حول القوانين الجديدة التي سيناقشها البرلمان التونسي

الدكتور محمد شحرور

يثار لغط في العالم العربي حول القوانين الجديدة التي سيناقشها البرلمان التونسي، بين مؤيد يرى فيها انتصاراً لحقوق الإنسان، ومعارض يراها خروجاً عن الإسلام ومخالفة له، وقد يكون المعارض محقاً إذا قال أنها خروج عن الفقه الموروث، أما الإسلام فهذه القوانين لا تخالفه قيد أنملة.
وكنت قد التقيت أعضاء من البرلمان التونسي من حزب النهضة وحزب نداء تونس، أثناء زيارتي لتونس في نيسان / أبريل من هذا العام، وكانت نصيحتي لهم أن الله احترم إرادة الإنسان في التصرف في ماله وهو على قيد الحياة، واقترحت أن ينص القانون على وجوب تطبيق وصية الإنسان بماله وفق النسب التي يريدها وإلى من يريد، وفي حال عدم وجود الوصية يطبق القانون وفق النسب التي تقترحونها، فمن لم يوص فقد وكل الدولة بالوصية عنه، وقلت لهم أنكم بمخالفتكم للفقه وقعتم في حضن التنزيل الحكيم، وأعتقد أنهم قد أخذوا بنصيحتي.
فالإنسان خلق حراً، والله تعالى احترم إرادته في شتى المجالات، وإذا كانت الشرائع القديمة مفعمة بالعقوبات والبنود المقيدة، فإن الرسالة المحمدية قد جاءت رحمة للعالمين، وخففت من العقوبات، واستبدلت الشرائع الحدية بشريعة حدودية، محورها الإنسان بصفته خليفة في الأرض، اجتاز مراحل عدة للوصول إلى جدارته بالخلافة، وأهم ما يميزها حريته.


والرسول محمد (ص) وضع حجر الأساس للمساواة بين الناس، وإعطاء المرأة حقوقها، فلا تمييز بين الجنسين، وإنما التمييز بين الناس وفق الكفاءة كل في مجاله، وبالتالي يجب أن يحق للمرأة ما يحق للرجل من منحها جنسيتها لأولادها، واكتسابهم اسم عائلتها، وغيره.
وأما المثلية الجنسية ففي قوننتها خروج عن الحدود، لكن تدخل المجتمع لا يصح إلا في حال ممارسة العلاقة علانية، علماً أنه لا يوجد في التنزيل الحكيم أي ما يمت للقتل بصلة فيما يخص العلاقات الجنسية.
وعلينا أن نعلم أنه كلما كانت الممنوعات قليلة كلما كان ارتكابها أقل، لكن مجتمعاتنا اعتادت النفاق، فيرتكب فيها آلاف المحرمات من عقوق للوالدين وأكل أموال الأيتام وقتل للنفس واغتصاب وتحرش وغش وشهادة زور، ولا يهتز لها جفن، لكنها ترتجف أمام تغيير يطال شعارات الفضيلة الزائفة التي تتغنى بها.
أحيي تونس على جرأتها، وأنا على استعداد لمناقشة القانون أمام البرلمان التونسي، ولا أظن أن حزب النهضة سيعارضه.

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.