نارام سرجون… لماذا؟

موقع المندسة السوريةmuf68

لدى تصفح صفحات الفيس بوك المؤيدة نقع على أحدها و قد أطلق عليها مؤسسها اسم (نارام سرجون)، و يبلغ عدد المتابعين لها حوالي العشرين ألفاً، و تدعي هذه الصفحة أنها تقوم بالتحليل العلمي و السليم (للمؤامرة) التي تنسج شباكها حول سوريا.

السؤال الذي خطر لي بدايةً هو لماذا نارام سرجون؟؟؟

بالعودة إلى الكتب التاريخية تطالعك قصة سرجون الملك الأكادي الذي كان عصامياً صنع نفسه بنفسه (وهنا نتذكر حافظ الأسد) وحسب ما يقول ول ديورانت:

((وأخذ هذا الجندي الباسل يخضع البلاد شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، فاستولى على عيلام وغسل أسلحته في مياه الخليج الفارسي العظيم رمزاً لانتصاراته الباهرة، ثم اجتاز غرب آسية ووصل إلى البحر الأبيض المتوسط ، وظل يحكمها خمساً وخمسين سنةً، وتجمعت حوله الأساطير فهيأت عقول الأجيال التالية لأن تجعل منه إلهاً. وانتهى حكمه ونار الثورة مشتعلة في جميع أنحاء دولته))

فعلاً لقد أصبح الرئيس السابق حافظ الأسد إلهاً مع الفارق أنه قد عايش مرحلة التأليه و لم ينتظر الزمن و السذج و الكهنة (من أمثال صديقنا صاحب الصفحة) ليصنعوا منه الإله!!!

و بعد موت هذا الجندي الإله الذي أسّس لبداية الحكم الأكادي (العنصر السامي) الذي تفوق على سومر، و ورث حضارتها انتقلت السلطة إلى يد أبنائه و كما يقول ديورانت:

((وخلفه ثلاثة من أبنائه كل منهم بعد أخيه. وكان ثالثهم نارام – سِنْ بنَّاء عظيما وإن لم يبق من أعماله كلها إلا لوحة تذكارية تسجل انتصاره على ملك خامل غير ذي شأن وتمثل نارام- سِنْ رجلاً مفتول العضلات، مسلحاً بالقوس والسهام، يطأ بقدميه في خيلاء الملوك أجسام من ظفر بهم من أعدائه. ويدل مظهره على أنه يتأهب لأن يرد بالموت العاجل على توسل أعدائه المنهزمين واسترحامهم. وصور بين هؤلاء الأعداء أحد الضحايا وقد أصابه سهم اخترق عنقه فسقط على الأرض يحتضر)).

إذاً الابن يرث الأب (كما ورث السيد بشار الأسد والده) – لكنه بالتأكيد ليس بناءً عظيماً – و يقوم جنود الابن بالوطء على أجساد الأعداء (فيديو البيضا الشهير نموذجا حياً) كما نلمس و نشاهد تأهب السيد الرئيس للرد بالموت و الدمار على أعدائه (أبناء شعبه) و نرى هؤلاء الأعداء (أبناء الشعب السوري) تخترقهم رصاصات جنود الأسد فيسقطون محتضرين.

هذا و قد اطّلعت على مقالٍ كان قد نشر سابقاً في موقع كلنا شركاء ذُكر فيه أن السيد نارام سرجون هو السيد علي جمالو، و لكن و حسب معرفتي بالسيد جمالو فأظن أن الحكم الصائب قد خان كلنا شركاء هذه المرة، فالسيد جمالو أقل من أن يكتب بهذا الاسلوب الجميل فهو مختص بالشتم و الكلام الوضيع و يعجز عن التنظير كما يفعل نارام سرجون، أما النظرية الثانية هي أن رجل المخابرات بهجت سليمان هو صاحب الاسم و هذا من ابعد الأمور فمخابرات الأسد التي لا تزال تدرج ابن تيمية في عداد المطلوبين (لأسباب أمنية) أبعد من أن تعرف من تكون هذه الشخصية التاريخية.

و لعل الردة على العصور العربية للتاريخ السوري بالانكفاء إلى رموز ما قبل الحقبة العربية الحديثة عبر رموز أكاد و أشور ليس آنياً و إنما هو سابق و أبلغ مثال هو أدونيس صاحب أغاني مهيار الدمشقي، و أنا أميل للظن (والخطأ دوماً وارد) بأن السيد أحمد داوود و مجموعته هم أصحاب الأفكار و التي تتفق مع أفكار القوميين الاجتماعيين السوريين، فالسيد نارام سرجون يتوكأ في كتاباته كثيراً على نظريات الصليبي و السواح و لمن يعرف السيد أحمد داوود يعلم كم يتبنى هذه النظريات و يدافع عنها ويعمل على نشرها، و إن كان هذا لا ينفي قيام السيد جمالو بالإخراج الالكتروني لها مع تلقي التوجيهات والمعلومات من أجهزة المخابرات التابعة للنظام السوري.

و يبقى السيد نارام متفوقاً بمراحل عديدة على غيره من أبواق النظام، إن قراءة ملاحظاته ألطف كثيراً من الدوران في مربعات العبود أو الرقص تحت قطيرات المطر لمذيعة المطر أو قرصنة البوارج مع طالب إبراهيم أو سبي الجواري مع بسام أبو عبد الله أو كشف الأسرار مع رفيق لطف…

بالنسبة لي لو التزمت رمزاً من التاريخ لاخترت رهين المحبسين و لجعلت شعره التالي شعاراً:

يَسوسونَ الأمورَ بغَيرِ عَقلٍ فينفُذُ أمرُهم، ويقالُ: ساسَهْ

فأُفَّ من الحياةِ، وأُفَّ مني، ومن زمَنٍ رئاستُهُ خَساسَهْ

أو لعل الأبيات التالية تكون هي الأنسب:

إنّ العراقَ وإنّ الشّامَ، مذْ زَمَنٍ، صِفرانِ….. ما بهما للعدل سلطان

ساسَ الأنامَ شَياطِينٌ مُسَلَّطَةٌ، في كلّ أرضٍ، من الوالينَ، شَيطان

ألا ما أشبه اليوم بالبارحة، إن من يقرأ تاريخ المنطقة لا يرى إلا التناسخ الحي للتاريخ الذي يأبى أن ينتهي من مثل هذه الحوادث، و ثبتت القناعة أن الإنسان لا يتعلم شيئاً من التاريخ، و إنما يستمر بالدوران في نفس الحلقة فنبدأ حيث ننتهي و لا تكون النهاية إلا البداية.

و لكن ما فات السيد نارام سرجون أن الجميع زالوا و بقيت ذكراهم و أن ملوكه و آلهته سيزولون أيضاً و بالتأكيد لن يذكر التاريخ إلا عدد ضحاياهم و بقايا خرابهم و نتائج تدميرهم و شجاعة الكثير من السوريين الذين سالت دماؤهم لتقضي على اسطورتهم…

بوركتم وطبتم عسى أن يجعلكم الله من الصالحين و يورثكم الأرض انه عزيز حكيم

A.ALH

مواضيع ذات صلة: فضح شخصية الشبيح نارام سرجون

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.