ضحايا صدام حسين 2

 صباح ابراهيم

الفصل الثاني

احمد حسن البكر اول بعثي يحكم العراق

احمد حسن البكر
ولد البكر في تكريت عام 1914 وتخرج في دار المعلمين، وعمل في التدريس، ثم دخل الكلية العسكرية، ووصل عام 1958 إلى رتبة عقيد، وشارك في انقلاب عام 1963 وعين نائبا لرئيس الجمهورية ورئيسا للوزراء، ثم اصبح رئيسَ الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بعد انقلاب البعث في 17 تموزعام 1968.
العلاقة ببن البكر وصدام                             
كان من اقرب اعوان احمد حسن البكر الرجل الثاني في الدولة ابن تكريت الشاب المندفع والطموح صدام حسين التكريتي .
      كان البكر وصدام يبدوان يكمل بعضهما بعضا في الحزب والقيادة، فقد كان صدام مسؤولا عن الأمن، والبكر مسؤولا عن الجيش، ولم يكونا يبدوان مختلفين، وإن كان واضحا أن صدام هو الأكثر أهمية ونفوذا في الحزب والدولة، وأن طموحه لا حدود لها، إلى أن اكتملت سيطرته على مرافق الدولة والحزب عام 1974، وبرغم ذلك فقد كانا يبدوان ظاهريا متفقين حتى عام 1979 عندما أجبرصدام البكر على تقديم استقالته.
الحقيقة المخفية هي ان البكر اراد التخلص من صدام في اول يوم الانقلاب ضد عبد الرحمن محمد عارف، حيث استناداً الى مصادر ثقة، ان الرئيس احمد حسن البكر، وهذا سر لا يعرفه الكثيرون، في ليلة التواطؤ لاحتلال القصر الجمهوري في 17 تموز 1968 خاطب البكر حردان التكريتي قائلاً: “يا حردان هذا الولد (صدام) لم يدخل في عقلي فهل تخلصنا منه الليلة”. رفض حردان تنفيذ هذا الطلب. وكان هدفه اثارة الشقاق بين البكر وصدام، لأن حردان حقد على البكر اكثر من حقده على صدام. وكان حردان قد رفض في مرة سابقة يوم 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 1963 طلباً من الرئيس عبدالسلام عارف لاغتيال ميشيل عفلق وامين الحافظ وجميع اعضاء الوفد القومي الذي كان موجوداً في بغداد يوم 18 تشرين الثاني 1963 (يوم حسمَ عبدالسلام عارف الصراع على السلطة لمصلحته مخرجاً البعث منها).
ربما يكون سبب الخلاف بين صدام والبكرفيما بعد، أن الأخير كان متحمسا للوحدة مع سوريا، وكان يتحرك باتجاهها بخطوات متسارعة، وهذا يعاكس طموح صدام في استلام قمة السلطة بعد البكر، ولهذا فقد أعلن صدام بعد استقالة البكر الاجبارية باسبوعين عن مؤامرة تدبرها سوريا بالتعاون مع مسؤولين عراقيين، وكان ذلك الاعلان بهدف ابعاد العراق عن سوريا والقضاء على كل اعوان البكر في قيادة الحزب والدولة بضربة واحدة للانفراد بالسلطة وتحقيق طموحه.
كان البكرمصابا بمرض السكري، وهو مرض يحدث اختلالا في مزاج المصاب به، فيتحول بين الهدوء والثورة بسرعة، وهكذا فقد كان البكر يثور لأتفه الأسباب، ويتخذ قرارا ثم يهدأ بعد ساعة فيلغي القرار.
كانت تنحية البكر عام 1979 أشبه بانقلاب أو تنازل جبري تم في منزل خير الله طلفاح خال صدام ووالد زوجته، وبحضور كل من صدام والبكر، وهيثم بن البكر، وعدنان خير الله، وجرى شجار في ذلك الاجتماع أطلق فيه هيثم النار على عدنان خير الله، ولكن البكر فهم اللعبة تماما . في 16 تموز 1979 استقال البكر من رئاسة العراق بحجة ظروفه الصحية ويرى المتابعون للسياسة العراقية أن استقالة البكر كانت مجرد إجراء شكلي نتيجة ضغوط مارسها عليه الرئيس الفعلي للعراق صدام حسين. يعتقد البعض أنه بعد أن أخذ صدام حسين بزمام السلطة في 1979، حدد صدام إقامة البكر في منزله حتى وفاته في 4 أكتوبر 1982.
في تصريح ل علي الندى شيخ عشيرة البيجات وشقيق زوجة البكر لموقع الرياض الالكتروني المنشور في 21 فبراير 2007 العدد 14121 افاد : ” ان الطبيب المرافق للبكر الدكتور فائق الجبوري الذي كان يعمل لصالح المخابرات العامة قد زرق البكر بحقنة غلافها الخارجي هو الانسولين ولكن لا نعلم ما بداخلها، وبعد ربع ساعة سقط في الحمام وقد فارق الحياة ”        
. ذكر حسين كامل بعد هروبه الى الأردن وانشقاقه على سلطة الرئيس صدام أن البكر مات مسموماً بالثاليوم.                                                           
وقد كان البكر مفروضا عليه شبه الاقامة الجبرية في منزله “. وهكذا تم التخلص من البكر نهائيا رغم اعتزاله السطة وانعزاله عن العالم .استطاع صدام ليس فقط إزاحة البكر بل استطاع أن يزيله عن طريقه وإلى الأبد ماسحاً اسمه من ذاكرة العراق.
كان  صدام على علم بتحريض البكر لحردان التكريتي لتصفيته من اول ايام الانقلاب في 17 تموز 1968، وان ذلك كان من جملة اسباب الصراع بين الرجلين، وعدم الثقة الذي ساد بينهما منذ بداية السبعينات الى ان صُفي البكر عام 1979. وربما علم صدام بالحادثة بعد ان سرق رجال مخابراته المذكرات الخاصة بحردان التكريتي والتي ذكر الحادثة فيها وكانت المذكرات معه في الجزائر قبل اغتياله بالكويت.                                                                                                                                          كان البكر بطبيعته الأبوية والسلمية (نسبيا) وفي المرحلة الأولى من حكم البعث عندما كان هو الشخصية القوية في الحزب يعالج الخلافات والمشكلات بأقل قدر من العنف، ولكن في المرحلة التي صعد فيها صدام حسين نائبه الى السلطة بدأت مرحلة من التصفيات الدموية العنيفة بين الرفاق. كان البكر ضعيفاً أمام كل ما يخفيه، واستغل صدام النقطة المذكورة كما عرف مكامن ضعف شخصية البكر وزوايا الحقد التي تغلف روحه، واستطاع أن يقنعه أنه وظف كل إمكانياته لخدمته وتمجيده وبقائه، ولذا أطلق عليه لقب (الأب القائد)، واستطاع أن يسيطر كلياً على البكر، واستطاع صدام أن يلعب دورا في إدارة دفة السلطة الأمنية والمخابراتية وتطوير جهاز (حنين) الذي كان مهيمنا عليه من بداية عمله بعد الانقلاب، مع تطوير الأساليب المتبعة في التصفية من خلال الإطلاع والمعونة التي تلقاها افراد هذا الجهاز من مخابرات المانيا الشرقية.
وقال عنه هاني الفكيكي: “البكر شخصية موهوبة القدرة على توظيف مظهره البسيط وقدراته الفكرية والسياسية المحدودة ، وكثيرون هم أولئك الذين خدعوا به ووسموه بالسذاجة لكنه يستبطن مكراً لا حدود له ، وقدرة على خداع الخصم والغدر به” ووصفه بالغدر أيضاً عربي فرحان الخميسي وكان طالباً ثم زميلاً له حيث قال:
 “ كان احمد حسن البكر رجلا طموحا انانيا طائفيا، متعصبا دينيا، حيّالا، مراوغا، افكاره قومية بتطرف شديد، علما ان من اقرب اصدقائه كان رشيد مصلح ومن بلدته ودورته وعبد اللطيف الدراجي وحسن عبود ومجيد حسين السامرائي وعبدالغني الراوي وجابر حسن وطاهر يحيى الذي هو من دورته ايضا، وكل هؤلاء غدر بهم .
قام البكر بقمع الحركة الكردية قمعا دمويا كما قمع انتفاضة صفر الدينية ولم يتوان عن تصفية رجال الدين مثل عبدالعزيز البدري وفي عهد البكر تم التنازل عن شط العرب واراض عراقية للشاه رضا بهلوي .

ضحايا صدام حسين 3

ضحايا صدام حسين 1

 

About صباح ابراهيم

صباح ابراهيم كاتب متمرس في مقارنة الاديان ومواضيع متنوعة اخرى ، يكتب في مفكر حر والحوار المتمدن و مواقع اخرى .
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.