شطور لاتبكي راح ابعثك إيفاد

حينما كنا صغارا كان أهلنا “يخوفونا” بالشرطي اذا بكينا او عاندنا في إطاعة الأوامر، رغم ان بعضهم طور هذا التخويف الى”قشمرتنا”بالحلويات.
ولان الدنيا تتطور ومنها دنيا العوراق العظيم فقد تم إلغاء هذا التهديد الى طراز اخر اعتمده أولي الامر منا في المنطقة الخضراء تلاها رؤساء ومدراء عامين في اجهزة الدولة المحروسة.
مثال 1:شاب تعين للتو في وزارة التخطيط بوساطة أمه او ابيه يشعر بعد ايام بانه حزين ولا يستطيع النوم ليلا بفعل الإرهاق في العمل فهو سارح في البيت قليل الأكل كثير الشراب بل وكثير النوم.
تأتيه أمه وتسأله عن حاله فيجيبها بحزن:
أنا متعب يا أمي فالعمل أرهقني ولابد ان اجد وسيلة لارتاح.
تجيبه أمه وهي تسمح بيدها على رأسه :
الحل موجود يا حبيبي ،جهز نفسك فبعد غد توفد على حساب الوزارة الى اي بلد تريد.
يقول لها:
ولكني …
تقاطعه أمه وهي تبتسم:
بلا ولكن ولاهم يحزنون، انت تعرف أني مدير عام وأبوك مدير عام هو الاخر ويمكنك ان توفد الى اي مكان تريد بدون ان تفعل هناك اي شيء ،تسترخي فقط وتقضي الأيام التي تريدها وتصرف بدون”وجع قلب” وترجع وانت في عز النشاط ولا تنسى هدية ماما.
ينهض ويقبل أمه ويتمتم:
انت أحلى ام بالدنيا.
مثال رقم2:
في وزارة الكهرباء شاب صدر امر تعيينه قبل ايام حسب مواصفات”شهادته”،ولم يمض أسبوع حتى ذهب الى المدير ،وهو عمه،وطلب منه ان يقبل استقالته لان هذا النوع من العمل لايروق له.
فرد العم بعد ان صفن قليلا:
ولايهمك عمو سابعثك في إيفاد الى اي مكان تحبه وحين تعود سانقلك الى وظيفة تأخذ منها راتبك وانت في البيت..ماشي عمو؟ المهم لا تنسى هدية عمو.
مثال رقم 3:
وزارة التربية تحتاج الى قرطاسية الى المدارس الطينية ولابد من إيفاد احد المختصين لاستيرادها من بلاد المنشأ ،وبعد ساعات وقع الاختيار على قريب احد المدراء في دائرة التخطيط والمتابعة.
أسبوع في ايران وشهر في ارض الله الواسعة.
في الجعبة أمثلة كثيرة يشيب لها الرضيع خصوصا وان المليارات تتراقص امام الأعين وكأنها تقول: على عنادك يا ابن الخايبه.
فاصل من على كرسي الاعتراف : قالت احدى الصحف العراقية أمس”اعترف رئيس الوزراء نوري المالكي أن نتائج الانتخابات المقبلة ستكون “سيئة”، وأن المواطن العراقي “غير حريص او محب للحكومة” بسبب مالاقاه من الحكومات السابقة.
وكعادته اتهم رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، اليوم الاحد، المعارضين للعملية السياسية بـ”استغلال” الفساد الاداري والمالي في الدعاية الانتخابية”.
ياناس اعترف رئيس الحكومة بوجود فساد ولكنه كعادته يعطيها الأذن “الطرشة”.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.