النبيّ موسى ..حقيقة أم أسطورة ؟ ( الجزء الأول)

بقلم : عضيد جواد الخميسي

تعتبر شخصية موسى (حوالي 1400 قبل الميلاد) واحدة من أهم الزعامات الدينية في تأريخ العالم ، وعليه فإن الديانات الرئيسية ، اليهودية والمسيحية والإسلامية ، وكذلك الديانة البهائية الأقل انتشاراً ، تؤمن بحقيقة موسى على أنه نبي مقرّب للرب ومؤسس الإيمان بالوحدانية .
نجد قصة موسى مذكورة في الكتب التوراتية من أسفار الخروج ، واللاويين ، والتثنية ، والعدد ، إذ لايزال الاهتمام بمضامينها وعِبَرها وتفاصيل أحداثها إلى وقتنا الحاضر ، وكما تعد مصدراً مهماً يمكن الرجوع إليها في شرح وتفسير الكتاب المقدس ، وأيضاً بمثابة النبوّة التي غالبا ما يُشار إليها في كتابات العهد الجديد.
يلعب النبي موسى دورًا كبيراً وبارزا في الديانة الاسلامية كما في الديانة اليهودية ، إذ يتردد اسمه في القرآن بالعديد من السور والآيات وهذا شيء ملفت حقاً ، فهو أكثر الشخصيات الدينية التي ذُكرت مراراً في نصوصه عندما أشير اليه بـ 115 مرة في سور مختلفة منه ، في حين ورد اسم النبي محمد لأربع مرات فقط !! .
تذكر لنا التوراة كما القرآن ، بإن النبي موسى هو الشخص الذي تمكن من أن يتحّدث الى الله بكل حرية ، ويُعرف على أنها معجزة إلهية قد حصلت في ذلك الزمان .[ ويكلم الرب موسى وجها لوجه كما يكلم الرجل صاحبه. (سفر الخروج 33:11) ] ،،[ ولن يقوم بعد نبي فِي إِسْرَائِيل مثل موسى الذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهاً لِوَجْهٍ (سفر التثنية 34:10) ] .
{وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى } {إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى }{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى } {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى } {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } طه 8-11

اشتهر النبي موسى من القصة التي ذكرت في الكتاب المقدس في سفر الخروج والقرآن باسم ” كليم الله ” الذي قابل الله وجها لوجه على جبل سيناء لتلّقي الوصايا العشر وقيادة شعبه وجميع العبرانيين تخلصا من العبودية في مصر بالخروج منها الى أرض كنعان.. الاّ إنه لم تُذكر قصة خروج اليهود من مصر إلاّ في كتاب التوراة الإغريقي فقط
(بنتيوك Penteteuch )
، وهو أول الكتب الخمسة من الكتاب المقدس وكذلك في كتاب القرآن الذي تمت كتابته في وقت لاحق.
لا توجد مصادر قديمة أخرى تسند القصة ولا يوجد حتى أيّ دليل أثري يثبتها، وقد أدى هذا إلى استنتاج العديد من علماء الآثار والباحثين بأن النبي موسى ليس سوى شخصية أسطورية قديمة ، وقصة الخروج هي بمثابة حكاية تراثية تم تداولها عبر الأزمنة فيما بعد.
وبالرغم من ذلك ، يحكي المؤرخ المصري ” مانيتون ” (القرن الثالث قبل الميلاد) قصة كاهن مصري يدعى “أوزرسف” قاد مجموعة من المرضى المصابين بالجذام في تمرد ضد قرار الفرعون والذي كان ينوي التخلص منهم بطريقة واخرى.
ويزعم مانيتون، أن أوزرسف رفض الشرك في الدين المصري الوثني ، ولتشبثه بالوحدانية ، غيّر اسمه إلى موسى بمعنى ” إبن من …” ( وعادة ما يتم استخدام هذا التعبير بالربط مع اسم إله “على سبيل المثال ، رمسيس بمعنى راعي موسى ، أي موسى ابن رع “) .إذ لم يكن من المفترض أن يربط أوزرسف إسمه بأي إله خاص به . وكما يبدو أنه كان يؤمن بابن إله حيّ لم يكن له اسما كأسماء البشر أو يمكن أن يُسمّى البشر به.

إن قصة مانيتون عن أوزرسف ( موسى ) لها صلة بما تحدّث به المؤرخ اليهودي ” فلافيوس جوزيفوس ــ يوسف بن ماتتياهو “( 37 ــ 100م) الذي كثيرا ما استند على قصة مانيتون في مؤلفاته ، وكذلك المؤرخ الروماني تاسيتوس ( 56-117 م) ليروي قصة مماثلة عن رجل يدعى موسى الذي أصبح زعيماً ويقود جماعة من المصابين بمرض الجذام في منطقة نائية من مصر . وقد أدى هذا بالنتيجة إلى اعتقاد عدد من الباحثين والعلماء (سيغموند فرويد ، و جوزيف كامبل) والتأكيد على أن موسى الذي ورد اسمه في الكتاب المقدس لم يكن عبرانياُ أبدا بل نشأ وترعرع في قصور البلاط المصري وما لبث أن صار كاهناً وشرع ليقود ثورة دينية كبيرة كي يرسي عقيدة التوحيد.
ربطت هذه النظرية عن موسى بقصة الفرعون أخناتون (1353 ــ 1336 ق.م) الذي نادى أتباعه للإيمان بالإله ” أتين ” ، والذي عدّ هذا الإله أكثر قوة وتأثيراً من بقية الآلهة حيث حصر انشطة جميع الآلهة المعروفة آنذاك بإله واحد وقام بتجريدها من جميع صفات القوة والقداسة وأضافها للإله الجديد، وذلك كان في السنة الخامسة من حكمه.
قد يكون إيمان أخناتون بعقيدة الوحدانية ولِد من دافع ديني حقيقي أو لربما كان ردة فعل ضد كهنة الإله آمون الذين أَثْرَوا كثيراً وأصبحوا أقوياء ومتسلطين وباتوا يهددون العرش وكيانه ، وبتأسيس فكرة التوحيد وحظر جميع الآلهة القديمة في مصر جعلت الملك أخناتون تحت تهديد حقيقي ومقصود للتاج من قبل الكهنوت بِرمَته.
النظرية التي قدمها كامبل وآخرون (ويتبعه سيغموند فرويد عن موسى والتوحيد في هذا الشأن) أن موسى كان كاهنًا لـ إخناتون وزعيماً أيضا لمجموعة تحمل أفكاراً مماثلة عن التوحيد ، إذ عمد بالخروج بهم من مصر بعد موت الملك أخناتون عندما كان ابنه توت عنخ آمون (1336ــ1327 ق.م) قد استعاد هيبة الآلهة القديمة والممارسات والطقوس الدينية والكهنوت بأكمله بعد وفاة والده ، بيد أن هناك حشد من العلماء والباحثين في وقتنا الحاضر يعتبرون موسى هو الملك إخناتون نفسه ، ويَرَون بأن قصة الخروج ماهي إلا سرد أسطوري ليس لها أي وجود، ولكنها كانت أيضاً محاولة جادة وحقيقية من قبل الملك أخناتون للإصلاح الديني في زمانه .

تم ذكر موسى من قبل عدد من الكتّاب الكلاسيكيين الذين يعتمدون القصص المشهورة والمعروفة في الكتاب المقدس، وكذلك من قبل أولئك الكتّاب القدماء الأوائل . وقد تكون شخصية موسى أسطورية والتي جرى الحديث عنها مراراً وتكراراً و محتملاً أيضاً أن تكون شخصية حقيقية لها وجودها ومكانتها في التأريخ ولكن أسندت إليها المعجزات والأعمال السحرية وبشيء من التهويل كما هو مذكور في كل من الكتاب المقدس والقرآن.
إن التحقق من سيرة حياة موسى وتاريخ خروجه الحقيقي أمر صعب ويستند دائما إلى تفسيرات كتاب سفر الخروج بالإضافة الى كتب أخرى من الكتاب المقدس ، وهذه بطبيعة الحال عادة ما تكون متضاربة ، ومن المحتمل بأن تكون قصة الخروج هي لكاتب عبراني قد عاش في منطقة كنعان وكان يرغب في أن يميز بشكل ملفت للاهتمام بين الشعب العبري وشعوب المستوطنات القديمة للأموريين في المنطقة ، لكن بالنتيجة فإن قصة شعب الله المختار بقيادة خادمه موسى إلى أرض وعدهم إياها الله قد أتت بثمارها ..

موسى في الكتاب المقدس
كتاب سفر الخروج (المكتوب عام 600 قبل الميلاد) ينتقل بالسرد في سفر التكوين (الإصحاح 37-50) عن يوسف بن يعقوب الذي بِيع في سوق العبيد من قبل إخوته غير الأشقاء وهم يشعرون بالغيرة منه ، وحتى ظهوره كشخصية بارزة في مصر الفرعون .
كان يوسف ماهرًا في تفسير الأحلام ، إذ فسرّ حلماً ذات يوم للملك وبدقة كبيرة بحيث توّقع مجاعة قادمة للبلاد ومن ثم قيامه بتولي مسؤولية وضع خطة ناجحة لمواجهة تلك المشكلة العصيبة وبالنهاية قد تمكن من ذلك ، وكمكافأة له على خدماته الجليلة لمصر وفرعونها سُمح له بجلب جميع أفراد عائلته إلى مصر والعيش فيها .
يفتتح كتاب سفر الخروج بذكر أحفاد يوسف العبرانيين الذين أصبحوا أكثر عددا في أرض مصر ، ومن ثم يفكّر الفرعون باستعبادهم خوفا منهم أن يقصونه ويستولون على مقاليد الحكم وبسط سيطرتهم .

يدخل موسى القصة في الفصل الثاني من الكتاب خلال حكم الفرعون الذي لم يُذكر اسمه ، وهو الذي كان ينتابه القلق من تنامي عدد الإسرائيليين وتوغلهم في أرض مصر بزمن قصير مما دعاه الى استصدار أمراً يقضي بقتل كل طفل ذكر. ومن هنا فكرّت أم موسى بأن تخفي ولدها موسى عن أعين جنود الفرعون ، وبعد ثلاثة أشهر من ولادته بدأت تقلق عليه فخشيت أن ينكشف أمرها فتُقتل هي ووليدها فقامت بوضعه في سلة مصنوعة من القش وتتركها لتطفو على مياه نهر النيل ، وبعدئذ تصل تلك السلة بالطفل الرضيع مع جريان ماء النهر بعد فترة وجيزة الى مكان حيث تستحم ابنة الفرعون ورفيقاتها على ضفاف نهر النيل ، فانتشلت الأميرة ابنة الفرعون الطفل من النهر وأسمته “موسى” مدعية اختيارها هذا الاسم لأنها “انتشلته من الماء” (خروج 2: 10) ، مما يجعل التأكيد على أن “موسى” يعني ” المُنقََذ “. وقد حلّ الجدل على هذا الاسم منذ ذلك الحين ، وكما لوحظ فإن كلمة “موسى” في مصر الفرعونية تعنى ” الولد “.

تربى موسى في القصر الفرعوني المصري تربية ملكية ، وفي يوم من الايام شوهد موسى يضرب شخصاً مصرياً ويقتله بالحال لأنه كان يعذب عبداً عبرانياً ، وقام بعدئذ بدفن جثته في الرمال.
و في اليوم التالي ، عندما مرّ في سوق المدينة وبين عامة الناس رأى اثنين من العبرانيين يتقاتلان فيما بينهما فأمرهما بالتوقف ، وأخذ يسألهما عن سبب المشكلة ، فردّ عليه أحدهما ليجيبه بسؤال عما إذا كان ينوي قتلهما كما فعل بالمصري يوم أمس .
حينئذ أدرك موسى بأن جريمته أصبحت معروفة ، فشدّ رحاله وهرب من مصر الى ( مديان Midian) ، ومديان هي اسم قبيلة من العرب القدماء في شمال غرب الجزيرة العربية على الشاطئ الشرقي لخليج العقبة عند البحر الأحمر ، وتقع آثار مساكنهم بالقرب من مدينة البدع التابعة لمنطقة تبوك ويمتهنون الرعي .

في أحد الأيام ومن على أرض ميديان يقوم موسى بعمل انساني بطولي وذلك بمساعدة إبنة رئيس القبيلة أو كاهنها يدعى ( ” رعوئيل “، وبعد حين يسمى ” يثرون” في الخروج الثاني ــ أو شعيب عند المسلمين ـ ِ) واسمها ” صفورة ” في إرواء ظمأ قطيع اغنامها من بئر كان الرعاة قد منعوها هي وشقيقاتها بالسقي منها ، وبدوره قام أبوها بتقديمها لموسى مكافأة له على صنيعه كزوجة له .
بعد ذلك عمل موسى في مديان كراعٍ إلى أن صادف يومًا شيئاً غريباً قد حصل في المرعى ، إذ رأى إحدى الشجيرات تحترق بالنار ولكنها لا تتأثر بها .
النار كانت هي ملاك الله الذي جلب لموسى رسالة مفادها أنه يجب أن يعود إلى مصر لتحرير شعبه من عبودية الفرعون . ولم يكن موسى مهتمًا أبدا لرسالة الملاك ، ولكنه قال إلى الله بكل وقاحة وجرأة: ” أرسل شخصًا آخر بدلا مني ” ..!! ( فقال استمع أيها السيد أرسل بيد من ترسل ) (خروج 4: 13).
رب موسى كان ليس في حالة مزاجية للتساؤل حول اختياره !! ولكنه كان واثقا بأن موسى سيعود إلى مصر، وكان الملاك يؤكد له بأن كل شيء سيكون على ما يرام وأيضا سيكون لديه أخوه هارون لمساعدته في التحدث إلى الفرعون و قيامه بالمعجزات التي تمكنه من إقناعه على أنه يتحدث باسم الرب، لأن موسى بطبيعته يتلعثم في الكلام .
يعود موسى إلى مصر ، وكما وعده الله فجعل قلب الفرعون قاسياً على موسى وشعبه ، إذ كان موسى وأخوه هارون يتباران مع الكهنة المصريين بضروب من المعجزات على حد وصف كتاب الخروج في محاولة لإظهار إله كل منهما هو الأقوى والأجدر ، ولكن الفرعون كان غير مبالٍ لكل ما جرى وحصل.
وبعد سلسلة من الأضرار التي لحقت يدمار كل من البشر والأرض، فامتدت المنافسة بين الطرفين الى حد قتل جميع الأطفال من المواليد المصريين ، أخيراً وعند هذا الموقف سمح الفرعون للعبرانيين بمغادرة أرض مصر، وكما أمر ربّ العبرانيين بأن يأخذوا كل ما يملكون من كنوز الذهب والفضة وجميع ماشيتهم ، وفي طريق المغادرة غيّر الفرعون رأيه ، فقد صمم على طعنهم من الخلف والأنتقام منهم ، فقام بإرسال جيشه محمولاً على العربات والسعي ورائهم. وهذه القصة من أكثر الفصول إثارة في الكتاب المقدس .

صعد موسى الى الجبل ليقابل الله بعد وصوله وشعبه الى سيناء وذلك لتلّقي التعليمات والوصايا وعلى أن يقوم بدوره إبلاغ شعبه لاحقا ، فبعد مرور فترة طويلة على غياب موسى في الجبل بدأ أتباعه يقلقون وحسبوه قد مات بعدما شعروا باليأس والاحباط وطول الانتظار ، فطلبوا من أخيه هارون بأن يصنع لهم إلهاً يستطيعون أن يعبدوه ليلبّي طلباتهم في العناية والرحمة .
قام هارون بصهر الكنوز والمجوهرات في النار التي جلبوها معهم من مصر ليصنع لهم إلهاُ بهيئة عجل ذهبي كرّب يعبدوه .
رأى الله موسى ومن فوق الجبل ما فعله العبرانيين فأخبر موسى بذلك وأمره بالعودة والتعامل بحزم مع شعبه.
عندما نزل موسى الجبل ورأى شعبه يعبد الصنم ، غضب غضباً شديداً فكسر لوحي الوصايا العشر، ثم استدعى جميع الأتباع الذين ظلوا أوفياء له ولربّه إلى جانبه بما في ذلك أخوه هارون ، فأمرهم بقتل الآخرين من جيرانهم وأصدقائهم و إخوتهم وأقاربهم الذين أجبروا هارون على صنع الصنم لهم ( فقال لهم هكذا قال الرّب إله اسرائيل ضعوا كل واحد سيفه على فخذه و مرّوا و ارجعوا من باب الى باب في المحلة واقتلوا كل واحد أخاه وكل واحد صاحبه وكل واحد قريبه ) ،، ( ففعل بنو لاوي بحسب قول موسى ووقع من الشعب في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل ) ، ( و قال موسى املأوا أيديكم اليوم للرّب حتى كل واحد بابنه و بأخيه فيعطيكم اليوم بركة ) . ( خروج 32: 27،28،29).
وصِف هذا المشهد بأن “حوالي ثلاثة آلاف شخص” قُتلوا من قبل اللاويين المخلصين لموسى . بعد ذلك يقول الله لموسى إنه سوف لن يرافق الناس بعد الآن لأنهم “شعب صلب الرقبة ” وإذا ما رافقهم فقد ينتهي بهم الأمر ليقتلهم من خيبة الأمل فيهم !!. (و قال الرّب لموسى رأيت هذا الشعب وإذا هو شعب صلب الرقبة ) ( خروج 9:32 ).
وهنا نتوقف عند هذا المشهد الدامي ونطرح عدة تساؤلات منها ، ما هذا الإله الذي يرضى بسفك دماء آلاف البشر من عبيده الذين كانوا قد أُضطهدوا وعُذّبوا وعانوا ما عانوا من الذل والهوان على يد الفرعون وأتباعه؟ ولماذا يقبل هذا الإله بإبادة شعبه المختار وهو بنفسه رافقهم الى برّ الأمان مؤمنّاً لهم الطريق في الليل والنهار وأتاح لهم الطعام والشراب بعدما أجهز على جيش الفرعون في البحر ؟( لذلك قل لبني إسرائيل أنا الرب وأنا أخرجكم من تحت أثقال المصريين و أنقذكم من عبوديتهم و اخلصّكم بذراع ممدودة و بأحكام عظيمة ) .( خروج 6:6 ) . وهل هو أم غيره من الآلهة الذي قد وعدهم بأرض الأحلام التي تسعدهم وتنسيهم آلامهم وأحزانهم ؟؟ ( و أدخلكم إلى الأرض التي رفعت يدي أن أعطيها لإبراهيم و إسحق و يعقوب و أعطيكم إياها ميراثا أنا الرّب ) ( خروج 6 : 8 ) . وكيف له أن يكون إلهاً رحيماً وعادلاً ولا يرضى بالظلم وهو الغفور الرحيم ويرى بنفسه تلك الجريمة البشعة دون أن يحرك ساكنا لردع موسى الذي هدر دماء شعبه بعد أن تبعه الى هذه الأرض بأمر منه وبتدبير من نبيّه وأخوه ؟؟ وهل كان إله موسى متعطشاً للدماء الى هذه الدرجة من القسوة والوحشية ؟ أو ليس من العدل أن يكون القصاص من موسى نفسه دون غيره بسبب غيابه الطويل وتركه لشعبه دون وصية اطمئنان ، أو زعيم حكيم ينوب عنه كي لايتزعزع الإيمان به وبنبوّة موسى الذي دنّس قداسته عندما حطم لوحي العهد اللذين هو صنعهما وكتبهما بيده ؟؟ ولِمَ وَصف ذلك الإله شعبه المختار بالعند ولا يرتجى منه شيء ، وهو شعب ضعيف مسلوب القوة و الإرادة ؟؟ .
تلك التساؤلات وغيرها تدور في ذهني و لربما لدى الاخرين ايضا ، ولكن هل هناك من إجابة يمكن أن تكون واضحة وصريحة لتطمئن نفوسنا و ترضي عقولنا ؟؟..

About عضيد جواد الخميسي

كاتب عراقي
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.