خرافة الحصول على المعلومات في سوريا

الحياة اللندنية :فاتح عبدالسلام

حتى لو تم قتل السوريين بسلاح نووي لا يتوقع أحد من الدول الكبرى ان تقول وليس ان تفعل أكثر مما قالته عند استخدام السلاح الكيمياوي في بلدات ريف دمشق.
هناك جملة اعتاد المجتمع الدولي تكرارها في كل مجزرة تقع في سوريا يقولون فيها إنهم في صدد التحقيق في مزاعم بارتكاب مجزرة مروعة وتمر المجزرة تحت ثقل مجزرة أكبر بعدها ويتكرر الكلام في إطار مجزرة يومية كبرى متصلة منذ سنتين ونصف السنة. ألم يقولوا قبل شهور ان المختبرات الفرنسية والأمريكية أثبتت وقوع الهجمات الكيمياوية، لماذا تم إغلاق الملف وصمت الجميع حتى حدثت الجريمة الأكبر؟.
ما الأولويات الدولية أمام استخدام أسلحة الدمار الشامل في سوريا.. أهو تحديد الجهة المرتكبة للجريمة أم الحاجة الى الاطمئنان في ان السلاح الكيمياوي المستخدم هو لأغراض الحرب الداخلية المسموح باستمرارها حصرا ولا يمكن توسيع هذه اللعبة القاتلة في المحيط الإقليمي؟.

هناك خرافة يحتمي بها مجلس الأمن وهي انه من الصعب التأكد من المعلومات في سوريا. في حين ان الداني والقاصي بات يعرف ان أسهل شيء في سوريا هو الحصول على المعلومة عبر هذا الكم الهائل من الاختراقات على الأرض وداخل أجهزة الحكومة والجيش والأمن والموالين وكذلك في صفوف المعارضة غير المتراصة عسكريا أو سياسيا. وهل يعقل ان إسرائيل باتت مكتوفة الأيدي ومشلولة العقل وهي التي ترى النار على مرمى حجر منها في انتظار تفسيرات وتأويلات وتنظيرات من مجلس الأمن الحائر بعجزه وماضيه الأسود حيث تلعب بمقدراته كذبة غير متقنة كما حدث في حرب العراق.
سقوط خرافة التحقيق وفرق التفتيش الدولية واضحان للعيان. وتزداد الخرافة رسوخا كلما دخل وفد المفتشين الى فندق من الدرجة الأولى وسط دمشق ومكث فيه حتى انتهاء مهماته.
المعلومات متوافرة وسهل الحصول عليها في سوريا المحترقة والمخترقة ومن ثم تدقيقها وعرضها على المجتمع الدولي علنا، لكن هذا غير مسموح به في ظل غموض تغيير موازين القوى عالميا وانكسار الدور الامريكي وصعود التحالف الروسي الإيراني الصيني الى الواجهة وسط هذا الخوف الأوربي الواضح.
عليهم البحث الآن في تحديد أيهما اشد أثرا على الأطفال والنساء وسائر المدنيين، السلاح الكيمياوي أم صواريخ سكود الروسية العمياء؟ ومن ثم يرتقون الى مستوى آخر من التحقيق في ارتكاب هذه الإبادة الجماعية. ولعل سائلا يسأل. من باستطاعته مقاومة إغراء المجتمع الدولي له باستمرار القتل والتفنن به تحت السقف المسموح به وهو سقف ثبت انه عال جداً في سوريا كما هو في العراق؟

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.