التعليم السعودى.. مستعمرة إخوانية

«يا وطن وكأنك غربة! وكأنك تبحث فى قلبى عن وطن أنت ليؤويك. نحن الاثنان بلا وطن. يا وطنى».

التربية الوطنية منهج استحدثته السعودية ضمن مناهج التعليم بعد أحداث 11 سبتمبر، بعدما تم اكتشاف أن سنوات الجهاد بأفغانستان وسنوات تكوين التيارات الجهادية قد أنتجت أرواحاً لا تؤمن بالوطن ولا المواطنة، همها الأول وولاؤها لخارج الحدود.

جاء هذا المنهج لينمى روح الولاء والانتماء. طبعا كثيرون انتقدوه كونه لا يحوى مواد فاعلة لتحقيق أهدافه، وهناك من انتقده متهما إياه بالضعف. لكن أحدا لم ينتقده بصفته مكملاً لمشروع الإخوان. ودليلا على تغلغل فكرهم داخل أروقة التعليم السعودى. ومثال أطرحه من منهج التربية الوطنية للصف الأول الثانوى، الذى يستشهد بعبارة تطعن فكرة المنهج من أساسها:

تقول العبارة «والوقت كما قال الشهيد حسن البنا هو الحياة…»، هذا ما يدرسه التلاميذ. إعادة إحياء للتطرف وتغليفه بغلاف خارجى يتبع وزارة التربية والتعليم، وكتب على الغلاف: الوطنية. إن كان الموكلون بمهمة تنظيف ما أفرزه الإخوان من عمالة للتنظيم ومبايعة للمرشد بكل ما تحمله من تبعات، إن كانوا هم أنفسهم عملاء للتنظيم. فمن سينظف الفوضى؟

حسن البنا شهيد. وأحاديث مؤسس الإخوان شريعة للحياة. هذا ما أطلقوا عليه إصلاح مناهج التعليم.

كيف نحلل التناقض بين منهج يهدف لتأسيس روح الوطنية، فيما تستدل دروسه بأقوال من قام فكره على معاداة الوطنية.

يقول أستاذ التاريخ الدكتور صالح السعدون إن حسن البنا اسم عائلته الساعاتى، لكن اسم البنا ألحق به نتيجة فكره المنتمى للبنائين الأحرار أو الماسونية.

التعليم محتل من الماسون. التعليم السعودى بشهادة من العاملين فيه ليس سوى مستعمرة إخوانية. هم يتحكمون منذ الستينيات بما يتلقاه طلبة العلم، فى المدارس والجامعات وجمعيات تحفيظ القرآن التى ابتدعوها للترويج عن سقطاتهم. بمعنى آخر يسيرون أفراد الشعب بأكمله. ماذا نقرأ، ماذا نكتب، وكيف نفكر.

فرض الإخوان الرقابة على كل الحياة.

فى فترة من الفترات، كان مفتش المطار يبحث فى جيوب المسافرين عن مخدرات أو حشيش. وعن كتاب. أى كتاب. ليمزقه أمامنا أو يصادره. وأعتقد أن كل فرد سعودى واجه مثل هذا الموقف وقتها. كنا ومازلنا لا نقرأ الكتاب إلا مهربا تماما كالبضائع الممنوعة. فالمعرفة إثم. المعرفة تكشف حقيقة جرائمهم لذلك حجبوها عنا.

منعوا الاختلاط بالتعليم وتمكنوا من ذلك. بحجة أنه حرام. قبل أيام كنت أستمتع بمتابعة مشهد الحج المهيب فى جو من الاختلاط أعداده بالملايين. أعداد تفوق مرتادى سوق أو طلبة وطالبات مدرسة. ويريدوننا تصديق أن الاختلاط حرام.

كل الرسوم والصور بالمناهج رسم على رقاب الأشخاص فيها خطوط تقطعها تعنى أنهم بلا حياة. لأن التصوير كان حراما وقتها.

وبالطبع فإن سيطرتهم على التعليم كانت تخول لهم التحكم حتى بالمبتعثين للدراسات العليا، فتقطع المنحة عمن يخالفهم الرأى أو يعترضون على فكره.

كلنا نذكر حكاية الكاتب والأديب المبدع سعيد السريحى، الذى رفضوا منحه شهادة الدكتوراة من جامعة أم القرى بعدما صادق عليها مجلس الدراسات العليا بسبعة أشهر، بحجة أنها مخالفة لقيم ومناهج الجامعة، لأن صاحبها حداثى، وكلنا نذكر حكاية أستاذ اللسانيات بجامعة الملك سعود حمزة المزينى، الذى حكموا عليه بالجلد والسجن لمجرد عدم توافقهم مع أفكاره لمقال عنونه (انحسر التنوير مثلما اختفت البسمة من عسير)، وقامت الدنيا لأنه علق على أوضاع جامعة الملك سعود وما آلت إليه من انغلاق واختفاء النشاطات الثقافية والفنية والاجتماعية التى كانت سائدة فيها.

مصطلحات مثل ليبرالى. علمانى. ملحد. إسلامى. شباب إسلامى، كلها مفردات أدخلها الإخوان للتعليم لضمان التشرذم وإشاعة الكراهية وإبقاء الوطن تحت احتلالهم. فالوحدة تمزقهم ولا حياة لهم إلا بأجواء الفوضى والفتنة.

لم نحظ بحياة تعليمية مثل الآخرين. لم ننشد للوطن. لم نقرأ إلا خفية، حفظنا الشعر خفية، غنينا خفية، من يعوضنا؟ لن أتوقف عن المطالبة بمحاكمات علنية. للإخوان، لأعوانهم لكل من مارس فكرهم وشارك بالتخريب عن رغبة أو عدم رغبة. بعدها أنا متأكدة أن صيفا مشمسا بانتظارنا.

وفى مقال قادم. المستعمرة رقم 2 الإعلام.

About نادين البدير

كاتبة صحفية سعودية , قناة الحرة
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.