العالم العربي على مفترق طريق

إيلاف

’تعتبر البطاله من أكبر العوائق التي تواجه المنطقة العربية.. فحتى في دول النفط الغنية هناك نسبة من البطالة حتى وإن كانت صغيرة بالمقارنة مع دول أخرى كمصر مثلا.. مشكلة وجود البطالة أن آثارها النفسية.. تتسرب إلى آثار سلبية على بنية المجتمع النفسية والصحية.. فالبطالة من أكثر الأسباب المؤدية إلى العنف في أي مجتمع.. وللأسف فإن معظم هذا العنف يتوجه إلى المرأة.. أضف إلى ذلك التفوّق الذكوري والقوامه التي يروّج لها فقهاء الدين تعمل على تغذية المبررات المجتمعية التي يرجعها الجميع إلى الثقافة المجتمعية بينما هي متجذرة وتأخذ قوتها من الدين نفسه..

من هنا نرى بأنه لا يمكن الحصول على مجتمع صحي سوي.. إلا بالقضاء على البطالة وتغيير الثقافة المجتمعية عن طريق التعليم.. وفصل الدين عن الدولة لإرساء قواعد القضاء الحر العادل الذي لا يفرق بين الرجل والمرأة.. ولا يتمكّن من تمرير تبريرات للعنف تحت أي غطاء ديني.. كما حصل مؤخرا حين رفض فقهاء الدين قرار الحكومة اللبنانية بتجريم ضرب المرأة بعد وفاة ما يقارب 29 إمرأة خلال السنتين الماضيتين..

هذا التغيير يستلزم سياسة حكومية متلازمة مع خطة عمل واضحة ومحددة بسنوات معقولة تأخذ في إعتبارها كلا العائقين في طريق التنمية الإقتصادية والتنمية المجتمعية…. البطالة والعنف المجتمعي.. ولم أسمع عن أية خطة مثل هذه خلال وجود الأحزاب الدينية في الحكم.. بينما أكد خطابهم عن عدم وجود أية رؤية واضحة لمشروع أي تنمية سواء بشرية أو إقتصادية.. وإعتمدوا في خطابهم السياسي على توظيف الخطاب الديني لحل المشاكل المعاصرة.. تماما كما فعل عمرو خالد سابقا حين روّج للتنمية بالإيمان!

كلنا يعلم بأن معدلات البطالة تزايدت خلال الحكم الإخواني في مصر.. ولكن المؤسف حاليا بأن معدل الإنتاجية المحدودة أصلا ستقل خاصة خلال شهر رمضان وما بعده طالما أصر الحزب الإخواني ( العدالة والتمنية !) على تجمهرهم المستمر في الميدان.. وتوفير كل إحتياجاتهم اليومية بما فيها شقة لمدة نصف ساعة للمتزوجين بشرط وجود قسيمة الزواج معهم!

مشكلة البطالة في مصر وفي غيرها من الدول العربية لا يمكن حلها بدون خطة إقليمية واضحة تأخذ في الإعتبار إجراءات تأشيرات الدخول للحدود العربية.. ولكن والأهم وجود قانون عمالة موحدة بين كل الدول العربية يضمن حقوق العاملين.. فلا أحد يريد تكرار تجربة العمال المصريين في العراق.. وأيضا إذا كانت كل هذه الدول تدّعي التدين.. فلا يمكن لها إستغلال حاجة هؤلاء العمال وتشغيلهم في ظروف تخالف الميثاق العالمي لحقوق الإنسان كما في حالة تشغيلهم في درجات حرارة ’تحرم القوانين الدولية العمل أثناءها.. وغيرها من الطرق التي تتحايل على قوانين حقوق الإنسان الدولية في إنتهاك صارخ لحقوقهم !!!

مسئولية الحكومات تتعدد ولكن تبقى المسؤلية الكبرى في…..

خطط توعوية للعمل على الحد من التزايد السكاني الكبير والذي يحد بل ويقلل من قدرة خطط التنمية على إستيعاب الأعداد الكبيرة..

خطة أو خطط تكمّل بعضها بعضا تتضمن سياسات تعلميمة وتدريبية تأخذ في إعتبارها متطلبات الأسواق المتجددة والمتغيرة عن السابق..

خطة تشغيل تضمن عمل الدول العربية كلها على الإستثمار في مشاريع تضمن أولا حل المشكلة الغذائية للشعوب العربية ضمن حدود المنطقة العربية، فلا مجال للقرارات السيادية في أي مكان في العالم بدون الإكتفاء الغذائي الذاتي.. أي خطة تعمل على تقليل الإعتماد على السلع الغذائية من الخارج.. متصاحبا مع برامج توعوية لعدم التبديد في الموارد.. خاصة في المياة وهي المشكلة التي سيواجهها العالم العربي كلة في مستقبل ليس بعيد..

إن ما سمعته في اول خطاب لرئيس الوزراء المصري المؤقت الذي قال بأنه لا يمكن وضع خطة إقتصادية شامله لمصر بمعزل عن الدول العربية الأخرى في المنطقة ’يبشر بكل الخير في رؤية إستراتيجية ثاقبة.. بينما أمعنت الحكومة الإخوانية المعزولة في إعتمادها على نظام المعونات الأمركية خاصة بما يتصل بالخطط الغذائية.. التي أعتمدت كليا على المعونة الأميركية في إستيراد القمح الأميركي.. وهو الأمر الذي أدى إلى تخبّط كبير في معظم قراراتها السياسية.. حتى فيما يتعلق بمدى مساندتها ودعمها للحقوق الفلسيطينية.. 

الحقيقة هي.. ومرة أخرى فشلت الحكومة الأميكرية في قرارها لدعم الإخوان ظنا منها بأنهم الأكثر شعبية.. والأكثر حرصا على مصالحها في المنطقة.. تماما كما فشلت في قراراتها السابقة تجاة العراق.. وأفغانستان.. ولكن هل تراجعها مؤخرا حين صرح البعض من قيادييها بأن القرار الشعبي المتمثل في حركة تمرد كان لدعم الديمقراطية الحقة وليست تلك المتخفيّة بشعارات التقية سيساعدها على كسب ثقة الإنسان المصري لخلق قاعدة شعبية ثابته للحفاظ على مصالحها؟؟؟؟

الطريق الوحيد للعالم العربي للخروج من أزمة التبعية الإقتصادية وأزمة البطالة.. ولخلق قاعدة شعبية تحفظ المصالح الغربية كلها ومصالحه وحقوقه أولا وبدون إستثناء..

تغيير الخطاب الديني لخطاب يتصالح مع نفسه ومع إنسانه المسحوق يؤكد أن المنطقة العربية جزء لا يتجزأ من العالم حولها.. ويؤكد قيمة العمل ذاته والإنسان رجل كان أو إمرأة. والخروج من الإعتقاد بان الحياة الدنيوية مجرد نفق مظلم تزيد البطالة من ظلامة.. وتزيد من توق الإنسان المسحوق والعاطل عن العمل للخروج من الدنيا شوقا للخلاص وتوقا للحوريات المنتظرين له.. كما جاء على لسان أحد الشبان المعتصمين في ميدان رابعة العدوية… حين قال “” جئت إلى هنا بكامل زينتي، حتى إذا ما رزقني الله الشهادة، فإني أقابل الحور العين متزينا متهيئا لهن»!!

إعتراف غربي وأمريكي بفشل سياستهم في التعامل الفوقي مع المنطقة والشعوب العربية وتوجيه المعونات الغربية والتي هي جزء لا يتجزأ من الفوائد الإقتصادية التي تجنيها الشركات الغربية من المنطقة..وإعادة إستثمارها في مشاريع تضمن إستيعاب أكبر عدد ممكن من العاطلين عن العمل.. والأهم قتل مشروع الأسلمة من أجل الجهاد لتحرير فلسطين بحل عادل للقضية الفلسطينية تضمن إحترام الحقوق المشرعة في قانون حقوق الإنسان…

تحرير مصر لا يتم بمليون شهيد من أجل رجل أثبت فشلا سياسيا في إدارة البلاد.. رئيس فقد مصداقيته من خلال أقوالة المتناقضة وأفعاله.. تحرير مصر لا يتم إلا بتحريرها من التبعية الإقتصادية لأي دولة غربية سواء اميركية أو غيرها…. وتحريرها لا يتم إلا بالعمل على دحض الفكر الظلامي الذي جعل الشهادة والموت من أجل إطلاق سراح الرئيس جهادا كما بدا جليا من قول الشاب…

نعم فصل الدين عن الدولة… 

منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية

About أحلام اكرم

كاتبة فلسطينية تهتم بحقوق الانسان منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية سعدت كثيرا حين وجدت مقالاتي منشورة على منبر المفكر الحر .. ولكن ما أود أن ألفت إنتباه المرحرر والقراء وللصدق فقط بانني وإن كنت أعتشق مصر وأكن الكثير من الحب والإحترام لمصر ولشعبها الكرام .. ولكني لا ولن أتنكر لأصولي الفلسطينية .. فأنا من أصل فلسطيني .. درست وتخرّجت من جامعة الإسكندرية .. وإن ندمت على شيء فهو عدم معرفتي أو علمي بما تحمله الإسكندرية من تاريخ عريق قرأت عنه في كتب الأستاذ يوسف زيدان .. أعيش منذ سنوات كثيره في لندن .. فيها تعلمت الحب .. والإنسانية والحياة .. ولكني لم أغلق عيني وأذني عن رؤية الجوانب السلبية أيضا في الثقافة الغربية .. وبكن تحرري وتحريري من العبودية التي شلّت تفكيري لزمن طويل .. هو الأساس الذي ثني على الكتابة علّني أستطيع هدم الحواجز بيننا كبشر .. وهي الحواجز التي إخترقتها حين إستعدت إنسانيتي وأصبحت إنسانة لا تؤمن بالحواجز المصطنعه .. وأروّج للحقوق العالمية للمرأة .. مع شكري العميق للمفكر الحر .. وتقديري للقراء ..
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.