جمعتني به إبنته الطبيبة الماهرة د. هنادي كزكز والمتزوجة من الطبيب الجولاني والباحث الماهر د. كفاح مقبل خلال زيارتها إلى بيروت.
الرجل التسعيني الجميل ‘محمد ضياء كزكز’ ابن حماه الجميلة، استعرض معنا عدداً من ذكرياته الممتعة.
إنتقلنا من عين العرب، حيث عُيِّن مديراً للناحية في مطلع شبابه إلى حماه فدمشق فالجولان الغالي (فيق). ذكريات عمرٍ من الخدمة العامة قضاها في خدمة الوطن.
تحدث عن عرب پيتار (الإسم العثماني) التي سميت في أول الثلاثينيات ‘عين العرب’ والتي كانت تقطنها أكثرية من الأكراد، انضمت إليهم أعداد من الأرمن اللاجئين من تركيا. كانت سكة قطار بنتها شركة ألمانية تفصلها عن الأراضي التركية. وسمَّى أهالي المنطقة التجمع السكني الناشئ كوباني (المقتبسة من كومباني أي شركة).
من ذكريات تلك المرحلة أنه بعد أن شاهد البيوت عبر الحدود يعلوها القرميد، نجح في إقناع سكان الناحية باعتماد الحجر لكسوة بيوتهم وأصبحت بيوت القرية حجرية تتميز على البيوت عبر الحدود.
كان هناك قاضٍ من حلب يستخدم اللغة العربية وعندما يمثل أمامه أحد السكان، كان الأمر يشبه ‘الحَمَّام المقطوعة ميتو’ إذ لا يفهم أيٌّ منهما على الآخر. استعان مديرنا بعشيرة ‘البرازية’ الكردية التي تجيد العربية (انتقل جزء منها إلى حماه- بيت البرازي المعروفين)، لكي تنتدب معاوناً للقاضي لشؤون الترجمة (تم إحقاق العدل).
جاءه يوماً طلبٌ رسمي بإرسال معلومات عن عدد سكان الناحية وكم فيها من الذكور والإناث. طلب من رئيس الديوان تزويده بسجلات النفوس فادعى عدم وجودها بإعتبار أنَّ معظم الناس كانوا بلا بطاقات هوية. وعند الإصرار، إشترط رئيس الديوان أن يهبه مدير الناحية بيتاً لكي يستقدم عائلته من حلب وعند ذلك سيقدم له كل المعلومات! ولما كانت الدولة تملك العديد من البيوت التي هجرها سكانها، فقد قرر الإستجابة لطلبه. بعد يومين أتى الرجل بورقة وعليها عدد السكان (شنكشة) وعدد الذكور (شنكشة) أما عدد الإناث فهو ناتج طرح عدد الذكور من العدد الإجمالي.
قال له الأستاذ كزكز، وكيف نثبت صحة هذه المعلومات؟
أجابه مدير الديوان: أنت أرسلها وإذا شككوا بها فليأتوا لكي يعِدّوا الناس. طبعاً لم يأتِ أحد!
تكلم السوري الأصيل طويلًا عن حياته المهنية وكنت أقول في نفسي ‘كم أنتِ جميلة يا بلادي من عين العرب إلى حماه إلى الجولان، حماكِ الله من الأبالسة’…