ما هو الحل؟

ما هو الحل؟

طلال عبدالله الخوري 4\4\2012

تم نشر هذا المقال بتاريخ 20 كانون الأول 2010, ونعيد نشره بسبب حيويته بالنسبة للتغيرات السياسة التي تجري الأن نتيجة الثورات الشبابية التحررية.

بعد نشر مقالي الاخير “التقية والمعاريض بالسياسة العربية المعاصرة” (تجدون رابطه في صفحة الكاتب) جائني الكثيرمن الرسائل من القراء الاكارم تتسائل ما هو الحل؟

ساحاول في الاسطر اللاحقة الاجابة على هذا السؤال البسيط , والذي جوابه من البداهة, بحيث نستغرب طرح مثل هذا السؤال اصلا في عصر الانترنت! فالجواب اصبح اكثر من معروف وهو يدرس اكاديميا في الجامعات. وتم تجربة والتحقق من صحة هذا الجواب عمليا في مئات البلدان والتي حققت بفضله, تقدم وازدهار ورخاء لا مثيل له. نحن نقصد هنا بالحل هو العلمانية وفصل الدين عن الدولة مصحوبة باركان العلمانية الاخرى التي لايمكن للعلمانية من تعيش بدونها وهي الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان واقتصاد السوق الحر.

نقاشي سيكون من خلال المحاور التالية: التجارب العالمية الفاشلة, التجارب العالمية الناجحة, معضلة التجارب العالمية الناجحة في العالم العربي وحلول اخرى للحالة العربية مطروحة على بساط البحث.

التجارب العالمية الفاشلة.

حاولت الماركسية ان تدرس بالتحليل تاريخ البشرية الاجتماعي والاقتصادي, منذ عصر المشاع حتى الوقت الذي وضعت بها نظرياتها وفلسفاتها, مرورا بالاقطاع والرأسمالية. ثم حاولت من خلال استقراءها لهذا التاريخ ان تضع له القوانين الناظمة, وبناء على ذلك ادعت الماركسية انها تستطيع ان تضع القوانين الناظمة حتى للمستقبل والتنبؤ به, من خلال المادية التاريخية, والتي جوهرها أن البناء الفوقي للمجتمع هو ناتج البناء التحتي، حيث أن البناء التحتي للمجتمع هو مجموع علاقات المجتمع الاقتصادية، والبناء الفوقي هو القوانين والأخلاق والسياسات العامة. بعدها جاء لينين في بداية القرن المنصرم, و وجد بان الحل لجميع المشاكل الموجودة بروسيا والعالم ,انذاك ,هو القيام بثورة اشتراكية, تفرض بالقوة ديكتاتورية البروليتاريا, وتنتقل بالمجتمع الى الاقتصاد الاشتراكي الحكومي, ممهدا بذلك, للمضي قدما الى المجتمع الشيوعي والمستقبل المضئ (كما يدعون), حيث كل انسان يعطي بما يستطيع وكل انسان يأخذ ما يحتاج! ولا حاجة هناك لاي تعاملات اقتصادية, كما نعرفها باقتصاد السوق. فشلت هذه الثورة فشلا مزريا بعد سبعين عاما من الحكم الحديدي الاستبدادي, حيث تم تسخير كل ذهب سيبيريا, ومئات الملايين من الطاقات البشرية, على مساحة شاسعة من الكرة الارضية لدوام واستمرار هذه التجربة. ولكن بالنهاية لا يصح الا الصحيح, والذي بني على اساس خاطئ مصيره الفشل. لقد فشل النظام الشمولي الشيوعي في كل من اوروبا الشرقية, الصين, كوريا الشمالية, وكوبا والكثير من الاماكن التي جرب بها.

كذلك الامر فشلت الانظمة الملكية الشمولية في البلدان العربية وكثير من بلدان العالم, ولا قت نفس الفشل جميع الانظمة الشمولية. مما سبق نستنتج بان تجربة النظريات الفلسفية على المجتمعات الانسانية, واعتبار الشعوب فئران تجارب لمغامرات فلسفية نظرية, تفرضها بالحديد والنار ادى الى كوارث انسانية, وفشل ذريع من كل النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية. حيث ان الانظمة الشمولية تعامل الشعوب كالقطيع, ويصبح فيها الانسان عاجز عن اي ابداع او ابتكار او تقدم.

التجارب العالمية الناجحة.

 بعد ان عانت الشعوب الغربية من ويلات الاستبداد السياسي والديني والعنصري, وقدمت مئات الملايين من الضحايا في الحروب الدينية والسياسية والعنصرية, وصلت الى الحقيقة التاريخية الهامة, وهي ان تدخل الله بالسياسة شر لا خير فيه, يؤدي الى دماء وحروب وويلات لا نهاية لها الا بفناء البشر.

لذلك قررالغرب الفصل ما بين الكنيسة والدولة, واعتبرت ان الايمان امر شخصي لا يتدخل به احد , اما الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية فتسن لها القوانين المدنية المنطقية والعقلانية والتي لا شأن ل الاّلهة بها لا من قريب او بعيد. وهو ما تم تسميته بالعلمانية. ومنذ ان اعتمدت العلمانية بالغرب, وهي تحقق النجاح تلو النجاح على جميع الاصعدة السياسية والاجتماعية والعلمية والثقافية والفنية, هذه النجاحات التي تذهلنا كل يوم بما تنجزه, حيث ليس لها اي نهاية ولا تحدها حتى السماء! هذه القوانين المدنية والعقلانية تطورت وتمخضت عنها ارقى ما توصلت اليه البشرية من قوانين, وهي حقوق الانسان, و الانتخابات الديمقراطية والحرية. كل هذه القوانين المدنية لم تصل الى هذا المستوى من التطور والرقي الا تحت ظل اقتصاد السوق الحر والتنافسي, والذي يناسب الطبيعة البشرية ويحفزها على العمل والانتاج والابداع.

هذه النجاحات والانجازات المذهلة التي تحققت بفضل هذه التوليفة من العلمانية والدمقراطية والحرية وحقوق الانسان واقتصاد السوق, ادت الى ان ينادي الفيلسوف الامريكي فوكوياما بنهاية التاريخ بكتابه المشهور والذي يحمل نفس الاسم. حيث اعتبر فوكوياما ان هذه التوليفة, من دمقراطية وحرية وحقوق الانسان واقتصاد السوق, هي قمة الحضارة, ولا يوجد اي شئ يمكن ان نضيفه لها, وان المستقبل هو مجرد متابعة واستمرارية لهذه التوليفة . طبعا المفكر فوكويوما تراجع عن فكرة نهاية التاريخ من مبدأ انه ليس هناك حدود للابداع البشري وهناك دائما مجال للتحسين. وحتى كتابة هذه السطور ما تزال نظرية نهاية التاريخ صحيحة حيث لم يضف اي احد اي شئ جديد على هذه التوليفة.

معضلة التجارب الناجحة في العالم العربي .

وقع ما يسمى بالعالم العربي تحت وطأة الحكم الديني الاستبدادي منذ 1430 سنة وحتى الاّن! حيث يعتبر الدين الاسلامي دين ودولة وسياسة وحياة شاملة. ويعتبر المتدينون بان الاسلام شريعة الهية كاملة ارفع واسمى من اي قوانين بشرية, ولذلك يرى الفقهاء المسلمون بان العلمانية هي عدو الاسلام والمسلمين الاول. يساندهم بهذا السلطة السياسة الاستبدادية, والتي وجدت بالسلطة الدينية وسيلة سهلة لاستخدامها بتوطيد حكمها واستمراريتها واستبدادها واستعبادها لشعوبها الى الابد. هذا التحالف والتزاوج الابدي بين الدين والدولة والذي بدأ مع اول دولة بالاسلام, اوقع الشعوب العربية والاسلامية بحلقة مفرغة! يدور بها الشعب والمفكرين والنخبة الوطنية الى ما لا نهاية ولا حل قريب يبدو بالافق. فلا حل الا بالعلمانية, والعلمانية والاسلام لا يتعايشان على الاطلاق, والشعب مغسول الدماغ بافكار دينية وخرافية, والرابح الوحيد في هذه الدوامة والحلقة المفرغة هو الديكتاتور العربي الذي يتلاعب بعواطف الشعب الدينية ويشحنه ويفرغه من هذه العواطف بما يتناسب مع مصلحة حكمه وبقائه واستمراريته.

نحن نرى ان الحل يكمن بايجاد وسيلة لحجر الاسلام ضمن مساجده, كما فعلت الشعوب الاخرى التي حجرت اديانها ضمن معابدها, وتجريد المؤسسات الدينية من المال والسلطة والبنية التحتية, وعندها فقط نستطيع ان نرى بصيص من النور. واول خطوة على هذا الطريق هو الغاء المادة بقوانين الدول الاسلامية التي تقول بان الشريعة الاسلامية هي مصدر التشريع.

حلول اخرى للحالة العربية مطروحة على بساط البحث.

هناك حلول يطرحها بعض المفكرين العرب مثل انشاء احزاب ديمقراطية اسلامية, ومنهم طارق الحجي, او الاشتراكية الاسلامية مثل جمال البنا. ولكن معضلة هذه الحلول انها افكار غير مجربة ولا احد يعرف ما ستؤول اليه بالنهاية, وهنا ايضا نجعل من الشعب فئران تجارب لافكارنا النظرية, والتاريخ يخبرنا بان حظوظ مثل هذه التجارب بالنجاح لن يكون باحسن الاحوال افضل من مغامرة اللينينة الماركسية. الباحث السوري مالك مسلماني ويشاركه بهذا المفكر كامل النجار, الذين يرون بأن العلم لا ينمو إلا في محيط مسيحي.

لقد درس الباحث السوري مالك مسلماني اسباب تطور الدول, ووصل الى نتيجة مفادها بان جميع الدول التي تطورت كانت ذات محيط مسيحي او ان المسيحية دخلت بهذه الدول وبقوة, واخذ مثالا على ذلك تطور كوريا الجنوبية التي دخلت المسيحية بها بقوة .ويصل بنهاية بحثه الى نتيجة قوية مفادها بانه لكي تطور البلدان الاسلامية, لايكفي بان نترك الاسلام وانما يجب ان ندخل بالمسيحية. انا ارى بان هذا الحل عملي ومجرب وادى الى نجاح عملي ملموس, لذلك ادعو جميع الوطنيين والمفكرين الى اعتبار هذا الحل والدعوة اليه كسبيل وحيد لكي نتطور ونتحضر ولان المسيحية هي دين اجدادنا الاصلي ونحن احق بها على خلاف الكوريين .

 بالختام نحن نرى بان الحل هو بتبني الحلول الناجحة والمجربة والتي اثمرت واعطت نتائج حقيقية . وانه لا حاجة لاعادة اختراع الدولاب والتفكير بحلول ونظريات فلسفية وتجربتها على شعوبنا واستخدام اهلنا كفئران تجارب لهذه الحلول والتي نصيبها الفشل لا محالة.

هوامش:

التقية والمعاريض بالسياسة العربية المعاصرة !

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

القرضاوي والعلمانية؟

القرضاوي والعلمانية

 طلال عبدالله الخوري                 

3 April 2012

Posted in كاريكاتور | 2 Comments

الاسلام : جحا العصر

الاسلام : جحا العصر

طلال عبدالله الخوري

 

 

النوادر الشعبية تحوي الكثير من الحكم الحياتية والمعاشة, واحيانا, قصة فولوكلورية صغيرة فيها من العبر ما يوجز تاريخ يمتد لآلاف السنين, والذي تحتاج كتب التاريخ الى مجلدات لتوثيقه. من هذه النوادر الشعبية التي ارخت ل 1430 سنة من الحكم الاسلامي في البلدان العربية والاسلامية هي قصة اشهر بطل للنوادر الشعبية جحا مع القدور. تقول القصة بأن جحا استعار قدرا من احد جيرانه, وفي اليوم المحدد رد جحا القدر ومعه قدر صغير, وعندما سأله جاره عن سبب اعطاؤه هذه الزيادة, اجابه جحا بأن قدره قد انجب وولد قدرا صغيرا والآمانة تقتضي بان اعطيه لك , ففرح الجار البخيل وشكر جحا على امانته واحتفظ بالقدر الصغير. شاعت هذه القصة بين اهل القرية وأخذوا يهنئون الجار بالمولود الصغير. بعد أيام , علم أهل القرية أن جحا يريد أن يستلف قدرا كبيرة يطبخ فيها طعامه , فحمل كل منهم قدره , و ذهب إلى جحا , و هو يتمنى أن يقبلها جحا منهه . أخذ جحا كل القدور التى أحضرها أصحابها , و شكرهم لكرمهم , وقال لزوجته عندك الآن يا زوجتى قدورا كثيرة , تطبخين فيها كما تشائين. بعد يومين . سمع أهل القرية صوت بكاء و نحيب ينبعثان من بيت جحا , فذهبوا لكي يستطلعوا الأمر , فوجدوا جحا و امرأته يبكيان بمرارة, فقال الجار البخيل : لماذا تبكى هكذا يا جحا ؟ قال جحا : ألم تعلم بعد ؟ لقد ماتت كل القدور التى أحضرها أهل القرية لنا , فسبحان من له الدوام!! راح الجيران ينظرون بعضهم إلى بعض , وتسألوا : هل يعقل أن القدور تموت ؟ إنها حكاية لا تصدق, اخترعها جحا اللئيم! قال الجار البخيل : كيف هذا يا جحا، و قد احضرت اليك اكبر قدر عندي ، على امل ان تلد لي توأمين ؟ و قالت امرأة : وانا اشتريت هذه القدر خصيصا لتلد عندك . قال جحا : يا ناس ! كيف تصدقون أن القدر تلد ولا تموت ؟ ان كل من يلد ، لا بد ان ينتهى اجله ويموت.

وهذه قصتنا مع الاسلام في بلادنا, فعندما بدأ الاسلام بالغزوات والنصر بدأت تنهمر على الناس الغنائم والجزية والسبايا, والاكثر من هذا فاي انسان يموت بالغزو تنتظره الجنة هو ومن يختاره من اقاربه حيث الحوريات والغلمان المخلدون وما شابه من مغريات . اي من المستحيل ان يخسر الانسان الذي يدخل الاسلام ويحارب, فان بقي حيا سيستمتع بالغنائم والسبايا, ام اذا قتل فسيستمتع بالجنة. تذكر كتب التراث بان هذه المغريات جعلت الاب ينافس الابن على من يذهب للجهاد ومن يبقى بالمنزل لحماية النساء فكل منهما يريد الذهاب للغزو ويدريد الاخر البقاء بالمنزل. وهكذا اغرى الاسلام الكثيرين للدخول به, اما لكي يتجنبوا دفع الجزية او لكي يستفيدوا من الغنائم والسبايا او لكي ينعموا بالجنة. اما الآن, لم يبق اي غنائم او سبايا , واصبح الناس متنوروين لا تنطلي عليهم وعود الجنة, فبدأ المسلمون يطرحون الاسئلة المنطقية على الاسلام , وكأن بي رسول الاسلام يجيبهم : عندما كانت هناك غنائم وسبايا صدقتم اياتي وآمنتم برسالتي ايمان اعمى , واما الآن, حيث لم يعد غنائم وسبايا فاصبحتم اذكياء ولديكم عقول ومنطق وتريدون طرح الاسئلة بعد 1430 سنة؟؟ اين كان عقلكم وتفكيركم ومنطقكم طوال هذه المدة؟؟ فكيف تصدقون بان القدر تلد ولا تموت؟؟

الهدف من هذه المقالة هو الاجابة على السؤال الحيوي التالي هل يجب ان نصدق الاسلاميين؟؟
لنفرض جدلا بان الاسلاميين قالوا لنا : بأن الشريعة الاسلامية تؤمن بالتالي:

الاسلام حكم ديمقراطي بحت
الاسلام يؤمن كل حقوق الانسان المعترفة بها دوليا
بأن الاسلام هو حكم مدني
بان الاسلام يضمن حقوق المواطنة لغير المسلمين كاملة بما فيها القضاء والرئاسة والحكم
وبأن الاسلام يضمن حقوق المرأة كما هي منص عليها بالوثائق الدولية

ولنفرض جدلا ايضا بان الاسلاميون وصلوا للحكم وحكمونا عشرات السنين وحافظوا على كل وعودهم السابقة فهل يجب ان نثق بهم ونقبل بالحكم الاسلامي للاسلاميين؟؟؟ والذي هو بهذه الحالة الفرضية مجرد اسم لحكم اسلامي , لان كل ما سبق هو ضد الاسلام والشريعة الاسلامية؟؟ فهل نقبل بحكم الاسلاميين الاسلامي؟؟؟
الجواب لا والف لا!! لماذا؟؟ لانه عندما يعطيك الاسلام الحرية, وحقوق الانسان والديمقراطية على انها ضمن الشريعة اسلامية وتقبل بها , فأنت ضمنيا قبلت بحكم الشريعة الاسلامية عليك, لهذا فان الاسلاميون لهم الحق ان يأخذوا كل هذه الحقوق منك ايضا بواسطة الشريعة الاسلامية, بعد ان وافقت انت ضمنيا بحكمها!! وسيقولون لنا ما قاله جحا لاهل القرية: كيف تصدقون أن القدر تلد ولا تموت ؟ ان كل من يلد ، لا بد ان ينتهى اجله ويموت.

وانا اقول لشعوبنا ان من يصدق بان الاسلام يمكن يلد حرية وديمقراطية وحقوق للانسان, فعليه ان يقبل بان هذه الحقوق يمكن ان تموت عندما يريد الاسلاميون لان كل من يلد لا بد ان ينتهي ويموت.
من هنا نرى بانه يجب ان تكون مطالبنا واضحة , فنحن نريد الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان لاننا بشر وهذا حقنا الآدمي كبشر, ولا نريد هذه الحقوق ان يمنها علينا الاسلام , لاننا اذا قبلنا بها كجزء من الشريعة الاسلامية فهذا يعني ضمنيا باننا فبلنا بحكم الشريعة الاسلامية, فبعد ذلك يستطيع فقهاء الاسلام ان يأخذوا منا كل هذه الحقوق وقت يشاؤون.

تحياتي للجميع

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 6 Comments

نَيْسان والمصلوب

   نَيْسان والمصلوب

                                         زهير دعيم

زَهَّرَ نيسان
وحمَلَ عطرَ الياسَمين
وفوحَ البيْلسان
ونثرها في الآفاقِ والأجواء
أحلامًا
وشظايا من بهاء
وراح ينظرُ الى المُعلَّق
بين الأرضِ والسّماء
نظرةً خَجلى
نظرة أخرى
فالجليليُّ أبرع جمالا
وأكثر سناء
رغم النّزيفِ
ورغمَ عاصفِ الأهواء
ففي بريقِ عينيْه شمَمٌ
وأنفاسُ أشذاء
وألفُ تحدٍّ
ومحبةُ أعداء
ينظرُ الى البعيدِ
الى التّلال والأوداء
وفي فيه اغنية النُّصرة
تُردّدها السّماء
تقول : تعالوا فعندي للخطايا ..
للآثام
لكلّ الأدواء
شفاء أكيد وخلاصٌ…
ودواء

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

جلودنا مختومة بختم كربلاء

 

مقدمة بقلم جاسم الجيرزاوي: ألقاها الشاعر نزار قباني في مهرجان المربد الخامس في بغداد عام1985 وقد أحدثت ضجة كبيرة داخل الأوساط الأدبية لجرأتها في حينها وتم التعتيم والتشويش عليها و منعت من الصدور على الصحف العراقية وقنوات الاعلام…  هذه الجلسة كان يرعاها ويحضرها وزير الإعلام لطيف نصيف جاسم …  إستفزت القصيدة الوزير بعد ان القاها نزار والذي كان ينتظر منه قصيدة يمدح بها أسوة بالشعراء الذين سبقوه… وكانوا قائمة طويلة من الشعراء العرب اذكر منهم الشاعرة االكويتية سعاد العبد الله الصباح..  فلم ترق القصيدة للوزير خاصة بعدما عملت لنزار هاله خاصة من التفخيم والترحيب  دون باقي الشعراء كرست له الصحافة وقنوات الاعلام الشيء الكثير… وقد استفز نزار الوزير والمسؤولين عندما وصل المقطع:

فى مدن صارت بها مباحث الدولة عرّاب الأداب  
واشار بيديه الى كل الشعراء والمسؤولين الجالسون في الصف الامامي…
ثم ليكمل هجومه حينما قال ::
مسافرون نحن فى سفينة الأحزان
قائدنا مرتزق
وشيخنا قرصان
فصار قائدنا مرتزق بدل من ان يكون بطل الفرسان
..
… فكانت مفاجئة مذهلة في ذلك الحين فمن يمتلك الجراءة لفعل ذلك….بعد الانتهاء من القصيدة صفق المسؤولون لنزار ببرود وامتعاض…. تم التعتيم على القصيدة في وسائل الاعلام ….حصلنا على نسخة منها من المهرجان وقد حفظتها لانها اصبحت جرما لمن يقتنيها … انني اذا اسجل هذا الموقف لنزار قباني انما من باب الامانة التاريخية …. لم يدعى نزار االى اي مهرجان في العراق بعد ذلك ثم اصبح يلعن علنا بعد عام 1990 في اجهزة الاعلام العراقية بعد ان كان شاعر العرب الكبير فيها….

الشاعر : نزار قبانى

جلودنا مختومة بختم كربلاء

مواطنون دونما وطن
مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن
مسافرون دون أوراق ..وموتى دونما كفن
نحن بغايا العصر
كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن
نحن جوارى القصر
يرسلوننا من حجرة لحجرة
من قبضة لقبضة
من مالك لمالك
ومن وثن إلى وثن
نركض كالكلاب كل ليلة
من عدن لطنجة
ومن عدن الى طنجة
نبحث عن قبيلة تقبلنا
نبحث عن ستارة تسترنا
وعن سكن…….
وحولنا أولادنا
احدودبت ظهورهم وشاخوا
وهم يفتشون في المعاجم القديمة
عن جنة نظيرة
عن كذبة كبيرة … كبيرة
تدعى الوطن
***************

مواطنون نحن فى مدائن البكاء
قهوتنا مصنوعة من دم كربلاء
حنطتنا معجونة بلحم كربلاء
طعامنا ..شرابنا
عاداتنا ..راياتنا
زهورنا ..قبورنا
جلودنا مختومة بختم كربلاء
لا أحد يعرفنا فى هذه الصحراء
لا نخلة.. ولا ناقة
لا وتد ..ولا حجر
لا هند ..لا عفراء
أوراقنا مريبة
أفكارنا غريبة
أسماؤنا لا تشبه الأسماء
فلا الذين يشربون النفط يعرفوننا
ولا الذين يشربون الدمع والشقاء
***

معتقلون داخل النص الذى يكتبه حكامنا
معتقلون داخل الدين كما فسره إمامنا
معتقلون داخل الحزن ..وأحلى ما بنا أحزاننا
مراقبون نحن فى المقهى ..وفى البيت
وفى أرحام أمهاتنا !!
حيث تلفتنا وجدنا المخبر السرى فى انتظارنا
يشرب من قهوتنا
ينام فى فراشنا
يعبث فى بريدنا
ينكش فى أوراقنا
يدخل فى أنوفنا
يخرج من سعالنا
لساننا ..مقطوع
ورأسنا ..مقطوع
وخبزنا مبلل بالخوف والدموع
إذا تظلمنا إلى حامى الحمى
قيل لنا : ممنـــوع
وإذا تضرعنا إلى رب السما
قيل لنا : ممنوع
وإن هتفنا .. يا رسول الله كن فى عوننا
يعطوننا تأشيرة من غير ما رجوع
وإن طلبنا قلماً لنكتب القصيدة الأخيرة
أو نكتب الوصية الأخيرة
قبيل أن نموت شنقاً
غيروا الموضوع
  ******************************

يا وطنى المصلوب فوق حائط الكراهية
يا كرة النار التى تسير نحو الهاوية
لا أحد من مضر .. أو من بنى ثقيف
أعطى لهذا الوطن الغارق بالنزيف
زجاجة من دمه
أو بوله الشريف
لا أحد على امتداد هذه العباءة المرقعة
  ******************************

أهداك يوماً معطفاً أو قبعة
يا وطنى المكسور مثل عشبة الخريف
مقتلعون نحن كالأشجار من مكاننا
مهجرون من أمانينا وذكرياتنا
عيوننا تخاف من أصواتنا
حكامنا آلهة يجرى الدم الأزرق فى عروقهم
ونحن نسل الجارية
لا سادة الحجاز يعرفوننا .. ولا رعاع البادية
ولا أبو الطيب يستضيفنا .. ولا أبو العتاهية
إذا مضى طاغية
سلمنا لطاغية
  ******************************

مهاجرون نحن من مرافئ التعب
لا أحد يريدنا
من بحر بيروت إلى بحر العرب
لا الفاطميون … ولا القرامطة
ولا المماليك … ولا البرامكة
ولا الشياطين … ولا الملائكة
لا أحد يريدنا
لا أحد يقرؤنا
فى مدن الملح التى تذبح فى العام ملايين الكتب
لا أحد يقرؤنا
فى مدن صارت بها مباحث الدولة عرّاب الأدب
********************

مسافرون نحن فى سفينة الأحزان
قائدنا مرتزق
وشيخنا قرصان
مكومون داخل الأقفاص كالجرذان
لا مرفأ يقبلنا
لا حانة تقبلنا
كل الجوازات التى نحملها
أصدرها الشيطان
كل الكتابات التى نكتبها
لا تعجب السلطان
  ************************

مسافرون خارج الزمان والمكان
مسافرون ضيعوا نقودهم .. وضيعوا متاعهم !!
ضيعوا أبناءهم .. وضيعوا أسماءهم .. وضيعوا إنتماءهم
وضيعوا الإحساس بالأمان
فلا بنو هاشم يعرفوننا ..
 ولا بنو قحطان
ولا بنو ربيعة .. ولا بنو شيبان
ولا بنو ‘ لينين ‘ يعرفوننا ..
 ولا بنو ‘ ريجان ‘
يا وطني .. كل العصافير لها منازل
إلا العصافير التى تحترف الحرية
فهى تموت خارج الأوطان

نزار قباني (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

قمة في النذالة

قمة في النذالة

طلال عبدالله الخوري 30\3\2012

Posted in كاريكاتور | 1 Comment

اغنية في فم التاريخ

  اغنية في فم التاريخ
                                                                       زهير دعيم

 

 

ألا يا طفلتي الصغيرة
يا حمامةً بيضاء
تسكن بلاد  الشّمس
وتتمشّى حافيةً فوق رُبى النسرين
فالأمل يا صغيرتي
ينتظرك في الركن القريب
 والحُلم الأخضر
يبتسم في سلّ الواقع
زهرًا أرَّجه الربيع
هلمّي يقول ، عجِّلي
نلحق الركبَ مع موكب النّور
ونبني مع الفجر الجديد
أحلامًا من رؤىً
وقصورًا من محبّة
حروفها من نور
نِقاطها من نور !!
أتذكرينَ
صغيرتي المُدلّلة
قصة الحياة المُقدسة
وقطيع الأسود
والطفلة الشّقراء الراعية
تسوقه فجرًا إلى المرعى القريب
فيطرب أرنب صغير هناك
يروح يرقص على وقع الزئير
وعلى زغرودة نعجة
في عُرس ذئب
هجَرَ الوحدة وعاف الانطواء
طوباكِ صغيرتي طوباكِ
 يا بنت الفداء
 في زمن الافتقاد
فالطوفان من ورائنا
 وقوس قزح يُزيّن السماء
والمراعي الخُضُر تنتظر
راعيًا صالحًا
يسوق قطيع اسودٍ
بزهرة في يده
واخرى تزيّن معصمه
ويصدح مع جوقة اخرى 
باغنية السّلام

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

باحثان اسرائيليان يؤكدان قصة الخروج

  باحثان اسرائيليان يؤكدان قصة الخروج

زهير دعيم

 أكّد الباحثان الاسرائيليان دانيال موشه ليفي ويوسف روطشتين في كتاب اصدراه في هذه الايام وقبيل الفصح العبري  ، أكدا قصة الخروج من مصر كما أوردها الكتاب المقدّس، ويقولان ان التشكيك فيه تجنٍّ وخطأ، فمن خلال بحثهما الجدّي والكاديمي توصلا الى أنّ الخروج من مصر حدث فعلا في زمن “فرعون  الشّرير ” منقرع ، وهو من السُّلالة الرابعة ( 30 سلالة)ـ ويشير الباحثان  الى انه وُجِد من هذه الفترة حوالي 3000 قبرًا تحتوي على مبنى  لجماجم  عريضة بعكس مبنى جماجم المصريين .، كما ووجدت في هذه القبور آنية من الخزف مُميّزة لم تكن شائعة في مصر آنذاك ، ووُجِد مثلها فقط في أرض كنعان.
ويؤكّد الباحثان انه ومن خلال قناديل الزيت التي وجدت في القبور ظهر قلّة الزيت فيها بعكس المتّبع ممّا يدلّ على تدنّي مستوى معيشة هذه القوم ، وهذا يدل على معاملة هذا الفرعون القاسية  لشعب الله.

كما ويؤكد الباحثان ان الاهرام بنيت فعلا في زمن  رعمسيس من السلالة الرابعة ..كما وجدت قصة مصرية قديمة تحكي عن إله قتل ابكار المصريين وهذا يوافق تمامًا النصّ الكتابي والضربات العشر، ويضيف الباحثان ان الاثبات الدامغ على حدوث الخروج وفي زمن منقرع هو المخطوطة التي وجدت وتقول : بكر منقرع لم يتولّ الحكم ..ويظهر أنّه مات قبل ابيه اثباتًا لما جاء في الكتاب المقدّس عن الضربات العشر وقتل ابكار المصريين.

 أمّا أنا زهير وبتواضع اقول  فأقول : كلّ يوم يمر يثبت ويؤكّد بدون أدنى شكّ ان الكتاب المقدّس بعهديه هو كتاب الله..( متى 24: 35 السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول)

 

Posted in فكر حر | 1 Comment

دموع الرجل

دموع الرجل

مارثا فرنسيس

من الشائع في مجتمعاتنا الشرقيةاعتبارالبكاء دليلاً على الضعف ،خاصة بالنسبة للرجل ، فالطفل الذكر يسمع جملة معينة ترن في أذنه وكإنها من أهم المبادئ الحياتية التي يجب ان يلتزم بها منذ نعومة اظفاره ويطبقها في كل المناسبات ( الراجل مايبكيش )،ففي اعتقاد اغلب الناطقين باللغة العربية ان البكاء للمرأة والأطفال فقط لأنه تعبير عن الضعف،(وكالعادة حكموا بالضعف على المرأة في كل المجالات حتى في البكاء)وصدقاً لاأعلم من أين استنبطوا هذه المعلومة المغلوطة ، فالبكاء حق شرعي لكل انسان للتعبير عن بعض المشاعر المختلفة التي قد يصعب التعبير عنها بالكلام أو بالشكوى وكثيراً مايكون الكلام والشكوى مؤلماً للنفس . البكاء هو تعبير عن الإستجابة الطبيعية لانفعالاتنا الداخلية ، وهو يريح الإنسان من الضغوط النفسية التي يتعرض لها في المواقف الصعبة والمؤلمة ويساعد على تفريغ طاقة الحزن الداخلي دون أن تؤثر بشكل سلبي على الإنسان جسدياً ونفسياً .
الدموع تغسل العين وتنظفها من الأجسام الغريبة الضارة بها ، وقد أكدت آخر الأبحاث التي أجرتها جامعة ميتسونا أن انسياب دموع الإنسان هي أفضل طريقة للتخلص من المواد الكيميائية التي تتكون نتيجة التوتر النفسي ازاء مشاعر الغضب والحزن الذي يتعرض له الإنسان ،و يؤدي كبت الدموع الى الإصابة ببعض الأمراض مثل قرحة المعدة وإصابة القولون والجهاز التنفسي ببعض الأمراض وأيضاً الإصابة ببعض اشكال الطفح الجلدي ، وقد نندهش انه لايخشى على العيون الباكية بل على العيون الجافة التي تم تلقين صاحبها منذ طفولته على منع عينيه من البكاء لأنه عيب وان مثل هذا المظهر لايناسب الرجل . وتحتاج العيون الجافة التي جف ينبوع دموعها الى دموع صناعية في شكل محلول او قطرات للعين لتعطي فقط مجرد تلطيفا ً لها .
البكاء يوسع الرئة ويهدئ المزاج وهو أفضل علاج للأعصاب المتوترة ، كما انه يعد تمريناً مفيداً للقلب ولعضلات الصدر والكتفين والحجاب الحاجز ، ويرجع ذلك للاسترخاء المريح الذي يحدث لهذه العضلات بعد البكاء .
تستطيع المرأة عادة البكاء أكثر من الرجل وذلك لسببين رئيسيين أولهما ان المرأة قادرة على التعبير عن مشاعرها بشكل جيد وقادرة على مشاركة مشاعرها مع أو امام الآخرين بشكل جيد أيضاً أما السبب الثاني فهو وجود هرمون معين بنسبة أكثر لدى المرأة وهو من المكونات – prolactin – وهو المكونات الأساسية للدموع
الدموع خير تعبير عن الألم النفسي الذي يصاب به الإنسان عند تعرضه لفقد حبيب أو قريب له أو عند الإحساس بالندم على قرار خاطئ أو عند الإحساس بالذنب نتيجة سلوك مشين ، او عند الإحساس بالظلم خاصة من الأحباء ، وايضاً التعرض للغدر من أقرب القريبين فهذا يكسر النفس ويملأ المآقي دموع . بالإضافة الى المعاناة من الآلآم الجسدية التي تفوق الإحتمال ولايمكن التعبير عن شدتها الا بالدموع . كل هذه المشاعر الإنسانية التي نتعرض لها والتي لاتفرق بين رجل وامرأة يحتاج فيها أو في بعضها أو في اشدها الإنسان للتعبير عن الألم وقد تكون هذه الطريقة هي الدموع .
ان عادة تحريم البكاء على الأولاد والرجال عادة قاسية تقهر الأحاسيس وهي موروث مبني على جهل فقط ، هذه العادة قد تضفي مع مرور الزمن برودة وتبلد في المشاعر وليس قوة وشجاعة بالإضافة الى الإصابة بالأمراض كما ذكرنا أعلاه .
كان يوسف الصديق رجلاً صادقاً في احاسيسه ، لم يمنعه مركزه كالرجل الثاني بعد الفرعون في مصر من احتياجه للبكاء ، عندما رأى أخوته وعرفهم وهم لم يعرفوه اذ لم يتصوروا أن هذا العظيم هو أخيهم ، وعندما عرفهم بنفسه أطلق صوته بالبكاء غير مهتم بمكانته أو مركزه الإجتماعي ، وايضا عندما رأى اخاه الأصغر بعد كل هذه السنين طلب مكانا ليبكي من فرط تأثره من هذا الموقف ،بكى أيضا عند وفاة ابيه ولم يخجل ، وذكر الكتاب المقدس أمثلة كثيرة لأشخاص كانت لهم مكانتهم الكبيرة ورغم هذه كانوا يعبرون عن مشاعرهم بصراحة وصدق وحرية مثل داود النبي وارميا ويوسف وغيرهم كثيرون . بكى يسوع أيضا ً عندما وقف أمام قبر صديقه لعازر الذي مات وكان متألما ً جدا ً مع هذه الأسرة.
عزيزي الرجل : إبكِ حينما تشعر باحتياج أن تبكي ، ليس هناك أسباب حقيقية تمنعك من التعبير عن الآم نفسك ومشاعرك ولاتمنع أولادك أيضا ً من البكاء للتعبير عما يجرح أو يصدم مشاعرهم ، او حتى أجسادهم ، فهم لايحتاجون في هذا الوقت الى نصائحك الغالية او عظاتك الدسمة ولكن يحتاجون الى تفهمك فقط ، أو مجرد تعاطفك أو لمسة يدك الحانية
يفتقد بعض اولادنا الى مايسمى بالذكاء الوجداني وهو القدرة على التعبير عن المشاعر الخاصة ثم القدرة على التحكم في هذه المشاعر ثم التعرف على مشاعر الآخرين والتعاطف معهم .
امنياتي القلبية بكل الصحة الجسدية والنفسية

محبتي للجميع

Posted in فكر حر | Leave a comment

المزايدة على الاسلام بين الحكام العرب والمعارضة

طلال عبدالله الخوري

مقدمة: لقد قمنا بنشر هذا المقال في 17 من شباط \فبراير2011, وسبب اعادة نشر هذا المقال الهام هو ورود نصيحة الى بشار الأسد من احدى نسائه عبر فضيحة تسريبات البريد الأكتروني الشخصي لبشار الأسد, تقول له لونا الشبلي فيها: يجب اخذ الإسلام من المعارضة: وهو يعني بالضبط ما كتبناه قبل اكثر من عام عن المزايدة على الأسلام بين الحكام العرب والمعارضة. والأكثر من هذا هو اصرار نظام الأسد على ابقاء مادة دين رئيس الدولة هو الأسلام في دستوره الجديد(والذي لا جديد به) والتي تناقض ادعائاته بالعلمانية.

اعتاد الحكام الاستبداديون, بمر التاريخ, على استخدام الدين كوسيلة للسيطرة على شعوبهم وقيادتهم كالقطيع. اهم سبب لتمسك المستبدون بالدين هو انه وسيلة ناجحة ورخيصة ومكفولة لتثبيت حكمهم واستمراريته بأوامر الهية لا تناقش ابدا, بل تطاع وحيث يتم تكفيرمن يخالفها ويتم تخويفه بالويل والثبور في الاخرة هذا عدا نظرة المجتمع اليه بانه خالف ثقافة الاكثرية.

 في هذه الانظمة, تنشا مصلحة متبادلة بين المؤسسة الدينية والنظام الحاكم, يقوم فيها المستبد بتزويد رجال الدين بالسلطة والمال والبنية التحتية , وفي مقابل هذا يتكفل رجال الدين باستغلال العاطفة الدينية لاضفاء الصبغة الالهية على الحكم الشمولي وايجاد التبريرات الشرعية لاستعبادهم لشعوبهم . لقد استخدم الملوك الشموليون, بالعصور الوسطى, الكنيسة من اجل تطويع الشعوب على الطاعة العمياء للملك والملكية. ولكن الشعوب الاوروبية تخلصت من سلطة الكنيسة والسلطة الملكية على السواء, وتم فصل الكنيسة عن الدولة وتم تشريع القوانين المدنية العادلة, وايضا تم فصل الملكية عن الدولة حيث اصبح الملك يملك ولا يحكم واصبح الحكم للشعب عبر ممثلين لهم بانتخابات ديمقراطية حرة. اما بالنسبة للدول العربية فقد تم حكمها بدولة دينية استبدادية عنصرية منذ 1430 سنة وحتى الآن.

 نستطيع ان نقول بان اشكال الحكم بالدول العربية قد تغيرت خلال هذه المدة من حيث الشكل فقط ولكن من حيث المضمون ظلت محتفظة على نفس النمط من الحكم الديني الاستبدادي الشمولي العنصري الاسري والطائفي. في وقتنا الحاضر, اصبح من متطلبات الحكم وجود ما يسمى بالمعارضة. المعارضات العربية ارتأت ايضا بدورها ان تتمسك بالورقة الدينية لانها لا تستطيع ان تدفع ثمن ما ستخسره من شعبية في حال انها تخلت عن الورقة الدينية لذلك تمسكت بالدين لكي تجعله مطية للوصول الى الحكم ولكي تلعب نفس لعبة نظام الحكم الدينية وتنافسه باوراقه وادواته ذاتها. وبذلك اصبح كل من الحكام ومعارضيهم يتنافسون على المزايدة على الدين الاسلامي لكي يضعوه الى جانبهم وبالتالي استخدام مزايا هذا الدين من اجل كسب الاغلبية الى صفهم باستغلال عواطفهم الدينية.

 في هذه المقالة, سنعالج مشكلة المزايدة على الاسلام بين الحكام العرب ومعارضتهم من خلال المحاور التالية: فضح طرق استغلال الدين الاسلامي من قبل الحكام العرب, فضح طرق استغلال الدين الاسلامي من قبل المعارضة, فضح التنافس الغير شريف بين الحكام العرب ومعارضيهم في استغلال الدين الاسلامي, وننهي الموضوع بخاتمة.

 فضح طرق استغلال الدين الاسلامي من قبل الحكام العرب,

 يتمسك الحكام العرب بدساتيرهم ببند يقول بان الدستور مستمد من الشريعة الاسلامية ويدعون بان دساتيرهم لا تخالف الشريعة الاسلامية . وكذلك يفعلون عندما يوقعون على المعاهدات الدولية حيث اعتادوا ان يشرطوها بان لا تخالف الشريعة الاسلامية. هذا البند بالدساتير العربية والاسلامية هو بند عنصري فيه تمييز ضد المواطنين من غير المسلمين. خطورة هذا البند تأتي من انه يقنن التمييز ضد هؤلاء المواطنين الغير مسلمين ويجعل من اضطهادهم امرا مشروعا ودستوريا. وبالرغم من ادعاء هذه الانظمة بانهم يساوون بين جميع المواطنين الا انهم يحتفظون بهذا البند بدساتيرهم لكي يزايدون به على معارضيهم من الاسلاميين وبذلك يسحبون ورقة الاسلام من ايدي معارضيهم ويبقونها حكرا عليهم حيث يسخرونها لخدمة مصالحهم.

فالسادات الراحل اطلق على نفسه لقب الرئيس المؤمن لدولة مسلمة, ومن مآثره انه تلاعب بالاسلام والاسلاميين واطلق يدهم ضد معارضيه من اليساريين والقوميين. ورد عليه الاسلاميون هذا المعروف بانهم ايدوا صلحه مع اليهود المخالف للشريعة الاسلامية ولكن من اجل دفع الديون فالشريعة حمالة اوجه ويمكن التلاعب بها كما يشاؤون لكي تخدم مصالحهم.

 اما حكام السعودية فقد احتكروا لقب خادم الحرمين الشريفين, وهم يحكمون بلادهم من غير دستور, حيث يدعون بان دستورهم هو الشريعة الاسلامية التي شرعها الله لهم.

 ولقد قام حكام السعودية بنشر الوهابية في العالم عامة والدول العربية خاصة, وذلك ردا على عبدالناصر الذي هز عروشهم بتبنيه للقومية العربية. ولقد سخروا لهذا الغرض مليارات المليارات من الدولارت النفطية اي البترودولار. وقد تمخض عن سيطرة الوهابية على الازهر القيام بتجنيد الكثير من الاسلاميين المغرر بهم لصالح تنظيم القاعدة الذي ما زال يعاني من ارهابه العالم بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص.

اما بقية الزعماء العرب مثل القذافي وصدام حسين والملك حسين وغيرهم ..فقد نسبوا لانفسهم بانهم ينحدرون من اسرة نبي الاسلام ولقبوا انفسهم بالاشراف.

 وقد قام صدام حسين باجبار ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث المسيحي على اعتناق الاسلام لكي يغلق على نفسه احتمال انتقاد المعارضة له بانه يتبع حزب مؤسسه غير مسلم. هذا عدا عن كتابتة للقرآن بدمه واضافة جملة ” لا اله الا الله ” على علم بلاده , وما زال يذكر العالم ادعائه بانه قائد وولي زاره الملاك بالحلم وامره بشن حرب لمدة ثمان سنوات ضد ايران لكي يرضي غروره وعقدة العظمة لديه.

ومن مظاهر مزايدة الحكام العرب على الاسلام استخدام خطب الجمعة للدعاء لهم وكيل المديح لهم , وهم ايضا يتغاضون عن اهانة الغير مسلمين وخاصة المسيحيين بهذه الخطب. ولا ينسوا طبعا ان يحثوا هؤلاء الخطباء من تحميل كل مشاكلنا على شماعة اسرائيل والامبريالية.

ان السخاء بتمويل بناء المساجد, والجامعات الاسلامية, و وزارت الاوقاف ورواتب الائمة هي من السياسات المميزة وصاحبة الاولية بالنسبة للحكام العرب.اما الشرطة الدينية او ما يسمى بهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, فهي من ارخص الاساليب واحطها والتي يستخدمها المستبدون العرب لارهاب شعوبهم وترويعها وابقائها تحت السيطرة وقيادتها كالقطيع.

 أي ان الحكام هم الذين يزرعون التخلف ببلادنا ويشجعون على الجهل والخرافة , وبعد ذلك يتباهون في الغرف المغلقة عند مقابلتهم للدبلوماسيين الغربيين بأن شعوبهم متخلفة وهم يسبقون شعوبهم بالتحضر والتمدن وبذلك يقنعون الغرب بافضلية التعامل معهم على التعامل مع المعارضة المتخلفة والمنغلقة, وبذلك يضللون الغرب ويبعدوهم عن مساندة قضايا شعوبهم من حرية وحقوق الانسان.

 من هنا نرى بان الحكام العرب لم يعطوا التنمية والتعليم وحقوق الانسان ما تستحقه من اهتمام, بل كان جل تركيزهم على استقرار حكمهم واستعباد شعوبهم باستخدام وسيلة رخيصة وهي المزايدة على الاسلام.

 فضح طرق استغلال الدين الاسلامي من قبل المعارضة,

 المعارضة الاسلامية وما تتبناه من ادبيات او اجندات مخفية جعلت العلمانيين والوطنيين من غير المسلميين يتوجسون منها ويفضلون مساندة الانظمة الاستبدادية على الوقوع تحت حكمهم مباشرة. وبذلك تسدي المعارضة الاسلامية للانظمة الحاكمة معروفا هائلا من حيث تدري او لا تدري حتى بتنا نشك بان المعارضة الاسلامية هي من صنع النظام الاستبدادي نفسه, مع اننا لا نؤمن بنظرية المؤامرة , الا ان النظام الفاسد الذي يستخدم الدين لاستمراره بالحكم يريد معارضة اكثر سوءا منه وايضا تستخدم الدين في معارضتها لكي يظهر النظام بالمظهر الحسن مقارنة بالمعارضة.

 حتى ان المعارضة اليسارية والتي من ادبياتها الالحاد وعدم التدين تحالفت مع الاسلاميين والاكثر من هذا تمت اسلمة اليسار وادبياته لكي تتوافق مع الشريعة الاسلامية, و للاستفاضة بهذا الموضوع احيلكم الى مقالات الباحث احمد القاضي: ” توطين الماركسية بالخرافات الاسلامية” ومقالة :” تديين كارل ماركس! ” المنشورتين بموقع الحوار المتمدن.

بدل من ان تطرح المعارضة العربية برامج انتخابية تتضمن التنمية وتحسين الاقتصاد والتعليم واحترام الحرية وحقوق الانسان, اخذت هذه المعارضة على عاتقها المزايدة على الاسلام عن طريق تشجيع الاسلمة لكل مرافق الحياة من مواصلات وبنوك ووسائل الاعلام بكل انواعها ولم ينج من الاسلمة حتى الازياء حيث اصبح النقاب والحجاب والجلباب من اهم الشعارات السياسية التي تميز المعارضة الاسلامية. هذا الى جانب الدعوة للاسلام بالساحات والمرافق العامة, والصلاة اثناء ساعات العمل , اما الزبيبة والسجود بالملاعب فحدث ولا حرج فهي ايضا عبارة عن رموز سياسية للمعاضة الاسلامية.

 فضح التنافس الاجرامي بين الحكام العرب ومعارضيهم في استغلال الدين الاسلامي,

 في الدول المتحضرة, تتنافس الاحزاب ببرامجها الانتخابية, حيث تقوم هذه الاحزاب بتقديم سياساتها الاقتصادية مكتوبة بلغة علمية اقتصادية, وفيها يريد ان يثبت كل حزب بانه سيستخدم كل الامكانيات المتاحة باوطانهم لتقديم الافضل لشعوبهم من رخاء اقتصادي وحرية وحقوق انسان وتطوير في كل المجالات من اقتصادية وسياسية وعلمية وثقافية.

 اما في البلدان العربية فالقضية سهلة جدا وما على الاحزاب السياسية الا ان تتنافس بالتملق وبالمزايدة على الدين الاسلامي حتى ولو كان بارتكاب جرائم يندى لها الجبين وتشيب لها الولدان ضد مواطنيهم من غير المسلمين.

اصبح من المعروف بان الاسلاميون من المعارضة وخاصة الاجنحة العسكرية منها يتنافسون باقتراف جرائم ارهابية ضد المسيحيين, مثل تفجير كنيسة بالمصلين, او ابادة جماعية لمجتمع مسيحي صغير ومسالم, او ترهيب المسيحيين المسالمين واجبارهم على الهجرة, او التنكيل بهم و خطف بناتهم القاصر و اجبارهم على الدخول بالاسلام.

 طبعا الهدف البعيد من خطف البنات هو اقلال فرص المسيحيين من الزواج والتكاثر, وهذا اسلوب ثاني اجرامي للقضاء على المسيحيين وتفريغ المنطقة منهم مع العلم بانهم سكان ومواطنون اصيلون من هذه المنطقة وعمرهم بعمر تاريخ هذه المنطقة المتوغل بالقدم.

ومن اعما ل المعارضة الاسلامية ايضا السطو على مشاغل الغير مسلمين وقطع رزق عيشهم, وهناك ايضا الكثير من هذه الجرائم والتي اصبحت روتينية.

 هنا تصبح الحكومات التي من واجبها حماية المواطنين, في موقف حرج, لانه اذا قبضت على المجرمين وحاكمتهم فستفقد شعبيتها بين المواطنين لان ما فعله الارهابيون ما هو الا تطبيق لصحيح الدين, ولكي تتخلص من هذا الموقف المحرج وتبقي على مظهرها كحكومة اسلامية بنظر الشعب, تحاول الحكومة عدم القبض على المجرمين او المماطلة بمحاكمتهم او في بعض الاحيان يتم الادعاء بان مرتكبي هذه الجرائم لديهم امراض عقلية لتجنيبهم العقاب. كما تلجأ هذه الحكومات الى تخليص المجرمين الاسلاميين من العقاب عن طريق فرض صلح عرفي او ما يسمى بجلسات العرب, وبذلك يضيع دم المسيحيين هدرا.

 وهذا تصرف بمنتهى الخطورة لان الدولة بذلك تعطي الضوء الاخضر لبقية ابناء الشعب بان قتل المسيحيين يمر بدون عقاب لان قتلهم مشرع بالاسلام. ولكي يزيدوا من القهر ضد المسيحيين يقوم بعد ذلك المسلمون مجاهرة بتمجيد بطولة الارهابيين بقتل المسيحيين ويتم تمجيد اسرهم ويصبح الارهابي بمنزلة الولي لان مصيره في الجنة حيث الغلمان والحوريات لان هذا ما يعدهم به الدين الاسلامي عندما يقتلون غير المسلمين. اي بسبب هذه المنافسة على المزايدة على الاسلام بين الحكومة والمعارضة اصبح ارتكاب المجازر ضد المسيحيين بالبلاد العربية من ارخص ما يكون, حيث ما على امراء الارهاب الاسلامي الا ان يأتوا بانسان مسلم فقير عاطل عن العمل وقد اسودت الدنيا بوجهه , ويقومون بعملية غسيل لدماغه بضرورة قتل المسيحيين الكفار , ويتم وعده بالجنة والحوريات والغلمان, والاكثر من ذلك يتم الضمان له بان العدالة لن تطوله وانه سيتم توكيل افضل المحامين له , بدليل ما حدث في المرات السابقة من الجرائم ضد المسيحيين.

 وبالفعل يتم توكيل افضل المحامين له فاما ان تتم تبرئته اوان تتم المماطلة بمحاكمته الى ما لا نهاية او تتم تسوية الامر عرفيا كما اسلفنا سابقا او يتم تلفيق تقرير طبي لجنونه.

لقد اصبح الاجرام من قبل المتأسلمين سهلا ورخيصا بحيث اصبح المجرم يذهب الى تنفيذ جريمته وهو يبتسم ومطمئن بان مكروه لن يصيبه, وشعرة من رأسه لن تمس.

 للاسف لايعامل الحكام العرب المسيحيين كمواطنين ولكن يعاملوهم كورقة للمساومة والتفاوض يحتفظون بها لوقت الحاجة اوعندما تستدعي الضرورة. فاذا كان من مصلحة هذه الانظمة ان تلعب بالورقة الطائفية لسبب او لاخر فهي لن تتوانى عن هذا

على سبيل المثال يمكن ان تلعب هذه الانظمة بالورقة الطائفية, اذا ارادت ان ترسل رسالة للغرب بان المعارضة هي الخيار الاسوء وان التعامل مع انظمتهم هي افضل الخيارات وبذلك يستجدون الدعم لانظمتهم . مثال اخر على استخدام الورقة الطائفية , هو ان ترسل رسالة للشعب بان الخيارات الموجودة من المعارضة هي سيئة جدا فتذكرهم بمساوئ الاسلاميين ومساوئ حكمهم وذلك باثارة فتنة طائفية ما.

ان ما حدث ويحدث بكل من مصر والعراق يمكن ان يحدث بسوريا ولبنان والاردن فكما اسلفنا فان المسيحيون بالنسبة للانظمة العربية هم عبارة عن ورقة يتم اللعب بها وقت الحاجة من اجل استقرار واستمرار وتثبيت حكمهم ولو على حساب قتل المسيحيين.

 ومن هنا نرى بان الحكام العرب والمعارضة بالدول العربية, بالواقع, يتنافسون بالمزايدة على الاسلام , وكل منهم يريد ان يسجل الاسلام ويطوبه باسمه الشخصي , لكي يسخره لخدمته ومصالحة وحفاظه على السلطة ,او لوصوله للسلطة , وللأسف نجحوا بذلك نجاحا باهرا بمنتهى الخساسة .

 اما الخاسر الاكبر من هذه المنافسة الاجرامية هي الاوطان والشعب بشكل عام والاقليات بشكل خاص وخاصة الاقلية المسيحية منها. وبهذه الطريقة الرخيصة تم اقصاء شعوبنا عن الحداثة والديمقراطية والتقدم العلمي وحقوق الانسان والازدهار والرخاء. ان البضاعة التي لفظتها الامم ووضعتها على رفوف المتاحف والتاريخ وحجرتها ضمن معابدها وجعلتها مسألة شخصية فردية لاتهم احد, ما زالت في اوطاننا بضاعة رائجة لها الاولوية وتصرف من اجلها الميزانيات الضخمة, حيث انه بواسطتها يتم تسيير الشعوب واللعب بعواطفها, وبواسطتها يتم تسيير الحكم الاستبدادي. نقصد بهذه البضاعة هي الدين وفي حالتنا العربية هي الدين الاسلامي.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 4 Comments