوا مني دماءَهم وأموالَهم ، إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى) (رواه البخاري ومسلم).
المفسرون لسورة براءة ذكروا أن لها 12 اسما كلها عنف: 1- براءة، بمعنى الإعذار والإنذار تبريرا للحرب القادمة على المختلفين، 2- التوبة، أي دعوة المشركين إلى التوبة وإلا السيف بعد انقضاء الأشهر الحرم، 3- الفاضحة، أي التي فضحت المنافقين، 4- سورة العذاب، 5- المقشقشة أي المبرئة من النفاق، 6- المنقرة، لأنها نقرت عما في قلوب المشركين 7- البَحُوث، صيغة مبالغة من البحث في قلوب المنافقين. 8- الحافرة، لأنها حفرت عن قلوب المنافقين، 9- المثيرة، لأنها أثارت مثالبهم وعوراتهم، 10- المبعثرة، لأنها بعثرت أسرارهم، 11- المُدَمْدِمَة، يعني المهلكة، 12- المُخْزِيَة. -13 المُنَكِّلَة، يعني المعاقبة للمنافقين. 14- المُشَرِّدة، يعني الطاردة لهم والمفرقة لجمعهم.
http://urlz.fr/2RSK
وعليه فنحن هنا بعيدون جدا عن أجواء الرحمة التي زعم هذا الداعية أنها السمة الغالبة في القرآن. بل حتى الآيات التي كثيرا ما ينخدع بها البعض على أنها دلالة على حرية الاعتقاد في الإسلام هي أصلا آيات أو مقاطع في آيات لا يدل السياق العام الذي وردت فيه على المضمون الإيجابي الذي يروجه عنها الدعاة، بل العكس. لنأخذ أشهر الآيات التي يمكن أن نشتم فيها حرية الاعتقاد:
“وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ” (سورة الكهف). لكن المخادعين يتجنبون عمدا ذكر الآية كاملة كما وردت في الآية 29 من سورة الكهف: “وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ، إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا، وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا”. وتتفق كل التفاسير على أن (الظالمين) هم الكفار. فأين حرية الاعتقاد والضمير بينما الوعد والوعيد والترهيب والترغيب والإعذار والإنذار هي السمة الغالبة على آيات القرآن، وليس آيات الرحمة الغائبة فيه تماما. أية حرية اعتقاد يمكن التحدث عنها في القرآن بينما أعد الله للكافرين (أي غير المسلمين حصرا مهما كان دينهم) “نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا، وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا”؟
آية “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ” الشهيرة. هنا أيضا يتعمد المدلسون خداع الناس والعبث بعقولهم، بينما هذا المقطع هو جزء من آية ورد في سياق لا علاقة له بحرية الاعتقاد بل العكس هو الصحيح. الآية كاملة والتي تليها: “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (الآيتان 256 و257 من سورة البقرة).
فأين الآيات التي زعم عدنان إبراهيم أن القرآن يحتوي على المئات منها والتي “تقرر حرية الاعتقاد والدين والضمير”؟
حقيقة الإسلام تقول لنا بأن داعش أقرب إلى فهم الإسلام الصحيح من هؤلاء الدعاة الأدعياء. فهي، على الأقل، حركة دينية إسلامية بوسعنا بسهولة أن نجد مبررات لأعمالها الإرهابية في نصوص صحيحة في الكتاب والسنة وفي سيرة السلف. لكننا في المقابل قلما نجد مواقف التسامح والرحمة مع المختلفين دينا ومذهبا طوال تاريخ الإسلام. لا دليل على أن الخلافات بين المسلمين أنفسهم كانت تُفَضُّ بالحوار، حتى بين صحابة مُبَشَّرين بالجنة.
بل حتى آية (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) فإن كل المفسرين يتفقون على أن هذه الرحمة لا ينالها إلا المؤمنون بالإسلام، أما غيرهم فبئس المصير. بل لا ينالها إلا ذكور المسلمين الأحرار وبدرجات متفاوتة، بينما مصير النساء والعبيد مهما حسن إسلامهم بائس، فلا مكان لهم في الدنيا ولا في الآخرة إلا كأكسسوارات مسخرة لخدمة أسيادهم ذكور المسلمين الذين يجاهدون لنشر الإسلام.
يتبع

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

من خلق زهران قادر على ان يخلق عشرة مثلو

allosh-khatibقالوا انّو الثورة انتهت بتسليم الأحياء القديمة في حمص ،و بقيت الثورة مستمرة ..
قالوا ان الثورة خلصت برحيل الشهيد عبد القادر الصالح ، فكان الرد ان تحررت أدلب ..
هللوا و صفقوا و وزعوا البقلاوة لسقوط القصير بدعوى ان الثورة تلفظ انفاسها الاخيرة ، و اذ بالثورة تزداد حمماً فوق رؤوسهم و رؤوس من اغتصب القصير و اخواتها ..

و اليوم ليس غير كل يوم .. رحل زهران و هم يزغرطون لرحيله ، لا يعلموا ان من خلق زهران قادر على ان يخلق عشرة مثلو و أحسن ، و سبحان الحي الذي لا يموت ، و دخيل رب الثورة التي لا تذبل ..

و الله ستترحمون على ايام زهران ، و الأيام قادمة
………….

اللي ما بيعرف دوما منيح أكيد رح يزعل على مقتل الشهيد زهران علوش الله يرحمو ..

دوما لولا خيانة العرب لكانت لوحدها قادرة على اسقاط كل عصابة الاسد ..أقولها و أعي ما أقول .. النظام يخاف من دوما اكثر من اي مكان في سوريا ..

دوما ولّادة لا تزعلوا..

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

دولة المخبر السري

ropiraqueقال الرسول (ص) ” لعن الله المثلّث”! قيل: وما المثلّث يا رسول الله؟ قال: الذى يسعى بجاره إلى سلطانه، فقد أهلك نفسه وجاره وسلطانه”. (الفاضل/17). وهذا ينطبق على المخبر السري في دولة القانون التي يمكنك أن تعثر على أي شيء فيها بإستثناء شيء واحد وهو القانون، فلا تتعب نفسك بالبحث عنه.
كان الشرع الإسلامي شديدا مع القضاة إبتداءا من شروط إختيارهم إلى أدق تفاصيل عملهم، وهذا يفسر سبب رفض كبار العلماء المسلمين منصب القضاة رغم أهميته ومنزلته العالية بين الناس. خشية من الله وتيمنا بقوله الله تعالى في سورة النساء/58 (( وإذا حكمتم ببين الناس أن تحكموا بالعدل)) التي صارت أساس الحكم ومن أمهات الآيات. قال الإمام الشوكاني” هذه الآية من أمهات الآيات المشتملة على كثير من أحكام الشرع والعدل هو: فصل الحكومة على ما في كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا الحكم بالرأي المجرد ، فإن ذلك ليس من الحق في شيء إلا إذا لم يوجد دليل تلك الحكومة في كتاب الله ولا في سنة رسوله فلا بأس باجتهاد الرأي من الحاكم الذي يعلم بحكم الله سبحانه، وبما هو أقرب إلى الحق عند عدم وجود النص”.
وضع المسلمون الأوائل شروطا صعبة لمن يتولى مهمة القضاء، لا يتوفر شرط واحد منها في قضاة عراق اليوم! من هذه الشروط، أن يكون حافظا لكتاب الله، أو يعرف كل ما فيه من أحكام على أقل تقدير، وأن يتمسك بكتاب الله في أحكامه، وأن يكون عالما بأمور الفقه والشريعة ويصل إلى مرتبة الإجتهاد، وأن لا يسعى لمنصب القضاء بل يُطلب منه توليه، أن يكون بعيدا عن الأهواء والميول الشخصية، لا يقبل الرشوة والمحاباة وموالاة الحكام، علاوة على بقية الصفات المتعلقة بالشخصية كالذكاء والفطنة والسلامة العقلية والجسدية والذهن الحاضر، والقدرة على التحليل والإستنباط وغيرها.
لذا يمكن الجزم بأن قضاة العراق أبعد ما يكونوا عن هذه الشروط المعقولة، فهم من نتاج بول … بريمر والعملاء، هذا ما يقوله واقع الحال وليس نحن فحسب. لذا ليس من المستغرب ان يستشهد القاضي العراقي محمود الحسن بالقول (العدل أساس الملك) ويعتبره نصا من القرآن الكريم! علما أن هذا القاضي الهزيل سبق ان وزع سندات أراضي للناخبين شريطة إنتخاب المالكي، وتبين انها غير صحيحة وعوقب عن جريمة التحايل على المواطنين بغرامة مالية! هذا القاضي من أبرز القضاة على الساحة اليوم. وزميله القاضي ماجد الأعرجي، الذي حكم في قضية سبايكر، وأغرب ما في مسرحيته القضائية إنها خلت من المحامين والشهود! بل أن احد المتهمين إعترف بأنه قتل (1000) من الجنود في معسكر سبياكر، والله أعلم ما الذي تعرض له هذا المتهم المسكين ليقدم إعترافا غير معقول يثير الشفقة عليه وليس التهمة! الأغرب منه إن (6) من المحكومين بالإعدام من ما مجموعه (24) محكوم ـ جميعهم من أهل السنة بالطبع ـ كانوا غير موجودين أصلا في سبايكر عند الهجوم وتنفيذ المجزرة! كما مُنع المتهمون من توكيل محامين عنهم بحجة ان الجريمة ثابتة عليهم! وعندما طلب أحد ذوي قتلى سبايكر أعدامهم دون الحاجة إلى محاكمة! طمأنه قاضي آل البيت بقوله” اصبر علينا شوية وخلي الشغلة تمشي”! وكانت لغة القاضي في المحكمة طائفية ولغة أولاد الشوارع ممن تربوا في المباغي وعلب الليل. وقِس على ذلك بقية القضاة!
أعلن أوزير العدل حيدر الزاملي، عن اعتقال أكثر من 500 مخبر سري وتقديمهم للمحاكمة بعد توجيه تهمة (الإدعاء الكيدي) إلى قضاياهم، قال الزاملي في مقابلة مع السومرية، إن ” أكثر من 500 مخبر سري تم إلقاء القبض عليهم مؤخرا وتقديمهم للمحاكمة بعد توجيه تهمة الإدعاء الكيدي إلى قضاياهم”، لافتا إلى أن ” أحكام الإعدام والقضايا الموجودة في مجلس القضاء الأعلى التي تتضمن وجود مخبر سري يتم تدقيقها بشكل مركز”. وعندما سئل بشأن وجود سجناء قضوا شهورا في المعتقلات دون أن تتم محاكمتهم، أكد الزاملي، أن ” جزءا من هذا الكلام صحيح، وهناك خط تعاون مع مجلس القضاء الأعلى بهذا الصدد”. مضيفا “هؤلاء كانوا موجودين في معتقلات الاحتلال الأميركي، وعند خروج الاحتلال تبين أن مجموعة منهم لا يملكون أوامر قضائية وتم إيداعهم في السجون من دون ملفات”. وتابع الزاملي، أن “مجلس القضاء الأعلى سيرسل لجنة من القضاة لبحث ملفات هؤلاء الأشخاص، وإذا ثبت أن السجين غير مستكمل لأوراقه فسيتم إطلاق سراحه مباشرة”.
سبقت هذه الوجبة من المخبرين الأفاكين وجبة سابقة تضم (498) مخبرا سريا. وهذا يعني إن حوالي (1000) مخبر سري كان يكيدون للناس بوشايات كاذبة. ولو إفترضنا أن الواحد منهم قد أوشى بعشرين ضحية لكان عدد المعتقلين (30000) بريئا! حسنا نسأل الوزير وماذا عن ضحايا هؤلاء المخبرين الكاذبين؟ فيهم من أعدم، أو أغتصب هو أو زوجته أو أخته أو إبنته، ومنهم من تعرض الى تعذيب وعوق، ومنهم من قضى سنوات في الإعتقال قبل أن يكتشف قضائكن الحكيم التهم الكيدية؟ وما هو موقف الوزارة من مطالبة النواب الشيعة من شمول المخبرين السريين بالعفو العام دون إعادة محاكمتهم مرة أخرى.
ولو إفترضنا جدلا ـ وهذا ما لم يحصل أو يحصل مستقبلا ـ بتعويض الأحياء منهم، فكيف ستم التعويض؟ هل حسب سنوات الإعتقال. او حسب نسبة التعذيب؟ اوحسب نسبة العوق في أجسادهم؟ وماذا بشأن من أعدم، او أغتصب داخل السجون؟ هل سيتم التعويض حسب عدد مرات التي أغتصب بها؟
ثم اليس من حق الضحايا معرفة المخبرين السريين الذي كادوا بهم زورا وبهتانا ورموا بهم في غياهب السجون؟على أقل تقدير أن يوضحوا للمحكمة علاقتهم بالمخبر الذي أوشى بهم، او يطالبون بالفصل العشائري لتعويضهم عما فشلت الحكومة في تعويضه عن التعذيب والإعتقال الذي حلٌ بهم!
وكيف سيكون الحكم على المخبرين الكاذبين؟ هل حسب عدد ضحاياهم الأحياء؟ او حسب ضحاياهم الأموات؟ هل توجد دولة في العالم تأخذ بوشايات المخبرين دون التدقيق بها كما بينت في معرض كلامك” يتم تدقيقها بشكل مركز”؟ ولماذا لم تدقق في السابق. هل أرواح العراقيين رخيصة عندكم لهذه الدرجة؟ وماذا بشأن القضاة الذين لا يعرفون بأن هناك ربٌ في السماء يراقب أعمالهم، فحكموا على الضحايا وفقا لوشايات المخبرين السريين؟ هل ستتم مراجعة أحكامهم؟ الا يستحق هؤلاء أيضا العقوبة لأنهم حكموا بموجب تهم زائفة ولم يتأكدوا منها؟ هل هذه دولة القانون التي تدعونها أم هذه دولة الفوضى والظلم والكذب والدجل؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَ) ” الْقُضَاةُ ثَلاثَةٌ قَاضِيَانِ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ، قَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّار، وَقَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَهُوَ لا يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ”. ولا أظن القاضي الثالث موجود في العراق!
طالما أن المخبرين على هذه الشاكلة فلماذا الإستمرار بعمل قانون المخبر السري؟ لماذا لا تلغون هذا القانون الجائر؟ لماذا لا تلغون حصانة المخبر السري على أقل تقدير، وأن لا يكون شبحا، لا يمثل أمام القاضي ولا يحضر الجلسة، جاسوس مجهول، وظالم مجهول يحمية القانون في دولة القانون. إن كان عمله وطنيا والغرض أن يكشف الإرهابيين ويقدم معلومات عنهم! فلماذا التستر عليه؟ اليس هذا ما يقوم به رجال الأمن والمخابرات علنا؟ أم لأن الأمر بنكهة طائفية مقززة لذلك يستمر العمل به؟
يذكر الوزير عن بعض المعتقلين” هؤلاء كانوا موجودين في معتقلات الاحتلال الأميركي، وعند خروج الاحتلال تبين أن مجموعة منهم لا يملكون أوامر قضائية، وتم إيداعهم في السجون من دون ملفات”. هذا يعني إن المعتقلين قضوا في السجن أكثر من 12 عاما، لأنه في 24/6/ 2004 سلم بريمر الملف الأزرق (ملف السيادة) الى الحكومة العراقية، وتحولت مسؤولية السجون العراقية والعرب الى الحكومة العراقية. بل أن آخر سجين قبل الإنسحاب الأمريكي كان المعتقل اللبناني على موسى دقدوق.
فأين كانت وزارة العدل عن هؤلاء السجناء طوال هذه الفترة؟ طالما إنه لا توجد لهم أضابير في الوزارة. هل تدقيق قضاياهم يحتاج الى (10) عاما للتأكد من برائتهم؟ أي منطق يحكم وزارة العدل، إنها تحمل الأمريكان جريمة إعتقالهم لعامين بلا تهمة! وتتغاضى عن جريمتها بإعتقالهم عشر سنوات بلا تهمة! كلام الوزير يذكرنا بقصة صائد كان يصيد العصافير في يوم بارد، وكان يذبحها، ودموعه تسيل من البرد، فقال عصفور لصاحبه: لا عليك من الرجل، أما تراه يبكي علينا؟ فقال له الآخر: لا تنظر إلى دموعه، وانظر إلى ما تصنع يده.
علي الكاش

Posted in فكر حر | Leave a comment

غسان مسعود ينفي خبر وفاته ويهاجم “فيسبوك”

نفى الفنان السوري غسان مسعود الأنباء التي تحدثت عن وفاته، وشنّ حملة عنيفة على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي التي نقلت ذلك الخبر.

ghassanmassod

مواضيع ذات صلة: غسان مسعود: هل يجسد شخصية بن لاندن والخليفة البغدادي

Posted in الأدب والفن, يوتيوب | Leave a comment