نبيّك هو أنت… لا تعش داخل جبّته! (2)

وفاء سلطان

معظم جهازنا العقائدي يتشكّل بناء على تجارب خضناها في الماضي. فالخلاصة التي خرجنا بها من تلك التجارب تستقر في اللاوعي لتشكل خيطا في نسيجه الفكري. ليست التجربة هي المهمة بحد ذاتها، وإنّما الخلاصة التي يخرج بها صاحب التجربة هي الأهم.

ولكي يتوصل إلى الخلاصة التي يتوخاها من خلال تجربته يركّز الإنسان عادة على جزء من تلك التجربة وليس على التجربة بأكملها، يختار باللاوعي الجزء الذي يتطابق مع قناعاته المسبقة.

جارتي العراقية، وعلى مدى مائة ميل، رأت الجمال الذي يحيط بها من كل حدب وصوب ولكنها لم تركز إلا على نقطة واحدة في تلك التجربة، ألا وهي ذلك الشحاذ الذي التقيناه في نهاية رحلتنا. ركّزت عليه كي تخرج بخلاصة تتوافق مع الخلاصات الأخرى المستقرة في اللاوعي عندها.

أمريكا في اللاوعي عندها لاشيء بل القبح والفجور، ولذلك رفضت أن تركّز على جمال الطريق كي لا تتعارض الخلاصة التي ستخرج بها مع اللاوعي عندها. ركّزت على الشحاذ كي تخرج بخلاصة تتوافق مع جهازها العقائدي.
……………………………………….
التركيز على جزء من التجربة وليس على التجربة كلها يدعى في علم النفس

Negative or Positive Selective

 ، بمنعى أن الإنسان يركّز على النقطة سواء سلبية أو إيجابية بشرط أن تخدم قناعاته السابقة.
أفضل من شرح تلك النقطة هو الشاعر العربي بقوله:
فعين الرضى عن كل عيب كليلة…….ولكن عين السخط تبدي المساويا

وهناك طرفة قرأتها مرة ورأيت فيها خير مثال لتوضيح تلك الفكرة: يحكى بأن رائد الفضاء السوفياتي الأول قام وبعد عودته من رحلته إلى الفضاء بزيارة زعيم الإتحاد السوفياتي يومها، فقال له الزعيم: اسمع أنا أعرف تماما بأنك رأيت الله أثناء تحليقك ولكنني أحذرك من أن تبوح بذلك لأحد. فصمت الرائد، ثم تابع طريقه لزيارة بابا الفاتيكان، فقال له البابا: اسمع أنا أعرف بأنك لم تر شيئا يثبت وجود الله، ولكننني أحذرك من أن تبوح بذلك لأحد! كل منهما يرفض رؤية الحقائق التي تتعارض مع قناعاته التي تُبرمج اللاوعي عنده.
……………………………………….
قد ينظر رجلان من النافذة في يوم ممطرفيصيح أحدهم: انظروا لقد ملأت الوحول والأمطار كلّ الشوارع، بينما يقول الآخر: لقد انقشت الغيوم ولمع قوس قزح في السماء!

كلّ شيء نركّز عليه يصبح مع الأيام جزءا من قناعاتنا، ويغدو بالنسبة لنا اعتقادا راسخا.
الكاميرا لا تستطيع أن تلتقط إلاّ الجزء الذي تركّز عليه وليس كلّ الصورة.

لو ذهبت الى حفلة ومعك كاميرا، وكانت الحفلة كبيرة والحضور كبير والنشاط على قدم وساق ورأيت في إحدى الزوايا بضع أشخاص يتجادلون ويتدافعون بالأيدي فأخذت لهم صورة، ثمّ قلت لمن لم ير الحفلة: انظر كيف كانت الحفلة، لم تكن سوى حلبة للعراك وقذف الشتائم! الخلاصة التي خرجت بها من التجربة اعتمدت على النقطة التي ركزت عليها.

لقد عممت جزء من التجربة على التجربة كلّها، وخرجت بخلاصة تتعلق فقط بذلك الجزء. لم يأت تركيزك على تلك النقطة من فراغ، إذ لا بدّ وأن يكون لديك قناعة مسبقة كانت السبب المباشر لإختيارك تلك النقطة. ربمّا، وعلى سبيل المثال، غيرتك من الشخص الذي أقام الحفل ورغبتك في التقليل من أهميته هي التي دفعتك لإظهار مساؤى الحفل وليس لحظاته الجميلة.

إذا لديك فكرة سلبيّة مسبقة عن صاحب الدعوة، ولا تريد أن تتبنى فكرة جديدة تتعارض مع تلك الفكرة بسبب الحاجز الإسمنتي الذي يفصل بين وعيك واللاوعي عندك، فرحت تركّز على نقطة سلبية كي تخرج بخلاصة سلبية تتماشى مع قناعاتك السلبية المسبقة.

النقاط التي تركّز عليها في الحياة هي النقاط التي يحددها اللاوعي عندك والتي تتناسب مع برمجته المسبقة، فاللاوعي لا يعترف بوجود ما يتناقض مع تلك البرمجة حتى ولو لمسته بكل حواسك في ساحة الوعي.

الخطورة في الأمر هنا، عندما تنقل خلاصتك هذه للآخرين سيتبنى، ولو بعض منهم، تعميمك وسيحكم على الحفلة من خلال حكمك! إذا لا يساهم في تشكيل نسيجك الفكري الخلاصات التي خرجت منها من تجاربك الشخصية وحسب، بل تلعب خلاصات الآخرين دورا في حياكة ذلك النسيج.

أنت خرجت من الحفلة بخلاصة تقول: إنها حفلة سيئة! وذلك بعد أن ركّزت على جزء من تلك الحفلة وقيّمتها من خلاله. لكن بعض الناس الذين لم يحضروا الحفل تبنوا خلاصتك، فالصورة التي التقطتها للحفلة تؤكد تلك الخلاصة. في غلالة نفسك قد تعرف الحقيقة، ولكن الذين تبنوا خلاصتك لا يعرفونها. إذا الخطورة تكمن في أن يتبنى الإنسان خلاصات غيره دون أن يمرّ بتجارب تثبت صحة تلك الخلاصات أو تنفيها.
……………………………………….
هنا تبرز العقائد الدينية كمثال على تبني الناس لخلاصات الآخرين، دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء التأكد من صحة تلك العقائد. الذين أوجدوا تلك العقائد كانوا يدركون في غلالة أنفسهم الحقيقة. لكنّ الذين تقبلوا تلك العقائد، كمسلمات لا حاجة بهم إلى برهانها، أضاعوا الحقيقة. أنت تدرك بأن الحفلة كانت أفضل من النقطة التي ركّزت عليها، لكنّ الناس الذين تبنوا قناعاتك لا يدركون ذلك!

كان محمد يُدرك، وعندما نكح زوجة ابنه بالتبني، بأن فعلته تلك منافية لأعراف زمانه. خرج من تلك التجربة بتحريمه للتبني. تبنى المسلمون خلاصته دون أن يسمحوا لأنفسهم بالشكّ في شرعيتها والحكمة منها. أصبح تحريمه للتبني مع الزمن اعتقادا راسخا في اللاوعي عند المسلم، ويتحكم خلسة بالطريقة التي يتعامل بها مع أطفال غيره بغض النظر عن درجة قرابته لهؤلاء الأطفال.

كيف يتعامل الرجل المسلم مع أطفال زوجته؟!!
كيف تتعامل المرأة المسلمة مع أطفال زوجها؟!!
كيف يتعامل المسلم مع أبناء أخيه عندما يفقدون والدهم؟!!
ناهيك عن الطريقة التي يتعامل بها المسلمون عموما مع الأطفال الذين يسمّونهم “غير شرعيين”! القسوة التي يتعامل بها هؤلاء الأطفال هي نتيجة حتمية لذلك الإعتقاد الذي يتحكم بسلوك معتنقيه دون وعيهم.

ألم يُدرك محمد الحقيقة التي تكمن وراء تحريمه للتبني؟ طبعا كان يُدرك بأنّه حرّم التبني ليبرر فعلته! لكن الذي تبنوا خلاصته أضاعوا تلك الحقيقة، وسمحوا لذلك الإعتقاد بأن يتحكم بعقولهم، وبالتالي بتصرفاتهم، وبالتالي بأوضاع بعض أطفالهم!

لا يوجد دين على سطح الأرض إلاّ وساهم في برمجة اللاوعي عند أتباعه، ولا يوجد أتباع دين على سطح الأرض إلاّ ويرون في ساحة وعيهم حقائق تتعارض مع عقائدهم، لكنهم يصرّون على أن يتغاضوا عنها.

المشكلة في أن معظم عمليات البرمجة ـ وخصوصا البرمجة الدينية ـ تتمّ في السنوات الأولى من عمر الإنسان، والتي يكون الإنسان خلالها هشّا ضعيفا ولا يملك خيارا سوى أن يقبل خُلاصة الآخرين دون برهان.
……………………………………….
الدين- أي دين- يدّعي بأنّه الحقيقة المطلقة التي لا ريب فيها. تفرض معظم العقائد الدينية نفسها باستخدام عامل الخوف، الخوف من الله وعذابه!

الخوف هو أكثر المشاعر البشرية قدرة على التحكم بالعقل وبرمجته بطريقة تخدم الغاية التي من أجلها مورس التخويف. عادة تتمّ البرمجة في سنوات العمر الأولى، حينما لا يملك الطفل من الإستقلالية ما يساعده على مواجهة ذلك الخوف. لذلك كان الدين، ودون سواه من الأفكار، الأكثر قدرة على التحكم بالعقل البشري. كل عقيدة تدّعي خلوها من الريب، وبالتالي ترفض الشك والسؤال!

الدين، كلعبة الدمينو، عندما تسقط أية فكرة فيه ينهار برمّته. أي خلل في أيّ دين يقوّّض من مصداقيته وبالتالي ينفي مصدرة الإلهي، هذا إذا افترضنا بأن الألوهية هي الكمال المطلق!

ولذلك لو استطاع المسلمون أن يثبتوا بأن محمدا أكثر بني البشر تسامحا، سيسقط إدعائهم هذا أمام قوله: الجنة تحت ظلال السيوف، أو قوله: جعل الله رزقي تحت حدّ سيفي!

ومهما تبجّح السملمون بالآية التي تقول: “لكم دينكم ولي ديني”، سيسقط تبجحهم أمام تلك التي تقول: “فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم”. لا تستطيع الآية الأولى أن تبرر ما جاء في الثانية!

في الإنكليزية هناك تعبير يقول: “كإنتقاء الكرز”، وقد واجهني يوما أحد الأمريكان بقوله: بعض المسلمين يدّعون بأنك تنتقي من القرآن كما لو كنت تنتقي ما يعجبك من صندوق مليء بالكرز. فغرق جميع الحضور بالضحك عندما قلت: “ولكن، ياسيدي، صندوق الكرز الذي يهبط علينا من السماء لا يُفترض أن يحوي كرزا معطوبا، ولذلك وجود أية حبة كرز معطوبة فيه ينفي سماويته”. وأنا إذ أحاول أن أزرع لدى المسلمين الشك بألوهيّة دينهم أسهّل عليهم عملية السؤال والبحث عن جواب!

لذلك كلانا- أنا والمسلمون- ننتقي من صندوق الإسلام. إنتقاؤهم للكزر الجيد لا يستطيع وحده أن يٌثبت مصدره الإلهي، إما إنتقائي للمعطوب منه فيستطيع أن ينفي ذلك المصدر. هذا إذا غضننا النظر عن حقيقة تاريخية أخرى تؤكد بأن الآيات التي تأمر باعتماد السيف كوسيلة لفرض الإسلام جاءت لاحقا، ونسخت الآيات التي تقول: “لكم دينكم ولي ديني!”
……………………………………….
معظم العقائد الدينية تتبنى عامل الخوف لفرض ذاتها، أما الإسلام فلقد استبدل الخوف بالإرهاب! الأديان الأخرى تخوّف أتباعها من الله وعذابه كوسيلة لفرض ذاتها، أما الإسلام فيعتمد السيف لفرض ذاته.

ولذلك عندما فكر أتباع الأديان الأخرى برحمة الله أستطاعوا أن يتجاوزوا خوفهم منه. لكن أتباع الإسلام لم يستطيعوا أن يتجاوزوا خوفهم من حدّ السيف، فالسيف لا يرحم!

استطاع أتباع الأديان الأخرى، عندما تجاوزا خوفهم، أن يصلحوا عقائدهم بطريقة تتلائم مع تغييرات الزمن. بينما ظل أتباع الإسلام رهينة اللحظة التي ولد فيها الإسلام!

لقد أصلحوا عقائدهم عندما سمحوا لأنفسهم بأن يتوصلوا إلى خلاصات جديدة رغم أنها تتعارض مع البرمجة الأولية للـ اللاوعي عندهم!

أذكر على سبيل المثال لا الحصر، قدرة العلماء الذين ينحدرون من اصول مسيحيّة ويهوديّة على تبني وإثبات صحة نظرية التطور، والتي تتعارض كليّا مع آيات “الخلق” الموجودة في كتبهم الدينية. أما المسلمون فظلوا حتى القرن الواحد والعشرين يؤمنون بأن بول الإبل يشفي من كل الأمراض، ولم يستطع طبيب مسلم واحد أن يواجه تلك الخرافة بجرأة وعلى الملأ!
……………………………………….
اليوم يواجه المسلمون معضلة. هم في حقيقة الأمر غير قادرين على طرح أي سؤال يقودهم إلى الشك بمصداقيّة عقيدتهم، لكنها يواجهون أسئلة صعبة للغاية من العالم المحيط بهم، ويحاولون قدر الإمكان أن يجيبوا على تلك الأسئلة.

عندما يُجبر الإنسان على أن يجيب على سؤال لايريد أن يواجهه، يتخبط في جوابه محاولا أن يستهزأ بعقل من طرح السؤال.

كنت أستمع مؤخرا على مقابلة مع شيخ مسلم، طرح عليه أحد الحضور سؤالا: هل يجيز الإسلام ضرب المرأة؟ فرد الشيخ على الفور: أبدا أبدا….ضرب المرأة في الإسلام حرام! فسأله الشخص نفسه: ولكن وردت في القرآن كلمة “واضربوهن”! فرد الشيخ: كلمة “واضربوهن” هنا تعني داعبوهن بالمسواك! فغرق الحضور في الضحك، وتساءلت في سريّ: متى يستطيع هذا المعتوه أن يركّز على نقاط تستطيع أن تصل به إلى خلاصات تتعارض مع تلك الفوضى العقائدية التي تُبرمج اللاوعي عنده؟!!
……………………………………….
عندما نسلّم بالعقائد التي قامت ببرمجة اللاوعي عندنا، والتي تمّ معظمها في أيام طفولتنا، نسمح لأنفسنا بأن نتجمد ضمن قالب حديدي ونقضي على ديناميكية العقل وقدرته بالتالي على استنباط خلاصات جديدة عند خوض تجارب جديدة.

في تلك الحالة، وبدلا من أن نسيطر على عقائدنا نتحول إلى دمية تسيطر عليها تلك العقائد.
يقول الشاعر والناقد البريطاني المعروف

 John Dryden

 بخصوص ذلك:

We first make our habits, and then our habits make us.

“نحن اولا من يصنع عاداتنا ومع الزمن تقوم تلك العادات بصناعتنا”. وما العقائد سوى عادات متأصلة!

يقول مثل امريكيّ: العادة افضل خادم وأسوأ سيّد. فالعقائد، طالما ترزح تحت سيطرة العقل، تبقى خادما أمينا. لكنها، وعندما تسيطر على العقل، تتحول إلى سيد مطلق.

متى وكيف تكون العقائد خادما أمينا؟
لقد ذكرت سابقا بأنّ أغلب التجارب التي نخوضها، إن لم يكن كلّها، تقودنا إلى أحد مكسبين: إما منفعة وإما ضرر. الخلاصة التي نخرج بها من التجربة نسجلها في اللاوعي، ثمّ نعممها لاحقا على التجارب المشابهة التي نواجهها. تعميمها يشجعنا إما على خوض التجارب المشابهة كي نكسب منفعة، وإما على تجنبها كي نتجنب ضررا.

أضرب مثلا: عندما تحرق يديك بسطح ساخن ستتألم. وستخرج بخلاصة تقول: أن لمس السطح الساخن يحرق يدي ويسبب لي ألما. ستتحول تلك الخلاصة الى فكرة تستقر في عمق اللاوعي لديك، وستصبح مع الايام جزءا من جهازك العقائدي.

لو لم تتشكل لديك تلك القناعة كنت ستلمس كل سطح ساخن تصادفه وستحرق يدك في كلّ مرة. لذلك ساعدت الخلاصة التي خرجت منها على تجنب لمس السطح الساخن كي تتجنب ضرره.

اضرب مثلا آخر: اضطررت في أحد الايام إلى فتح محلك التجاري أبكر بساعة مما اعتدت عليه، ولكنّك لاحظت بأن عددا من الزبائن قد زارك خلال تلك الساعة ودرّ عليك الأمر ربحا أكثر.

توصلت من خلال تلك التجربة الى خلاصة بأن فتح المحل ساعة أبكر يدرّ عليك ربحا أكثر. عممت تلك الخلاصة على كلّ أيامك، وبدأت عادة جديدة راحت تدر عليك منفعة جديدة. فالخلاصة التي خرجت منها شجعتك على خوض تجارب مشابهة كي تكسب منافع أخرى.
……………………………………….
ولكن كما للتعميم فوائده، له ايضا مساؤوه! فالتعميم في قضايا معقدة، وبطريقة آلية خارج عن تدخّل الوعي، يدفع الى عقيدة مبرمجة ومحدودة.

اذا فشلت في تجربة ما وعممّت فشلك على كلّ التجارب المشابهة، سيقودك ذلك التعميم الى فشل دائم. الخطورة في التعميم تكمن في قتل قدرة الانسان للوصول الى استنتاجات جديدة.

يحكى أن السيد توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي قد قام بتجربته وفشل تسع وعشرين ألف مرة، ويحكي أن مخبره احترق مرة وتحول إلى رماد. لو خرج اديسون من خلال تجربته الأولى بخلاصة تقول: إنه غير قادر على اختراع المصباح، وعمم خلاصته على كل التجارب اللاحقة لفشل في كل تجاربه.

سأله أحد الصحفين مرة: هل صحيح بأنك فشلت تسع وعشرين ألف مرة؟ فردّ: لا لم أفشل، ولكنني خطوت تسع وعشرين ألف خطوة حتى وصلت إلى هدفي!

أنت من طائفة وتدخل في علاقة مع شخص من طائفة أخرى فتكتشف بأنه غير صادق وجشع. لنفترض جدلا بأنك خرجت من تلك التجربة بخلاصة تقول: إنّ كل من ينتمي إلى طائفة ذلك الشخص غير صادق وجشع. في تلك الحالة أنت عممت خلاصة تجربتك الأولى على كل التجارب المشابهة التي ستواجهك في المستقبل والتي بوجبها ستتعامل مع أبناء طائفته.

هنا تكمن خطورة التعميم، فعندما تعمم خلاصة تجربة ما قد تخسر فرص خوض تجارب أخرى مشابهة. ومع الزمن تحكم على نفسك بالجمود وتتقولب حياتك بطريقة تفقدك متعة التجديد وتصل بك إلى حالة من الركود العقلي والفكري.
……………………………………….
لماذا يتجنب الناس التركيز على نقاط قد تصل بهم إلى خلاصات تتعارض مع البرمجة الأولية للـ اللاوعي عندهم؟ لماذا يرفض الناس استبدال عقائدهم بأخرى حتى ولو أثبتوا بطلانها؟ هذا ما سأحاول أن اٌجيب عليه لاحقا.

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.