صدر عن دار رياض الريس وشارك فيه أكثر من 300 أكاديمي وسياسي وعسكري:
محمد منصور: القدس العربي
دأبت دار رياض الريس للكتب منذ تأسيسها في لندن عام 1986 لتكون أول دار تنشر كتباً عربية في لندن، على إثراء المكتبة العربية بالإشكالي والهام…
وخلال الثورة السورية اتخذ صاحبها الصحافي والكاتب السوري البارز رياض الريس، نجل الصحافي السوري اللامع نجيب الريس (1898- 1952) قراراً بالوقوف إلى جانب ثورة الشعب السوري، فنشر العديد من الكتب الهامة التي تشرح واقع حقبة الأسد… بدأتها بكتاب ليزا وادين: (السيطرة الغامضة: السياسة، الخطاب، الرموز في سورية المعاصرة) الذي صدر بترجمة منير الغضبان في النصف الثاني من العام 2010 قبل أشهر من اندلاع الثورة… ثم أتبعها بكتاب (سورية الاقتراع أم الرصاص؟) لكارستين ويلاند 2011 و(الاستثناء السوري بين الحداثة والمقاومة) لكارولين دوناتي، و(التسلطية فيسورية) لستيفن هايدمان و(سورية: ثورة من فوق) لرايموند هينبوش وجميعها صدرت عام 2012، في حين أصدر عام 2013 كتاب محمد أبي سمرا (موت الأبد السوري) وكتاب د. رضوان زيادة (السلطة والاستخبارات في سورية) و(حزب الله: أقنعة لبنانية لولاية ايرانية) لفايز قزي.. أما أحدث ما أصدرته دار الريس فكان (خطة التحول الديمقراطي في سورية) الذي صدر مطلع العام الحالي 2014 حاملا توقيع المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية وبيت الخبرة السوري.
من هو بيت الخبرة السوري؟!
يوضح الكتاب أن (بيت الخبرة السوري) تم تأسيسه بمبادرة من المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية، بهدف دراسة المرحلة الانتقالية في سورية، وهو يتكون مما يقارب ثلاثمائة شخصية من الخبراء السوريين، ونشطاء حقوق الإنسان وأكاديميين، وقضاة ومحامين، ومعارضين سياسيين، ومسؤولين حكوميين سابقين، وضباط عسكريين سابقين، بالإضافة إلى قادة من المجالس الثورية المحلية والمعارضة المسلحة والجيش الحر. وهو يتألف من ستة فرق عمل هي: (فريق الإصلاح الدستوري وسيادة القانون/ فريق الإصلاح السياسي والإداري/ فريق إصلاح نظام الأحزاب والانتخابات/ فريق إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وبناء جيش وطني/ فريق الإصلاح الاقتصادي وإعادة الإعمار/ فريق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية) .
وقد عقد بيت الخبرة السوري عدة اجتماعات دورية للوصول إلى رؤية نهائية موحدة للمرحلة الانتقالية في سوريا، وتقديم توصيات عملية ومدروسة للمستقبل السياسي والاجتماعي والعسكري والأمني في سوريا. وتمخض عن هذه الاجتماعات، وثيقة تم التوصل إليها بعد أبحاث ومناقشات مستفيضة، تقدم رؤية للمرحلة الانتقالية في سوريا ما بعد الأسد، حملت عنوان: (خطة التحول الديمقراطي في سوريا) ليصار نشرها في هذا الكتاب الذي يقع في أكثر من (200) صفحة من القطع الكبير.
محاولات بلورة المرحلة الانتقالية!
في تقديمه لفصول الكتاب، يعترف أصحاب هذه الخطة أن ولادة الثورة السورية كانت: ‘معجزة بحد ذاتها بالنظر إلى قسوة نظام الأسد ووحشيته التي كان يعرفها الجميع′ وأنه في الأشهر الأولى من عمر الثورة: ‘لم يفكر أحد في المرحلة الانتقالية بشكل جدي، باستثناء النظام ورجالاته الذين قرروا أن لا فرصة لأي تغيير، وأنهم سينتهجون أي نوع ممكن من العنف لمواجهة وإنهاء ذلك الحراك، فقد اعتقد نظام الأسد أن الإصلاح الجدي يعني نهايته، ونهاية سيطرته إلى الأبد’.
ويعترف واضعو الخطة كذلك بأن التنبؤ بما سيحدث في المستقبل في سورية ليس بالمهمة السهلة: ‘فبعد أربعين سنة من حكم العائلة الواحدة، بات الفراغ السياسي داخل سوريا كبيراً جداً لدرجة أن المعارضة السورية المقسمة وجدت صعوبة في الإجماع على أمور التمثيل والقيادة وبناء الرؤية المشتركة ناهيك عن وضع الخطط المستقبلية لبناء سورية جديدة’.
ومن المهم هنا الوقوف عند المحاولات التي قدمتها المعارضة في هذا السياق، وخصوصاً في ظل الاتهامات المتكررة لها بأنها لا تملك أية رؤية لإدارة البلد، فيما لو رحل النظام…
– أول محاولة لوضع رؤية للمرحلة الانتقالية لسوريا الجديدة، قدمها المجلس الوطني السوري في نيسان / إبريل من عام 2012 أي بعد أكثر من عام على اندلاع الثورة… إلا أن مؤلفي هذا الكتاب يصفونها بأنها: ‘كانت عامة بالإجمال وركزت فقط على الجانب السياسي والاقتصادي المتمثل في مطلب الثورة الأساسي وهو رحيل بشار الأسد، لكنها طورت عدداً من المبادئ الرئيسة للمرحلة الانتقالية’
– المحاولة الثانية: قدمتها المعارضة السياسية في مؤتمر المعارضة السورية المنعقد تحت رعاية جامعة الدول العربية، في تموز / يوليو 2012 بعنوان ‘الرؤية السياسية المشتركة لملامح المرحلة الانتقالية’ إلا أن كثير من رؤاها كانت: ‘عامة جداً، ونظرية، وأصبحت جزءاً من التاريخ بعد التغيرات والتحولات التي شهدتها الثورة السورية على الأرض’ على حد تعبير الكتاب أيضا.
– المحاولة الثالثة: قدمتها (منظمة اليوم التالي) ويقصد بالتسمية اليوم التالي لسقوط الأسد… حيث عملت على مشروع أوسع يتمثل في تقدم رؤية تفصيلية لسوريا ما بعد الأسد في مجال القانون والعدالة الانتقالية، وإصلاح القطاع الأمني، وتصميم النظام الانتخابي والدستوري… ورغم شمولية المشروع الذي قدمته في هذا السياق إلا أن أصحاب هذا الكتاب يأخذون عليها: ‘محدودية عدد السوريين المشاركين بورشات العمل’ قياساً بالثلاثمائة شخصية التي شاركت معهم في صياغة خطة التحول الديمقراطي هذه، الأمر الذي جعل من تقرير (منظمة اليوم التالي) أشبه بإسقاط توصيات دول أخرى مرت بمراحل انتقالية شبيهة على سوريا، دون إدارك الاختلافات العميقة في السياف التاريخي والاجتماعي والسياسي.
-المحاولة الرابعة: قدمتها مجموعة من السوريين يتقدمهم نائب رئيس الوزراء السوري الأسبق (عبد الله الدردري) من خلال منظمة (الإسكوا) في بيروت، حيث عملوا على تطوير ما أسموه (الخطة الوطنية لمستقبل سوريا) إلا أنهم ركزوا بشكل رئيسي على موضوع إعادة الإعمار والإصلاح الاقتصادي، وظلوا متحفظين تماماً في الموضوع السياسي الذي شكل أساس انطلاقة الثورة السورية.
ومن خلال متابعة واستيعاب هذه المشاريع والرؤى السابقة، انطلق المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في صيف 2012، ثم أطلق فكرة بيت الخبرة السوري في مطلع العام 2013 لتقديم رؤيته الشاملة للمرحلة الانتقالية ضمن هذه الخطة.
ماذا تقول خطة التحول؟!
الفصل الأول حمل عنوان: (إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا)، وفيه خطة للإصلاح الأداري والسياسي، وإصلاح نظام الأحزاب والانتخابات وإعادة هيكلة الأجهزة الامنية وبناء جيش وطني حديث وإصلاح اقتصادي… وقد اعتبر المشاركون في وضع هذه الخطة أن لحظة بداية المرحلة الانتقالية تبدأ بتنحي رأس النظام بشار الأسد، ثم تشكيل حكومة انتقالية على أساس اتفاق سياسي ينتهي بحسب نهاية الأزمة في سوريا، على أن تباشر الحكومة الانتقالية بتعليق العمل بدستور عام 2012 والعودة إلى دستور عام 1950، في رفض تام لكل الدساتير الاستبدادية التي فُصّلتْ في عهد حكم الأسد، منذ دستور حافظ الأسد عام 1973 الذي أسس لكل الخراب في سوريا. كما أوصى المشاركون بأن يتم انتخاب المجلس التأسيسي أو الجمعية التأسيسية التي سيوكل لها صياغة دستور دائم للبلاد، انتخابا شعبيا، وألا يتم اختيار أعضائها بالتعيين وذلك لغياب أي مؤسسة منتخبة ومفوضة شعبياً بذلك.
ويقترح واضعو هذه الخطة أن يكون النظام القادم نظاماً برلمانياً، تتشكل فيه الحكومة من قبل أعضاء البرلمان، وتحظى بكافة الصلاحيات التنفيذية، كما تخضع لرقابة مباشرة في البرلمان… وهو ما يعني انقلاباً على النظام الرئاسي، الذي جعل من رئيس الجمهورية في عهد الأسد مصدر السلطات الثلاث، وقادر على تعطيلها، ولا يحق لأحد محاسبته إلا في حالة (الخيانة العظمى) من قبل المحكمة الدستورية العليا التي هو من يعيّن ويعزل أعضاءها.
الفصل الثاني من الكتاب قدم رصداً لتحولات الثورة السورية ومساراتها، مركزاً على ما أسماه: (الديناميكية الداخلية، والفشل الإقليمي والدولي) ولكنه يبدو محشوراً بين الفصل الأول والثالث، كان الأجدى أن يكون هو الفصل الأول قبل الدخول في الفصل الثالث الذي يتمحور حول: (بناء النظام السياسي في سوريا المستقبل) طارحاً نقاطاً هامة حول أسس الإصلاح السياسي في سورية… عبر توسيع القاعدة الشعبية المستفيدة من الإصلاح السياسي، وضمان تمثيل الأقليات في الحكومة الانتقالية والهيئات الانتقالية عموماً، من أجل إعادة توزيع السلطة السياسية، عن طريق السلطة اللامركزية الإدارية تلبية لمطالب الأكراد تحديداً… وقد حددت الخطة الجدول الزمني لذلك بمخطط يوضح مراحل المرحلة الانتقالية على النحو التالي:
1- الحكومة المؤقتة
2- سقوط النظام
3- الحكومة الانتقالية تشرف على تنظيم انتخابات الجمعية التأسيسية
4- تنظيم انتخابات الجمعية التأسيسية، ويتم تشكيل حكومة موسعة تنبثق عن الجمعية.
5- كتابة الدستور
6- الاستفتاء على الدستور.
معرقلات الإصلاح السياسي
لكن الخطة لم يفتها في الوقت نفسه، الإشارة إلى معرقلات الإصلاح السياسي، وخصوصاً حين يتعلق الأمر بشرائح كانت تعيش على هامش المجتمع السياسي والاقتصادي المركزي في سوريا، وكلما طال أمد الثورة ازداد معرقلو التغيير السياسي المنشود في سوريا الجديدة، لأن من تأثروا سلباً من جراء تأخر الفصل وانتصار الثورة، ليس من المنتظر أن يتحملوا عملية إصلاح سياسي حقيقية تستغرق وقتاً طويلاً حتى تؤتي أكلها. كما أن معارضي الإصلاح السياسي في سوريا من أصحاب النفوذ الذين ستتأثر مصالحهم، والذين كان سيعارضون الإصلاح بثورة أو بدونها، من المستعبد أن يتخلوا عن مكتسباتهم طواعية.
تتوالى فصول الكتاب- الخطة بعد ذلك لتتناول قضايا: إصلاح النظام الانتخابي في سوريا، وبناء التعددة الحزبية، وتأسيس سلطة القانون واستقلال القضاء، وكتابة دستور عصري وحديث لسوريا مشيرة في هذا السياق أن دستور عام 1950 كان متقدماً جداً مقارنة مع الفترة التي ظهر فيها، من حيث صون الحريات وحقوق الإنسان لأنه كان معتمداً على الإعلان العالمي لحقوق الإنساني الذي صدر عام 1948… في حين جاءت دساتير الأسد لتعيد سوريا عقوداً إلى الوراء في هذا السياق، وتحول كرامة المواطن السوري إلى شعار نظري، تدوسه الأجهزة الأمنية تحت حذائها، وخصوصا أن هناك مواداً أضيفت لاحقاً إلى الدستور السوري، تمنع ملاحقة مرتكبي جرائم التعذيب في أجهزة المخابرات، وتقديمهم إلى القضاء.
مخابرات الأسد: صناعة الرعب والغضب
ويبقى الفصل التاسع من الكتاب الذي يحمل عنوان: (إعادة هيكلة الأجهزة الامنية في سوريا) من أهم فصول الكتاب… حيث يسرد تاريخ الأجهزة الأمنية الأسود التي زادت سلطتها بشكل رهيب بعد انقلاب حزب البعث عام 1963 وإثر انقلابه الداخلي عام 1970 قام حافظ الأسد بتوسيع أجهزة المخابرات وأتى برؤسائها إلى داخل مؤسسات الدولة… واعتمد في البداية على فرع (المخابرات الجوية) الذي أسسه بنفسه خلال رئاسته لسلاح الطيران عندما كان وزيراً للدفاع، وكانت مهمة (المخابرات الجوية) حماية سلاح الجو السوري، إضافة إلى طائرة الرئيس وأمن الرئيس خلال تواجده خارج سورية وأمن السفارات، لكن الأسد استعان به كثيراً في إلقاء القبص على خصومه حين استولى على السلطة عام 1970… وفيما بعد اتسعت مسؤوليات هذا الجهاز الذي رأسه لفترة طويلة جدا محمد الخولي، فصار له اليد الطولى في اعتقال خصوم النظام المدنيين، وتنفيذ العمليات الخارجية السرية.
ثم أسس حافظ الأسد عام 1971 تشكيلا سرياً عسكرياً وأمنياً سمي بسرايا الدفاع، وجعل قيادته بيد شقيقه رفعت الأسد، وحصلت السرايا على تفويض واسع، ثم شرعت تشكل فرعاً مخابراتيا خاصا بها، من أجل حماية النظام من أي انقلاب عسكري قد يحدث… وقد بلغ تعداد أفرادها في أواخر السبعينيات أكثر من عشرة آلاف عنصر، وكانت الجهاز الأكثر وحشية ورعباً للمجتمع السوري، لما اكتسبته من سمعة كبيرة في أساليب الاعتقال والتعذيب وتنفيذ الإعدامات. وفي عام 1976 أسس حافظ الأسد جهازاّ جديداً باسم الحرس الرئاسي بقيادة شقيق زوجته عدنان مخلوف، وانحصرت مسوؤليات هذا الجهاز، بسلامة الرئيس الأسد وأمنه الشخصي المباشر، ثم شرع ينمو باطراد ليغدو تنظيماً شبه عسكري وأمني كذلك. أما شعبة (الأمن السياسي) فيمكن شرح دورها باختصار أنه: مكافحة كل أشكال العمل السياسي وتجريم الاقتراب منه… ويقول عنها الكتاب:
‘خزان المعلومات بالنسبة للنظام السوري، ويملك هذا الجهاز مفرزة في كل مديرية وناحية، ودوره الاستخباراتي كبير، وأهم فروعه هي: الفنادق، الملاهي والمطاعم، الطلاب، الموظفون، وفرع التراخيص التجارية والصناعية، ومهمته التأكد من عدم وجود أي نشاط سياسي يهدف إلى إضعاف حكم الأسد’
وبعد أن يشرح الكتاب بنية أجهزة الأمن السورية وتسمياتها ومهامها ويذكر المجازر التي شاركت بها في عهد الأسد الأب، يشير أنه بسبب نسبة أبناء الطائفة العلوية الكبيرة في الأجهزة الأمنية، ساهم الصدام معها أثناء الثورة الحالية ضد حكم بشار الأسد فيما يسميه: ‘إضفاء البعد الطائفي لدى كلا الطرفين، أي الأجهزة الأمنية والمتظاهرين المدنيين، وهو ما انعكس بشكل أكبر عندما بدأ الصراع يأخذ طابعاً عسكرياً ‘ ونعتقد هنا أن توصيف هذا الحال على دقته، كان ينقصه الاعتراف من قبل مؤلفي الكتاب… بأن النسبة الكبيرة لأبناء الطائفة العلوية في الأجهزة الأمنية، لم تأت هكذا صدفة، بل كانت سياسة ممنهجة ومدروسة اتبعها حافظ الأسد وابنه من بعده… ولهذا يمكن فهم ما يشير إليه الكتاب في هذا النقطة لاحقاً حيث يقول: ‘ وبدا واضحاً وجلياً مع ارتكاب عدد من المجازر بحق المدنيين وبطرق وحشية قاسية في مناطق الاحتكاك الطائفي بين العلويين والسنة، وتحديداً غرب سوريا ‘ قبل أن يمضى ليوثق كل هذه المجازر التي كانت من طرف واحد.
ويرى واضعو هذه الخطة أنه لا يمكن إعادة إصلاح القطاع الأمني الذي كانت تجاوزاته احد أهم أسباب الغضب في صدور السوريين، من دون إعادة بناء تلك الأجهزة تحت إدارة مدنية، تتمتع بالشفافية والمساءلة وتضمن النظام العام، ولا من دون فصل القطاع الأمني عن السياسة بشكل كامل، بما يمنع التحزب داخل هذا القطاع!
ولا ينسى واضعو الخطة المسألة الاقتصادية، التي يولونها اهتماماً موسعاً، ويدعمون وجهات نظرهم في آليات إصلاحها بجداول وإحصاءات وبيانات علمية… ومن ثم توصيات فضلا عن ملاحق تتضمن مسودة الإعلان الدستوري المؤقت، ومسودة مقترحة لقانون الأنتخابات العامة، وأخرى لقانون الأحزاب.
إنجاز الرؤية والهدف
وبغض النظر عن مدى أهمية مسودات تلك القوانين أو الإعلان الدستوري، وعن مدى اتفاق السوريين أو اختلافهم مع ما جاء في هذه الخطة من أفكار ومقترحات، عن آليات التحول الديمقراطي في سوريا، فإن هذه الخطة تقدم بلا شك جهداً نوعياً بنى على ما قبله، وسعى لكي يقدم أرضية شاملة لمعرفة حجم التخريب والدمار الحقوقي والقانوني والوطني الذي أحدثته حقبة الأسد في التاريخ السوري المعاصر، فأورثت السوريين كل هذه الويلات والنكبات والمجازر… وهو يقدم أفكاراً ومقترحات من أجل سورية المستقبل… تبقى ضرورية ـ كأرضية مرة أخرى- من أجل أن نتفق أو نختلف عليها، على قاعدة المعرفة، لا على أساس الجهل بالأسس والبدهيات… ولعل أهم ما تقوله هذه الخطة أنه ثمة شيء ينجزه السوريون رغم شلال الدم وعداد القتل اليومي الذي لم يتوقف ولا يوم واحد منذ سقط أول شهيد في الثورة السورية حتى اليوم… لا بل إن الكتاب الذي يهديه مؤلفوه إلى ‘كل شهداء الثورة السورية’ ينعي في صفحة الإهداء ذاتها، ثلاثة من الناشطين الذين شاركوا في اجتماعات بيت الخبرة السوري، ثم استشهدوا قبل صدور الكتاب… وهم: الشهيد قاسم الديري (ادلب) والشهيد محمد أمين عبد اللطيف (حلب) والشهيد أحمد خالد شحادة (داريا).