كلمات ليست كالكلمات

majedalromiليلة امس كانت غير عادية في حياة ابو الطيب فما ان اسلم نفسه لسلطان النوم حتى حلم حلما غريبا.
وجد نفسه في منطقة خضراء تحيطها الزهور والورود من جميع الجهات،وعلى مبعدة راى عددا من اشجار النخيل وقد اثمرت بلحا في غير موسمه.
وفجأة ظهر له رجل طويل القامة ملتح ويلبس جبة خضراء ويضع في يديه عددا من الفصوص العاجية،وما اقترب منه حتى قال له:
اهنئك يا ابا الطيب فقد تم اختيارك في المنصب الجديد.
سأله: وماهو هذا المنصب اعزك الله؟.
اجاب: ستعرفه قريبا،انه المنصب الذي ظل شاغرا طيلة شهور عديدة ولم نستطع ان نجد رغم كل امكانياتنا غير المحددة الشخص المناسب لهذا المنصب المناسب،ولكن بالصدفة اقترح احد معارفنا اسمك لمعرفته الواسعة بمهاراتك وسعدنا بذلك بعد ان قرأنا سيرتك الذاتية وتم تعيينك حتى دون الرجوع اليك لعلمنا بانك ستفرح بمميزات هذا المنصب والتي تشمل:
– راتب اساسي مقداره (50) مليون دينار.
– مخصصات وظيفية بواقع (1000 دينار ) عن كل ساعة عمل.
– مخصصات هاتف متنقل ،موبايل يعني، بواقع (20000) دينار لكل دقيقة محادثة تزداد تصاعديا حسب وظيفة متلقي المكالمة.
– مخصصات ثلاث خدم وفلاح ومسوؤل الري في الارصفة المحيطة بالقصر.
– رواتب اربعة من رجال الحماية مع المخصصات تصرف حسب ما تراه مناسبا…!
– تصرف قيمة ثلاث سيارات دفع رباعي وذي مواصفات خاصة جدا، مع صرف قيمة سيارة لنقل الاولاد والبنات الى المدارس وبالعكس.
– تصرف بطاقة ائتمان مفتوحة لاغراض التسوق وسد احتياجات الظهور الرسمي المتعلقة بشراء البدل مختلفة الالوان والقمصان ذات الياقات الحديثة التي تلائم جميع اربطة العنق الزاهية والاحذية المنتقاة بعناية من قبل ( قندرجية) ذات باع طويل في هذه المهنة اضافة الى مستشارين لاختيار الملابس الداخلية مع التدقيق على نوع القماش المستعمل ومدى نعومة ملمسه للجلد.
قبل ان يستيقظ ابو الطيب من حلمه سمع صوته وهو يصيح بصاحب الجبة الخضراء:
ولكن ماهي الوظيفة،وماهو هذا المنصب؟.
في الصباح اسرع ابو الطيب الى استشارة احد معارفه ليساعده في تفسير هذا الحلم وما ان سمع صاحبنا التفاصيل حتى قال:
من المستحيل ان اجد تفسيرا لحلمك هذا ولكني وجدت كلمات مثل كلمة نائب بجنبها رقم 5 وكلمة مستشار وبجانبها رقم صفر.
* معذرة للفنانة ماجدة الرومي لاستعارة كلمات اغنيتها التي تحمل نفس الاسم

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.