قصة وحكمة من زياد الصوفي.. 128

القصة:

النظام السوري عاش اربعين سنة معتمد على عاملين: عامل الفساد و عامل الترهيب لضبط المجتمع السوري..

مكافحة الفساد من أبرز الأمور اللي رح انواجهها باليوم الاول بعد بشار الاسد.. سرطان اتغلغل بشكل ممنهج بالمجتمع السوري و جعل سوريا تجي بمراتب كتير متأخرة بالتصنيفات الدولية..

النظام عمل بشكل متعمد على بسط هالحالة, و جعل المستفيدين من قضايا الفساد بيشكلو عدد كبير من السوريين لأكتر من سبب.. لمسكهون من ايدهون اللي بتوجعهون في حالة العصيان, و منشان تنفيع اصحاب النفوس الضعيفة و اللي مع الاسف ما في احصائية ممكن تعبر عن اعدادهون..

بس من الطبيعي نميز بين قبول رشوة بسيطة لتسريع معاملة قانونية, و بين رشوة كبيرة لتمرير قضية بتمس بالامن القومي للبلد..

أمثلة الفساد كبيرة كتير, و ضحايا الفساد بالملايين من الشعب السوري, و اليوم رح احكي قصة من الاف القصص اللي صارت بمرفأ طرطوس و اللي ما ممكن يمر يوم الا تصادف فيه حكاية بتنحكى..

قصة اليوم عن جوزيف من طرطوس ، بنهاية التسعينات جمع ورثتو من أهلو و اشترى باخرة صغيرة و صار يشتغل عليها بنقل البضايع الخفيفة عالموانئ القريبة لمينا طرطوس..

محمد عبود مدير المرفأ( نسيب علي دوبا ), و مع طلعة كل ضو.. بيمر مندوبين التجار و اصحاب السفن لأداء واجب الطاعة و دفع الاتاوة الرسمية بحسب تسعيرة الدولة لأي معاملة قيد التنفيذ, بالاضافة للرواتب الشهرية المقطوعة و المخصصة لسيادتو عند راس كل شهر..

بيسمع جوزيف أنو لحماية باخرتو و حماية البضاعة المحمولة على سطحها, لا بد من زيارة لعند المدير بشكل دوري و دفع المعلوم..

بتوصل الباخرة جاية من اليونان و محملة براميل, و بينسى جوزيف يمر على صاحب المعالي متل العادة..

بتحمر عينو للمدير و بيحملها بألبو بدون ما يحكي مع جوزيف أي كلمة و بيتركو يخلص تفريغ لحمولة الباخرة و ضمنا عم يقول بنفسو :المرة الجاية يا جوزيف رح عوّضها منك و باكبر منها..

جوزيف بيستغرب أنو كيف حمولة اليوم مرت بدون ما يعمل زيارة, هالشي اللي بيشجعو اكتر بالمرة الجاية أنو يوفر على نفسو الاف الدولارات معتقد أنو هالبلد و بسحر ساحر انصلحت و هالمدير الله عفى عنو و بطًّل يقبل الرشوة..

شهر بيمر على هالحادثة و القصة بعدها عالقة براسو للعبود و ما نسيانها أبدا, و ناطر باخرة جوزيف توقف مرة تانية لحتى ينقّض عليه و يطلب بتعويضو عن الباخرة اللي قطعت المرفأ بدون ما يكسب منها شي..

جوزيف لما وصلت باخرتو يومها, اتعمد ما يروح لعند المدير و صدق حالو أنو بطلت حكاية الرشوة..

حمولة هالمرة كانت براميل قطر مكثفة ( غلوكوز ).. و أثناء التحضير لترصيف الباخرة و بدء أعمال التفريغ, بيوصلو شبيحة العبود ( حرامية المرفأ ) بسيارة بيك اب و معهون برميلين مازوت..

بيحملو هالبرميلين على الرصيف و قدام كل البحرية و بيرمو براميل المازوت بشكل متعمد عالرصيف صوب الباخرة..

البحارة اعتقدو أنو الموضوع حادث, و ما في شي بيتاكل همو..

بس الموضوع كان اكبر من هيك..

بيركض أمين الرصيف المتفّق مع مدير المرفأ و بيكتب تقرير أنو في تسريب مواد نفطية من الباخرة , الشي اللي سبب تلوث بالمرفأ، و عليه لازم تتحجز الباخرة و يتعرض صاحبها للغرامة..

انكتبت المخالفة خمسة مليون ليرة, و انحجزت الباخرة..

بيركض جوزيف لعند العبود و هوة جانن.. دخيلك سيدي داخل على عرضك..

ولك له له شو صاير معك هاكا؟؟؟ صحي متل ما اسمعت؟؟ قال باخرتك عاملة تلوث بالمرفأ؟؟؟

دخيلك يا معلم, حل الموضوع و أنا جاهز لأي شي..

والله يا جوزيف الموضوع طلع من صلاحياتي و صار بفرع أمن الدولة, و أبقا فيني أعمل شي..

ست شهور الباخرة محجوزة, و خسارة عدم تحميلها عشرات الملايين, و غرامة حجز الرصيف ملايين تانية..

باع جوزيف اللي فوقو و اللي تحتو، و اتدّين المبلغ الباقي ليسدد الغرامة و كتبلو العبود ربع الباخرة باسمو بشكل سرّي

فشّة الخلق و سبحان رب العالمين..

شهر بعد هالقصة, و هوّة العبود طالع من المرفأ عالضيعة.. بيعمل حادث, و بتحترق السيارة فيه و بيحترق معها..

الحكمة:

كلّفت ملايين حماية جوزيف ابن حمص العديّة..

لسّا أحكو أنو النظام ما بيحمي المسيحيّة..زياد الصوفي – مفكر حر؟

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.