كيف بدأت الحياة على الأرض

كيف بدأت الحياة على الأرض

هذه أفكار علمية بحتة وليس لها علاقة بالدين الذي ينظر الى الخليقة من منظور آخر .
هناك نظريتان لنشأة الحياة على الأرض ، إحداها تقول ان الخلية الحية الأولى جاءت من خارج الأرض ، أي جاءت مع صخور النيازك التي تساقطت على الأرض قبل أكثر من ثلاث مليارات سنة والنظرية الأخرى تقول ان الحياة تشكلت على سطح الأرض في مياه البرك الدافئة قبل 3.8 مليار سنة وأن الماء هو احد المكونات الاساسية الذي بدونه لا تكون حياة . فكيف تكون الماء على الأرض وما مصدره ؟
اصل الماء على الارض
عند تكون الارض في مراحلها الاولى ، لم يكن يحيط بها غلاف غازي كما هو اليوم ، وكانت تتعرض لوابل من النيازك المتساقطة عليها بشكل مستمر كما يحدث للقمر والمريخ والكواكب الاخرى ، وبسبب تناثر تلك الصخور النيزكية والمذنبات الكبيرة الحاملة للجليد قادمة من الفضاء السحيق ، وبسبب الحرارة الناتجة من الاصطدام ذابت كتل الجليد الهائلة الحجم و تبخرت في الجو حيث تحولت إلى ماء بعد تكثيفه وملئت المنخفضات على سطح الارض مكونة البحار والمحيطات والبرك والتي كانت المأوى المناسب لنشأة الحياة الأولى على الأرض .
الكربون العنصر الاساسي للخلية الحية
ان جسم كل كائن حي يتكون من مجموعة عناصر كيميائية ، ويشكل عنصر الكربون الحجر الأساس للخلية الحية . وللبحث عن تاريخ نشأة الحياة لابد من البحث عن مدى توفر الكربون في الصخور القديمة التي يقارب عمرها عمر الأرض ، وهل كان اثرٌ لعنصر الكربون ملتصقا بها ؟
قام العلماء المختصون بالبحث عن أصل نشأة الحياة الأولية على الأرض ، بالبحث عن الصخور القديمة وتقدير عمرها ، فقد عرف العلماء ان الاحجار التي تحتوي على مركب الزركون هي من أقدم الصخور التي تكونت عند بداية نشأة الأرض .والزركون يحبس بين جزيئاته ذرات اليورانيوم ، وهذا العنصر ذات نشاط إشعاعي فهو يطلق إشعاعه عبر ملايين السنين حتى ينفذ منه ويتحول اليورانيوم بعد ذلك الى عنصر الرصاص . وبتحديد نسبة كمية الرصاص المتوفر في الصخرة إلى نسبة اليورانيوم يتمكن العلماء من تقدير عمر عينات الصخور .
عثر العلماء على عينات من الصخور القديمة جدا، وبعد تحليلها تبين ان عمرها 3.787 مليار سنة . وقد وضعت شريحة من تلك الصخرة تحت مجهر ذات طاقة تكبير عالية فوجد فيها حبيبات صغيرة سوداء من جزيئات الكربون يفسر العلماء ذلك بقولهم إنها من بقايا الخلايا الحية الوحيدة الخلية التي عاشت في حقبة قديمة جدا كانت تتكاثر ثم تموت وتسقط تلك الخلايا إلى قعر البركة وتحلل ولم يبق من منها سوى الكربون النقي الذي لا يوجد نقيا في الطبيعة إلا من ترسبات الكائنات الحية التي ماتت ، ويعتقد العلماء ان تلك الجزيئات الكربونية النقية التي عُثر عليها في الصخرة القديمة تثبت أنه كانت كائنات حية موجودة قبل 3.8 مليار سنة ، او ان الحياة بدأت على الأرض قبل 4 مليارات من السنين تقريبا.
ان عنصر الكربون هو العنصر الرئيسي المكون للمادة الحية ، وهو العنصر الفعال الذي ينتج المادة العضوية ، ولابد ان تلك المادة كانت على علو عدة أمتار من قعر البركة ، وتتعرض لأشعة الشمس التي تقوم بعملية تركيب الضوئي ، وهي عملية كيميائية يتحول فيها ضوء الشمس الى غذاء للخلية ، وهذا يدل على حياة متقدمة ، ولهذا يعتقد العلماء ان الحياة ذات عمر أقدم من وربما تصل الى 4.4 مليار سنة.


مصدر الاوكسجين على الارض
عالمة الأحياء جانيت سيفرت تبحث في أصل الحياة البكتيرية والميكروبية تقول : قبل 3 مليارات سنة تقريبا كان نوع من الميكروبات تدعى بالبكتريا الزرقاء موجودة على سطح الأرض ، بفعل اشعة الشمس صنعت البكتريا مواد غذائية في عملية التركيب الضوئي منتجة الاوكسجين الذي انتشر في الغلاف الغازي حول الارض ، ولا زالت العملية مستمرة لحد الان في النباتات منتجة الاوكسجين الذي يسبب الحياة للإنسان والحيوان ويعوض عن الاوكسجين المستنفذ في عمليات الاحتراق والتنفس للأحياء. وتأقلمت البكتريا مع الاوكسجين حيث كانت المسبب لوجود واستمرار الحياة للإنسان والحيوان على الأرض.
النيازك مصدر الحياة الاولى
اما النظرية الاخرى التي تقول ان بذرة الحياة الاولى قدمت من الفضاء مع صخور النيازك التي ارتطمت بالأرض ، في اصلها يعود الى مشاهدات العلماء لبعض الصخور النيزكية القديمة التي سقطت بالقرب من بلدة مورشيسون في أستراليا عام 1969 ، حيث ظهر منها رائحة غريبة. لم تكن تلك الصخور تحتوي على حياة لكن رائحتها نتجت عن شئ شائع على الأرض مادة عضوية معروفة وهي غاز النشادر والميثان ، وبعد الفحص المختبري والمجهري ذات تكبير هائل، عثر العلماء على جزيئات الصخرة مغطاة بأحماض أمينية .
كيف نشأت الحياة
قبل نشأة الحياة على الأرض، لم يكن للأرض غاز الاوكسجين او طبقة غاز الأوزون التي تحمي الأرض من العناصر القاتلة الإشعاعات القادمة من الشمس . كان الغلاف الغازي للأرض يحتوي على الارجح غاز النشادر والميثان وبخار الماء والهيدروجين من الماء المتبخر، والبرق من الغاز الساخن بسبب الاحتكاك
عام 1953 صمم الكيميائي ستانلي ميلر تجربة تحاكي الظروف التي كانت سائدة في جو الأرض في بداية تكون الحياة الأولية . والغرض كان لمعرفة طريقة نشأت الحياة .
لقد عرض غاز الميثان والنشادر والهيدروجين وبخار الماء الموجودة جميعها في دورق إلى شرارة من تفريغ كهربائي تشبه البرق أنتجت بعد ساعتين حساء بني اللون يشبه الحساء الذي تجمع على سطح الماء في البرك التي شهدت ولادة أول الخلايا الحية في بداية نشأة الحياة البدائية . فككت الشرارة الكهربائية الروابط الكيميائية في الغاز ، ثم عادت تلك الروابط لتجتمع بطريقة جديدة لتكون مركب سيانيد الهيدروجين مع أحماض أمينية ، وهي الجزيئات الصغرى او لبنات عناصر الحياة . ترتبط الأحماض الامينية مع بعضها لتشكل كل البروتينات الموجودة في الكائن الحي ، ونحن كبشر نتشارك في الأحماض الامينية العشرين ذاتها. شكلت تجربة ميللر خمسة من هذه الأحماض الامينية العشرين الضرورية للحياة ، كانت تلك تجربة سابقة أطلقت الجهود العلمية للبحث عن طرق جديدة لتشكيل الحياة للخلية الحية في المختبر. بدأ ميللر تجربة كيمياء ما قبل الحياة ، الكيمياء التي تحدث بشكل طبيعي والتي تنتج المركبات المعروفة . طرح العلماء الكثير من الأسئلة حول الأخطاء التي تشوب مقدمته المنطقية في تلك التجربة .
لم يكن للأرض في بداية تكون الحياة طبقة الأوزون للحماية من أشعة الشمس ما فوق البنفسجية لذا لم يحو غلاف الأرض كميات كبيرة من غاز الميثان والنشادر . تدمر اشعة الشمس ما فوق البنفسجية الميثان والنشادر بسرعة ، حيث كانت تلك الاشعة تنفذ الى الارض بسهولة اثناء تكون الحياة الاولى على الارض ، ولهذا فكر العلماء ان تجربة ميللر لم تكن تطابق الظروف الجوية للأرض في تلك الفترة ، بينما يتابع تجربته يكتشف شيئا جديدا يغير فهمنا لأصل الحياة الى الابد . لكن العالم لم يكن يعرف ذلك إلا بعد خمسين عاما ، فبعد نصف قرن من تلك التجربة ، اكتشف زميله الدكتور جيفري بادا اكتشافا مذهلا ، فقد عثر في مختبر ميللر على قوارير قديمة صغيرة احتفظ بها ميللر من بقايا تجاربه السابقة ومصنفة بشكل جيد ، وهذه القوارير احتوت على مواد من الاحماض الامينية و الحساء البدائي الذي أنتجه في تجاربه قبل خمسين عاما . وكانت تلك هي نتائج لتجارب ميللر الثانية التي لم يعلن عنها .
مبدئيا تم الاتفاق عليه بين العلماء ان غازات الميثان والهيدروجين والنشادر وجدت على الأرض البدائية ، لكن الميثان والنشادر لم يوجد بكميات كبيرة بسبب أشعة الشمس ما فوق البنفسجية . اذا كيف يمكن ان تشكل الأحماض الأمينية ؟ إجابة ميللر كانت هي … البراكين .
يعتقد العلماء ان البراكين هي التي شكلت طبيعة جو الأرض قبل 4.4 مليار سنة ، وهذا يشبه ما يحدث الآن في جزر هاواي ذات البراكين النشطة ، والتي تقذف يوميا الميثان والنشادر والهيدروجين وبخار الماء ذلك الامتداد ومع الاحتكاك برماد البراكين يحدث البرق ، ثم يصعق البرق الغازات قبل ان تدمرها الشمس ، وكانت هذه الجزر الصغيرة تنتج أطنان من الأحماض الامينية . غيّر ميللر طريقة التجربة فبدل من إمرار البخار الساخن من اعلى الدورق إلى مجموعة الغازات ، أطلق البخار من الأسفل حيث يمرر على الشرارة الكهربائية أثناء صعوده في الدورق وقبل ان يمتزج مع الغازات الاخرى ، واستطاع بذلك انتاج بضعة احماض امينية ، لكن نتائجه كانت محدودة بالقياس إلى تكنولوجيات الخمسينات، ولكن تكنولوجيا اليوم أثبتت ان التجربة نفسها أنتجت احماضا امينية اكثر ونتائج اروع. إذ كانت الأحماض الأمينية قد تشكلت قرب براكين قديمة على الارض البدائية فكيف ارتبطت معا واخيرا لتشكيل كائن حي ؟
اليوم تُنفذ تلك العملية من قبل جزئ واحد معقد ، الحامض النووي الريبي RNA منقوص الاوكسيجين الذي يعرف بالحامض النووي ، شكله حلزوني ملتوي يشبه السلالم والدرجات ، المشكل من أزواج أساسية من النيوكليوتيدات وفيها يخزن الحمض النووي كل المعلومات و الشفرات الوراثية اللازمة لبناء الحياة ، ومن الممكن ان النوع الاول من الحامض النووي استطاع ان يركب نفسه ، أي أنها تشكل وحدة خارج الخلية ، وإذا تمكن عالم عالم الكيمياء الحيوية الدكتور ديفيد ديمر من معرفة كيف حصل ذلك ، فقد يتمكن من كشف أسرار الحياة .
يقول الدكتور ديفيد ان طول شريط الحامض النووي يتجاوز 90 سم ، ويحتوي على 3 مليارات زوج اساسي في كل خلية في الجسم البشري ، وهذا مذهل ، ويحاول ديفيد معرفة التركيب الأبسط لحمض نووي له القدرة على نسخ نفسه ، أي القدرة على التصنيع منذ البداية .
المرشح المحتمل والوحيد هو الحمض النووي الريبي RNA .
يساعد الحمض النووي الريبي الحامض النوويِ (DNA) البناء ونسخ البروتينات وتركيبه ابسط وأقوى لأن فيه جديلة واحدة من النيوكليوتيدات وليس اثنتين .
عند سفح بركان قديم ، وفي أعماق الحساء البدائي ، ربما شكل بدائي للحامض النووي الريبي RNA نفسه بنفسه ، ثم ساعد الأحماض الامينية على الترابط ، فمن دون القدرة على التركيب ذاتيا لم تكن تظهر الحياة الاولى.
اين ظهرت الخلية الأولى
اقترح دارون نفسه انه ربما ان الحياة الاولى بدأت في بركة دافئة ويقول د.ديفيد اود ان اغير ذلك الى بركة حارة ، لأننا نعرف ان الأرض البدائية كانت بركانية ، وكانت حرارة البرك تصل إلى 80 درجة مئوية الحرارة العالية تؤثر على الجزيئات فتحللها، والحرارة المنخفضة لن تكون مناسبة لتفاعل الجزيئات ، إذا فبهذه الحرارة تكون البركة الموحلة الضيقة مثالية لإجراء التفاعلات الكيميائية ، لكن هل يمكن تفكيك الجزيئات بمعدل واحد وتجعلها تركب نفسها ذاتيا حتى بشكل أسرع بما يكفي لبناء جزيئات الحياة المعقدة قبل ان تفكك ثانية .
مكونات الخلية الحية
الخلية الحية هي اللبنة الاساسية لكل كائن حي وهي أصغر وحدة للحياة ، وتحتوي الكائنات الحية من خلية واحدة إلى تريليونات الخلايا ، وكل خلية تحتوي على ثلاث عناصر لتبقى حية:
1- الحمض النووي DNA الذي يحتوي المعلومات اللازمة للبناء والتكاثر .
2- الاستقلاب (الأيض) : وهي القدرة للحصول على الغذاء وتحويله إلى طاقة وطرح الفضلات.
3- الغشاء: وهو وعاء لحفظ وحماية كل محتويات الخلية الداخلية .
الهدف هو تشكيل أشكال الحياة متعددة الخلايا .اضافة الى الاحماض الامينية الدهنية يجعلها تركب نفسها ذاتيا ، ليجعلها مثل حويصلة مثالية لحفظ وحماية وظائف الخلية ومعلومات الحمض النووي ، الغشاء هو الخطوة الأولى لتشكيل الحياة .
في الخلية الحية ، تتحكم بروتينات خاصة بالغشاء ، فتدخل ما تحتاجه الخلية من مواد وتطرح الباقي .
تتطلب الحياة أكثر من المياه العذبة ، إنها تتطلب أيضا مصدرا للطاقة ، الغذاء والشمس .
ويوفر البركان تلك الطاقة عبر الحرارة والمواد الكيميائية التفاعلية.
مهما بحث العلماء توصلوا الى بناء الأحماض الامينية أو أغشية الخلايا لكنهم يعجزون عن خلق الحياة للخلية وجعلها تنمو وتتكاثر وتمتص الغذاء وتحوله الى طاقة وتطرح الفضلات خارج الخلية وتخزن تنقل الصفات الوراثية عبر الجينات والكروموسومات إلى الخلية الجديدة المستنسخة عنها. فالحياة هي من خلق الله وحده .
صباح ابراهيم
21/9/2023

About صباح ابراهيم

صباح ابراهيم كاتب متمرس في مقارنة الاديان ومواضيع متنوعة اخرى ، يكتب في مفكر حر والحوار المتمدن و مواقع اخرى .
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.