وفاء سلطان
أغلب عمليات البرمجة الفكرية تتم عن طريق الهيمنة العقلية، والهيمنة، تعريفا، هي السيطرة على العقل بدون إرادته.
لا تتدخل الإرادة في معظم الأحيان لأن الشخص المهيمن عليه عقليا لا يشعر بما حدث، إذ يتم ذلك بدون وعيه.
يجب رفع مستوى الوعي عند الشخص ليعي محاولات الهيمنة قبل حدوثها، وذلك عن طريق التركيز على ما يُقال وما يحدث في بيئته.
عليه أن يصغي إلى ما يقال ويمعن النظر فيما يحدث!
…………………
داخل الشركات الكبرى التي تبيع المواد الغذائية في أمريكا يقابل المستهلك عمالا يقفون وراء طاولات تعرض عينات للمواد الغذائية، ويناولون كل مستهلك قطعة صغيرة من تلك العينات كي يتذوقها قبل أن يشتريها.
ليست تلك الإجراءات سوى نوع من الهيمنة العقلية التي تدفع المستهلك إلى شراء المواد التي تذوقها حتى في حال لم يستسغ طعمها، كيف؟
في اللاوعي عند كل إنسان تستقر قناعة، بأن على الإنسان أن يقدر الخدمة التي يسديها أحد الناس إليه وأن يكون قادرا على ردّ الجميل.
عندما يتناول القطعة الصغيرة من المادة الغذائية من يد العامل يتشكل لديه إحساس خفي بأن العامل قد أسدى إليه خدمة.
ولاحقا عندما يقترح عليه العامل أن يشتري بعضا منها، لا يملك المستهلك الجرأة على أن يرفض ردّ الجميل. اللاوعي لا يحدد له بأن حجم الجميل يجب أن يتناسب مع حجم الخدمة، ولذلك يدفعه لأن يشتري المادة الغذائية ليس بالضرورة لأنه اقتنع بها، وإنما كمحاولة لردّ جميل العامل الذي أهداه قطعة صغيرة ليتذوقها قبل شرائها.
……………………..
أقوى عمليات الهيمنة العقلية تتم عن طريق زرع الخوف، ولذلك يبقى الدين بالإضافة إلى العقائد السياسية الشمولية من أقدر المؤسسات الإجتماعية على أن تتبنى الهيمنة العقلية كوسيلة للسيطرة على الناس.
في تلك الحالة، يعمد الإنسان باللاوعي إلى تجاهل محاولات الهيمنة خوفا من عواقب رفضها.
كنت مؤخرا أصغي إلى حديث مسجّل للداعية الإسلامي المصري الشيخ الشعراوي يشرح فيه “الإعجاز العلمي” للآية القرآنية: انحكوا ما طاب لكم من النساء!
يقول: “لقد أثبتت الإحصائيات العلمية بأن عدد النساء يفوق بكثير عدد الرجال في العالم، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى ولحكمة عنده حلل الزواج بأربعة كي لا يحرم امرأة من متعة الجنس والإنجاب”ّ
ولكي لا أظلم الشيخ الشعراوي، يجب أن أعترف بأنه ليس أول معتوه يدلي بتلك “الإحصائيات العلمية”، فلقد سبق وسمعتها منذ أن كنت طفلة.
جمهور الشعراوي مبرمج على الخوف من السؤال ومن عواقبه، والتي قد يكون الكفر إحداها، لذلك يسمح لعبارة “الإحصائيات العلمية” بالتسلل إلى اللاوعي عنده والهيمنة عليه، دون أن يسأل عن مصدر ومصداقية تلك الإحصائيات!
هو لا يصغي إلى حرفية ما يقول شيخه، وطالما لا يصغي فهو في مأمن من الوقوع في مغبة السؤال، وبالتالي في مأمن من الكفر بالله.
عدم الإصغاء هو طريقة يلجأ إليها اللاوعي كي يخفف عن الوعي مسؤولية مواجهة ما يصغي إليه.
إحصائيات علمية؟!!
من أين حصل “العالم” الإسلامي الشيخ الشعراوي على تلك الإحصائيات؟!!
من مراكز الإحصائيات العالمية في مكة، أم في الأزهر؟!!
أم هو يستجير بإحصائيات الغرب الكافر كي يبرر ما جاء في تشريعه؟!!
منذ أن عرف العالم علم الإحصاء، والإحصائيات تؤكد على أن عدد الولادات من الذكور هي أعلى قليلا من عدد الولادات من الإناث، وطبعا لأمّنا الطبيعة في ذلك حكمتها.
الذكور بحكم نمط معيشتهم يتعرضون للموت أكثر وخصوصا في شبابهم المبكر، ولذلك تتقارب نسبة الإناث والذكور مع تقدم العمر حتى تكاد تكون واحدة في سن الزواج.
مع الزمن تبقى نسبة الوفيات أعلى عند الذكور، الأمر الذي يجعل عدد النساء يزداد قليلا عن عدد الرجال بعد سن الستين، وعندها لا أعتقد بأن الشيخ الشعراوي يرغب في نكاح من هي فوق الستين؟
مركز الإحصاء الفرنسي يؤكد على أن تلك النسبة تصبح واحدة في فرنسا في سن الـ 35.
وبناء على المركز الرئيسي للإحصاء الأمريكي CIA world fact book يوجد 1,014 رجل لكل امرأة، وتحديدا تلك هي إحصائياته لعام 2008:
من سن 0 ـ 14:
عدد الذكورـ 933.716.943 بينما عدد الإناث ـ 877,734,429
من سن 15 ـ 65:
عدد الذكور ـ 2,205,342,972 بينما عدد الإناث ـ 2,153,959,605
من سن 65 وما فوق:
عدد الذكور ـ 222,346,221 بينما عدد الإناث ـ 284,463,751
https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook/print/xx.html
بناء على تلك الإحصائيات الموثوقة، لو اعتمد الجنس البشري شريعة الشيخ الشعراوي وقام الرجل بنكاح أربعة نساء (ناهيك عن ما ملكت يمينه) ثمّ احتكار من نكح، لوجد 25% فقط من الرجال نساء لهن، فأين هي حكمة الله؟!!
هذا من جهة أما من جهة أخرى، فإذا حاولنا أن نحلّ الكارثة البشرية التي قد تواجه العالم قريبا على ضوء شريعة الشيخ الشعراوي، ستكون الطامة أكبر بكثير!
العالم اليوم على مشارف كارثة بشرية، كانت قد بدأت في آسيا وستكون كبيرة جدا مالم يواجهها العالم العاقل بحلول مناسبة في أسرع وقت.
منذ أن بدأ استخدام الأشعة فوق البنفسجية في تحديد جنس الجنين، لجأ الكثيرون من شعوب آسيا الفقيرة إلى اسقاط الأجنة الأنثوية والإبقاء على الذكور باعتبار الذكور قوة عمالية لدى تلك الشعوب. وازداد الطين بلة عندما أصدرت الصين قانون “ولد واحد للعائلة الواحدة” والتي كانت الغاية منه تحديد النسل، الأمر الذي أدى إلى اختلال النسبة بين الجنسين لصالح الذكور من جراء اسقاط الأجنة الانثوية، فعلى سبيل المثال لا الحصر:
في كوريا الشمالية يوجد اليوم 118 ذكر لكل 100 امرأة، وفي الهند 120 ذكر لكل 100 امرأة، وفي سينغافورا 119 ذكر لكل 100 امرأة، وفي بعض اجزاء الصين 136 ذكر لكل امرأة.
وإذا استمر الأمر على ما هو عليه سيكون عدد الذكور أعلى من عدد الإناث في الصين وحدها في عام 2020 بنحو أربعين مليون.
وبسبب هذا الإختلال في التوزان العددي، بدأت الصين مؤخرا تعاني من نسبة ارتفاع الجريمة، تلك النسبة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالهرمون الذكري التستسترون، كما وازدادت بشكل ملحوظ نسبة اللواط بين الرجال لنقص عدد النساء.
فإذا اعتمدنا العبقرية الإسلامية لحل تلك المعضلة سنضطر أن نسمح للمرأة بالزواج من أكثر رجل، وعندها سينقلب السحر على الساحر وسيواجه الشيخ الشعراوي وأمثاله مشكلة في نكاح ما طاب لهم من النساء!!!
اذا لا حلّ أمامنا إلا في حجر هؤلاء الدجالين والمشعوذين، كي نحرر العقول الفتية من الهيمنة العقلية التي تمارسها أسلنتهم الداشرة. وفي حال عدم القدرة على حجرهم تمتد مسؤوليتنا لتشمل رفع مستوى الوعي عند الجيل الشاب كي يصغي بتركيز لهذيان هؤلاء المشعوذين، ويرفض السماح لثرثراتهم بالتسرب خلسة إلى اللاوعي في حيز عقولهم.
……………
يكرر جهابذة المسلمين اليوم، وخصوصا أثناء ردّ بعضهم على ما أكتب، سيمفونية تقول: وهذا ما أثبته العلم الحديث!!
فكلّ ما يثرثرون به يلحقونه بتلك العبارة، وهم مطمئنون لا أحد سيشكّ في مصداقيتهم ويسألهم “أين يوجد ذلك العلم الحديث الذي يثبت ما تقولونه؟”. هم مطمئنون طالما بقي الخوف من حدّ السيف عاملا من عوامل نجاح هيمنتهم على عقول أتباعهم.
الإصغاء إذن وسيلة مهمة لتصفية ما نسمع وما نقرأ، وبالتالي لغربلة ما يدخل اللاوعي في حيز عقولنا، تلك الغربلة التي تحررنا من هيمنة ما يُسيء إلى برمجتنا العقلية.
قرأت مؤخرا طرفة أمريكيّة ذات معنى عميق، تقول:
قررت مجموعة من الضفادع أن تتسابق كي ترى من منها تستطيع أن تتسلق حائطا وتصل أولا إلى أعلاه.
اعتبر الناس ذلك القرار مضحكا، واجتمعوا كي يسخروا من الضفادع.
بدأ السباق وبدأ في الوقت نفسه صراخ الناس: لا أحد منكم يستطيع أن يصل!
لم تمض بضعة ثوان حتى سقطت الضفدعة الأولى، تلتها الثانية. ثم اشتد صراخ الناس: هذا مستحيل.. هذا مستحيل!
سقطت الرابعة ثم الخامسة، ثم استمر الصراخ: هذا مستحيل.. هذا مستحيل!
سقطت السادسة ثم السابعة وهكذا دوالييك، كلما علا صراخ الناس كلما ازداد عدد الضفادع المتساقطة.
في النهاية لم يبق سوى ضفدع واحد استمر في صعوده غير آبه بصراخ الناس وسخرياتهم حتى وصل إلى أعلى الحائط.
ركض الناس باتجاهه كي يسألوه عن سرّ إصراره و نجاحه، فوجدوه أصما، وبالتالي لم يستطع صراخهم أن يهمين على عقله!
طبعا ليس بالضرورة أن نكون صمّا كي نحمي اللاوعي من هيمنة أصحاب الألسنة الداشرة التي تسيء إلى برمجتنا، ولكن التركيز على الإصغاء والغربلة هو الطريقة الأفضل لمنع تلك الهيمنة.
………..
اتصل بي صديق، وهو أخصائي في علم النفس والسلوك ومدرس في إحدى الجامعات الأمريكية، عقب مقابلتي الأخيرة على الجزيرة ليدردش معي حول ما جاء في تلك المقابلة.
أبدى اهتماما بالغا بسؤال طرحه عليّ السيد المضيف وهو ” لماذا تعلقين على ردود فعل المسلمين على الرسوم الدانماركية، ولا تتناولين ردود فعل بعض المسيحيين في الغرب، والذين قاموا بحرق أكثر من عشرين دورا للسينما بعد عرض فيلم
Da Vinci Code؟”، وأعجب كثيرا بطريقة ردي على السؤال!
…………….
طبعا، من الصعب جدا أن ينتبه الإنسان لكل محاولات الهيمنة العقلية وبالتالي أن يتجنبها وخصوصا عندما تقع تحت ضغط ظرف ما، فمبالك إذا كان ذلك الإنسان ضيفا على برنامج “الإتجاه المعاكس” والذي يبث على الهواء مباشرة، والخطأ فيه بالنسبة لإنسان علماني يحترم نفسه قاتل!
السيد المضيف قدم لي ذلك السؤال وكأنه حقيقة لا مناص من مواجهتها. تحت ضغط اللحظة كان من السهل أن يهيمن عليّ عقليا ويضعني في موقف دفاعي لا اُحسد عليه، لكنني أفشلت محاولته وأخرسته بقولي:” أين هي دور السينما التي حُرقت؟ لماذا لم نسمع بها؟ يبدو أنك تعيش في الغرب وأنا أعيش في مكان آخر”.
الإعلام الغربي لا يعرف “دقن ممشطة” فهو ينشر فضائح حكامه في غرف نومهم، فهل ستخفى عليه فضيحة حرق عشرين دورا للسينما في عقر داره؟
أقرأ ذلك الإعلام كل يوم، ولم أسمع إطلاقا بحرق عشرين دورا للسينما بعد عرض ذلك الفيلم، والذي تمّ منذ زمن أقصر من أن يجف به حبر ذاكرتي!
طلب مني الصديق الطبيب أن أسمح له بذكر ذلك السؤال وجوابي عليه في كتاب يشتغل على تأليفه كمقرر دراسي، ويتناول به موضوع الهيمنة العقلية وطريقة التحرر منها، فرحبت بالفكرة وشكرته عليها.
…………
في بداية كتابي هذا كنت قد أشرت إلى أن الإنسان يخرج من كل تجربة بقناعة، وتصبح تلك القناعة جزءا من جهازه العقائدي.
لا يستطيع ذلك الإنسان أن يستبدل قناعة بقناعة أخرى إلا عندما يدخل في تجربة جديدة ويخرج منها بقناعة تختلف عن سابقتها التي استقرت في عمق اللاوعي عنده.
لكنّ القناعات التي تدخل الجهاز العقائدي في سنوات العمر الأولى تكون أشد التصاقا بذلك الجهاز، وبالتالي من الأصعب أن تستبدل بقناعات جديدة.
في بعض الأوساط التربوية والإجتماعية قد تصل تلك الصعوبة درجة تمنع عندها الإنسان من تبني قناعة جديدة، حتى ولو خاض تجربة جديدة، طالما تتعارض مع برمجته القديمة.
الطفل الذي تربى في حظيرة الشعراوي قد يخرج إلى الحياة طبيبا أو ربما عالما في حقل آخر، وقد يطلع من خلال دراساته على إحصائيات تؤكد بأن عدد الذكور أعلى دوما من عدد الإناث، لكنه يرفض الإعتراف بقناعته الجديدة طالما تتعارض مع القناعة التي استقرت في عمق اللاوعي والتي خرج بها من خلال تجربته مع الشعراوي، تلك القناعة التي تؤمن بأن “الإحصائيات العلمية” تشير إلى أن عدد النساء أعلى بكثير من عدد الرجال.
وهذا ما يفسر ندرة الأصوات العقلانيّة التي تحاول ردع تلك الألسنة الداشرة في العالم العربي والإسلامي!
…………
في المجتمعات الحرّة تعاد بلورة الجهاز العقائدي للإنسان في كل يوم، بل في كل لحظة. كلما دخل تجربة جديدة يخرج بقناعة جديدة تلغي واحدة قديمة، وهذا ما يحافظ على دينامكية جهازه العقائدي ويرفع من مستوى قدرته على مواجهة متغيرات الحياة.
تلفت نظري الطريقة التي يتكلم بها الأمريكان عن قناعاتهم الجديدة التي يخرجون بها من خلال تجارب جديدة والتي تعيد قولبتهم باستمرار.
ليست مرونتهم هي وحدها التي تشدني، وإنما قدرتهم على استنباط خلاصة جديدة عندما يمرون في تجربة جديدة.
يمر الإنسان المسلم في تجربة جديدة تثبت له عكس قناعاته القديمة لكنه يبقى أعمى البصيرة ولا يسمح لنفسه باستنباط خلاصات جديدة، وإلاّ لماذا تحول ثمانون مليون مصري إلى قطعان في حظيرة الشعراوي، علما بأن عدد الأطباء في مصر نسبة إلى عدد السكان أعلى من عددهم في بريطانيا؟!!
………………
قرأت مرّة لكاتب أمريكي من أصل ايطالي تجربته التي غيرت برمجته العقائدية وبالتالي مجرى حياته.
يقول: “ولدت لأبوين من أصل ايطالي، ورغم أنني عشت كلّ حياتي في أمريكا إلا أن مزاجي الإيطالي السريع الغضب، والذي اكتسبته من والديّ كان يسيطر على تصرفاتي، حتى جاء ذلك اليوم ودخلت في تجربة لقنتني درسا أجبرني على إعادة النظر في ذلك المزاج!
كنت في طريقي إلى قمة جبل، وكان الطريق اليها ضيقا وكثير الإنعطافات. وصلت إلى منعطف خطير ولم يعد بوسعي أن أرى الطريق أمامي، وإذ بسيارة تهبط من الطرف المعاكس. مدت امرأة رأسها من خلف مقودها وأشارت اليّ بيدها ثم صاحت بأعلى صوتها: خنزير..
لم أكد أسمع ما قالته حتى غلى الدم الإيطالي في عروقي، وصحت في سرّي: يا غيرتي على روما!
مددت رأسي من نافذة سيارتي، وصحت بصوت تردد صداه في أعماق الوادي المحيط: خنزير أبوك…يا ابنة الـ……
ولم أكد أنهي عبارتي حتى اصطدمت سيارتي بخنزير برّي ضخم وراحت تتشقلب في الوادي. لا أعرف كيف خرجت، ومن الذي نقلني إلى المستشفى. فقت من غيبوبتي بعد ستة أسابيع لأرى نفسي ككرة من الخيطان ملفوفا بالضمادات، ولم يبق فيني عظم لم ينكسر” ويتابع صاحبنا الإيطالي قوله:
“معظم الناس الذين يدخلون في غيبوبة إثر حوادث أليمة يفقدون ذاكرتهم حول الحادث، لكنني ـ ولحكمة إلهيّة ـ مازلت أذكر الحادث بتفاصيله الدقيقة. أتمنى لو يُتاح لي أن أقابل تلك السيدة كي أشكرها على معروفها، فلقد بذلت ما بوسعها لتحذيري. لقد غيرت تلك التجربة مجرى حياتي، وخرجت منها بخلاصة ستجبرني على أن أتروى قبل أن أصدر حكما على إنسان”.
هذا ما حدث لصاحبنا عندما غلى الدم الإيطالي في عروقه، ولكن ما الذي يحدث عندما يغلي الدم العربي في عروقنا؟ هل نقلّ رعونة عن صاحبنا الإيطالي؟!!
يقول أحد شعرائنا الأشاوس:
وغلى الدم العربي فيّ فواجبي تضميخ مجدي بالدم المهراق
هب أنّ رحمة آسري ستفكّني أولست أحمل منّة الإطلاق؟
أي نصر ذلك الذي نتبجح به عندما تكون أمجادنا مضمّخة بالدماء؟! وأي مجد ذلك الذي يشاد فوق جماجم الناس؟!!
بفضل الشعراوي وأمثاله، تسربت تلك القناعات إلى اللاوعي عندنا وصارت جزءا من تركيبتنا العقائدية. دخلنا في تجارب جديدة وخرجنا منها ككرات الخيطان الملفوفة، لما يبقى فينا عظم إلاّ وانكسر، لكننا لم نخرج بقناعات جديدة ومازلنا نصرّ على تضميخ أمجادنا بالدم المهراق!!
……………
لذلك، ولحكمة الهية، لم نبنِ مجدا بعد!
*****************************************