من المتكلم في القرآن

لندقق في هذه الآية :
)افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت * و الى السماء كيف رُفعت * والي الجبال كيف نُصبت * و الي الارض كيف سُطحت * فذكّر انما انت مذكّر * لست عليهم بمصيطر * الا من تولى وكفر * فيعذبه الله العذاب الاكبر * ان الينا ايابهم * ثم انا علينا حسابهم (.
اين بلاغة القرآن ؟
المدقق لكلمات هذه الآية القرآنية سيجد ان جزءً من نص الآية فيها الكلام :
1- بصيغة المتكلم : وكأن الله يتسائل بتعجب افلا ينظرون ( من هم ؟ ) الى خليقتي التي خلقتها. الى الأبل كيف خُلقتْ،والمفروض أن يقول كيف خلقتُها . والى السماء كيف رُفعت ْ ، والى الجبال كيف نُصبتْ ـ والى الأرض كيف سُطحتْ ، كل الافعل جاءت بصيغة المبني للمجهول (خُلقتْ – رُفعتْ – نُصبتْ – سُطحتْ ) ، وكأن الفاعل (الخالق) لهذه المخلوقات مجهولا وليس معلوما وهو الله نفسه المتكلم في الأية ، فهل من البلاغة ان يكون المتكلم والمتحدث عن خليقته مجهولا ؟ فما الحكمة من جعل افعال الخلق بهذه الآية بصيغة المبني للمجهول ، و حولت الفاعلَ المعلوم الى نائب فاعل مجهول ، بينما الفاعل هو(الله) المتكلم نفسه ؟
ثم يعود (الله) يظهر في النص من جديد ، فيقول بصيغة المتكلم للمخاطَب (محمد) : فذكّر إنما انت مذكّر * لستَ عليهم بمصيطر ، والصحيح املائيا ( بمسيطر) .
2- بصيغة الغائب : تتحول صيغة الكلام بنفس الجملة فجأءة من المتكلم – الله الخالق الفاعل المعلوم – الى الغائب المجهول! ، فيتحدث الله الخالق عن نفسه بصيغة الفاعل الغائب !! فيقول الله الحاضر مخبرا عن الله الغائب: ( فيعذبه الله العذاب الأكبر) !! ولماذا لا يقول الله المتكلم في القرآن انا نعذبه العذاب الاكبر ؟
3- صيغة المتكلم الحاضر الغائب : يعود المتكلم المتحول من الحاضر تارة الى الغائب تارة اخرى ، فيتحدث بلسانه عن نفسه بصيغة المتكلم قائلا : ( إن الينا ايّابهم * ثم إن علينا حسابهم ) !!
لو كانت البلاغة اللغوية تقتضي – فرضا – ان يتحدث الله عن نفسه و اعماله بصيغة المبني للمجهول ، فلماذا يعود ويتكلم بنفس النص بصيغة المتكلم قائلا : ان الينا ايابهم ، ثم ان علينا حسابهم ؟
لو نلخص صيغ الكلام في الاية المذكورة سنجد ان المتكلم في القرآن يتحدث عن خليقته : بصيغة الفاعل المبني للمجهول (خُلقتْ – رُفعتْ – نُصبتْ – سُطحتْ ) ، ثم ينتقل ليخاطب نبيه (محمد) بصيغة المتكلم ويقول له : فذكّر إنما انت مذكّر * لستَ عليهم بمصيطر ، ثم يتحدث عن نفسه بصيغة الفاعل الغائب (فيعذبه الله) !، ويعود ليتكلم بصيغة المتحدث : ( إن [الينا] ايّابهم * ثم إن [علينا ] حسابهم ) !!
نتسائل عن عجائب و غرائب لغة هذه الآية : من هو المتكلم في القرآن ؟
هل هو الله يتكلم عن نفسه ام محمد هو المؤلف الحقيقي للقرآن ويتحدث عن الله بلسانه تارة و تارة اخرى يخبر عن افعال و اقوال الله دون ان يدري ؟
هل القرآن كلام الله ام كلام محمد ؟
هل البلاغة في شئ ان يحوي القرآن كلاما متناقضا عن الله ، تارة بصيغة المتكلم وتارة بصيغة الغائب ؟
– انا خلقنا الانس والجن ليعبدون …. الصياغة تدل ان المتكلم هو الله .
– هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم !! …. المتكلم في القرآن هنا هو محمد يخبر عن اعمال الله .
من هو المتكلم الحقيقي في القرآن ؟
افلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا!!!
اين بلاغة القرآن ؟
بعد كل هذه الاختلافات ، نتسائل هو القرآن من عند مين ؟
صباح ابراهيم
6/1/2018

About صباح ابراهيم

صباح ابراهيم كاتب متمرس في مقارنة الاديان ومواضيع متنوعة اخرى ، يكتب في مفكر حر والحوار المتمدن و مواقع اخرى .
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.