من محمد الإيمان إلى محمد التاريخ -10

الفصل العاشر 

دين العقلانية الدينية

“كل فكر ديني حقيقي لا يستطيع أن يكون في تعارض مع العقل،حتى وإن كان لا يستطيع أن يختزل نفسه إلى العقل فقط.”

“الطبيب النفسي ب.مارش ِ،السحر والأسطورة في الطب النفسي ص 188”

*******

صدّرت فصل النبوة بتشخيص النفساني ناكط:”إن قلت انك تكلم الله،فأنت تصلي،وإن قلت ان الله يكلمني فعندك أفكار هاذية”.هذه هي خلاصة ما يسميه الطب النفسي:”هذيان النبوة”،الذي فصّلناه تفصيلاً في هذا البحث.

إذا كان القرآن وجزء من الحديث،من إملاء هذيانات نبي الإسلام وهلاووسه ليس إلاّ.فهل يعني ذلك تحويل الجوامع إلى متاحف،وايداع المصحف في أرشيفات التاريخ وكتابة إعلان بالليزر على إمتداد أرض الإسلام:السماء فارغة والأرض لا شيء فيها؟سيكون ذلك حقاً جنوناً مطبقاً.التدين،أي الرغبة في حماية أب على كل شيء، قدير لطفله الخائف من عوادي الزمن،والراغب في الخلود بعد الموت، لتخفيف قلق الموت هي،كما تقول علوم الأعصاب،مبرمجة،منذ ليل التاريخ، في الفص الصدغي الأيمن في دماغ كل منا؛منذ اكتشف القرد المتحول إلى بشر،عبر الحلم، الذي يلتقي فيه بأعزائه الذين ماتوا،وهْم وجود حياة أخرى بعد الموت،وعالم غير العالم الذي يعيش فيه،تسكنه روح كل من هؤلاء الأعزاء، بعد ان انفصلت عن الجسد الفاني؛فسمى الروح النْفس،أي النَفَس الذي يخرج من منخريه ويتوقف بعد الموت،ليبدأ رحلته إلى العالم الآخر.وسمى هذا العالم الآخر:دار البقاء في مقابل دار الفناء،دار الولادة والموت، أو الكون والفساد كما سماها أرسطو.

قبل المسلمين،اكتشف اليهود،منذ القرن الماضي،من أفواه الإخصائيين اليهود أنفسهم،أن الخروج من مصر اسطورة،وأنه لا توجد وثيقة تاريخية واحدة،كأوراق البردي مثلاً،تشهد على دخول اليهود،أو العبرانيين كما كانوا يُسموا آن ذاك،إلى مصر أو خروجهم منها.

كشفوا هذه الحقيقة التاريخية المروعة،للمؤمنين إيمان العجائز،في السنوات 1970 ،في برنامج تلفزيوني، بمناسبة الذكرى الألفية الثالثة لخروج العبرانيين من مصر، شارك فيه المختصون في التنقيب الأثري وتاريخ الأديان المقارن ومفسروا التوراة،وشاهدتها أكبر كمية من المشاهدين في تاريخ التلفزيون الإسرائيلي.الأفضل من ذلك،أن علماء الآثار أعلموهم أن سليمان،وهو شخصية مركزية في التاريخ اليهودي،شخصية أسطورية،وأباه الملك ـ النبي داوود شخصية شبه أسطورية(انظر كتاب:” التوراة وقد تعرّت” سواء في الإنجليزية أو في الفرنسية مترجماً عن العبرية)؛ وأفضل مرة أخرى، أعلمهم المختصون في موسى،أن مؤسس الديانة اليهودية،هو الآخر شخصية رمزية،سيرته نقلها كتبة التوراة عن أسطورة الملك الآشوري سارجون.(انظر كتاب أستاذ تاريخ الأديان المقارن في الكوليج دو فرانس،توماس كرمور،:”موسى الذي التقى الله وجهاً لوجه”،والذي استشهدنا به في حلقات”إصلاح الإسلام بدراسته وتدريسه بعلوم الأديان”)،وفي مدخل هذا الكتاب أيضاً.

كل ما أثارته هذه الحقائق التاريخية المدوية هو رد أحد برلماني حزب”شاس”الديني في الكنيست، الذي أعلن أمام الصحافة،بكل إطمئنان:”ما يقوله العلم كذب والحقيقة الوحيدة هي التي تقولها التوراة”! لكن دور العبادة في إسرائيل والعالم لم تغلق ابوابها،والتوراة لم تنقل إلى ارشيفات التاريخ، في متحف الآثار لتنام جنباً لجنب مع الفأس البرونزية!.

نفس الإكتشافات العلمية امتدت إلى تاريخ المسيحية.قلّ من المسيحيين المثقفين وحتى المتعلمين من يجهل اليوم أن مسيح الإيمان،صاحب الخوارق والمعجزات،هو شخصية رمزية،وأن مسيح التاريخ شخصية أخرى مختلفة تماماً…حتى البابا بنوا ـ بنوس ـ 16 ،الذي نشر كتابه عن المسيح سنة 2007 ،استعار لأول مرة عناصر كثيرة من مسيح التاريخ دون أن يشير إلى ذلك،كما احتج بعض مؤرخي مسيح التاريخ.وقد تمنيت في حينه، أن يكتب شيخ للآزهر كتاباً عن محمد،يضمنه أيضاً عناصر من محمد التاريخ، التي تجدونها في هذا الكتاب. ومع ذلك فالكنائس لم تغلق أبوابها،بل هي في إفريقيا تفوقت عدداً عن الجوامع التي تتنافس الدول الخليجية في بنائها… والأناجيل لم تُرسل إلى الأرشيفات.

لكن،ربما كان ذلك،من نتائج هذه الإكتشافات العلمية في الديانتين، اليهودية والمسيحية،توجد اليوم عقلانية دينية يهودية وعقلانية دينية مسيحية قويتان،طبعاً جنباً لجنب مع اللامعقول الديني في الديانتين، لا يبدو أنه يمتلك زمام المستقبل.

أريد أنا أيضاً،أن تُتوج نتائج بحثي عن محمد التاريخ،بظهور عقلانية دينية إسلامية،أعطيت خارطة طريق ميلادها في :”إصلاح الإسلام بدراسته وتدريسه بعلوم الأديان”،وسأرسم هنا بعض المعالم على طريق الوصول إليها في الإسلام.وفي الاعادة البيداغوجية إفادة.

المَعْلَم الأول على طريق العقلانية الدينية،هو تأسيس دين العقلانية الدينية على 3 ركائز:التسليم بأن الأديان الأخرى التوحيدية والوثنية أيضاً،اللواتي لازال يؤمن بهن 56 % من سكان العالم،يمكن أن تكون طريقاً للخلاص الروحي للمؤمنين بهن،والقبول بالحوار معهن؛التسليم بأن العقد الإجتماعي،أي الدستور يجب أن يكون علمانياً لدولة لجميع مواطنيها،مهما اختلفت دياناتهم وخصوصياتهم الأخرى؛وأخيراً التسليم بأن المرجعية الشرعية الوحيدة للدولة هي مؤسسات وقوانين وقيم الحداثة العالمية ليس إلاّ .

المعلم الثاني على طريق العقلانية الدينية،هو ضرورة تبني الإسلام لحقوق الإنسان الأساسية، اللواتي لا يكون الإنسان إنسانا،حقاً إنسانا في غيابهن؛سيكون نصف إنسان كالمرأة في الإسلام،أو ما تحت إنسان،كالعبد في الإسلام أيضاً.الرق مازال موجودا في بعض البلدان العربية والإسلامية…

حقوق الإنسان كونية،لأن العقل المنتج لهن كوني،نفس العقل المنتج للعلوم الكونية أي الصالحة لكل إنسان في أي مكان كان؛فهذه الحقوق إذن تتعالى على الخصوصيات الثقافية كما يتعالى عليهن العقل.هذه الحقوق كونية لأنهن طبيعيات،أي من المفروض أن يتمتع بهن الإنسان بما هو إنسان، مهما كان دينه او جنسه…إلخ.فكل إنسان بما هو إنسان يتمتع بالضرورة بضمانات أساسية غير قابلة للتفريط؛كالحق في الحرية،في الكرامة،في المساواة،في الأمن،في السلامة البدنية،في الحياة وأيضاً بحقوق إجتماعية مساويات للأولى في الأهمية كالحق في العمل،في السكن وفي الملكية الخاصة…

كل دين لا يتبنى حقوق الإنسان،شأن الإسلام، خاصة في بلدان حكومات أقصى اليمين الإسلامي، إيران والسودان نموذجا،يضع نفسه في قفص اتهام المجتمع المدني العالمي،المتكون من حوالي 10 آلاف جمعية غير حكومية،في مقدمتهن ممثلاه الأبرز:منظمة العفو الدولية ومرصد حقوق الإنسان في الولايات المتحدة.كما يجد نفسه في حالة حرب مع قطاعات واسعة من سكان البلدان التي يحكمها، خاصة النساء والأقليات والشباب.وهذه هي حالة كثير من البلدان في أرض الإسلام اليوم.

العقلانية الدينية المنشودة،لن تكون عقلانية إلا إذا صالحت الإسلام مع حقوق الإنسان،مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،مع الاتفاقية الدولية لمنع التمييز ضد المرأة،مع الاتفاقية الدولية لحماية الأقليات،ومع الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل.لماذا؟لأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يمثل اليوم المرجعية الأخلاقية العليا للقرن 21 .

تبني حقوق الإنسان في دساتير الأمم الإسلامية،في القوانين الوضعية،في المتون والمناهج المدرسية،هو الطريق المفروش بالورد،المؤدي إلى إسلام مُجَدّد،مطّهَر من العنف:عنف الشريعة وعنف الجهاد،ومن دمج الدين في الدولة،ومن تحكيم العقل الإلهي في العقل البشري،وأخيراً أن يكف شيوخ الإسلام، عن اعتبار عقائد وشعائر وأحكام الإسلام عابرات للتاريخ،أي صالحات لكل زمان ومكان، احتقاراً للحقيقة التاريخية:لا شيء في التاريخ بعابر للتاريخ.

المعلم الثالث على طريق العقلانية الدينية هو إصلاح التعليم:التعليم اليوم هو طوق النجاة لكل أمة. كل أمة في أرض الإسلام، مدعوة منذ الآن لتبني أرقى نظم التعليم، في أي بلد كان.العلم لا دين له، ولا قومية له،هو،كالعقل الذي ينتجه،كوني.هو ضالّة الإنسان المتعطش،لأرقى واحدث أشكال المعرفة،يأخذها حيث وجدها.أفضل المناهج التعليمية اليوم،هي في الصين البوذية العلمانية وفي فنلندا المسيحية العلمانية،فلماذا لا نستعير منهما مناهج التعليم وطرق التدريس وكيفية تكوين المدرسين؟

التعليم المطلوب اليوم في أرض الإسلام،ليس التعليم،الذي يضمن للمسلم الحزين مستقبله بعد موته،بل هو الذي يساعد المواطن على حل مشاكله،اليومية العملية،لتأمين مستقبله في حياته: عمل،مسكن وأسره.

المعايير التي ينبغي الاحتكام إليها في التعليم،هي المعايير الدولية.والمعلمون والمدرسون والبروفيسرات،الذين يجب أن يقوموا بمهمة التعليم،من الضروري تكوينهم تكويناً جيداً في ميادين تخصصاتهم،وأن يهضموا أحدث الطرق التربوية في الأداء التعليمي،وأن يخضعوا دورياً لإعادة تدوير وتجديد وتطوير لمعارفهم ومهاراتهم.

من دون هذه الأسس الأولية،لن يكون لأي أمة من أمم أرض الإسلام،لا المكان ولا المكانة المأمولين في عالم القرن الـ 21 .

المَعْلَم الرابع على طريق العقلانية الدينية،هو تبني الإسلام للديمقراطية وثقافتها.فالإسلام مازال أمام الديمقراطية وثقافتها يتراوح بين موقفين:التردد والرفض،كما يفعل أقصى اليمين الإسلامي محتجاً بأن الديمقراطية هي انتقال من سيادة العقل الإلهي، سيادة الشريعة وفقهائها،إلى سيادة العقل البشري،سيادة الشعب السيد وممثلية.

ثقافة الديمقراطية:

1 ـ الاعتراف للفرد بحقه في تقرير مصيره في حياته اليومية،بحقه في التصرف الحر في جسده حياً او ميتا.بإمكانه مثلاً أن يهبه بعد موته للعلم ـ وإذا تعذر ذلك ـ يوصي بحرقه،كما فعل كاتب هذه السطور؛

2 ـ الانتقال من أخلاق القناعة الشخصية الى أخلاق المسؤولية العامة،الذي اعتبره ماكس فبير الشرط الشارط للمارسة الحكم الرشيد؛

3 ـ إعلام حر،مسؤول وموضوعي:يُطلع بموضوعية المواطن العادي على البرامج المتنافسة،ليستطيع الاختيار بينها.المواطن الديمقراطي هو المواطن المطّلع؛

4 ـ النقاش الحر والنقاش المتعارض هما المدرسة الضرورية،التي يتدرب فيها المواطن على استخدام قوة الحجة بدلاً من حجة القوة السائدة اليوم في كل بلد تقريباً من أرض الإسلام؛

5 ـ المعارضة تكون قوة اقتراح للمشاريع والحلول أو لا تكون؛

6 ـ اقصاء كل استخدام للعنف،النقيض المباشر لثقافة الديمقراطية،التي غايتها الأولى هي الوصول إلى الحكم والخروج منه بالوسائل الديمقراطية السلمية.الحكومة تسقط في البرلمان وليس في الشارع.والخصوم يتبادلون الكلمات والأفكار والمقترحات في البرلمان والإعلام،بدلاً من تبادل اللكمات أوالرصاص في الشارع؛

7 ـ حظر الميليشيات.الجيش الشرطة وحدهما يحتكران إمتلاك واستخدام السلاح عند الضرورة.

المَعْلَم الخامس،المؤدي إلى العقلانية الدينية،هو الإنفتاح على علوم الأديان، ونظرية التطور، وعلوم الأعصاب، وأفضل إشكال التدين المعاصر،أي الإيمان كرهان،للخروج من الإنغلاق الديني الحنبلي، ومن الجبن الديني،إلى الإنفتاح الديني الحديث والشجاعة الدينية.

العلوم المذكورة،يقدمن للمؤمن إضاءة موضوعية،لمعرفة تكوّن وتطور ومصدر معتقداته منذ ما قبل التاريخ المكتوب حتى الآن.

علوم الأديان،تفسر كيف اكتشف القرد،المتحول إلى بشر،عالم الغيب عبر أحلامه؛وكيف استخدم شيئاً فشيئاً شعائر الفكر السحري، لمعرفة العالم الغامض المخيف الذي يعيش فيه،بواسطة المعتقدات السحرية الجمعية.لماذا؟نظراً لإستحالة معرفة أي شيء موضوعي عن عالم وهمي،ولأن العلم في تلك العصور كان مازال منحصراً في السحر.

وباختصار،علوم الأديان تجعل العلاقة بين الإنسان والدين شفافة،بتحرير هذه العلاقة من الفكر السحري والأسطوري، المتجسد في المعتقدات والشعائر الخرافية.لكن هذه الشعائر الخرافية تلبي حاجة نفسية عميقة في النفس البشرية:التحكم في ظواهر الطبيعة الغاشمة، كالكوارث الطبيعية والمرض والموت، بالسحر.الشعائر،تقديم القرابين والصلاة،مثل صلاة الإستسقاء في أوقات الجفاف، التي مارسها الإنسان منذ زمن سحيق،وورثتهن الأديان الوثنية ثم التوحيدية عن الفكر السحري القديم.أوضح تجليات الفكر السحري هي المعجزة التي مارستها أول ديانة وثنية، الأنيميزم، أو الإحيائية،أي عبادة الحجر والشجر وبعض الحيوانات،للتحكم سحرياً في قوانين الطبيعة. حقق الإنسان بالمعجزة أول انتصار وهمي على عناصر الطبيعة،وحتى الانتصار على الموت في معجزات بعض أنبياء إسرائيل التخييلية،كان له مفعول السحر،لأنه قدم للإنسان قناعة تتحدى جميع الفرضيات واليقينيات العلمية المعاصرة،بشرعية رغبته النرجسية في حياة ثانية بعد الموت؛لتخفيف كابوس رُهاب العدم المطلق ورهاب مساواة مصير الإنسان ـ وما أدراك ما الإنسان ـ بمصير الحمار والدودة:الموت مرة وإلى الأبد،دونما أمل في الخلود في حياة ثانية بعد الموت!.

نظرية تطور الإنواع الحية،وخاصة القرد والإنسان،تعطي إضاءة علمية،تنقض طبعاً الرواية الدينية عن أسطورة الخلق الآدمي وتكّون الحياة على الأرض.لكنها تخلص الإيمان من الفكر السحري والأسطوري،الملازمين للإيمان الزائف،أي الخرافي.إنها تقدم لنا تاريخ تطورنا البيولوجي كما تحقق فعلاً منذ 3.7 مليار(بليون)سنة،منذ بداية الحياة انطلاقاً من بكتيريا أولى،وحيدة الخلية في المحيط البدائي،إلى اليوم؛ولتعلمنا أيضا أن تطورنا،الذي كان دائماً ولازال أساساً تطور الدماغ؛الذي مازال متواصلاً إلى غير نهاية.قصة التطور هي قصة التطور من البسيط إلى المتشعب.كما سنرى ذلك تفصيلاً.

نظرية التطور والبيولوجيا الجسُيمية يضيئان،باكتشافاتهما العلمية عبر الأحافير البشرية بالأمس،وعبر تشريح الجينوم البشري في العقدين الأخيرين،تاريخ تطور القرد إلى إنسان منذ 7 ملايين عام.نظرية التطور،كجميع العلوم،هو تاريخ فرضيات وحقائق مفتوحة،دائماً برسم اكتشاف فرضيات وحقائق أكثر شمولاً واتقاناً.أي تفسر ظواهر أكثر، بأخطاء أقل من الفرضيات والحقائق السابقة.

نظرية التطور،كما اعترف البابا جان بول2 ،أمام أكاديمية الفاتيكان العلمية عشية رده الإعتبار لداروين ونظريته:”نظرية التطور اكثر من مجرد فرضية”،أي أنها علم مفتوح على مزيد من الإكتمال والإتقان باكتشافات البيولوجيا المعاصرة،التي أخذت اليوم مكان الفيزياء الفلكية في القرنين الماضيين،لتصبح براديجم لجميع العلوم،أي النموذج الذي تحتذيه في مساعيها وبحوثها العلمية.

اكتشف داروين أن الأنواع المتطورة(فاريانت)،تتطور عفوياً وبالصدفة.هذه التطورات تنتقل بالوراثة وبالإنتخاب الطبيعي،اللذين يستعيدان الأشكال الأكثر تكيفاً مع البيئة.لكن داروين لم يفسر لا مصدر التطور ولا كيفية اشتغال الوراثة.لسبب مفهوم:علم الجينيتيك مازال لم يظهر بعد،لم يظهر إلا في السنوات 1930 .عندئذ اكتشف 3 من علماء الجينيات تفسير التطورات بالتغير.وفي 1953 ،اكتشف عالمان آخران البنية المزدوجة اللولب،هِليس، في أدين(أ.د.ن.)،التي هي الجسيم،موليكول،الذي يشكل السند المادي للجينيات،لتفسير كيف تنتج التغيُرات الجينية نفسها بنفسها من دون تدخل خارجي،أي إلهي. التطور يمكن اليوم مشاهدته بالميكروسكوب.

في السنوات التالية بدا تقدم البيولوجيا الجسيمية هائلاً،معطيا للهندسة الجينية[=الوراثية]سلطانا لا حدود له.فقد غدا العلم يحقق”معجزات”علمية مثل:تشريح الجينوم البشري والحيواني،وتغيير الجينات بقصد ممارسة علاجات جينية.

فرضية الانتخاب الطبيعي الداروينية،تحققت حتى بالنسبة للبروتينات،الخلايا المخية.وهكذا مازالت صالحة ككادر عام وكوني للتفكير في العالم الحي.

About العفيف الأخضر

العفيف الأخضر (1934-213 ) ولد في عائلة فلاحين فقراء في شمال شرق تونس سنة 1934. والتحق بجامعة "الزيتونة" الدينية ("أزهر تونس")، ثم بكلية الحقوق. ومارس مهنة المحاماة بين 1957 و1961، ثم تخلّى عن هذه المهنة وسافر إلى باريس في 1961، قبل أن يلتحق، مع يساريين آخرين، بنظام الرئيس أحمد بن بلا غداة إستقلال الجزائر. وانتقل إلى الشرق الأوسط في العام 1965، وتنقّل بين عمّان وبيروت حيث طبع أهم كتبه التي كان محورها "نقد الفكر الإسلامي التقليدي". غادر العفيف الأخضر بيروت محزوناً بعد اندلاع الحرب الأهلية، وبعد أن صدم أصدقاءه اليساريين بموقفه الرافض لهذه الحرب، والرافض لكل مبرّراتها "التقدمية". فقد هاله أن اليسار اللبناني لم يدرك أنه كان يسهم، بدون وعي، في تحطيم الحصن الوحيد للحرية في العالم العربي "الغبي والمستبدّ". ويعيش "العفيف" في باريس منذ 1979، ويكتب لصحيفة عربية، ويحاضر أحياناً في القاهرة أو يشارك في نقاشات تلفزيونية في محطات فضائية عربية. لماذا ننشر مقالات "العفيف الأخضر"؟ لأن التاريخ يتقدّم بمنطقه الخاص، والفكر "الخارجي" يمكن أن يصبح فكر الساعة "من حيث لا تعلمون". وليس سرّاً أن العفيف الأخضر كان أول دعاة "تجفيف منابع" الفكر الأصولي الإرهابي بعد أحداث 11 سبتمبر-أيلول 2001. كتب العفيف الأخضر: التنظيم الحديث، دار الطليعة، 1972. الموقف من الدين، دار الطليعة، 1973 (الذي تدخّل رئيس تنظيم ديني في لبنان لمنع طبعته الرابعة).
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.