رسالة المبعوث الامريكي الخاص لسوريا مايكل راتني بمناسبة الذكرى الخامسة لإنطلاق الثورة السورية

رسالة المبعوث الامريكي الخاص لسوريا مايكل راتني بمناسبة الذكرى الخامسة لإنطلاق الثورة السورية
usempassydamascus

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

سحابة مفخخة .. حميد عقبي

hamidoqbiهذه السحب المعلقة قرب قنديل السماء
تغريها موسيقا الجاز المنبعثة من الحانة
أظنها تقترب
لا ليس كلها لها شجاعة للمغامرة
إنها واحدة لها شكل ثدي ناقة
أراها تجازف أكثر، تهبط دون مظلة
تخرج فتاة شابة ومخمورة من الحانة لتدخين سيجارة
تحاول التماسك، يُخيل لها أن أحدهم يطوي سجادة الرصيف
ترتبك لا تدري ما تفعل؟
تنظر إلى أعلى ترى السحابة
تُسرعُ نحوها
تركلها بقوةٍ
تتطاير شظايا

بخار الماء
تعم الفوضئ
أسمع ضجيج سيارات الإسعاف والشرطة
بعض القنوات الفضائية قطعت بثها وباشرت تنشر تفاصيل الواقعة
بعناوين عريضة ومثيرة
(سحابة مفخخة تحاول اقتحام نادي العراة)
في الساعةِ الأولى للحدث
خرجت عشرات الفتيات عاريات تماماً تضامناً مع الضحية
لم أفهم إلى الآن ما يحدث!
نعم كان هناك ضحايا
رأيت نملة فقدت عربتها المحملة بجثة رفيقتها التي دهسها أحدهم كان يركض لعناق صديقته
نعم كان هناك ضحايا
شاهدت انهيار بيت العنكبوت
سمعتها تلعن المافيا لبيعها الحشيش المغشوش
دخان الحشيش الفاسد المنبعث من سيجارة عاهرة تعيسة تسرع خطواتها نحو بوابة المدينة
هذا الدخان سبب غشاوة وانعدام الرؤية
لم تكن غارة جوية
لم تكن قذيفة مدفعية
لم يكن حزاماً ناسفاً
اعترفت العنكبوت أن هناك أخطاء هندسية فادحة في وضع الأساسات
أن مواد البناء الأولية رديئة ولا تصلح للاستهلاك
لم تقدم طلباً إلى شركة التأمين أو طلب مساعدة حكومية

في الساعة الثانية من الحادثة
قال أحدهم: هي غزوة داعشية جديدة.
وادعت مدام لوبن أن بيتها يبعد ألف كيلو فقط من مكان الغارة وأنها كانت المستهدفة.
هناك ضحايا لم يتحدث عنهم أحد
بعض كلماتي، كنت أكتب نصاً عن المنسيين في اليمن
الحرب سرقت أحلامهم
كتبت (الطفل يرسم زرافة مزركشة في خياله، بجانبه جدته على سجادة الصلاة تسبح وتدعو الله أن يرزقهم كسرة خبزٍ وبعض الأقلام الملونة من أجل حفيدها)
ماذا حدث بعد ذلك؟
بسبب الفوضى المرعبة الزرافة قفزت تركض بجنون
في ركضها داست الطفل والجدة وكسرة الخبز
أفسدت النص ولم يعد شاعرياً.

في اليوم التالي هناك من زعم عن وجود رجل بملامح شرقية في الحانة
نعم يقصدونني
هناك محاولات لرسم تقاسيمي
لحسن الحظ أن وجهي تبلل وقتها، خرجتُ ملتحفاً منشفة لفني بها الضباب حينها
فلم تتعرف عليه كاميرات المراقبة
وحدها النملة الضحية التقطت لي صورة لتنشرها على صفحتها الفيسبوكية
استمعت لبعض ما دونته عن الحرب والجوع وصلوات الجنازة على موتى غابت نعوشهم،
نادراً ما تقام الطقوس كسابق عهدها، يوجد ارتباك أحياناً يغيبُ الميت دون أن يأبه أن هنالك فقيهًا ومكفنًا وحفار القبور وهناك أطفالاً صغاراً سيحضرون ويطرحون أسئلة عن الموت وماذا بعده؟ وقد لا يقتنع بعضهم أو يصدق جواب الفقيه المستعجل، فالجنائز كثيرة ولا وقت لديه.
النملة تفاعلت وبكت
وحاولت أن تبحث عن كلمة مرادفة لكلمة الخوف من طائرة حربية تحمل في كِرشها وجوه الموت
تبيضه على الأسقف المهترئة التي تمضغ ريقها وهي تسبح لله وتدعوه أن يمنح الأعمدة التي تحملها بعض القوة ويشفيها بقدرته الجبارة من مرض فقر الدم.

شاخت أعواد الذرة قبل موسم المراهقة
أشجار النخيل فقدت شهوة التزاوج
فقدت ذكور النخيل قوة الباءة
بسبب فتوى حجازية جاء في ديباجتها أن الأشياء المدورة كالطماطم والرمان وما يزرع في أرض اليمن مكروهة كونها تشبه خصية الرجل وتثير شهوة النساء لذا فقصفها جائز ولا يؤثم قاصف النخيل.
كان في نصي كلمات للعشيقة
ورد في (الوردة والقمر)
الوردة فقدت رائحتها العطرية
القمرُ بليت قمصانه الفضية
لم يعد صالحاً جمالياً في إغراء الحسنوات
أن تقول لفتاة جميلة كالقمر تفاجأ بصفعة منها.
في اليومِ الثالث خرجت مئات الفتيات في مظاهرات عارية، ونددت منظمات حقوقية ووصف بعضها ما حدث إرهاباً يهدد الحريات.
القصة أن فتاة مخمورة ركلت بفخذها العاري سحابة مغامرة
أدى إلى تبلل سروالها الداخلي
هرول الماء في شبقٍ نحو الوشم على مكان حساس حيث رسمة التنين
ثار التنين وقذف من فمه أعاصير الجليد على الأرصفة
الثلج الأبيض كان ساخناً ومغرياً
سارع الجميع للتزلج وأخذ الصور التذكارية
لم أكن في نادي العراة، كنت في حانة الطلبة
هذا ما حدث
هذه هي الحكاية.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

DNA- التوأم..حزب الله والقاعدة – 17/03/2016

DNA- التوأم..حزب الله والقاعدة – 17/03/2016
nadimqouteish

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

الأسد المجرم يرسل رسالة للمعارضة والعالم ويضع حجر الأساس لمشروع تنظيم 66 في منطقة بساتين خلف الرازي

نشر موقع الرئاسة للمجرم بشار الأسد على موقعه في اليوتيوب فيديو يظهره يضع حجر الأساس لمشروع تنظيم 66 في منطقة بساتين خلف الرازي, وهو بذلك يرسل رسالة للعالم والمعارضة وللمفاوضين بجينيف بانه سيستمر بالسلطة التي ورثها عن والده وهو سيورث سوريا وشعبها كمزرعة وخدم لولده حافظ بشار ابن حافظ الاسد, شاهد الفيديو

assadprojectbuilding

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

خبر ساعي البريد الفحل الذي انجب 1300 طفل ملفق

man133childهو أحد أقدم المحاربين القدماء في الولايات المتحدة، وليس ساعيًا للبريد، حولوا قصته من مجاهد حرب معمر تعرض للسرقة إلى فحل ذكري أنجب 1300 طفل من نساء قريته، يدور عليهن لإفراغ سائله المنوي في أحشائهن ثم يرحل.الخبر انتشر في ساعات قليلة في مواقع تلفزيونات مشهورة مثل “روسيا اليوم” التي بدورها ترجمته عن مجلة “وورلد نيوز دايلي ريبورت بتاريخ 27 شباط/فبراير 2016، بقلم “بوب فلانغان” (اقرأ الخبر الاصلي هنا: الدي ان ايه يثبت أبوّة ساعي بريد لـ1330 طفل غير شرعي  ) المفتري الذي استخدم صورة لاحد المحاربين القدماء المشاركين في الحرب العالمية الثانية والذي لا يزال على قيد الحياة ويدعى “بن لودلو سينور” عمره 97 سنة، يعيش في “ستراتون” بمقاطعة ” نورث بيرث” في الولايات المتحدة، وله أربعة أجيال من الابناء والاحفاد تضم خمسة ابناء، 21 حفيد، 39 حفيد للابناء و3 أحفاد للاحفاد.

Posted in الأدب والفن, كاريكاتور | Leave a comment

شيخ الازهر ينكر امام البرلمان الالماني معلوما في الدين واحداث تاريخية اسلامية متعارف عليها

شيخ الازهر احمد الطيب

شيخ الازهر احمد الطيب

أنكر شيخ الازهر في كلمة له أمام البرلمان الألماني الكثير من المعلوم بالدين مثل قتل المرتد, والكثير من الأحداث التاريخية كما توثقها امهات الكتب التراثية الاسلامية, مثل الجهاد في سبيل فتح البلاد وادخال الناس بالاسلام عن طريق تخييرهم بين الحرب والجزية او الاسلام.. فقد قال شيخ الأزهر أحمد الطيب، في كلمته أمام البرلمان الألماني: ” إن الإسلام لا يبيح قتال غير المسلم بسبب رفضه للإسلام أو لأيِّ دين آخر .. وإن حريَّةُ العقيدة مكفولة في القرآن بنص صريح … ولم يسجل عن المسلمين في البلاد التي حكموها حالة واحدة خيروا فيها أهل البلاد بين اعتناق الإسلام أو السيف … وأن الإسلام لا يأمر المسلمين بالجهاد المسلح ولا يحضهم عليه إلا في حالة رد العدوان، والتصدِّي للحروب التي يشنها عليهم أعداؤهم .. لا يجوز الترويج أن الجهاد في الإسلام هو حمل السلاح لقتال غير المسلمين وتعقبهم والقضاء عليهم .. وأن لفظة “السيف” مثلا ليست من ألفاظ القرآن ولم ترد فيه ولا مرة واحدة … القرآن ليس فيه عقوبة معينة لمن يترك الإسلام بعد أن يدخله، ولكن وجدنا بعض الأحاديث التي تشير إلى أن من يدخل الإسلام ثم يخرج منه منشقا عليه وخطرا على المجتمع هو الذي يعاقب بدليل أن كثير من المسلمين ارتدوا ولم يقترب منهم أحد … هناك في مصر قنوات تعرض الإلحاد من شباب مسلم ولا أحد يقول لهم شيئا ولو أن الكلام هذا كان موجودا ومطبقا لما وصلت الحرية الدينية إلى هذا الحد ويكفي ما قاله القرآن فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وقد حصل عندنا مؤخرا ارتداد عن الدين الإسلامي ولم يحصل ذلك فأين المشانق الموجودة لمن يترك الدين؟ … المسلم يتزوج من غير المسلمة كالمسيحية مثلا؛ لأنه يؤمن بعيسى عليه السلام، فهو شرط لاكتمال إيمانه، كما أن ديننا يأمر المسلم بتمكين زوجته غير المسلمة من أداء شعائر دينها، وليس له منعها من الذهاب إلى كنيستها للعبادة.. بخلاف زواج المسلمة من غير المسلم، فهو لا يؤمن برسولنا محمد، ودينه لا يأمره بتمكين زوجته المسلمة -إن تزوجها- من أداء شعائر الإسلام أو احترام مقدساتها.”

Posted in فكر حر | Leave a comment

هذا هو «داعش» وهؤلاء هم أطفاله!

الشرق الاوسط اللندنية

huda_huseiniالأحد الماضي أعدم تنظيم داعش في جرابلس السورية صبيًا في السادسة عشرة من العمر لأنه تغيب عن صلاة الجمعة الإجبارية. لم تدُم محاكمته أكثر من دقائق، ثم اقتيد إلى ساحة المدينة حيث قُطع رأسه أمام حشد تجمعوا ليشاهدوا الإعدام.

تزامن هذا مع تقارير وفيديوهات كثيرة جديدة تؤكد الميل المتكاثف للحركات الإسلامية المتشددة إلى تجنيد الأطفال، فقد بث «حزب تركستان الإسلامي» – مجموعة راديكالية من الأويغور الصينيين، تشكل جزءًا من الشبكة الدولية لتنظيم القاعدة – صورًا على وسائل الاتصال الاجتماعية تظهر أطفالاً من الأويغور يتم تدريبهم في مخيمات في سوريا. وكان هذا الحزب بث في سبتمبر (أيلول) الماضي فيديو يظهر ما يطلق عليهم «الجهاديون الصغار» وهم يتدربون على بنادق الكلاشنيكوف ويتابعون دروس الشريعة، وكان ذلك في إدلب.

«حزب تركستان الإسلامي» ليس الحليف الأجنبي الوحيد لـ«القاعدة» في سوريا الذي يجند الأطفال، هناك أيضًا «كتيبة الإمام البخاري» وهي مجموعة أوزبكية تدين بالولاء لـ«طالبان»، بثت فيديو من 18 دقيقة لعشرات من الأطفال يخضعون للتدريب على استعمال السلاح. هناك أيضًا «جنود الشام»، وهي مجموعة شيشانية يقودها «مسلم الشيشاني» الذي صنفته الولايات المتحدة إرهابيًا وعرف بإدارته لمخيمات تدريب عسكرية للأطفال.

أصبح الأطفال مجموعة أساسية مستهدفة للتجنيد من قبل الجماعات الإرهابية التي تلجأ بشكل متزايد إلى وسائل الاتصال الاجتماعية لعرض نتائج جهودها باستمالة الأطفال. فرع تنظيم داعش في أفغانستان وباكستان يجند في هذا الاتجاه، إذ بثت مجموعة «ولاية خراسان» فيديو بعنوان «أشبال معسكر الخلافة» يتدربون في مخيم في مقاطعة «نانغرهار». مثل هذه المخيمات تزدهر في سوريا والعراق.

وكانت دراسة أصدرتها جامعة ولاية فلوريدا الأسبوع الماضي بعنوان «مشاهد للأطفال والشباب في الدعاية لتنظيم داعش 2015 – 2016»، كشفت أن عدد الأطفال لدى «داعش» أكثر بكثير مما كان يعتقد، وأن الأمر يزداد سوءًا.

تبين الدراسة أنه في العام الماضي تمت الإشادة بما لا يقل عن 89 طفلاً «كونهم شهداء»، قتل 4 في المائة منهم في عمليات انتحارية، و18 في المائة بصفة «انغماسي»، وتعني أن الأطفال قاتلوا جنبًا إلى جنب مع الكبار في مهاجمة مواقع العدو بأسلحة خفيفة، وبعد ذلك فجروا أنفسهم بالأحزمة الناسفة.

تقول الدراسة إنه بخلاف كل الصراعات حيث يكون تجنيد الأطفال استراتيجية الملاذ الأخير، فإن أطفال «داعش» يقاتلون جنبًا إلى جنب مع البالغين.

إن تجنيد الأطفال لا يضمن فقط جيلاً جديدًا من المقاتلين للجماعات الإرهابية، بل إنه من الأسهل غسل أدمغة البسطاء من الناس. ثم إن هؤلاء الأطفال لا مرجعية سابقة لديهم سوى القتال كآيديولوجيا، وبالتالي تترسخ في أذهانهم ويكون من الصعوبة إزالتها في ما بعد.

وكانت القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني بثت فيلمًا وثائقيًا عن تدريب «داعش» للأطفال والصبية الصغار في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2015، حيث يظهر أطفال في الثامنة يعبرون عن استعدادهم للموت، كما يظهر طفل لا يتجاوز الرابعة من العمر وهو يذبح دمية دب كتدريب له. ثم يردد «المتخرجون» منهم ولاء القسم لـ«داعش»: «يجب أن أصغي وأطيع حتى لو اضطررت إلى الموت».

تذكر الدراسة أن الأطفال الذين يخافون من القتال والموت يتعرضون للتعذيب والقتل. قطع «داعش» ذراع ورجل صبي في الرابعة عشرة من العمر بسكين جزار كتحذير للآخرين إذا ما رفضوا حمل السلاح.

يتعرض الأطفال لعملية منهجية من التلقين على يد مجموعة من المتشددين. عندما ينتهي تدريب «الأشبال» ينتشرون على مقربة من الخطوط الأمامية. يقاتلون ويحرسون، ويجندون غيرهم ويصنعون قنابل. لذلك، يعلق أحد واضعي الدراسة أنه إذا فكر العالم في إعادة تأهيل هؤلاء فيجب أن يفهم أولاً كيف تم إعدادهم لارتكاب مثل هذه الفظائع.

يأتي الأطفال إلى «داعش» من دول عدة: العراق، سوريا، اليمن، ليبيا، تونس، نيجيريا، المملكة المتحدة، فرنسا، أستراليا. هم أطفال الأجانب الذين يشاركون في القتال، وأطفال السكان المحليين الداعمين لـ«داعش»، وأطفال يؤخذون قسرًا من الآباء والأمهات، أو وأطفال الهاربون الذين تطوعوا بأنفسهم، والأطفال الذين وجدهم «داعش» في دور الأيتام.

إضافة إلى استخدام المدارس لتدريبهم وجذبهم، يشد «داعش» الأطفال عبر ممارسات اجتماعية تدريجية من خلال تقديم الألعاب المجانية، والحلوى، ثم يكافئ «داعش» الأطفال بالسماح لهم بالتلويح بالراية السوداء.

في ساحات الإعدام، يتوق الأطفال الأبرياء لرؤية ما يحدث، فيتدافعون للوصول إلى الصفوف الأمامية، وعادة ما تكون ردود فعلهم عند قطع الرؤوس مزيجًا من الاشمئزاز والفضول. ويستمعون إلى السبب الذي أوصل إلى تلك العقوبة. لكن بسبب تكرار هذا المشهد، ولروتينية تلك الأحداث، تصبح عادية بنظر هؤلاء الأطفال وأنها عقوبة «داعش» للذين يرتكبون المخالفات، وهكذا يسهل على «داعش» تشجيع الأطفال للتجسس وللإبلاغ عن أفراد عائلاتهم أو جيرانهم الذين ينتهكون «شروط داعش» للحياة في ظله.

عندما احتل «داعش» الرقة، خطف 60 طفلاً كرديًا من إحدى المدارس، بعد أشهر طوال نجح بعضهم في الهرب، مما ساعد الأهالي على إنقاذ ما تبقى منهم. قال أحد الهاربين (12 عامًا) إنه كان يجري تدريبهم للهجوم الانتحاري بمن فيهم طفل في الخامسة، وإنهم كانوا يعانون من الجوع والرعب.

تقول الدراسة إن معظم الأطفال الذين قتلوا من قبل «داعش» العام الماضي كانوا من سكان المناطق الأصليين، أي من العراق وسوريا، وتعطي مثلاً «أبو عمارة العمري»، ابن 11 سنة، الذي قاد «شاحنة متفجرات» نحو مجموعة من الجنود السوريين، لكن اللافت كما جاء في دراسة جامعة ولاية فلوريدا أن عدد الأطفال الانتحاريين من بعض الدول الغربية الذين قتلوا كان أكثر من أطفال جاءوا مع أهاليهم من ليبيا، أو من دول خليجية، فغالبية الغربيين جاءوا مع أهاليهم من بريطانيا وأستراليا وفرنسا.

وإذا أضفنا قصص الصبيان الصغار إلى قصص البنات الصغيرات اللواتي يجبرن على الزواج، يتضح لنا المستقبل الذي يبنيه «داعش». قادة المستقبل هؤلاء عاشوا من دون طفولة بمعناها الحقيقي، بالنسبة إليهم، المعاناة والتعذيب والقتل واليأس هي سمات الحياة الطبيعية. لا فرح، لا أعياد، لا حضن أم أو أب، لا براءة، لا حنان، ولا دموع.

بعد سنوات قليلة سينجب هؤلاء، وسيعلمون أطفالهم ما تلقنوه. لا إنسانية ولا محبة. نماذج هؤلاء الأطفال ليست فقط في سوريا والعراق، فقد أقام «داعش» مخيمات تدريب لمثلهم في مالي، ونيجيريا، وليبيا، وأفغانستان، وباكستان.

الفيلم الوثائقي الذي بثته القناة البريطانية الرابعة ومتوفر على «يوتيوب»، يحكي أن عشرات الآلاف من الأطفال جندهم «داعش». وحسب الدراسة، فإن هؤلاء بالنسبة إلى «داعش» سيصبحون السلاح الأكثر فتكًا، ليس عما يفعلونه الآن، إنما على ما هم وعما سيكونون عليه: رجال آليّون.

في الدراسة، وفي بعض التقارير التي تبثها الأقنية، روايات مخيفة على لسان أطفال هربوا من «داعش»، كان آخرها ما بثه تلفزيون «بي بي سي» قبل أسابيع قليلة عن طفلين عراقيين، رويا الأساليب التي خضعا لها، والتعاليم التي زرعها «داعش» في عقولهما، لكنهما قاوما ونجحا.

الأولوية لكل التنظيمات الإرهابية ليس كيفية تدمير أعدائها، بل كيفية ضمان بقائها. «داعش» هو أكثر من تنظيم إرهابي تقليدي، إنه يتبنى ويعتمد على تخريج مجموعات من الجيل القادم.

يقول لي أحد الأطباء النفسيين الذين بدأت أجهزة مكافحة الإرهاب الغربية تلتمس مساعدتهم: «نحتاج إلى نشر قصص الأطفال الهاربين، فهؤلاء يملكون القدرة على تشجيع الأطفال الآخرين على الهرب، وأيضًا لديهم القدرة على ثني من يحوم حوله (داعش). فهؤلاء استرجعوا براءتهم، وقصص حياتهم تؤثر أكثر من قصص الكبار الذين يهربون».

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

حزب الله …. سفيها او فقيها

jawadaswadتحاول الحكومة اللبنانية تجنب المواجهة مع حزب الله فتتحفظ على القرارات التي تدين حزب الله واتهامه بالارهاب من باب الحفاظ على السلم الاهلي !!!!
والسؤال الذي يجب ان تجيب عليه الحكومة اللبنانية هل تتحفظ على القرار من باب عدم التصديق والقناعة بان حزب الله ارهابي ام من باب تحاشي الصدام معه
سابقا كنا نرفض صفة الارهاب التي يعتمدها الغرب فهو يصنف مقاومة المحتل الاسرائيلي ارهابا فلم نكن نعير توصيفه لحزب الله والفصائل الفلسطينية اية قيمة ولكن اليوم اصبحت ممارسات حزب الله ارهابية بمفهومنا وتعريفنا نحن
فمنذ احادث ٧ ايار واستباحة حزب الله لبيروت بالقمصان السوداء الى تدخله السافر بسوريا ومن ثم اليمن. الى انشائه خلايا ارهابية بالبحرين و الكويت الى دعمه للحشد الشعبي بالعراق كلها ممارسات اقل ما يقال فيها انها ممارسات ارهابية
فهل الحكومة اللبنانية تتحاشى المواجهة مع حزب الله من باب اتقوا سفهائكم لان مواجهته ستجعله يكشر عن ارهابه بوجه الدولة والشعب
ولكن هذا التخوف و التحفظ وعدم المواجهة يدفع حزب الله اكثر واكثر الى الفرعنة لعدم وجود رادع له في لبنان
قبل ٢٠٠٥ كان جيش النظام السوري يعتبر حصن لبنان الحصين ومن يتناول وجوده على انه احتلال يعتبر خائن للقومية العربية وعدوا للجار الشقيق الى ان جاءت الاغتيالات فاسقطت جدار الخوف و تعالت الاصوات تطالب بخروج جيش النظام السوري يومها ودعه حسن نصر الله بعبارة…… شكرا سوريا
ممارسات حزب الله السياسية لاتختلف عن ممارسات وهيمنة النظام السوري بلبنان فمتى ينتفض الشعب اللبناني بوجه حزب الله ليقول له كفى
مشكلة ان فريق حزب الله هو من الطبقه المتوسطه التي تقدم الولاء للفقيه قبل الولاء للوطن لذلك يصعب التعويل بان تكون هنالك انتفاضة من شيعة لبنان بوجه حزب الله على الرغم من تذمر الاهالي من حجم قتلى ابناءه مقاتلي حزب الله بسوربا
ولكن يبدو ان ايام حزب الله اصبحت معدوده وخصوصا بعد خروج الاسد من السلطة ولكن حينها لاندري من سيقول لحزب الله : شكرا حزب الله ….او شكرا ايران افرقونا

Posted in فكر حر | Leave a comment

جورج طرابيشي: ست محطات في حياتي

tarabishiوأنا في رحلة نهاية عمر، وبعد عقود ستة من صحبة القلم الذي آثرته – عدا زوجتي وبناتي – على كل صحبة أخرى، أجدني أتوقف أو أعود إلى التوقف عند ست محطات في حياتي كان لها دور حاسم في أن أكتب كل ما كتبته وفي تحديد الاتجاه الذي كتبت فيه ما كتبته وحتى ما ترجمته.

المحطة الأولى: ولدتُ من أسرة مسيحيّة وتديّنت تديّناً مفرطاً فــي الطور الأوّل من مراهقتي. وكنت أؤدي كلّ واجباتي الدينية بحساسية تثير حتّى سخرية أخي الأصغر منّي.

ذات يوم في المدرسة ، وفي السنة الثانية من المرحلة الإعدادية – وكنت صرت في نحو الرابعة عشرة من العمر- كان من جملة دروسنا درس التعليم الديني الذي كان يتولاه كاهن معروفة عنه صرامة الطبع. وكنا في تلك المرحلة قد تكونت لدينا فكرة واضحة بما فيه الكفاية عن خريطة الكون وكروية الأرض ودورانها وحجمها. وفي أحد دروس التعليم الديني قال لنا المدرس الكاهن:” تعرفــون أنتم يا أولادي الآن ما هــــــي الكرة الأرضية، وتعرفون حجمها. أريدكم الآن أن تتصوّروا كرة أرض أكبر من أرضكم بمليون مرّة، وأنّ هذه الكرة الأكبر بمليون مرة من كرة الأرض ليست من تراب وماء بل هــي من حديد فولاذي صلب.هذه الكرة الأكبر من الأرض بمليـــون مرّة والأصلب من الحديد الصلب، يمرّ عليها كل مليون سنة طائر، فيمسحها بجناحه. فكم وكم – وهذه الكلمة لا زالت ترنّ في أذني إلى اليوم- كم مليون.. مليون.. مليون سنة يحتاج هذا الطائر إلـى أن يمسح بجناحه مرة واحدة كلّ مليون سنة ليذيب هذه الكرة الحديدية الأكبر من الأرض بمليون مرة؟ تذوب هذه الكرة ولا يذوب عذابكم في جهنّم إذا متّم في حال الخطيئة”.

سمعت هذا التحذير الحسابي فأصابتني رعدة. – فقد فهمته بكل أبعاده إذ كنت في حينه تلميذاً متفوّقاً – وخرجت مـن المدرسة وسرت في الطريق وأنا أطأطئ رأسي. ذلك أن المدرسة كانت تقع في حيّ عتيق جدّا وكئيب، تفوح منه روائح الأماكن المغلقة. وعلى بعد حوالي 200 متر كنا نخرج من الدرب الضيق والمقفل عليه ليلاً بباب حديدي الى شارع عريض ومفتوح تطالعنا منه ، أول ما تطالعنا، بناية حديثة نسبياً تقطن في الطابق الثاني منها أسرة إيطالية، لها ثلاث بنات جميلات جدّاً، وغالباً ما نجدهن جالسات في “الفيرندا” ومرئيات للناظر من الشارع في إطلالة آسرة . وما إن نظرت إليهن عصرئذ حتى أسرعت أخفض نظري وأغمض عينيّ. لماذا؟ هنا لا بدّ أن أعود الى المسيحية التي ولدت فيها وعمّدني أهلي عليها. ففي المسيحيّة يقال إن الخطيئة مثلّثة: خطيئة بالعمل وخطيئة بالقول وخطيئة بالفكر. وحتى هذه الخطيئة الأخيرة قد تكون خطيئة مميتة، وعقابها جهنم إلى أبد الآبدين حسب اللاهوت المسيحي إذا كان مدارها على الجنس نظراً الى الوصية التي تقول : لا تشتهِ امرأة غيرك. والحال أن كل امرأة هي امرأة للغير ما لم تكن زوجة شرعية. ومن ثم، إن الشهوة الجنسية تغدو بحد ذاتها مسبِّبة لخطيئة مميتة ولا يغفرها الله للإنسان ولا ينجيه من عذابات جهنم ما لم يعترف بها للكاهن. وكان الكاهن يركِّز على خطيئة الفكر هذه في درس التعليم الديني لعلمه أن مدار تفكير الصبيان في طور المراهقة هو على الجنس. وعلى هذ النحو توزعت نفسي وأنا أخرج من درب المدرسة الضيق الى الشارع المفتوح على فيراندا الصبايا الإيطاليات الثلاث بين الرغبة في النظر وبين الخوف من العذاب الأبدي في نار جهنم على ذلك النحو المرعب كما صوّره لنا الكاهن من خلال مثال الطائر والكرة الحديدية الأكبر من الأرض بمليون مرة. وهكذا لم أكتفِ بإغماض عينيّ، بل رحت أمشي في الطريق إلى البيت وأنا أحاول أن أطرد من فكري صورة الإيطاليات الثلاث وكلّي خوف من أن تشاء المصادفة أن يسقط فوق رأسي من إحدى الشرفات أصيص زهر من الأصص التي كان من عادة سكان بلدتي حلب أن يزيّنوا بها شرفاتهم فأموت وأنا في حالة خطيئة مميتة. ووصلت إلـــى البيت وأنا في شبه هذيان وأصابتني حمّى حقيقيـــة وبقيت يومـــين طريح الفراش، ثم لما أفقت كان ردّ فعلي الوحيد أنني قلت بيني وبين نفسي: لا، إن الله ذاك الّذي حدثنـي عنه الكاهن لا يمكن أن يوجد ولا يمكن أن يكون ظالماً إلى هذا الحدّ. ومن ذلك اليوم كففت عن أن أكون مسيحيا.

المحطة الثانية الّتي حددّت اتجاهي النهائي في الحياة، عدا قصّة خروجي من المسيحيّة، كانت عند انتقالي في المرحلة الثانويّة إلى مدرسة رسميّة تابعة للدولة. كان ذلك علـى ما أذكر عام 1955 . وقد كان ذلك بعد سقوط حاكم سورية الديكتاتور والجنرال العسكري أديب الشيشكلي. وكان تحالف حزب البعث والحزب الشيوعي والإخوان المسلمين هو من أسقطه. فلمّا تفاوضوا فيما بينهم، سئل الإخوان المسلمون: ماذا تريدون؟ أي وزارة؟ فقالوا: نحن لا نريد وزارة، نحن لنا مطلب واحد وهو إدخال التعليم الديني إلى المدارس الثانوية. التعليم الديني كان مباحاً بل واجباً في المدارس الابتدائية والإعداديّة ولكن ليس في الثانوية. في الثانوية كنّا ندرس علوم الأخلاق والتربية الوطنيّة وليس هناك تعليم ديني. وعلى هذا النحو تقرّر إدخال التعليم الديني إلى المدارس الثّانوية، وأنا ذهبت في تلك السنة إلى المدرسة الثّانوية.

ويومئذ، لمّا قيل لي هناك حصّة تدريس تعليم دينــــي، قلت لرفاقي، وكنت قد بدأت أميل إلــــى أن أصير حزبياً اشتراكياً من “حزب البعث”: أريد أن أحضر درس التعليم الديني لأني أريد أن أطّلع أكثر، فأنا كنت في مدرسة لم أتلقَّ فيها سوى التعليم المسيحي، ولكني أريد الآن أن أعلم المزيد عن الاسلام الّذي هو دين الغالبية السورية. حضرتُ الدرس. شيخ طويـــل القامة بعِمّة. أذكر إلى الآن لون جلبابه الرمادي الأنيق. وكان قد كتب علـى اللّوح بالطبشور سلفاً: “كلّ من هو ليس بمسلم فهو عدوّ للإسلام”. كان هذا موضوع الدّرس. وبدأ يشرح ويشرح ورفـــاقي ينظرون إليّ، كلّ واحد منهم رمقاً، ليدركوا ردّ فعلي. ومضى نصف وقت الحصة وأنا أسمع الدرس. ثم قـــال الشيخ المدرٍّس: الآن أفتح باب النقاش. فسارعت أرفع يدي، فقال :تفضّل، ما اسمك؟ فقلت وأنا أشدّدعلى اسمي: “جورج طرابيشي”، وجورج اسم لا يطلق في سوريا إلاّ على المسيحيين. فوجئ هذا الشيخ وانبثقت حبات عرق على جبينه . وتابعت قائلاً: يــــا أستاذ، أنا لست مسلماً، أنا مسيحي بالمولد، فهل أنا عدوّ لك؟

قال: أعوذ بالله ، من قال هذا الكلام؟ كيف تقول ذلك؟

قلت له: يــا أستاذ منذ أكثر من ثلاثين دقيقة وأنت تقول: كل من ليس بمسلم فهو عدوّ للإسلام، فهل أنـا عدوّ لك؟؟ فطفق الرّجل يتدارك خطأه، ويقول: لا، لا، فالمسيحيون أهل كتاب. وطبعاً كان السؤال الذي دار في نفسي: لماذا لم يتدارك ويستثنِ من البداية؟ وحتى لو لم أسأله فهل يكون كل من هو ليس بمسلم عدواً للإسلام؟ وقد كان ينبغي عليّ أن أضيف السؤال:حتّى وإن لم أكن من أهل الكتاب فهل أنا عدوّ لك؟ ولكني أمسكت.

ابتداء من تلك اللّحظة وعيتُ أن مهمّة كبيرة جدّاً لا تزال تنتظرنا في مجتمعاتنا وأن القضية ليست قضية تغيير سياسة ولا وزارة، بل هي أولاً وربما أخيراً قضية تغيير على صعيد العقليات. وشاءت الصدفة فيما بعد، لمّا صرت أُدرِّس في الثانوية بدوري، ويوم افتتاح الموسم الدراسي، أن أفاجأ بوجود نفس الشيخ في قاعة الأساتذة ليكون مدرس التعليم الديني أيضاً في نفس الثانوية الّتي عُيّنت فيها مدرِّساً للغة العربية. قام عن كرسيه للحال وهجم نحوي وعانقني قائلاً: عذراً يـا أستاذ ، خطيئة ارتكبتها في حياتي لن أكررها أبداً.

المحطّة الثــالثة في حياتي تمثلت بحادثة مماثلة ، ولكن هذه المرة مع رفاق حزبيين مسيحيين. كانت حادثة لها عمق تغييري كبير في نفسي وفي وعيي إذ كانت سبباً أساسياً في تحوّلي إلى كاتب لأني شعرت أنّ الكتابة هي الطريق الوحيدة الّتي بمستطاعي أن أسلكها لكي أغيّر العقليّة في المجتمع. والتفاصيل كما يلي: دخلت السّجن كمعارض سياسي في نظام حزب البعث. كنت انتميت الى حزب البعث قبل استلامه السلطة. ثم استقلت من الحزب بعد سنة من استلامه الحكم لخلافات سياسية وإيديولوجية ليس المجال هنا للدخول في تفاصيلها . وبعد أن استقلت وصرت معارضاً دخلت السّجن. في السّجن كان هناك عدد من البعثيين المعتقلين وإن كانوا ينتمون الى تياريميني غير التيار الحاكم وغير التيار اليساري الذي أنتمي إليه أنا بعد أن تشتت الحزب إلى تكتلات، وكان معظم هؤلاء من جبل حوران في سوريا الذي كان قسم كبير من سكّانه من المسيحيين من أيّام الغساسنة ومن وَرَثتهم . وفي السّجن كان معي خمسة أو ستّة من هؤلاء المسيحيين البعثيين في غرفة جماعية واحدة تضم عشرات المعتقلين. كنت قد تزوّجت من زوجتي الكاتبة”هنرييت عــبودي”، وأنجبت منها أوّل طفلة عمرها سنة أو سنتان، لم أعد أذكر. وكنت وأنا بالسّجن لا أفكر إلاّ بهذه الزوجة وبهذه البنت الّتي تركتها معها. ولست أدري كيف جاء حديث الشرف الجنسي الذي يقضي بوجوب قتل المرأة إذا أقامت علاقة جنسية غير مشروعة سواء كانت مسيحية أو مسلمة، وفي هذه الحال تقتل ، والأفضل أن تذبح ذبحاً من قبل أخيها استرداداً للشرف المهان. ومن كلمة إلى كلمة قادنا النّقاش الى ما يلي. قلت لهم: أنــــــــا أرفض مبدأ جريمة الشرف من أساسه، وهذا موقف لا أستطيع احتماله إطلاقاً من قبل إنسان يزعم نفسه تقدمياً أو اشتراكياً أو بعثياً. عندئذ هبّ واحد منهم غاضباً وقال: أنت متزوج؟ قلت: نعم. قال: شوعندك؟ قلت له: عندي بنت. قال: صغيرة طبعاً؟ قلت: نعم. قال: الآن إذا كبرت – بنتي اسمها مَيّ- إذا كبرت هذه البنيّة وغلطت مع شابّ أفلا تذبحها؟؟ قلت له: أنا أذبح مايا بنتي إذا رأيتها تقبِّل شابّاً ! فقـــــــــــــال: كيف؟ أما تذبحها ؟ قلت له: يا رفيق أجننتَ !! أذبح مايا؟ قال: أنت ما عندك شرف! أنت لست عربياً ولا تستأهل أن تكون عربياً ولا بعثياً! وأخذ هؤلاء الرّفاق المعتقلون معي قراراً بمقاطعتي وبعدم الكلام معي لأنّــي لا أستحق شرف أن أكون عربيـاً أو بعثياً ولو كنت معارضاً مثلهم للتيار الحاكم. ونتيجة لهذه المقاطعة ولما تلاها من عدائية نحوي قدَّمت طلباً إلى ادارة السجن بنقلي إلـى غرفة منفردة، أي شبه زنزانة، بدلاً من أن أبقى مع رفاق يقاطعونني ويحتقرونني.

من يومها أيضاً تعلّمت درساً جديداً وهو أنّ القضيّة ليست فقط قضية مسلمين وغير مسلمين، ومسيحيين وغير مسيحيين، من حيث الوعي الاجتماعي حتى ولو كانوا ينتمون إلى أيديولوجيا واحدة. فالقضية أعمق من ذلك بكثير. قضية بنى عقليّة في المقام الأول. ففي داخل المخّ البشري تتواجد طبقتان: طبقة فوقية سطحية يمكن أن تكون سياسية، تقدمية، اشتراكية، وحدويّة، وطبقة بنيوية تحتيّة داخل هذا المخّ رجعيّة حتّى الموت، سواء كان حاملها مسيحيـاً أو مسلمــاً. ومنذ ذلك اليوم توطد لديّ الاقتناع بأن الموقف من المرأة في مجتمعاتنا يحدد الموقف من العالم بأسره. ومنذ ذلك اليوم أيضا ترسخ لديّ الاقتناع أكثر من أيّ يوم سبق بوجوب النضال بواسطة الكلمة من أجل تغيير العقليــات، تغيير البنية الداخلية للعقل، وليس فقط البنية السطحية السياسية أو الايديولوجية.

في المحطّة الـــــــرابعة من حياتــــــــــــي، وبعد مرحلة القوميـة العربية والبعثية واليسـارية والماركسية، جاء دور فرويد.

وقصتي مع فرويد بدأت بواقعة لا تخلو من طرافة. فبعد أن تزوجت وصار عندي بنتان كنت، كلّما جلست إلى المائدة لآكل الطعام، أمسك برغيف الخبز- عندنا فـــي سوريا الخبز العربـي، وهو غير دارج في معظم البلدان العربية الأخرى- فلا أجد نفسي إلا وأنا أقطّعه من أطرافه لاشعورياً وزوجتي وابنتي قاعدتان أمامـــي على المائدة تأكلان، وكنت لا أستطيع منع نفسي من تفتيت الخبز حتى عندما يكون معنا على المائدة ضيف.

كانت زوجتي تقول لي بلهجتها الحلبية: عيب يــا جورج، النّاس بشوفوك، وبناتك يتعلموا هالعادة ، وحتى عندما يكون عندنا ضيوف علــى المائدة يرونك تفتِّت الخبز قدّامهم هكذا! وكنت أقول لها: معك حقّ.ولكن كلّ مرّة أنسى نفسي وأعود إلى تمزيق الرغيف بدون قصد ولا انتباه مني. وهكذا إلـى أن صادف ذات مرة أن قرأت مقالاً- لا أعتقد أنه كان لفرويد وإنما لأحد تلاميذه – يحكي عن هذه الظاهرة النّفسية ويعتبرها عرضاً عصابياً بصفتها فعل تمزيق لاإرادي ولاشعوري للأب. وأنا عندما قرأت هذا المقال أصبت برجفة: فأنا إذن أمزّق أبي! وبالفعل كنت على صدام في مراهقتي مع أبي. ومنذ أن قرأت ذلك المقال انفتحت على التحليل النفسي، وعكفت على قراءة فرويد ثم شرعت أترجم له. ووجدتني أتصالح مع أبي – وكانت قد مضت سنوات على وفاته – وأصفّي حسابي مع نفسي تجاه أبي وأستعيد نسبة كبيرة من الهدوء النفسي وأنظر إلى الحياة نظرة جديدة إلى حدّ ما. ولقد ترجمت لفرويد نحواً من ثلاثين كتاباً، ولكني بطبيعة الحال لم أترجمها عن لغتها الأصلية الألمانية، بل عن اللغة الفرنسية. وأنتم تعلمون المثل الايطـــــــــــــــالي الّذي يقــول: المترجم خائن Traduttore, traditore . وأنا إذ كنت أترجم عن لغة عن لغة فهي خيانة مزدوجة، ولكن كان هذا خيارأً لا بدّ منه لأنّه لا يوجد في الثقافة العربية، التي تهيمن عليها نتيجة الاستعمار السابق اللغتان الفرنسية والإنجليزية، من يتقن الترجمة عن الألمانية سوى قلة قليلة للغاية. ولو لم أترجم فرويد أو لم يترجمه غيري سواء عن الفرنسية أو الإنكليزية لبقيت الثقافة العربيّة بدون فرويد وبدون تحليل نفسي، وهذا شيء غير مقبول. وطبعاً أنا خنت خيـــانة مزدوجة بالترجمة عن لغة عن لغة، ولكن أعتقد أني أديت للثقافة العربية خدمة ضرورية. وأنا منصرف اليوم ، ومنذ عام تقريباً، إلى إعادة النظر في ترجماتي الفرويــدية مستفيداً من صدور ترجمات جديدة لفرويد باللغة الفرنسية – ترجمتـــين أو ثلاث للكتاب الواحد – استعداداً لإعادة طبعها منقحة وأكثر مطابَقة للنص الأصلي، متمنياً أن يأتي ذات يوم يكون عندنا مترجمون يترجمون عن الألمانية مباشرة.

في المحطّة الخامسة من حياتي سأتوقف عند عن علاقتي بـالراحل محمد عابد الجابري الّذي كرست له ربع قرن من عمري.

كنت منذ عام 1972 قد انتقلت إلى بيروت لأتولى رئاسة تحرير مجلة “دراسات عربيّة” الشهرية التي كانت تصدر فيلبنان عن دار الطليعة. وكان الجابري قد بدأ يرسل إليّ في مطلع الثمانينات بعض المقالات لنشرها في المجلة. ثمّ أرسل كتاباً إلى دار الطليعة عنوانه “تكوين العقل العربــي“، الجزء الأوّل من مشروع “نقد العقل العربـــي“. وقد أعطاني صاحب الدار الرّاحل بشير الداعوق المخطوط قائلاً لي: أنظر في هذا الكتاب فأنت أفهم مني في التراث. قرأت الكتاب وقلت له: هذا كتاب مدهش، أُنشره فوراً. نشره طبعاً. ولكنّي في أثناء ذلك كنت أخذت قراري- وقد تعبت من الحرب الأهليّة اللبنانية – بالهجرة من بيروت إلـــى بـاريس للعمل في مجلة “الوحدة “.

وأنا أودّع الدّار و أودّع زملائي وأودّع بشير الداعوق، كان صدر كتاب ” تكوين العقل العربي“، وكان هو الكتاب الوحيد اللّذي حملته معي من بيروت إلى باريس مع معجم سهيل إدريس “المنهل“. لم أحمل من كتب مكتبتي الخمسة آلاف غير هذين الكتابين.

جئت باريس وقعدت في بيتي شبه الفارغ أقرأ هذا الكتاب مرّة ثانية، مسحوراً به سحراً كاملاً. وكان أوّل مقال كتبته في مجلّة “الوحــدة” عن هذا الكتاب. وبادرت أكتب بالحرف الواحد- يعرف هذه القصة عدد ممن قرؤوا سيرة حياتـي-: “إنّ هذا الكتاب ليس فقط يثقّف بل يغيّر، فمن يقرأه لا يعود بعد أن يقرأه كما كان قبل أن يقرأه”. بمثل هذه الحماسة كتبت عرضاً عن الكتاب في مجلّة “الوحدة“. ولكن كانت هناك نقطة تفصيلية صغيرة في الكتاب أثارت عندي بعض الشكوك وتتعلق بموقف الجابري من “إخوان الصفاء”. فمن دراستي الجامعيّة في قسم اللغة العربية بجامعة دمشق كانت تكونت عندي فكرة عامة عن انتماء إخوان الصفاء إلى العقلانية الفلسفية الإسلامية. والحال أن الجابري كان قال كلاماً سلبياً للغاية عن إخوان الصفـــــاء ناسباً إياهم الى ” العقل المستقيل في الإسلام”، ومؤكداً أنهم وقفوا ضدّ العقل، وضدّ الفلسفة، وضدّ المنطق، وضد صاحب المنطق الذي هو أرسطو .هكذا ارتسم عندي شكّ يتعلق بهذه النقطة تحديداً، وما كان في إمكاني أن أحسمه لأن رسائل اخوان الصفاء لم تكن متوفرة لي في مهجري الباريسي.

ثم شاءت الظروف أن أسافر إلى إحدى دول الخليج في دعوة لندوة. في ذلك البلد الخليجي قلت في نفسي إني سأبتاع رسائــــــل إخوان الصفاء لحسم تلك المسألة. ذهبت إلى مكتبة كبيرة هناك وسألت المستخدم: عندك كتاب “إ رسائل خوان الصفاء“؟ فقال بلهجة لا تخلو من غرابة: لا يا أستاذ. قلت له: وأين يمكنني الحصول عليه ؟ قال: أستاذ، أنت تعرف أنّ هذا الكتاب هو في الفلسفة؟ قلت له:نعم. قال: إن كتب الفلسفة ممنوعـــة هنا . وكانت هذه أول مرة أسمع فيها أن كتب الفلسفة محرّمة، وفيمـا بعد اكتشفت أنها ليست ممنوعة فقط في تلك الدولة الخليجيّة ، بل في معظم دول الخليج. قلت لـلمكتبي: آسف، أنا والله ما كنت أدري. ومن كلمة إلى كلمة بدأت أتناقش معه ودياً وقلت له: أنا لازمني الكتاب، فماذا أفعل؟. قال: هناك مكتبة أخرى. ودلّني على اسمها وعنوانها وقال: علّ وعسى يكون لديها.

ذهبت الى المكتبة الثــــانية و سألت المكتبي عن الكتــــاب. وبالطبع أتاني نفس الجواب، فقلت له: ولكن اسمح لي أعرّفك بنفسي :أنا كاتب ومترجم اسمي “جورج طرابيشي” . وبمجرّد أن قلت له جـــــورج طرابيشي، قال: أهلاً وسهلا ًوراح يعرّفني على ما هو موجود من كتبي وترجمـاتي لديه. ثم أضاف: اسمح لي. ودخل واستدعى رئيسه صاحب المكتبة، فقال هذا: أهلاً وسهلاً أستاذ جـــورج. ورحّب بي، إلخ. رويت له حاجتي الى الكتاب لأنه غير المتوفر لي بباريس ولا أستطيع أن آتي به من لبنان بسبب ظروف الحرب الأهلية،إلخ. قال: والله يا أستاذ أما تعرف أن هذه الكتب ممنوعة؟ قلت له: عرفت ولكن لعلّ وعسى تســـــاعدني. قــال: تفضّل معي. نزل معي إلى قبو تحت الأرض فـــإذا فيه صناديق وكتب أخرى، وأخرج أربعة أجزاء كبيرة لإخوان الصفاء، قال: تفضّل أستاذ . و لم يشأ أن يأخذ ثمنها ولكني أصررت ودفعت شاكراً إياه كل الشكر.

وأنا في طائرة العودة ثم في البيت كان أوّل همي أن أعثر عــلى النّص الّذي يقول عنه الجابري إن إخوان الصفاء يقفون فيه ضدّ المنطق وضد أرسطو وضدّ الفلسفة.

فتحت الجزء الرابع من الرسائل أفتش عن النص كما يشير اليه الهامش الذي يحيل اليه كتاب “نقد العقل العربي” فلـــــم أجده، فتشت وفتشت ثم قلت في نفسي: لعله خطأ مطبعي ويجب ان أعيد قراءة الرسائل الواحدة والخمسين كلها. وهكذا بدأت بقراءة كتاب رسائل إخوان الصفا بأجزائه الأربعة فإذا بي أصل إلـــــى الرسائل 10-11-12-13-14 ، فكانت دهشتي عظيمة. ففي هذه الرسائل الخمس، و بعدما قدّموا وعرّفوا بأنفسهم، يقولون ما خلاصته: يـــا أخي، أيّدك الله وإيّانا بروح منه، اعلم ، بعدما شرحنا لك أهدافنا، أنّه لا مدخل لك إلينا إلاّ بواسطة المنطـــق لأنّه هو المعبر الّذي يجعل الخطاب بيننا ممكناً، فتعالَ نشرح لك المنطق وكتبه. ثم يخصّصون الرسائل 10 إلى14 لشرح كتب المنطق الأرسطي مثل العبارة والمقولات و والقياس والبرهان ، ويستعملون العبارات بلفظها اليوناني مثل أنالوطيقا وقاطيغورياس، إلخ .

فيما أنا أطالع هذه الرسائل الخمس في الشرح المفصل للمنطق الأرسطي كنت أتساءل بيني وبين نفسي: كيف يقول الجابري إن إخوان الصفا قاطعوا أرسطو؟ وقاطعوا المنطق؟ وقالوا: إن الإنسان ليس بحاجة إلى المنطق وإلى الفلسفة ؟ وعدت من جديد إلى متابعة قراءة الرسائل إلى أن وقعت في الرسالة السابعة عشرة المعنونة: في علل اختلاف اللغات على النص الذي يتخذ منه الجابري دليلاً علن أن إخوان الصفاء قالوا إن الإنسان ليس بحاجة الى المنطق. والحال ماذا يقول النص؟ فحواه كالتالي: لقد تقدم بنا الكلام في أوائل رسائلنا على أهمية المنطق لفهمنا وفهم لرسائلنا. ولكن اعلم يا أخانا أنّ المنطق منطقان. هناك منطق فلسفي حدّثناك عنه، وهناك منطق لفظي أي الكلام، لأنّه لولا الكلام لما تفاهم البشر فيما بينهم. وبعد أن يشــرحوا دور اللغة كأساس وكوسيلة للتفــاهم بين البشر يضيفون: اعلـــم أن هناك نفوساً صــافية غير محتاجة للكلام ولا للمنطق في إفهام بعضها بعضاً، أي هناك نفــوس روحانية تتفاهم بالعين، تتفاهم باللّمس، تتفــاهم بالروح، بالوجدان، بالتخاطر كما بتنا نقول اليوم، بدون أن تكون بها حاجة للمنطق اللفظي والكلام. فإذا بالجــــابري استغلّ هذه الجملة ” ليست بحاجة إلـى منطق” ليحذف كلمة اللفظي وليقول إنّ هؤلاء ضدّ المنطق بمعناه الفلسفي. ثمّ لم ألبث أن وقعت علــى الشّاهد التّالي وهو في معرض نقاش إخوان الصفاء حول ما بين الدين والفلسفة من علاقة يريد المتزمتون في عصرهم ( القرن الرابع للهجرة) فصمها ويدعون إلى تحريم الفلسفة باسم الدين. يقول الشاهد بالحرف الواحد: “اعلم أيّهــــا الأخ البــار، أيّدك الله بنور منه، أنّ من عرف أحكام الدّين فإنّ نظره في علم الفلسفة لا يضرّه بل يزيده فـــي علم الدّين تحققاً وفي فهم المعاني استبصاراً”. ثم ثمّ يضيف القول: “المنطق ميزان الفلسفة وأداة الفيلسوف. ولمّا كـانت الفلسفة أشرف الصنائع على البشرية بعد النّبوة صار من الواجب أن يكون ميزان الفلسفة أصحّ المــــوازين وأداة الفيلسوف أشرف الأدوات ونسبة صناعة المنطق إلى العقل والمعقولات مثل صناعة النحو إلى اللسان والألفاظ”.

إني لمّا قرأت هذه الرسالة وهذا الشاهد أصبت بصدمة كبــيرة وبطعنة في كبريائي كمثقف، لأنّي كتبت في ما كتبت عن كتاب الجـابري: ” هذا الكتاب من يقرأه لا يعود بعد أن يقرأه كما كان قبل أن يقرأه”.

ومن ذلك اليوم لم أعد أوجّه لومــــــي إلى الجــــــابري، بل إلى نفسي، لأنّني حكمت على كتاب في موضوع لم أكن أملك كلّ مفاتيحه المعرفية.وأقسمت بينـــي وبين نفســــي أني بعد الآن لن أقول شيئاً أو أصدر حكماً بدون أن أكون مستوثقاً من كلّ المعلومات بصدده. وهكذا أخذت قراري بإعادة تربية نفسي، و إعادة تثقيف نفسي. وهكذا انكببت، أنا الذي درست اللغة العربية والتراث العربي جزئياً في الجامعة، انكباباً مرعباً علــى قراءة كتب التراث وعلــــى مطالعة عشرات وعشرات المراجع الّتي ذكرها الجــــابري والّتــي رحت أدقق كلّ شاهد من شواهدها وأتحقّق من صحّتها فــــي كلّ المجالات. وبصراحة أقول لكم: لم يكن شاهد إخوان الصفاء بالشاهد الوحيد ، بل وقعت على عشــرات وعشرات من الأمثلة علـــى مثل هذا التزوير الّذي أوقع فيه الجابري عن قصد أو عن غير قصد- لا أدري- قراءه وأنا منهم.

وإني لأقولها صراحة اليوم : إني أعترف للجــابري، الّذي قضيت معه ربع قرن بكامله وأنا أقرأه وأقرأ مراجعه ومئات المراجع في التراث الإسلامي ومن قبله المسيحي ومن قبلهما التراث اليوناني وكل ما يستوجبه الحوار مع مشروعه، إني أقرّ له، وأعترف أمامكم، أنّه أفادني إفادة كبيرة، وأنه أرغمني علـــى إعادة بناء ثقــافتي التراثية . فأنـــا له أدين بالكثير رغم كلّ النقد الّذي وجّهته إليه.

المحطة السادسة. إن المحطات الخمس التي تقدّم بي الكلام عنها كانت كلها بمثابة محطات انطلاق، وبدءاً منها كتبت كل ما كتبته على امتداد حياتي من أبحاث ومقالات قاربت في عددها الخمسمائة ، ومؤلفات نافت على الثلاثين، وترجمات زادت على المئة . لكن المحطة السادسة كانت بالمقابل هي محطة التوقف والصمت والشلل التام عن الكتابة: محطة الألم السوري المتواصل منذ نحو أربع سنوات بدون أن يلوح في الأفق أي بشير بنهاية له.

على امتداد تلك السنوات الأربع ما أسعفني القلم إلا في كتابة مقالين اثنين فقط: أولهما في 21/3/2011 بالتواقت مع البدايات الأولى لثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا، وثانيهما في 28/5/2011 مع انخراط سورية بدورها في معمعة ذلك الربيع.

المقال الأول حمل هذا العنوان: تاريخ صغير على هامش التاريخ الكبير. وقد قصدت بالتاريخ الكبير ثورات الربيع العربي التي بدت في حينه وكأنها تُدخِل العالم العربي في عصر الثورات التاريخية الكبرى كمثل تلك التي شهدتها فرنسا عام 1779 أو أوروبا الغربية عام 1848 أو دول المعسكر المسمى بالاشتراكي في أواخر القرن العشرين. أما التاريخ الصغير فقد قصدت به تاريخي الشخصي المرتبط بخيبة أمل كبرى. فأنا، كما وصفت نفسي في خاتمة ذلك المقال الأول عن ثورات الربيع العربي، ابن الخيبة بالثورة الإيرانية الآفلة أكثر مني ابن الأمل بثورات الربيع العربي الشارقة التي قلت في نهاية المقال إنني إذا كنت أتمنى من شيء فهو أن يكون توجسي في غير محله، وأن يكون مآل هذه الثورات العربية غير مآل الثورة الإيرانية التي صادرتها القوى الناشطة تحت لواء الإيديولوجيا الدينية، وأن تكون فرحتي بذلك الربيع هي الرفيق الدائم لما تبقى لي من العمر.

ولكن ، وكما أثبت التطور اللاحق للأحداث، فإن ما قام البرهان على أنه كان في محله هو توجسي بالذات: فالربيع العربي لم يفتح من أبواب أخرى غير أبواب الجحيم والردّة إلى ما قبل الحداثة المأمولة والغرق من جديد في مستنقع القرون الوسطى الصليبية/الهلالية .

أما المقال الثاني الذي كتبته في أواخر شهر أيار/مايو 2011 فكان بعنوان: سورية: النظام من الإصلاح إلى الإلغاء. وقد كان محوره على أن سورية، المتعددة الأديان والطوائف والإثنيات، تقف بدورها على أبواب جحيم الحرب الأهلية ما لم يبادر النظام إلى إصلاح نفسه بإلغاء نفسه بنفسه. فغير هذا الإلغاء لا سبيل آخر إلى إصلاح سلمي يصون البلاد من الدمار. ولكن بدلاً من ذلك امتنع النظام حتى عن الوفاء بالوعود في الإصلاح التي كان لوّح بها. ولكن لأعترف أيضاً بأن إصراري يومئذ على قدر من التفاؤل، من خلال مطالبة النظام بإلغاء نفسه تفادياً لحرب أهلية طائفية مدمرة، كان في غير محله إذ ما كنت أعي في حينه، أي في الأسابيع الأولى لاندلاع الانتفاضة السورية ، دور العامل الخارجي إعلاماً وتمويلاً وتسليحاً، وهو الدور الذي يدفع اليوم الشعب السوري بجميع طوائفه ثمنه دماً وموتاً ودماراً غير مسبوق إلا هولاكياً، وهذا في ظروف إقليمية وأممية تشهد احتداماً في الصراع الطائفي السني/الشيعي ينذر بأن يكون تكراراً للصراع الطائفي الكاثوليكي/البروتستانتي البالغ الشراسة الذي كانت شهدته أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر.

يبقى أن أختم فأقول إن شللي عن الكتابة، أنا الذي لم أفعل شيئاً آخر في حياتي سوى أن أكتب، هو بمثابة موت. ولكنه يبقى على كل حال موتاً صغيراً على هامش ما قد يكونه الموت الكبير الذي هو موت الوطن.

* نقلا عن “الأثير”

* تُوفي جورج طرابيشي أمس الأربعاء عن عمر يناهز 77 عاما.

Posted in الأدب والفن, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | Leave a comment

جورج طرابيشي:بسبب اسمي فشلت أن أكون مناضلاً عربياَ

tarabishi1– كان أول فشل لي في حياتي مولدي. فقد ولدت في أسرة عادية، وكنت أتساءل في أول خطواتي التفكيرية (وأنا طفل) لماذا لم أولد من أسرة نبيلة أو أميرية، ثم اكتشفت بعد سنوات عديدة، وأنا أطالع كتابات سيغموند فرويد، أن الأطفال الذين يحلمون بالولادة من أسرة وهمية أنبل من أسرتهم الفعلية، هم الأطفال المرشحون الأكثر من غيرهم للتثبيت في العقدة الأوديبية.

2- ثاني فشل في حياتي هو اسمي. فقد ولدت عام 1939م، وفي حينه كانت سورية قد بدأت تشهد نضوجاً للوعي القومي، تمثل فيما تمثل في إقدام الأسر على تسمية أبنائها بأسماء عربية لا تدل على انتمائهم الديني أو الطائفي، فضلاً عن أن تعريب الأسماء كان شكلاً من أشكال المقاومة للمستعمر الفرنسي، وبالفعل، فإن أبي الذي كان على صلة ما بالحركة الوطنية سمى جميع أخوتي بأسماء عربية: سمير، وجلال، وفائز. إلخ، باستثنائي أنا، وحين سألته عن السر في ذلك أجاب: أنت ابني البكر، وكان لابد أن أسميك باسم جدك. فهذا تقليد لا يمكن أن نشذ عنه.وبالفعل، فقد بقيت أتألم من اسمي، بوقعه الأجنبي ودلالته الطائفية، حقبة مريرة من الزمن. ثم بدأت أتصالح معه عندما اكتشفت أنه من أصل يوناني، وأنه يعني باليونانية: «شغيل الأرض»، أي الفلاح، وأنه ليس أجنبياً خالصاً، بل ذو أصل سامي: فهو مشتق من «الجين»، وتعني بالسامية الأرض ومنها أيضاً اشتقت كلمة «جغرافيا».ثم كانت مصالحتي التامة مع اسمي عندما اكتشفت من قراءاتي في التراث العربي الإسلامي أن واحداً من كبار المحدثين المكيين كان يحمل الاسم نفسه، ولكن بصيغة أكثر تعريباً: ابن جريج.

3- ومما أذكره من أنواع الفشل في حياتي فشلي في عد النجوم.فأنا لم أكن سهل النوم، وكما في الصيف، في حلب، ننام على الأسطحة. فتحداني أبي ذات ليلة – وقد لاحظ امتناع النوم عن جفوني – أن أعد النجوم في السماء الصافية، فقبلت التحدي وشرعت بسذاجتي الطفولية أعد النجوم نجماً نجماً وبطبيعة الحال، فقد فشلت، ولكني نجحت بالمقابل في النوم، وما كنت أدري أن العد «للنجوم أو مجرد الأرقام بتسلسلها» هو أجدى وسيلة لقتل الأرق.

4- فشلت أيضاً في القفز في السباحة، فقد كان رفاقي يتبارون في القفز في حوض السباحة من أعلى السلم. وقد حاولت أن أقلدهم. ولكن بدلاً من أن أسقط في الماء على رأسي، سقطت على بطني وتوجعت وجعاً كثيراً، ومنذ ذلك اليوم امتنعت عن القفز في الماء على الرأس، وصرت لا أنزل إلى حمام السباحة إلا على قدمي.

5- فشلت في أن أكون لاعب كرة قدم، فقد كان أولاد حارتي ينظمون مباريات تنافسية مع أولاد الحارة المجاورة. فانضممت إلى الفريق وشاركت في عدة مباريات. ولكن ذات مرة تلقيت الكرة – وكانت عنيفة – برأسي وأصبت بصداع شديد اضطرني إلى أن أقاطع الملعب بصورة نهائية.6- كان الاقتتال بالملاكمة واحدة من هوايات أبناء حارتي. ولكن بنيتي النحيلة في طفولتي منعتني بصورة نهائية أيضاً من أن أكون «بطلاً» لا في الملاكمة، ولا في المصارعة، ولا في جميع أشكال المواجهة التي تتطلب قوة عضلية.ترى أكان ذلك هو دافعي إلى التوجه نحو القوة الفكرية؟

7- كانت حفلات الأعياد والموالد والأعراس كثيرة في حارتنا. وكان الغناء الجماعي شائعاً في تلك الحفلات، ولكن في كل مرة كنت أنبري فيها للمشاركة في الغناء كان الحضور يطلبون مني في الحال أن أمتنع عن الغناء، فقد كان صوتي – قبل بلوغي – منكراً، فضلاً عن أن أذني كانت ناشزة.

8- بالفعل إن أذني لم تكن في يوم من الأيام موسيقية، فرغم امتلاكي من صغري ناصية اللغة العربية، ورغم إتقاني لعلم العروض المجرد، فقد فشلت في أن أنظم بيتاً واحداً من الشعر.

9- كما فشلت في أن أكون شاعراً، ولو ليوم واحد، فقد فشلت في أن أكون روائياً، فما أكثر ما كتبت وما مزقت من مخطوطات ومشاريع روايات، ولكن مقابل فشلي هذا نجحت في أن أكون ناقداً روائياً، وبذلك يكون قد انطبق علي القول السائر:إن تحت جلد كل ناقد ناجح روائياً فاشلاً.

10- فشلي الثقافي الآخر يكمن في علاقتي باللغات الأجنبية، فرغم أنني أتقنت الفرنسية قراءة وكتابة، وترجمت منها إلى العربية عشرات الكتب، فإنني لم أنجح قط في أن أتقنها نطقاً، والعجيب أنه حتى بعد أن انقضت على إقامتي في مغتربي بفرنسا خمس عشرة سنة كاملة، فإني ما زلت إلى اليوم أتلعثم بالنطق بالفرنسية والرطن بها.

11- فشلي في مقاومة الزمن، فقد كنت أتعجب في شبابي من توفيق الحكيم- وكان من أحب الكتاب إليَّ- عندما كنت أجده في العديد من نصوصه يلح كل ذلك الإلحاح على حتمية قانون الزمن، وكنت في اندفاعي الشبابي أتوهم أنني لن أشيخ أبداً. ولكن ها أنذا أطرق أبواب الشيخوخة واكتشفت، مثلي مثل جميع الآخرين من شيوخ البشر أن ما بقي من الحياة أقل بكثير مما تقدم منها.

12- فشلي الأكثر في حياتي هو الهزيمة العربية في حزيران 1967م ،ولكن هذا ليس «فشلي» بل هو فشل جيلي بأكمله، إنه فشل الأمة ومما يرعبني أن أفكر، مجرد التفكير، بأن الحياة لن تمتد بي بما فيه الكفاية لأرى نهاية هذا الفشل، ولا أدري هل ستكون له من نهاية أصلاً.

13- فشلت في أن أكون غنياً، فرغم أني تجاوزت الستين، وكتبت وترجمت نحواً من مئتي كتاب، فإني مازلت مضطراً حتى اليوم إلى العمل والكتابة الصحفية لتأمين القوت اليومي، ولكن لكي أكون واضحاً، فأنا ما أحببت قط الغنى للغنى، ولكن كنت دوماً أحلم بأن يكون لي دخل متواضع، ولكن كاف لكي أتفرغ تفرغاً تاماً للكتابة. وهذا ما لم أنجح فيه إلى اليوم.

14- فشلت في تحقيق حلم زوجتي، لا حلمي، في أن ننجب ولداً ذكراً، فنحن لم نرزق سوى بنات، ثلاث بالعدد لأصارح القارئ بأنني سعيد بذلك ، لا حزين. فأنا قد ولدت في أسرة تتألف من ستة إخوة من الذكور، وكنت منذ طفولتي أحلم وأتمنى لو كانت لنا، نحن الستة أختاً تلقي على وجودنا الذكوري شيئاً من الدفء والأنس الأنثوي.ولذلك عندما رزقت ببنت أولى، ثم ثانية، ثم ثالثة، سعدت وبقيت سعيداً.ولكن زوجتي في المرة الثالثة بكت، فقد كانت تريد ولداً ذكراً. وأنا أفهمها وأفهم رغبتها هذه، ولكني مع ذلك فرح، ولو كنا رزقنا ولداً رابعاً، فإني كنت سأرحب بأن يكون.. بنتاً.

15- حاولت عبثاً أن أهتدي إلى فشل خامس عشر في حياتي، كما طلبت مني هيئة تحرير مجلة «المعرفة» فليكن إذاً هذا الفشل هو الفشل الأخير المطلوب.

Posted in الأدب والفن | 1 Comment