تعتبر رواية البحث عن الزمن المفقود أطول روايه في تاريخ البشريه , فهي تحتوي على مليون ونصف المليون كلمه وكتبت في سبعة أجزاء باللغة الفرنسيه وعند ترجمتها الى اللغة الإنكليزيه أعطيت عنوان ( ذكريات أشياء مضت ) لكن عنوانها تغير فيما بعد الى ( البحث عن الزمن المفقود ) وقد نشرت بين عامي 1913 – 1927 ومؤلفها هو الأديب الفرنسي مارسيل بروست .
ولد ( فالانتين لويس جورجس إغوين مارسيل بروست ) في 10 تموز 1871 وعاش حتى 18 تشرين الثاني 1922 .
كانت ولادته في بيت عمه بعد شهرين من توقيع معاهدة فرانكفورت التي أنهت الحرب الفرنسيه _ النمساويه , في فتره تخللها العنف الذي عم فرنسا بعد الحرب ولهذا نجد أن معظم أجزاء البحث عن الزمن المفقود تزخر بتحفظات كبيره على إنهيار الطبقة الأرستوقراطيه وصعود الطبقة المتوسطه الذي وقع خلال عهد الجمهورية الفرنسية الثالثه .
والده ( أخيل أدريان ) كان خبيرا ً في علم الأمراض الوبائيه وله العديد من المؤلفات الطبيه , أما والدته ( جين كلمنص ويل ) فقد كانت ابنة عائله يهوديه ثريه وكانت مولعة بالقراءه وتمتك حساً فكاهياً عالياً وكان إتقانها اللغة الإنكليزيه عوناً لها لتدعم ولدها بترجمة ما يحتاج إليه من نصوص عن هذه اللغه .
ديانة بروست كانت الكاثوليكيه التي أخذها عن والده حيث عمّد بها وهو في سن الخامسه . عند بلوغه التاسعة من العمر أصيب بمرض الربو الحاد وبدأت معاملته على أنه طفل عليل حيث كان يقضي أجازات طويلة في الريف .
بحلول العام 1882 كان قد بلغ 11 من العمر فدخل المدرسه لكن دراسته كانت متقطعه بسبب المرض , والدرس الوحيد الذي كان ممتازاً فيه هو درس الأدب الذي نال عنه جائزة مدرسية بسبب تفوقه فيه .
على الرغم من إعتلال صحته إلا أنه خدم في الجيش الفرنسي للفتره من 1889 _1890 فأكسبته هذه الفتره الخبرة التي كتب بها الجزء الثالث من رواية البحث عن الزمن المفقود والذي يحمل عنوان ( الى جيرمونت ) .
كان وثيق الصلة بوالدته ومن أجل إسترضاء والده فقد قبل عملاً في ( مكتبة مازارين ) عام 1896 لكن تكرار أجازاته المرضيه وطول فترتها جعلت المكتبه تعده مستقيلاً , وعملياً فهو لم يبرح بيت والديه حتى بعد وفاتهما .
الأعوام الثلاثه الأخيره من حياته قضاها في السرير حيث كان ينام نهاراً ويسهر طول الليل لكتابة روايته .. وأخيراً مات عام 1922 عن عمر51 سنه بسبب خراجات في الرئه سببها له مرض الربو المزمن الذي يعاني منه منذ طفولته حيث تم دفنه في باريس .
أمضى بروست عدة سنوات يقرأ لكتّاب مثل كارليل وإمرسون وجون روسكين حيث بدأت تتشكل ملامح رؤيته الفنيه في الأدب ودور الأديب في المجتمع وكان مولعاً بقراءة أعمال سانت سيمون , مونتين , ستاندال , فلوبير , جورج إليوت , دوستويفسكي وتولستوي .
عام 1909 بدأ مارسيل بروست بكتابة روايته البحث عن الزمن المفقود ضمت 7 أجزاء وتتوزع على 4300 صفحه وتحتوي على مليون ونصف المليون كلمه وعدد شخصيات الروايه 2000 شخصيه .
بسبب هذه الروايه وصف غراهام غرين بروست بأنه ” أعظم مؤلف في القرن العشرين ” , أما سومرست موم فقد وصف الرواية بأنها ” أعظم عمل خيالي ” رغم أن بروست مات دون أن يتمكن من إنجاز النسخه النهائية من الروايه وتركها على شكل مسودات راجعها أخوه روبرت ونشرها بعد وفاته .
حال نشرها قام ( مونكريف ) بترجمة 6 من أجزائها الى الإنكليزيه لكنه توفي قبل إتمام ترجمة الجزء السابع منها حيث عنونها ( ذكريات أشياء مضت ) لكن ( كلمارتين ) حين أعاد ترجمة الأجزاء السبعه كاملة نشرها تحت عنوان ( البحث عن الزمن المفقود ) .
عام 1995 قامت دار ( بنجوين ) بتكليف ( كريستوفر برندرغاست ) إعادة ترجمة الروايه ثم أعادت نشرها عام 2002 .
تتالف رواية البحث عن الزمن المفقود كما قلنا من سبعة أجزاء هي على التوالي :
الجزء الأول :
ويحمل عنوان ( الى سوان ) وسوان هو شخص يهودي عاش في المجتمع الفرنسي يتذكره مارسيل بروست في هذا الجزء من الروايه التي كان مقرراً لها أن تنشر عام 1913 غير أن رفض العديد من الناشرين لها حال دون ذلك . وبعد أن قدمت الروايه الى الأديب الفرنسي ” أندريه جيد ” لمراجعتها كتب الى بروست قائلاً : كل الذين رفضوا نشر هذه الروايه ملزمون بتقديم الإعتذار عن الخطأ الذي وقعوا فيه وتقديم التهاني الى بروست فلعدة أيام كنت لا أستطيع وضع الكتاب من يدي .
عند ذلك عرضت دار غاليمار على بروست نشر الروايه لكنه رفض مفضلاً البقاء مع الناشر غراسيه .
الجزء الثاني :
ويحمل عنوان ( فتيات في ظل زهره ) كان مقرراً له أن ينشر عام 1914 غير أن وقوع الحرب العالميه الأولى وإستدعاء الناشر غراسيه للخدمة العسكريه أدى الى إقفال دار النشر وتأجيل نشر هذا الجزء من الروايه حتى عام 1919 حيث حصل على جائزة غونكور للعام 1919 .
الجزء الثالث :
ويحمل عنوان ( الى جيرمونت ) وقد نشر عام 1921 . وهو يتحدث عن الحرب والخدمة العسكريه .
الجزء الرابع :
ويحمل عنوان ( سدوم وعموره ) . حين قرأت االروايه مترجمة الى اللغة العربيه عام 1984 لم يكن هذا الجزء مترجماً لأن لجان السلامة الفكرية العربيه كانت قد حرمت ترجمته بسبب ما يتضمنه من كلام صريح عن المثلية الجنسيه , دفع بروست هذا الجزء الى النشر عام 1921 مع توصية الى الناشر بمراجعته والتريث في نشره حتى يتم بروست كتابة الجزء الأخير منه , غير أن وفاة بروست عام 1922 حالت دون تقديم ذلك الجزء للطبع .. ولم تكتمل طباعة الكتاب حتى قام روبرت شقيق مارسيل بروست بتسليمه الى المطبعه بعد وفاة أخيه .
الجزء الخامس :
ويحمل عنوان ( السجين ) دفع هذا الجزء الى النشر من قبل روبرت شقيق مارسيل بروست عام 1923 وتظهر فيه شخصية ألبرتين .. تلك الشخصيه التي ظهرت بشكل هامشي في الجزء الأول من الروايه الذي حمل عنوان ( الى سوان ) لكنها ستصبح الشخصيه الرئيسه والمحوريه في الجزء الخامس من الروايه الذي يحمل تحفظات كثيره على إنهيار الطبقة الأرستقراطيه الفرنسيه ولا يتوقع خيراً من صعود الطبقة البرجوازية الى الحكم .
الجزء السادس :
ويحمل عنوان ( الهارب ) أو ( ألبرتين في أرض الشتات ) . وتم دفعه الى النشر عام 1925.
وأكرر قولي بأني حين قرأت الرواية عام 1984 لم يكن هذا الجزء مترجماً الى اللغة العربيه بسبب ما يتحدث به عن اليهود وما تم إعتباره حديثاً عن الفكر والمباديء الصهيونيه . وقد دفع هذا الجزء الى النشر دون أن يقوم مارسيل بروست بوضع اللمسات النهائية عليه , حالت دون ذلك وفاته قبل 3 أعوام , وقد إعتمد أخوه روبرت على مسودات عديده لتجميع الشكل النهائي للروايه . غير أن الناشرين المتعاقبين للروايه عادوا بدورهم الى تلك المسودات عند كل إعادة طبع ولهذا تجد تبايناً ملحوظاً وإختلافاً كبيراً في الروايه بين طبعة واخرى .
الجزء السابع :
ويحمل عنوان ( إستعادة أزمنة كثيره ) تم دفعه الى النشر عام 1927 ويتحدث عن باريس خلال فترة الحرب العالمية الأولى . بدأ مارسيل بروست بكتابته في نفس الوقت الذي بدأ فيه بكتابة الجزء الأول من الروايه ( الى سوان ) , لكنه أعاد النظر فيه عدة مرات وأضاف عليه , وبعد وفاته جمع أخوه المسودات ثم نشرها دون أن يتمكن المؤلف من وضع لمساته الأخيرة عليها ولهذا جاءت مقاطع هذا الجزء غير متساوية في جودتها .
أخر الكلام… بعد التحية والسلام ياسيدتي المحترمة … ؟
١: ياريتنا كعراقيين اليوم نبحث عن الزمن المفقود ، فلربما يلتمس ولو البعض منا أهدابه قبل الرحيل ، ولكن هيهات أن تطفئ غيمات تموز لهيب أب اللهاب ؟
٢: صدقيني كلنا عاجزون عن تعليل مايحدث ومنهم أنا ، هل هو قدر العراقيين أم قدر المنطقة كلها ، أم هى اللعنة التي لم نعد نراها كالفايروس تسري والكل وراءها ؟
٣: وأخيرا سلام لكل من لازال ينير شمعة في أوكار الظلام ؟