غزوة مرسي لطهران والضراط على البلاط

طلال عبدالله الخوري 31\8\2012

هلل العرب لغزوة رئيس مصر الإسلامي محمد مرسي لطهران, معقل الفقه الشيعي وتولية الفقيه, والتي تهدد جوارها العربي السني بتصدير ثورتها الإسلامية الخمينية لها, وتصارع العالم لامتلاك السلاح النووي والذي سيفرضها كقوة إقليمية في المنطقة على حساب دور الدول العربية واستقرار أنظمتها في الحكم.

سبب هذا التهليل هو أن الرئيس المصري الإسلامي المنتخب قد افتتح خطابه بقمة عدم الإنحياز بالصلاة على عمر وأبي بكر وعثمان (رع) والملعونون بالمعتقد الشيعي , وكأنه بهذا أعاد فتح القدس من جديد؟ أو ربما هو تجديد لانتصار معاوية ابن أبي سفيان على علي بن أبي طالب بخديعة رفع المصاحف و خلع الخاتم, وتثبيت الصاحب؟ أو ربما تجديد للانتصارات  الدموية لعائشة (رع) بمعركة الجمل على الحسن والحسين (رع)؟

مساكين العرب!

 بسبب خلو سجلهم التاريخي من أي انتصار, أو أي إنجاز على أي صعيد  , فهم يبحثون ومتعطشون للإدعاء بالإنتصار حتى في الوهم والسراب!

هل كانت إيران ستتصرف بنفس الطريقة لو أنها نجحت بإنشاء القنبلة النووية وأضحت قوة إقليمية لها خصوصيات امنها القومي و مصالحها الإستراتيجية والتي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار وتحترم من قبل المجتمع الدولي بعد أن تكون قد فرضت هذا الاحترام بالقوة النووية؟

من المؤكد أن سبب سكوت الولي الفقيه خامنئي وسكرتيره نجاد على تطاول مرسي هذا هو مبدأ التقية؟
حيث أن التأصيل الفقهي لهذا هو وجوب السكوت حاليا ولو على مضض, لان أولوياتهم في الوقت الحالي هو التركيز على مشروعهم النووي, وعدم إضاعة الجهود بمشاكل ثانوية يمكن لها أن تنتظر؟

أنا كسوري اشكر مساندة مرسي للشعب السوري وثورته ضد الطغيان, و من اجل الحرية والكرامة, ومن على منبر عدم الانحياز بطهران, ولكن أثر هذا التأييد عملياً هو ضئيل جداً, فالسيدة رايس ممثلة الولايات المتحدة الأميركية بالأمم المتحدة قامت بأكثر مما فعله مرسي بكثير, ومن على منبر مجلس الأمن الدولي وهي متقدمة على كل الدول العربية في هذا المجال وهي ممثلة القوة العظمى الوحيدة بالعالم.

بالواقع إن ما حصل بكل من مصر وتونس حتى الآن من ثمرات الحكم الإسلامي لهذين البلدين السباقين بالربيع العربي لا يبشر بالخير أبداً؟  لا بل كان له اثر سلبي على تقدم الثورة السورية؟ حيث زاد من ريبة الشعب السوري بالإسلاميين فيما لو وصلوا إلى السلطة بسوريا كبديل لنظام بشار الأسد الإستبدادي.

وإذا كان مرسي والإسلاميون بكل من مصر وتونس يريدون فعلاً  أن يساعدوا الثورة السورية ويقنعوا الشعب السوري بأن الإسلاميين قد تغيروا ويمكن أن يثقوا بهم لان يقودوا البلاد إلى الحداثة والتحضر فعليهم القيام بالتالي:

أولا: الاعتراف بحقوق الإنسان, وحقوق الأقليات, كما هي واردة بالمعايير الدولية وبشكل صريح ومن دون أن يتم تشويبها بأحكام فقهية تحتمل التأويل والتي تجرد الحقوق من مضامينها.

ثانيا: تبني دستور حضاري مماثل للدساتير بالدول المتحضرة وأيضا من دون تشويبها بأحكام الشريعة الإسلامية والتي تجرد الدساتير العلمانية الحضارية من مضمونها.

ثالثاً: استقلال القضاء وفصل السلطات التشريعية والتنفيذية لكي يثق المواطن والمستثمر بالحكم وبالعدالة ويتشجع على العمل والإستثمار وبالتالي تحسين الاقتصاد وإزدهار البلد.

رابعاُ: المنافسة بجلب الاستثمارات الأجنبية والعربية وذلك باعتماد الاقتصاد التنافسي.
لقد قام مرسي بزيارة اقتصادية للصين: فعلى أي أساس تم توقيع الاتفاقيات الإقتصادية هناك؟
هل على أساس إعطاء مجموعة معينة من المقربين ميزات احتكارية استثمارية, أي بالضبط كما كان يفعل مبارك وبالتالي نكون قد استبدلنا مبارك بمرسي, أو على أساس التنافس بالاستثمار والأفضل والأجدر هو الذي يحصل على الاستثمار؟
وبهذه الطريقة فقط تتم ترجمة الانتعاش الاقتصادي من جراء الانفتاح الاقتصادي إلى رفع مستوى دخل المواطن.

من دون هذه الخطوات فإن غزوة مرسي بطهران هي, وكما يقول المثل السوري الشعبي, مثل الضراط على البلاط وليس لها إي اثر يذكر.

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

About طلال عبدالله الخوري

كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا. مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ. دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات باكلريوس : هندسة الكترونية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to غزوة مرسي لطهران والضراط على البلاط

  1. س . السندي says:

    أخر الكلام .. مر كالسهام ؟
    ١: إن الشعوب العربية والإسلامية مالم تتعض وتتصف بالعقلانية لتحفر قبرها بيدها عاجلا أم أجلا ، فالعالم لن يصبر عليهم إلا مالانهاية ، ولن تطول القصة حتى تراهم يموتون بالملايين جوعى أو عطشى أو مشردين وعلى أنفسهم يكونو قد جنو ، فلاشئ يهلك المرء أكثر من حماقاته ؟

    ٢ :إن أمريكا لم تأتي بمرسي على الكرسي حبا به أو حبا بمصر ، بل ستتخذه مطية لتنفيد أجندتها رغم أنفه ، فإما الجلوس على الكرسي مطمئنا وإما خوازيق الناتو وخوازيق إخوانه العرب ، ولقد رأينا حتى بين أل يعرب أنفسهم من يتبرع لهم لقتل بعضهم البعض ، فلا مبادي بعد اليوم ولا صدقات بل دنانير أو دولارات أو تومنات ؟

    ٣ : أمريكا لم تأتي بالإسلاميين حبا بهم ، بل ليحرقو بلدانهم وشعوبهم حتى ينتفظو عليهم ، وليكون لها العذر لحرقهم في حرب لاتذر ولا تبقي وبأسلحة لاتخطر على بال أحد عندما تحين الساعة ، ولقد رأينا ثمن غزوة البرجين دولتين بشحمهما ولحمهما العراق وأفغانستان ، ومايجري في بقية الدول ثمن غزوات موسكو ولندن ونايروبي ومدريد والحبل على الجرار والعاقل من يحلل ويتعض ، سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.