شمسنا على الدوام مشرقة حتى وان حجبوها
*م. آزاده گان
كنت قد توجهت الى مستوصف المخيم بقصد عيادة أحد سكان ليبرتي وهو علي سالاري غير أن الطبيب العراقي المتواجد في المستوصف لم يسمح لي بالدخول وقال لي انتظر هنا.،وقد حملت معي ازهارا وحلويات وهكذا يفعلون عند زيارة وعيادة المرضى ولم اكن اعرف انه مصابا بالسرطان الا من عدة اشهر وقد اخفى مرضه كي يحمل الالم بمفرده ولا يؤلم الاخرين معه وتلك هي احد صفات مجاهدي خلق الحميدة فقد دأبوا على أن لا يظهروا أمراضهم وآلامهم كي لا تثير قلق رفاقهم ولا تعرقل درب نضالهم.
يقول ان لكل مؤمن راض منا قصة وسيرة حياة هي جهده وكفاحه ومكافأته وميراث لغيره في الوقت ذاته وجميل ان نرسم قصصنا وسيرتنا بايدينا وإرادتنا.، ويكمل أن لا حاجة للحديث عن الجراح والآلام في مسيرتنا احيانا ان لم تكن لاستلهام الدروس والعبر..!غير أنه في دنيا المجاهدين نبدل الالام بعض الأحيان الى فلسفة حياة تقوم على الوفاء والايثار ونكران الذات.
كنت مازلت انتظر خلف الباب وأنا أتوق لـ اللقاء به ولما طال انتظاري طرقت الباب من جديد فأقبل الطبيب ثانية وقال لي انتظر عدة دقائق أخرى رجاءا..وهاجمتني ذكريات علي المجاهد المفعم بالنشاط والحيوية من أهالي مدينة بندرعباس وهي ميناء ومدينة ساحلية في جنوب البلاد ، وقد ابتلي صديقي الحميم علي من بمحن كثيرة منها اصرار أصدقاءه بسبب ضغوط النظام على عودته الى ايران وترك النضال وادراة ظهره لقضيته الوطنية وقيمه النضالية الجميلة إلا أنه اعتبر المطامع والاغراءت المقدمة مخزية معجونة بالعار وزائلة باطلة لذا لم ينحني أمام متطلبات النظام الفاشي في ايران وردد صيحة الفخر والشرف الازلية السرمدية هيهات من الذلة.، وبينما كنت ادور وأغوص في تلك الذكريات وإذا بالطبيب يخرج من الغرفة ويقول للأسف غادر علي الدنيا الى بارئه وانضم الى شهداء درب الحرية!…إلى الله يا علي.
تشتت فكري وذهني شعرت بأنني لم أسمع شيئا وسألته طار علي؟ ولماذا لم يشركني في لحظة اقضيها معه لما لم يشاركني ألمه لم يشاركني الحياة في آخر لحظاته في هذه الدنيا.،كل ذلك والطبيب يتأملني ويحكى ذلك بألم وهو يبلغني بالخبر وبعد اعادة سؤالي اجابني:لم اكن ارغب ان تراه لحظة احتضاره إنها لحظات صعبة أليمة ولم يكن هو أي علي المريض يرغب في عذابكم معه في تلك اللحظات البالغة القسوة..حزنت جدا وشعرت بقلبي يتمزق،وما أشد لهفتي على عليّ في تلك اللحظات وأنبت ذاتي على عدم زيارتي له في الايام الماضية او الساعات التي سبقت خروج روحه الطاهرة ، يعصرنا الالم على فراق الاحبة الذين غادرونا وحاضرة هي ذكراهم الجميلة وسيرتهم العطرة المليئة بما يحمل على الفخر والعز والشموخ ورغم حزني على عدم رؤيته فقد كان الطبيب محقا في منعي من حضور لحظة احتضاره فمشهد موت مجاهدا امام عيونك في الحقيقة يحتاج الي قدرة وشجاعة فائقة للتحكم بالذات ، ولا شك في أنه لو عولج بانصاف كمرضى آخرين بالمستشفيات التخصصية او أجريت له عملية جراحية او تم نقله الي خارج العراق.. فانه كان من الممكن ان يبقى حيا و ان يمضي قدما مناضلا على الدرب اطول..اكثر لكنهم تعسفوا فحرموه من حياته خوفا من نضاله وتركوه يموت ببطىء كم فعلوها مع غيره ولا زالوا يفعلون.،والحصار القاسي الظالم المفروض علينا في المخيم لم يترك له مجالا للعلاج ورحل بعد ان عانى الكثير، وطالب ممثل المخيم في كثيرا وبالحاح بنقله الي خارج العراق وبعد ان تدهورت صحته قام المستشار القانوني للمخيم داعيا إلى تسريع نقله للعلاج ومع بالغ الاسف لم تكن هناك اذان صاغية كعادتهم ولم تكن هناك عيونا لترى الحقائق في ظل الخطة التي يتبعها نظام الملالي مع شركائه المطيعين في العراق.
الحصار الناتج عن مؤامرة قذرة دنيئة و لا انسانية هي بدوافع سياسية للقضاء على مشروع الديمقراطية والتغيير في ايران وكسر آمال شعب يتوق الى الحرية والديمقراطية بعد طغيان طال امده وانتشر ظلمه داخل ايران وخارجها.
اشعر بالألم في شراييني
آلام تسري في عظامي
ألم ضقت به ذرعا وضاق بي ذرعا ..آلامي التي ترافقني ضاقت بي ذرعا وضقت بها ذرعا لكني لن أسمع الاعداء آهاتي..واحتضن الالم وأبذل الروح لأجل الحق.، ورافق الألم صابرا( حتى جاد بالنفس الأخير) وهكذا قتلوا اللاجئ الايراني المناضل علي سالاري في العراق.منعوا عنه الدواء فأماتوه موتا بطيئا كما فعلوا ولا زالوا يفعلون.
انه بينة وشاهد للمصيبة العظمى والمحنة والابتلاء الكبير للشعب و للجيل الحاضر في تاريخنا المعاصر وهم يبذلون النفس والنفيس لنيل الحرية واستعادة الكرامة وتحقيق العدالة، وأواسي النفس وأعزيها بفخر وعز وشموخ وشرف بالغ لان علي سالاري كان نموذجا مشرفا ممثلا لجيل ناهض يرفض الذل والخنوع ويضحي بالروح من اجل راية الحق والعدل من اجل الغير.
و خلال هذه الدقائق التي كنت أفكر فيها بالشهيد علي سالاري في حياته ومسيرته تيقنت بوضوح إيمان بالغ أننا نرفع منارة الانسانية عالية مستنيرة زاهية ، ولا شك لي في أن بعد كل عسر يسر وبعد كل كرب فرج وأن للمظلومين رب سينصرهم لا محالة وان للباطل خاتمة مشينة.. وشمسنا لا محالة على الدوام مشرقة ساطعة وغد الحق بلا شك آت.
*كاتب ايراني
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
الحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولود
Published by:مفكر حر** كيف بلع نظام الملالي ... الطعم ألإسرائيلي **
Published by:سرسبيندار السندي** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد ... على عقول ألمسلمين **
Published by:سرسبيندار السنديالمسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحية
Published by:صباح ابراهيممن يوميات إمرأة حلبجية
Published by:مفكر حراسطورة الإسراء والمعراج
Published by:صباح ابراهيمالفيلم الألماني " حمى الأسرة"
Published by:طلال عبدالله الخوري** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
Published by:سرسبيندار السنديفيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرمباحث في الأدب واللغة/63 الطعام والمطبخ العربي
Published by:مفكر حرأفكار شاردة من هنا وهناك/41
Published by:مفكر حر#مسيحيو_المشرق و(الخيارات المرة )!!!:
Published by:مفكر حرهادي العامري واوهام المدمنين
Published by:علي الكاشالكفاءة
Published by:عصمت شاهين دو سكيأفكار شاردة من هنا وهناك/40
Published by:مفكر حرالعهد الجديد و سفر التكوين والخليقة
Published by:صباح ابراهيمأحدث التعليقات
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية