قبة المسجد الأقصى ورجاء بن حيوة

يقال بأن الوليد بن عبد الملك رصد لبناء قبة المسجد الأقصى خراج مصر بالكامل لمدة سبع سنوات وبلغ حجم التكلفة لبناء المسجد والقبة 3000 أوقية من الذهب ويقال 6000,أي أنه وجه كل اقتصاد مصر في ذلك الزمان من أجل أعمار قبة المسجد الأقصى, وقد بدء البناء سنة 66-وانتهى البناء سنة72 للهجرة على يد رجل مسيحي هو(رجاء بن حيوة) كما سنلاحظ بعد قليل, واهتم الأمويون ببناء القبة من أجل تحويل أنظار المجتمع الإسلامي من المسجد الأقصى في الجِعرانة إلى المسجد الأقصى في فلسطين والموضوع كله مختلق اختلاقا بسبب سقوط مكة بيد عبد الله بن الزبير,وقد أشرف على بنائها رجلان وهما: يزيد بن سلام من أهل بيت المقدس و(رجاء بن حيوة),وهو من مدينة بيسان كان مسيحيا وأسلم مع أبيه وباقي أفراد العائلة ومات سنة 112 هجريا وكان خطاطا بارعا فيما يعرف اليوم بالأربسك وهو المشرف الأول على بناء قبة الصخرة وزخرفتها ورشها بأجود أنواع العطر والبخور,واعتنوا في رش القبة والمسجد بالبخور وبالمسك من أفضل الأصناف الهندية وكان الرجل إذا دخل القبة تعلق على ملابسه رائحة العطر والبخور لعدة أيام وإذا قدم الرجل إلى بيته واشتم الناس منه رائحة البخور عرفوا أنه قد زار القبة الأموية والمسجد الأموي والذي هو اليوم ما يسمى خطئا بالمسجد الأقصى,وذاع صيت المسجد الأموي في القدس بين الناس أكثر من صيت مكة ,ولو كان عبد الله بن الزبير يملك أموالا لقام هو بخطوة أخرى مضادة لتزيين المسجد الأقصى في الجِعرانة شمالي مكة,ولكن سوء الأحوال الاقتصادية ثنته عن هذه الخطوة واكتفى بمكة وبالكعبة غير أن الناس توجهت قلوبهم إلى المسجد الأموي والقبة ورائحة البخور وبدء من هنالك أول تزييف وتزوير للحقائق لدرجة أن الناس انشغلوا عن زيارة الكعبة ومكة بزيارتهم للمسجد الأموي أي المسجد الأقصى على اعتبار أنه أولى القبلتين علما أن أُولى القبلتين كانت في المسجد الأقصى في الجِعرانة شمالي مكة ب29 كيلو متر وهي القبلة الأولى, وكان الناس يزورون المسجد أكثر من زيارتهم لمكة لرؤية جمال قبة المسجد وللصلاة تحتها ونسي الناس مدة من الزمن مكة وما بها والتفتت كل أنظار الناس إلى القبة الأموية والمسجد الأموي الجديد في القدس على أنقاض الهيكل القديم للملك سليمان وانتشرت العقيدة الجديدة التي تقول بأن هذا المسجد هو المسجد الذي أسرى منه الرسول إلى السموات العلى وفي حائط المبكى حيثُ ربط جبرائيل البراق خشية أن يهرب, ونجح الأمويون في تحويل أنظار الناس من مكة إلى القبة التي بناها الأمويون لتنافس مكة ومسجد الجعرانة وعبد الله بن الزبير لكي يحدوا من سلطة عبد الله بن الزبير بن أسماء بنت أبي بكر.
ولولا الرجل النصراني( رجاء بن حيوة) لَما عرف الناس القبة ولولا الخلاف السياسي والتنازع على الخلافة بين الأمويين وعبد الله بن الزبير لَما عرف المسلمون المسجد الأقصى بفلسطين ولو أن عبد الله بن الزبير لم ينشق على عبد الملك بن مروان لبقي المسجد الأقصى مقره في الجِعرانة,والدليل على ذلك أن الخلفاء الراشدين لم يوجهوا أنظارهم إلى فلسطين على اعتبار أن المسجد الأقصى فيها,ولا حتى محمد نفسه إذ لم يهتم بهذا الموضوع كثيرا ولم يروَ عن محمد بأنه وجه أنظاره إلى فلسطين على اعتبار أن قصة إسراءه كانت من مكة إلى فلسطين بل كانت قصة إسراءه على بعد 29 كيلو متر شمالي مكة ,أما عمر بن الخطاب فقد بنا المسجد من الخشب وأُتلف بناءه بسبب عوامل الطبيعة وقام العباسيون بعد ذلك بتوسعة المسجد على حساب القبة نفسها إذ نزعوا منها بعض ما كاد أن يسقط على الأرض من ذهب واستغلوه بالتوسعة الجديدة له,وهنالك اختلاف على أي من الخلفاء الأمويين قد بنا القبة هل هو عبد الملك بن مَرَوان أم ابنه الوليد بن عبد الملك؟,وأنا أرجح أن يكون عبد الملك هو من بناها من أجل توجيه وتحويل أنظار المسلمين من المسجد الأقصى في الجِعرانة شمالي مكة إلى المسجد الأقصى في القدس إبان أزمة عبد الله بن الزبير مع الخلافة الأموية وانشقاقه عن الخليفة وخروجه عليه وإعلان نفسه الخليفة الشرعي الوحيد.
ولم يكن المسلمون من قبل قد عرفوا هذا النوع من الفن المعماري في بناء القبب فقد استخدمه السومريون سنة 4000قبل الميلاد والإغريق بعد ذلك في تغطية أسقف القبور وليس المعابد وبالتالي فمن المرجح أن المسيحيين في بلاد الشام هم من ساعد المسلمين على بناء قبة المسجد في القدس وذلك لكي يزيدوا من جماله وتم شراء البنائين بالأموال التي كانت تأتي من خراج مصر,ومن الواضح أن عمر بن الخطاب لم يكن ليشير بأن المسجد الأقصى في القدس فبعد دخوله بيت المقدس تم بناء المسجد ولو كان المسجد موجودا قبل ذلك لكان محمد قد صلى به وعمر بن الخطاب أيضا,وهنا تتضح المسألة على أن المسجد الأقصى الذي تتحدث عنه قصة الإسراء والمعراج ليس هو المسجد الحالي الموجود في القدس,وأعتقد بأن عبد الملك بن مروان قد نقل القبة عن قبة كنيسة القديس سمعان التي تم بناءها في سنة 500 ميلادية وكذلك عن قصر الخورنق في الشام حيث برع النصارى الشاميين في هذا النوع من البناء.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.