بعيداً عن الحيل الفقهية التي يمكن تأليفها لكل المناسبات وبلا مناسبة، لم تقم البنوك المسماة بـ”الإسلامية” بإلغاء أرباح الفائدة أو التخفيف منها ولو في سبيل الله مثلا بل ضاعفتها في كثير من الأحيان.
البنوك الإسلامية تصرف الأوهام
يصعب على المتتبع أن يعثر على تعريف واضح المعالم لما يسميه البعض بالاقتصاد الإسلامي، علما بأنّ معظم مَن كتبوا في الموضوع ليسوا من أهل الاختصاص والتخصص، في حين أن القلة القليلة من الذين يسمّون أنفسهم بخبراء في “الاقتصاد الإسلامي”، لم يكتبوا سوى بخلفية التسويق المبتذل، بحيث كل فكرة تقبل البيع يجب أن تباع فورا دون أدنى حرج، حتى ولو تعلق الأمر بالخرافات والأوهام، حتى ولو تعلق الأمر بالأدعية أو بصكوك الغفران. هنا يكمن المبدأ المؤسس لما يُصطلح عليه باسم “إسلام السوق”.
في كل الأحوال، بوسعنا أن نستعرض خلاصة ما كُتب في موضوع “البنوك الإسلامية” في تقرير مقتضب، وعلى النحو التالي:
عدا اجترار الكلام عن وجوب الزكاة وتحريم الربا، وترديد حكايات ذات صلة بالموضوع، من قصص الأولين إلى أخبار المتأخرين، فإن نصوص من يصطلحون على أنفسهم باسم خبراء “الاقتصاد الإسلامي”، لا تتضمن أي هدف إجرائي واضح الصياغة، قابل للقياس، وله علاقة مباشرة بإنتاج الثروة. اللهم شطحات من يجرؤون على استعادة مسائل الغنائم والجزية والخراج، وما إلى ذلك من أبواب تندرج ضمن فقه الغزوات، والذي يُفترض أن الزمن عفى عنه، أو أنه انقرض، أو هكذا يفترض.
ولأن العالم القديم محرج بكل المقاييس، يجد البعض مخرجا من الحرج في سياسة الهروب إلى الأمام، وذلك عبر الدعوة إلى أسلمة معطيات العالم الجديد، طالما لا حرج منها، من قبيل الدعوة إلى أسلمة الحداثة، والمطالبة بأسلمة العلوم الإنسانية، وانتظار أسلمة البنوك أيضا، إلخ..
في المغرب على سبيل المثال، منذ بداية عمل حكومة حزب العدالة والتنمية، لم يتورع الحسن الداودي، وهو الذي يقدّم نفسه أحيانا كخبير لما يسمى بالاقتصاد الإسلامي، عن تبشير المغاربة بقرب قدوم البنوك الإسلامية التي ستنهي بضربة سحرية كل مشاكل الاقتصاد الوطني. وكانت عيونه وقتها على أموال الخليج تحديدا. وهو ما أوحت به أولى خرجاته الإعلامية في الموضوع.
والآن، بعد أن وصلت أولى طلائع “البنوك الإسلامية” إلى أرض المغرب، يحق لنا أن نطرح السؤال: ما الجديد في تجربة “البنوك الإسلامية”؟ بمعنى، ما المنتوج الجديد الذي تقترحه، أو ما الخدمة الجديدة التي توفرها؟
فقهاء الإسلام السياسي جعلوا الفائدة المترتبة عن التأخير في أداء أقساط الدين مباحة شرعا بدعوى أنها من أنواع التعزير بالمال








