ثورة أهل الجحيم- ج 9

جميل صدقي الزهاوي؛           نُظِمت في تشرين الأول- أكتوبر 1929

مراجعة: رياض الحبيّب؛ تموز- يوليو 2012
https://mufakerhur.org/?author=6

خاص: المُفكِّر الحُرّ

– – –

الثالث عشر: سقراط يلقي خطبة

ثمّ أني سَمِعْتُ سُقْراط يُلقي * خُطْبة في الجحيم وهي تفورُ

وإلى جنبهِ على النار أفلاطونُ يُصغي كأنَّهُ مسرورُ

وأرسطاليسُ الكبيرُ وقد أغرق منهُ المشاعرَ التفكيرُ

ثم كوبرنيكُ الذي كان قد أفهَمَنا أنّ الأرض جُرْمٌ يَدورُ

تَتْبَعُ الشمسَ أينما هِيَ سارتْ * وعليها مثل الفَراش تطيرُ

ثم داروين وهْوَ مَن قال إنّا * نسْلُ قِردٍ قد طوَّرتهُ الدهورُ

ثم هيغلْ وبخْنزٌ وجِسِنديْ * ويليهِمْ سِبِنسَرُ المشهورُ

ثم توماسُ ثم فَخْتُ ومنهمْ * إسْبنوزا وهِلبكٌ وجيورُ

ونيوتونُ الحَبْرُ ثمّ رِنانٌ * ثم روسو ومِثلُهُ فولتيرُ

وزرادشْتُ ثم مِزدِكُ يأتي * وجُموعٌ أمامَهُمْ أبِقورُ

والحكيمُ الكِنديُّ ثمَّ اٌبنُ سينا * واٌبنُ رُشْدٍ وهْوَ الحفيُّ الجَسورُ

ثمّ هذا أبو دُلامَةَ مِنهُمْ * بَعْدَهُ الراونديُّ ثمَّ نَصِيرُ

وجماعاتٌ غيرهُمْ كلُّهمْ جَلْدٌ على نارها وكُلٌّ صَبُورُ

كان سُقراطُ أثْبَتَ القومِ جأشًا * فهْوَ ذو عزمٍ فائقٍ لا يخورُ

قال مِن بَعْد شَرْحِهِ مَنشأ النار وفي قولِهِ إليها يُشيرُ

سوف يقضي فيها التطوّرُ أن نقوى عليها وأن تهُون الأمورُ

إنَّ في ذا الوادي السَّحيق عيونًا * ثَرَّةً للبترول فيها يَغُورُ

ولقد تنضبُ العيونُ فلا نارٌ ولا ساعرٌ ولا مسعورُ

ثمَّ لمّا أتمَّ خُطبتَهُ عَجّوا له هاتفين وهو جَديرُ

عَجَّ يَعِجُّ ويَعَجُّ عَجًّا وعجيجًا وضجَّ يَضِجُّ: رفع صوته وصاح- لسان العرب
تنويه: تمّ التصرّف بأسماء الأعلام لمقتضَيات الوزن، أي للضرورة الشعريّة

– – –

الرابع عشر: الحَلّـاج يسأل الله

ورأيتُ الحَلّـاجَ يرفعُ منهُ الطّرف نحو السماء وهْوَ حَسيرُ

قائلًـا أنت الله وحدك قُيّومٌ وأمّا الأكوان فهْيَ تَبورُ

إنّكَ الواحدُ الذي أنا منهُ * في حياتي شرارةٌ تستطيرُ

وبهِ ليْ بعد الظّهور خَفاءٌ * ولهُ بيْ بعد الخفاء ظهورُ

لِمَ شِئتَ العذابَ لي ولماذا * لمْ تُجَرِّبْ وأنتَ منهُ المُجيرُ؟

كان في الدنيا القتلُ منهُمْ نصيبي * ونصيبي اليومَ العذابُ العَسِيرُ

قلتُ أنّ المكتوبَ لا بدَّ مِنهُ * قدَرًا إذ يُقدَّرُ المقدورُ

About جميل صدقي الزهاوي

جميل صدقي الزهاوي : شاعر وفيلسوف عراقي كردي الأصل، وقد عرف بالزهاوي .منسوبا إلى بلدة زهاو ولد جميل الزهاوي في بغداد عام 1863م، وعين مدرسا في مدرسة السليمانية ببغداد عام 1885م، وهو شاب ثم عين عضوا في مجلس المعارف عام 1887م، ثم مديرا لمطبعة الولاية ومحررا لجريدة الزوراء عام 1890م، وبعدها عين عضوا في محكمة استئناف بغداد عام 1892م، وسافر إلى إستانبول عام 1896م، فأعجب برجالها ومفكريها، عين أستاذا للفلسفة الإسلامية في دار الفنون بإستانبول ثم عاد لبغداد، وعين أستاذا في مدرسة الحقوق، وعند تأسيس الحكومة العراقية عين عضوا في مجلس الأعيان. توفي الزهاوي عام 1936م.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.