حيفا تحتفي بالكاتب سامي عيساوي!

أقام نادي حيفا الثقافي أمسية احتفائية بالكاتب سامي عيساوي، برعاية المجلس المليّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ حيفا، وذلك بتاريخ 23-2-2017 في قاعة كنيسة القدّيس يوحنّا المعمدان الأرثوذكسيّة في حيفا، ووسط حضور من أدباء ومهتمّين بالشأن الثقافيّ، وقد تعذّر حضور سامي عيساوي للأمسية بسبب منعه من عبور الحواجز إلى حيفا. تولت عرافة الأمسية عدلة شدّاد خشيبون، وتحدّث عن منجز المحتفى به كلّ من: د. منير توما تناول رواية اللّوز المُرّ ما بين الإيحاءات والإشارات الدالة على محور الرواية، وآمال أبو فارس تناولت كتاب “زوجي لعبة تفاعليّة” وموضوع الكتابة باللّهجة العاميّة ونظرة الكاتب للمجتمع العربيّ من ناحية دينيّة وسياسيّة، وسلمى جبران تناولت كتاب “عيّوش”، وتخللت المداخلات وصلة زجليّة مع الزجّال حسام برانسي، وفي نهاية اللقاء كانت قراءة لرسالة سامي عيساوي، والتي شكر من خلالها الحضور والقائمين على إحياء هذه الأمسية!
مداخلة عدلة شداد خشيبون: يطيب لي أن القاكم تتوافدون دون كلل أو ملل ومن كلّ حيّ وبلد إلى هذه القاعة الجميلة الدّافئة شتاء والمنعشة صيفًا، ويثلج صدري أن أراكم تملآؤون المكان بعبير الثّقافة والآدب. أحبّتي على رزنامتي لمع التّاريخ، وأشرقت شمس جديدة ليكون لنا لقاء بتنا ننتظره أسبوعيًّا، وبتنا نرفض تسجيل المواعيد في ذات السّاعة وذات اليوم، فالشّكر لذاك الجندي المعلوم الاستاذ فؤاد نقّارة وزوجته فراشة النّادي سوزي، فلكما باقة شكر لا تذبل أبدًا ما دام القلب ينبض في هذا الجسد، وللجندي المجهول فضل الله مجدلاني الذي يرتب لنا هذه القاعة ويجمّلها بنقاء استقباله. شكرًا من أعمق الأعماق لكم أحبّتي، فلقاؤنا يتجدّد اللّيلة بكم وبنوركم الآسر.
تعذّر عليه الوصول ليكون بيننا جسدًا، لكنّ حضوره الرّوحي والصّوتي موجود في رسالته، ورسالتنا ستعرف الطّريق إليه بين تنمية بشريّة وإنجازات أدبيّة، وسنطير شوقًا لنتذوق طعمات ثلاث لكتب زيّنت مكتباتنا بجميل حبرها. اللّيلة سيغدو اللّوز المرّ حلوًا، وعيّوش ستلبس لباسًا زاهيًا، أمّا “زوجي لعبة تفاعليّة” سيحلّق عاليًا بين مفردات اللّغة، فكاتبنا سامي عيساوي من مواليد مدينة نابلس 1968،تعلّم في مدارسها، متزوج ولديه اربعة ابناء، حاصل على درجة البكالويوس في الفنون التّطبيقية من جامعة نيودلهي، وعلى درجة الماجستير في الفنون البصرية من جامعة اليرموك، يعمل كمحاضر متفرغ في كلية الفنون الجميلة – جامعة النّجاح الوطنية، وشغل منصب رئيس قسم الفنون التّطبيقية 2014-2016، صدر له خمسة أعمال هي: اللوز المر (رواية)، و 2008عيوش (رواية) 2013، وزوجي لعبة تفاعليّة (مجموعة قصصية) 2016، ولحياة أكثر إبداعًا (تنمية بشريّة) 2014، وتخرج بكفاءة (تنمية بشريّة 2016).
د. منير توما: أديب وناقد يكتب الشّعر باللغتين العربيّة والإنجليزيّة، له العديد من المقالات والدّراسات الأدبيّة التي تُنشر في الصّحف والمجلات، وقد حصل على عدّة جوائز في كتابة الشعر في اللغة الإنجليزيّة من الجمعيّة الدّولية للشعراء في الولايات المتحدة الأمريكيّة، كما حصل على جائزة الإبداع الشعريّ من وزارة الثقافة عام 2010. لا يصل كتابٌ إلى يديه إلّا ويُعانقُ مفرداته ويطويها تحتَ معان أرادها الشّاعر ولم يصرّح بها، وهذا يؤكّد أنّ دور الشّاعر أو الكاتب ينتهى عندما يسلّم ديوانه للقارئ، فكيف إن كان قارؤنا د.منير توما وروايتنا اللّوز المرّ، ما بين الإيحاءات والاشارات الدالة على محور الرواية، فيا تُرى، هل يبقى طعم اللّوز مُرًّا بعد أن ينثر عليه. د.منير توما سكّر نقده، مُبلسِمًا بمفرداته المعهودة جرح المرارة؟
سلمى جبران: من البقيعة الحبيبة إلى حيفا وقصّة عشق للكلمة في رواية عيّوش، متزوّجة ولها ثلاثة أولاد، أنهت دراستها الابتدائيَّة في البقيعة والثانوية في قرية ترشيحا، والجامعيّة في جامعة حيفا على اللقب الأول
(B.A )
في الأدب الإنجليزيّ، وعلى اللقب الثاني
( M.A )
في الاستشارة التربويَّة، وأكملت دراستها في التخصّص في العلاج الأسريّ والزوجيّ، أثمرت أربعة دواوين شعريّة أسمتها لاجئة في وطن الحداد، ومؤخرًا صدر لها خارج مدار الذّات.

حسام برانسي: يكتب الشعر من عمر عشر سنوات، وبدأ بالظهور على المنابر وفي محافل الأدب فقط قبل ثلاث سنوات، شارك في عدّة مهرجانات وحفلات زجليّة في عدّة دول أوروبيّة، واستطاع تحقيق نجاحات كبيرة في دول أوروبيّة للجاليات العربيّة.
آمال أبو فارس: من مواليد دالية الكرمل، متزوجة في عسفيا، تعمل مدرّسة للّغة العربية، حصلت على اللقب الأوّل من كليّة دار المعلّمين العرب في حيفا، كما أنّها أنهت اللّقب الثّاني في موضوع “تعليم اللّغات اختصاص لغة عربيّة” في كلية “أورانيم”، ودوّنت تاريخ شخصيّات هامّة من القرية. وفي السّنين الأخيرة بدأت تكتب الشّعر. أصدرت مؤخرا كتابين للأطفال: قصة الحلزونة سناء، وكتاب شوكولاته، وكتابا بعنوان “عسفيا قصة وتاريخ”. أقامت صفحة تواصل على الفيس بوك تحت عنوان: “المنتدى الثّقافي القطري” يكتب فيه شعراء من كلّ الأقطار العربيّة، وتُحرّر صفحة الثّقافة الأسبوعيّة التّابعة لجريدة الحديث، وتحدّثنا عن كتاب زوجي لعبة تفاعليّة حيث ستتناول موضوع الكتابة باللّهجة العاميّة ونظرة الكاتب للمجتمع العربيّ من ناحية دينيّة وسياسيّة.
مداخلة د. منير توما: “اللوز المرّ ” كمفتاح من مفاتيح النصّ عنوان رواية سامي عيساوي: يُمثِّل العنوان في رواية سامي عيساوي ” اللوز المرّ ” عنصرًا هامًّا من عناصر تشكيل الدلالة في القصّة الروائيّة، حيث تتنوّعُ العناوين وفقًا لوظيفتها في القصّة، فعنوان الرواية يُحيلنا إلى مضمون القصّة، فهذا العنوان له طبيعة رمزيّة إيحائيّة استعاريّة، بحيث تُشكِّل رمزيّة “اللوز المُرّ” مَدخلًا أساسيًّا شاملًا، لإيضاح المعاني والمفاهيم وراء أحداث الرواية وشخصيّاتها وأسلوبها.
إنَّ الكاتب يستخدم “اللوز المرّ” في عنوان الرواية كرمز لمعاناة بطل القصّة الذي تمَّ له اجتياز هذه المعاناة بتطهير النفس من خلال عودتهِ للمخيّم، رغم ما مرَّ به من مراحل حياتيّة مُوجعة، ليعيش ذكريات تجربته العاطفية المؤلمة والمخيّبة للآمال في المخيّم، مع محبوبته زوجته الأولى التي تركت له ومعه ابنتها التي تشبهها والتي لم تكن من صلبه، وإنّما كانت ثمرة علاقة غير شرعيّة مع آخر غيره، قبل عقد قرانهِ بها ونسبتها اليهِ موافقًا أو مُرغمًا على ذلك، لغرامهِ وولعه بهذه الزوجة المحبوبة التي كان قد وقع في غرامها أثناء دراستهما الجامعيّة معًا. وحول اجتيازه لهذه المعاناة بعد فراقهما وهجران كلّ منهما للآخر، والعودة أخيرًا إلى المخيّم، مُستذكِرًا ما عبر عليه في تلك الأيّام، باعتبار ذلك تطهيرًا للنفس من مرارة ما مرَّ به ِ من انعدام وفقدان السعادة الزوجيّة.
(loss of conjugal happiness)
مع هذه الزوجة المتيّم بها بكلَّ جوارحه، والذي يوحيهِ ويرمز إليه العنوان “اللوز المرّ”، وهو يُعبَّر عن هذه المعاني والأفكار قائلًا في نهاية الرواية: “لن أعيد إنتاج التاريخ بنفس الخيبة القديمة، لأضفي عليها أسماء جديدة. سأمضي للمخيّم ولن أغادره بعد كُرهي له، كي أتوحّد مع وجعي وأصبّ على الأيام القادمة نارًا تحرقها. سأعيد تأثيث البيت والمخيّم الذي عاش فيه جدي من جديدي. أضيء شوارعه المعتمة. أجدّد أبوابه المهترئة، وأعيد تصفيح الجدران الداخليّة للقلوب التي أدماها طول انتظار، أُزوّج من لم يتزوَّج من أبنائهِ وبناتهِ. أملأ حجرات ساكنة بصور جديدة عن العودة والمقاومة والبقاء، وأعيد تصنيف الأولويّات القديمة لنسائهِ، فالنصرُ والهزيمة يأتيان من أرحامهنّ وحليب صدورهنّ، وهذه التي تُشبهك، ولها اسمك ولون عينيك وعدد شعرك وطول قامتك، وعجرفتك المسموح بها لامرأة تملك ما تملكين، هذه التي تقتلني في صباحاتها البرّيّة البريئة، وأرى غدها مرسومًا في صفحة وجهك، هي وجعي الأزليّ الباقي منك، أردّدُ على مسامعها قولَ شاعر تركيّا الكبير “ناظم حكمت”: “أجملُ الأيّام تلك التي لم نعشها بعد..”، لأستنهض فيها المعاني الباقية كلها، أمّا أنا فأجمل أولادي لم أنجبهم منكِ أنتِ” (ص300). وهنا نرى أنَّ الراوي بطلَ القصّة يعتمل في صدرهِ الأمل بأيّام جميلة قادمة يُرَمِّم فيها الماضي، حيث أنَّ هذا المعنى يُذكِّرنا باللوز المُرّ رمزًا للأمل، لكنّه اللوز المُرّ أي الأمل المصحوب بالألم والذكرى المُتجهّمة.

ومن المهمّ أن نشير في هذا السياق أنَّ اللوز يرمز أيضًا إلى اليقظة
(wakefulness)،
وهي اليقظة المشوبة بأرق الأيّام الخوالي، وبالضيقات التي ما زالت تُراوده جاعلًا منها حافزًا محفوفًا بالذكريات، ليُشكّل اللوز المُرّ رمزًا للإيحاء والانبعاث لأملٍ متجدِّد، قد يأتي بالفرج المبتغى نحو الأحسن على الصعيدين الشخصيّ والعامّ، لا سيّما وأنّ اللّوز المُرّ يُستخرج منه في المجال الطّبّيّ بعض الأدوية الشّافية من جهة، ونوع من المادة القاتلة السيانيد من الجهة الأخرى، فاجتمعت هنا في رمزيّة اللوز المُرّ الناحيتان الإيجابيّة والسلبيّة، بكون رجوعه للمخيّم يُعدّ وفقا للنصّ الروائيّ المقتبس السابق شفاء له، ممّا مرّ به من بؤس وضيق وإحباط، ليُعايش بهذه العودة أملًا بولادة جديدة
(rebirth)
يتمّ من خلالها التخلّص والشفاء من مرارة تجربته السابقة، لتُشكّل مرارة اللوز رمزًا لمرارة الدواء الشّافي، وممّا يسترعي الانتباه أنّ الكاتب قد أحسن وأجاد بإتيانه بعنوان “اللوز المُرّ”، جاعلًا من اللوز رمزًا لعدّة تيمات أيّ موضوعات مركزيّة في الرواية.

ومن حيث أنَّ اللوز عمومًا يعتبر رمزًا يُمثِّل الحلاوة والسحر الفاتن والأناقة
(sweetness, charm , delicacy)
فإنَّ نصّ الرواية (ص115) يقرن رمزيّة اللوز الممثّلة للجمال الأنثويّ بمرارة الموت والثبات والتحمُّل في حالات الأسى، وفي ذلك وردت السطور التالية: “القهوة المُعَدّة للمساء لها لون الكرز ورائحة التفاح المحترق، ولها عذاب عينيكِ المتّقد بالشهوة والنشوة والرغبة في الحكم والصيد والقتل، أمّا قهوة اليوم فلها طعم العزاء والجُبن المحترق على موائد الغربة، لها لون الشيب وقسوتهِ، وقد تسلّل إلى حلكة شعرها الغادر”.

ومن الأوصاف التي يُطلقها الكاتب على لسان بطل القصّة الراوي، مُتحدّثًا عن الزوجة الأولى المحبوبة الأثيرة على نفسهِ وروحه قوله بأنّها “كانت تتقن فنّ العزف على كلّ الأوتار، وتتقن فن الرقص على الجراح وبين حبّات المطر، وتعزف كلّ اللغات، وتتقن رسم الكلمات وتعلم أوقات السعادة كلّها، وتُهمل أوقات الصلاة بلا تقريع أو عذاب ضمير، كانت تعلم متى تُعزَف الألحان الجنائزيّة، وتلك التي يتلوها الفرح ومتى يبدأ المطر وفي أيّ اتّجاه تهبّ الريح، ومن أين تُطلّ الشمس، عند قدميها يتفتّح الزهر، ولطلتها يبدأ هدر الرعد ونزول المطر”. (ص117)، ففي هذه السطور أنَّ الكاتب باستعاراته الجميلة يريد أن يوحي ويؤكد أنَّ هذه المحبوبة هي كاللوز بحلاوتهِ ومرارته، باعتباره رمزًا للمنتج الخِصب الذاتيّ (self – productive) وكذلك رمزًا للإثمار
(fruitfulness)
من حيث التقلّب العاطفيّ الرومانسيّ بإيجابيّاته وسلبيّاته بكافّة أشكالهِ وصورهِ.

يتحدّث الراوي بطل القصّة عن صباح اليوم التالي لزواجهِ من هذه المحبوبة، مُستذكرًا الموقف المتّسم بوجوم الإيحاءات التي يطرحها (ص139): “في صباح اليوم التالي للفرح الأخرس بيننا، لم نتبادل تحيّة الصباح كعادة الأزواج في صباحاتهم الأولى، ولا حتى القُبَل. كان لها تاريخ قديم قرأته في سواد عينيها وظلمة قلبها، عندما تعرّت فجأة أمام نفسها، وتعرّى معها تاريخها. قرأت تفاصيل الزوايا كلها بعد أن غسلت وجهها، وأزالت اقنعتها وكحل عينيها. قرأت التاريخ كله، وقرأت أهمّ فصوله السوداء عندما لم أجد عذريّتها. كان لها تاريخ قديم ممتلئ عن آخرهِ بأنصاف الرجال”.
إنَّ الكاتب قد أصاب الهدف جيّدًا في أخبار الراوي بطل القصّة لنا، عن أنّه قد وجد عروسه فاقدة لعذريّتها في ليلة الزواج، مُتّخذًا بكلّ مهارة وبراعة ترميزًا موفّقًا في كون اللوز يرمز إلى العذريّة والبكارة
(virginity)،
فمرارة هذا اللوز هي رمز لإحباطهِ وخيبة أمله في طهارة ونقاء زوجته محبوبته، التي يدلّ تصرفها وسلوكها قبل الزواج وعدم الاحتفاظ بعذريّتها على طيشها واستهتارها
(giddiness)
وغبائها، حيث أنَّ كلّ هذه المعاني هي ما يرمز اليها اللوز، وبالتحديد اللوز المرّ الذي يشير رمزيّا إلى اللاتفكير العقلاني
(thoughtlessness)،
والمذكور آنفًا هو أحد المؤشرات على ذلك. ومن اللافت في الرواية أنَّ الكاتب قد أوغل إيغالاً كبيرًا، وأسرفَ في الإتيان باستعارات وكنايات جنسيّة وظّفها في أوصافه اللغويّة، كإكثارهِ من ذِكر كلمة الحيض والعادة الشهريّة، وكلمات آخرى تتعلق بالحياة الجنسيّة للمرأة، وهذا يستحضر لدينا كون اللوز رمزًا لفرج المرأة
(vulva)،
بكلّ إيحاءات وتداعيات ما سبق وأشرنا اليه بشأن الزوجة المحبوبة المثيرة للراوي بطل القصّة، والتي عكّرت صفو حياته كما يصفها (ص138): “في الواقع كنتِ أنتِ الحاجز الماثل أمامي. كنتِ أنتِ مانع الحمل الأبديّ الذي أصابني بالعقم”.

ومن الطريف أنَّ ذِكر العقم هنا مرتبط عند الرجل بالسائل المنويّ
(semen)،
الذي هو أحد الأشياء التي كان يرمز اليها اللوز في قديم الزمان، فالعقم المذكور في هذا السياق قد يكون بسبب خلل معيّن في السائل المنويّ للرجل الذي من الممكن أن يكون اللوز المرّ رمزًا له، وممّا يجدر ذكره في هذا المقام أنّ اللوز يرمز الى النبوءة
(prophecy)،
وهذا الرمز قد تمثّل في باب من أبواب الرواية الذي يحمل اسم “جدّتي سيرة ذاتيّة”، حيث ورد في نهاية هذا الباب إشارات كنائيّة عن حالةٍ مستقبليّة، قد تحمل تفاؤلاً معيّنًا للخروج من مرارة اللوز بوصفهِ رمزًا للمعاناة والضيق والتشرّد، الى غدٍ مشرقٍ عزيز يُبشّر بجعل الحلم حقيقة، وبتحقيق الآمال المنشودة في حياةٍ كريمة هانئة بالاستقلال والسيادة والكرامة. وقد جاء في هذا الباب أنّ (جدّته) قد “بقيت وحدها تدير المملكة بحنكة الرجال، حتى يعود الرشد الى ملوكها وحكّامها ووزرائها وقادة ألويتها، ويصحو من غفوتهم الأزليّة . وقتها ستتنازل جدّتي صاحبة العينيْن المعدنيّتين عن الإمارة لأصحاب السيادة، فهي أكثر الناس زهدًا في الإمارة، وأكثرهم إخلاصًا وحُبًّا للوطن، أمّا جدّتي التي تعيش معنا، فلها منّا النزر اليسير من الصفات، تجاهد للبقاء، وتمتصّ البقايا القليلة الباقية من أيّامها في الدنيا، كي تزرع بيتًا للزعتر، أو تقطف حبّة ليمون من حاكورة البيت القديمة”. (ص179).

وأخيرًا، فإنّه يمكن القول أنّ رواية الأخ سامي عيساوي “اللوز المُرّ” هي عبارة عن فسيفساء إنسانيّة، تشكّلت من نسيج توليفة المرأة والرجل، وإطاره المخيّم بكلّ مكوّناته وأجوائه وخلفيّاته، ومحورُهُ الحبّ الضائع الموجع بحُزنهِ وزيفه وشقائه وإحباطاته، والذي يحفِّز وينبئ بإيحاءاته بحُلمٍ مفعم بالإشراقات المتوخّاة، كي يكون الوطن المنشود كاللوز الحلو الخالي من مرارة عالم المخيّم على سبيل التوصيف الرمزيّ، بحيث يكون لوز الوطن حلوًا خاليًا من مرارة عالم المخيّم، بحيث يبدو غريبًا أن نقترح ما جال في مخيّلتنا، من أن يكون عنوان هذه الرّواية “امرأة بطعم اللوز المُرّ”
(woman of bitter almond taste a)،
دون أن يكون هناك أيّ تحفّظ وملاحظة على الاختيار الموفق الهادف للمؤلف في وضع عنوان الرواية، ولكنّ مشروع اقتراحنا آنفًا كان من منطلق أنّ المرأة في هذه الرواية كانت المعادل الموضوعيّ
(objective correlative)
الذي استندت اليه الأحداث، حيث تمَّ من خلال المرأة قراءة واستكناه الإيحاءات والإشارات، والتضمينات
(connotations)
وراء الكلمات والسطور التي رسمت لوحات ذهنيّة، تشمل مشاهد إنسانيّة أصليّة مأخوذة من الحياة بواقعها المتباين بألوانهِ وناسه، كلّ ذلك بلغة سرديّة قصصيّة شعريّة كما لو كانت قصيدة نثريّة. هكذا كان المخيم عالمًا صغيرًا
(microcosm)
لعالمٍ كبيرٍ
(macrocosm)،
هو الحياة بتنوّعاتها الإنسانيّة والعاطفيّة والتأمّليّة التي تضمّ المخيّم كجزء منها يعكس قضيّة الإنسان، الذي تعايش فيها الحنين والعشق وتحدّي الصّعاب والمشاق، وما الى ذلك من معان ٍ كونية شاملة لمشاعر الحزن والفرح والعذاب .

نهنئ الأخ سامي عيساوي ونشدّ على يديه تقديرًا له على هذا الإبداع الروائيّ المتميّز، الذي يستحقّ كلّ ثناء وإطراء مع ملاحظاتنا الأخويّة البنّاءة، ولو أنّ المؤلف قد أولى اهتمامًا أكثر للمراجعة والتدقيق اللغويّ للرواية إملائيّا ونَحويّا، نظرًا لوقوع الكثير من الأخطاء اللغويّة والإملائيّة، التي كان بالإمكان تداركها لو تمّت المراجعة بالدِّقة المرجوّة، آملين أن يتمّ تصحيحها في طبعات قادمة، نظرًا للأهمّيّة في اكتمال تغطية الجوانب التحريريّة للرواية
(editing aspects).

مداخلة سلمى جبران: رواية عيّوش – سامي عيساوي: “عيّوش” رواية يتعثّرُ فيها الموت بين الحبّ والحياة، وترفع فلسفةَ الطفولة إلى مرتبةٍ إنسانيّة لا يمكن أن يصلَها الظّالم، بل يقف القاتلُ أمامَها عاجزًا فاقِدًا لإنسانيّتِهِ، مُحوِّلًا الحياةَ إلى موت، وعبثيّةَ الموت إلى حياة وإلى صرخة إنسانيّة تنضحُ بالمعاناةِ المُطْلقة من الموت، فتتقدّسُ الحياة رغمَ الموت. قرأت الفصلَ الأوّل لأنَّ الرّوائي سمَحَ بتجاوُز قراءته، وبعدَ أن أنهيْتُ الرّواية فهمتُ ملاحظتَهُ، وأحسَسْتُ أنّ هذا الفصلَ دخيلٌ على الرّواية ويحِدُّ من دراميَّتِها، وهذا ما شعرْتُ به حينَ قرأتُ الوقفات! تذكِّرُني هذه الرّواية برواية “اسمي آدم” للروائيّ الياس خوري، الذي نجح في إقناع القارئ أنّها مجرّد نشْر لدفاتر آدم دنّون، وكأنّها ليست من تأليفِهِ! اقتباس: ” يحدُّ غزّة من الشّرق الحرب، ومن الغرب بحرٌ ظالم، ومن الشمال الجنون، ومن الجنوب هرم خوفو الأكبر، والسؤال: ماذا يحدُّ المُعتدي من الأعلى؟” الجواب: غزّة، لأن الحياة قيمةٌ عليا، وقصّة طائر الفينيق، التي ورَدَتْ مرَّتَيْن، توحي بهذه الإجابة.
عيّوش طفلة أُنجِبَتْ بالمعاناة وعاشتْ في المعاناة فصَهَرَتْها وجَعَلَتْ أبسطَ كلماتِها أكثرَها عُمقًا وفلسفةً: قالت: “كنتُ أتأرجَحُ بينَ ما أُريد وما يُريدُ منْ همْ حَوْلي” (ص32). “الكبار يقتلونَ جرأةَ السؤال عندَ الصِّغار” (ص36). “كانت أوّلُ لحظة صَحْو تشكِّلُ صدمةَ الحياة بعْدَ تَوَقُّعِ الموت”! (ص40). أمّا “طيورُ الحديد” وما تبِعَها من صُوَرٍ لوصْفِ الحرب، فكانت سُخْرِيَةً مريرة تفوقُ أيَّ شعار أو منشور أو خطاب، حيثُ أبرَزَت التناقُضَ الصّارخ الإيروني بيْنَ مَنْ يعيشُ الحرب وبينَ مَنْ يَحكي عنْها في الخارج: شَجْب-استنكار-تغطية- سبْق صَحَفي وشِعارات أخرى!!! لذلك، فإنَّ إقحامَ الأب في المذكّرات وتحليلاته السياسيّة حَدَّتْ من دراميَّةِ المشاعر التي تصاعدت مع أحلام عيّوش ومجازاتِ خيالِها الفتيّ.
قصّة “سباق الضّفادع” تنطبِقُ على كلّ مَرافِقِ الحياة وبضِمْنِها “الغزّاوي/الأب” الذي يدوِّنُ ويراسِل ويفضَح ما يجري ممارسًا مسؤوليَّتَهُ الوطنيّة، و”الإسكندرانيّة/الأمّ” التي تريدُ الحياة وتريدُ الابتعاد عنِ المَوْت لكنَّها لاقتِ المّوْتْ قبلَ “الغزّاوي”. القصص الرمزيّة التي وَرَدَتْ: “الجزَرة والبيضة”، “عُثمان الأمين”، “الذئب والنَّمِر”، انتهَتْ بأسئلة تبدو طفوليّة بريئة ولكنَّها عميقة وتعبِّر ببساطة عن قوّة وقداسة حياة الإنسان. لا أدري إن كانت الأخطاء المطبعيّة والنَّحَويَّة مقصودة لتوحي بعُمْرِ عيّوش! وأخيرًا، أُنهي بقصّة الثعلب والأسد والحِمار ص (79-80) لأنَّها أخطرُها ويطيبُ لي أُن أُجيبَ عن السؤال الذي تلاها: الحمار لا يزالُ خيالًا واقفًا لأنَّ كلّ أعضائهِ أُكِلَتْ ولم يمُتْ بل نُصِّبَ ملكَ الغابة! بورِكْتَ الكاتب سامي عيساوي، وبورِكَ هذا الكِتاب فهوَ يُعطي مساحة كبيرة للتفكير وليسَ فقط يوثّق!
مداخلة أبو فارس: عنوان رواية “زوجي لعبةٌ تفاعلية” للأديبِ الفلسطينيِّ السيد سامي عيساوي، أُخِذ من عنوانِ القصّةِ الأولى فيه، وأتطرقُ في هذه المداخلةِ لموضوعَين: الأوّلُ الكتابةُ باللهجةِ المحكيّةِ، والثاني، إلقاءُ الضوءِ على نظرةِ الكاتبِ للمجتمعِ الفلسطينيِّ من ناحيةٍ دينيةٍ وسياسيّة. استوقفني هذا الكتابُ منذُ الصفحةِ الأولى، حين فاحت منه رائحةُ حروفِ اللهجةِ المحكيّةِ، وما تسمّى عندنا أيضًا بالعاميّة. لنْ اقولَ عنها كلمةَ عامّيّةٍ، لأنَّ كلمةَ عامّيّةٍ مشتقةٌ من العوامِ وهم عامّةُ الشعبِ، وفي ذلك حصرٌ للغةِ في طبقةٍ أقلّ قدرًا من غيرِها وهذا لا يجوزُ! وقد نبّهنا من ذلك البروفيسور سليمان جبران في مقالةٍ له بعنوان على “هامشِ التجديدِ والتقييدِ في اللغةِ العربيّة”. فأطلقَ عليها اسمَ “اللهجةَ المحكيةَ” بدلّا من العاميّةِ، حفاظًا على أهمّيّتِها في حياتنا اليوميّة. هذه اللغةُ ليست مجردَ كلامٍ عابرٍ، بل هي اللغةُ التي نترعرعُ ونشبُّ ونشيخُ عليها. نتحدثُ بها في البيتِ والشارعِ خائضين بها كلَّ مجالاتِ الحياةِ، وبها نعبّرُ عن غضبِنا ويأسِنا، عن سعادتِنا وفرحِنا واستيائِنا! هي اللغةُ التي تحاكي المشاعرَ والأحاسيسَ، وحين نكتبُ بها تكونُ متعةُ القراءة أجملَ، فهناكَ الكثيرون الذين كتبوا باللهجةِ المحكيّةِ أمثال الكاتبِ والناقد اللبنانيِّ مارون عبود وغيرُه كثيرون. لكنَّ البعضَ نبذَ هذه اللغةَ مُعتبرًا إيّاها لغوًا ليس له أهمّيّةٌ أو قيمةٌ، كالدكتورِ طه حسين فقد قال عنها “لا أؤمن قط ولن استطيعَ أن أؤمنَ بأن للغةِ العاميةِ من الخصائصِ والمميّزاتِ ما يجعلها خليقةً بأن تسمّى لغةً، وإنّما رأيتُها وسأراها دائمًا لهجةً من اللهجاتِ، قد أدركها الفسادُ في كثيرٍ من أوضاعِها وأشكالِها”. ومما لا شكّ فيه أنّ اللهجةَ المحكيّةَ لا تحكمُها قوانينُ وقواعدُ ثابتةٌ من ناحيةِ الإعرابِ والإنشاء، نظرًا لتعدّدِ اللهجاتِ فيها، فالأمرُ يتعلّقُ ويتأثّرُ بالمنطقةِ الجغرافيّةِ المقصودة. كما يستطيعُ الكاتبُ إدخالَ كلماتٍ اعجميةٍ دونَ أن يثورَ عليه مجمعُ اللغةِ العربيّةِ، طالبًا منه إيجادَ بديلٍ لها، وقد وجدت في نصوص الكتابِ كلماتٍ: سمارت، كومنتاته، على الوول، وغيرها. في كتاب اللوز المُرّ أرى أنَّ الأمرَ مغايرٌ تمامًا، فإنّ اللهجةَ الفلسطينيّةَ المَحكيّةَ زادت الكتابَ رونقًا وتشويقًا، وكان لها من الحسنِ ما يجعلُ القارئَ يدخلُ عالمًا من السحرِ الذي تُغلّفُه الحقيقةُ التي تعيشها النفسُ في بيئتِها الطبيعيّة، ولا ضيرَ لو تركنا اللغةَ الفصيحة بعضَ الوقتِ؛ لأنّها ستبقى محفوظةً في القران الكريم، ولن يخبوَ نجمُها ابدًا مهما ابتعدنا عنها لأنّها لغةُ الله، وستبقى ذلك الإعجازَ الذي جاءَ به الرسولُ صلى الله عليه وسلّم.
الكتابُ عبارةٌ عن قصصٍ قصيرةٍ ومداخلاتٍ، يعرضُ فيها الكاتبُ مآسيَ الشعبِ الفلسطينيِّ من الناحيةِ الاجتماعيّةِ والدينيّةِ والسياسيّةِ والفكريّةِ، وقد جاءت على لسانِ الذكورِ تارةً والإناثِ تارةً أخرى باللهجةِ المحكيّةِ الفلسطينيّةِ وبأسلوبٍ شيّقٍ سلسٍ، فجاءت قويّةً بصياغتِها، وذيّلها بأمثالٍ شعبيّةٍ وعباراتٍ يوميّةٍ ننطقها عندما نكونُ على سجيّتِنا بعفويّةٍ تامّة، كما طغى أسلوبُ الساتيرا، وقد تعمّدَ إدخال هذا النوعِ من الأدبِ، بغيةَ إظهارِ المأساةِ التي يعيشها الشعبُ الفلسطينيُّ بنواقصِهِ وأخطائِه، لتحصلَ المفارقةُ التي تتجسّد في المَثلِ القائل: “شرُّ البليّةِ ما يُضحك”.
نحن نقف أمام كاتب مختلفٍ عن الذين ألفناهم في صدقهِ وسجيّتهِ وتلقائيّتهِ، فرجلاهُ مثبّتتان على الأرض، لم يكتب ليُرضي المجتمعَ أو ليقولوا إنّهُ وطنيٌّ! لم يتغنّ بالعروبةِ ولم يستعملْ أسلوبَ التهييجِ الذي يتّبعُه البعضُ من أجلِ كسبِ الثقةِ والشهرةِ؛ وإنّما همُّه تصوير الواقعِ الذي يعيشُه أبناءُ شعبِه، فنقلَ بقلمِهِ إحباطاتِهم، عُقدَهم، صراعاتِهم النفسيةِ والتناقضاتِ التي يعيشونها من خلالِ هذه القصصِ، وقد أوردَها على لسانِ الشخوصِ بلسانِ المتكلمِ في أغلبِ الأحيان، وهنا تكمنُ جماليّتها، فترى الشخوصَ تُعبّرُ عن ألمِها ومعاناتِها بلسانِها هي، لتتماهى معها كقارئٍ ولتدخلَك الى عالمِها النفسيِّ والاجتماعيِّ، وقد ترى نفسَك كأنك أنتَ البطلُ في هذه القصةِ أو تلك، فتناول مواضيعَ مختلفةً منها: قسوة الأبِ وتسلّطهِ على أسرتهِ، والإيمان المطلق بالنّصيب، والقضاء والقدر، وتأثير الفيس بوك على الشّباب، وانعدام الحوارِ والنقاشِ البنّاءِ، واعتبار الفتاةِ عورةٌ، والعيش في المهجرِ وتأثيرُه على عقليّةِ المسلمين، ومواضيع سياسيةٌ باتت مزعجةً، والإيمان المطلق بما يقالُ، وتأثير الشّائعات وانعدام الاستفسارِ عن الحقائقِ وغيرها. باختصارٍ، نقرأُ ممّا وراءِ السّطورِ أنّ الكاتبَ يُطالبُ بالعدالةِ الاجتماعيّةِ بينَ أفرادِ الأسْرةِ الواحدةِ، وبينَ افرادِ المجتمعِ الواسعِ، ويُطالبُ بتطبيقِ الديمقراطيّةِ وحرّيّةِ الفردِ، حتى لو أنّه لم يصرحْ بذلكَ علنًا،. فها هو يَصفُ شخصيّةَ الأبِ السلطويّ الصارمِ المستبدِّ في قصّةِ “علاء الأزعر” عندما طُردَ من المدرسةِ، وكان عليه أن يُحضرَ وليَّ أمرِهِ معه فقال: “بصراحة، إنّي أجيب أوباما رئيس أمريكا أو حتى أبومازن رئيس فلسطين على المدرسة أسهل بكثير، من أنّي أجيب ولي امري اللي هو الوالد الله يديمه، فأنا علشان يرضى المدير وأبوي ما يعمل مصيبة في الدار أو يضربني أو يطلق أمي، اختصرت وبطلت أروح على المدرسة”. والنتيجة: “لو عرف أبوي إنّي بطلت أروح على المدرسة احتمالين: إمّا انه ينجلط ويموت، أو بيصيبه فالج ويقعد في الدار، أو تطلع عصبيته عليّ، وكالعادة بتيجي في امّي، بروح مطلقها أو بكسر لي إيد أو بقلع لي عين”.
يتطرقُ لموضوعِ الهجرةِ الى بلدانَ أجنبيّةٍ، ويرى أنّ المهجّرينَ تنفتح أمامَهم فرصُ العملِ، وينعمون بالحياةِ الكريمةِ والمالِ والجاهِ، بينما يركضُ الفلسطينيّون وراءَ رغيفِ الخبزِ، والدليل في قصّةُ “خالي عمر” الذي أصبحَ رجلَ أعمالٍ مُهمّ جدّا في أمريكا، يعتاشُ افرادُ أسرتِه في فلسطين على حسابِه من المالِ الذي يُرسلُه لهم، والسببُ في رأي الكاتب أنّه في أمريكا لا يسألونكَ عن دينِك أو جنسِك أو هُويّتِك! بينما هنا ينامون جياعًا بتقوقعهِم وضيقِ آفاقهِم وجهلهِم، لأنّهم يعتبرون أنفسَهم الأفضلَ وبقيّةَ شعوبِ اللهِ كُفّارًا. في موضوعِ الدينِ يُكثرُ من السؤالِ والتساؤلِ، والإنسانُ العاقل ذو فطنة وذكاء لا يمكنُه إلّا أن يسألَ ويتساءل،َ لأنّهُ يُفكّر حتى لو لم يحصلْ على إجاباتٍ شافية. ألم يَقلْ شمسُ التبريزي في قواعدِ العشقِ الأربعين: “رجلٌ لديهِ الكثيرُ من الآراءِ لكن ليسَ لديهِ أسئلةٌ، ثمّةَ خطأ في ذلك. إنّ المرءَ الذي يعتقدُ أنَّ لديهِ جميعَ الأجوبةِ هو أكثرُ الناسِ جهلًا”! ها هو كاتبنا يسأل أبناءَ شعبِه أسئلةً جدّيّة ملؤُها السخرية بمواضيعَ دينيّةٍ وسياسيّةٍ، ولا ينتظرُ لها جوابًا، إنّما يهدف الى لفتِ النظرِ والتفكيرِ في الأمورِ بصورةٍ جدّيّةٍ عقلانيةٍّ، بعيدةٍ كلَّ البعدِ عن سياسةِ أتباعِ القطيعِ في الفكرِ والرأيِ، فيسألُ بأسلوبِه السّاخرِ: “شو بتفكروا حالكم؟ كأنّه الله بس إلكم لحالكم، وكأنّه باقي أهل الأرض خلقهم رب ثانٍ”.
يطرحُ الكاتبُ موضوعَ الإيمانِ والكفرِ والتعصّبِ الدينيّ الأعمى بدعوةٍ مُبطّنةٍ منه، داعيًا الى التسامحِ وتقبّلِ الآخرِ فيقول: “بطلعلك بعض المسلمين العرب بفكرة إنها أوروبا كافرة، وبدو ينشر الدين هناك وكأنه الأخ فاكر حاله موسى بن نصير، وبدو يكمّل فتوحات المسلمين أيّام الدولة العبّاسيّة أو المماليك”. “شو مفكرين حالكم؟ بجدّ مصدقين إنه الله بحبكم أكثر من كلّ أهل الأرض؟ بجدّ.. طيّب احكولي ليش.” ويتساءل بمرارةٍ ويأسٍ عن سبب الحالة التي آلت اليها العروبة في عصرِ الظلمةِ، في ربيعِها العربيّ الذي تحوّلَ الى خريفٍ، بل إلى شتاءٍ باردٍ قارسٍ جفّت منه مشاعرُ الإنسانيّة: طيّب اللي في سوريا اليوم عشو مختلفين؟ طيب المواطن الأوروبّي شو ذنبه يموت في شوارع باريس؟ بس الوحيد هشام ابن عمّه اللي بيعرف الجواب: ذنبهم إنهم السبب في اللي إحنا فيه. طيّب خليهم هم السبب؛ بس الحلّ مش العنف الأعمى بالطريقة هاي، والحل مش بالقتل والتفجيرات بالأسواق والمطارات والمسارح. أمّا ابن خاله لمّا ناقش أبوه في الموضوع قلو بالحرف الواحد: سدّ نيعك لأنك واحد جاهل ومش شايف أبعد من خشمك”. وفي هذه الجملةِ التي قيلت على لسانِ خاله اثباتٌ لحالةِ الجهلِ التي يعيشُها البعضُ، وعدمِ تقبلِ الرأيِ الآخرَ المختلفِ حتى لو كان مدعومًا بالتفكيرِ ومبنيّا على المنطق والعقل.
وفي نصّ “ارفع رأسك أنت مسلم”، يشيرُ إلى موضوعِ اعتبارِ أرضِ العروبةِ أقدسَ أرضٍ، في حين يتمتّع المسلمون بكلِّ اختراعاتِ العالمِ الغربيّ من سيّاراتٍ وطائراتٍ وملابسَ وأحذيةٍ وطعامٍ. فقال على لسانِ الشيخ أبوالرائد الذي يخطب في الناس يوم الجمعة: إنّ أرضَ المسلمين ارضٌ مباركةٌ، أمّا أرضُ السويد وأستراليا وغيرِها أرضٌ نجسة! ورأيهُ في ذلكَ واضحٌ تمامًا: ” أبورائد وأمثاله من الجمعة للجمعة يعملوا جلسات تنويم مغناطيسيّ، علشان نبقى عايشين بالجهل والوهم”! لكنَّ كاتبنا يُجيبهُ بسخريةٍ قائلا: “اترك عمارة الأرض للكفّار العايشين في أمريكا وروسيا وكوريا وأستراليا، ربنا خلقنا عشان نعبده، وهم خلقهم عشان يعملولنا سيّارات وجبنة صفرة، ناكل شوكولاته نوتيلا من تحت إيد الكفّار علشان نشرب بيبسي وريدبول، وفي الآخرة احنا الرابحين، لأنّا رح نلاقي ربّنا بالأركان الخمسة وهم بالآيفون والجلاكسي والسوني، رح يلاقوه في سيّارة بي ام دبل يو ومرسيدس وبيتسا هات وغير ذلك”. هذا الوصف الرهيب للفكر العربيّ المريض لم يجرؤ على خوض غماره إلّا القلائل، فهو شائكٌ مقيتٌ مريرٌ، لأنّه مِن أمرِّ الأشياءِ مناقشةَ جاهلٍ لم يخرجْ من قوقعتِه الفكريّة، هناك كثير من الشواهد جاء بها كاتبنا، ليُثبت كم أنّ هذا المجتمعَ مخطئٌ في قناعاتِه وأفكارِه اتّجاه نفسِه واتّجاهَ العالم. باختصار، في شرعِ هذه الأمّةِ محظورٌ عليكَ أن تفكّرَ بغيرِ ما يراهُ القطيعُ، أو أن تسيرَ عكسَ التيّار.
مداخلة سامي عيساوي: مساء الخير لحيفا وللجميع. هل تُصدّقون أنَّ رجلًا مثلي في أواخر الأربعين، لم تطأ قدماه حيفا رغم أنّها لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن بيته، وفقط عرفتها وعرفت حاراتها وأزقّتها من تحفة غسان كنفاني “عائد إلى حيفا”. مساء الخير للثقافة والأدب، الأدب الذي نطلّ من خلاله على روح الحياة، على أسرار الإنسان المخبوءة، على فرحه وحزنه، على انتصاراته وخيباته، وليس أخرًا على حيرته الوجوديّة. منذ عاميْن تقريبًا، اتصل بي رجل فاضل مستفسرًا عن رواية عيوش التي كانت قد صدرت لتوّها، وطلب الحصول على عدد من النسخ لقراءتها من قبل أعضاء النادي كما قال لي: هذا الرجل كان الصديق المحامي فؤاد نقارة، والنادي كان نادي حيفا الثقافيّ، فيما بعد انضممت إلى القائمة البريديّة للأعضاء النادي، وصار يصلني كافة نشاطات النادي من أمسيات ومقالات ومناقشات، ومنذ ذاك الوقت وأنا أتطلع لحضور امسية من امسياته، أو المشاركة في حفل توقيع أو مناقشة كتاب، حتى جاءت دعوة النادي لي لإقامة هذه الأمسية بمشاركة هذه النخبة الكريمة من المثقفين والأدباء والشعراء، لكن لم أتمكن من الحضور بسبب رفض تصريح الدخول كي أكون حاضرًا بجسدي بينكم، لكنّني اليوم وكلّ خميس مضى كنت حاضرًا بجوارحي ومحبّتي للثفافة والأدب ولكم.
أن تولد وتعيش في بيئة لا تحفل بالثقافة، وبالكتاب يعني أن تولد في العدم، أن تدفع ثمن اختلافك من روحك وصلابة مواقفك ووجودك على هذه الأرض. لقد عرفت الكتاب منذ الطفولة، ربّما لأنّني فشلت في الحصول على الصداقة المثاليّة، وخضت وقتها تجارب انتهت بالفشل والخيبة، فجربت صداقة الكتاب، ومنذ ذلك الحين لم تخني صداقة الكتب، ولم أصب معها بالخيبة أو الندم. هذه الصداقة امتدّت واتّسعت فأصبحت لتكون شغفا لا فكاك منه. لم يكن لديّ في البداية أيّ حلم بالكتابة، وكنت أظنّ حتى وقت متأخر، (حتى بلغت أواخر الثلاثين) أنّ الكتابة خُلقت لأناس لديهم ميزات خاصّة، وهي الأفكار التي امتلأ رأسي بها ممّا قرأت عن حياة الكُتّاب والشعراء، لأدرك بعدها أنّ القراءة وإن كانت ترفًا، هي ليست كذلك في نظري، فإنّ الكتابة ليست ترفًا أو هواية نُسَرّي عن أنفسنا بها وقت فراغنا. أدركت أنّ الكتابة مسؤوليّة وجوديّة، إنسانيّة، أخلاقيّة ووطنية، فاذا امتلكت ناصيتها وأحسست بمسؤوليّتك تلك فلا مناص ولا هروب، بالرغم ممّا تُسبّبه به من مخاضات وتقلبات وألم وخسارات على بعض الأصعدة، إلّا أنّها تصبح مصدر الفرح الوحيد الباقي لك في هذه الحياة. حينها يصبح الكاتب ضمير أمّته والناطق غير الرسميّ باسمها. الكتابة الأدبيّة تحتاج إلى الثقافة هذا صحيح، لكن قبل ذلك تحتاج إلى الحساسيّة المرهفة اتّجاه مسائل الحياة والإنسان، بنفس القدر تحتاج إلى موقف فلسفيّ اجتماعيّ سياسيّ يقف من خلفه الكاتب، ليشاهد هذا العالم ولا يكفّ عن محاولاته لصيانة عطبه الناجم عن الظلم السياسيّ والاجتماعيّ. على إيقاع “عائد إلى حيفا” ومثيلاتها أحببت الأدب والفلسفة والفنّ، فلا يمرّ شهر لا أقرأ فيه عائد إلى حيفا، وذلك كلّما احتجت إلى جرعة إضافيّة من المرارة والحزن والندم والحبّ والصمود”.
عام 2002 وأثناء الاجتياح الإسرائيليّ للضفّة الغربيّة، وكردّ فعل للغضب والقهر والإحساس بالظلم بدأت بكتابة أوّل عمل لي بعنوان” لمّ الشمل”، العمل الذي لم أنتهِ منه حتى الساعة، لأنّني ببساطة ما زلت أعالجه فكريًّا وفنّيًّا، ولأنّني أعتني بالشكل الفنّيّ وأومن بجدليّة العلاقة بين المضمون والشكل الفنّيّ، فكلامها يُملي على الآخر تفاصيله. وعام 2008 كتبت رواية “اللوز المُرّ” والتي تحكي قصّة الخروج المُهين وتفاصيل العيش في مخيّمات اللجوء (ص178-181). أمّا جدّتي فلها ابتسامة ممزوجة برائحة الحنّاء وخلاصة زهر اللَّوز، ولها من المعادن صلابتها ولمعانها، ومن الورد خجله وغيابه، ولي عندها مشاعر تركتها في حجرها وهي تمسّد شعري، وتبكي على يتمي المُبكّر دون أن يُبلّلني دمعها. جدّتي كانت شجرة زيتون قديمة زرعها الإمبراطور الرومانيّ “تراجان” في زيارته الأخيرة للمخيّم، فلها جذور ضاربة في عنادها، لا تأمن التراب ولا غياب المطر. جدّتي لم تكن هي نفسها، وهذه أسطورة أخرى من أساطير العائلة المتعدّدة، فقد استبدُلت بامرأة أخرى لها لون عينيها المعدنيّتيْن، ولها لون بشرتها وطول قامتها وسِعة صدرها، وعلى جبينها الواسع كانت ترتسم خطوط الطول والعرض وجغرافيّة فلسطين. جدّتي تلك بقيت في البيت ورفضت الرحيل. كان حنينها أكبر منها ومن عزمها. جَهد الجميع وقتها في إقناعها بالرحيل عن الخطر، والبقاء بعيدًا عن زخّات الرصاص وحبّات المطر، ومن وقتها وهي تخاف المطر وتعشق صوت الرصاص.
بعناد غامض أصرّت على البقاء. قالوا لها من خلف جفونهم العارية من الصدق: بالكثير، سنعود بعد يومين أو ثلاثة. قالت في عناد النساء الأزليّ الجميل: سأحرس البيت حتى تعودوا. لم تُفلح محاولاتهم في إقناعها بالخروج. رفضت، صرخت، أصَّروا عليها. تمسَّكت بشواهد القبور، بالشاعوب بالمنجل، بحمار الدَار، بالمعلف، ربطت نفسها بشجرة اللوز الهرمة، حضنت خوفها ورجاءها، لكن أنصاف الرجال قطعوا الشجرة، قتلوا حمار الدار، ونثروا الرمل في المعلف، أمسكوا بها من يدها وفقط، استطاعوا أن يقتلعوها من شعرها. في طريقها أخذت عفش البيت وحلق الباب ومكنسة الدار. أخذت الشاعوب والمنجل وطاحونة البيت الرخاميّة. عند الباب الخارجيّ للبيت، انتصبت فجأة في وجه أنصاف الرجال، وبقوّة عشرة رجال أفلتت يديها منهم، حفرت حفرة وغرزت جسدها في ساحة البيت، أطلقت شيئًا من الدخان، وتمتمت بدعاء لم يفهمه أحد. أشاحت بوجهها عنهم جميعًا، وأطلقت بصرها في عُمق السماء. فجأة، خرج منها امرأة أخرى لها منها طول قامتها ولون عينيها. تركها الجميع هناك دون أن يفهوا السِّر ولا طهر القدر. وبقيت جدّتي تلك هناك لا نعرف عنها شيئًا، لا نعرف طعم عجينها ولا رائحة فمها، بقيت مغروسة هناك في قاع البيت القديم تحرس زيتون المواسم، وتقطف الليمون وتطعم الزعتر، ترعى الماشية وتربّي الأرانب وكلب الدّار. تسامر النجوم وتقاوم الغزاة. تُطعم الدوابّ الهائمة عقب الخروج المُهين، وتطبّب جراح الحمام وتؤوي العقارب والأفاعي التي هزّها الحنين. من ماء عينيها تشرب الغربان بعد أن جفّت الينابيع والغدران، وفي المساء يصطفّ على باب منزلها العامر بالفرح عشرات الضالين والجائعين والمرضى، من شتى الأجناس والمذاهب والأديان. هذا رجل قلعت عينه رصاصة. وتلك أضاعت مفتاح الدار وجاءت تقضي ليلتها إلى الغد. يقفان تمامًا في نفس الصفّ الذي تقف فيه نعجة شارفت على الولادة، وليدها يُمزّق أحشاءَها ولا مُعين، ومن فوقهم ترفرف أسراب من الحمام القديم، توقف عن إصدار أصوات الحنين القديمة، واستبدلها بأناشيد الصمود والمقاومة والبقاء.
استطاعت جدّتي القديمة تلك بعينيها المعدنيّتيْن، أن تُشكّل جيشًا جرّارًا من الحيوانات الأليفة، وأن تُدجّن أنواعًا جديدة من الأفاعي والحيوانات المفترسة، كي يساعدوها في إدارة شؤون المملكة البائدة من بشر وشجر وحجر وحيوانات عجماء، سوى من شوقها إلى الدار والجبل ولون الوقت الباقي. بقيت وحدها تُدير المملكة بحنكة الرجال، حتّى يعود الرُّشد الي ملوكها وحكّامها ووزارئها وقادة ألويتها، ويصحوا من غفوتهم الأزليّة. وقتها ستتنازل جدّتي صاحبة العينين المعدنيّتين عن الإمارة لأصحاب السيادة، فهي أكثر الناس زهدًا في الإمارة وأكثرهم إخلاصًا وحُبّا للوطن. تلك كانت رواية اللوز المُرّ.
وفي ظهيرة 27 كانون أول/ ديسمبر 2008، تعلقت أفئدتنا وأبصارُنا في الشاشات لمشاهدة فصل جديد من فصول عنتريّة المُحتلّ ضدّ الشعب الفلسطينيّ، نترقّب ونتألم. أذكر حينها أنّ سؤالًا انتصب في رأسي كمارد جبّار: لماذا يحدث كلّ هذا؟ وأين العالم ممّا يحدث؟ وبقيت طوال أيّام العدوان لا أفعل شيئًا سوى التحديق في وسع الشاشات، لكن هاجسًا غريبًا دفعني ومنذ اللحظة الأولى لتسجيل التفاصيل. أعددتُ ملفّا خاصّا مِن قصاصات الجرائد والتدوينات والمقالات التحليليّة والتقارير المُصوّرة. بقي كيف أقول ذلك في رواية، لقناعتي أنّ الرواية وحدها القادرة على قول الحقيقيّة، وأنّ الفضاء الروائيّ يتّسع لسطر المشاعر وبثّ الأفكار، للتأريخ للتجربة الإنسانيّة برمّتها، وللفرح والألم وجرأة الدم وقسوة الحياة وظلم الإنسان للإنسان. لكن الأمر لم يكن سهلا، فبعدَ أن عرفت ما ستقول وهذا يُعدّ أمرًا سهلًا في أغلب الأوقات، عليك معرفة كيف ستقول ذلك. احتاج الأمرُ أربع سنوات أخرى من الجهد، كي تخرج الرواية بالشكل الذي ترَوْن. أقتبسُ لماركيز: ” قُراؤنا في غير حاجة الى أن نَظَّل نروي لهم مأساة الاضطهاد والظلم؛ فهم يعرفون تفاصيلها غيبًا. ما ينتظرونه من الرواية هو أن تكشف لهم جديدًا”.
وانبثقت فكرة عيّوش الفتاة ذات الستة عشر ربيعًا التي عاشت تفاصيل الحرب، تسردها بوعيها وعلى طريقتها، فجاءت الرواية في ثلاثة فصول، الفصل الأوّل على لسان والد عيوش: “فتحي عبد المعطي رزق عوينات” وأيّ تشابه في الأسماء هو محض صدفة عابرة. الغزّاوي العائد من غربته مع زوجته الإسكندرانيّة الذي أصبح بلا تلد ولا ولد. فعندما يكون المرء بلا ذاكرة كـ”عيوش” أو مَن هم في مثل سنّها، تفاجئهم الحرب وتثيرهم، فيستلهمون من نارها ودمها شعرًا يَخترق رتابة أوقاتهم، تشقيهم وتُنضجهم قبل أوانهم، وأحيانًا تسلب سنوات كثيرة باقية من حياتهم. “عيّوش” التي أكملت ربيعها السادس عشر، ولم تتمكّن من الاحتفال بميلادها لأوّل مرّة بسبب الحرب؛ لم يُكتب في ميزانها الرَّبّانيّ حتى سيّئة واحدة، هي عنوان هذا الكتاب، وهي سطره الأوّل وكلمته الأخيرة.هي رواية الأسئلة المسكوت عنها: “في الحرب؛ عند اشتداد المعارك، عند التحام لحم الجنود بلحم الأرض، عندما تولد النار من بطن الحديد والبارود، ويمتزج لحم البشر بأديم الأرض، تنشب أسئلة وجوديّة بلا عدد، تبقى معلقة في السماء ولا مجيب. أسئلة لا تتّسع لها رؤوس البشر عن الله، عن الحبّ والوطن، عن الغربة والشهادة، عن كرويّة الأرض والألوان، عن الليل والنهار، وعن الجنّة والنار. وأسئلة أخرى صغيرة عن الوجبة القادمة، وعن الرعب الذي يُخلفه اختفاء النهار، عن النوم والصبر، عن “فتح” وعن “حماس”، وعن الثلاثمئة وخمسة وستين فصيلًا المنتشرة على جسد الوطن، وليس آخرًا، عن شعب الله المختار، ولماذ يختار الله شعبًا عن باقي خلقه من بني الأصفر والمجوس والهندوس والزنوج، أو حتى هنود أمريكا. “عيوش” مثلي تمامًا أو أنا مثلها والملايين ممّن يُشاركوننا إنسانيّتنا، نمتلئ عن آخرنا بالأسئلة؛ أسئلة صعبة، صغيرة، ساذجة، زئبقيّة، مُتجددة، تراوح مكانها ولا مُجيب.
الفصل الثاني هو جسد الرواية الحيّ، فقد كتبته عيوش في مذكّراتها: كتبت عيوش في دفتها/ يحدّ غزَّة من الشرق الحرب/ ومن الغرب يحدّها بحر ظالم/ من الشَّمال الجُنون/ ومن الجنوب هرم خوفو الأكبر. السؤال: ماذا يحدّ المعتدي من الأعلى؟ لتواصل عيوش كتابة يوميّات الحرب كما تراها، وهي عادة اكتسبتها من الست وداد مُدرّسة العربيّ، كي تمأ فراغ وقتها، تتبعها في كلّ مرّة بسؤال، على اعتبار “ما دمت أسأل فأنا موجود”: لتتلاحق أسئلة عيوش من قبيل/ ماذا يحدّ المعتدي من الأعلى/ هل يبكي الرجال/ هل تنام النجوم/ متى سينتهي هذا اليوم/ أين يمكن أن أجد صديقا حقيقيّا/ كم تبعد أوسلو عن فلسطين/ هل البندقيّة ضارّة أم نافعة/ كم عدد فصائل العمل الوطنيّ الفلسطينيّ/ لماذا تموت الأمّهات/ عرّف الوحدة الوطنيّة/ وأين يسكن الأمل في بلادنا؟
امّا الفصل الثالث والأخير فقد كتبه الراوي في عشر وقفات: الوقفة السابعة: إعلان عن مسابقة دوليّة تكريمًا لروح عيّوش التي عاشت خوف الحياة وأمنت خوف ما بعد الموت. من يستطيع الإجابة عن هذه الأسئلة كاملة، فليُرسل الإجابات على شكل ملف إلكترونيّ بصيغة “PDF” الى البريد الإلكترونيّ للأمّة “بلاد العرب أوطاني”. الوقفة الثامنة: توزّع الجوائز العشر كالتالي/ الجائزة الأولى: “جنّة عرضها السماوات والأرض أُعِدّت للمُتّقين”./ الجائزة الثانية: “المجد لله في الأعالي وفي الناس المسّرة وعلى الأرض السلام”./ الجائزة الثالثة: الحرّيّة غير منقوصة./ الجائزة الرابعة: الموت وقوفًا كالأشجار./ الجائزة الخامسة: حياة تسرّ الصديق أو ممات يكيد العدا./ الجائزة السادسة: المشاركة في حفل تنصيب الرئيس الأمريكيّ القادم./ الجائزة السابعة: رحلة الى سطح الزهرة لمشاهدة ظلم البشر./ الجائزة الثامنة: رحلة حول العالم للتأكّد من أنّ شعب فلسطين هو آخر شعوب الأرض التي ما تزال ترزح تحت الإحتلال./ الجائزة التاسعة بعد المليار السابع لعدد سكان الأرض: “معلومة هامّة “الفلسطينيون بشر يشبهونكم، لهم أربعة أعضاء، (يدان وقدمان) فم واحد وأذنان اثنتان. وفي شرايينهم دم كدمكم لونه أحمر، في قلوبهم محبّة لكم جميعًا، لكنّ وجعهم يمنعهم أحيانًا من الكلام./ الجائزة الأخيرة: لأخر مخلوق يجلس الآن على كرسيّ هَزَّاز فوق المريخ أو على سطح الزهرة، يُلوِّح لنا بالحضارة: “شكرًا لكم”.
تجربتي الأخيرة كانت مع مجموعة قصصيّة بعنوان “زوجي لعبة تفاعليّة” عام 2016، فالكون يتكوّن من قصص لا من ذرات كما تقول موريل روكسير، هي قصص تعيش بيننا باللغة المحكيّة: “هذه ليست لغتي/ إنَّها لغة أبطال هذه القصص التي تورّطتُ في كتابتها رغمًا عنّي/ حاولت أن أجبرهم على لغتي ومفرداتي المنتقاه بعناية، فاختنقوا واختفوا وآثروا الصمت. إنَّها كلماتهم هم، لغتهم اليومية، إنَّها معاناتهم وخساراتهم، بوْح وجعهم وفشلهم ونجاحاتهم، أحزانهم وأفراحهم الصغيرة. يتكوّن الكتاب من 50 قصّة باللغة المحكيّة.
أعاني كغيري حبسة الكاتب، أحسّ برأسي فارغة من أيّ شيء، فألجأ إلى البحث والكتابة لجيل الشباب الذي أعرف تفاصيل معاناته واحتياجاته، بحُكم قربي منهم على مقاعد الدرس في الجامعة، ومُعايشتي لمشاكلهم ومواطن الإخفاق لديهم. عام 2014 أصدرت كتاب بعنوان “لحياة أكثر إبداعًا”، يتناول معيقات الإبداع وإرشاداتٍ لتجاوز تلك المعيقات، وعام 2016 كتاب بعنوان “تخرج بكفاءة” يعالج موضوعات غير أكاديميّة تواجه الطالب في سني حياته الجامعيّة، لتمكّنه من تجاوز عقبات تأهيله الفكريّ والسلوكيّ والمهارات اللازمة له، كي يخوض سوق العمل وينافس العالم كلّ حسب اختصاصه. لديّ ثلاثة أعمال روائيّة قادمة آمل أن تصدر حتى نهاية هذه السنة. أخيرًا، لا يسعني إلّا أن أتقدّم بجزيل الشكر والامتنان للمجلس المليّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ في حيفا، ولنادي حيفا الثقافيّ على هذه الدعوة الكريمة والعمل الجادّ المسؤول، واخصّ بالشكر مَن أعتزّ بصداقته الأستاذ المحامي فؤاد نقارة وعائلته الكريمة، والشكر موصول إلى الدكتور د. منير توما، والشّاعرة سلمى جبران، الشّاعرة آمال أبو فارس على مداخلاتهم، وللكاتبة عدلة شداد خشيبون على عرافتها للأمسية، وللحضور الكريم فردًا فردًا على صبركم ومحبّتكم للفن والأدب والثقافة.
الصور بعدسة المحامي فؤاد نقارة مؤسّس ورئيس نادي حيفا الثقافيّ

Posted in الأدب والفن, مواضيع عامة | Leave a comment

إحصائيات أمة رمضان ورجب … تصيب كل ذي عقل وضمير بالعجب

ــ 8 %زيادة في معدلات الفقر آخر عامين
ــ تريليون دولار كلفة الفساد في المنطقة العربية
ــ 5 دول عربية في قائمة ألأكثر عشر دول فساداً في العالم
ــ رغم أن العالم العربي يمثل 5% من سكان العالم إلا أنه يعاني 45% من الهجمات الإرهابية عالمياً
ــ 75 %من اللاجئين عالمياً هم عرب
ــ 68 %من وفيات الحروب عالمياً عرب
ــ 20ألف كتاب فقط ينتجها العالم العربي سنوياً فقط، أي أقل من دولة مثل رومانيا
ــ 410 مليون عربي لديهم 2900 براءة اختراع فقط ، بينما 50 مليون كوري لديهم 20201 براءة اختراع
ــ من عام 2011 حتى 2017 تم تشريد 14 مليون عربي
ــ من عام 2011 حتى 2017 الخسائر البشرية وصلت إلى 1.4 مليون قتيل وجريح
ــ من عام 2011 حتى 2017 تم تدمير بنية تحتية بقيمة 460 مليار دولار
ــ من عام 2011 حتى العام 2017 الخسائر في الناتج المحلي العربي وصل إلى 300 مليار دولار.
وأخيراً …؟
كل هذه المصائب والكوارث ولازال الكثيرون من الحمقى والأغبياء والسذج والمغفلون يسألون …؟
هل أنت سني أم شيعي أم مسيحي ، أيا أمة ضحكت من جهلها عليها كل ألأمم ،سلام ؟

Posted in فكر حر | Leave a comment

فيديو موسى العمر: إنها مؤامرة ورب الكعبة …

فيديو موسى العمر: إنها مؤامرة ورب الكعبة … حول تفجيرات وهجوم حمص التي قتلت 50 من عناصر وضباط النظام .. وجدل المؤامرة

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

أي عار وخزي ورخص لمعارضة سورية تدين عملية القصاص من مجرمي المخابرات الأسدية !!!!!

أي عار وخزي ورخص لمعارضة سورية تدين عملية القصاص من مجرمي المخابرات الأسدية !!!!!
هل هناك فعل ثوري مجيد ونبيل أكثر من مواجهة القوى الأمنية المجرمة لأي نظام ديكتاتوري في العالم، إن كانت المواجهة علمانية أم إسلامية !!؟؟
كل الشعب السوري يعتقد أن يد الله كانت مع منفذي القصاص الذي نفذ ضد سدنة الموت الأسديين القتلة المجرمين ، وذلك لأن كل الخبراء يقدرون أن هذه العملية كانت مستحيلة بشريا تجاه فرعين للمخابرات الأسدية التي كانت يفصلها عن المجتمع السوري أخاديد من الدماء التي حفرتها الأسدية لا يمكن أن تعبر إلا بسلطان، فكان هذا السلطان يد الله التي امتدت كرمى لنساء سوريا وأطفالها ……وعلى هذا فإن أية إدانة لهذا القصاص الالهي العادل هي ادانة مشبوهة ونذلة ورخيصة الثمن خائنة في خدمة الطغمة الأسدية وسادتها من المستعمرين الروس والإيرانيين …
ليس مهما الأداة التنفيذية سياسيا وعسكريا من منظور ضميري وأخلاقي (الهيا وبشريا) التي نفذت حكم العدالة الالهية والانسانية بمجرمين قتلة أبادوا طائفيا مئات الألاف من الشعب السوري الأكثري ، ولهذا لا يمكن ليد العدالة هذه أن تكون يدا (شيطانية ارهابية )، بل هي يد رحمانية تبلسم بعض جراح الأمهات بأبنائهم وأطفالهم، والأبناء بأمهاتهم ، بغض النظر عن القوى المنفذة، حتى ولوكانت الأداة المنفذة قوى الطبيعة العمياء (الزلازل أو الفيضانات) فلا نظن أن ثمة أخلاقا بشرية سوية يمكن أن تتعاطف وتتضامن مع أي مجرم في العالم بغض النظر عن هوية منفذ حكم الاعدام به، حتى ولوكان السياف شيطانا …وهذا ما يقسر لنا اجماع الديانات التوحيدية (الثلاث ) على العبرة الالهية من اطباق البحر على فرعون وجنوده لأنه كان من الظالمين ……..
ولا نظن أن مسارعة المعارضة السورية لإدانة قيام الثوار بخوض معركة ضد قتلة النظام الأسدي، إلا شكلا من اشكال النكوص التي تبلغ حد استنكار ثورة الشعب السوري ضد الأسدية بالأصل، وإلا فما هو مبرر الثورة بالأصل، بغض النظر عن الهوية السياسية للثورة لأن الثورة أكبر بكليتها أكثر شمولا من هويتها الحزبية أو السياسية ، فالثورات تكمن قيمتها في تنوعها وقدرتها على تمثيل قوى الشعب بتعدد تياراته السوسيولوجية والسياسية والدينية والثقافية………
وعندما تتغلب إحدى تيارات الثورة يجدب لوم الميزان السياسي والدولي والاقليمي على هذا الخلل في الدعم والتأييد والمساندة ، وليس لوم المجتمع على تاريخية تشكله الثقافي والسياسي وسياق مساراته بهذا الاتجاه أو ذاك ……سيما أن المعارضة التي أعلنت ادانتها للفعل الثوري والثوار بغض النظر عن صانعه ومنتجه ، ليست مشبوهة دوليا أو كحليتا أو وطنيا بأي فعل ثوري تدان عليه بعد خمس سنوات من الفرز و الانتقاء والاختيار الدولي والاقليمي لممثليه القابلين على المصالحة مع النظام الأسدي بما فيها تجديد الأسدية وهياكلها العسكرية والأمنية ……
أي كان بامكان المعارضة المفاوضة أن تتبرأ من هذا الفعل البطولي الملحمي الالهي الثوري الطبيعي دون صعوبة، وسيصدقها العالم فورا بسبب معرفته التفصيلية بالسيرة الذاتية للجميع البريئة من أية شبهة ثورية على مستوى الأحزاب والأقراد …حيث بامكان المعارضة المفاوضة أو المعدة بالأصل للتفاو ض، تحميل العالم مسؤولية تحجيم وتتفيه المعارضة إلى حد أن الشعب السوري لم يعد يعرف الفرق بين وفود المعارضة (المنصات الدولية ) ووفود السلطة الأسدية، وأنه من الطبيعي وطنيا وشعبيا الذي فقد الملايين بين قتلى وجرحى ومساجين ومهجرين ، أن لا يفكر بالهوية السياسية والفكرية لمن يدافع عن كرامته وحريته (علمانيا كان أم إسلاميا) ، وأن السياسة الروسية والإيرانية والدولية لم ولن تبقي معنى للثورة والبطولة والكرامة والحرية سوى لعملائهم وعملاء النظام من المعارضة التي تسير تدريجيا بشكل يومي بعيدا عن الثورة وروحهاوقيمها …بأثمان رخيصة فردية وشخصية ومكاسب ذاتية تحسب بالرواتب با لدولار مع الأسف .. لتتحول إلى قوة للاستخدام السياسي في اللعبة السياسية التي تقوم بها الهيئات الدولية والعربية منذ بداية الثورة السورية المباركة …..

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

هل ينهي الجبير قطيعة ربع قرن؟

الرأي العام، مثل قطيع الخراف، يقاد ولا يقود، وما نراه من رفض وغضب واحتقان واتهامات ليست إلا نتيجة للمزاج السياسي لتلك اللحظة. وهذا ينطبق على العلاقات العراقية السعودية التي عاشت فترات اضطراب متعددة، وسممت خلافاتها المنطقة كلها.

عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، فاجأنا بظهوره أمس في بغداد بعد هجران دام ربع قرن. مبادرة مهمة في ظروف، بالفعل، تستوجب إصلاح علاقات البلدين التي لا يوجد فيها خلافات مهمة حتى تتدنى إلى هذا المستوى.

بكل أسف التوتر ليس جديدًا، بل له تاريخ بعيد. وبغض النظر عن شعارات المواسم السياسية والدعائية، مثل أن العراق حامي بوابة الخليج الشرقية، ومركز استقراره، فإن الخلافات مع بغداد قديمة ومتكررة وكانت مصدر قلقل وحروب وغالبًا نتيجة مشكلات الحكم الداخلية.

ففي الستينات والسبعينات، بوصول حزب البعث للحكم كثرت معاركه الداخلية، وفتح الحكم الجديد أزمة مع السعودية، التي كانت قد أنجزت مصالحة مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر في قمة الخرطوم عام 1967، وقام البعث حينها بشن حملات دعائية ضد السعودية تحرض على الانقلاب، واحتضن معارضين سعوديين في بغداد. وساءت العلاقة لنحو عشر سنوات، ولم تتحسن إلا بعد أن قرر صدام حسين الالتفات إلى إيران بعد سقوط الشاه في أواخر السبعينات.

في بداية تلك الحرب، كانت السعودية قلقة من أي انتصار يحققه صدام لأنه يعطيه تفوقًا يهددها أيضًا. إنما، بعد تراجع قواته وإصرار نظام الخميني على استمرار الحرب، لم يعد أمام الرياض إلا مساندته بطريقة غير مباشرة، وكذلك فعلت الولايات المتحدة، التي وجدت أن رجال الدين الإيرانيين المتطرفين أكثر جنونًا وخطرًا من بعثيي بغداد. ودامت العلاقة ودية مع نظام صدام حتى توقفت الحرب، حيث التفت مرة أخرى إلى دول الخليج وعاد يفتعل مشكلات معها. لم يرق له أنها أسست «مجلس التعاون لدول الخليج العربية» من دونه، واعتبرها خديعة، وأن الخليجيين استغلوا انشغاله بالحرب مع إيران لبناء حلفهم الإقليمي. بدأ يتقارب ببطء مع عدوته إيران، وشكل منظمة مضادة سماها «مجلس التعاون العربي» بما يوحي بأنه موجه ضد السعودية ودول الخليج. ثم افتعل خلافين؛ الأول حول حصص إنتاج النفط، مستهدفًا الكويت تحديدًا، والثاني لجأ للابتزاز مدعيًا حاجته لمزيد من الدعم المالي. ثم احتل الكويت. عُرف صدام بشخصيته العدوانية، سواء ضد خصومه أو رفاقه في حزب البعث أو حتى أفراد عائلته، وبسبب شخصيته استمرت علاقة السعودية مع بغداد سيئة بعد حرب تحرير الكويت لاثني عشر عامًا. وكانت المعارضة العراقية تلتقي في الرياض، ضمن عواصم أخرى، متوقعة أن يفتعل صدام أزمة بمجرد رفع الحظر الدولي عنه. وفِي النهاية قرر الأميركيون التخلص من نظامه، بعد أن فشلت العقوبات الاقتصادية في إسقاطه أو احتوائه، ولم تكن أسلحة الدمار الشامل إلا ذريعة لهم لحسم الوضع عسكريًا.

بعد أن ذهب صدام، حل محله مجلس الحكم «الأميركي» في بغداد، لكنه لم يستطع، هو الآخر، طمأنة الرياض التي توجست خيفة من المشروع الأميركي، وامتنعت عن التعاون معهم، وهنا دخلت إيران على الخط تعرض تعاونها مع القوات الأميركية هناك. وعندما رفضت السعودية السماح للأميركيين باستخدام قاعدتهم العسكرية في الخرج في السعودية لشن الحرب، أيضًا عرضت قطر تعاونها، فسحبوا قواتهم منها وبنوا قاعدة بديلة لهم في قطر، التي أصبحت مركز عملياتهم العسكرية في العراق وأفغانستان.

دبلوماسيا، ظلت العلاقات السعودية دبلوماسيا شبه معدومة مع القيادات العراقية الجديدة، حتى لا تعطي الشرعية للنظام الجديد تحت الوجود العسكري الأميركي، وفي الوقت نفسه لم تكن خصمًا لها. وساءت أكثر في فترة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وعندما خرج، وانتخب محله حيدر العبادي، رحبت به السعودية لكن خصوم العبادي من بينهم المالكي، وكذلك إيران، أفلحوا في إضعاف حكومته، ولم ينجح في تطوير علاقاته الخارجية، رغم عودة السفراء.

زيارة الوزير السعودي الجبير لبغداد خطوة دبلوماسية مهمة، قد تتجاوز أبعادها العراق، في وقت صعب، تحتاج فيه المنطقة إلى التعاون لتقليل التوتر والفوضى والإرهاب واحتمالات فتح مزيد من جبهات الحروب.

نقلاً عن الشرق الأوسط

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

أحد قادة مقاتلي المعارضة المدعومة أمريكياً يكشف وقائع إفساد وتشتيت الجيش الحر

 إيريكا سولومون: هي مراسلة منطقة الشرق الأوسط في صحيفة الفاينانشال تايمز

العنوان الأصلي: صعود وأفول نجم أحد قادة المعارضة السورية المدعومة أمريكياً #الجيش_الحر #الولايات_المتحدة: #سوريا

ترجمة: – #السوري_الجديد

السوري الذي عمل ذات مرة كضابط ارتباط مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، يتوصل إلى تفاهم مع السياسة الأمريكية الفاشلة.

يوماً ما، جذب أبو أحمد وهو ضخم الجثة وبعرجته الواضحة، الأنظار في أحد المقاهي جنوب تركيا التي تعج بالدخان. اتصل بأبي أحمد زملاء له من قادة المعارضة السورية بهدف الحصول على المساعدة، كما وسعى وراءه عدد من ضباط المخابرات الأجنبية رغبة منهم بسماع رأيه حول أمور كثيرة، وعندما عبرَ إلى سورية، أحضر أبو أحمد معه حقائب مليئة بمئات الدولارات ليتم توزيعها على الثوار. وحصل رفاقه على صواريخ مضادة للدبابات جرى تسليمها على الحدود بشكل سري وبموافقة أمريكية.

يطلق بعض الثوار على أبي أحمد اسم رجل المخابرات الأمريكية في سوريا، غير أنه اليوم يصارع لاسترجاع بطولاته. ويستحضر هنا أحد زملائه بعض ذكرياته مع الرجل قائلا: “اعتدنا المزاح بأنه إذا كنت تريد أي شيء فما عليك إلا الاتصال بأبي أحمد. وإذا ما أراد أي أحد من المعارضة مقابلة الأمريكيين فكان يذهب إلى أبي أحمد. واليوم فإن أمثالنا من الرجال مصيره اليوم إلى مزبلة التاريخ.

وبعد عامين قضاهما أبو أحمد كوسيط لصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وموزع للأسلحة ومخطط للعمليات العسكرية في سوريا، تم الزج به في السجن وعندما أُطلقَ سراحه، أجبرَ على التواري عن الأنظار مؤقتاً ثم ما لبث أن سقط من أعين رفاقه المقاتلين وأصبح عنواناً للعار. ولأسباب أمنية طلب تغيير اسمه وأسماء العديد ممن ناقشوا قصته، والتحفظ على تحديد أماكن إقاماتهم الحالية.

وتقدمُ قصة صعود نجم أبي أحمد وأفوله، بصيرة نادرة لفهم كيف عملت المخابرات الأمريكية ضمن القيود التي كانت تفرضها سياسة أوباما الفاترة تجاه سوريا، كما وتكشف كيف أن التنافس بين البيروقراطيات الأمريكية – حتى والأهم من ذلك كله هو أن الاختلاف المتنامي في وجهات النظر بين واشنطن وحليفتها في الناتو أنقرة- كان قد فاقم من الفوضى في سوريا.

وعلى مدار السنين الست الماضية، تصاعد الصراع في سوريا من مظاهرات احتجاجية ضد الرئيس بشار الأسد، إلى حرب أهلية غيرت شكل المنطقة والعالم، وشنت أربع دول من أصل خمس من تلك الدائمة العضوية في مجلس الأمن، غارات جوية داخل الأراضي السورية. وضخت القوى الإقليمية مثل السعودية وإيران مليارات الدولارات في ما أصبح اليوم حرباً بالوكالة. واستغل تنظيم الدولة الإسلامية الجهادي الفوضى في سوريا لتصدير العنف إلى العالم. ونَشَّطَ تدفُقُ اللاجئين الذين غصت بهم الدول الأوروبية، من ارتفاع الشعبوية اليمينية في عموم أنحاء القارة العجوز والولايات المتحدة.

وكان الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، الذي ركب موجة مثل هذه المشاعر الشعبوية في واشنطن، قد ورث المستنقع السوري. يُصَوِرُ ترامب الصراع في سوريا أنه تَشَعُب بين النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية.

إن الواقع هو أكثر تعقيداً ولكن إذا ما كان هناك مزيد من الحقيقة بخصوص هذه الرؤية اليوم، فإنها قد ترجع جزئياً إلى الخيارات التي وضعتها إدارة الرئيس أوباما.

إن الإصرار على عدم الانجرار وراء الحرب في سوريا بالإضافة إلى إدراك أهميتها الإقليمية، قد ترك واشنطن مترددة في التدخل وهو وضع قد يثبت أنه إشكالي على المدى البعيد كما لو كان تدخلاً كاملاً.

ويُجَسِدُ السوريون من أمثال أبي أحمد عواقب هذه المعضلة. في عام 2013، التحق ببرنامج سري وضعته الاستخبارات الأمريكية لإيصال المال والسلاح للفصائل الثورية المعتدلة، وقال إنه راهن ورفاق آخرين على أن ربط مصيره بالأمريكيين سوف يسفر في نهاية المطاف على نفس نوعية الدعم الذي مَكَنَ ثوار ليبيا من الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011، غير أن أبا أحمد خسر هذه المقامرة خسارة فادحة.

في هذه الأيام، يستيقظ أبو أحمد الساعة السابعة صباحاً مكرساً نفسه لروتين تعلمه منذ زمن طويل عندما كان ضابطاً في الجيش. يقودُ سيارة سيدان مُستعارة إلى المنطقة الصناعية في المدينة جنوبي تركيا حيث يعيش بالقرب من الحدود مع سوريا. يُلوح للأولاد السوريين اللاجئين الذين يغسلون الشاحنات ويتأكد من وجود أي عطل ليصلحه أصحاب المرآب، بعد ذلك يتجهُ صوب وسط المدينة حيث يؤدي أمور المحاسبة لبعض الأعمال المحليةـــ لقاء أي شيء ليغطي نفقاته.

يقول لي أبو أحمد وهو يشرب النرجيلة على وقع موسيقى البوب التركية الصاخبة في أحد المقاهي القريبة من منزله: “كنت أعتقد أن أمريكا تحكمُ العالم، وإذا ما سألتني عما إذا كنت مخطئاً؟! فسأقول لك نعم أنا على خطأ”.

ويضيف: “ما كنت مهتماً به هو إقامة علاقات جيدة وطيبة مع الأمريكيين. لقد أعطوني السلاح الذي نقلته بدوري إلى داخل سوريا، ولم أكن أهتم حقيقةَ إذا ما كان الأمريكيون لا يحبون الأتراك أو العكس ولم يكن لي أي علاقة بهذا ولكن ولسوء الحظ لا تسير الأمور بهذا الشكل”.

ولم يبقَ هناك أمام واشنطن سوى قلة من الخيارات الجيدة في سوريا، لا سيما بعد سقوط آخر معاقل للثوار في مدينة حلب مع حلول نهاية العام الماضي تقريباً. ولم يكن النصر الذي حققه الأسد برعاية موسكو مجرد مأساة إنسانية بحق المدنيين الذين تعرضوا للقصف والطرد من منازلهم فحسب، بل كان أيضاً مؤشراً قوياً على تراجع نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، إذ حَيدَت الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب بقيادة موسكو وأنقرة، دورَ واشنطن وهمشته.

لطالما دافع الرئيس أوباما ومساعدوه عن موقفهم من الشرق الأوسط على أنه تخلٍ عن إرث واشنطن المُكلِف من التدخلات الفاشلة وبالأخص غزو العراق إبان حكم سلفه جورج بوش الابن، غير أن قصة أبي أحمد تظهر أن حتى التدخلات المحدودة قد تفشل أيضاً ـــ مع حلفاء محليين غالباً ما يدفعون الثمن الأغلى.

وعَبَّرَ مسؤولون سابقون في الإدارة الأمريكية ممن أجرينا معهم لقاءات حول هذه القصة، عن شعورهم بالإحباط لأنهم كانوا دائماً يلعبون دور الخادع والمضلل في سوريا، وهم يشاهدون كيف تنازعت مختلف الإدارات حول أهداف يشوبها الغموض. يقول البعض من هؤلاء المسؤولين إنهم لم يتمكنوا لسنوات من إيضاح سياسة أوباماً مطلقاً.

ويتقاسم الثوار والدبلوماسيون الإقليميون على حد سواء هذا الشعور بالغضب والانزعاج. يقول دبلوماسي إقليمي: ” يعتقد الناس أن الولايات المتحدة لم تتدخل في سوريا بكل ثِقلها، لكن هذا ليس صحيحاً ـــ بل إن الأمريكيين تدخلوا فعلاً وبكل شاردة وواردة لفترة ما في أماكن مثل حلب، عندما بدأ العمل ببرنامج المخابرات الأمريكية لتدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة. إن مشكلة السياسة الأمريكية في سوريا هي مشابهة بصورة ما لما كانت عليه هذه السياسة من قبل دائماً، جميعها تكتيكات في ظل غياب الإستراتيجية، ويمكن القول إنها كانت ضرباً من الفوضى ليس إلا”.

ورغم جو البهجة والمرح، والضحكات القلبية، إلا أن الهالات التي تحيط بعيني أبي أحمد كانت سوداء مثل سواد النُدَب التي خلفتها الشظايا في ساقيه. وخلال لقاءاتنا كان يرتدي القميص نفسه ليومين على التوالي ويتناول كل يوم 1600 ملغرام من المسكنات ليستطيع التحرك.

ومن السهل فهم سبب انجذاب المسؤولين الأمريكيين لأبي أحمد، إذ يستمتع الرجل بالمزاح مع “أصدقائه الأجانب”، خلافاً للتدين المتنامي في أوساط بعض الثوار المتشائمين وإدراكهم العميق للتدخلات الأمريكية. ويظهِرُ نفسه أنه رامٍ مستقيم وموثوق، لا يتسامح مع الفساد ويشكك بالإسلاميين، أو كما يقولها: “كل ذي لحية”. ومن باب المزاح، يطلق عليه بعض الثوار الذين التقينا بهم بهدف توثيق قصته، “المتطرف العلماني”.

ويقول الدبلوماسي: “إذا ما كان لديك أي سؤال تطرحه حول معركة أراد الثوار إطلاقها، فسيقول لك أبو أحمد على الفور كم يلزمك من الرصاص وكم عدد المقاتلين الموجودين فعلاً وأي طريقة ينبغي أن ينتهجوها للمعركة”، لقد استمتع الأمريكيون بهذا الأمر تماماً”.

عندما نزل السوريون إلى الشوارع في 2011 للتظاهر ضد 4 عقود من حكم عائلة الأسد للبلاد، كان أبو أحمد يشغل منصباً مريحاً كضابط في الجيش وسط سوريا. بعد ذلك بدأت قوات الأمن باستهداف المظاهرات وإطلاق النار على المتظاهرين وكردة فعل، انضوى المزارعون والجنود المنشقون عن الجيش، والتجار المحليون في مجموعات مسلحة للتصدي للنظام مما أشعل فتيل تمرد شامل.

انشق أبو أحمد مع سلاحه الفردي الخفيف ولجأ إلى المناطق التي يسيطر عليها الثوار شمالي البلاد، ويقول: “لم أكن ضابطاَ مُهماً، بالكاد كنت أعرف كيف أطلق النار ولم أكن أهتم بالتدريب على استخدام السلاح مطلقاً”.

ولكنه صقل مهارة من نوع آخر جذبت لاحقاً الشركاء الأمريكيين. يقول أبو أحمد ” نظراً لتمتعي بحس الضابط حول التكتيكات والأمور اللوجستية، أستطيع معرفة الأرقام الحقيقية للمقاتلين الموجودين على الأرض ومدى كمية الذخيرة التي قد يستخدمونها والأهم من ذلك كله هو عدد الرجال المستعدين للقتال فعلا”.ً

وفي الوقت الذي خزّن فيه الضباط الآخرون الأسلحة، يقول أبو أحمد إنه ضبط استخدامه لها استنادا إلى تقييم رجاله والوسائل المحتملة التي قد تستخدمها قوات النظام للهجوم. “كان الأمر بالنسبة لي مثل لَعِب الشطرنج وهي لعبة أحبها”، قال الرجل حاملاً هاتفه الخليوي الذي كان يلعب الشطرنج من خلاله أثناء حديثنا.

عام 2012، تعرض أبو أحمد لإصابة في غارة جوية وفقد على إثرها الوعي لمدة عشرة أيام، أفاق من غيبوبته في المشفى وقد وضعوا له سيخاً معدنياً في ساقه، وتتذكُر زوجته أم أحمد، النحيفة ذات الماكياج المُتقَن، الجلوس بجانبه ليلاً نهاراً وكيف أنها كانت تصارع من أجل أن ينهض أو يأكل أو يتكلم. تقول الزوجة:” بعد ذلك، وعندما أتى بعض المقاتلين لزيارته، نهضَ وتحدث إليهم وضحكَ أيضاً، وحينها بالضبط أدركت أنه من الآن فصاعداً أن هذه العلاقة سوف تجمع بيننا نحن الثلاثة، أنا وزوجي والثورة”.

بعد أشهر قليلة، عاد أبو أحمد إلى ساحة حرب مغايرة بشكل عنيف، حيث أن تنوع طيف الجيش السوري الحر، كان قد فشل في بلوغ أي شيء مثل القوة التي طمح لها الاسم الذي يحمله، إذ ضرب الفساد مجموعات كثيرة فيه، وبرزت الجماعات الإسلامية على السطح بدعم من حلفاء الولايات المتحدة مثل قطر وتركيا اللتين رأتا في هذه الجماعات أنها أكثر تنظيماً وجديرة بالثقة أكثر من نظيراتها التي تدفعها أيديولوجيا أقل حدة.

وأسهَمَ هذا المناخ العام السائد بالإضافة إلى السياسة التركية المتراخية حول الرقابة على الحدود، بظهور الجهاديين المُدَعَّمين بالمقاتلين الأجانب. وحازت جبهة النصرة وهي فرع تنظيم القاعدة في سوريا، وجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام المنشقة عن التنظيم، على قدرات عسكرية متفوقة بالإضافة إلى برنامج أيديولوجي متطور جعل منها قوى مسيطرة. ومنذ ذلك الحين، غيرت جبهة النصرة تسميتها مرتين وكان آخرهما اسم جبهة فتح الشام، وتقول إنها قطعت علاقاتها بالقاعدة، رغم أن قلة ينظرون إلى هذه الحركة على أنها صادقة.

يقول أبو أحمد وهو يهز برأسه: “لقد كنا أغبياء جداً، ما الذي كنت أفكر به؟!، اعتقدت أن النظام سوف يسقط وسنعود إلى حيث بدأنا. عندما عدت إلى سوريا وجدت جبهة النصرة وتنظيم الدولة يتوسعان وعندهما كل هذه الخطط، حينها أدركت أنه سيتوجب علينا شن عملية ضد هذه الجماعات في نهاية المطاف”

بدأ بعض القادة الإسلاميين استجواب أبي أحمد حول شائعات مفادها أنه لم يكن يصلي، وشعر بعض زملائه الضباط بالقلق على سلامته وأرسلوه عبر الحدود لجلب الدعم من تركيا. في هذه المنطقة الحدودية الصاخبة حديثاً حيث المدن التي كانت نائمة يوماً ما مثل غازي عنتاب وكلس وأنطاكيا والتي غصت بعمال الإغاثة الإنسانية واللاجئين والناشطين، التقى أبو أحمد بضابط مخابرات سعودي يتطلع لتنسيق هجوم مضاد يشنّه الثوار ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي أواخر العام 2013، كان تنظيم الدولة الجهادي يهدد الأراضي الخاضعة لسيطرة الثوار في سوريا، آخذاً بالتوسع بخطىً ثابتة في الجارة العراق. لعب أبو أحمد دور الوسيط للتنسيق بين السعوديين والثوار الذين تمكنوا من طرد تنظيم الدولة من محافظة إدلب شمال غربي البلاد في أوائل العام 2014.

عندها بالذات، تلقى أبو أحمد دعوة من أعضاء في البرنامج السري للاستخبارات الأمريكية المُتـخِذِ من مدينة أضنة الساحلية في تركيا مقراً له، التقى به ثلاثة رجال في أحد المطاعم، يستذكر أبو أحمد: “كانوا لطفاء جداً، ويعرفون كل شيء عني مسبقاً”.

رفضت وكالة الاستخبارات المركزية التعليق على قصة أبي أحمد، غير أن مصدراً في لجنة المخابرات ومقره واشنطن، أكد تعامل الرجل مع السي اي اي، ولكنه أي المصدر قلل من أهمية هذا التعامل بالقول إن أبا أحمد لم يكن سوى وسيطاً سورياً، وأيدَ ثوار ودبلوماسيون وناشطون جميعهم رفضوا الكشف عن أسمائهم، الأجزاء الأخرى من قصة أبي أحمد وتفاصيل علاقته بالمخابرات الأمريكية.

وجهَ الأمريكيون دعوة لأبي أحمد للانضمام إلى غرفة عمليات سرية كانوا يعملون على تشكيلها مع حلفاء من بينهم بريطانيا وفرنسا والأردن وقطر والسعودية وتركيا، بهدف دعم الفصائل الثورية المعتدلة. وصارت غرفة العمليات تلك تُعرفُ باسم مركز العمليات المشتركة، وتم إنشاؤها على غرار مركز عمليات مشتركة أُسِسَ في الأردن العام السابق.

ومنذ البداية، واجهت العمليات عقبات كبيرة، إذ أنه كان من الصعب جداً السيطرة على الحدود التركية مع سوريا والبالغ طولها 800 كيلومتر، أضف إلى ذلك أنه وفي العام 2014، ترسخ بعمق دور الجهاديين والعلاقات بين الداعمين الخارجيين والمستفيدين المحليين، مما جعل من السيطرة على تدفق الأسلحة أمراً شبه مستحيل.

و يقول نوح بونسي من مجموعة الأزمات الدولية وهي منظمة غير حكومية: “طوال برنامج التدريب هذا، كانت هناك خلافات كُبرى بين الدول وحتى داخل الحكومات. وهل فشل الثوار فشلاً ذريعاً؟! كلا مطلقاً، ثم هل كانت الدول الداعمة متجزئة كما الثوار؟! قطعاً لا”.

ويرى العديد من الثوار أن مركز العمليات المشتركة إنما يزيد قليلاً عن كونه ثغرة وموطئ قدم للمخابرات الخارجية في صفوف المعارضة السورية، ولكن البعض منهم مثل أبي أحمد، تمنوا لو أنه يعزز على الأقل من سيطرة الثوار على شمال سوريا ويضمن موقفاً أقوى في مفاوضات السلام.

كان مركز العمليات عبارة عن فيلا لا يمكن وصفها في جنوب تركيا، حيث اجتمع قادة الثوار بضباط مخابرات أجنبية لاقتراح خطط المعارك والضغط من أجل الحصول على السلاح.

كان الثوار “المعتدلون” يتقاضون راتباً شهرياً بقيمة حوالي 150$ للمقاتل و300$ للقائد. ويقول أبو أحمد: “لم يخبرنا الأمريكيون أبداً إلى أين كنا ذاهبين، وكانوا يضعوننا في سيارات مغلقة الستائر، كان الأمر أشبه بعرضِ تجسسي لكنه لم يكن يخلو من الدعابة لأننا حفظنا الطريق مع مرور الزمن”.

في البداية، ساد جو من المرح والسرور. سمح الأتراك للضباط بالمبيت في المبنى الذي كان يحتوي على مطبخ وطباخ، بحيث يمكن لهم الانتهاء من جلسات ليلية متأخرة وهم يفكرون ويمعنون النظر في الخرائط والخطط. وفوراً أصبحت بيروقراطية مركز العمليات مشكلة بالنسبة للثوار إذ أنه قد تندلع المعارك في غضون ساعات بينما كانت موافقة الممثلين على الخطط وأخذ الضوء الأخضر لتسليم الدعم كالذخيرة والدواء والأحذية تستغرق أسابيع أحياناً. وتحدث الثوار إلى أجهزة الإعلام عن روايات حول بخل مركز العمليات المشتركة.

ومهما يكن، فإن بعض شخصيات المعارضة ودبلوماسيين يقولون إن المشكلة كانت على العكس تماماً. “أصبح مركز العمليات المشتركة وسيلة لإفساد الجيش السوري الحر ليس لأنه لم يقدم للثوار سوى القليل القليل، بل على العكس لأنه أغدق عليهم المال”،هذا ما جاء على لسان أحد شخصيات المعارضة المقربين من القادة المدعومين من جانب المركز.

يقول أيضاً إن “القادة كانوا وعلى الدوام يضخمون من أعداد قواتهم ليسرقوا رواتب إضافية، ورفع البعض منهم طلبات الحصول على الأسلحة لتخزينها أو بيعها في السوق السوداء، مما أدى إلى سقوطها بأيدي تنظيم الدولة حتماً، أما بعض المجموعات فقد أبرمت اتفاقيات مع جبهة النصرة لمنعها من مهاجمتهم. كانت المخابرات الأمريكية على علم بكل ذلك، وبالطبع مثلما كان كل فرد في مركز العمليات، كان ذلك هو ثمن المتاجرة”.

يتهم أبو أحمد علانية زملاءه الضباط بالقيام بنشاطات مشابهة والتي يقول إنها أذهلت الأمريكيين، ويقول: “أود القول، يدعي الضابط أن لديه 300 مقاتل، لكن عددهم هو 50 فقط. وذاك الضابط كان يفعل كذا وكذا. كنت أُحرِجُ الجميع. كان السوريون يشعرون بالإحباط ويقولون إنه مخبر وعميل لأمريكا، وكيف يتحدث عنا بهذا الشكل؟! ولكن كنت أعتقد أنهم يسرقون من ثورتنا”.

ومن الصعب التحقق مما إذا كان أبو أحمد نزيهاً كما يدعي، غير أن وضعه الحالي مغاير لوضع الكثير من قادة الثوار الذين يملكون شققاً كبيرة في تركيا ويركبون أحدث السيارات ويقتنون أحدث أجهزة الايفون.

يتقاسم أبو أحمد وزوجته وطفلاهما شقة صغيرة مع والديه وأسرة شقيقه. وأحياناً كان يذهب بعيداً في الخيال المرير عن كيف ستكون حياته لو أنه كان قد تآمر مع قادة آخرين بغية الحصول على حصة له. يقول: “حينها لن أكون خائناً، وقد يرفع الناس صورتي وكنت سأقتني أفضل السيارات، كان بوسعي تحقيق كل ذلك بهذه الطريقة، لكني لم أفعل، وبدلاً من ذلك تعرضت للإذلال”.

ولكن ربما كان التنافس المتنامي بين الداعمين الخارجيين لمركز العمليات المشتركة أكثر ضرراً من الفساد. وفور حدوث الانقسامات، تحركت كل قوة في سبيل دعم القادة المفضلين لديها.

يقول أبو عمر/ليس اسمه الحقيقي/، وهو صديق لأبي أحمد وزميل له: “يمكن للطفل الصغير الدخول إلى غرفة العمليات المشتركة وأن يكون قادراً على تحديد الرجل الذي كان الأمريكيون أو السعوديون يضغطون لصالحه، ومن هي الشخصية التي أرادها الأتراك. لقد أصبح مركز العمليات المشتركة الوجه القانوني لتغطية كل الدعم الإضافي الذي كان يقدمه لهذه المجموعات من وراء ظهر كل واحدة منها”.

كان الانقسام الأسوأ هو بين الولايات المتحدة وتركيا، حيث برزت التوترات بين الجانبين عقب سيطرة تنظيم الدولة على مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية في حزيران من العام 2014 وشنّه عمليات خاطفة في العراق وسوريا. بدأت الولايات المتحدة بتنفيذ ضربات جوية أقرها البنتاغون ضد التنظيم ولكن الدعم بالقوات البرية أصبح من نصيب المليشيات الكردية السورية المعروفة بـ وحدات حماية الشعب أو يي بي جي، وليس فصائل الثوار.

لقد وجد البنتاغون بهذه المليشيات الكردية شريكاً جذاباً، لأنه لم يكن هناك ما يدعوه أي البنتاغون للقلق حيال تسلل الإسلاميين. وعلى عكس الثوار، لم تكن هذه المليشيات تقاتل ضد نظام الأسد. أثار هذا غضب أنقرة التي كانت قد خاضت 4 عقود من الحرب مع حزب العمال الكردستاني الذي تتفرع عنه مليشيا الوحدات الكردية، نظراً لطموحاته الرامية إلى إقامة منطقة حكم ذاتي في جنوب شرق البلاد، وترى أنقرة في المناطق الكردية المتنامية عبر الحدود تهديداً يمسها.

ويقول السيد بونسي من مجموعة الأزمات الدولية: “لقد صدمني مدى صدق المسؤولين الأمريكيين والأتراك في سوء فهم كل طرف منهما للآخر. يبدو المسؤولون الأمريكيون أحياناً أنهم لا يفهمون بالفعل لماذا يشكل دعم المليشيات الكردية معضلة كبيرة لأنقرة”.

ويضيف بونسي: “وعلى نفس المنوال، لم يفهم المسؤولون الأتراك مدى انزعاج نظرائهم الأمريكيين من افتقارهم للجهود التي من شأنها إضعاف التسهيلات التي تحظى بها الجماعات الجهادية على الحدود التركية”

شعرت فصائل الثوار المدعومة أمريكياً أنها علقت في منتصف الطريق، إذ تحولوا فجأة إلى خونة بنظر مستضيفيهم الأتراك والجماعات الإسلامية التي دعمتها أنقرة. بدأ أبو أحمد يشعر بكره زيارة مركز العمليات المشتركة ويقول مازحاً: “لقد علقتُ بين أبوين يتشاجران”.

يسترجع أبو أحمد ذكرى أحد الاجتماعات حيث وجه أحد المسؤولين الأتراك له بالتحديد وأمام رفاقه الأمريكيين سؤالاً مفاده لماذا تساعد الضربات الجوية الأمريكية الأكراد وليس الثوار من أمثاله. جلس مسؤولو الاستخبارات الأمريكية بهدوء قبل أن يثبوا بالقول: “إن البنتاغون هو من ينفذ هذه الضربات وهو كيان منفصل عن وكالة الاستخبارات”.

يقول أبو عمر، أصبح من الصعب شرح وتفسير تقلبات السياسة الأمريكية، للمقاتلين الغاضبين الذين تنامى تعاطفهم مسبقاً مع الجماعات الإسلامية لا سيما بعد أن انتزعت ميليشيا الوحدات الكردية المدعومة أمريكياً السيطرة على عدة بلدات من أيدي الثوار، قرب مكان تمركزه شمال غربي سوريا شتاء العام الماضي.

ويتابع أبو عمر:” قُتلَ 57 مقاتلاً من عناصري على الحدود، وضعفاهم فقدوا أطرافهم. كيف يمكنني أن أشرح لهم أن وحدات الحماية الكردية تعني الدعم المقدم من البنتاغون؟!. وأن مركز العمليات المشتركة يعني الدعم المقدم من وكالة الاستخبارات المركزية؟!. إنهم شباب سوريون ولا يفهمون هذا الأمر”.

كما ويجد الضباط المرتبطون بوكالة الاستخبارات الأمريكية من أمثال أبي أحمد وأبي عمر، أنه من الصعب عليهم العمل في تركيا، إذ أن أبا عمر صارع من أجل تجديد إقامته في البلاد ناهيك عن أن السلطات التركية أعلمته أنه قد تم إدراج اسمه في قائمة المراقبين أمنياً، وعندما طلب من الأمريكيين إثارة هذه القضية مع المسؤولين الأتراك، أخبروه أن الأمر كان خارج نطاق سيطرتهم.

وقاربت المعضلات التي واجهها أبو أحمد أن تكون هزلية ومضحكة. يقول الرجل إنه في الأيام الأولى لإنشاء مركز العمليات المشتركة، رافقه المسؤولون الأتراك عبر الحدود ووفروا له الحماية أثناء عبورها لعقد الاجتماعات، وبعد المشاجرة مع الأمريكيين، قالوا بأنه لم يعد بإمكانهم تقديم المساعدة له. بعدها، بدأ أبو أحمد بدفع المال للمهربين من أجل الدخول إلى تركيا وحضور الاجتماعات الدولية.

يستذكر أبو أحمد كيف أنه وصل في أحد الأيام إلى الحدود في الوقت المحدد لمقابلة أحد القادة المفضلين لدى تركيا كان يركب سيارة مُعَدة للقاء. يقول أبو أحمد: “لوحَ القائد لي قائلاً مع السلامة أما أنا فتسمرت في مكاني مُحدقاً”. وعندما اشتكى للأمريكيين ضحكوا وكرّروا مجدداً أنه ليس بوسعهم فعل أي شيء.

في ذاك الوقت تحديداً شكل الثوار الساعون لتنظيم قواتهم المبعثرة في فصائل، تحالفاً جديداً حمل اسم الجبهة الشامية. وكانوا يأملون في أن يخفف هذا التحالف من وطأة الحرب بين واشنطن وأنقرة. لكن ما جرى كان العكس تماماً واُجبِرَ التحالف على الخروج من البرنامج السري لتدريب وتسليح المعارضة السورية.

ويقول قائد آخر للثوار من حلب فضل عدم الكشف عن اسمه: “كانت الولايات المتحدة تضغط علينا نظراً لتحكمها بالدعم الذي يقدمه مركز العمليات المشتركة، أما تركيا فكانت تحاول الضغط علينا أيضاً نظراً لتَحَكُمِها بمسألة عبور الحدود. إنهم ليسوا حلفاء، بل كاذبين. عندما يكون لديك حلفاء مثلما يملك السوريون، فحينها لن تكون بحاجة للأعداء”.

وبدلَ أن ينضم إلى الجبهة الشامية، قدم أبو أحمد استقالته، ولكن سرعان ما طلب منه الأمريكيون أن يعمل كمستشار لهم مقابل 100 دولار شهرياً. وأصبح معروفاً بين السوريين أنه شخص بمقدوره ترتيب الاجتماعات، بينما أصر منتقدوه على أنه كان يساعد المخابرات الأمريكية في تنفيذ مؤامرات فاشلة لاغتيال قادة في جبهة النصرة، وتشويه سمعة الفصائل الثورية المدعومة من تركيا. يرفض أبو أحمد ضلوعه في أيٍ من هذه المؤامرات غير أنه يعترف أنه عمل على إغراء المجموعات من أجل أن تعود إلى مركز العمليات المشتركة.

صيف العام 2015، أطلقت الولايات المتحدة برنامج الكونغرس الخاص بتدريب وتسليح فصائل من المعارضة السورية بهدف انتقاء مقاتلين معتدلين. كانت كلفة هذا البرنامج 500 مليون دولار ناهيك عن تعثره بشكل فظيع. يقول أبو أحمد: لقد صُدمتُ، جاء ممثلون عن البنتاغون وشرعوا بلقاء الناس في مدينة غازي عنتاب وانتقوا أشخاصاً كانوا فاشلين بنظر وكالة المخابرات الأمريكية ومركز العمليات المشتركة على حدٍ سواء”.

وبعد أن اختطفت جبهة النصرة أولى مجموعات المقاتلين التي تخرجت من هذا البرنامج، اشتبهَ أبو أحمد في أن الأمريكيين لم يكونوا يتبادلون المعلومات. بعد ذلك استسلمت للنصرة مجموعة ثانية بقيادة ضابطٍ مُرسلٍ حديثاً.

يقول أبو أحمد: “هنا أدركت أن الأمريكيين كانوا يعملون باتجاهين مختلفين. بدأ يطلب من الدبلوماسيين الأجانب أن يشرحوا له النظام السياسي للولايات المتحدة، فحدثوه عن الكونغرس والبيت الأبيض ومختلف الفروع العسكرية والاستخباراتية”. ويتساءل أبو أحمد ضاحكاً: “إذا كان أوباما يسير في اتجاه وأعضاء الكونغرس في اتجاه آخر، والمعنيون على أرض الواقع يقولون كلا هذا جيد وذاك لا،هل يمكن اتخاذ قرار حقيقي حينها؟!،ربما هذه هي نتيجة الديمقراطية الزائدة عن حدها”.

في هذه الأثناء كان النزاع التركي – الأمريكي يتعمق مع مناقشة الجانبين إقامة منطقة حظر جوي فاعلة في شمال سوريا. وكانت إحدى الخطط الفاشلة التي ضمت نقاطاً عديدة من الاختلاف بين الجانبين هي حول من سيكون الشخص المعني على الأرض في سوريا، إذ أرادت المخابرات الأمريكية أبا أحمد بحسب عدد من الضباط، بينما فَضَلَ الأتراك شخصاً مقرباً منهم.

ويقول أبو أحمد إنه وقبل يوم من اجتماع جدلي لمركز العمليات المشتركة لمناقشة المسألة، جاءت سيارة شرطة تركية إلى منزله فتملكه الرعب والحذر وخبأ كل ماله في جيوبه حين طرق ضباط الشرطة باب المنزل.

وبذلك اعتقلت تركيا الحليفة في الناتو أحد حلفاء واشنطن المحليين. تَنَقَلَ أبو أحمد لساعات بين مختلف الأفرع الأمنية التركية. يقول: “طلبوا مني أن أخبرهم سبب اعتقالي، وهذا ما فعلته وأخبرتهم أني لا أعرف. أنتم من جلبني إلى هنا ومن المفترض أن تخبروني بتهمتي”.

في نهاية المطاف، تم الزج به في سجن مجاور.، حيث انتظر لأيام بينما أطلقت زوجته وأقرباؤه نداءات استغاثة للمسؤولين الأمريكيين. لم تتمكن المخابرات الأمريكية من تأمين الإفراج عنه. ويقول المصدر في المخابرات ومقره واشنطن: “لقد حاولنا المساعدة بالإفراج عنه”، غير أنه من غير المرجح أن يكون هذا الأمر قد تم على مستوى عالٍ جداً نظراً لأن أبا أحمد كان يساعد في عملية للمخابرات الأمريكية يفترض أنها سرية.

وسرعان ما أدرك أبو أحمد أن السبيل الوحيد للخروج من السجن هو الموافقة على ترحيله إلى سوريا وهو حكم بالإعدام أساساً نظراً لمدى احتقار كثير من الإسلاميين له. وَقعَ على الأوراق وجرى إرساله إلى الحدود، يقول: “استخدمت ما أملك من المال ودفعت لأحد المهربين للدخول إلى تركيا من جديد وبنفس اللحظة”.

اختبأ أبو أحمد داخل أحد المنازل على الحدود لأكثر من شهر، وفي نهاية المطاف، وعده الأتراك بأن يَدَعوه وشأنه طالما أنه يتوقف عن العمل مع الأمريكيين والثوار. شَعَرَ بالحزن لكنه قَبِلَ الشروط وعاش منذ ذلك الحين على هامش المجتمع السوري في تركيا معتمداً على أصدقائه من أمثال أبي عمر لإقراضه المال.

في إحدى الليالي الصيفية، قاد أبو أحمد سيارته بنا إلى منزل أبي عمر على الساحل التركي نظراً لحنينه إلى ذكريات جميلة عن الثورة. بدا أبو عمر أنيقاً ذا شعرٍ قصير ويرتدي قميص بولو ويقتني جهاز ايفون حديث. دَعانا للخروج وتناول طبق من السمك، وسرعان ما بدأ بالرثاء والعويل.

يقول أبو عمر إن جماعته خسرت الأرض والشعبية لصالح جبهة النصرة، ولم يعد أحد يهتم بالتعامل مع الأمريكيين، ويضيف: “يعاملني الأتراك كما لو أني أمريكي، وجبهة النصرة كما لو أني خائن، لا أحد يعاملني على أساس أني أجلس مع الأمريكيين لأني سوري يطمح لفعل ما بوسعه في سبيل خدمة قضيته. وأتساءل كيف ينظر الأمريكيون إليَ. هل يروني شخصاً وطنياً، أم مرتزق يبحث عن المال”.

ظلت العلاقات الأمريكية – التركية مشحونة بالرغم من مناقشة الرئيس الأمريكي ترامب مسألة إقامة منطقة حظر جوي في سوريا، بالإضافة إلى الموافقة الضمنية التي أبدتها واشنطن حيال تَدَخُل تركيا في شمال سوريا لإبعاد تنظيم الدولة الإسلامية ووحدات حماية الشعب الكردية عن حدودها. ويقول المحلل في المجلس الأطلنطي في واشنطن، ارون شتاين: “كان هناك زيادة بنسبة 1000% في تحسن العلاقات بين الجانبين لكن الوضع لا يزال رهيباً”.

بالنسبة لأبي أحمد، أصبح التوتر النفسي توتراً جسدياً، تستذكر زوجته كيف أنه كان يقود سيارته عائداً للمنزل في حالة من الضيق والقلق خلال الأشهر القليلة الماضية، تقول الزوجة إن أبا أحمد أوقف السيارة 3 مرات وكان قلقاً من احتمال تعرضه لأزمة قلبية، غير أن الأطباء أكدوا أنه ليس هناك ما يدعو للقلق وأن الأمر لم يكن سوى نوبة هلع لا أكثر.

في بعض الأيام، يفكر أبو أحمد في ترك المنطقة وراء ظهره تماماً ومغادرتها، لكن الأمر ليس سهلاً، فقد رفضت ألمانيا استقباله نظراً لروابطه السابقة مع جماعة من الثوار لطالما كانت قد اتُهِمَـت بارتكاب جرائم حرب.

يقول أبو أحمد إنه طلب العام الماضي من بعض المسؤولين الأمريكيين مساعدته بالسفر إلى الولايات المتحدة. وأخبره المسؤولون أن عليه تسجيل اسمه لدى الأمم المتحدة كلاجئ، ولم يسمع منهم أي رد، ناهيك عن أن الأمر التنفيذي الأخير والذي أصدره الرئيس ترامب يجعل من الموافقة على استقبال أبي أحمد في الولايات المتحدة أمراً مستبعداً.

اتصل أبو أحمد بأصدقائه القدامى في المخابرات الأمريكية ليرى من يستطيع مساعدته، لكنهم خذلوه، وكما يقول: “أخبروني، نحن آسفون، فهذه مسألة تخص وزارة الخارجية فقط، وإداراتنا منفصلة”.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

قثم بن عبد اللات وداء الصرع

داء الصرع مرض ينتج عن خلل أو تليفات في أجزاء من الدماغ، أكثرها تأثراً هي منطقة الفص الصدغي
Temporal lobe.
وهناك عدة أسباب للصرع، منها ما هو وراثي أي ينتج عن خطأ في الجينات الوراثية، وهناك نوع ينتج من إصابه الدماغ في الحوادث
Head injury،
وهناك نوع ينتج عن أورام الدماغ مثل أورام الغشاء
Meningioma
أو أورام سرطانية، وهناك ما لا يُعرف سببه ويُقال عنه
Cryptogenic
أعراض الصرع عديدة ولكنها لا تظهر كلها في كل مريض. هناك من المرضى من يبدأ معه المرض بهلوسة قد تكون عن طريق أعصاب الأنف
Olfactory
فيشتم المريض روائح وهمية غير موجودة في محيطه وقت وقوع التشنجات. وهناك من تبدأ معه الهلوسة عن طريق العصب السمعي في الأذن فيسمع صلصلة كصلصلة الجرس أو يسمع أصواتاً لا وجود لها في الغرفة أو المكان الذي به المريض، ويخيل للمريض أن هناك شخصاً يتحدث إليه. بعض المرضى يرى أشخاصاً قد يعرفهم أو قد يكونون غرباء عنه بينما هؤلاء الأشخاص لا وجود لهم في المكان وقت حدوث التشنجات.

التشنجات قي تصيب الجسم كله وقد تكون محصورة في بعض العضلات مثل عضلات الفم أو الكتف أو عضلات العنق فتحدث للمريض حركات في الرأس والعنق. التشنجات التي تعم الجسم كله تستمر لفترة دقيقة أو أثنين، قد يعض المريض أثناءها لسانه وينزف من الفم، أو قد يتبول على نفسه. بعض المرضى تتأثر أعصابهم اللا إرادية
autonomic system
فيستمنى الرجل منهم مع التشنجات. وفي الغالب تصاحب التشنجات أعراض أخرى مثل تصبب العرق من الجسم، واحمرار الوجه، وازدياد ضربات القلب. بعض المرضى تختل لديه الصور فيرى الأشياء أكبر بكثير مما هي عليه أو أصغر بكثير.
بعد التشنجات ينام المريض أو يغفو لمدة قصيرة قد تكون في حدود عشر دقائق. وعندما يفيق قد تصيبه حالة من النسيان فينسى الأحداث التي سبقت التشنجات بقليل. بعض المرضى لا تحدث لديهم تشنجات وإنما يغيب المريض عن نفسه ومحيطه ويبحلق في الفضاء أمامه ولا يتحدث لمدة دقيقة أو دقيقتين، وفي هذه اللحظة قد يرى أشخاصاً أو أشكالاً أمامه، وفي الغالب يصيبه خوف شديد.
أول من وصف الصرع هو الطبيب الإغريقي جالينوس
Galen
(129-200ميلادية). وقد سماه المرض الإلهي لأن بعض المرضى كانوا يزعمون أنهم رأوا أو تحدثوا للآلهة وقت التشنجات. وهناك شخصيات معروفة في العصور القريبة قد عانوا من الصرع ووصفوا ما يحدث لهم، مثل الروائي الروسي دوستوفسكي مؤلف قصة الأخوة كرامازوف الذي وصف ما يحدث له وقارنه بما كان يحدث لقثم، وسوف أذكر ذلك في نهاية المقال.
وقثم خدع معاصرية وزعم أن الحالة التي تصيبه هي الوحي الذي يأتي به جبريل. يقول ابن القيم ” وقد ذكر العلماء للوحي كيفيات‏.‏ إحداها‏:‏ أن يأتيه الملك في مثل صلصلة الجرس كما في الصحيح‏.‏ وفي مسند أحمد عن عبد الله بن عمر سألت النبي — هل تحس بالوحي فقال‏:‏ أسمع صلاصل ثم أسكت عند ذلك فما من مرة يوحى إلىّ إلا ظننت أن نفسي تقبض‏.‏ قال الخطابي‏:‏ والمراد أنه صوت متدارك يسمعه ولا يثبته أول ما يسمعه حتى يفهمه بعد‏.‏ وقيل هو صوت خفق أجنحة الملك‏.‏ والحكمة في تقدمه أن يُفرغ سمعه للوحي فلا يُبقى فيه مكاناً لغيره‏.‏ وفي الصحيح أن هذه الحالة أشد حالات الوحي عليه‏.‏ (الاتقان في علوم القرآن للسيوطي ص 50). قثم يسمع صلصلة الجرس ثم يصمت ويخاف حتى يظن أن نفسه سوف تُقبض. وفي بعض المرات يتشنج ثم يغط في نوم عميق. وهذا ما ذكرناه سابقاً (المريض يبحلق في الفضاء أمامه ولا يتحدث لمدة دقيقة أو دقيقتين، وفي هذه اللحظة قد يرى أشخاصاً أو أشكالاً أمامه ويصيبه خوف شديد). ويؤكد ابن القيم ذلك لكنه يقول إن الغرض من الصلصلة هو إفراغ سمع قثم من الأصوات الأخرى حتى يكون جاهزاً للوحي. كأنما السمع كالجراب تفرغه مما فيه لتملأه بحديث جبريل.
والصورة الثالثة للوحي كما يقول ابن القيم ( أن يأتيه في صورة الرجل فيكلمه كما في الصحيح وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول‏.‏) يقول السيد أحمد القاضي في الحوار المتمدن وتحت عنوان “لتغنموا بنات الأصفر”، يقول (النسائي وإبن حجر والطبراني يتفقون، على أن جبريل كان يظهر لمحمد بصورة الصحابي الشاب دحية الكلبي…فمن هو دحية الكلبي؟ …يتفق المحدثون، الذين اشرنا اليهم آنفآ، إنه كان أجمل شاب في المدينة كلها، حتى أن إبن قتيبة روى حديثآ منسوبآ إلى إبن عباس يقول:[ كان دحية إذا قدم ، لم تبق معصر إلا خرجت تنظر إليه]…والمعصر هي المرأة التي أوشكت على الحيض، والمعنى أنه إذا قدم دحية خرجت كل النساء للنظر اليه وحتى المرأة التى بدأت تشعر بأعراض الحيض…..وكان دحية الكلبي مقرّبآ إلى محمد…وكلما سافر إلى الشام كان يحضر له شيئآ من أطاييب تلك البلاد) انتهى. أخرج ابن سعد عن عائشة قالت‏:‏ كان رسول الله —- إذا نزل عليه الوحي يغط في نوم عميق ويتبرد وجهه‏:‏ أي يتغير لونه ويجد برداً في ثناياه ويعرق حتى يتحدر منه مثل الجمان‏.‏” والتعرق الشديد من علامات الصرع.
وكان قثم يستمني في بعض الأوقات عندما يُصرع، تقول عائشة “يُخيل إليه أنه يأتي النساء ولا يأتيهن”. أي أنه يستمني. يقول البخاري ” وأما ما يتعلق ببعض الأمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض ، فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين ، قال : وقد قال بعض الناس إن المراد بالحديث أنه كان – — – يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن ، وهذا كثيرا ما يقع تخيله للإنسان في المنام (الاستحلام في المنام) فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة . قلت : وهذا قد ورد صريحا في رواية ابن عيينة في الباب الذي يلي هذا ولفظه ” حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ” وفي رواية الحميدي ” أنه يأتي أهله ولا يأتيهم “(صحيح البخاري، كتاب الطب، باب السحر، ج3، ص 238).
وفي مرة كان قثم يصلي في المسجد فتهيأ له أنه يرى الشيطان أمامه وبدا كأنه يتشاجر مع شخص أمامه وتفوه بكلماتٍ عديدة، ثم قال لأصحابه أنه رأي الشيطان أمامه فتغلب عليه وخنقه حتى سال لعابه وأراد أن يربطه إلى عمود بالمسجد حتى يراه الناس في الصباح ” وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي — قال” إن الشيطان عرض لي فشد عليّ ليقطع الصلاة عليّ فأمكنني الله منه فخنقته ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول أخي سليمان :رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ، فرده الله خاسئا”. انتهى. وهذا نوع من الهلوسة التي تحدث لبعص مرضى الصرع
يقول الكاتب الروسي فيدور دوستوفيسكي، الذي عانى من الصرع “لا شك أن اللحظات الوجيزة من النشوة التي تحدث أثناء نوبة الصرع قد أقنعت محمد أنه يتصل مع الإله الذي يتحدث إليه. والنشوة الوجيزة هذه تشعره أنه في الجنة. الشخص المصروع يود أنه لو يستبدل كل حياته بلحظات النشوة تلك. محمد لم يكذب وإنما كان صادقاً في شعوره أنه مرسل من عند الإله
(LaPlante, Eve, Seized, p. 116.).
تجربة قثم الأولى مع الوحي في غار حراء لا تدع مجالاً للشك أنه كان يعاني من الصرع. يقول ابن كثير في تفسيره، ج9، ص 309-310): عندما خرج محمد من الغار رأى جبريل يسد عليه الأفق، وحين أدار وجهه إلى اليمين رآه، وحين أداره إلى اليسار رآه.
يقول الدكتور التركي ديدي كوركت
Dede Korkut
أستاذ علم الأعصاب وعلم النفس: لو كان الشكل الذي يقف أمام محمد جقيقةً فإنه إن أدار وجه جانباً فلن يرى الشكل، ولا بد أن تكون هناك علة في الفص الصدغي في دماغه تجعله يرى الشكل في كل الاتجاهات

(Korkut, Dede, Life Alert, The Medical Case of Muhammad, p. 55. )
أما الدكتور فرانك فريمان، أستاذ علم الأعصاب قال في دراسة موسعة عن حالة محمد العصبية في عام 1976، إن أقرب تشخيص لحالة الوحي عنده هو داء الصرع الناتج عن اختلال في الفص الصدغي
Freeman, Frank R., A Differential Diagnosis of the Inspirational Spells of Muhammad the Prophet of Islam, published in the journal Epilepsia, vol. 17:423-7 (Raven Press, New York, 1976).
وقثم كان يعرف أنه مصاب بالصرع، ولذلك عندما أتته امرأة مصابة بالصرع وطلبت منه أن يدعو الله أن يشفيها، كان يعلم أنه لا شفاء لها (من حديث عطاء بن أبى رباح، قال: قال ابنُ عباسٍ: ألاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِن أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قلتُ: بَلَى. قَالَ: هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَت النبىَّ — فقَالَتْ: إنِّى أُصْرَعُ، وَإنِّى أَتَكَشَّفُ؛ فَادْعُ الله لى، فقَالَ: ((إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ ولَكِ الجنَّةُ؛ وإنْ شِئْتِ دعوتُ اللهَ لكِ أن يُعافِيَكِ))، فقالت: أصبرُ. قالتْ: فإنى أتكشَّفُ، فَادعُ الله أن لا أتكشَّف، فدعا لها.) (الطب النبوي لابن القيم ص 50). لو كان الله يشفي من الصرع لشفى قثم نفسه، ولا شك أن المرأة ظلت تتكشف وقت التشنجات إلى أن ماتت.
فمن المؤكد أن قثم كان يعاني من المرض الإلهي (الصرع) الذي جعله يعتقد أنه في اتصال مع الله عن طريق الملك جبريل. وإذا كانت الحيلة قد انطلت على معاصريه الأميين في القرن السابع، فإن العقل يعجز أن يصدق أن هناك أكثر من مليار شخص (بعضهم أساتذة بالجامعات) في القرن الحادي والعشرين يؤمنون بأن قثم مرسلُ من إله السماء، الذي لا وجود له إلا في مخيلتهم الجمعية. ولعشتار في خلقها شؤون.

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | Leave a comment

شاهد ماذا فعلن نساء الرقة بعد تحريرهن من داعش؟

بكل الفرحة, قامت نساء الرقة بالدوس على كل شريعة داعش التي فرضتها عليهن, لأن الدواعش الانذال لا يستقوون إلا على النساء, وقمن بحرق أغطية الرأس وبدلن ثيابهن السوداء بالملونة, ودخن السكائر, وهذا يثبت من جهة ثانية بأن ما يكتب بكتب التراث الاسلامي غير صحيح, ولم يطبق قط على الأرض, وانما وضعه اشخاص خبثاء في العصر العباسي لأهداف سياسية وانتقاما من الامويين اعدائهم التاريخيين, فإذا لم تطقه نساء الرقة فهذا يعني لا يمكن لاي انسان ان يطيقه لا بالماضي ولا بالحاضر, وكفي النظام الاسدي المجرم بث مثل هذه الخرافات بين عملائه من داعش لكي يبرر بقائه بالسطلة. .. ..  نزكي لكم ايضا مشاهده نساء منبج  يفعلن نسفس الشئ: فيديو النساء تحرق البراقع والرجال تحلق اللحى فرحاً بطرد داعش من منبج

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | 1 Comment

بَقَرَةٌ سَعِيدَةٌ

تأليف: بْرَاوْلْيُو يَّامِيرُو*
ترجمة: الدكتور لحسن الكيري**

كان هذا وحيدَ قرنٍ يُحبُّ ماردًا وحيدَ عينٍ. في يوم ربيعي، و إذْ هما في الحقل، قال له:
– تُجنِّنُنِي عينُك.
أجابه المارد وحيد العين مُحمرًّا:
– و حتى قرنُك أنت ليس بسيءٍ.
فإذا ببقرة كانت تسمعهما، في المرعى المجاور، تبتسم و كلُّها سعادةٌ:
– إذًا، نعم، أنا يجب عليَّ أن أكون جذابةً ما دمتُ أملكُ ضِعفَ ما عندهما!
*القصة في الأصل الإسباني:

Vaca feliz
Esto era un unicornio enamorado de un cíclope. Un día de primavera, en el campo, se lo soltó:
– Me vuelve loco tu ojo.
El cíclope, ruborizado, le respondió:
– Tu cuerno tampoco está mal.
Y una vaca que los oía desde la pradera de al lado, sonrió muy feliz.
– ¡Pues yo sí que debo ser atractiva, con el doble de todo!

*كاتب و صحافي و سياسي إسباني معاصر. ازداد بمدينة ثامورا في 22 يونيو من سنة 1956. مارس العمل الصحافي في الإذاعة الوطنية الإسبانية و تقلد عدة مسؤوليات. يكرس حياته اليوم للكتابة الأدبية. هو اسم معروف جدا في مجال أدب الطفل. تمت إعادة طبع جميع أعماله كما تُرجمت إلى عدة لغات. و نذكر من بين هذه الأعمال على سبيل المثال لا الحصر: ” التلفزة العجيبة”، “المحقق تيغريلي”، “الملك سِيمبلون” و “الدجاجة المختطفة” و غيرها.
**كاتب، مترجم، باحث في علوم الترجمة ومتخصص في ديداكتيك اللغات الأجنبية – الدار البيضاء -المغرب.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

النصر الإعلامي هنا يأتي لصالح النظام

القناة الفرنسية
اول خبر عاجل يعلن عن مقتل كبار الضباط في النظام
ثاني خبر عاجل ان فرع القاعدة مع التركيز على القاعدة يتبنى عملية التفجير في حمص…
لا ذكر لجنيف ٤ على القنوات الرسمية .. لكن المشاهد الغربي يرى ان العدو بالنسبة له شخصيا هو القاعدة ..
بالمنطق النصر الإعلامي هنا يأتي لصالح النظام و الحقيقة هذا يؤكد على ضرورة ابتعاد المعارضة تماما عن الأسلمة و مشتقات القاعدة.. لانها تخدم النظام لابعد الحدود .. المشكلة ان احرار الشام ي القاعدة جزء بات معترف فيه رسميا في صفوف المعارضة و كافة الدول التي تساندها كفرنسا هولاند مثلا .. يعني هذا التناقض لا بد من إيجاد حل سريع له لكي يقف كل في مكانه و تقيم الأمور لصالح الشعب و الديمقراطية و العلمانية .. اللواتي بدونهم لا يمكن لاي عملية تغيير في سوريا ان تتم.

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment