دعيني ابوس رأسك يا أم سرحان

ما بين عزت الشاهبندر وأم سرحان فارق لايلتقي ابدا، انه فارق بين السماء والارض. الاول يطلب من المذيع في احدى القنوات الفضائية ان يكون مؤدبا في اسئلته والثانية امرأة ريفية تصنع من الطين تماثيل لرموز بابل وسومر وأكد.

ما بين الاثنين فارق لايعرفه الشاهبندر ،هذا العراقي بالتجنس، لا يعرف ان المرأة الريفية تاج على روؤس كل الحكومات الماضية والمقبلة… انه تاج لايصنعه الا مريديه، انه بالتأكيد ليس تاجا قيصريا ولا امريكيا ولكنه صناعة عراقية بامتياز.

أم سرحان نحاته بالفطرة،تجلب الطين من الهور وبعد ان تجففه وتنظفه تصنع منه مايعجز معظم الرجال من صنعه والشاهبندر يطلب من المذيع الا يكون قليل ادب والا يتحدث بسوء عن المالكي وحكومته.

انها مفارقة غريبة فعلا.

ام سرحان دعيني انحني لك اجلالا واحتراما فقد صنعت المجد وكان الذين من حواليك يهابون ذلك.. ام سرحان ها اني بين يديك اصنعي بي ما شئت، غلفيني بالطين ،نظفي ادراني، اعملي ماتريه ولكني اريدك ان تشعلي عراقيتي بمثل ما أشتعلت به اليوم.

انا عراقي رغما عنهم ولكنك لاتأبهين بي لانك في واد وانا في واد آخر.

لماذا؟.

لأنك استطعت ان تصنعي من الطين ماعجز عنه اولئك اللصوص.. استطعت ان تخلقي من الطين اهزوجة لكل العراقيين الشرفاء… هذه الاهزوجة الي لا تشتري بيتا في دبي او بيروت وانما تصنع من الطين مجدا.

استعمت اليك اليوم وكان استماعي يشدني بمزيد من الفخر اليك.

هل تقبلين ان تكوني لي اختا او أما او..؟

هل تقبلين ان اطلب منك ان تكون الاهوار ملاذي الوحيد في هذا العالم؟.

اذا قبلت فسيكون ذلك اشارة سعد لي وساحتفل على طريقتي الخاصة وسأعلن الى كل الناس ان ربيبتي قد ظهرت الى العالم وليخسأ عزت الشاهبندر وامثاله.

مايزال في نفسي نفس حين رأيتك وانت تتحدثين عن الطين وكيف تصنعين منه رموزا لرجالنا الولائل بينما هم يصنعون جيوبا اضافة لجيوبهم.

الله.. يالمجدك يا أم سرحان ويالسخافة هؤلاء.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.