المسلمون يفضّلونها دينية.. ويهجرونها للدولة العلمانية

1pic1000wordsعادل نعمان

يفوز صادق خان، مسلم الديانة، باكستانى الأصل، بمنصب عمدة لندن لتاريخه في الدفاع عن حقوق الأقليات ومنها الأقليات المسلمة في دولته البريطانية العلمانية. ويقتل «حوزم زكى»، مسلم الديانة، باكستانى الجنسية والموطن، لدفاعه عن الأقليات غير المسلمة وحقهم في إظهار دينهم ومعتقداتهم وحريتهم في ممارسة طقوسهم الدينية، في دولته المسلمة الحرة العامرة. محظوظ من يدافع عن حقوق الأقليات في الدولة العلمانية، فهو يتولى منصب القيادة والريادة لإنسانيته. ومسكين من يدافع عن حقوق الأقليات الدينية وحرية المعتقد في دولنا الإسلامية فهو يقتل مرتين لإنسانيته أيضا، الأولى يقتل بفتوى شيخ الإسلام ابن تيمية لمخالفته الولاء والبراء والذى يعتبره ابن تيمية ركنا من أركان العقيدة، وشرطا من شروط الإيمان لا يكتمل إيمان المسلم إلا به. والثانية يقتل بفتوى الوهابية وإمامهم محمد بن عبدالوهاب لأنه نقض ناقضًا من نواقض الإسلام العشرة، وهى مظاهرته للمشركين ومعاونتهم على المسلمين، ولم يكفّرهم أو يشكّ في كفرهم أو يصحح مذهبهم، وهذا كفر بواح يستوجب القتل. في الدولة العلمانية تقبل كل الأديان بما فيها الأقليات المسلمة وتصان حرية الفكر والرأى والعقيدة لكل مخلوقات الله. في دولنا الإسلامية لا يقبل غير الإسلام دينا. يختارها المسلمون دولة دينية إسلامية ويتقاتلون ويقتلون عليها، ثم يتركونها لفشلها وفسادها وظلمها وديكتاتوريتها ويهربون ويهاجرون ويهجرونها للعيش في الدولة العلمانية. هذا يجعلنا نضع الولاء والبراء في الميزان، ونستكمله بسؤال: لماذا هي مدنية علمانية؟ (لقد تعرضنا من قبل لنواقض الإسلا م العشرة الوهابية ) أيهما أحق بالاختيار، الكفاءة والخبرة أو الولاء والبراء، العلم الدنيوى أو العلم الدينى، وهل الولاية في الدنيا للأكثر علما وخبرة أم للمسلم الأكثر تدينا. ما هو الولاء والبراء؟ الولاء: هو حُبُّ الله تعالى ورسوله ونصرتهما ومحبة المؤمنين، ودين الإسلام وأتباعِه من المسلمين. والبراء هو: بُغْضُ الطواغيت التي تُعبَدُ من دون الله، وبُغْضُ الكفر بجميع ملله وأتباعِه، ومعاداة ذلك كُلِّه ومنها اتخاذهم للولاية والريادة والقيادة. الديانة اليهودية كانت متغلغلة في الجزيرة العربية قبل الإسلام وكانت تتبنّى فكرة عدم موالاة غير اليهود، وهذا مكتوب في سفر الخروج (احذر أن تقطع عهدا مع سكان الأرض التي أنت أتيت إليها لئلا يصيروا فخا في وسطك). هي نفس معنى البراء كما جاء في الإسلام «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوالا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِين»، وكانت هذه الآية أمرا بتحريم موالاة اليهود والنصارى فقط دون غيرهم. ثم نزلت الآية «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» وبهذه الآية انضم غير المسلمين جميعا إلى اليهود والنصارى بعدم موالاتهم. والموالاة (معناها تَوْلِية الكُفَّار ما فيه سلطان على المسلمين، وتنصيبهم أمراء وقادة ومستشارين وبطانة من دون المؤمنين، والله يقول: «ياأيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ»، هذا النموذج في الاختيار كان لفترة تثبيت الرسالة وتدعيمها، ولم تعُد صالحة، كما عدلها اليهود وتنازلوا عنها للمصلحة، فلو خيرت شخصا عاديا بين طبيب غير مسلم ذى علم وخبرة وبين طبيب مسلم تقى دونهما، لاختار غير المسلم وهو مغمض العينين، فكيف نقبل هذا القياس على الفرد ولا نقبله على الدولة؟ وهذا يجرّنا إلى السؤال: دولة مدنية أم دولة إسلامية؟ نموذج الدولة الدينية بشكله البسيط لم يتم تطبيقه سوى فترة الرسالة فقط، وكان النبى هو الحاكم وهو اختيار الله، فلم يكُن من المعقول وجود نبى في ظل حاكم غيره، فهو متلقى الوحى ومفسره، وهو منفذ الحكم، وهو مصوبه إذا أخطأ لاتصاله المباشر بالسماء، ولما انقطع الوحى انقطع المدد والحكم من الله. وطالما انقطعت الصلة بين السماء والأرض أصبح الحكم دنيويا وليس حكما دينيا، ومن حق الناس إنشاء دولهم بما يتفق مع ظروفهم، لكن إظهار شكل الدولة الدينية كان متعمدا من الخلفاء والحكام، حتى يصبغوا حكمهم بصبغة دينية، ليحيطوا حكمهم بالقداسة والعصمة، ويطلقوا أيديهم كما شاءوا في أموال المسلمين، لأنهم الموكلون من الله في صرفها على العباد، فيمنحوا ما شاء لهم أن يمنحوا، ويمنعوا ما شاء لهم أن يمنعوا، ويكيلوا اتهامات الردة والزندقة والإلحاد لمعارضيهم باسم الله ويقتلوهم باسمه أيضا. فإذا ما انقطع الوحى عن الأرض يصبح الحكم اجتهادا دنيويا حسب ظروف الناس وما يقابلونه من مستجدات. فلا ثبات ولا أبدية للأحكام، لأنه إذا كان الناسخ قد نسخ المنسوخ في حياة النبى وفى مدة الرسالة، وكان هذا أمرًا ضروريًّا استدعته طبيعة الحياة والمتغيرات التي تستوجب النسخ الحتمى للأحكام وهذا ثابت في القرآن، يصبح النسخ ضرورة حياة ومستمرا استمرارها ومتغيراتها التي لا تنقطع، فليست الدنيا ثابتة جامدة بعد وفاة النبى، بل متغيرة ومتحركة، فكيف نقبل النسخ في حياة النبى ولا نقبله بعده. فلا يمكن أن يكون النسخ ضرورة في حياة النبى ثم ينقطع بوفاته ويظل ثابتا حتى نهاية الدنيا، وهى نفسها الدنيا المتغيرة والمتحركة كما كانت في حياته. الأخير الأديان ليست مهمتها إنشاء دول سياسية والدليل أن مدة الرسالة المحمدية لم يتطرق النبى لاختيار من يخلفه وهو الركيزة الأولى في إنشاء الدولة وتنظيمها. اختيارنا دولة مدنية علمانية بامتياز… الصورة ارشيفية اقرأ قصتها هنا:صورة تغني عن آلاف الكلمات

About سرسبيندار السندي

مواطن يعيش على رحيق الحقيقة والحرية ؟
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.