تذكروا فان الذكرى تنفع المؤمنين

روائح الفساد مازالت تعّطر اجواء بغداد وبقية المحافظات خصوصا وهي ممزوجة مع الاتربة المشبّعة بالسرطان وفيضانات المجاري والامطار واصبح الشعب العراقي يحتل المرتبة الاولى دوليا في الانهيارات العصبية.
ولكن هذا الامر ليس مهما الان.
المهم ايها السيدات والسادة ما اعلنه امين بغداد عبد الحسين المرشدي امس وكان حينها متحمسا جدا لما قاله.
قال :” أن خطة أمانة بغداد للعام المقبل ستكون حافلة بالمشاريع الخدمية والعمرانية والإستراتيجية والاستثمارية وتفعيل العمل بنظام الدوام المسائي للملاك المتقدم في مواقع بديلة لأول مرة منذ العام 2003″.
صدقا لانريد ان نوفر سوء النية بما قاله المرشدي ولكننا سننتظر ميلاد السنة المقبلة بعد اقل من شهرين وهي مدة قصيرة جدا في حساب الاعمار والخدمات.
وقال المرشدي ايضا “ان هذه المشاريع التي تهم المواطن البغدادي ستسهم في حل جميع المشكلات العالقة والارتقاء بواقع العاصمة إلى أفضل المستويات بما يتناسب ومكانتها التاريخية والحضارية”.
كلام اكثر من رائع.
لنقرأ تفاصيل هذه المشاريع من خلال ماقاله المرشدي.
“إن الخطة تتضمن انجاز مشاريع للماء الصافي وبناء خزانات جديدة وأعمال تنفيذ خطوط للصرف الصحي ووحدات للمعالجة وتوسيع حجم المساحات الخضر المزروعة وإكساء اكبر عدد ممكن من المحال السكنية وتطوير بعض الشوارع الرئيسة على غرار تصاميم شوارع أبي نؤاس والنضال والسعدون وأن الأمانة ستعمل جاهدة في إطار هذه الخطة ووفق ما يتوافر لها من تخصيصات مالية لبناء عدد من المجسرات لفك الاختناقات المرورية وإعادة بناء الأسواق الشعبية والتراثية القديمة بتصاميم عالمية مميزة وإنشاء مجموعة جديدة من الحدائق والمتنزهات والأماكن الترفيهية وتوسيع أعمال إنارة وتزيين الشوارع والاهتمام بالأنظمة المرورية الحديثة في التقاطعات والميادين الرئيسة في العاصمة بغداد”.
يابوووووي، طارت ميزانية الحكومة.
نقطة نظام:المرشدي وضع له خط رجعة حين قال”ووفق ما يتوافر من تخصيصات مالية” لأنه يعرف تماما انه سيبدأ باللطم في السنة الجديدة لعدم توفر الاموال اللازمة فالحكومة بارعة في ذلك ولديها خبرة طويلة في قص جناح أي طير يحاول الطيران خارج السرب.
لا ادري لماذا لم يتطرق المرشدي الى مشكلة مليون ونصف المليون الذين يعيشون في بيوت عشوائية في اطراف بغداد، وهل انارة وتجميل شوارع بغداد اهم من حياة هؤلاء
المشردين.
ماعلينا…
ندخل الان الى مرحلة جدية جدا حين يذكر المرشدي”إن القراءة المتأنية للاستثمار في العراق توضح بما لا يدع مجالا للشك أن مستقبل التنمية في مختلف المجالات هو مستقبل واعد بفضل الإجراءات السلسة والميسرة التي وفرها قانون الاستثمار من خلال خلق بيئة خصبة للشركات العربية والأجنبية لدخول السوق العراقية للتنافس على الفرص الاستثمارية المتاحة ضمن متطلبات السوق التنموية سواء ما يرتبط بمتطلبات الشركات العالمية أو متطلبات السوق المحلية والسكان من مشاريع مختلفة, بما ينسجم والمتغيرات الأساسية في المنهج والأنظمة الاستثمارية وأهمية تفعيل المشاركة بين القطاعين العام والخاص في بناء اقتصاد وطني قوي للمضي قدما نحو مجتمع التقدم والرخاء المنشود إلى جانب الانطلاق بخطوات كبيرة في تعزيز آليات السوق وتشجيع روح المبادرة عبر تفعيل دور هذا القطاع في قيادة جزء من الفعاليات الاقتصادية وخلق بيئة تنظيمية عصرية محابية للاستثمار والإنتاج “.
اقسم بحرمة هذا الشهر المقدس ان الذي كتب هذه الفقرة لايفقه شيئا الا في “تصفيط” الكلام على غرار مكاتب العلاقات العامة في الوزارات، (يعتقد اولاد الملحة ان هذا الاسلوب ليس غريبا عليهم ويجزمون بانهم يعرفون صاحبه واذا صح ذلك فاقرأوا على امانة العاصمة السلام).
فاصل ثوري: ماذا سيحدث حين يطالب البعض هذه الأيام بوقف مجزرة التطبير وضرب الزناجيل في ايام محرم، طبعا ستنقلب الدنيا ويهدر دم القائل من قبل البيوت الطينية، ولكن هذا الانقلاب لايحدث امام رؤية مياه المجاري طافحة ووعود الكهرباء القرقوشية وسرقة المال العام امام انظار من هب ودب وانتشار البيوت الطينية والتنكية.

 

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.