اوراق خليجيه

safielyaseriاوراق خليجيه
صافي الياسري
تقديم – هذه الرسالة نشرتها في الربع الاول من عام 2012 وفحواها ان التحدي الايراني يتعاظم في منطقة الخليج والجزيرة العربية ودولها وهو يسعى محموما للقفز الى ضفة الخليج الغربية على وفق وصية قديمة للشاه الى ولده حين قال له امنت لك الضفة الشرقية من الخليج وعليك الا تترك الضفة الغربية ،وحين سرق خميني ثورة الشعوب الايرانية واقتعد عرش الطاوس احتفظ بتلك الوصية وكأنها الوصية 11 التي لا يكتمل الدين والعقيدة ولا كيان الدولة الايرانية التي حملت اسم الجمهورية الايرانية الاسلامية خداعا الا بالالتزام بها،وقد اثبت ورثة الشاه خميني انهم اوفياء لتلك الوصية فوطدوا وجودهم في الارخبيل العربي – الفارسي وقفزوا الى الضفة الاخرى انما بغطاء ديموغرافي عشعش في البحرين والامارات التي تعمل فيها 12 الف شركة براسمال وايدي عاملة ايرانية وجالية مرافقة الله وحده يعلم عددها ونسبتها الى اهل الامارات وكذلك الامر في الكويت وقطر وعمان ،والسعودية التي اقامت ايران اوثق العلاقات مع منطقتها الشرقية على اسس طائفية ،والشرقية السعودية سفينة تعوم على بحيرة من البترول ،وسكانها يتعرضون بسبب انتمائهم المذهبي الى حملة تطويع ذهني وديني طائفي ايرانية شرسة ،منذ قبض الخميني على السلطة في طهران ،والشرقية والبحرين هما الخاصرة الهشة للسعودية او الخاصرة الينة امام المدية الايرانية ،وهذه الخطوات انما هي تمهيد للخطوة اللاحقة – القفزة الاحتلالية او الاستحواذية- ولو بالنيابة – على هذه البلدان بعد تثبيت ما بني من قواعد ،تماما كما حصل في اليمن ،قاعدة المثلث الجنوبية لمحاصرة السعودية ،وفك الكماشة الغربية الايرانية التي يمثلها خليج عدن ومضيق باب المندب – فمضيق هرمز وجزر الامارات واقليم – الخليج الفارسي – هو الفك الشرقي لتلك الكماشة ،التي ستطحن دول الضفة الشرقية وحتى السعودية كما تقتضي الوصية الشاهنشاهية او الربانية الحادية عشرة ، وكما يهدد اليوم خامنئي وعسكره ومسؤولو نظامه ، وما تقدم وواقعة السعي الايراني المستدام حتى اللحظة ، للقفز على اليمن عبر طابورها الحوثي ومن ثم الهيمنة على باب المندب ،يبدو واضحا ومبررا وضروريا ما قامت به دول التحالف العربي في عاصفة الحزم لقطع اذرع النظام الايراني الذي صدم بقوة لهذا التحرك وكان يظن دول المنطقة خرافا لصمتها الطويل على تجاوزاته ،ومن هذا المنطلق كان هذا المقال قبل ثلاثة اعوام من احداث اليمن والقفزة الايرانية المتوقعة على ضفة الخليج الشرقية ،والدعوة الى الارتقاء بالشكل الاتحادي لدول مجلس التعاون الخليج الى الكونفدرالية الخليجية ،وتوحيد القوى الخليجية بعامة وفي المقدمة العسكرية منها ، وضم اليمن الى تلك الكونفدرالية ،وهو المسار الذي تجري عربات الدول الخليجية عليه راهنا كما يبدو ظاهرا،وكما كشف تحالفها في عاصفة الحزم الذي طور قاعدة درع الجزيرة الى تحالف ضم القوة العسكرية لدول الخليج التي انضم لها كل من المغرب مصر والسودان والاردن ،وحضي بتاييد اميركا وتركيا وباكستان ودول اخرى ،ثم طلب اليمن ضمه الى دول مجلس التعاون .
ومع ان هذه الخطوات تاخرت ثلاث سنوات على دعوة هذا المقال الذي بين بصراحة مخاطر فرقة دول الخليج واستمرار اعتمادها الحليف الغربي والاميركي الذي سياتي يوم ويسحب نفسه من هذه الحماية ما لم يبع من يحميهم لمن يشتري على وفق مقتضيات مصالحه ،وهو ما يجري اليوم – اميركيا – بذريعة الكف عن التدخل في شؤون المنطقة وان على دولها ان تتحمل عبء مشكلاتها بنفسها ،الا انها استيقظت حين احرقت النار ذيلها اليمني ،وبكل صراحة ومرة اخرى مع كل تقييمي الايجابي لعاصفة الحزم – ليس خليجيا وسعوديا وحسب – وانما عربيا – الا انها ما زالت دون ما هو مطلوب وما زال التحالف العربي هشا ، ويحمل معه هوامش الخلافات القديمة التي يمكن ان تنقلب الى متون ربما نسفت وحدة الموقف والامال التي بنيت عليه ليعود الحال اسوأ مماكان .
ومقالي موضوع اعادة النشر سبق ان نشرته صحيفة الوطن البحرينية – تحت عنوان – اوراق خليجيه – بعد عام من المؤامرة التي قادتها ايران على البحرين في شباط 2011 ،ومع انها فشلت باستجابة درع الجزيرة لتحدياتها تماما كما هو الحال مع اليمن ومؤامرة الحوثي عليها ، الا ان الاوضاع في البحرين لم تستقر تماما – ليس بعد عام من وقوعها وحسب وانما حتى الان – وقد وصلت البحرين يوم 26 من كانون الثاني 2012 ليستقبلتي المراهقون ومغسولو الدماغ المتبرئون من انتمائهم الوطني المرحلون امعات الى الانتماء الطائفي ، في طريقي من المطار الى احد فنادق العاصمة بزجاجات الموتولوف مستهدفة الشرطة في شوارع جزر المنامة التي يستوطنون ،وبمناخ سياسي تحريضي متصاعد من رجال دين طائفيين امتهنوا السياسة باوامر ودعم ولاية الفقيه الايرانية و…
أوراق خليجية: التحدي الإيراني في الخليج العربي والاستجابة الضرورة / صافي الياسري
2012-03-11 — 18/4/1433
________________________________________
لولا فهم الضرورة على وفق قاعدة التحدي والاستجابة، لكان العديد من منجزات الحضارة التكنولوجية الانسانية التي نعيش واقعها الان، في غياهب العدم، فلولا تفاحة نيوتن على سبيل المثال، لم يكتشف الانسان ان تحدي الجاذبية الارضية بايجاد ما ينفيها يمكن من الطيران، واذكر نيوتن هنا واستعيد قوله )كل جسم في الكون يؤثر بقوة جذب على جسم آخر ومقدار هذه القوة يتناسب طردياً مع صاحب جذب الكتلتين وعكسياً مع مربع المسافة بينهما) واعتذر من المؤرخين العرب الذين ينسبون اكتشاف الجاذبية الارضية الى (أبو الريحان البيروني) مستندين الى ترجمة الاوربيين لقوله (إن الأجسام تسقط على الأرض بسبب قوى الجذب المتمركزة فيها)
الضرورة للطيران كانت على وفق ما تقدم هي الاستجابة لتحدي الجاذبية الارضية بما ينفيها، وفي الضرورة الخليجية، لاستمرار وجود وعروبة دول الخليج واستقلال ارادتها، في مواجهة تحدي الاستحواذ والتمدد، التهديد الايراني القائم والمتصاعد، هو بلا جدال كما انا على يقين، الاتحاد الكونفدرالي الخليجي، الذي بدات شعوب دول الخليج قبل انظمتها تفعيل الخطى نحوه على بطئه .
ويمكننا قراءة ذلك في وقائع المؤتمر التأسيسي لمجلس اتحاد شعوب الخليج (شعب) بهدف السعي لتوحيد دول مجلس التعاون والاحواز الذي اختتم اعماله قبل ايام قلائل في العاصمة البريطانية لندن بالاعلان عن نظامه الاساسي واهدافه ومواقفه تجاه النظامين الايراني والسوري والاتحاد الخليجي العربي.
واعلن المؤتمر في بيان صحفي تشكيل الأمانة العامة للمجلس على ان يكون فيصل بورمية أمينا عاما حتى 2015 والكويت دولة المقر ولن نخوض قي تفاصيل ما اسفر عنه المؤتمر ولكننا نركز على ما تم الاتفاق عليه واكده بيان المؤتمر، وهو السعي لدعم الجهود الرسمية والشعبية لإقامة اتحاد كونفيدرالي حقيقي بين دول الخليج العربي وضم الاحواز لها, ودعم النهج الاصلاحي في شتى المجالات, بما يحقق تطلعات وآمال شعوب المنطقة. ودعوته جميع المواطنين, ومؤسسات المجتمع المدني, والفعاليات الشعبية في الخليج العربي والاحواز, إلى المشاركة في تحقيق أهداف المجلس.
وأن “الأمن بالخليج العربي وصد المخاطر الخارجية, لن يتعزز إلا من خلال دعم النهج الاصلاحي وتعزيز الشراكة الكاملة, بين الأنظمة والشعوب, بما يكفل عزة وكرامة المواطن ويحفظ حقوقه, على أساس من العدل والمساواة, ويحقق سيادة الدول والأوطان واحترام حقوق الإنسان)) وبين البيان ان المجلس كمؤسسة مدنية اعتبارية مستقلة يهدف الى “تعزيز الهوية العربية الاسلامية لشعوب الخليج والاحواز العربية, ووحدتها لمواجهة جميع المخاطر المحدقة بها وتعزيز الإصلاح السياسي للوصول الى المشاركة الشعبية في كل دولة, ويؤدي إلى قيام إتحاد شامل وكامل بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي والاحواز العربية.
(( ومع الاسف فان هذا المؤتمر وبيانه وضعا على الرف ولم نعد نسمع عنهما أي شيء كما هي عادة العرب الذين يقولون ما لا يفعلون ))
والاستجابة الشعبية الخليجية كما ارى، تاتي في مواجهة منظومة تحديات ايرانية في الخليج والمنطقة والعالم، يتوجب على دول الخليج التعامل معها من منظور واقعي عملي، لا كما اعتادت، تهاونا، او خدرا، الاعتماد على ردود افعال الحامي الاجنبي، وبخاصة بعد ان اكتشفت ان هذه الردود لا توفر لها ما تطمح اليه من حماية الوجود والاستقلالية قدر ما توفره للحامي من مصالح، يمكن معها بييع دول الخليج برمتها لقاء صفقة مصلحية مع ايران او من يسير في فلكها، كما ان الظرف الراهن الذي تعيشه المنطقة، والتهديدات او التحديات المحلية والمناطقية والدولية، التي بدأت تطرح نفسها على ارض ومياه الخليج، تتطلب استجابة ذات خصوصية خليجية، خصوصية شخصية هذه الدول وهويتها وطابعها المفترض الثبات، ومن هذه التحديات او ابرزها، تحديات الربيع العربي، وطروحات الحرب الغربية الاسرائيلية على ايران على خلفية ملفها النووي، وما يمكن ان تجر اليه هذه الحرب ان وقعت او لم تقع، واقول ان وقعت وان لم تقع وارجح التوقع الاخير، لاني اتعامل مع فكرة الحرب على ايران على انها الاكذوبة التي يجب ان تصدق وبخاصة خليجيا، لان الخليج العربي ودوله، هي الارض الحرام لهذه الحرب شئنا ام ابينا، ولن ينفع اي اجراء ولا اية سياسة في نفي هذه الحقيقه .
وبخاصة ان منابر اعلامية عديدة غربية وشرقية لها اغراضها، ومن يتبعها دون معرفة، او بحكم الانسياق وراء قناعات تؤكد ان هذه المنابر لا تقبل ارتكاب الغلط، او انها اكثر ادراكا ومعرفة واطلاعا وقدرة، وما الى ذلك، باتت تروج راهنا لحرب لابد واقعة على ايران تشنها اسرائيل بدعم اميركي او بدونه، لمنع ايران من دخول منطقة (الحصانة النووية)، ومصطلح الحصانة هذا يراد به ارهاب دول المنطقة، من ايران نووية مقبلة حتما، لاغراض متعددة ابسطها ان تسلم هذه الدول زمام امرها الامني ومن ثم الاقتصادي والسياسي، لاميركا والغرب، لقاء الحماية من البعبع او الاسد الايراني ذي الانياب النووية الموهوم؟؟ وعلى سبيل المثال استعرض المفكر المبدع الدكتور عبد الستار الراوي في مقاله الرائع المعنون (ولاية الفقيه النووية وسيناريوهات الحرب) الذي نشرته الوطن في عددها الصادر الاحد 26 فبراير الماضي ليلملم بعقله النقدي سيناريوهات الحرب ويضعها في إطار التصورات النسبية، بين (نعم) و(لا)،) وهو مقال اراه يترسم تشخيصا دقيقا لهذا الوضع الرجراج الذي يتموضعه العقل النقدي العالمي في موقفه من اكذوبة الحرب على ايران، من زمن بعيد، وهو يذكرنا برعب اميركا من تكرار تجربة صحراء لوط ان لم يذكرنا بخشيتها من تكرار تجربة افغانستان قبل العراق، والدكتور الراوي اذ يؤشر ( منطقة الحصانة) التي تتحسب امريكا واسرائيل ان تدخلها ايران افتراضا، فانما ينطلق من مثابات عسر او امتناع او استحالة وجودها لكنه يثبتها كفكرة لدى الاخر، وهو يدخل هذا المدخل كما عهدناه موضوعيا، يترك للمتلقي فسحة كبيرة للحكم دون ان يفرض رايه،وهو ما اود ان اتوسع فيه قليلا هنا.
يقول الدكتور الراوي سيناريو منطقة الحصانة ان:
immunity region
هو المعضلة الكبرى التي تواجه الولايات المتحدة وحلفاءها في وضع سيناريوهات عاجلة وسريعة لاستباق الزمن قبل أن تجتازه إيران في حيازة السلاح النووي بما يجعلها قوة دولية رادعة أي وصول طهران (منطقة الحصانة)، وعندها يتعذر الاصطدام بها أو الاقتراب من الولاية النووية. هذا هو التخوف الأمريكي الأكبر الذي لن يوقفه، في تقدير خبراء الحرب، سوى استباق الزمن بتوجيه ضربة إجهاضية للأهداف والمراكز النووية الإيرانية للحيلولة دون امتلاك طهران السلاح الذري،)) وهو هنا يستعرض سيناريو او فكرة دخول ايران منطقة الحصانة بامتلاكها القنبلة الذرية، الراي الذي بات يروج له الكثيرون، وبخاصة اصحاب المنابر التي تعتمد التخويف، والتي تجد في الاسد النووي الايراني خير وسيلة لبيع سلع الرعب، واود ان اضيف اني ارى ان مفهوم (منطقة الحصانة)، الذي ينظر له بعض المحللين والكتاب والمتابعين السياسيين، وكانه جغرافيا او جزيرة معزولة حصينة قائمة بذاتها، وهي بالنسبة لهؤلاء في ما يتعلق بالنظام الايراني – الحصول على السلاح النووي – مجرد فهم ساذج وسطحي وتبسيطي، فلم تعد القنبلة الذرية بوابة للدخول الى ما يسمونه منطقة الحصانة الموهومة، وهي برايي منطقة غير موجودة على الاطلاق راهنا، اذ انها كما يفترض تعني توفر منطقة امنية عسكرية اقتصادية سياسية اجتماعية ثقافية متقدمة ومتفوقة ولا يمكن اختراقها بله الحاق الهزيمة بها؟؟ وهي على هذه الاشتراطات منطقة اسطورية غير موجودة واقعا، الى ذلك فان اي خلل في احد اركانها يمنعها من ان تحمل توصيف الحصانة، ولا يمكن للقنبلة الذرية وحدها مهما كان عديدها وقوتها ووسائل نقلها البعيدة المدى والدقيقة الاصابة، ان توفر حصانة تامة؟؟ واحسب ان هذا هو فهم امريكا لمعنى منطقة الحصانة الذي يستعرضه الدكتور الراوي باشارته الدقيقه اللماحة،وبالتالي انصرافها لتنشيط العقوبات الاقتصادية ضد ايران،( التي تستقتل الان لرفعها في مفاوضاتها الحالية – لوزان 2015) والسماح لاسرائيل بتهديدها، الى ذلك فان عدم القدرة على استخدام القنبلة الذرية في الراهن العالمي في الحروب،يضعها على الرف سلاحا حاميا وتهديديا، ويعيد الاعتبار بقوة الى الاسلحة التقليدية المتطورة والذكية، وعلى وفق ما تقدم فان ايران ليست مرشحة والى مدى زمني بعيد او مستحيل، لدخول منطقة الحصانة، حتى لو افترضنا انها دخلت النادي النووي،وهذه الحقيقة لا تعني تعجيز ايران، انما من الجانب الاخر، تمنحها مجالا حيويا للمناورة والتهديد، عبر تنمية درعها وترسانتها التقليدية من الاسلحة الدفاعية والهجومية، ومنظومة الاستخبارات الفضائية والالية والبشريه،لا بل قد يمكنها هذا من اعتماد ثغرات عديدة للهجوم لاغراض التمدد في مجالها الحيوي القريب، في العراق والخليج،( هذا تثبيت لنظرة مستقبلية يمكن قرائتها على واقع زحفها على اليمن ) على سبيل المثال، والمناورات الايرانية الاخيرة في الاسبوع الاخير من فبراير الماضي،دليل جلي على ما نقول، وما ارى ان فكرة الاتحاد الكونفدرالي الخليجي معه،باتت ضرورة استراتيجة، تمثل طوق النجاة لهذه الدول،او انها الخط الفاصل، بين الوجود المستقل، والكيان المحتل او الدائر في فلك التبعية، والخاضع للنفوذ والهيمنة الايرانية، أوالمسلوب الارادة باتفاقات الحماية الاجنبية،في اقل توصيف، واحسب ان المقاومة الايرانية، وهي تقلل من شأن الضربة العسكرية الاسرائيلية او الاميركية او الغربية الاسرائيلية، للمنشأت النووية الايرانية، لمنع دخول ايران منطقة الحصانة المتوهمة، وطرحها فكرة التغيير من الداخل، او ما يسمى (الخيار الثالث) قد وضعت اصبعها على الجرح، محددة ان ايران في منطقة الحصانة النووية وخارجها تحت نظام ولاية الفقيه، خطر محدق بالمنطقة والعالم، يجب اعتماد فكرة ازاحته، عبر العمل على تغيير النظام بدعم المعارضة، وليس بالضربة العسكرية.
والان لنطرح السؤال الذي بات الجميع يطرحه ويبني على اجاباته صورة العالم اثناء وما بعد ضرب ايران او الحرب على ايران، وما اذا كانت اسرائيل او اسرائيل واميركا والغرب بعامة في طريقهم الى ضرب ايران، وما اسميته بالاكذوبة التي يجب ان تصدقها دول الخليج العربي وتتحوط لها، تنقل الزميلة هدى الحسيني بهذا الصدد عن دبلوماسي غربي ردا على جملة اسئلة وجهتها له قوله: «إذا كان سؤالك، عما إذا كانت إيران على الصعيد العسكري قادرة على ردع إسرائيل من شن هجمات عليها، فالجواب: لا. والشيء الوحيد الذي يمنع إسرائيل من ضرب إيران هو السياسة الأميركية.
ليس لأن أميركا ستغضب من إسرائيل، هذا لا يهم، وليس لأنها قد تؤذي إسرائيل، فهذا لن يحدث، لأن الأميركيين يدركون خطر دفع إسرائيل إلى الزاوية، وبالتالي لن يفعلوا.
وإذا وقعت الحرب، قد يسمحون لبعض المواقف المعادية لإسرائيل بالمرور في الأمم المتحدة مثلا، أو قد يخفضون من دعمهم المالي».
خوف إسرائيل الحقيقي، أنه مع الرئيس باراك أوباما، إذا بدأت بغارات على إيران، فإن أميركا لن تتبعها أو تساعدها.
ويوضح: «يقول الإسرائيليون، إن أي رئيس أميركي آخر، كان سيقول إنه غير متحمس للخيار الإسرائيلي، ولكن ما قامت به إسرائيل، فرصة للمشاركة في العمل العسكري ووضع إيران تحت ضغوط قوية».
ويضيف: «يتخوف الإسرائيليون من أن تتوصل إدارة أوباما إلى نتيجة، لأنها لم تشجع على الضربة، وبالتالي لن تشارك فيها، أو – وهذا هو الأسوأ – أن تقول لإيران: إن إسرائيل هي الطرف السيئ ونحن الطرف الجيد، تعالوا لنبدأ بحوار بين واشنطن وطهران!».( وهو ما حدث فعلا عبر مسلسل التفاوض مع ايران )
وتعقيبا على اقوال هذا الديبلوماسي، فان العالم عليه الا يسمح لايران بدخول النادي النووي لان ذلك سيدفع دولا عديدة لدخول النادي النووي لحاقا بايران وعلى وفق متغيرات المعادلة الاستراتيجية السياسية والامنية والاقتصادية العالمية،اقليميا مثل تركيا والسعودية والامارات ومصر وسوريا، ودوليا كالبرازيل وفنزويلا والارجنتين التي اجزم انها قطعت مشوار طويلا على مسار امتلاك القنبلة الذرية، كذلك اليابان التي لم تفكر كما يملي دستورها في التحول الى دولة نووية، او قوة هجومية، في مواجهة التهديد الكوري الشمالي والصيني، يمكن القول باحتمال انها ستعيد صياغة استراتيجياتها امام التهديدات الاستراتيجية العالمية المستجدة التي ربما طرحها امتلاك ايران السلاح الذري، وما قد يجر اليه من هيمنة على على منابع النفط في الخليج العربي والعراق روح اليابان الصناعية ودول النمور الاسيوية، او مصادر الطاقة، وليس اليابان ودول النمور وحدها من ستستشعر هذا الخطر وتتحوط له، بل هناك قائمة تضم عشرات الدول التي ستسعى لدخول النادي النووي، وما يجر اليه ذلك من بروز احتمالات اخطار تكمن في امكانية ارتكاب احدى هذه الدول خطأ يجر العالم الى وضع كارثي، ما يلزم وجوب منع ايران من دخول النادي النووي، انما ليس بالضرورة عن طريق الضربة العسكرية او الحرب، بل كما تقول المقاومة الايرانية عن طريق تغيير النظام، وهو ما اجده ايضا حلا مثاليا وان كانت الانظمة الاستبدادية القمعية صعبة التغيير، لكن معطيات الربيع العربي مع انظمة بن علي ومبارك والقدافي والان مع الاسد، ابرزت واقعا اخر ربما انطبق على ايران، وهو ما يدفعني بقوة للتاكيد على الخيار الاتحادي الخليجي في مواجهة التحديات الايرانية .او بمعنى ادق تصديق اكذوبة الحرب خليجيا .يقول الدبلوماسي الغربي ايضا، هناك احتمال لوقوع الحرب، وهناك حاجة لقصف إيران من جهة، لكن من جهة أخرى، هل ستشارك أميركا فيها؟ لا أحد قادر على إعطاء الجواب، حتى أوباما نفسه. لكن إسرائيل ترى أنها تملك القدرة العسكرية اللازمة، انما الإدارة الأميركية، تسرب إلى كل وسائل إعلامها، بأنها لا تريد هذه الحرب».وهي معلومات حقيقية في البعد الزمني الممتد حتى عامين اخرين ترى امريكا ان ايران تحتاجهما، للحصول على قنبلتها الذرية، التي اراهن على انها انما تبغيها لاسباب داخلية (لتثبيت حكم نظام ولاية الفقيه ) اكثر منها لاسباب اخرى، وان كان يجب التاكيد على عدم اهمال تلك الاسباب . حتى تهديدات اوباما الاخيره التي اعلنها في رسالته الى نتنياهو يمكن تفسيرها على انها رغم حدتها رسالة تطمين لاسرائيل لا رسالة تهديد لايران، مع انها تفهم ظاهريا على انها تهديد مباشر وشديد، بتحرك عسكري أمريكي ضد إيران إذا فشلت جهود كبح طموحها النووي لكن كابح هذه الشدة يبرز في تحذيره اسرائيل من ضربة استباقية إسرائيلية لإيران/ فقد قال اوباما «كرئيس للولايات المتحدة .. أنا لا أخادع.»
ويمكننا هنا ونحن نقرأ رسالة اوباما استعادة ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز مطلع هذا الاسبوع من ان الولايات المتحدة تمر بما يُعد في بعض المعايير أطول فترة من الحروب في تاريخها، بمقتل أكثر من 6300 جنديا أميركيا وإصابة 46 ألفا آخرين في العراق وأفغانستان، وتكاليف يُقدر أنها ستبلغ 3 تريليونات دولار، وانه على الرغم من ذلك، يكتسب الحديث عن خوض حرب مع إيران نبرة حادة في الأسابيع الأخيرة. واعتبرت الصحيفة انه في الوقت الذي تثير الحرب سجالاً حول ما إذا كانت الصحافة تضخم مسألة إنتاج قنبلة نووية، اوضحت هناك فارق مهم هو أنه في العام 2003 صورت إدارة بوش العراق على أنه تهديد داهم، فيما يبدو ان مسؤولي إدارة أوباما وأجهزة الاستخبارات الأميركية اليوم حريصون على تهدئة الوضع؟؟
احسب اني حتى الان تمكنت من تحديد التهديد النووي الايراني، وان بخطوطه العريضه، وأوضحت امكانية دخول ايران منطقة الحصانة، من عدمها بسبب عدم توفر خطوط منظومة هذه الحصانة لايران الراهن، وعدم كفاية القنبلة الذرية وحيدة لتوفيرها، والظرف الغربي وبخاصة معاناة اوربا الاقتصادية، وامريكا على خلفية استزاف طاقاتها في افغانستان والعراق، وبعبارات اكثر دقة، يمكن للقاريء الان معرفة مغزى اكذوبة الحرب التي يجب تصديقها، في ما يتعلق برد الفعل الخليجي، في توجه دوله نحو الاتحاد، وبخاصة انها تواجه التهديد الايراني المباشر وبكل صوره في البحرين، التي تعد النقلة الايرانية الاولى، او الكوبري الذي يجعلها تطل على بقية دول الخليج لتنفيذ خطواتها التمددية على البر والبحر.

About صافي الياسري

كاتب عراقي في الشأن الإيراني
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.