تقول العقيدة الإسلامية بأن الله هو أفضل الحاكمين, وهو أفضل العادلين وبأنه قسّم كل شيءٍ بين عباده بالعقل وأعطى كل إنسان ما يستحقه من الرزق ومن الصحة وأنه فضل بعض الناس على حساب البعض الآخر..و..إلخ وبنفس الوقت يقدمون له الصلوات ليل نهار من أجل أن يشفق عليهم ويغير قراراته, وهذا معناه أنهم غير راضين فعلا عن قرارات الله وقوانينه وأحكامه, فلو كانوا راضين بحكم الله لَما اعترضوا عليه من خلال الدعاء له والتوسل عنده وتمرّغ جباههم بالصلوات عند قدميه من أجل أن يغير ويبدل في قراراته وأحكامه, ولستُ أدري كيف يقولون عن الله بأنه أحكم الحاكمين وبأنه أعدل العادلين وبنفس الوقت يدعونه من أجل أن يغير ويبدل, فعلى الأقل يجب أن يرسو على بر وأن يتخذوا هم القرار المناسب من أجل أن يثبتوا على نوعٍ واحد من الإيمان, فبمجرد تقديم الصلوات له والدعاء له بتغيير الأحوال فهذا معناه أنهم غير راضين عن قراراته, وهم لا يعبدونه إلا من أجل أن يغير ويبدل قراراته التي يعتبرونها قرارات مصيرية وللأبد.
فهذا الفقير قد ضاق ضرعا بفقره, وهذا المريض سئم حياة المرض,وهذا يريد أن يخرجه الله مما هو فيه, وكل إنسان يدخل المسجد ويصلي ويدعو الله أن يغير حاله إلى حالةٍ أخرى, وهذه المرأة تدعو الله أن يرزقها بالبنين لأنها لا تنجب أبدا, وهذه لم يعطها الله إلا الإناث وتطلب من الله أن يعطها ذكرا واحدا, وهي بنفس الوقت, وهم بنفس الوقت, وهن بنفس الوقت يؤمن بأن الله أفضل العادلين وأكرم الأكرمين, ومع كل هذا الكل يطالب الله بالعدول عن قراراته.
مثلا هو الذي يبتلي الناس بالأمراض أو بالفقر ومع ذلك يصلون له من أجل أن يغير قراره بتعديل حالتهم من الفقر إلى الغنى ومن الجوع إلى الشبع ومن المرض إلى الصحة, وفي الثقافة الإسلامية هنالك الكثير من المتناقضات التي لا تُعدُ ولا تُحصى , وأهمها: أن الله شديد العقاب, وبنفس الوقت هو الرحيم, وهذه أخطاء وقعت فيها العقيدة الإسلامية عن غير قصدٍ منها, فقد أراد محمدٌ أن يجمع الآلهة المتعددة التي كانت العرب تعبدها ليجعلها كلها صفات لإلهٍ واحد وهو الله, فبدل أن تعبد الناس المنتقم وأُناسٌ آخرون يعبدون المتسامح, وآخرون يعبدون الغفور وغيرهم يعبد المتكبر…إلخ, جمعها محمدٌ كلها في إلهٍ.
ومن ثم أن الله لا يفدي عباده بنفسه ولا يقدم من أجلهم أي ضحية بل على العكس هم من يضحون بأنفسهم من أجل أن يرضى عنهم الله, ولكن المنطق يقول بأن القوي هو من يضحي بنفسه من أجل الضعفاء العاجزين عن تقديم الضحية, فالضعفاء لا يملكون ما يضحون به من أجل الله, والضعفاء, والأقوياء الحقيقيون لا يقبلوا من الضعفاء أن يضحوا من أجلهم بل يشفقون عليهم لهذا السبب بالذات ولذلك هم من يضحوا لأنهم أقوياء وقادرون على تقديم الضحية.
ومن المتناقضات الأخرى في العقيدة والثقافة الإسلامية قولهم: أن هذا الرجل غني وثري قد أعطاه الله المال الكثير والرزق الكثير فقط لأنه تقي ومؤمن جدا ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة وملتزم بكافة الفروض, وهذه قد فهمناها جميعا وهو أن الله يرزق المؤمن جدا, ولكنهم في نفس الوقت يقولون: أن هذا أعطاه الله ورزقه رزقا كثيرا لأنه فاجر ويريد أن يمد الله له في الرزق أكثر, وهذا دليل على فهمهم الخاطئ للعقيدة السماوية وخلطهم بين ما هو سماوي وما هو وثني قديم.
إنهم على الأعم الأغلب يريدون تفصيل الله ورسمه حسب ما يؤمنون به هم وعلى حسب أفكارهم ومعتقداتهم وثقافتهم البدوية, فكل أمة من الأمم ترسم الله كما تؤمن به هي وليس كما هو الله على طبيعته, تماما كما قال أحد فلاسفة الإغريق: لو أتيح للبقر أن ترسم الله لرسمته بذيل وأربعة أرجل, إن العقيدة الإسلامية نسخة طبق الأصل عن المجتمع الرعوي البدوي العربي, وهي تعبير صادق عن مفهوم هذا المجتمع للسياسة وللحرب ولكيفية سيادة رئيس القبيلة والهيمنة على أفرادها, وهذه ليست شريعة سماوية بل شريعة أرضية اختلطت فيها المفاهيم وتنوعت فيها التشريعات , مثل قانون تعدد الزوجات, فتعدد الزوجات شريعة بدوية, ولو أن محمدا حدد للمسلمين زوجة واحدة ولم يحلل لهم السبايا والجواري لَما آمن بدعوته عربيٌ واحد أو لنقل : لآمن به نفرٌ قليل, ولو أنه لم يحلل لهم الغزو والنهب والسلب لَما آمن به أعرابي واحد, لأنهم في الأصل أمة غزو ونهب وسلب يعيشون على هذه الشاكلة.
وبالتالي هم غير راضين عن قرارات الله في أغلب المسائل ويريدون تعديلها, ولما رأوا أن رزقهم قليل دعوا الله أن يغير حالهم وأن يرزقهم أكثر وبهذا استمعوا لمحمد وللخلفاء بأن يغزوا الأمم المجاورة وينشروا دين الله ظنا منهم أن الله سيغير حالهم إلى ما يطمحون إليه, لذلك خرجوا إلى الأمم المجاورة لغزوها لأنهم غير راضين عن حالهم, أخرجهم جوعهم إلى فتح العراق وبلاد الشام ومصر القبطية.