قصة و حكمة من زياد الصوفي.. 98

الحلقة الثامنة و التسعين..

القصة:

بعد فضيحة و كارثة بيع الجولان، و الاسترداد المهين لجزء من أراضي القنيطرة.. أهالي هالمدينة اللي اتسمو نازحين بوقتها، اتشردو أكتر بعد ما رجعت هالمدينة و لا حدا فيهون أخد حقو بحجة أنو البيوت المهدمة لازم اتضل شاهد على إجرام اسرائيل، أما الحقيقة فهية الاتفاق الأمني بين نظام الأسد و اسرائيل على تفريغ هالمنطقة من السكان..

عيلة من هالعيل النازحة من آل بيطار، متلهون متل كل باقي العيل اللي اتشردت داخل و خارج البلد..

أبو عمار واحد من هالعيل اللي قررت تقعود بالشام و ما تطلع برا سوريا على الرغم من كل تسهيلات السفر اللي قدمها النطام لعائلات القنيطرة منشان يخلص من همهون..

سنة 81 و اثناء مجازر حماة و حلب، و بليلة ما فيها ضو قمر، بيندق الباب بنص الليل على بيت أبو عمار المؤقت بالشام، و من بين أولادو الخمسة و زوجتو أخدوه لمصير مجهول متلو متل آلاف السوريين بهداك الوقت..

أم عمار هالزوجة الصابرة، فاقت الصبح لتشوف حالها مع خمس أفواه صغيرة مفتوحة للسما و ما بتعرف تشكي همها و قصة زوجها لمين..

بتحمول حالها و بتروح لعند أخوات زوجها عم تشكي اللي صار معها.. الشباب ما تركو مسؤول بالبلد ما طرقو بابو، من علي دوبا لأصغر موظف بالدولة، و ما حدا قدر يفيدهون و لا حتى يتدخل بمعرفة وين و بأي جهة أبو عمار معتقل..

والله نحنا ما النا علاقة..

دخيلكون ما اتدخلونا بهيك قصص..

المعتقل ما موجود عندنا ..

هيدي نوعية الأجوبة اللي ضلو يسمعوها خمس سنين من بعد الاعتقال و لا حدا عم يطلع معو يجيب خبرو لأبو عمار..

بعد كل هالوقت اللي مر، و بعد ما بديت أم عمار تيأس من إمكانية ملاقاة زوجها، بيجيها خبر من أحد صديقاتها بالشام أنو في وحدة بتكون أمو لمدير السجن مستعدة لتأمنلك زيارة لزوجك مقابل قطعة دهب بست آلاف ليرة..

هالمسكينة أم عمار لو بتبيع اللي فوقها و اللي تحتها ما بيطلع معها هالمبلغ، فراحت عند أخوات زوجها و خبرتهون أنو أمو لمدير السجن عم اتأمن زيارات لسجن تدمر مقابل قطعة دهب..

خلص ولك أم عمار كبري عقلك، إذا علي دوبا ما طلع بأيدو هالشي، رح تقوليلنا أنو أم مدير السجن هالختيارة بيطلع بأيدها تعملك زيارة!!!

بالسر عن أولاد حماها بتروح أم عمار بتبيع عفش بيتها اللي نزحت ألو و بتركب بنص الليل بهوب هوب اللادقية و بوجهها على ضيعة الهنادي..

حتى تستدل على بيت ابن الغانم مدير سجن تدمر ما كانت مشكلة أبدا، لحقت طوابير النسوان اللي حاملين دهباتهون و رايحين يقابلو أم سليمان..

لما بيوصل دورها بعد نظرة تلات ساعات، بتكتبلها على ورقة صغيرة بعد معاينة قطعة الدهب:

يسمح لحامل الورقة بزيارة السجين فلان بيطار..

يكتر خيرك يا أم سليمان، و لا ننحرم من كرمك أبدا و اتضلي تاج على راس هالفقرا المعترين..

ايه خلص بقا حاجتك أكل خرا، لولا زوجك حيوان خاين ما كنت اضطريت حتى شوف هالخلقة النسة.. روحي انقلعي من هون..

بتحمول أم عمار هالورقة الممهورة من صاحبة المعالي أم سليمان و بنفس الهوب هوب خط كل المحافظات – أم سليمان بتركب و بوجهها عالشام..

أكلت بهدلة المسكينة من أخوات أبو عمار أنو هيدي وحدة نصابة و ضحكت عليكي و خلتك مع أولادك الخمسة بدون عفش تسترو حالكون فيه..

ما بترد أم عمار على هالحكي و بتحمول حالها تاني نهار و بتاخود تاني هوب هوب خط أم سليمان- سجن تدمر..

طوابير الزوار بتشوف أولها ما بتقدر اتشوف آخرها، و بعد ما قطع نص النهار، بيطلع شرطي من جوا و بيصرخ :

خلصت الزيارات اليوم، يللا روحو انقلعو من هون و بكرة ارجعو..

على ريق بطنها أم عمار، بتسند حيط صوب السجن و معها ميات النسوان اللي متلها بانتظار تاني نهار يطلع لتشوف زوجها و تتطمن عليه..

خمس دقايق و من ورا قفص حديد، بتلمح أبو عمار و بتحكي معو و باتطمنو على أولادو و بترجع عالشام حاملة دموعها و شوية أفكار كيف رح اتدبر تاني قطعة دهب لتعطيها لأم سليمان منشان زيارة تانية..

الحكمة:

باع سوريا و أراضيها أبو سليمان..

ابتزت نسوان المعتقلين أم سليمان..

شو فرقتو يا ولاد الصرماية عن اللي لاحقين نجمة سليمان..

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.