مايك شينوي: الشرق الاوسط
في الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بتعزيز دفاعاتهما وسط التهديدات المروعة من جانب كوريا الشمالية التي تواصل تعزيز قدراتها النووية والصاروخية – فإن الحقيقة التي لا بد من مواجهتها هي أن سياسة الولايات المتحدة تجاه كوريا الشمالية لا تؤتي ثمارها.
وفي كل مرة تواجه فيها بيونغ يانغ الضغوط والعقوبات والإكراه – بدلا من إعراب الولايات المتحدة عن استعدادها للدخول في مفاوضات – فإنها ترد بنفس الطريقة بالضبط: أي القيام بعكس ما كانت الضغوط المتزايدة من جانب الولايات المتحدة تهدف إليه وتسعى لتحقيقه.
في عام 2005، فرضت واشنطن عقوبات مالية على بنك «دلتا آسيا» في ماكاو، حيث تم تجميد عشرات الحسابات التابعة لبيونغ يانغ. وبعدما تم رفض جميع دعواتها لإجراء محادثات ثنائية والمقترحات التي قدمتها لإيجاد وسيلة لحل تلك القضية، قامت كوريا الشمالية بإجراء سلسلة من التجارب الصاروخية في يوليو (تموز) 2006. وعندما ضغطت الولايات المتحدة لإصدار قرار صارم من مجلس الأمن الدولي، أمر كيم جونغ إل بإجراء الاختبار النووي الأول للبلاد.
وعندما أطلقت كوريا الشمالية صاروخا في ربيع عام 2009 ضغطت واشنطن مرة أخرى لفرض عقوبات دولية عليها. وبعد شهر تقريبا من إصدار هذا القرار، قامت بيونغ يانغ بإجراء تجربتها النووية الثانية. وعندما اتبعت إدارة أوباما سياسة «الصبر الاستراتيجي» وحركة الحد الأدنى من الدبلوماسية، كشفت بيونغ يانغ النقاب عن أنها باتت قادرة على تخصيب اليورانيوم اللازم للمضي قدما في إنتاج السلاح النووي.
والآن، يتكرر نفس الأمر، حيث أدى اختبار كوريا الشمالية لتجربة صاروخية جديدة في شهر ديسمبر (كانون الأول) إلى إصدار إدانة من مجلس الأمن، وهو ما دفع بيونغ يانغ لإجراء تجربتها النووية الثالثة في شهر فبراير (شباط)، وهو ما تبعه إصدار عقوبات أكثر صرامة بتفويض من الأمم المتحدة. في الحقيقة، وصلت التوترات في شبه الجزيرة الكورية إلى أعلى مستوى لها منذ سنوات طويلة.
لا يوجد أدنى شك في أن البرنامج النووي والصاروخي لكوريا الشمالية يشكل تهديدا خطيرا، حيث يمكن لبيونغ يانع أن تنتج أسلحة يمكن استخدامها في صراع جديد، كما يمكن أن تصل لدول مارقة أو جماعات إرهابية.
ومع ذلك، لا يتسم حل هذه القضية بالسهولة، ولن تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها بشن حرب لوضع حد لهذا البرنامج، ولكن لا يوجد أي دليل يشير إلى أن الإكراه سوف يجبر كوريا الشمالية على تعديل سلوكها، وحتى زيادة الدعم الصيني لفرض عقوبات من غير المرجح أن يؤدي إلى تغييرات إيجابية في موقف بيونغ يانغ. ورغم التكهنات المستمرة، لا توجد مؤشرات قوية على قرب سقوط النظام في كوريا الشمالية.
كل هذا يؤدي إلى التوجه الذي قاومته إدارة أوباما بقوة وعناد، وهو العمل على أعلى المستويات، حيث يقال إن البيت الأبيض قد أرسل سرا مبعوثين إلى بيونغ يانغ العام الماضي، ولكن الحوار مع دبلوماسيين من المستوى المتوسط ينطوي في حقيقة الأمر على عقبات كثيرة تحول دون نجاح المحادثات، وذلك لأن القيادات البارزة فقط في النظام الكوري الشمالي هي التي تتخذ جميع القرارات الرئيسة والمهمة.
وكان الرئيس أوباما قد قال في خطاب تنصيبه الثاني: «سوف نظهر الشجاعة اللازمة لحل خلافاتنا مع الدول الأخرى سلميا – ليس لأننا نجهل الأخطار التي نواجهها، ولكن لأن التفاوض بصورة أكثر ثباتا، يمكن أن يؤدي إلى إزالة الشكوك والمخاوف». وقبل أن تزداد الأمور سوءا، فقد حان الوقت لتجربة هذا النهج مع كوريا الشمالية، عن طريق تعيين مبعوث رفيع المستوى، ذي مكانة ومصداقية تؤهلانه لمقابلة كيم جونغ أون ومعرفة مدى إمكانية تحسين العلاقات التي تدهورت بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
تمر كوريا الشمالية بمرحلة انتقالية. وفي الوقت الذي يعزز فيه كيم من قبضته على السلطة، فقد تبنى توجها سياسيا أكثر «شعبوية» من خلال رغبته في تحسين الوضع الاقتصادي لكوريا الشمالية، والإشارة إلى قبوله بالتواصل مع المجتمع الدولي، ولعل عناقه الأخير للاعب كرة السلة دنيس رودمان الذي أثار الكثير من السخرية بعد بثه على شاشات التلفزيون الكوري الشمالي بشكل متكرر، يعد بمثابة رسالة يبعث بها إلى شعبه بأن ليس كل الأميركيين أعداء.
وفي الوقت نفسه، واصل كيم طموحاته النووية والصاروخية، ومثل تهديدا أكثر خطرا من والده نفسه. ومع ذلك، يمكن القول بأن كوريا الشمالية دولة أقوال لا أفعال. ويبدو بالفعل أن كيم مهتم بإجراء اتصالات دبلوماسية مع الولايات المتحدة، ولعل الرسالة التي أراد رودمان إرسالها إلى الولايات المتحدة من خلال مراوغاته هي أن كيم يريد إجراء محادثات مع أوباما.
ولم تبد إدارة أوباما أي اهتمام تجاه رغبة كيم في التحدث إلى الرئيس الأميركي، مع العلم أن المناقشات المباشرة مع كيم جونغ أون ستكون هي السبيل الوحيد الذي يمكن الولايات المتحدة من معرفة ما إذا كان هناك أي أمل في إحياء الحوار والسبل الدبلوماسية.
ومع أن الخيارات البديلة قاتمة للغاية – في ظل حالة التوتر المستمر والصراع الكوري الجديد والموجة المخيفة من انتشار السلاح النووي – فإن الأمر يستحق إقدام أوباما على مخاطرة سياسية بغرض اختبار نوايا الرئيس كيم.
لقد ارتفعت حدة التوترات خلال الحرب الباردة عام 1950، مما جعل ونستون تشرشل يقترح إجراء محادثات مع الاتحاد السوفياتي «على أعلى مستوى… لرأب الصدع بين الطرفين، بحيث يمكنهما أن يعيشا جنبا إلى جنب، إن لم يكن كصديقين، فعلى الأقل سيعيشان من دون أي أحقاد خلال الحرب الباردة. ليس من السهل أن نرى كيف ساءت الأمور خلال محادثات القمة». لم يكن تشرشل من النوع الذي تستهويه سياسة الاسترضاء، ولكن يمكن لأوباما القيام بأسوأ من اتباع نصيحته وإرسال مبعوث رفيع المستوى إلى بيونغ يانغ.
* مايك شينوي، هو زميل بارز في المعهد الصيني – الأميركي بجامعة جنوب كاليفورنيا ومؤلف كتاب «الانهيار: القصة الكامنة للأزمة النووية الكورية الشمالية». زار شينوي كوريا الشمالية خمس عشرة مرة.
* خدمة «واشنطن بوست»
ماقل ودل … ولامكان للحل ؟
١: التوتر العالي في المنطقة هو ماتريده أمريكا ؟
٢: أي إتفاق سلام يعني إنعدام حاجة دول المنطقة لأمريكا ، خاصة كوريا الجنوبية واليابان وهذا مالاتريده ماما أمريكا ؟
٣: يمكن أن يكون هذا التصعيد بإيعاز من أمريكا نفسها لأنها مدركة جيدا أن لا ألأب ولا ألأبن قادرين على اللعب بالنار ؟
٤: صدق من قال { لو عرف السبب لبطل العجب } ؟