<< الناس معادن خِيارُكم في الجاهلية خِيارُكم في الإسلام إذا فقهوا >>
لا يوجد صدفة فى الكون فلو وجدت الصدفة لأختلف الكون …
إذن هى الأخلاق, فهل الدين مصدر الأخلاق ام الأخلاق مصدر الدين ؟ الأخلاق دين الفطرة, و الفطرة سمة ربانية و جزء من مكنون الخَلَق.
قوله صلى الله عليه و سلم << لأتمم >>, هو فعل كان فى الماضى موجود و رسالته لترسيخ هذا الموروث الأنسانى ففى الجانب المهم فى صناعة اخلاقيات المجتمع فى بداية العصور الإنسانية هى وضع آلية أمنية, تمنع التعدى على حقوق الغير سميت ” بقانون الأخلاق النسبى ” آنذاك, فمع تطور الأنماط السلوكية و الاقتصادية و المدنية, أدرج تحت المفهوم الأخلاقى ما يريده البشر العاديين و الساسة والحكام و رجال الدين والحكماء من تسييس فكرة الأخلاق الفطرية لمصلح السيطرة على المجتمع حتى تم تشويه فكرة الأخلاق بصور العالم الحديث المسيسة لكل شيء و لمصلحة القلة الفئوية الحاكمة تحت أي مسمى.
فما كان فى السابق عيباً, اصبح اليوم حراماً, و هو اليوم حرام فى المستقبل يصبح كسراً لقدسية الحرام و هكذا يولد المولد و يولد مولد آخر فى حركة يخلو منها التأمل فى الأشياء و مراجعه الفكرة الأولى ة الفوضى فى عمق قاتل.
الناس معادن … المعدن لغوياً و ليس فيزيائياً قوة و صلابة الشخصية الإنسانية فالمعدن صلب البنية و حتى لو دفنته فى الماضى يبقى صلباً و هكذا الأخلاق و <<خياركم افضلكم>> و المعنى واضح فمن كان على خلق نقل تراثه الى المستقبل عبر جيل الذى رباه ومن كان طفيلياً نقل طُفَيله للجيل الآخر فهى إذن نبتة تسقى بماء و الشمس كفيلة بخروجها من ظلام التراب.
فالرسول عليه الصلاة و السلام, يسمى الأمين فى الجاهلية, و الأمين أصبح رسولاً فى الإسلام, فهل هذا اعتباطاً ؟ إنه اختيار موضوعى لتحمل الرسالة ؟ فهو ذو خلق فى الجاهلية و حمل رسالة الأخلاق فى الإسلام … <<إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق>>
فهل الدين مصدر الأخلاق؟ أم الأخلاق مصدر الدين؟ و هل الأمم افتراضيا قبل الأديان لا يوجد لها اخلاق؟ وما معنى الأخلاق؟
للأخلاق مفهومين متلاحقين, متنافرين الجنس و السلوك الأنسانى حسب ثقافة العرب و المسلمين حالياً.
الزمن دوماً والآلة الاقتصادية و الحكومات لها يد فى صناعة سوق الأخلاق و تشويهه و تلوينه وتسييسه للمصالح, فكل شيء فى الحياة خاضع للسلطة: سلطة الرب و الأنسان, سلطة الرب الغير مرئية و انما من خلال رسل و سلطة الأنسان الأنانية المرئية من خلال انماط السلوك الآدمى الذى دوماً تكون مصلحته فوق كل اعتبار, وهذا واقع الحياة الجاف.
و لو فتشنا فى كتب التاريخ السحيق و هنا علينا التوقف عند كلمة ((كتب)) يعنى وجود حضارة مكتوبة وليس فقط مدنية ففى الكتب القديمة نجد ان مفهوم الأخلاق الأزلى لم يتغير فى تعاليم حامورابى و قلبت صفحتها و كتب عليها قوانين الكتب الأخرى و كأنها نسخة غير واضحة لمسلة حامورابى اول قانون للإنسانية, والأعشار التى نجدها فى التوراة و الإنجيل نجد لها تشابه فى المسلة الحامورابية و هذا يفسر انتقال التاريخ فى حركة نقل معلوماتية مبرمجة. الجديد ينسخ القديم و القديم الأول ارسل الرسالة الأولى و كانت الرسالة الوحيدة الغير مزورة.
ففى قوانين معابد بابل كان نمط الحياة الترفيهية فى المعبد و انماط السلوك فى المعبد تختلف كثيراً عن اليوم, فكان المعبد هو مكان تقديم الشكر للرب و تلاوة الصلوات و كذلك كان المعبد مكان للتسلية والترفيه بعد إنهاء الطقوس المعبدية, ففى اليابان توجد ثقافة الترفيه بعد انتهاء أوقات الدوام الرسمى, فيقضى الرجال بعض الوقت فى مجتمع (الكيشا) قبل الذهاب للبيت ومع تغير نسبى بسبب الظروف اللاقتصادية الجديدة بعد الحرب العالمية اثانية علماً بان اليابان تؤمن بدين الشنتوى, دين الشمس البابلية التى وصلت عبر ممر الحرير الدينى الذى انطلق من سومر الى زاردشت مروراً بالهندوس و الهنكده (المغتسلة و دين المياه) الصابئى و ركوب حصان الكونفوشية الصينية حتى بوابة الشرق البعيد اليابان, المانيا الشرق كما يطلق عليها تلك الجزيرة الالكترونية راعية النهضة الصناعية بدون استخدام السياسة و الحروب.
الأخلاق شلال يتدفق من الماضى و ركبت الأديان كلها فى قاربه حتى وصلت الى بر الأمان فى البر و بعد الشعور بالأمان تم تلوين تلك الثقافة و البس لباس البشرية و تأثرت بحاجات السوق فى آلية العرض و الطلب حتى لو بتشويه المنتج الأول.
تلك هى مقدمة لكى نصل بكم الى بر الحقيقة …
الأخلاق سبقت الأديان و الأديان لم تكن غير موجودة و لم يوجد فى الخليقة بالمفهوم التقليدى دين لا يؤمن بالرب فكل الأديان تشير بأصابعها الى فوق علامة وجود الإله الذى من خلال وسائل كثيرة يحاول الإنسان القيام بصلاة الشكر على منحنا تلك الحياة البائسة !
الحياة البائسة ليست خطأ الرب, و انما هى خطيئة الإنسان و هى احدث صور الأنانية و رفض فكرة المشاركة فى الكعكة الواحدة.
أما الأديان التى لا تؤمن بالله فقد ظهرت مع الفكر الصناعى فى بداية عهد الصناعة الحديثة مثل الدين الشيوعى, نعم الشيوعية دين و ليست فكرة سياسية, فلماذا يقول لينين نحن لا نؤمن بالله؟ إذن هى ليست حركة سياسية بقدر ما هى حركة رفض للدين ” دين الفطرة “. فالشرق دوماً كان متديناً يحمل معه اخلاقياته و بعد وصول الرسالات السماوية اصبحت الأخلاقيات محكومة بالكتب و غير قابلة للتغيير أو النقاش و توقفت حركة التمرد الأنسانى و التغيير فى قفص ذلك المولد الجديد و الجديد مولود .. والله من وراء القصد .. إذن فلا اصل موجود.