ثورة أهل الجحيم- ج 10

جميل صدقي الزهاوي؛ نُظِمت في تشرين الأول- أكتوبر 1929

مراجعة: رياض الحبيّب؛ تموز- يوليو 2012

https://mufakerhur.org/?author=6

خاص: المُفكِّر الحُرّ

– – –

الخامس عشر: من اختراعات أهل الجحيم

مكثوا حتى جاء منهمْ حكيمٌ * باختراع لم تنتظره الدهورُ

آلةٌ تطفِيءُ السعيرَ إذا شاء فلا تُحْرقُ الجسومَ السَّعيرُ

وأتى آخرٌ بخارقةٍ يهلك في مرَّة بها الجُمهورُ

واٌهتدى غيرُهُ إلى ما به الإنسان يَخفى فلا يراهُ البَصيرُ

ولقد قام في الأخير فتىً يخطبُ فيهِمْ والصوت منه جَهُورُ

وأحاطت به الملايينُ يصغون إليه وكلُّهُمْ موتورُ

قال يا قومَنا جهنمُ غصتْ * بالألى يُظلمون منكم فثوروا

قال يا قومَنا أرى الأمْرَ مِن سُوءٍ إلى الأسوأ الأمضِّ يسيرُ

قال يا قومنا اٌحتملتُمْ من الحَيف ثِقالًـا يعيا بهِنَّ البَعيرُ

قال يا قوم إنّ هذا الذي أنتمْ تُقاسونهُ لشيءٌ كثيرُ

قال يا قومُ إننا قد ظُلِمْنا * شرَّ ظُلْمٍ فما لنا لا نثورُ؟

ومِن الناس مَن قضى الله أنْ يَكفُرَ والموتُ منهُ دانٍ يزورُ

فهَلِ الحقّ أن يُخَـلَّـدَ في النار على الكُفر ساعةً مجبورُ؟

قال يا قوم لا تخافوا فما فوق شُرورٍ تُكابدونَ شُرورُ

اجسروا أيها الرفاقُ فما نال بعيدَ الآمال إلا الجَسورُ

إنما فاز في الجهاد من الناس بآماله الكبارِ الكبيرُ

أنتمُ اليومَ في جَهَنَّمَ أسرى * وليكُنْ مِنكُمُ لكُمْ تحريرُ

قاوِموا القوّة التي غـشمتْ بالمِثْل والدَّهرُ للقويِّ ظَهيرُ

أنتمُ اليومَ الأكثرون وأمّا * عددُ الحارسين فهْوَ صَغيرُ

أيَّ شيءٍ نخاف منهم وإنَّا * لو تحدَّيناهُمْ لجَمْعٌ غفيرُ؟

أيّها الناسُ دافِعوا عن حقوق * غصَبُوها والكاسِرُ المنصورُ

أَلِـأهْلِ الجحيم بُؤسٌ وتَعْـسٌ * ولِمَنْ حَلَّ في الجِنانِ سُرورُ؟

أَلنا أسفلُ الجحيم مَقامٌ * ولهُمْ في أعلى الجنان قصورُ؟

كلُّ ما قد أصابكمْ من عذابٍ * فلهُ مِمَّن في السماء صُدورُ

إنَّ أهل القضاء ما أنصفوكُمْ * فكأنَّ القلوبَ مِنهُمْ صُخُورُ

قد خَدَمْنا العلومَ شتّى بدنيانا فهَلْ مِنْ حُسْن الجَزاء السَّعيرُ؟

كان في تلكُمُ اٌضطهادٌ وقتلٌ * ثمَّ في هذه العذابُ الدَّهيرُ

فعَلـا مِن أهل الجحيم ضَجيجٌ * رجَفَ الوادي منهُ والسّاعورُ

ولقد هاجوا في الجحيم وماجوا * كخِضَمٍّ مرَّتْ عليه الدهورُ

أطفأوا جمرةَ الجحيم فكانتْ * فتنة ما جرى بها التقديرُ

ثورةٌ في الجحيم أرجفتِ العَرشَ وكادتْ منها السماء تَمورُ

لبسُوا عدَّةَ الكفاح وساروا * في نظامٍ أتمَّهُ التدبيرُ

زحفوا ثائرين من كل صوبٍ * في صفوفٍ كأنهُنَّ سُطورُ

للأناشيد ينشدون بصوتٍ * في النفوس الحَرّى لها تأثيرُ

– – –

دَهْر؛ دَهِير وداهِر: من أسماء المُبالغة¤ الساعُورُ: التَّنُّورُ والنارُ¤ تَمُورُ السماءُ مَوْرًا: تَمُوجُ مَوْجًا¤ حَرّى: عطشى

¤ ¤ ¤

السادس عشر: المَعَـرّي يقود ثورة

المعري: غَصَبوا حَقّكُمْ فيا قومُ ثوروا * إنَّ غصْبَ الحقوق ظُلمٌ كبيرُ

الثائرون: غَصَبوا حَقَّنا ولمْ يُنصِفونا * إنما نحن للحقوق نثورُ

المعري: لكُمُ الأكواخ المَشِيدةُ بالنار وللبُلْهِ في الجنان القُصورُ

الثائرون: غصبوا حقنا ولم ينصفونا * إنما نحن للحقوق نثورُ

المعري: إن خضعْتمْ فما لكمْ مِن نصيبٍ * في طوال الدهور إلّـا السَّعيرُ

الثائرون: غصبوا حقنا ولم ينصفونا * إنما نحن للحقوق نثور

المعري: ما حياةُ الإنسان إلا جهادٌ * إنما تُؤْثِرُ السكونَ القبورُ

الثائرون: غصبوا حقنا ولم ينصفونا * إنما نحن للحقوق نثور

المعري: إنما النارُ للذين لديهِمْ * قد تسامى الإحساسُ بئسَ المصيرُ

الثائرون: غصبوا حقنا ولم ينصفونا * إنما نحن للحقوق نثورُ

– – –

البُلْهُ؛ جمع الأبله: الرجلُ الأَحمق الذي لا تمييز له. وامرأة بَلْهاء. ورد في حديث صحيح: (أَكثرُ أَهلِ الجَنّة البُلْهُ)- قاموس لسان العرب: بله

¤ ¤ ¤ ¤ ¤

About جميل صدقي الزهاوي

جميل صدقي الزهاوي : شاعر وفيلسوف عراقي كردي الأصل، وقد عرف بالزهاوي .منسوبا إلى بلدة زهاو ولد جميل الزهاوي في بغداد عام 1863م، وعين مدرسا في مدرسة السليمانية ببغداد عام 1885م، وهو شاب ثم عين عضوا في مجلس المعارف عام 1887م، ثم مديرا لمطبعة الولاية ومحررا لجريدة الزوراء عام 1890م، وبعدها عين عضوا في محكمة استئناف بغداد عام 1892م، وسافر إلى إستانبول عام 1896م، فأعجب برجالها ومفكريها، عين أستاذا للفلسفة الإسلامية في دار الفنون بإستانبول ثم عاد لبغداد، وعين أستاذا في مدرسة الحقوق، وعند تأسيس الحكومة العراقية عين عضوا في مجلس الأعيان. توفي الزهاوي عام 1936م.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.