العبودية في الإسلام 10

سردار أحمد

الحلقة العاشرة:
أحكام الزواج بالجواري والعبيد ج2:
إكمالا للحلقة السابقة والتي توضح أن الزواج من الجواري غير مباح إلا في حالات وظروف قاهرة، وفي هذه الحلقة سأحاول بحث وضع الجارية بعد الزواج، وما قاله الإسلام والفقه المحمدي في ذلك، حيث أن الجارية مهما أسلمت وسمت وارتفعت لن تصل لمستوى الحرائر المحصنات.
بداية أذكر فقرات من التراث والفقه الإسلامي تثبت بأنه لا قسمة للمملوكة مع الحرة، والآية التي تقول {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} هي تخص الحرائر المحصنات فقط، وقد ذُكر في تفسير القرطبي ج5 ص 137: ” عن علي رضي الله عنه قال: إذا نكحت الحرة على الأمة كان للحرة يومان وللأمة يوم.”
” قال علي: إذا تزوج الحرة على الأمة قسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة” (شرح منتهى الإرادات ج8 ص415) و(مطالب أولى النهي في شرح غاية المنتهي- ج15 ص77)، و” قال أبو حنيفة: الحرة والأمة تكونان تحت الحر أو تحت العبد القسم بينهما للحرة ليلتان وللأمة يوم وليلة.” (الدرر السنية ج3ص254)
وقيل في (المبسوط- ج6 ص449): ” قوله (ص): {يتزوج العبد اثنتين ويطلق تطليقتين}.”
وفي (المحلى بالآثار – وكذلك في البحر الرائق: باب نكاح الرقيق) ذُكِر: ” قال: ينكح العبد اثنتين، ويطلق تطليقتين، وتعتد الأمة حيضتين فإن لم تحض فشهرين- وقال: فشهرا ونصفا.” وقيل في (تحفة الأحوذي- ج3 ص266): ” قال الشافعي ومالك وأحمد: الطلاق يتعلق بالرجل فطلاق العبد اثنان، وطلاق الحر ثلاث، ولا نظر للزوجة. وعدة الأمة على نصف عدة الحرة فيما له نصف، فعدة الحرة ثلاث حيض وعدة الأمة حيضتان، لأنه لا نصف للحيض. وإن كانت تعتد بالأشهر فعدة الأمة شهر ونصف وعدة الحرة ثلاثة أشهر انتهى” تعتد أي: تقضي فترة العدة وهي المدة التي لا يحل للمرأة الزواج فيها بسبب موت زوجها أو طلاقها منه.
وقالوا أيضاً في ذلك: ” يطلق الحر الأمة ثلاثا وتعتد حيضتين، ويطلق العبد الحرة اثنتين فتعتد ثلاث حيض.” (معرفة السنن والآثار للبيهقي- ج12 ص255)، وفي (حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني- ج5 ص223): ” فإن دخلت الحرة في الرابعة، والأمة في الثالثة حلت للأزواج.”
يقول مصنف ابن أبي شيبة- ج4 ص63:” عن نافع قال: تبين الأمة من الحر والعبد بتطليقتين…عن مجاهد قال: إذا كانت الأمة تحت الحر فطلاقها اثنتان وعدتها حيضتان وإذا كانت الحرة تحت العبد فطلاقها ثلاث وعدتها ثلاث حيض…. إذا كان زوجها حرا وهي أمة فطلاقه طلاق حر وعدتها عدة أمة وإن كان زوجها عبدا وهي حرة فطلاقه طلاق عبد وعدتها عدة حرة معتدة.”
” روي عن علي كرم الله وجهه أنه قال إذا تزوج الحرة على الأمة قسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة، ولأنه لو بطل بنكاح الحرة لبطل بالقدرة عليه فإن القدرة على المبدل كاستعماله بدليل الماء مع التراب (مسألة) (وإن تزوج حرة وأمة فلم تعفه ولم يجد طولا لحرة أخرى فهل له نكاح أمة أخرى؟ على روايتين) اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في إباحة أكثر من أمة إذا لم تعفه فعنه أنه قال إذا خشي العنت تزوج أربعاً إذا لم يصبر كيف يصنع؟ وهذا قول الزهري والحارث العكلي وما لك وأصحاب الرأي وعنه أنه قال لا يعجبني أن يتزوج إلا امة واحدة يذهب إلى حديث ابن عباس قال الحر لا يتزوج من الإماء إلا واحدة وقرأ (ذلك لمن خشي العنت منكم) وبه قال قتادة والشافعي وابن المنذر كأن من له زوجة يمكنه وطؤها لا يخاف العنت ” (الشرح الكبير لأبن قدامة- ج7 ص517)
” مسألة؛ قال: (وله أن ينكح من الإماء أربعا، إذا كان الشرطان فيه قائمين) اختلفت الرواية عن أحمد، في إباحة أكثر من أمة إذا لم تعفه فعنه أنه قال: إذا خشي العنت تزوج أربعا، إذا لم يصبر كيف يصنع ؟ وهذا قول الزهري، والحارث العكلي، ومالك، وأصحاب الرأي. والرواية الثانية، قال أحمد: لا يعجبني أن يتزوج إلا أمة واحدة. يذهب إلى حديث ابن عباس، وهو ما روي عن ابن عباس: أن الحر لا يتزوج من الإماء إلا واحدة، وقرأ {: ذلك لمن خشي العنت منكم }.” (المغني- ج15 ص168)
” عن عكرمة قال: يطلق المملوك الحرة ثلاثا ويطلق الحر المملوكة تطليقتين، ومن طريق أبى بكر بن أبى شيبة عن ابن علية. عن أيوب السختيانى. عن نافع قال تبين الامة من الحر والعبد بتطليقتين قال أيوب: وثبت عند ابن عباس الطلاق والعدة بالنساء، ومن طريق ابن أبي شيبة عن زيد بن الحباب عن سيف، عن مجاهد قال: إذا كانت الحرة تحت العبد فطلاقها ثلاث وعدتها ثلاث حيض، وإذا كانت الامة تحت الحر فطلاقها اثنتان وعدتها حيضتان.” (المحلي- ج10 ص232)
” عن عمر قال: ينكح العبد امرأتين ويطلق تطليقتين وتعتد الامة حيضتين، فان لم تكن تحيض فشهرين أو شهرا ونصفا…. عن عمر قال: إذا نكح العبد الحرة فقد أعتق نصفه، وإذا نكح الحر الامة فقد أرق نصفه… ” (كنز العمال- ج16 ص543) ”
قيل في (الفتاوى الفقهية الكبرى- كتاب النكاح- ج8 ص318): ” شخص غاب عن زوجته الحرة غيبة طويلة وخاف العنت قبل الوصول إليها هل له أن ينكح أمة وإذا جاز له أن ينكح أمة فغاب عنها كذلك ينكح ثالثة ورابعة أو لا ؟ (فأجاب) بقوله يجوز له ذلك وهذه قد يلغز بها فيقال لنا حر ينكح أربع إماء وإذا جمعن بعد ذلك لم يتفسخ نكاح واحدة منهن.”
ونكاح الأمة على الحرة محرم إسلامياً، ووضح ذلك في (المحلي- ج9 ص441): ” لا تنكح الامة على الحرة وتنكح الحرة على الأمة، وعن عمر بن الخطاب انه كتب إليه يعلى بن منبه في رجل تحته امرأتان حرتان وأمتان مملوكتان فكتب إليه عمر فرق بينه وبين الامتين…. عن ابن عباس قال: تزويج الحرة على الامة المملوكة طلاق المملوكة وبه يقول الشعبى.”

تفاصيل أخرى عن زواج العبد:
كما مرَّ سابقاً فقد اختلف المشرعون حول عدد النساء اللواتي يمكن أن يتزوجهن (العبد). فبينما يسمح مذهبا أبو حنيفة والشافعي له بالزواج من امرأتين، يسمح له مذهب مالك الزواج بأربعة.
وذُكِر عن ذلك “…عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: سألته عن المملوك، ما يحلّ له من النساء؟ قال: حرتين أو أربع إماء…” (وسائل الشيعة- ج21 ص110) و” عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول ينكح العبد أربع نسوة” و” عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه قال ينكح العبد أربع نصرانيات” (المدونة الكبرى- في نكاح الخصي والعبد)
” قال السروجي رحمه الله ما نصه: وفي الذخيرة المالكية لا يجوز للسيد نكاح أمته ولا للسيدة نكاح عبدها قاله الأئمة الأربعة وعليه الإجماع وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على بطلان نكاح المرأة عبدها، قال الكمال رحمه الله: وقد حكي في شرح الكنز الإجماع على بطلانه، وحكي غيره فيه خلاف الظاهرية… المرأة بجميع أجزائها مالكة وبالتزوج بعبدها يكون بعضها مملوكا له فتتحقق المنافاة وإن اختلفت جهة الملك؛ إذ كل واحد من الملكين يقتضي أن يكون المالك قاهرا، والمملوك مقهورا ولأن نفقته تجب عليها للملك، ونفقتها تجب عليه للنكاح فيتقاصان فيموتان جوعا.” (تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق- ج5 ص255)
” يحرم على العبد نكاح سيدته. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نكاح المرأة عبدها باطل. وروى الأثرم، بإسناده عن أبي الزبير، قال: سألت جابرا عن العبد ينكح سيدته، فقال: جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب، ونحن بالجابية، وقد نكحت عبدها، فانتهرها عمر وهم أن يرجمها، وقال: لا يحل لك.” (المغني- ج15 ص187)
” عن الحسن أن عمر بن الخطاب أتى بامرأة قد تزوجت عبدها فعاقبها وفرق بينها وبين عبدها، وحرم عليها الازواج عقوبة لها.” (كنز العمال- ج16 ص544)

متى ينفسخ نكاح الجارية ونكاح العبد:
النكاح لا يجتمع مع ملك اليمين: في الإسلام ملك اليمين أقوى من ملك النكاح، لذا كان لانتقال ملكية العبد أو الجارية من شخص لآخر كبير الأثر في عقد الزواج أو النكاح.
وأورد بعض الأمثلة المتعلقة بذلك في الفقه الإسلامي:
” لو ملك زوجته وهي أمة، انفسخ نكاحها. وكذلك لو ملكت المرأة زوجها، انفسخ نكاحها. ولا نعلم في هذا خلافا. ولا يجوز أن يتزوج أمة له فيها ملك. ولا يتزوج مكاتبته؛ لأنها مملوكته” (المغني- ج15 ص188)
” إذا ملك الرجل بعض امرأته (جزءاً منها) أو ملكت المرأة بعض زوجها فسد النكاح.” (الدرر السنية ج3ص265)
” في المدونة: من ابتاع زوجة أبيه انفسخ النكاح إذ لا يتزوج الأب أمة ولده” (التاج والإكليل لمختصر الخليل- ج5 ص376)
” كل من اشترى زوج أمه أو زوجة أبيه انفسخ نكاحهما” (الفقهية لأبن غازي)، وحتى قالوا إذا مات من زوج جاريته من عبده لم ينفسخ العقد ما رضي الورثة، فإن أبوا انفسخ.
” الرجل يتزوج الامة ثم يشتريها حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن الشعبي قال: إذا كانت الامة تحت الحر فاشتراها بطل النكاح، وتكون جارية له يطأها إن شاء.” (مصنف ابن ابي شيبة- ج3 ص291)
” إذا ورثت الحرّة زوجها المملوك أو اشترته انفسخ العقد، فإن أرادته لم يجز لها ذلك إلاّ بأن تعتقه أوّلاً ثمّ تتزوّج به، وإن ورث الحرّ أو اشترى زوجته المملوكة فله وطؤها بملك اليمين.” (من كتاب إصباح الشيعة بمفتاح الشريعة)
“قال مالك: والعبد إذا أعتقته امرأته” عبد تزوج حرة، فصار عندها من المال ما يساوي قيمة هذا العبد فاشترته وأعتقه “والعبد إذا أعتقته امرأته إذا ملكته وهي في عدة منه لم يتراجعا إلا بنكاح صحيح” كيف في عدة منه؟ نعم؟ طلقها، هو طلقها وهي ما زالت في العدة، لم يتراجعا إلا بنكاح جديد، لكن وإن تراجعا بنكاح بعد، وما حصل طلاق، حصل فسخ، فلم تحسب، وهنا إذا طلقها حسبت، ولم ترجع إليه إلا بنكاح جديد ” (شرح الموطأ – كتاب النكاح والطلاق)
و” لو اشترت زوجها فلها على بائعه العهدة لحصول المباعدة لأن النكاح انفسخ، وهو لا يطؤها بخلاف ما إذا اشتراها فإنه يطؤها بملك اليمين.” (شرح مختصر خليل للخروشي- ج15 ص422)
وقيل في أضواء البيان ج1 ب24 ص277 عن شراء الجارية المتزوجة: ” إن كان المشتري امرأة لم ينفسخ النكاح. لأنها لا تملك الاستمتاع ببضع الأمة، بخلاف الرجل، وملك اليمين أقوى من ملك النكاح، كما قال بهذا جماعة” وعندما يكون ملك اليمين أقوى من ملك النكاح فهذا الملك يبطل النكاح دون العكس.”
وذُكِر في شرح النووي على مسلم- ج5 ص274: ” أجمعت الأمة على أنها إذا عتقت كلها تحت زوجها وهو عبد كان لها الخيار في فسخ النكاح، فإن كان حرا فلا خيار لها عند مالك والشافعي والجمهور، وقال أبو حنيفة: لها الخيار، واحتج برواية من روى أنه كان زوجها حرا، وقد ذكرها مسلم من رواية شعبة بن عبد الرحمن بن القاسم لكن قال شعبة: ثم سألته عن زوجها فقال: لا أدري، واحتج الجمهور بأنها قضية واحدة، والروايات المشهورة في صحيح مسلم وغيره أن زوجها كان عبدا، قال الحفاظ: ورواية من روى أنه كان حرا غلط وشاذة مردودة لمخالفتها المعروف في روايات الثقات . ويؤيده أيضا قول عائشة قالت: (كان عبدا ولو كان حرا لم يخيرها) رواه مسلم.”
وفي تعليمات فقه النكاح هناك خمسة وعشرون سبباً تزيل النكاح، إحدى هذه الأسباب: ” بيع العبد أو الأمة أو بيعهما معا إذا لم يرض المشتري أو البائع إقرارهما على النكاح” (نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه و النظائر)
ذُكِر في موطأ مالك- ج4 ص86:” قال مالك في العبد إذا ملكته امرأته أو الزوج يملك امرأته إن ملك كل واحد منهما صاحبه يكون فسخا بغير طلاق وإن تراجعا بنكاح بعد لم تكن تلك الفرقة طلاقا قال مالك والعبد إذا أعتقته امرأته إذا ملكته وهي في عدة منه لم يتراجعا إلا بنكاح جديد.”
إن الطلاق غير الفسخ، إن طلقها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، لكن الفسخ لا يوجد فيه ذلك الشرط، وقد تعتد الأمة من زوجها فيما لو تغير مالكها.
“إن ملك كل واحد منهما صاحبه يكون فسخاً بغير طلاق” لماذا؟ لأن النكاح على هذه الصفة خلاف الأصل، كان النكاح بالشرطين المعروفين لا يجد طول حرة، ويخشى على نفسه العنت، لكن مثل هذا هل يمنع من ملك اليمين، يمنع من نكاح الأمة، لكن لا يمنع من ملك اليمين، أبيح له نكاح الأمة بالشرطين المعروفين فتيسر له ملك اليمين الذي لا خلاف في جوازه. يقول: “إن ملك كل واحد منهما صاحبه يكون فسخاً بغير طلاق، وإن تراجعا بنكاح بعد” يعني عقد، جدد العقد من جديد “لم تكن تلك الفرقة طلاقاً” يعني لا تحسب من الطلقات الثلاث، هي مجرد فسخ لا طلاق.
والزوج لو ملك زوجته بعد الزواج أو ملك قسم منها فهو لا يحتاج إلى طلاق، ويكون عقد زواجه انفسخ بملك اليمين، ولو اعتقها يكون ملك اليمين أنفسخ بالعتق، فيجب أن تعتد عدة الأمة حيضتين، ويعزل عنها… والعزل أو العدة مطلوبةٌ في كثير من الحالات للضرورة، كي يتم التأكد بأنها غير حامل، لاختلاف مصير الولد بين الرق والحرية (إذ الولد يتبع الأم في الرق والحرية) وكذلك اختلاف مالك الولد والاختلافات في مواضيع الميراث…الخ، حيث أن تلك الأمور كلها متغيرة فيما لو وطئها وكانت حين الوطء ملكه أو ملك غيره.
” إذا كانت للعبد امرأة ثم كاتب فاشتراها للتجارة فالشراء جائز كما يجوز شراؤه لغيرها والنكاح فاسد إذا جعلته يملكها لم أجعل له نكاحها وتعتد من النكاح بحيضتين فإن لم تكن تحيض فشهر ونصف وليس له أن يطأها بالملك لأنه لا يملك ملكا تاما.” (الأم- ج5 ص234)
” قال لي مالك في ذلك أن كل فسخ يكون في النكاح فعلى المرأة عدتها التي تكون في الطلاق إلا أن يطأها بعد الاشتراء، فإن وطئها بعدما اشتراها فقد انهدمت عدة النكاح وصارت إلى الاستبراء استبراء الإماء؛ لأنها وطئت بملك اليمين” (المدونة- ج5 ص27)
” تكون عنده الأمة ثم يبتاعها قد تقدم أن ملك اليمين يوجب فسخ النكاح؛ لأنه أقوى لاشتماله على الرقبة والمنافع، فمن اشترى زوجته فقد انفسخ النكاح وحلت له بملك اليمين، فإن اشتراها قبل أن يدخل بها ثم أعتقها فهذه لا عدة عليها؛ لأن الفرقة وقعت قبل البناء ولكنه إذا أعتقها تستبرأ بحيضة لأن عقد ملك اليمين يبطل عقد النكاح، وإذا بطل لم يبق لعقد النكاح حكم في العدة لعدم البناء والله أعلم.” (المنتقى- شرح موطأ مالك ج3 ص307)

– هناك حالات أخرى ينفسخ فيها النكاح غير حالات انتقال ملكية العبد والجارية، وهناك حالات اختلفوا عليها، ومن هذه الحالات:
قيل في التاج والإكليل لمختصر الخليل- ج5 ص 381: ” إذا باع السيد أمته بموضع لا يقدر الزوج على جماعها فله الصداق (لا لظالم) عياض: معنى قولها إذا باع السيد إلى آخره أن مشتريها سافر بها حيث يشق على الزوج لضعفه ولو عجز عن الوصول إليها لظلم مشتريها وأنه لا ينتصف منه لم يكن على الزوج مهر ”
و “اختلف أصحاب مالك إذا وجد طولا بحرة هل يفارق الأمة أم لا، ولم يختلفوا فيما إذا ارتفع عنه خوف العنت أنه لا يفارقها.” (أنوار البروق في أنواع الفروق- ج5 ص384)
” وإن تزوج على الأمة حرة‏,‏ صح وفي بطلان نكاح الأمة روايتان إحداهما لا يبطل وهو قول سعيد بن المسيب وعطاء‏,‏ والشافعي وأصحاب الرأي وروى معنى ذلك عن على رضي الله عنه والرواية الثانية ينفسخ نكاح الأمة وهو قول ابن عباس ومسروق‏,‏ وإسحاق والمزني…” (المغني- كتاب النكاح)

ماذا لو حدث الغش:
ذُكِرَ في كتاب (المغني- ج15 ص165): ” إن كان في يده مال، فذكر أنه معسر، وأن المال لغيره. فالقول قوله؛ لأنه حكم بينه وبين الله تعالى، فقبل قوله فيه، كما لو ادعى مخافة العنت. ومتى تزوج الأمة، ثم أقر أنه كان موسرا حال النكاح، فرق بينهما؛ لأنه أقر بفساد نكاحه. وهكذا إن أقر أنه لم يكن يخشى العنت.”
” إن كان الزوج (ممن لا يحل له نكاح الإماء) بأن كان حرا واجد الطول أو غير خائف العنت (فرق بينهما) لظهور بطلان النكاح لفقد شرطه وكذا إن كان تزوجها بغير إذن سيدها ونحوه.” (شرح منتهى الإرادات- ج8 ص440)
” إن أقرت لإنسان بالرق لم يقبل قولها على زوجها نصا؛ لأن إقرارها يزيل النكاح عنها ويثبت حقا على غيرها أشبه ما لو أقرت بمال على غيرها (فما) حملت و (ولدت) عند زوج (بعد) ثبوت رقها (ف) هو (رقيق) لرب الأمة…” (شرح منتهى الإرادات- ج8 ص440)
وقيل الكلام نفسه في (مطالب أولي النهي في شرح غاية المنتهى- ج15 صذ34): ” (لا) يثبت كونها أمة (بإقرارها) لإنسان بالرق، فلا يقبل قولها على زوجها نصا، لأن إقرارها يزيل النكاح عنها، ويثبت حقا على غيرها، أشبه ما لو أقرت بمال على غيرها.”
” إذا عقد على حرة وعنده أمة وهي لا تعلم ثم علمت، فإن عقد عليهما معا مضى عقد الحرة دون الأمة.” (من كتاب إصباح الشيعة بمفتاح الشريعة)
” إن أتى العبد المرأة الحرة فأخبرها أنه حر فتزوجها على ذلك ثم علمت أنه عبد قد أذن له مولاه في التزوج فهي بالخيار إن شاءت أقامت معه، وإن شاءت فارقته؛ لأنه غرها، ولأنها ما رضيت أن يستفرشها مملوك، ولأنه ليس بكفء لها.” (المبسوط- ج6 ص362)
” إن تزوجت حرة رجلا على أنه حر، أو تزوجت أمة رجلا على أنه حر، أو تزوجته الحرة أو الأمة تظنه حرا، فبان عبدا فلها الخيار بين الفسخ والإمضاء نصا، أما الحرة فلأنها إذا ملكت الفسخ للحرية الطارئة فللسابقة أولى. (كشاف القناع عن متن الإقناع- كتاب النكاح وخصائص النبي- باب الشروط في النكاح)
” قال: وإذا تزوج الأمة على أنها حرة، فأصابها، وولدت منه، فالولد حر، وعليه أن يفديهم، والمهر المسمى، ويرجع به على من غره، ويفرق بينهما إن لم يكن ممن يجوز له أن ينكح الإماء، وإن كان ممن يجوز له أن ينكح، فرضي بالمقام، فما ولدت بعد الرضى فهو رقيق…” (المغني- ج14 ص491)
” إذا نكحها على أنها حرة فإن توهم الحرية… أولادها فالذين حصلوا قبل الإقرار أحرار ولا يلزم للزوج قيمتهم، والحاديون بعده أرقاء لأنه وطئها عالما برقها.” (روضة الطالبين وعمدة المفتين- فرع ج2 ص300)، وقيل نفس الكلام بخصوص الأولاد في تحفة المحتاج في شرح المنهاج وفي المغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ.
” إذا زوج الرجل أمته مدلسا لها بالحرة و اختار الزوج الفسخ فسخ و لا مهر عليه.” (كتاب نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه و النظائر- من موقع المجمع العالمي لأهل البيت)
” وفسخ الحرة نكاح نفسها أو نكاح الأمة إذا تزوج بالأمة عليها و اختارت الحرة الفسخ، و إذا أذنت قبل الدخول أو رضيت به بعده لم يكن لها فسخ و لا خيار و فسخ الحرة نكاح نفسها خاصة دون نكاح الأمة إذا تزوج بالحرة و عنده أمة هي زوجته و هي لا تعلم ذلك فإن علمت قبل العقد أن له زوجة أمة أو رضيت به بعد العقد لم يكن لها فسخ و لا خيار… و ذهب الشيخ في مسائل الخلاف إلى أنه إذا تزوج بامرأة على أنها حرة فخرجت أمة أن العقد باطل. و فسخ الحرة نكاح العبد كذلك و فسخ نكاح التي تزوج بها على أنها بنت مهيرة فخرجت بنت أمة…” (كتاب الأم-باب النكاح)

يـــــتـــــبـــــع

{ملاحظة عامة عن الحلقات: تكرار بعض الجمل أو الأحكام من مصادر متعددة هي للضرورة والتأكيد، وباعتبار أن الموضوع (دراسة أردتها موسعة) لذا توجب الحديث عن بعض التفاصيل التي قد (يعتقد) البعض أنه لم يكن هناك داعي لذكرها، ومن ناحية أخرى وجود بعض الجمل المكررة بين الحلقات هي للضرورة أيضاً، فمثلاً عند الحديث عن بيع وشراء الجارية استشهد بوصف المصادر الإسلامية عن كيفية بيعها وشراءها، وعند الحديث عن حجاب الجارية فيلزم نفس المثال بسرد طريقة فحصهم لجسد الجارية عند البيع والشراء، وبسبب رغبتي بأن تكون صورة كل حلقة أو موضوع واضحة قدر المستطاع كانت المقالات طويلة، لذا أعتذر للسادة القراء لطول المقالات.}

 سردار أحمد

About سردار أمد

سردار أحمد كاتب سوري عنوان الموقع : http://www.serdar.katib.org
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.