قصة و حكمة من زياد الصوفي..108

القصة:

ما بعتقد في حدا منكون رح يزعل لأنحيازي لمدينتي اللادقية..

اللادقية المدينة اللي خلقت فيها، حي العوينة، زاروب البوش.. و اتعلمت بمدارسها و كبرت بمشروع صليبتها، و حبيت نادي حطين فيها، و ما تركت مباراة لتشرين ما حضرتها..

اللادقية هية كل ذاكرتي، و عم بعمول كلشي اليوم لحتى أرجع عليها نضيفة من وباء شوهها من خمسين سنة..

اللادقية مدينة معترة.. ايه معترة، و اللي صابها ما صاب أي مدينة تانية.. الكل كان يتطلع علينا و ما يشوف إلا سماسرة الشاطىء الأزرق اللي بينصبو عليهون، أو شبيح التقو فيه و هنن بطريقهون عصلنفة أو كسب..

دفغنا تمن ما حدا دفعو، و هبينا لصرخة أهل درعا قبل أي حدا، و أكلنا نصيبنا قبل كل باقي المدن..

بيسألوك وينها اللادقية اليوم؟؟

اللادقية موجودة، و ثوارها منتشرين بكل أرض سوريا.. بتروح عادلب بتشوف لوادقة، بتطلع عحلب بتلتقى بلوادقة، بتنزل عالشام بتتفركش باللادقاني..

بس ليش اللادقية نايمة و ما عم تتحرك اليوم؟؟

حكاية اليوم رح تعطيكون الجواب.. سؤال أنا متأكد عم يخطر عبال أي سوري اليوم.. بس مع الأسف ما حدا عم يحاول يحصل عجواب لسؤالو..

رامي، شيخ الشباب متل ما أنا بحب ناديلو.. سمع متل أهل اللادقية صرخة أهل درعا و كان من أول مين ركض عالساحة..

اجتمعنا بساحة الصليبة، و ما رح قلكون أنو اتفاجأت بالوجوه اللي التقيت فيها هونيك، بعرف أهل البلد ابضايات و صحاب كلمة حق..

رامي كل يوم يترك المكتب السياحي اللي بيملكو بعد الضهر و يركض ليشارك باعتصامات اللادقية و مظاهراتها..

بعد ما انقمعت مظاهراتنا برصاص جيش العهر، ما كان النا ملجأ إلا الرمل الجنوبي الأبي..

كل يوم رامي عم يشارك و عم يهتف بعلي صوتو، الله سوريا حرية و بس.. الله سوريا حرية و بس..

و بليلة من ليالي رمضان 2011، كانت آخر مرة بشوفو فيها لرامي..

لما سألت عنو و خير ما بقا عم شوفو؟؟ كان الجواب: الله يفك أسرو، مبارح جقيلات الليل طحشو على بيتو و اعتقلوه من ضمن لائحة شباب من أهالي حارتو..

شهرين انقضى و أخبار رامي مقطوعة، كل اللي بعرفو أنو بسجن فرع الأمن العسكري بمشروع الأوقاف باللادقية..

شهرين كاملين بيمرو لما بشوفو بالصدفة لرامي بشارع بغداد خسران نص وزنو و هيئة القهر و الظلم على وجهو..

قعدنا عالقهوة و حكيلي قصتو..

خلصت شغلي يا أبو الزوز، سكرت المكتب و بوجهي عالبيت.. لسا ما خلصت عشا لما بيرن الجرس، بتفتح أمي و بتصرخ صوت بالمقلوب: يا رامي جايين ياخدوك..

على صوت صراخ أمي و على صوت مسباتهون انحشرت بسيارة كيا مع اتنين شباب معتقلين و أخدونا مكلبشين على فرع الأمن العسكري بالأوقاف..

بعد بيومين توقيف، بيصرخ السجان جوا اسمي و أسماء عشر شباب تانين عالتحقيق..

بيغمضولنا عيوننا و بيطالعونا لنشوف عأساس الضابط المحقق..

ولك حيوان بدك تشارك بانقلاب عسيادة الرئيس؟؟

هاد كان السؤال الوحيد اللي سمعتو قبل ما يبدا الضرب..

ساعتين و أنا و مغمضين عيوني كل ما مر حدا من صوبي يضربني كف أو لبطة عضهري و يسب علي أنو أنا خاين و يمشي ليجي اللي بعدو..

ساعتين عهالحالة و بسمع صوت شب عم يصرخ:

وين هالخونة ولاد الشرموطة؟؟

طول بالك يا سيدي و لا تخض حالك، شوية خونة و لا توسخ دياتك فيهن..

و بلش هالضابط اللي شكلو يا أبو الزوز رئيس الفرع يمر على كل واحد فينا، بالكف و اللبط و الضرب بطرف البارودة على روسنا..

تاني ليلة نفس الشي، بيطالعوني مع شباب معي بالزنزانة مربطة عيونا و منسمع نفس صوت الضابط داخل و عم يسب و العساكر عم يحاولو يهدوه..

كف ياخذني مع كل مسبة و لبطة تجيبني مع كل لبطة..

عشر أيام يا أبو الزوز على هالحالة..

يطالعونا بالليل و يطحش علينا هالضابط اللي ما منعرف عنو شي و لا نميزو إلا من صوتو و بذاءة لسانو و ساديتو، و من نوعية و طريقة الضرب اللي كان يضربنا ياه، لدرجة أنو كنت حس عالعساكر انهون خايفبن منو أكتر مننا..

ليلتها يا أبو الزوز..

بديت حفلة القتل و الضرب و الكفر و المسبات، و هالطماشات الكاوتشوك على عيوننا، ما عم نعرف من وين القتل رح يجينا..

بكف من كفوفو على وجهي، بتوقع شوي هالطماشة، و بدون ما حدا يحس اتطلعت بوجهو لهالضابط لحتى اتعرف عاللي عم يتلذذ كل يوم بالليل بضربنا..

و كانت يا معلم المفاجأة..

حافظ منذر الأسد، اللي ما عندو لا منصب بالأمن و لا دور بالمخابرات، و لا حتى موظف بالدولة، كل يوم بيجمعولو هالمساجين بالليل و هوة بطريقو على بيتو ليمارس ساديتو علينا..

شهرين ضليت بالمعتقل لحد ما فرجا رب العالمين.. ستين يوم و هالكلب ابن الكلب حفيد الكلب عم يدخل عالفرع و يضرب هالمساجين و يفرغ حقدو..

اللي مستغرب وينها اللادقية!!!

هنا اللاذقية…

العتب مو عليها، عتيها كبير عليكون كلكون انكون تاركينها..

الحكمة:

أربعين سنة و اللادقية عايشة تحت الذل و القهر و المسبة..

يوم اللي منعتب علبكون، فعتبنا على قدر المحبة..زياد الصوفي – مفكر حر؟

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.