اللغة العربية المتخلفة اجتماعيا

يقول الفيلسوف (سبنسر) : إن ألتوق إلى العظمة هو الإحساس بالضعة.turkbride

لم أقرأ طوال حياتي عن شعب يقدس لغته كما هم المسلمون وإذا سألتهم لماذا يقولون لأنها لغة أهل الجنة واللغة التي تتحدث فيها الملائكة وكأن ملائكة الله من قبائل عربية يمنية أو بحرينية وهذا من السخف بمكان يجعل أساتذة اللغة والسياسيين يفتخرون بالتخلف وبالرجعية وبعدم قدرتهم على التواصل وعلى الاتصال بالشعوب الأخرى , ولكل الناس والأديان كتب مقدسة ولكنهم لا يعتبرونها مقدسة , وكل شعوب الأرض لديها أديان ومعتقدات ولا يعارضون التطور والتقدم الاجتماعي ولا أحد من شعوب الأرض يتطلع للوراء كما هم العرب والمسلمون بل على العكس كل شعوب العالم لديها طرائق مختلفة للصلاة وللعبادة وبنفس الوقت لا يقمعون أحد ولا يعارضون تحرر المرأة , إن المسلمين يعارضون تحرير المرأة وتحرير اللغة وتحرير الإنسان من الخرافة ومن البدعة , ولم أسمع عن شعوب أخرى أنها متخلفة كما هم العرب المسلمون .

اللغة كائن حي يتأثر بما يتأثر به الكائن الحي العادي من طفرات التغير ,وتجري على كافة لغات العالم تغيرات وتطورات وتداخلات أجنبية وغريبة وتصبح مع مرور الزمن جزءً لا يتجزىء من اللغة الأصلية وتصبح بعض الكلمات الأجنبية والدخيلة على اي لغة عادة اجتماعية من عادات الناطقين بها .
واللغة العربية دخلتها كلمات غريبة وأجنبية بفعل استعلاء الحضارتان اليونانية اللاتينية والرومانية وبعض هذه الكلمات مثل :
-قنص  canis

orcherstre رقص

أحب agappo

feudum : فدان

قرطاسgartas

logos لغة

قلم calamus

zoograph رسم الحيوان

تاريخ-أو- قديم-arch

Bourg برج

عقار ارض acare

زكاة Decat

justice عدل قسطاس

قاض judge

sif سيف

قرية Gure

castle قصر

جليد Gelid

وهذه الكلمات قليلة جدا وأردت هنا إن أختار عينة منها ومن الأمور والكلمات المعاصرة (جاكيت كمبيوتر راديو تلفزيون تلفون) : وسيأتي يوم يدافع به أنصار الفصحى عن هذه الكلمات باعتبارها عربية وذلك مع تقادم الزمان
.
وسنرجع هنا للكلمات التي اخترناها لكم في بداية المقال ونتتبع كلمة القنص اي قنص ولا يوجد في اللغة العربية اي مصدر اشتقاقي لها فقد كان الرومان يخرجون للصيد وبمعيتهم كلاب الصيد وكانوا يسمون الكلب باسم

conic

كنص ودخلت هذه الكلمة إلى اللغة العربية بمعنى الصيد فأصبح العرب يطلقون على خروجهم للصيد فعل قنص فأصبحوا يقولون: نريد إن نخرج للقنص و للقنيص.

وكذلك نطلق اليوم على الأرضية اسم :البلاط أو البلاطة وهي من أصل روماني ولاتيني وأنكليزي

ballet:

وكلمة

Ducat

هي كلمة لاتينية ومعناها العشر اي أنهم كانوا يستعملونها للدالة على العُشر من كل شيء سواء أكان مالا أو شعيرا أو ذهبا وحين أراد العرب حسم اي شيء من ما يملكون كانوا يسمونه العشر استنادا إلى القواعد الرومانية في العد والحساب.

وان اللغة العربية مرت عبر السنين الطويلة قبل الإسلام وهي بلا حضارة حتى بداية العصور الوسطى وهذا فقط في الحجاز العربي باستثناء بابل وآشور ……..الخ

بعض أو غالبية الكلمات المستخدمة اليوم ترجع أهميتها إلى قوة علم مخترعيها لذلك فأننا نستخدم بعض الكلمات الانكليزية واصطلاحاتهم بسبب وجود قوة علمية واقتصادية عند أصحابها .

واللغة العربية اليوم هي لغة سلفية تعيدنا إلى الماضي إما اللغة الانكليزية فأنها لغة مستقبلية بفضل ما تفرضه علينا من مخترعات ومكتشفات وتطورات وبما إن العرب اليوم في حالة ركود ثقافي واقتصادي فأنهم على الأغلب غير قادرين في الوقت الحالي على فرض كلمات جديدة ومصطلحات جديدة ولا يريدون أن يكونوا متطورين ومتقدمين لذلك يجنحون إلى القديم في كل شيء حتى في أسلوب الحكم لأن الأنظمة الحاكمة حالياً هي أنظمة سلفية رجعية متخلفة بالية .

إن هذا الكلام ليس طعنا بلغتنا المقدسة لأنه لا يوجد شيء أسمه مقدس بل هو تفسير للظواهر الاجتماعية ولانتقال الكلمات من لغة إلى لغة وقد ضربت مثلا من الكلمات المستعملة في الوقت الحاضر للدلالة على حسن النية وكما نستخدم اليوم كلمات غير عربية هي مقارنة للتوضيح :إن العرب استخدموا في ألماض كلمات غير عربية وأصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية في ألماض والحاضر .

إن لغات العالم كله متداخلة في بعضها البعض وهذا ليس حكرا علينا نحن بل هي ظاهرة عمومية في كل لغات العالم وكما استخدم الذين من قبلنا كلمات غير عربية كذلك نستعمل اليوم كلمات غير عربية مثل :

الجاكت والسويتر والتلفزيون والراديو والكمبيوتر والبلاط والباكيت والبسكويت .

وهنالك أيضا كلمات سريانية ما زالت في لغتنا العامية في الأردن وسوريا وفلسطين والعراق ما زلنا نستخدمها حيث كانت هي الأصل قبل دخول الإسلام علينا وما زالت هذه الكلمات شائعة مثل :

زوم- اي بمعنى دور فتقول النساء غسلت الزوم الأول من الغسيل -وهي تعني : الدور الأول من الغسيل

وكذلك كلمة برطع …… وقد ذكرت كل ذلك حين تحدثت عن السريان وآدابهم في منطقة بلاد الشام.

كل العرب يتوقون إلى العظمة لإحساسهم بالضعة الحقيقية وبالفجوة بين أنظمة حكم سياسي متخلف وبين أنظمة حكم سياسي واجتماعي غربي متطور لغوياً وتقنياً وقانونياً.
ثقافة الاتصال بين الدول العربية لا تنبعُ من تقديس اللغة العربية الفصحى فهذا الكلام هو (ضحك على اللحى والشوارب) فهل اللغة العربية سبباً يجعلنا مع بعضنا البعض ؟ إن هذا الكلام على العكس غير صحيح فاللغة العربية الفصحى تزيد من البعد بيننا وبين الاتصال بالآخرين , فنحن غير قادرين على التواصل مع أنظمةً اجتماعيةٍ حديثة بسبب ضعف في تقدم النظريات الفقهية الاجتماعية فما زالت الأسرة تحتفظ ببعدها الاجتماعي التقليدي من خلال حفاظها على المزايا الكلاسيكية في أسلوب العلاقة والنشأة التطورية بين الفرد وطاقم المجتمع , وتحث العائلة على تعلم الأحاديث النبوية وآيات القرآن من أجل استنباط طرائق قديمة للتعايش بهدف المواجهة مع المجتمع المدني الحديث وبهذا تبقى اللغة عاملاً أساسياً يؤدي بالفرد إلى فقدان التواصل مع المجتمع المدني الحديث , وإنه من المستحيل الدخول في التكنولوجيا الحديثة بمعزلٍ عن التكنولوجيا الاجتماعية الحديثة , لقد دأب الخليج العربي ومعه الدول العربية الأخرى في بداية السبعينيات إلى استيراد التكنولوجيا المُعلبة والمغلفة لكي تملأ بها البيوت العربية مثل الأدوات المنزلية الكهربائية والأغذية وبنفس الوقت تريد الدول العربية الوقوف في وجه التكنولوجيا الغربية الاجتماعية المستحدثة من اقتصاد السوق الحديث وحركات التغيرات الاجتماعية في العادات والتقاليد ووظفت الدول العربية لذلك أجهزة القمع وعلى رأسها أساتذة اللغة من أجل إشعار العرب المسلمين من أن لغتهم لغة مقدسة لا يجوز تركها ولا يجوز المساس فيها .

فمعظم أساتذة الأدب العربي يقولون ما يقوله الناس العوام عن اللغة ولا يوجد فرق بين أستاذ دكتور بروفسور وبين رجلً عادي يجلس على باب إحدى الدكاكين أو المقاهي, ولا يوجد فرق بين أستاذ بروفسور وما يقوله وبين ما يقوله خطيب الجامع يوم الجمعة وما تقوله أمي وما يقوله أي شخص لا يقرأ ولا يكتب , يقول أستاذ دكتور بروفسور على شاشة التلفزيون الأردني ليلة الأمس:أن اللغة العربية منذ أكثر من 1400سنة وهي محافظة على قواعدها , ويفتخر في ذلك علماً أنه يجب أن يشعر بالعار وبالخزي من هذه الظاهرة وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على الجمود في عالم الأدب وعلى عدم التقدم نهائياً فمنذ 1450 سنة وأكثر ونحن نكتب بنفس اللغة ونحاول أن نبدع الشعر بنفس اللغة ,والقوالب الجاهزة ما زالت منذ 1450 سنة على ما هي عليه وحتى اليوم لا يوجد تطور ولا تقدم في أساليب التعبير نهائياً.
عدم التطور في اللغة ليس هو المتجمد الوحيد في القارة العربية فأيدا قوانين السياسة وقواعد علم الاجتماع والحرية والديمقراطية كلهن غير متطورات وكلهن متجمدات مثلهن مثل اللغة لذلك ثقافة الاتصال مفقودة بين الدول العربية والمجتمعات العربية وبين الأنظمة الاجتماعية الحديثة القائمة على إطلاق الطاقات الشبابية ودعم الإبداع العام والخاص في كل المجالات , والدول العربية مترهلة لغوياً وإنسانياً واجتماعيا وثقافياً.

الإنسان العربي المسلم مليء بالخردوات وهي كلها أدوات تتشابه مع بعضها بعضاً ولا يمكن أن تتصل تلك الخردوات بتلك التقنيات العالية الجودة اجتماعياً, فأدوات اللغة العربية الفصحى هي خردوات بالية وأنظمة الحكم السياسي أيضاً خردوات بالية لأنها قائمة على القديم كما هي اللغة قائمة على أنظمة قديمة , فالمواطن العربي يُمجد الحاكم العربي كما يُمجد اللغة ويجعل للحاكم قدسية كما أنه يجعل للغة قدسية , ويقدس الأنظمة الفقهية القديمة كما يقدس قوانين وقواعد اللغة القديمة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم تقدمنا لأننا لو تقدمنا فعلاً لهجرنا الفقه القديم وهجرنا معه اللغة التي كتب فيها , وكذلك النظام الاجتماعي العربي هو نظام خردوات قديم قائم على المحافظة على القديم , وهنا تتفق كل دعامات المجتمع العربية مع بعضها البعض بأنها خردوات بالية وتافهة والعرب بهذا لا يصلحون لقيادة العالم نحو الحضارة الحديثة والعرب لا يصلحون لتقديم برامج فكرية حديثة والعرب لا يصلحون للحداثة ويجب على العرب أن يتخلوا عن اللغة العربية الفصحى أو التي يعتقدون بأنها فصحى وهي ليست من الفصحى في شيء , اللغة العربية لغة فقيرة ومتخلفة ولا تستحق أن نقوم بتدريسها في الجامعات والمدارس والكليات العلمية والمعاهد يجب اليوم أن نقوم بفتح علمي جديد وهو اللغة العامية الحديثة وأن تكتب كل دولة حسب ألفاظها , ثم أنني أريدُ أن أضيف شيئاً مهماً وهو أننا لسنا عرباً لا نحن ولا المصريين ولا العراقيين فإما أن نكتب بلغتنا العامية الحديثة وإما أن نكتب بلغاتنا الوطنية التي ماتت بسبب الاستعمار الإسلامي لنا .

وإذا كان هنالك من يقول : اللغة العربية الفصحى تجعل المغربي يفهم على الأردني والأردني يفهم على السوري وعلى الخليجي أما إذا تحدثنا باللهجات العامية فسيضيع الاتصال بين الأقطار العربية وهذا الكلام ليس صحيحاً فالاتصال اليوم ليس باللغة وإنما بالاتصالات المتطورة العادية ونحن نقرأ بالانكليزية وبالفرنسية ونفهم ما يقولون , ثم ما الحكمة من أن نفهم على بعضنا البعض؟
العراقيون داخل العراق أشلاء ممزقة ويحكون نفس اللجة (شوك ما كو) ومع ذلك اللغة ليست وسيلة لاتحاد العراقيين سياسياً مع بعضهم وهي ليست سبباً لاتفاق الأردنيين مع العراقيين أو مع أي دولة أخرى.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in الأدب والفن, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.