قصة و حكمة من زياد الصوفي ..115

القصة..

كل شباب سوريا بعد ما يخلصو دراستهون بتلاقيهون يا عيني و بأول مهمة الهون بعد الخدمة الالزامية , استخراج جواز السفر و السعي بين السفارات و مكاتب السمسرة للحصول على شي فرصة عمل بشي دولة خليجية..

اللي بيتطلع على سوريا و عمرها بالارض و خيراتها و مصادر دخلها, بيستغرب كتير أنو كيف شبابها بيتركوها و بيمشو على بلاد تانية منشان لقمة العيش..

بس الاجنبي اللي بيستغرب هالظاهرة, ما بيعرف انو اسباب الهجرة كتيرة, و ما بتقتصر بس على الحاجة المادية و قلة فرص العمل بالبلد..

الثروات بسوريا كتيرة, و الكل بيعرف بتفاصيلها.. بس كتير قلال اللي بيعرفو كيف بتتوزع هالثروات و على شو بتنصرف..

اربعين سنة و النفط السوري بينباع لشركة بقبرص بعقود بتتجدد كل خمس سنين و بيتثبت فيها السعر خلال مدة العقد..

العقد الاخير قبل العقوبات المفروضة كان سعر البرميل مثبت ب 27 دولار و قيمة المبيع الحقيقية ب 60 دولار.. و الكون انتو انو تحسبوها وين ال 33 دولار الفرق عم يروحو و بحسابات مين عم ينزلو..

حكاية اليوم بأجواء النفط نفسها..

شركة ليد ، هية شركة تابعة و مملوكة لنزار الاسعد و غسان مهنا احد اكبر تجار و ناقلين البترول السوري بالعشرين سنة الاخيرة.. و اصحاب اكبر شركة انشاءات نفطية في سوريا و الجزائر, و نزار الو صلة قرابة بمحمد مخلوف ( ابو رامي ) , اما غسان مهنا فهوة عديل محمد مخلوف..

الشركة بتملك مجموعة من البواخر العاملة على نقل النفط السوري الخام للموانئ القبرصية, و لسبب رح تعرفوه لاحقا, كانو كل البحارة من اصغر عامل للقبطان من حاملين الجنسية القبرصية..

الرحلة المقررة يومها بصيف 91 من مينا طرطوس لميناء ليماسول القبرصي, و الحمولة متل العادة نفط خام سوري..

الرحلة بأسوء حالاتها و بأسوء العواصف ما بتاخود اكتر من 12 ساعة, بس ليلتها مر الليل كلو و الباخرة بعدها ما وصلت..

بيفتحو عيونهون البحارة تاني يوم ليشوفو حالهون بمرفأ لأول مرة بيمرو عليه.. و خلال ثواني عشرات من الشرطة و الامن الاسرائيلي معبايين سطح الباخرة و عم يطلبو من البحارة الاجتماع لتسليم جوازات سفرهون..

و بدل الختم على الجواز متل العادة, بيعطوهون تصريح ( شورت باس ) منفصل عن الباسبور , منشان ما يتركو أي أثر لأي زائر لاسرائيل بحال قرر الرجعة لأحد المطارات او المرافىء السورية..و بنهاية التفريغ و قبل ما تنطلق الباخرة من المرفأ بترجع الشرطة و بتستلم كل التصاريح الموزعة..

بيخلصو تفريغ الشباب خلال ست ساعات, و ببتنطلق الباخرة مرة تانية على مينا ليماسول لتقوم بتفرغ الحمولة المسجلة..

ست شهور على هالحالة..

تسع زيارات لنفس الباخرة تنطلق من مينا طرطوس, تتوجه بالبداية لمينا حيفا, و بعدها ليماسول و ترجع بالاخير على طرطوس منشان التحضير لرحلة تانية..

احد البحارة اللي كانو على ضهر هالباخرة, و من معرفتو بطبيعة العلاقة بين سورية و اسرائيل, كان كل ما أخد تصريح من الشرطة الاسرائيلية بدخول مرفأ حيفا , يروح يصورو و يحتفظ بصورة الو , للاستفادة منها بيوم من الايام بابتزاز شركة ليد..

و متل العادة و متل كل مرة, بيوقع الغلطان بالخطأ.. و بتتأخر الشركة شهرين عن دفع مستحقات العمال و البحارة, فبيقرر هون هالشب القبرصي يستفيد من التصاريح اللي معو..

و بأحد رحلات العودة لطرطوس, بيحضر هالبحار ملف بكل صور التصاريح اللي معو و بوجهو عند رئيس الضابطة الجمركية بمرفأ طرطوس ( غانم شباط )..

لما غانم بيشوف هالملف, بيعتقد المسكين انو صفقة العمر في السلك الامني اجت, و اجا الوقت ليقبر الفقر و يصير محل علي دوبا بهداك الوقت..

بيسهر الليل على كتابة التقرير اللي رح يسلمو شخصي لرئيس فرع أمن الدولة بطرطوس تاني يوم, مرفق بصور التصاريح اللي اخدها من البحار القبرصي..

لما بيوصل عالفرع تاني يوم و بيقابل رئيس الفرع و بيشرحلو الموقف كلو و بيقدملو التقرير.. بيصدر أوامر رئيس الفرع بمداهمة الباخرة الراصفة بمينا طرطوس و احتجازها بكل طاقمها..

خلال دقايق كان مرفأ طرطوس مليان عناصر أمن و مخابرات و شرطة عسكرية و جمارك, و الباخرة باللي فيها صارو قيد الحجز..

بسرعة وصول و انتشار عناصر الامن بالمرفأ كان الخبر واصل لنزار الاسعد اللي بيركب سيارتو و بيهرب على بيروت لحتى يتلفلف الموضوع بالشام و يندار و ينطبخ بحيث ما حدا يتأذى..

و بالفغل بيوصل الموضوع لحافظ الاسد اللي بيأمر باحالة كل ضباط امن طرطوس يومها و اللي اتدخلو بهالموضوع عالتقاعد مع المكافأة منشان ما ينحكى بالموضوع اكتر, و بينحكم على نزار الاسعد بمتابعة أعمالو بتهريب التفط السوري لاسرائيل مع مراعاة اختيار الطقم اللي رح يشتغل على البواخر من تاريخ الحادثة, و بالفعل بيوقع الخيار على بحارة اسرائيليين بيحملو باسبورات سورية مزورة على اساس هنن من جزيرة أرواد السورية..

الحكمة:

باعوكي و قبضو حقك مصاري و قعدتهون عالكرسي..

ما حدا يقلي اتزوج يا زياد، يوم خلاصنا من هالنتن هوة يوم عرسي..زياد الصوفي – مفكر حر؟

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.