نجاح مسعى الفلاح معناه حصوله على حصاد جيد , ونجاح مسعى العامل يعني تحقيقه أعلى نسبة انتاج ومبيعات , في الإنتخابات الديمقراطيه نجاح المرشح يعنى حصوله على أصوات الناخبين , أما نجاح مسعى المجتمع فيعني قيامه بإنتخاب مرشحين أكفاء نزيهين قادرين على تحقيق تطلعاته
بعض الأشخاص الذين ننظر إليهم على أنهم ناجحون قد يراهم البعض في منتهى الفشل لأن هذا البعض يقيمهم من زوايا مختلفه لم ننتبه لها . بعض من ننظر إليهم على أنهم فاشلون قد نعيد النظر في تقييمهم حين ننظر الى القيمه الكليه لما قاموا به
محمد بن عمار كان يعتبر في زمانه وزيراً قوياً لأنه كان يسيطر على المعتمد بن عباد وزوجة المعتمد إعتماد الرميكيه وجميع الحاشيه والوزراء , لكن المعتمد أعدمه بيده أخيراً حين قام بضربه بالمطرقة على رأسه , ويخسر ابن عمار اليوم عند الباحثين التاريخيين أي تقييم إيجابي متهمينه بالطمع والجشع ومحاولة صنع ملك هزيل على أنقاض من إإتمنه ووثق به
على العكس من ذلك تلوح اليوم صورة الباشا نوري السعيد الذي نظرنا له في زمانه على أنه شخص عميل وخائن لكن كل الدراسات التاريخيه الحديثه تؤكد أنه أقوى شخصيه حكمت العراق , دخوله في حلف بغداد وهو مشروع صراع أمريكي بريطاني للسيطره على مقدرات العراق يشهد له أنه كان داهية محنك , أما مشروعه في التخطيط الحضري والإقليمي لإزالة مدن الصفيح من حول بغداد ببناء وحدات سكنيه مبسطه للفقراء , وإعمار بغداد بتنفيذ بعض المشاريع الثقافية فيها مثل بناية جامعة بغداد ودار أوبرا بغداد , فتدل بما لا يقبل الشك أنه كان بانياً للعراق رغم أن بعض من كل هذه المشاريع تكامل إنجازها بعد مقتله وقسم من هذه المشاريع لم تنفذ حتى الآن لأن كل الذين أتوا بعده وحتى اليوم , لم يكونوا بكفاءته
لا يقاس النجاح بالمرتبة الوظيفيه , ولا بالوضعيه الحياتيه , ولا بالمعرفه , أو اسم العائله بل يقاس بالأخلاق والحاله المعنويه . هل نستطيع أن نعده فاشلاً من يقتل دفاعاً عن حقوقه وإنسانيته ؟ بالمقابل هل يمكن أن نعد من كان قوياً وثرياً شخصاً ناجحاً اذا كان مكروهاً ولا يتقبله أغلب الناس ؟
لا يوجد نجاح مؤكد أو فشل مؤكد في حصولنا على الثروه أو القوه أو الجمال .. ما يؤكد النجاح والفشل هي أخلاقنا وحالتنا المعنويه ولا شيء سواهما
د. ميسون البياتي