رؤية في أزمة المكونات وحماية الأقليات في سوريا

omaralhabbalعمر الحبال

أرجو نشر تعليقي مع المقال – المحاضرة : هام – رؤوس أقلام للمحة نقدية مبسطة حول محاضرة القاها السيد نادر جبلي .
رئيس الأمانة لحزب الجمهورية الأستاذ نادر جبلي في ندوة نظمتها منظمة “سوريون مسيحيون من أجل السلام” في باريس بمناسبة الذكرى الخامسة للثورة”
الأخطاء التي وقع فيها نادر جبلي في المحاضرة التي القاها في ندوة في باريس :
بالنسبة لنادر اقترب من الموضوع كثيرا لكنه لم يستشعر لماذا بعد الاستقلال حصل ماقاله رغم انه كانت هناك حالة مماثلة تقريبا كانت مذاهب وأديان تعاني منها في اواخر الحكم العثماني . لكنها زالت عندما عادت سورية لتعيش , بعد الاستقلال , الحالة الطبيعية النابعة من طبيعة الشعب السوري المتعايش عبر التاريخ وسيعود الى تلك الحالة الطبيعية بمجرد انتهى الخطر وعودة الحياة العادية المستقرة دون تهديدات انتجها حكم الاستبداد الذي استغل كل أصناف المشاكل وعمقها دون ان يجد حرجا في تأجيجها ليكون وحده المهدد لها ويدعي حمايتها.
كما أخطأ بتسمية مكونات الشعب السوري كمفردة لا يمكن أن يكون الانتماء الديني مكون لمجتمع ولايمكن ان تكون كلمة اقليات تعبر عن مكونات كما ان مفردة اقليات لا تنطبق على من قال انهم اقليات رغم انه وضفهم اصيلين في المجتمع السوري وهم ضمن الأكثريتين ان كانوا أكثرية عربية أو الأكثرية المسلمة اذا من سماهم اقليات ليسوا مطلقا أقليات لانتمائهم الى أكثرثة وأغلبهم ينتمون الى الأكثريتين ,,, فيكف تكون من جهة تنتمي الى أكثريةة مطلقة وفي فقرة أخرى تسمى أقلية .
لابد أن يقوم فقهاء علوم السياسة والمجتمع من التعمق في تلك الحالة واشعر بضرورة تجريم استخدام المفردات المغلوطة من قبل سياسيين كبار وشخصيات لها دور هام في المجتمع في الوقت الذي يقدمون لنا رؤية لوضعنا الحالي , بحسن نية او غيرها , ويضعون سورية في متاهات لايعلم الا الله الى أين ستأخذنا .
………….

رؤية في أزمة المكونات وحماية الأقليات في سوريا

نادر جبلي
20 آذار/ مارس 2016

“نص المحاضرة التي ألقاها رئيس الأمانة لحزب الجمهورية الأستاذ نادر جبلي في ندوة نظمتها منظمة “سوريون مسيحيون من أجل السلام” في باريس بمناسبة الذكرى الخامسة للثورة”

مساء الخير للجميع

يشرفني أن أكون بينكم بهذه المناسبة التاريخية، مناسبة انطلاق الثورة السورية، هذه الثورة التي شكلت، لأسباب وظروف مختلفة متداخلة ومعقدة، زلزالا مديدا شديدا هزّ ويهزّ سوريا ودول المنطقة بقوة لا تقوى على احتمالها، مما يهدد بتحطيم كل شيء وإعادة تشكيله على أسس جديدة قد تختلف جذريا عما سبقها. والكلام ينطبق على الجغرافيا بقدر ما ينطبق على السياسة والاجتماع وموازين القوى…

في موضوعنا عن أزمة المكونات السورية، سنبدأ بالاعتراف بأن ثمة أزمة مكونات عاصفة في بلدنا، وهي تهدد بنسف كل أسس التعايش وفرص استمرار الكيان، وهي تزداد شدة وعمقا مع طول مدة الصراع في سوريا وعليها، لكنها تختلف في درجة شدتها بين مكونات وأخرى، فعلى الصعيد المذهبي نراها على أشدها بين المكون السني من جانب والمكون العلوي والمكون الشيعي من جانب آخر، وتقل شدة بين السنة وباقي الأقليات الدينية كالمسيحيين والدروز والاسماعيليين وغيرهم، وعلى الصعيد الإثني نراها على أشدها بين المكون العربي من جانب والمكون الكردي من جانب آخر، وتقل شدتها بين العرب وباقي الإثنيات كالآثوريين والأرمن والتركمان وغيرهم باعتبارهم أقليات قومية لا تملك أجندات استقلالية ..

بسبب قلة الوقت المتاح، ستهمل هذه المحاضرة تفاصيل كثيرة ذات أهمية في فهم واستيعاب أزمة المكونات وما وصلت إليه، وستكتفي بالتركيز على أكثرها أهمية وأبعدها أثرا.

لأسباب تاريخية وسياسية عديدة، أصبحت سوريا بحدودها السياسية الراهنة، والتي لما يمض قرن واحد على تشكلها، موطنا لعدد كبير من المكونات المتعايشة جنبا إلى جنب، والتي خضعت دائما لمشاريع السيطرة والتحكم التي تقودها القوى المسيطرة، مما أثر بشكل كبير في فرص تحسين علاقاتها ببعضها والوصول إلى مرحلة الشعب بمفهومه السياسي الحديث، والذي تطغى فيه الهوية الوطنية على كل هوية أخرى، لذلك بقيت المكونات عمليا، وبغض النظر عن الصورة الكاذبة التي كان يقدمها نظام الأسد، في حالة من التفكك والانغلاق والالتفاف على الهوية ما قبل الوطنية، فبقي الشعور الوطني الجامع ضعيفا، وبقي الانتماء إلى الطائفة أقوى وأكثر أمانا من الانتماء إلى الدولة، وكذلك الانتماء إلى المذهب أو القبيلة أو العائلة… وسنتناول الأسباب الرئيسة لذلك بعد أن نلقي نظرة سريعة على المكونات التي تشكل ما يسمى الشعب السوري، وذلك عشية اندلاع ثورة الحرية والكرامة في منتصف آذار 2011:

حسب التصنيف الديني، يشكل المسلمون بكل طوائفهم ومذاهبهم، بحدود 90% من سكان سوريا البالغ آنذاك 24 مليونا، يشكل السنّة لوحدهم بحدود 72% من السكان، وهم الطائفة الأكبر، أو ما يسمى بالأكثرية، أما العلويون فيشكلون بحدود 12% وتشكل باقي المكونات المصنفة كإسلامية بحدود 6% تتوزع بين الدروز والاسماعيليين والشيعة والمرشديين… أما المسيحيون فيشكلون بحدود 10% من السكان، موزعين على 11 طائفة أكبرها طائفة الروم الأرثوذوكس التي تشكل بمفردها أكثر من ثلث عدد المسيحيين.

وحسب التصنيف الإثني (أو القومي) يشكل العرب أغلب السكان بنسبة 80% تقريبا، يليهم الكرد بنسبة 15% تقريبا، والنسبة المتبقية يتقاسمها الآثوريين والأرمن والشركس والتركمان وبضعة قوميات أخرى صغيرة جدا.

تعدُّد المكونات وتنوعها في الدولة الواحدة هو سيف ذو حدين، فقد يكون مصدر خير وغنى ثقافي ومعرفي وروحي للبلد، يساهم في ترقّيه ودفعه إلى الأمام، وقد يكون مصدر شقاق وتوتر ونزاعات تجعل البلد ضعيفا هشاً قابلا للانفجار والتقسيم في أي وقت، ومن يحدد مصير البلد في هذا الاتجاه أو ذاك هو طريقة السلطات الحاكمة في إدارة البلد وفي التعاطي مع مكوناته، فإذا أحسنت السلطات في ذلك تصبح التعددية نعمة على البلد، وإذا فشلت تنقلب إلى نقمة.

بعد الاستقلال عن فرنسا عام 1946 عاشت سوريا أفضل أيامها على صعيد تأسيس وبناء الدولة الوطنية حتى مجيء البعث إلى السلطة في العام 1963، رغم ما شاب تلك الفترة القصيرة من انقلابات ونكسات، وقد انعكس ذلك إيجابا على طبيعة العلاقة بين المكونات، ويكفينا في هذه العجالة أن نسوق بعض الأمثلة ذات الدلالة، ففي الانتخابات البرلمانية السورية عام 1954 لم يفُز تنظيم الإخوان المسلمين سوى بأربعة مقاعد من أصل 140 مقعدا فازت بها الأحزاب العَلمانية المختلفة، بمعنى أن السنة، وهم الكتلة الانتخابية الرئيسة، أعطوا أصواتهم لقوى وشخصيات عَلمانية وليس لتنظيم الإخوان المسلمين، وفي هذه الانتخابات أيضا فاز الشيوعي الكردي الأصل خالد بكداش بنتيجة باهرة عن مدينة دمشق، وبأصوات الكتلة الانتخابية الأكبر، أي العرب السنة…

يمكننا أيضا أن نذكر المثال التاريخي اللافت الذي يعرفه الجميع، وهو اختيار المسيحي السوري فارس الخوري لرئاسة المجلس النيابي ولرئاسة الحكومة عدة مرات، والأمر الأكثر دلالة هو تسلّمه لوزارة الأوقاف الإسلامية برضى ومباركة مسلمي سوريا!!

مثال ثالث معبر أيضا هو انتخاب المسيحي هاني المسلم رئيسا للميتم الإسلامي في محافظة درعا على حساب أحد زعماء حركة الإخوان المسلمين أحمد الجنادي…

تعبّر الأمثلة أعلاه عن تراجع تأثير العوامل ما قبل الوطنية، الدينية والعشائرية والإثنية، على حياة الأفراد وخياراتهم، وتراجع ما يسمى بأزمة المكونات، عند وجود حالة نهوض وطني وسلطات وطنية همُّها البلد ومصلحة البلد، وهي تدل أيضا، وبشكل خاص، على اعتدال وانفتاح سنَّة سوريا (طائفة الأكثرية) وبُعدهم عن الانغلاق والتعصب…

إذن ما الذي حدث بعد ذلك، وأدى إلى تراجع الشعور الوطني لدى السوريين، وتنامي الشعور ما قبل الوطني لديهم من جديد، حيث تضخمت سنية السني وعلوية العلوي وكردية الكردي على حساب سوريتهم وعيشهم المشترك؟ وما الذي أدى إلى تنامي الحقد والكراهية بين بعض المكونات، والريبة والشك بين بعضها الآخر؟

إنه ببساطة الاحتلال الأسدي الذي استولى على السلطة عام 1970 واحتل الدولة ومؤسساتها، وجيّرها لخدمته، وصادر الحياة السياسية والثقافية والفكرية، وفتك بالمجتمع المدني ومؤسساته، وقضى على منجزات فترة ما بعد الاستقلال، وحول سوريا إلى سوريا الأسد… ولخدمة غرض السيطرة على المجتمع وتطويعه استخدم، بحنكة يُشهد له بها، وسائل وأوراق عديدة من بينها ورقة المكونات، حيث تمكن عبر إدارته الأمنية السامة لهذه الورقة من ضرب المكونات ببعضها، وتعميق الاختلافات والتصدعات فيما بينها، وجعلها دائمة الحاجة إليه لحمايتها من الآخرين، في الوقت الذي كان يُبرز فيه للعالم حالة التلاحم الوطني والوئام والتحابب الذي تعيشه المكونات في ظل قيادته.

لا ننكر طبعا دور العامل الخارجي، وأثره في تصعيد أزمة المكونات، وعلى رأسه إسرائيل ومصالحها، وصعود الإسلام المتشدد وانتشاره… لكن كل ذلك ما كان ليفعل فعله لولا جسمٌ سوريٌ مفكك هزيل، دمر الاحتلال الأسدي كل أسباب قوته وعوامل مناعته، والتي كانت في طور التكون أصلا.

بمجيء الثورة، اندفعت أزمة المكونات إلى السطح، بعد زوال القشرة التي كانت تغطيها، وأخذت بالتضخم السريع بفعل العنف المنفلت والممارسات الطائفية الممنهجة التي اتبعها نظام الأسد منذ البداية في صراعه الوجودي مع المجتمع الثائر، حيث أدرك أن الورقة الطائفية هي طريقه للنجاة، إضافة إلى ورقة أخرى لا تقل أهمية هي العسكَرة، فعمل بكل قوة في الاتجاهين، فارتكب المجازر الطائفية ضد السنة، وعمل على استفزاز مشاعرهم بكل الوسائل، ومارس عنفا مهولا ضد أبنائهم ومدنهم وأحيائهم وبيئاتهم، وذلك بغرض استدعاء ردود أفعالهم وتدوير عجلة الطائفية، وكان له ما أراد، والآن نرى أن الاحتقان الطائفي على أشده، والماكينة الطائفية الرهيبة تفعل فعلها المدمر مهددة بحرق الأخضر واليابس، وبالقضاء على كل فرص التعايش.

توسل النظام من تفعيل ورقتي الطائفية والعسكرة خلاصه، باعتبارهما الوحيدتان القادرتان على توفير مقومات هذا الخلاص، وهي:
•ضمان التفاف أبناء الطائفة العلوية حوله في جميع الظروف والأحوال، وذلك باعتباره الخيار الوحيد أمامهم، وما دونه الموت أو الإذلال.
•ضمان بقاء أبناء الأقليات الأخرى إلى جانبه، باعتباره ضمانتهم الوحيدة أمام خطر الغول السني الجاهز لابتلاعهم عند أول فرصة.
•تحويل نمط الصراع من ثورة شعب على نظام مستبد فاسد إلى صراع طائفي مذهبي، أو إلى حرب أهلية.
•استدعاء الجهاديين السنة من الخارج للزود عن أبناء دينهم، واستحواذهم على الثورة، ووضع العالم أمام خيار استلامهم الحكم في حال سقوطه.

نجحت خطة النظام فعلا، وما أراده حصل، فها هي الطائفة العلوية ملتصقة به، وها هي باقي الأقليات تؤيده أو تقف على الحياد في أحسن الأحوال، وها هي التنظيمات الإسلامية الجهادية المتطرفة تسود الأرض، وها هو العالم ينشغل بمكافحة الإرهاب كأولوية، ومنهم من يرى النظام شريكا في هذه الحرب، وينسى الجميع وجود من تسبب بكل هذه الكوارث…

ساعد النظام على نجاح خطته حلفاءَ لا يقلون عنه همجية وجرمية، وساعده على ذلك غباء معارضيه واخطاؤهم القاتلة، وساعده أيضا طول مدة الصراع وقسوته المفرطة، وساعده تدخل أطراف عربية وإقليمية بطريقة انتقائية ولأغراض مصلحية لا تمت لمصلحة الثورة بصلة، وساعده أكثر تواطؤ دولي على قدر كبير من الخسة والنذالة، تقوده الولايات المتحدة، يتنكر لما راكمته البشرية في مجال حقوق الإنسان، ولا ينظر للسوريين كبشر، ولا حتى كحيوانات، بل كنوع من حشرات ضارة يستحسن موتها…

والآن، هل ثمة خطر حقيقي يحيق بالأقليات؟ وهل الأكثرية السنية هي مصدر هذا الخطر؟ وهل يجب التحرك لرفع هذا الخطر وكيف؟

أبدأ بشهادة شخصية لي بأهل السنة السوريين، مفادها أنني عشت بينهم على مدى اثنين وخمسين عاما، تربيت خلالها وتعلمت وعملت، ولم أشعر لحظة واحدة باي تمييز في المعاملة، ولم يكونوا إلا أهلا وأخوة وأصدقاء، بل إن خيرة أصدقائي السوريين منهم، كما أعتقد جازما أنني مدين لهم ببقائي على قيد الحياة في معتقلي الأول والثاني في سجون المخابرات السورية خلال العام 2012 حيث كان لرعايتهم ومحبتهم أكبر الأثر في تخفيف وطأة السجن ووحشية السجّان.

لقد سبق لي في هذه المحاضرة أن أشرت، مع الأمثلة، إلى انفتاح واعتدال السنة السوريين، وبُعدهم عن الانغلاق والتعصب، ونحن السوريون لم يسبق أن سمعنا قبل الثورة بوجود متطرفين سنة في بلدنا، ولم تطرق السلفية الجهادية أبوابنا إلا في بداية العام 2012 مع تأسيس جبهة النصرة أي بعد تسعة أشهر تقريبا من انطلاق الثورة.

أما الآن فهناك احتقان طائفي كبير ومدمر ولا شك، أقله بين السنة والعلويين، وهناك غضب سني عارم وشعور هائل بالظلم والقهر والغدر والإهانة، ورغبة جامحة بالثأر والانتقام… وفي الجانب العلوي هناك قناعة عامة بأنهم يخوضون معركة وجود وأن الهزيمة فيها تعني نهايتهم، ولا خيار سوى الاستمرار حتى النهاية..

ما كان للسنة السوريون، الذين وصفناهم أعلاه بالمنفتحين المعتدلين، أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه من غضب وتشدد ورغبة في الانتقام لولا ما تعرضوا له على مدى السنوات الخمس الفائتة من قتل وتدمير وتهجير ممنهج على يد نظام تقوده وتديره طغمة علوية، ويشكل العلويون عموده الفقري وقوته الضاربة. ولولا مشاركة قوات شيعية إيرانية وعراقية ولبنانية، بوجهها الطائفي السافر، وبإشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني، في هذه المقتلة، ولولا شعورهم الراسخ بأنهم مستهدفون بسبب سنيتهم فقط.

أنا لا أقول كلاما طائفيا بالتأكيد، ولست أنا من يفعل ذلك، إنما أحاول وصف الواقع بدون تجميل. كما أنني لا أقصد أنّ النظام طائفي، فهو ليس نظام الطائفة، ولا يمثلها ويمثل مصالحها، إنما يختطفها ويجيرها لمصلحته في لعبته الخبيثة للسيطرة على البلاد، وما كان ليتردد في سحق كل من يرفع صوته محتجا من أبنائها…

إن الحديث المكرور عن مخاطر تهدد الأقليات بسبب أكثرية سنية شريرة تتربص بهم، هو حديث ينطوي على قدر كبير من النفاق وقلة الوجدان والأخلاق، لأنه يتزامن مع رخصة دولية لنظام مجرم وحلفاء لا يقلون إجراما، بتنفيذ أكبر عملية وقتل وتهجير وتدمير عرفها التاريخ منذ عقود، بحق هذه الأكثرية. فهل أبناء الأقليات من البشر الذين تستوجب حمايتهم، وأبناء الأكثرية من غير البشر الذين يحل ذبحهم؟..

في هذا الصدد أشير إلى الوقائع الفاقعة التالية:
1.إن جلّ العنف المهول والتدمير الممنهج يقع على الأكثرية السنية، وفي مناطقها.
2.إن جلّ المهجرين والمشردين وسكان المخيمات هم من الأكثرية السنية.
3.إن جلّ مناطق الأقليات لم تتعرض ل 1% مما تعرضت له مناطق الأكثرية.
4.إن الحامل الرئيس للثورة هم أبناء الأكثرية السنية، وهم من قدموا الغالي والنفيس لأجلها.
5.لم يحصل أن عانت الأقليات من ممارسات تمييزية بحقها من قبل الأكثرية قبل الثورة، أقلها منذ رحيل العثمانيين.

إذن، منطقيا وأخلاقيا وحقوقيا، نرى أن الأكثرية السنية هي من تتعرض للظلم والاعتداء، وهي الأَولى بالحماية من غيرها، كما أن حماية الأقليات لا تستقيم بتحطيم الأكثرية وإذلالها، لأن ذلك يضاعف حجم الخطر على الأقليات مئات المرات، بينما يفترض أن يكون الشرط الطبيعي والرئيس لحماية الأقليات هو وجود أكثرية واثقة ومطمئنة ومحفوظة الكرامة. وسأستغل هذا المنبر لأطالب أصدقائي الفرنسيين والأوربيين بالعمل الفوري على حماية الأكثرية السنية في سوريا لأنها هي من يتعرض للعنف والتجويع والتهجير والإبادة، ففي ذلك انتصار لقيم الإنسانية ومبادئ حقوق الإنسان أولا، وفي ذلك مدخل رئيس لاستقرار وأمان باقي الأقليات ثانيا، وفي ذلك إطفاء لشرور مستقبلية مستطيرة لن يسلم منها أحد، حتى من الأوربيين.

الآن، وبعد ان حصل ما حصل (وما زال يحصل) للأكثرية السنية، أصبح هناك فعلا خوف شديد من ردات فعلها الانتقامية تجاه المكون العلوي والشيعي بشكل خاص، وبدرجة أقل تجاه الأقليات الأخرى حسب موقفها من النظام والثورة، وأصبح من الصعب تجنب ذلك أو تطويقه، إلا بجهود جبارة صادقة يبذلها جميع أصحاب القرار والتأثير في الشأن السوري، تبدأ بوقف هذه الحرب المجنونة وبإيقاف مضخات الحقد والكراهية التي تغذيها، وعلى رأسها نظام الأسد وحلفاؤه، ثم توفير شروط قيام عدالة انتقالية لمحاسبة مجرمي الحرب وكل من ساهم في تغذية هذه المقتلة، والعدالة الانتقالية هي خير دواء لتهدئة النفوس وانتزاع شأفة الحقد والكراهية، والانطلاق السليم نحو المستقبل.

نادر جبلي

كاتب وحقوقي سوري

رئيس الأمانة العامة لحزب الجمهورية

http://www.rp-syria.com/blog/archives/58605

About عمر الحبال

عمر الحبال
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.