الليبراليّة والراديكاليّة .

كما جاء في مقال – العالم مستوِ للصحفي الأمريكي توماس فريد مان

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=273449

تمّ الاتفاق على تناول كل من كتاب فريد مان وكذلك كتاب – فرانسيس فوكوياما – ( نهاية التاريخ وخاتم البشر ) وترجمة أخرى ( نهاية التاريخ والإنسان الأخير ) .

ترجمة حسين أحمد أمين , الطبعة الأولى 1993 , مركز الأهرام للترجمة والنشر .

لكن سأوضح أولاً , لماذا تمّ الاتفاق وما هي الغاية ؟

نحنُ نعمل على نشر الفكر الذي نؤمن به وهذا حق طبيعي للجميع .

اليوم نؤمن بالديمقراطية الليبرالية والتي نراها هي الأمثل لجميع دول العالم .

الليبرالية ليست مثالية خالية من أي عيب , إنما لو قورنت مع غيرها سوف يتبين أنها الأصلح لأنّها الوحيدة التي تؤمن بأن تكون في السلطة أو أن تكون في المعارضة أي انها ضد الراديكالية التي لا تقبل أحد , لاحظوا أنها بدأت تتعايش مع وصول التيارات الإسلامية إلى السلطة خلال الربيع العربي الحالي ( هكذا يسمونه ) , هذه الأفكار التي غايتها الفرد وحريته هي التي تتماشى مع طبيعة الإنسان والتي تتعامل بدون إكراه بينما الأفكار الراديكالية تفرض رأيها وبالقوة مهما كانت النتائج .. ( طبيعي يبقى الأمر مجرد رأي شخصي غير مُلزم لأحد لكنّي أتمنى على الطرف الآخر أن يكون على نفس القدر من المسؤولية والقبول بتعدد الآراء فالخصومة الفكرية شئ طبيعي وصحي ) .

” نتمنى من الجميع أن يعتبروننا خصوم في الفكر وليس أعداء فالخصومة متوقعة ومقبولة ولكن العداء والشتائم مرفوضة كما افترض من جميع العقلاء , موقع الحوار المتمدن له فضل كبير على الجميع ولكن هذا ليس معناه استغلال أهداف موقع الحوار المتمدن كونه يرفع شعار يساري ( هناك ليبرالية يسارية ) ويؤمن بمبادئ قد نختلف معها من أجل ( كسر العظم ) إذا صح التعبير “

الليبرالية كما جاء سابقاً هي الفضاء الوحيد التي من الممكن أن تحتوي الجميع فالحكم ليس مشكلتها على عكس الأفكار الأخرى والتي لا تقبل أي نقاش أو حراك و تعتبرما تملكه ” حقيقة مطلقة ” …

هذه هي النقطة التي يجب أن تكون في فكر وذهن المخالف من أجل حراك فكري لا غير .

الأستاذ فؤاد ألنمري لديه مقال بعنوان ” نهاية التاريخ وفرانسس فوكوياما ” منشور على صفحات الحوار المتمدن بتاريخ 30 – 6 – 2007 بالعدد 1962 , يُعارض رأي فوكوياما

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=101275

نبدأ فنقول بتصرف :

” التاريخ بمعناه الدقيق الذي يتحارب فيه الناس – الطبقات – فيما بينهم من أجل نيل الاعتراف ويحاربون فيه ضد الطبيعة بالعمل هو عند كارل ماركس ملكوت الضرورة –

Reich der Notwendigkeit

 – وبعده –

 jenseits

 – ملكوت الحرية –

 Reich der Freiheit –

حيث يعيش الناس وقد اعترف بعضهم بالبعض دون صراع فيما بينهم مع أقل قدر ممكن من العمل “

( الكسندر كوجيف , مقدمة لقراءة هيغل ) .

كما هو معروف للجميع فإن أصول الكتاب تعود إلى مقالة بعنوان ( هل هي نهاية التاريخ ) والمنشورة على صفحات مجلة

( The National Interest )

 صيف عام 1989 .

حسب رأي الكاتب ” ظهر في السنوات القليلة الماضية في جميع أنحاء العالم ” إجماع حول شرعية ” الديمقراطية الليبرالية ” كنظام للحكم بعد أن لحقت الهزيمة بالأيدلوجيات المنافسة مثل ” المَلكّية الوراثية , الفاشية , الشيوعية “

الديمقراطية الليبرالية قد تُشكل حسب صاحب الكتاب ” نقطة النهاية في التطور ” الأيدلوجي للإنسانية ” والصورة النهائية لنظام الحكم البشري .وهذا معناه أنها تُمثل ” نهاية التاريخ ” بمعنى أخر شابت أشكال الحكم السابقة عيوب خطيرة وانتهاكات للعقل أدت في النهاية إلى سقوطها .

الديمقراطية الليبرالية خالية من مثل تلك التناقضات الأساسية الداخلية .

ولكن هذا ليس معناه ” لا تعرف الظلم أو المشكلات الاجتماعية الخطيرة ” أمريكا – فرنسا – الخ .

في ظن الكاتب أن هذه المشكلات سببها قصور في تطبيق المبدأين التوءم ( الحرية , المساواة ) الذين قامت الديمقراطية الحديثة على أساسهما ولا تتصل بعيوب في المبدأين نفسيهما .

قد تفشل بعض دول العالم اليوم في تحقيق ديمقراطية ليبرالية مستقرة وقد يرتد بعضها إلى أشكال أخرى لحكم أكثر بدائية كالحكومة الدينية أو الديكتاتورية العسكرية إلا انه من غير المستطاع أن نجد ما هو أفضل من الديمقراطية الليبرالية مثلاُ أعلى .

اختلط الأمر على الكثيرين بسبب استخدام كلمة التاريخ لأنّهم يفهمون التاريخ بمعناه التقليدي باعتباره ” سلسلة من الأحداث “

مثل سقوط سور برلين – الإجراءات التي اتخذتها السلطات الشيوعية الصينية لفرض النظام في ميدان ” تيانا نمن ” – الغزو العراقي للكويت كدليل على أنّ التاريخ مستمر وأن الكاتب في نظر المخالفين قد وقع في خطأ .

ما ألمحَ إليه فوكوياما ( بلغَ النهاية ) لم يكن وقوع الأحداث بما في ذلك الأحداث الخطيرة والجسام بل التاريخ : أي التاريخ من حيث هو عملية مفردة متلاحمة وتطورية بعد الأخذ بعين الاعتبار تجارب كافة الشعوب في جميع العصور .

ارتبط هذا الفهم بالفيلسوف الألماني – هيغل – ثمّ أضحى جزءاً من المناخ الثقافي اليومي بفضل ” كارل ماركس ” الذي استعار هذا المفهوم عن التاريخ من – هيغل – وهو مفهوم يتضمن استخدام كلمات مثل ” بدائي – متقدم – تقليدي – حديث – عند الإشارة إلى مختلف صنوف المجتمعات البشرية .

إذن عند هيغل وماركس ثمّة تطوّراً متلاحماً جلّي الملامح للمجتمعات البشرية من مجتمعات قبليّة بسيطة قائمة على العبوديّة وزراعة الكفاف إلى مختلف أشكال الحكومات الدينيّة والملكية والارستقراطيات الإقطاعية وانتهاء بالديمقراطيات الليبرالية الحديثة والرأسمالية القائمة على التكنولوجيا .

لم تكن هذه العملية التطورية عشوائية في مسارها أو مبهمة الملامح حتى وإن لم يكن التطوّر في خط مستقيم وحتى وإن أمكن الشك فيما إذا كان الإنسان قد أضحى أسعد أو أحسسن حالاً نتيجة التقدم التاريخي في اعتقاد كل من هيغل وماركس لأنّ تطوّر المجتمعات البشرية ليس إلا ما لانهايّة بل أنّه سيتوقف حين تصل البشرية إلى شكل من أشكال المجتمع يًشبع احتياجاتها الأساسية والرئيسية .

إذن ( للتاريخ نهاية ) ؟

هي عند هيغل ” الدولة الليبرالية “

عند ماركس ” المجتمع الشيوعي “

ولكن هذا ليس معناه أن تنتهي الدورة الطبيعية من الولادة والحياة والموت ؟

إنما يعني هذا انه لن يكون ثمة مجال لمزيد من التقدم في تطوّر المبادئ والأنظمة السياسية وذلك لأن كافة المسائل الكبيرة حقاً ستكون قد ( حُلّت ) .

موضوع الكتاب يعود إلى سؤال قديم للغاية هو ؟

( ما إذا كان من المقبول منا ونحنُ نودّع القرن العشرين أن نتحدث مرة أخرى عن تاريخ للبشرية واضح المعالم والأهداف يتجه بالشطر الأعظم من البشرية صوب الديمقراطية الليبرالية ؟ ) الإجابة عند صاحب الكتاب / نعم / , لسببين :

الأول يتصل بالاقتصاد .

الثاني ” الصراع من أجل نيل التقدير والاحترام “

لا يكفي الاستشهاد بهيغل أو ماركس لإثبات صحة القول بأن التاريخ موجّه نحو غاية معينة فقد هُوجم تراثهم الفكري أعنف هجوم من كافة الاتجاهات على مدى قرن ونصف القرن هي عمر هذا التراث .

نهض أعمق مفكري القرن العشرين بهجوم مباشر على فكرة أن التاريخ عملية واضحة مفهومة الاتجاه .

بل وأنكروا احتمال أن يكون بوسعنا أن نفهم أي وجه من وجوه الحياة الإنسانية فهماً فلسفياً .

هناك تشاؤم فيما يتصل بإمكانية التقدم الشامل في مجال الأنظمة الديمقراطية وهو تشاؤم عميق ليس عارضاً أو من قبيل الصدفة إنما هو ناجم عن أحداث سياسية رهيبة حقاً وقعت خلال النصف الأول من القرن العشرين :

حربان عالميتان مدمرتان – ظهور الأيدلوجيات الشمولية – استخدام العلم ضد الإنسان في صورة الأسلحة النووية وتدمير البيئة .

إنّ تجارب ضحايا العنف السياسي من أولئك الذين عاصروا فظائع الهتلرية والستالينية إلى ضحايا بول بوت , هؤلاء سوف ينكرون أن تكون هناك ثمة ما يعرف بالتقدم التاريخي .

بل بات من المألوف أن يحمل المستقبل في طياته أنباء سيئة فيما يتعلق بتقدم وامن الممارسات السياسية الديمقراطية الليبرالية الملتزمة بالأعراف والتقاليد .

الأخبار السارة تطرق الآن أبوابنا .

أبرز تطورات الربع الأخير من القرن العشرين هو إماطة اللثام عن أوجه الضعف الخطيرة في أنظمة العالم الديكتاتورية حتى ما بدأ منها قوياً عتيداً سواء منها اليمين السلطوي العسكري أو اليسار الشمولي الشيوعي .

من أمريكا اللاتينية إلى شرق أوربا ومن الاتحاد السوفيتي إلى الشرق الأوسط وآسيا تهاوت حكومات قوية على مدى العقدين الماضيين .

ورغم أنها لم تفسح الطريق في كل الحالات أمام ديمقراطيات ليبرالية مستقرة فإن الديمقراطية الليبرالية تظل المطمح السياسي الواضح الوحيد في مختلف المناطق والثقافات في كوكبنا , كذلك المبادئ الليبرالية في الاقتصاد – السوق الحرة – قد انتشرت ونجحت في خلق مستويات من الرخاء المادي لم تعهده البشرية من قبل سواء في الدول الصناعية المتقدمة أو في دول كانت جزءاً من العالم الثالث الفقير .

( الآن تشهد المنطقة ما يُسمى الربيع العربي فهل سيفسح هذا الربيع الطريق أمام ديمقراطيات ليبرالية مستقرة لأنها المطمح الأساسي أم سوف تسير الثورات بعد تسنمها الحكم بعكس ذلك تماماً ) ؟

( الولايات المتحدة الأمريكية لم يعد يهمها من سوف يكون على رأس السلطة بعد الربيع العربي والدليل هو وقوفها مع الثوار ضد الحُكام الأصدقاء الذين وقفت معهم أمريكا عندما كانوا في سدة الحكم ) .

( الرأسمالية التي سقطت في عام 1975 وتعفنت حسب قول الأستاذ فؤاد ألنمري هي الآن العالم الحر أو الرأسمالية الجديدة أو أي أسم أخر , الأسماء ليست ذات قيمة ” حسب رأيي الشخصي ” بل التجديد والتطور ومواكبة الأحداث وهذا هو الديالكتيك الذي لا يتوقف عند نقطة معينة ) .

الثورة الليبرالية في الفكر الاقتصادي كانت أحياناً تسبق وأحيانا تتلو الاتجاه صوب الحرية السياسية في مختلف بقاع الأرض .

هل تراجع فوكوياما عن ما يؤمن به ؟

هو من منظري المحافظين الجدد

( Neoconservattives )

 , طرأت تحولات على مواقفه وقناعاته في نهاية عام 2003 , تراجع عن دعمه لغزو العراق ودعا إلى استقالة دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق , تصويته ضدّ بوش في انتخابات عام 2004 لأنه اعتبر بان بوش أخطا أخطاء رئيسية وهي :

المبالغة في تصوير خطر التشدد الإسلامي على أمريكا .

إساءة تقدير إدارة بوش لردود الفعل السلبية وازدياد مشاعر العداء للولايات المتحدة الأمريكية في العالم الثالث .

التفاؤل الزائد في إمكانية إحضار السلم إلى العراق من خلال الترويج لقيم الثقافة الغربية في العراق والشرق الأوسط بصورة عامة .

تخلى فوكوياما صراحة عن ولائه وانتمائه لأفكار المحافظين الجدد في مقال نشرته المجلة التابعة لصحيفة نيويورك تايمز عام 2006 مقارناً حركة المحافظين الجدد ” باللينينية والبلشفية ” ونفى أن تكون الحرب العسكرية هي الإجابة الصحيحة على الحرب على الإرهاب وأضاف أن معركة كسب عقول وقلوب المسلمين حول العالم هي المعركة الحقيقية .

أدناه الرابط الذي يشرح تراجع فوكوياما عن موقفه .

http://www.falestiny.com/news/9203

للحديث بقية .

/ ألقاكم على خير / .‎شامل عبد العزيز – مفكر حر

About شامل عبد العزيز

شامل عبد العزيز / البلد/ العراق التحصيل الدراسي: خريج كلية الادارة والاقتصاد/ قسم المحاسبة/ الجامعة المستنصرية. مقيم في احدى دول الجوار . المهنة الحالية : مدير تنفيذي لشركة مقاولات خاصة . الهواية : القراءة - السفر - الموسيقى . من مواليد برج السرطان .
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.