متى ستحتفل المرأة العربية بعيدها

لا زالت الكثير من النساء ولحد يومنا هذا لا يعرفن بأن هناك يوما اصبح رمزا وتكريما لهن ولدورهن النضالي ولبطولاتهن وانتصارهن على القيود , بالوقت الذي لا زالت فيه النساء العربيات تتوجع من تلك القيود ومن حكم الرجال الذين تخلفوا عن باقي المجتمعات لقرون , حيث لا زالت فيه المرأة تصرخ ولا من مغيث لها , وتئن من سيطرة الرجل وقمعه ليعزز هو عقدة الرجولة التي اصبحت كابوسا له , فيجعل منها دمية يقودها ويحركها كيفما يشاء من خلال قمعها ومحاولات اذلالها كونه يحمل العقل وحكمة التدبير كما توهم .

يحتفل عالميا بهذا اليوم نساءا ورجالا بالإنجازات التي حققتها النساء سياسيا واجتماعيا بمساعدة اخيها الرجل , ونحن لا نزال نرضخ لتعاليم الكراهية ونشجع رذيلة الأفكار من ان المرأة خلقت لأشباع شهوة الرجل ولتحقيق متطلباته , ومن هنا بدأت المشاكل تحيط بنا من كل الأتجاهات ومن ضمنها مشكلة التحرش الجنسي التي لم تسلم منها اي انثى سواء باللفظ الكلامي او بالفعل .

فهي من المواضيع الحساسة التي تحاول مجتمعاتنا ان تركنها بعيداً خوفاً من الفضيحة التي ستلحق بهم , ولكننا نرى بأن هذه الظاهرة بدأت تتفاقم وتنتشر بكثرة في اوساط مجتمعنا , وكيف لا تنتشر وتزداد في ظل مجتمعات تضع اللوم الأول والأخير على المرأة وهي الضحية لهم , بل ويحملوها فساد وتخلف وحيوانية الرجال

هذه الظاهرة اخذت تتخطى مرحلة الاعتراف بها بل وتفاقمت ووصلت الى الأغتصابات , الامر الذي يستدعي التطرق لها وبشكل مكثف ودائم , والعمل الجاد لوقف تلك الانتهاكات التي تتعرض لها النساء.

— مجتمعاتنا تعاني من الكبت من جميع الجهات وللجنسين ايضا , ومما بات واضحا بأنه أي الكبت يؤدي الى ظواهر غير طبيعية والسبب يكمن في انه اسلوب غير طبيعي ودخيل على الأنسان سواء رجلا كان او امرأة , فينتج منه ظواهر غير طبيعية لا حصر لها .

فما نسمعه اليوم من حوادث وحالات تحرش فاقت الارقام القياسية عن ما كانت عليه في الماضي وتقشعر لها الأبدان هي اكبر دليل بأن هناك خطأً كبيرا بتنا نتشبث به , حيث كلما ازدادت اساليب الكبت كلما تفاقمت امور المجتمع , وكلما تفاقمت الأمور تفاقم الخوف والتوتر والأنحدار نحو الهاوية , والطامة الكبرى والتي تزيد طيننا بلل هو التكتيم عن هذه الحوادث خصوصا اذا تعدى فعل المتحرشين الى الإنتهاكات الجسدية خوفا من تشويه صورة مجتمعاتنا والخوف الذي يعتري صاحبة الشأن ايضا من المجتمع والمحيطين بها الذين سيضعون اللوم عليها بالدرجة الاساس , وخوف اهل المتحرش بها من الفضيحة , أي الخوف والخجل من واقعنا المرير الذي نشأنا عليه وتعودناه , فنحن شعوب تعودت عدم الكشف عن عيوبها والتستر عليها بسبب الخوف

— هذه الأساليب مؤكد ناتجة ومرتبطة ارتباط وثيق بالتربية التي ترعب الفتيات وتجعلها راضخة لهذه التعاليم دون قناعة منها مما يتسبب في عدم وعيها وانغلاقها على الحياة , أمام تشجع الذكورعلى ان يكونوا اشخاص معتدين ومتحرشين ليثبت البعض ذكوريتهم والبعض ينفس عن مكنونات نفسه والكبت الذي يعانيه , فيتعلم الصبي الأعتداء على الفتيات وعدم احترامه لحريتهن الشخصية في ما ترتديه متحججا بلباسها احيانا وبتصرفاتها احيانا اخرى .

— ما يفاقم هذه الظواهر ويطمس شعوبنا في التغلغل في قاع التخلف هي السلطات التي تكون لها المصلحة الكبرى في طمس هوية المرأة لتهميش دورها السياسي وشل قدراتها وبذلك تستمر هيمنتهم وبقائهم في السلطة .

— المرأة لديها توجسات طويلة الأمد وكابوسا يجثم على صدرها اسمه الرجل المتحرش متخوفة منه دوما , تلقّن منذ صغرها من قبل الأهل والمجتمع بالأبتعاد عن جنس الذكور مما يزيد تفاقم الأزمة ويزيد الكبت للجنسين , وان كانت سيدة لا يقل خوفها من الرجال في الأختلاط بهم , بدأ الخوف يتسع ليصل الى هاجس المحارم , فلن تسلم المرأة من الاب ولا الأخ ولا الخال او العم ووصل الحال الى التحرش بالأطفال ذكورا واناثا , الدور كبير جدا وصعب في توعية مجتمع كاملا حيث يبدأ من التعليم كأساس للطفل في مدارس تخلط الذكور بالأناث مع هيئات تدريسية نزيهة قادرة على ان تربي هؤلاء الأطفال تربية جنسية سليمة ومبسطة وتدريجية , نحن شعوب نتخوف ونتحرج ونخجل من رؤية وجوهنا الحقيقة نهتم بالشكل الخارجي للمجتمع ونهمل حقيقته التي بدأت تفوح برائحته النتنة , ونبتعد دوما من هذه المواضيع التي تعتبر اساسا لكل منا

— العلاقة وثيقة بين ثقافة المجتمع المتدنية وما يلحق بابنائه من كبت للمرأة والذي سيلحق انفلات للرجل.

— هناك علاقة وثيقة جدا بين الكبت الجنسي والتحرش الجنسي وللسبب ذاته نرجع ازدياد ظاهرة الحجاب ومن ثم ونتيجة لهذه الظاهرة تتزايد نسبة التحرشات وتتوضح معالمها اكثر من السابق في مجتمعاتنا العربية برغم عاداتنا المتزمتة وبرغم الرفض لهذه الظاهرة وبرغم التشدق بالأعراض والأعراف والشرف , لكننا نلاحظ غرق مجتمعاتنا بحلقة مفرغة , فالخلل كبير في بنيتنا الأجتماعية والاسرية والتعليمية والمؤسف له بأن هذا الانحدار قابل للزيادة ما لم نضع له حلا سريعا يتضمن قانونا قويا يردع به المعتدين كحل اولي لوقف حالة مرضية تنتشر كالسرطان تنخر في مجتمعنا , ومن ثم يبدأ التعليم الصحيح لبناء الأجيال وتغيير تدريجي في ازالة ما تجمع من مفاهيم خاطئة لدى الشباب نتجت عنها ظواهر خطيرة من خلال توعيتهم .

— الأوضاع التي نمر بها اليوم والتي تدعو الرجال الى هذا العمل من خلال تحصينهم ضد اي عقاب قانوني ودون اعلان هذه الحالات والأهتمام بها , ومن خلال فسح المجال للرجل خفية وتشجيعه على عمله هذا أمام تحفظ النساء على الفعل القائم ضدها خوفا من الحرج وخجلا له الثر البالغ في استمرار تلك الممارسات.

— هناك الكثير الكثير من ما يجب عمله في مرحلتنا من خلال التركيز على قضايا المرأة وزيادة الوعي الشعبي لنسائنا بحقوقهن وقضاياهن , والتركيز على منظمات المرأة والعمل الجاد في الوصول لشرائح عديدة من النساء لتوعيتهن وابتكار وسائل عديدة لهذا الشأن , فلا زالت الكثير من نسائنا لا تعي حتى بيومها هذا ولا تعلم كيف صار العالم يحتفل به , وان علمت فلن تعلم بتفاصيله , فعلى الرجال والنساء مسؤولية كبيرة جدا وعمل شاق في هذا المضمار لأجل رفعة مجتمعاتنا .فؤادة العراقية (مفكر حر)؟

About فؤاده العراقيه

كاتبة عراقية ليبرالية
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.