خمس الساده وفائض القيمه

خمس الساده وفائض القيمه

سرمد علي الجراح

هنالك معركه حامية الوطيس بين المعلمَيْن الاستاذين يعقوب ابراهيمي وحسين علوان حسين, وكذلك جمهور من الاخوات والاخوه المعلقين, حول تفسير أيات رأس المال (المال هنا ليس مايرد باللهجه العراقيه كناية عن العضو الجنسي, جان صار خوش رأس مال) للخليفه الراشد كارل بن ماركس الزنديق عليه السلام
وبما إن رأس المال حمالة أوجه, ولا يمسه إلا المطهرون, كما صرح بذلك الصحابي الجليل معمر القذافي اللي راحلكم فدوه
فلذلك آليت أن أنأى بنفسي عن هذه المعمعه
ولكني هنا أود أن أسأل كل الراسخين في العلم والمتبحرين في فائض القيمه والتمن, هل توقع ابن ماركس أن يكون لخمس الساده تأثير ضاهر أو باطن على فائض القيمه والهريسه؟
وهل توقع السيد كارل هو أو ربه عندما كتب كتابه المقدس, أن سيأتي في بلد مثل العراق أناس, ينتجون فائض قيمه, بدون ايدي عامله او اله او مواد اوليه؟؟ يبيعون جنه مو ملكهم ومحد شافها, ولو يجي ماركس و أجداده مايعرفون سعر الكلفه مالتها شكد!!
لا وشلون فائض قيمه يقبضون, لافلس ولافلسين!!
زين إذا إنته رأسمالي أو رأسمالك – حتى ماتزعلون- وبالعراق, شلون تحسب سعر الكلفه حتى تكدر تحدد فائض القيمه؟
قصدي أكو معادله رياضيه علميه تكدر تغطي هيج بلد؟
 خلي نجي على كل الفقرات وحده وحده
الايدي العامله: لو نسميها الايدي اللطامه هوايه أحسن!! شلون يكدر صاحب العمل يحسب ساعات العمل وبالشهر أكو خمسه وثلاثين يوم عطله
الطاقه: لك هلو عيني, لو يشغل المعمل على ض…ط  زوار العتبات المقدسه, أحسن هوايه من كهرباء حكومة المالكي
المواد الاوليه: هاي الوحيده متوفره إذا عندك دولارات بالخارج وتستورد من ايران
كل هذه الكلف لاتشكل خمسه بالميه من سعر الكلفه النهائي!!
لأن يجب عليك  أن تحسب الرشاوي والعمولات والأتاوات والخاوات وكعدات الكاوليه والحشيش, التي ستدفها لكل المخلوقات التي تصادفها في طريقك, وحتى من لاتصادفه من المسؤولين, أو أي  مخلوق فضائي مر بالصدفه فوق سماء العراق, وحتى القطط والكلاب السائبه أو أعضاء جيش الطرشي
ثم بعد ذلك عليك أن تحسب خمس الساده من السعر أعلاه, زائد فائض التشريب
الخلاصه يا أخوان نحن على بعد ملايين السنين الضوئيه  عما تحدث به الحاج ماركس, فلماذا هذه الدوخه؟
لكن هنالك طريقه سهله لاستحصال فائض  الهبيط, بدون تعب واسرع من عفريت سليمان اللي جاب عرش بلقيس برمشة عين
هذه الطريقه تعتمد على موهبتك في اللواكه وقدرتك على رؤية الغنيمه عن بعد, وشم الدسم بأنف خارق الحساسيه كما فعلت السيده سندس عمر علي!!
وللتعريف بسيادتها, فهي سعادة سفيرة العراق الفائض كليا عن أي قيمه!!, في مملكة النرويج
فقد نشرت الصحف في النرويج خبرا مفاده  إن سعادة السفيره اشترت فيلا بسعر ثمانية ملايين دولار والدفع نقدا!!
يقال عندما اخبرت أحد أقاربها الحفاي بأنها اشترت الفيلا. تعجب وقال لها: بشرفك؟؟
فقالت: لعد بعربانة اللبلبي مال الخلفك!!
سفيره من سنتين وتوصل هيج مواصيل!!
عمي انتي تنطين دروس بالاقتصاد لماركس وكنز, وياريت ادخل على ايدج دوره و إلج خمسين بالميه من فائض اللفط 
هذا (المال) اللي يشتغل عدل وبيه حظ!!
مو المساكين يعقوب وحسين وسرمد اللي كضوا عمرهم بين الكتب ودوخة (الراس) الى ان راح (المال)
مع اعتذاري للأساتذه الكرام
الرابط ادناه للخبر المنشور في الجريده النرويجيه
http://www.budstikka.no/%C3%B8konomi-bolig/iraks-ambassador-kjoper-luksusvilla-i-berum-for-45-2-mill-1.7358977
سرمد الجراح
s.aljarra7@gmail.com

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

هل من ثقافة تنقذ تلك الأمّة..؟!!

هل من ثقافة تنقذ تلك الأمّة..؟!!

وفاء سلطان

يعتب عليّ الكثيرون من القرّاء والأصدقاء، لماذا؟
لأنني، وعلى حدّ تعبيرهم، لا أتفاعل مع الأحداث اليوميّة التي تقع على امتداد عالمنا العربي وأتعامل معها ببرودة أعصاب تستدعي التساؤل، أقصد تساؤل القراء!!
يسألني قارئ عزيز عليّ: هل تتجاهلين أم تجهلين مايحدث؟!!
ويتابع آخر: هل علينا أن ننتظر أحداثا أكثر أهميّة مما يجري للأقباط في مصر أو العمليات الانتحارية شبه اليوميّة في العراق، أو ماجرى وما زال يجري على الساحة السوريّة، حتى نقرأ لك تعليقا؟!!
لماذا لاتمرّين، ولو مرور الكرام، على تلك الأحداث في محاولة لاقناع قارئك بأنك على اتصال واهتمام بالوطن الأمّ؟!!!
وتنهمر عليّ الرسائل الإلكترونيّة التي تحمل نفس السؤال دون أن تأخذهم بي رحمة!!
*************
غريب أمري، أم أمر هؤلاء؟!
مايدهشهم ويثير تساؤلهم قد يبدو بالنسبة لي، ورغم أهميّته، أمرا عاديا لايصل الحد الذي يثير قريحتي كي أكتب عنه بشكل يومي!
لقد كتبت وما زلت أكتب عن الأسباب والعوامل التي أدت، ومازالت تؤدي، إلى هذا الواقع العربي المهين. ولو يتذكّر قارئي كل ما كتبته لما سألني لماذا لاتتفاعلين مع الأحداث بشكل يومي!
أبدو أنني أختلف عنهم في تلك النقطة، فأنا عندما يمرّ يوم ولا أقرأ عن قتل متعمّد أو جريمة أو غزوة أو اغتصاب أو اضطهاد أو ماشابه أستغرب وأقول مالذي يجري؟! هل ملّ عالمنا العربي القتل والاضطهاد والظلم؟
ألف وأربعمائة عام ونحن نملأ برميلا بالبارود، وكلمّا امتلأ نضغطه أملاً في بقعة فراغ تسمح بدكّ المزيد من البارود!
قضيت عمري كلّه بين دفتي كتاب. كل العلوم التي نلتها أكّدت لي بأنّ الانسان ناتج تربوي وهو حصيلة مازرعه والداه ومجتمعه في حقله!
لايمكن أن يخرج قمحا إذا زرعوه شعيرا، ولا يمكن أن ينبت شوكا إذا بزروه وردا!
ولو حدث عكس ذلك لكذّبت كل كتبي ولكفرت بكلّ علومي!
في الكيمياء يقولون: عندما يتفاعل الهيدروجين مع الأوكسجين وتحت ظروف معينة سيكون الناتج ماء!
لم يصدف أن تفاعل الهيدروجين مع الاوكسجين وأعطى زيتا.
عندما يكون الماء هو الناتج لا أحد يكترث ولاأحد يعتبر الأمر حدثا غير عادي، ولو فرضنا أن عالما ما قد أنتج في مخبره زيتا من الماء والأكسجين لارتكس كل العلماء والمهتمين بعلم الكيمياء ولاعتبروا الأمر غير عادي ويستحق الكتابة عنه!
لماذا تريدون أن يفاجئني ماحدث في الاسكندرية عندما هاجم عشرة آلاف مسلم مهووس بتعاليم الرفض والقتل كنيسة مهددين بقتل روادها؟!!
هل تعتبرون قتل راهبة في كنيسة محاطة بعشرة آلاف شخص، رضع كلّ منهم القتل والإرهاب في حليب امّه أمرا غير عادي؟
هل تعتبرون تفجير شاب لنفسه بين مجموعة من الأطفال في بغداد وقتله ثمانية وعشرين طفلا أمرا غير عادي؟
هل تعتبرون قتل الحريري أمرا غير عادي؟
هل تعتبرون موت غازي كنعان، نحرا أو انتحارا، أمرا غير عادي؟
هل تعتبرون الطريقة التي تتعامل بها الحكومة السوريّة مع لجان التحقيق أمرا غير عادي؟
**************
غير العادي، حسب رأيي، أن يمارس الأقباط دينهم بحرية واحترام في مجتمع مسلم ولا يُضطَهدون أو يُقتلون!
غير العادي أن يعيش شيعي مع سني في نفس البلد أو الحيّ أو الشارع ولا ينحر بعضهما البعض الآخر!
غير العادي أن يحكم رجل مسلم لفترة زمنيّة معينة ثم يغادر كرسي الحكم بمل ارادته دون أن يُقتل!
غير العادي أن يختلف الرجال المسلمون ولا يتقاتلون فيقتلون ويقتلون!
غير العادي أن يخرج الى الحياة رجل مسالم، وهو لم يذق في حياته إلاّ حليب البغض والكراهية!
غير العادي أن يتفاعل الأوكسجين مع الهيدروجين ويكون الناتج زيتا!
غير العادي أن تزرع شعيرا وتجني قمحا!
غير العادي أن تقرأ على طفل الآية التي تقول: قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ورسوله.. فيكبر هذا الطفل ليصبح رجلا يحترم كلّ انسان سواء آمن بالله أم لم يؤمن!
*************
أسامة بن لادن حدث طبيعي، رجل مسلم مسالم وعاقل حدث غير طبيعي!
واذا أردنا أن نعكس ذلك الوضع ليستعيد الانسان في أوطاننا انسانيته فيصبح من الطبيعي أن يكون مسالما وعاقلا ومن غير الطبيعي ان يتحول الى بن لادن آخر، إذا أردنا أن نحقق ذلك علينا أن نتبنّى ثقافة جديدة!.
ليست لدينا ثقافة، مارضعناه ومازلنا نرضعه لأطفالنا لا يتعدى كونه مجموعة من التعاليم والعقائد التي خربت أكثر مما أصلحت.
ماذا تعني كلمة ثقافة؟
في اللغة العربية كلمة “ثقّف” تعني قوّم الإعوجاج. يقال ثقّف الغصن أي قوّم اعوجاجه وجعله مستقيما.
هل نحن مستقيمون؟!!
***************
عندما يصبح العادي في حياة أمّة غير عادي، عندما يصبح اسامة بن لادن حدثا طبيعيّا ووفاء سلطان حدثا غير طبيعي، هل نستطيع أن نقول عن تلك الأمة بأنها أمة مستقيمة؟!!
اذا، وببساطة، عندما يعوّج كلّ شيء في حياة امّة تفقد تلك الأمّة مايمكن أن نسميّه ثقافة!!
عندما تنمو شجرة بطريقة معوجّة، نقول:
مسكينة تلك الشجرة! لقد افتقرت الى يد فلاح رحيمة لتقوم بتثقيفها وتقويمها!. وعندما تنمو أمّة بكاملها بطريقة معوجّة نستطيع أن نقول:
مسكينة تلك الأمّة! لقد افتقرت الى كلّ وسيلة من وسائل تثقيف وتقويم الأمم!
الإنسان كالشجرة، لايمكن تقويمه الاّ عندما يكون غضّا. ومتى تجاوز سنوات غضاضته يتصلب ويفتقر الى المرونة التي نحتاج اليها لتثقيفه وتقويمه:
إنّ الغصون اذا قوّمتها اعدلت… ولن تلين اذا صارت من الخشب
نفهم من ذلك بأنّ معظم مانحتاج اليه من ثقافة نتشرّبه في سنوات طفولتنا الأولى. العلوم التي نتلقاها لاحقا لا تفيدنا في شيء مالم تجد لدينا قاعدة ثقافية تستند عليها.
**************
الثقافة تساعد الانسان على استيعاب ما يتعلمه، ثمّ تطبيقه على حياته!
الانسان المعوّج، الذي افتقر الى ثقافة تقوّمه، لا يستطيع ان يستوعب أيّ علم، وبالتالي لا يستطيع أن يطبّقه!
مانفع علوم لا نقدر على استيعابها ولا على تطبيقها في حياتنا؟!
الثقافة هي الوسائل التربويّة التي تقوّم الانسان وتأهله لتطبيق مايتعلّم لاحقا!
والتربية هي الأحكام والقوانين والنظم والضوابط التي تقولب الإنسان بطريقة مستقيمة، طريقة تكسبه هويّته البشرية الإنسانيّة التي تميّزه عن غيره من مخلوقات الطبيعة!
انظر الى الإنسان المسلم كيف يحاور.. كيف يتصرف عندما تختلف معه.. كيف يمشي.. كيف يقضب حاجبيه.. كيف يقطع الطريق.. كيف يقود السيارة في شوارع بلاده.. كيف يناطح في الأماكن المزدحمة.. كيف يرمي بالاوساخ من شرفة بيته وعلى قارعة الطريق.. كيف يغش عندما يؤتمن.. كيف يتسيّب عندما يحمل مسؤولية.. كي ينتقم عندما يبغض.. كيف يتكاثر.. كيف يعامل زوجته وأهل بيته!
عندما تراقبه عن كثب تلاحظ بأنّه يعيش حياته بلا ضوابط، وبالتالي بلا ثقافة!
فالثقافة هي نظم ومثل وضوابط. بل، باختصار، هي المسطرة التي تستخدمها لرسم خط مستقيم لا عوجاج فيه!
عندما تقرأ حديث نبوي يقول: “اذا بايعتم خليفتين فاقتلوا واحدا منهم” تتساءل: عندما يكون القتل هو الضابط الوحيد ما مصير الأمّة التي تتبنى ثقافة كهذه؟!!
الطفل الذي يتشرّب ثقافة هذا الحديث كيف سيستطيع لاحقا أن يستوعب ما يتعلمه عن الضوابط والقوانين في المجتمعات الديمقراطيّة ويطبّقها على حياته ومجتمعه؟!!
قرأت مؤخرا مقابلة مع جندي أمريكي في العراق، قال بالحرف الواحد: أكره حياتي هنا! شعب غريب عجيب! تطلب منه الوقوف بالدور أكثر من مائة مرّة فلا يردّ، وعندما يأتي جندي عراقي ويضربهم بالعصا يقفون جميعهم بانتظام. يبدو أنهم لا يفهمون إلاّ بهذا الاسلوب!!
لكي يفهم هذا الجندي سلوك هؤلاء البشر يجب ان يقرأ هذا الحديث النبوي!! يجب، باختصار، ان يفهم الثقافة التي أنجبتهم!
***************
الأمم المتمدّنة هي أمم منضبطة، تحكمها قوانين ومبادئ ونظم، وهنا تكمن ثقافتها.
الأمّة الاسلاميّة أمّة تفتقر الى ثقافة، وفقرها الثقافي المدقع تسبب في إنتاج انسان معوّج لم يستطع أن يستفيد من بحور العلوم التي أغرقت عالم اليوم!
مابين أيدينا لا يتعدّى كونه مجموعة أعراف وعادات وتقاليد وتعاليم شوهت ولم تقوّم، وخرّبت ولم تَبنِ!
نحتاج اليوم الى بلدوزرات لنجرف أكوام القمامة التي زخر بها تراثنا الثقافي (!!!) والتربوي!!
نحتاج الى عملية تنظيف وتطهير للعقل البشري الذي أفسدته تعاليمنا!
نحتاج إلى إعادة تأهيل الانسان في بلادنا تربويّا وسلوكيّا، ليكون قادرا على أخذ موقعه بين بشر اليوم!
بإختصار، نحتاج الى ثقافة!!
***************
’قتل السيد جبران تويني رئيس تحرير صحيفة “النهار” اللبنانيّة بطريقة لم يقتل على غرارها انسان في بريّة من الوحوش في تاريخ البراري.
أصدر السيّد فيصل المقداد ممثّل سوريّا في الامم المتحدة عقب تلك الجريمة تصريحا وصف به السيد جبران بأنه كلب من كلاب لبنان!
هل أحد يؤمن بأنّ هناك أثرا لثقافة في البيئة التي أنجبت السيّد المقداد؟!!
هل أحد يؤمن بأنّ يدا امتدت لتقوّم هذا الرجل في سنوات طفولته؟
لا أستطيع أن أتصوّر ذلك! فالبيئة التي تمتلك أثرا من أثار ثقافة لا يمكن أن تنجب إنسانا ينحطّ الى ذلك المستوى!!
**************
أثناء الحملة الانتخابية التي قادها بيل كلينتون ومنافسه الجمهوري بوب دول ماتت والدة السيّد كلينتون، وكان كلينتون في جنازتها عندما تهجم عليه دوول بطريقة اعتبرها المراقبون غير اخلاقيّة.
سأل أحد الصحفيين السيد دوول: كيف تقول عن كلينتون بأنّه كذا وكذا في الوقت الذي كان ينعي به والدته؟!!
ردّ دوول: بوب دوول لا يفعل ذلك.. بوب دوول لا يفعل ذلك.. إنّي اعتذر.. إنيّ اعتذر!!
تلك هي أمريكا البلد الغضّ الذي يتّهمه العرب، مثيرين للضحك، بأنّه بلد بلا ثقافة!!
متى يعتذر الممثل السوري كي يثبت للعالم بأنّه يمثّل بلدا ذي ثقافة؟!!
**************
كنت أنتظر دوري في مكتب ترجمان محلّف كي أصدّق بعض الوثائق التي احتجت اليها هنا في أمريكا.
في غرفة انتظار ذلك المكتب انتصبت خزانة صغيرة تغصّ ببعض الكتب العربيّة.
مددت يدي وتناولت كتابا منها لا على التعيين، في محاولة لقتل الوقت!
عنوان الكتاب: “تهذيب سيرة ابن هشام” للكاتب عبد السلام هارون. وكعادتي عندما أتصفّح كتابا بالصدفة، فتحت على صفحة لا على التعيين ورحت أقرأ:
عن أبي قتادة قال:
“رأيت يوم حنين رجلين يقتتلان، مسلما ومشركا، واذا رجل من المشركين يريد ان يعين صاحبه المشرك على المسلم، فأتيته وضربت يده فقطعتها، واعتنقني بيده الآخرى، ولولا ان الدم نزفه لقتلني، فسقط فضربته فقتلته. واجهضني عنه القتال، فمرّ به رجل من أهل مكّة فسلبه. فلما وضعت الحرب وفرغنا من القوم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “من قتل قتيلا فله سلبه”. فقلت: يارسول الله! لقد قتلت رجلا ذا سلب، فأجهضني عنه القتال فما ادري من استلبه!
فقال رجل من اهل مكّة: صدق يارسول الله، وسلب ذلك القتيل عندي، فأرضي عليّ بما سلبته.
فقال ابو بكر الصديق: لا والله لا يرضى عليك، أتعمد الى اسد من اسود الله يقاتل عن دين الله وتقاسمه سلبه؟!! اردد عليه سلبه!
فقال رسول الله (ص): صدق، اردد له سلبه!
فقال ابو قتادة: فأخذت منه سلبه فاشتريت به مخرفا، فإنّه لأول مال اعتقدته (أي ملكته)”
*************
في امّة يكتسب فيها أبو قتادة أول مال يملكه عن طريق القتل والسلب، لايمكن أن توجد ثقافة!
في أمّة تؤمن بأن قانون محمّد ـ للقاتل ما سلبه! ـ هو قانون إلهيّ، لايمكن أن تتبلور ثقافة!
في أمّة تسمح بقتل انسان ببساطة لأنه لايؤمن بشريعتها، تحتاج إلى ثقافة! وأيّة ثقافة؟!!
ثقافة تصنع من المخلوق البشري إنسانا!
ثقافة تغسل عقل أبي قتادة وتنظّف نفسه، ثقافة تقوّم خُلقه، ثقافة تعلّمه كيف يبني علاقاته، كيف يقبل غيره وكيف يجمع ماله!
إنّ الكتب التي تروي حكايا أبي قتادة وأمثالها ليست ثقافة، بل هي معاول تهدم كلّ محاولة لتثقيف الإنسان!
هذه الكتب هي التي أنجبت السيّد المقداد فجرّدته من كل اعتبار!
هذه الكتب هي التي أنجبت هؤلاء العشرة آلاف متعطّش للدماء الذين أحاطوا كنيسة محرّم بك في الاسكندرية وهددوا بقتل روّادها!!
هذه الكتب هي التي اغتالت الحريري!
هذه الكتب هي التي ان أنجبت غازي كنعان وهي التي نحرته!
هذه الكتب هي التي سمحت للسلطات السوريّة بأن تماطل وتتلاعب وتتهرب من مواجهة مسؤولياتها أمام المجتمع الدولي!
هذه الكتب هي وصلت بنا الى تلك الحالة المعوجّة والميؤوس من تقويمها!
هذه الكتب لم تقوّم بل عوّجت!
هذه الكتب ليست ثقافة، بل زبالة تعفّنت وعفنّت معها أمّة بكاملها.
نحتاج إلى حرقها، ثم إلى طمرها في سراديب لا قرار لها!
وإذا كنّا بحاجة للعالم المتمدّن فلسنا بحاجة في تلك المرحلة الاّ الى بلدوزراته، كي تجرف أكوام زبالتنا وتساعدنا على حفر سراديب كي نطمرها.
***************
براميلنا امتلأت، وحريّ بنا أن ننظفها قبل أن نضع فيها شيئا جديدا ومفيدا!
عمليّة تفريغها أصعب بكثير من إعادة ملئها!
اعطني طفلا صغيرا أستطيع أن أصنع منه رجلا مستقيما!
لكنّني، وعلى الأغلب، لا أستطيع أن أعيد صياغة رجل مشوّه لأجعل منه مخلوقا نظيفا قابلا لأن يتعلّم ويتثقّف.
لقد استطعت أن أصنع من اولادي بشرا يحترمون غيرهم ويقبلون من يختلف معهم، لأنهم لم يتربّوا داخل تلك البراميل. لكنني أبدو عاجزة عن إقناع رجل كالسيّد المقداد، الذي وللاسف يمثّلني كسوريّة في الأمم المتحدة، لا أستطيع أن اقنعه بان كلمة كلب لا تقال بحق انسان حتّى ولو كان عدوّه وخصوصا عندما يكون في رحاب الله!
****************
أنا لست مشغولة عن قضاياكم، لكننّي في حالة بحث دائم عن بلدوزر!!
هذا البلد الذي أعيش فيه غنيّ ببلدوزراته، كما هو غنيّ بثقافته، فلا تقلقوا عليّ وانتظروا منيّ المزيد!
*******************

Posted in فكر حر | Leave a comment

خداع وتناقضات القرضاوي 1

خداع وتناقضات القرضاوي 1

كامل النجار

الشيخ القرضاوي يستغل جهل العامة بالقرآن والسنة وبتاريخ الإسلام الدموي ليبيع لهم الادعاء بأنه من شيوخ الوسطية وبأن الإسلام دين السلام، وكلا الادعاءين كذب. وقد قال أحد الحكماء: تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت. والمخادع دائماً يكذب ويُدخل نفسه في تناقضات تكشف أمره. وخداع وتناقضات الشيخ القرضاوي أكثر من أن نشملها في مقال واحد، ولذلك أخترت واحدة من محاضراته لهذا المقال، وإحدى حلقات “الشريعة والحياة” لمقال آخر، لأبين نوعية الخداع الذي يتفوق فيه الشيخ القرضاوي على بقية الشيوخ
فإذا أخذنا مثلاً محاضرته عن “النفس المعصومة” بتاريخ 23 ديسمبر 2007، نجد أن المحاضرة كلها تناقضات والتفاف حول الحقائق. حتى عنوان المحاضرة يتناقض مع محتواها. فالعنوان يقول “النفس المعصومة” ونفهم منه أن النفس المعصومة هي نفس كل إنسان، بصرف النظر عن معتقداته الدينية أو إثنيته أو لونه أو حجمه. ولكن الشيخ عندما يتحدث عن النفس يقصد فقط نفس المسلم، كما بدا واضحاً من الأحاديث التي أوردها. فهو يقول (حرَّم الله سبحانه الدماء والأموال والأعراض، وأكَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حرمة هذه الثلاثة، في حَجَّة الوداع، على ملأ من المسلمين، حيث يسمعه عشرات الألوف، في هذه البلد الحرام، وفي اليوم الحرام، قال لهم: “إن الله حرَّم عليكم دماءكم وأعراضكم وأموالكم؛ كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا”، وقال: “كُلُّ المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله”) انتهى.
أولاً: الشيخ مغرم بالمبالغة، فهو يقول إن خطبة النبي سمعها عشرات الألوف ولكنه لم يقل لنا كيف أسمع النبي خطبته لعشرات الألوف يوم حجة الوداع، هل كان لديه مايكرفون كالذي يستعمله الشيخ في محاضراته ليُسمع العشرات، وليس الألوف؟ فالمتحدث الذي يقف على صندوق خشبي بركن “هايد بارك” بلندن، بالكاد يسمع حديثه خمسون أو ستون شخصاً من مجموع الناس المتجمهرين حوله، بينما يكتفي الباقون بتفسير حركات الأيدي وربما قراءة الشفاة. وربما يكون هذا من أحد أسباب اختلاف الأحاديث المحمدية. فالذين كانوا بالقرب من النبي سمعوه، أما عشرات الالوف الذين كانوا حول الكعبة يوم حجة الوداع لم يسمعوا منه مباشرة لبعدهم عنه وإنما سمعوا عن من سمعه، أو عن، عن، عن من سمعه. ولا يستطيع أحد أن ينقل خطبة كاملة لغيره من الناس. ومن هنا بدأ الاختلاف في ما قاله النبي لأن الأقوال تتغير مع عدد ناقلي القول. ثانياً: أن الأحاديث التي أوردها الشيخ تتحدث فقط عن النفس المسلمة، فنفس الكافر غير معصومة في الإسلام. فعنوان المحاضرة لا ينم عن محتواها.
ويستمر الشيخ فيقول (ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: “لو أن أهل السماوات وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبَّهم الله في النار”) انتهى. فإذاً نفس المسلم فقط هي المعصومة والتي من الممكن أن يُلقي الله كل البشرية في النار من أجلها. ولكن الشيخ يناقض نفسه ويقول لنا (ذلك أن هذا الإنسان بُنيان الله تعالى، ولا يحق لأحد أن يَهْدم هذا البناء، إلا صاحبه وبانيه، وهو الله عز وجل) انتهى. ونفهم من هذه الجملة شيئين: أما أن كل الناس هم بنيان الله وبالتالي أنفسهم معصومة، أو أن الكافر ليس إنساناً، فالإنسان هو المؤمن فقط حسب الأحاديث. فمن يا تُرى بنى نفس الإنسان الكافر؟ فيبدو من كلام الشيخ أن الله لم يبنِ إلا النفس المسلمة ولذلك جعلها معصومة.
ويحاول الشيخ أن يستدرك هنا فيقول (لقد حرَّم الله هذه الدماء، وجعل لها هذه المنزلة، وحرَّمها في سائر شرائعه، وفي كافة رسالاته ودياناته: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} [المائدة:32].) انتهى.
فشريعة بني إسرائيل كانت أكثر إنسانية من شريعة الإسلام، لأن الله كتب على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً ولم تُعرّف النفس بأي هوية أو معتقد أو لون أو أيدولوجية، بينما شريعة الإسلام تُعرّف النفس بالنفس المؤمنة فقط. وحتى النفس المؤمنة نفسها أدخل عليها الفقهاء شروطاً سوف نتعرض لها لاحقاً.
وتظهر محاولة الخداع في هذه الجملة (لا يجوز أن تُقتل نفس بغير حق … أي نفس معصومة، صغيرة كانت أو كبيرة، نفس غني أو نفس فقير، نفس أمير أو نفس خفير … كل نفس، حرَّم الله قتلها ما دامت غير معتدية بالكفر أو بالظلم، {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام:151].) انتهى.
يقول الشيخ (أي نفس معصومة، صغيرة كانت أو كبيرة. كل نفس حرّم الله قتلها ما دامت غير معتدية بالكفر) فإذاً أي كافر يُعتبر معتدياً على الإسلام بكونه كافراً لم يؤمن بمحمد، ولذلك يُباح دمه، ونفسه غير معصومة كنفوس المؤمنين. فالشيخ حاول التمويه عن هذه الحقيقة وبدل أن يقول إن نفس الكافر غير معصومة، قال إن كل نفس معصومة ما دامت غير معتدية بالكفر.
يقول الشيخ إن الإسلام يبيح القتل في ثلاث حالات فقط: الحالة الأولى ( الزاني المُحصَن المُتزوِّج، فمن زنى وهو مُتزوِّج بعد أن عرَف الطريق إلى الحلال الطيب، وعرَف نعمة الله عليه بالزوجية، ونعمة الله عليه بظلِّ الأسرة يظلِّله، بعد أن عرَف ذلك، ثم خان زوجته، أو عرَفت المرأة ذلك، ثم خانت زوجها؛ مَن فعل ذلك فقد استحقَّ الموت) انتهى.
ولم يذكر الشيخ للمستمعين أنه شارك في مؤتمر فقهاء الإسلام بمكة والذي أباح زواج المسيار وزواج الفرند الذي اقترحه الشيخ اليمني الزنداني وغيره من أنواع الزواج المؤقت الذي هو نوع من الدعارة المقننة. فالرجل المتزوج يدفع لامرأة أخرى مبلغاً من المال ويتفق معها على أن تظل ببيت أهلها ويأتي هو لها مرة أو مرتين بالأسبوع ليمارس معها الجنس ثم يذهب إلى زوجته، ولا حق لهذه المرأة الأخرى عليه. إذا لم تكن هذه دعارة وخيانة للزوجة، فما هي الدعارة وما هي الخيانة الزوجية؟ هل أوصى الشيخ برجم هؤلاء المسلمين؟
وفي محاولة لإضفاء الشرعية على ما يقوله الشيخ، أتى لمستمعيه بقصص وهمية من التراث فقال (رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجلاً اسمه ماعز، ورجم امرأة من غامد تعرف بالغامدية، ورجم يهوديين، وأمر أحد أصحابه -واسمه- أُنيس أن يرجم امرأة زنت وهي متزوجة -إذا اعترفت بذلك- فاعترفت فرجمها) انتهى.
هل ممكن أن تقبل أي محكمة في الدنيا بمثل هذه الشهادات؟ رجم الرسول رجلاً اسمه ماعز. هل أتى ماعز هذا من لا شيء. ألم يكن له أهل وأب وقبيلة فيعرّفونه بها؟ ومتى زنى هذا الماعز وفي أي بلدة وماذا حدث للمرأة التي زنى بها؟ وإذا كانت هذه أول حالة يأمر النبي فيها بالرجم، ألا نتوقع أن يؤرخ لها المسلمون وقتها ويذكروا لنا تفاصيلها كاملة، فهم قد أرخوا وذكروا حتى أسماء حمير وسيوف النبي، أيكون السيف أهم من اسم أول امرأة رجمها النبي؟ ثم هل يُعقل أن يأتي اليهود للنبي ليحكم لهم على المرأة والرجل الذين زنيا، وعندهم التوراة وهي أقدم رسالة سماوية مكتوبة؟ والقرآن نفسه يقول (إنا أنزلنا التورات فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار) (المائدة 44). فأحبار اليهود يحكمون بتوراتهم التي بها حكم الرجم للزاني. وكيف يأتي اليهود للنبي ليحكم بينهم وهم لم يصدقوا أنه رسول؟ وكذلك يقول ابن رشد القرطبي في قصة الرجم (وكذلك ما خرّج أهل الصحاح عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أنهما قالا “إن رجلا من الأعراب أتى النبي عليه الصلاة والسلام قال: يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله، فقال الخصم وهو أفقه منه: نعم اقض بيننا بكتاب الله وائذن لي أن أتكلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قل، قال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته، وإني أّخْبرت أن على ابني الرجم فافتديته بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله: أما الوليدة والغنم فرد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، فغدا عليها أنيس فاعترفت، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام بها فرجمت) (بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج2، ص 852). ويكفي أن الحديث رواه أبو هريرة. فالنبي هنا لم يحكم بكتاب الله وإنما حكم بما قاله الإعرابي له. فكتاب الله يقول بجلد الزانية مائة جلدة. ثم من هم أهل العلم الذين قالوا له إنّ على ابنه جلد مائة وتغريب عام؟ وهل كان أحد يفتي والنبي موجود بينهم؟ لم يكن أحدهم يبدي رأياً والنبي حي بينهم لدرجة أنه سأل أصحابه في مكة: في أي بلد أنتم؟ فبدل أن يقولوا “مكة” قالوا: الله ورسوله أعلم. وكيف يحكم النبي بجلد الفتى المتهم بالزنى وهو لم يسمع منه؟ هل يكفي أن يقول الرجل إن ابنه زنى. أين الشهود الأربعة الذين رؤوا الميل في المكحلة؟ هل اكتفي الرسول بالشهادة السماعية فقط؟ يستعمل الشيخ وأمثاله هذه القصص الموضوعة ليعارضوا صريح نص القرآن الذي يقول (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة). والغريب أن هذه الآية جاءت في سورة النور وهي آخر سورة نزلت من القرآن. فهل من المعقول أن يُنزل الله القرآن على مدى ثلاث وعشرين سنة، وفي آخر سورة منه يأتي بحكم الجلد ثم يقول سراً للنبي أرجم الزانية؟ فأما أن يكون الله متردداً في أحكامه أو يكون الشيخ وأمثاله قد افتروا على الله الكذب، خاصة وأن بداية سورة النور تقول (سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون). فكيف يقول الله في آخر سورة أنزلها أنه فرضها فرضاً على الناس وأنزل فيها آيات بينات، منها جلد الزانية والزاني، ثم يقول لنبيه سراً أرجم الزانية؟
واقرءوا هذا التبرير من الشيخ (وكأن القرآن الكريم يُشير إلى أن المسلم المُحصَن المُتزوِّج ليس من شأنه أن يزني، فلم ينزل في شأنه قرآن، بل تُرك القرآن ذلك، ليُعلِّم الناس وليدلَّ الناس بالإشارة والإيماء على أن هذا أمر لا ينبغي أن يقع فيه المسلم المُحْصَن) انتهى.
أي أفك هذا؟ فإذا كان المسلم المتزوج ليس من شأنه أن يزني، أي أنه معصوم من الزنا، ولذلك لم ينزل في شأنه قرآن، أليس المسلم من شأنه ألا يقتل أو يسرق؟ فلماذا أنزل في شأنه قرآنٌ يحدد العقوبة؟ أم أن الزنى في الإسلام أكثر ضرراً من القتل؟
ويستمر الشيخ في مخادعته للبسطاء فيقول (لا تظنوا أن الإسلام منع الزنى وحاربه بمجرد الرجم أو الجلد … ولكن هذه هي الوسيلة الأخيرة التي لا يُغني شيء عنها… كما حارب الإسلام الفواحش بتطهير المجتمع من أسبابها ودواعيها، التي تدعو إليها، وتغري الناس بها، وتجرِّئهم على ارتكاب الحرام. فالكلمة الخليعة، أو الصورة العارية أو شبه العارية، أو الأغنية المثيرة، أو كل ما نرى ونسمع في هذا العصر من أساليب الإغراء، والدعوة إلى الفجور، يُحرِّمه الإسلام) انتهى.
فإذا كانت الصور والموسيقى هي التي تدعو إلى الرذيلة والزنا، فهل كان الصحابي المغيرة بن شعبة يستمع إلى أغاني البوب عندما زنى بأم جميل وشهد عليه ثلاثة من الصحابة بأنهم رؤوا الميل في المكحلة وتردد الرابع وقال إنه رأه بين رجليها وسمع أصوات النكاح لكنه لم ير الميل في المكحلة؟ أتقوا ربكم أيها الشيخ. قرآنكم يقول (وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) (القصص 77). دع الشباب يستمتعوا بنصيبهم من الحياة الدنيا من الموسيقى والغناء والصور.
الحالة الثانية التي يبيح فيها الإسلام القتل هي قتل النفس التي حرّم الله، كما يقول الشيخ (أي مَن قتل نفسا يُقتل، فإن نفسه ليست أفضل ولا أعظم من نفس غيره، فمَن قتل نفسا فقد أهدر عصمة نفسه، وأهدر حُرمة دمه، ويجب أن يقتصَّ منه، كما قال الله عز وجل: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179]) انتهى.
ويتجاهل الشيخ أن يذكر لمستمعيه أن الإسلام لا يعامل المؤمنين بالتساوي، فالآية التي سبقت هذه الآية تقول (يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم القصاص في القتلى الحُر بالحُر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) (البقرة 178). وبناءً على هذه الآية فقد اتفق فقهاء الإسلام بأن الحُر لا يُقتل بالعبد ولا الرجل يُقتل بزوجته أو ابنه إذا مات أي منهما نتيجة تأديبه لهما بالضرب. يقول ابن حجر العسقلاني (ذكر ابن عطية عن الشعبي: أن أهل العزة من العرب والمنعة كانوا إذا قُتل منهم عبد قتلوا به حراً، وإذا قُتلت امرأة، قتلوا بها ذكراً، فنزلت الآية في ذلك تسويةً بين العباد وإذهاباً لأمر الجاهلية) (العُجاب في بيان الأسباب، ص 240). وقال مالك (الحر والعبد إذا قتلا عبداً، يُقتل العبد ويكون على الحر نصف قيمة العبد المقتول (الاستذكار في شرح الموطأ لابن رشد القرطبي، ج8، ص 50). فإذا قتلوا رجلاً بامرأة أو حراً بعبد، تكون جاهلية أما إذا قتل الحر عبداً مؤمناً ودفع قيمته فلا تكن هذه جاهلية. ثم أن فقهاء الإسلام قد أقروا بأن المسلم لا يُقتل بكافر. فأين حرمة النفس التي بناها الله؟
ويقول الشيخ (ولهذا فإن الذين يدعون إلى إلغاء عقوبة الإعدام للقاتل: هم قوم يخالفون عن دين الله، ذلك لأن القصاص مفروض في الإسلام بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة:178]، كما أن الصوم مفروض في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] … فالفريضة في كلا الأمرين سواء … ومن هنا فإن الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام خروج عن دين الله، وتعطيل لحكم مفروض من أحكامه … ومُحادَّة لله ورسوله جهارا علانية) انتهى.
فالإسلام الذي فرض عقوبة القصاص في القتل جعل للأغنياء مخرجاً عنها بدفع الدية لأهل القتيل الفقراء، أو بالعفو إذا كان القاتل من ذوي الجاه والسلطان. وحدد الفقهاء الدية بمائة بعير. فالغني الذي يقتل فقيراً يدفع لأهله مائة بعير ولا يُعاقب بعد ذلك. وعندما قتل الأمير السعودي فهد بن نايف بن سعود الشاب منذر القاضي في عام 2004، عفا والد القتيل عن الأمير ولم يُعاقب البتة مع أنه قتل نفساً بغير حق (إيلاف 1/5/2004). فإذا كانت الآية “كُتب عليكم القصاص” تعني أن القصاص مفروض على المسلمين، فماذا عن الآية (كُتب عليكم القتال” فهل القتال مفروض على كل مسلم، وهل قاتل الشيخ أو قاتل أحد أبنائه؟ وهل الذين ينادون بوقف القتال في العراق يعارضون الله ورسوله؟
ثم يسأل الشيخ عن الذين يطالبون بإلغاء عقوبة الإعدام (لماذا يرأفون بالقاتل المجرم، ولا يرأفون بالمقتول وأهل المقتول؟ إن الذي يستأصل شأفة الجريمة ويقضي عليها أن يُعاقب فاعلها … ويُؤخَذ على يده، ويُردع أن يرتكب مثلها، ويُردع غيره -أيضا- أن يقترفوا مثلما اقترف. وهذا هو الإسلام … {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179].) انتهى
ونحن نسأل: لماذا لم يرأف الإسلام بالمرأة التي يقتلها رجل، فلا يقتل الرجل بقتلها ويدفع فقط نصف دية الرجل، أي خمسين بعيراً فقط. هل نفس المرأة أقل قيمة عند الله من نفس الرجل القاتل؟ ثم أن قتل ورجم الناس لا يمنع الجريمة، والدليل على ذلك أن السلطات السعودية والإيرانية يقتلون كل عام مئات الرجال والنساء في جمهرة من الغوغاء، ومع ذلك تزداد معدلات الجريمة عندهم سنوياً. ثم أن الصين هي أكثر دولة في العالم تعدم مجرميها، ومع ذلك تزداد فيها الجريمة سنوياً. ومنذ ألف وأربعمائة عام يقتل المسلمون القاتل ومع ذلك يستمر القتل في البلاد الإسلامية، فهل منع القصاص الجريمة كما يدعي الشيخ؟
وليقرأ القاريء هذا النفاق من الشيخ (وكان الرومان قبل الإسلام لا يقتلون كل نفس بأي نفس، إنما إذا قتل الشريف رجلا من غير الأشراف والنبلاء، فإنه لا يستحقُّ القتل، ولكن إذا قتل رجل من طبقته، فإنه يستحقُّ القتل …) انتهى
فليقرأ الشيخ هذا المقتطف من ابن رشد القرطبي (وأما الشرط الذي يجب به القصاص في المقتول، فهو أن يكون مكافئا لدم القاتل. والذي به تختلف النفوس هو الإسلام والكفر، والحرية والعبودية ،والذكورية والأنوثية، والواحد والكثير. واتفقوا على أن المقتول إذا كان مكافئا للقاتل في هذه الأربعة أنه يجب القصاص. واختلفوا في هذه الأربعة إذا لم تجتمع. أما الحر إذا قتل العبد عمدا، فإن العلماء اختلفوا فيه، فقال مالك والشافعي والليث وأحمد وأبو ثور: لا يقتل الحر بالعبد؛ وقال أبو حنيفة وأصحابه: يقتل الحر بالعبد إلا عبد نفسه؛ وقال قوم: يقتل الحر بالعبد سواء كان عبد القاتل أو عبد غير القاتل، وبه قال النخعي؛ فمن قال لا يقتل الحر بالعبد احتج بدليل الخطاب المفهوم من قوله تعالى {كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد} ومن قال يقتل الحر بالعبد احتج بقوله عليه الصلاة والسلام “المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم” فسبب الخلاف معارضة العموم لدليل الخطاب، ومن فرق فضعيف. ولا خلاف بينهم أن العبد يقتل بالحر، وكذلك الأنقص بالأعلى.) (بداية المجتهد، ج2، كتاب القصاص، ص 824). فكبار الفقهاء كلهم قالوا لا يقتل الحر بالعبد ولا يُقتل الأنقص بالأعلى. هل يختلف حكم الإسلام عن حكم قدماء الرومان الذي انتقده الشيخ؟
ومرة أخرى اقتصد الشيخ في الحقيقة عندما روى قصة ابن ملجم الذي قتل علي بن أبي طالب، فقال (حينما طُعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في رمضان في سنة أربعين هجرية، وكان الذي قتله غدرا أو اغتيالا عبد الرحمن بن مُلجَم، وقد أمسك المسلمون به، فقال علي رضي الله عنه، إن عشت فأنا مالك أمر نفسي، أقتص أو أعفو، فإن مت فضربة بضربة، وأن تعفوا أقرب للتقوى. هذا هو كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.) انتهى
وقد ذكر الشيخ ما قاله علي بن أبي طالب لكنه لم يذكر لمستمعيه ما فعله أبناء علي بن أبي طالب بابن ملجم. ( دعا عبد الله بن جعفر بابن ملجم ، فقطع يديه ورجليه وسمل عينيه فجعل يقول : ” إنك يا ابن جعفر لتكحل عيني بملمول مض ” أي بمكحال حار محرق ” ثم أمر بلسانه أن يخرج ليقطع ، فجزع من ذلك ، فقل له ابن جعفر : قطعنا يديك ورجليك ، وسملنا عينيك ، فلم تجزع ، فكيف تجزع من قطع لسانك ، قال : إني ما جزعت من ذلك خوفاً من الموت ، لكني جزعت أن أكون حياً في الدنيا ساعة لا أذكر الله فيها . ثم قطع لسانه ، فمات ، والرواية يذكرها ابن سعد مضيفاً إليها حرقه بعد موته ويذكرها ابن كثير دون ترجيح ويقتصر الطبري وابن الأثير على الحرق بعد القتل.) فعليّ يقول شيئاً ويفعل أبناؤه وأحفاده شيئاً غيره. فرغم أن علي بن أبي طالب قال: إذا مت، فضربة بضربة” نجد أن عبد الله بن جعفر فعل أكثر من ذلك بابن ملجم. وهذه مشكلة الإسلام – يقولون شيئاً ويفعلون ضده.
أما الحالة الثالثة التي يُقتل فيها الإنسان فهي الردة، كما يقول الشيخ (والصنف الثالث من الناس، الذي نصَّ الحديث على أنه يحلُّ دمه، هو: “التارك لدينه المفارق للجماعة”. فالذي ترك الإسلام، ومَرَق من دين الله عز وجل، وفارق جماعة المسلمين، يجب أن يقتل … إنه مرتد … والمرتد عن الإسلام حكمه القتل.) انتهى.
يقول الشيخ بقتل المرتد رغم وجود أكثر من عشر آيات في القرآن تقول إن المرتد سوف يحاسبه الله يوم القيامة ولن يضر الله ولا المسلمين بردته. وناقض الشيخ نفسه عندما قال لمستمعيه في برنامج “الشريعة والحياة” يوم الخميس 10 أبريل 2008 (ما معنى التعصب؟ التعصب ضد الآخرين هذا ممنوع، الاعتزاز بدينك هذا مطلوب. يعني حأذكر لك سورة في القرآن تحمل نهاية الاعتزاز بالدين ونهاية التسامح مع المخالفين وهي سورة يحفظها أطفال المسلمين، {قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون} حينما كان المشركون يساومون النبي صلى الله عليه وسلم أن هو يعبد آلهتهم أشهرا أو سنة أو كذا وهم يعبدون إلهه أشهرا أو سنة، مفاوضات، القرآن جاء قطع هذه المفاوضات حسم الأمر قال دعوكم من هذا {قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد}[الكافرون:1-5] يعني لا في الحاضر ولا في المستقبل ولا في الماضي حأعبد. منتهى الإيه؟ الاعتزاز والتمسك، وبعدين في الآخر قال إيه؟ {لكم دينكم ولي ديني}[الكافرون:6]، هذا هو التسامح.) انتهى. فالقرآن يقول بحرية العبادة (لكم دينكم ولي دين) ويقول (لا إكراه في الدين) ويقول (أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) ومع ذلك يقول الشيخ إن الإسلام المتسامح يأمر بقتل الخارج عنه لأن أبا هريرة روى حديثاً يقول إن النبي قال: (من بدل دينه فاقتلوه). هل تكرهون الناس على أن يظلوا مسلمين رغم آيات القرآن العديدة التي تسمح لهم بالتغيير؟ كفى خداعاً أيها الشيخ.

كامل النجار (مفكر حر)؟

Posted in فكر حر | Leave a comment

قس وعلماني (معضلة الكنائس العربية)؟

قس وعلماني (معضلة الكنائس العربية)؟

طلال عبدالله الخوري

لاعلاقة بين عنوان هذه المقالة وكتاب “قس ونبي” المعروف, سوى ان في هذا الكتاب يصل الباحث الى نتيجة مفادها أن الآيات المكية في القرآن الكريم ما هي الا ترجمة عربية للانجيل العبري, املاها القس ورقة بن نوفل على نبي الاسلام . تذكرت عملية الاملاء من قبل القس هذه , بعد كتابتي لمقال:”رسالة الى خادم الحرمين الشريفين” والمنشورة بصفحتنا على النت, حيث حاول احد المعلقين, وهو يدعي بانه القس بولص خياط, ان يملي علي بان الديكتاتور بشار الأسد هو رئيس جيد ومحترم. طبعا هذا الرأي مخالف 180 درجة لرأيي الشخصي, وظن هذا المعلق بانه اذا ادعى بأنه قس يتلكم باسم الله, فيمكنه ان يملي علي رأيه, وكأني لست انسانا له رأي وكيان, او كأني احد الخرفان بقطيعه!. كان في ذهني منذ زمن كتابة مقال عن مشكلة الكنائس العربية ولكن مشاغلي والاحداث المفصلية التي تمر بها بلادنا, جعلتني اقوم بتأجيل هذا الموضوع, ولكن بعد حواري مع القس بولص خياط قررت بان الوقت قد حان لكي ابحث بهذا الموضوع, وسنرى فيما اذا كان قد تمكن القس بولص بن خياط ان يملي على العلماني طلال بن عبدالله كما املى آنذاك القس ورقة بن نوفل على نبي الاسلام محد بن عبدالله “صلعم “؟؟ يجب ان نشير,هنا, بانه لم يعد مهما فيما اذا كان المعلق قسيسا ام لا.

سأناقش بهذه المقالة مشكلة الكنائس العربية , ثم انتقل الى الحوار الذي جري بيني وبين القس بولص خياط واترك بعد ذلك الحكم للقارئ. بداية يجب ان يكون واضحا باني شخصيا مسيحي و صادقا اتبع تعاليم المسيح اكثر من كل رجال الدين. وانا اعرف بأن كتابة هذه المقالة لن ترضي رجال الدين المسيحي والكثير من المسيحيين , وهكذا سأصبح عرضة للهجوم من قبلهم بعد ان اصبحت عدوا لكل من الاسلاميين واليساريين والقوميين. ولكن هذا لا يهمني لانني لا اساوم على مصلحة وطني وشعبي ومستقبله, ولا اساوم على الحقيقة أيضا..

تاريخيا, قبل الاسلام كانت بلاد السريان (سورية الطبيعية) وبلاد القبط (مصر) حتى ليبيا, تحت الحكم الروماني, الذي كان يؤمن الحماية للسكان من خلال جنود محليين تابعين للامبراطورية االرومانية, مقابل ضريبة يجمعها موظفين تابعين أيضا للامبراطورية. وكانت السلطات المحلية تدار من قبل الكنائس بواسطة البطريارك المحلي وهي مرتبة كنسية تعادل سياسيا مرتبة الملك. طبعا كان الكهنة يقولون لشعوبهم بان المسيحيين هم بحماية الله وبأن المسيح يحميهم, ولكن عندما سقطت مدينة دمشق بيد القائد الاسلامي خالد بن الوليد, علل اسقف دمشق انذاك سبب سقوط المدينة بان الشعب قد ابتعد عن التعاليم المسيحية فكان جزاء من الله بان سقطت دمشق بأيدي المسلمين , والحل هو بمزيد من الايمان والصلاة والتبعية للكنيسة!!

بعد تجريد الكنيسة من سلطاتها السياسية بعد ما يسمى بالفتح الاسلامي, اصبح رجال الدين المسيحي هم الممثلون الحصريون لرعيتهم والناطقين باسمهم امام الحاكم المسلم, وما زالوا محافظين على هذه التقاليد حتى وقتنا الحالي. و بالرغم من ان الكنيسة الاروبية قد تم فصلها تماما عن السياسة بـواسطة معاهدة صلح بين المتحاربين آنذاك سمي ب “صلح فيسفاليا” حيث نجحت هذه الاتفاقية بايقاف الحروب الدينية قي أوروبا في عام 1648 , فان هذا الفصل لم يكن له اي تأثير على الكنائس المسيحية العربية وبذلك بقيت الكنيسة هي الممثل والناطق الرسمي باسم رعاياها.

كان لا بد من هذه اللمحة التاريخية الموجزة لكي نعالج الوضع الحالي للكنائس العربية. من المعروف تاريخيا بان الحكام العرب الاستبداديين أعتادوا على استخدام الدين كوسيلة للسيطرة على شعوبهم وقيادتهم كالقطيع. اهم سبب لتمسك المستبدون بالدين هو انه وسيلة ناجحة ورخيصة ومكفولة لتثبيت حكمهم واستمراريته. في هذه الانظمة, تنشا مصلحة متبادلة بين المؤسسة الدينية والنظام الحاكم, يقوم فيها المستبد بتزويد رجال الدين بالسلطة والمال والبنية التحتية , وفي مقابل هذا يتكفل رجال الدين باستغلال العاطفة الدينية لاضفاء الصبغة الالهية على الحكم الشمولي وايجاد التبريرات الشرعية لاستعبادهم لشعوبهم.

اذا, لم يجد المستبدون العرب اي صعوبة في تطويع رعاياهم من المسيحيين, فالارضية كانت جاهزة, والبنية التحتية كانت ايضا جاهزة, وما عليهم الا ان يجزوا بعطاياهم على رجال الدين وبالمقابل يقوم الكهنة بالصلاة للحاكم المستبد والدعاء له ومدحه وتعظيمه بخطابات ووعظات دينية مليئة بالاكاذيب وهم على الهيكل وعلى بعد سنتيمترات من قدس الاقداس, علما بان الوصايا العشر توصي بعدم الكذب. على سبيل المثال يذهب المسيحيون الى الكنيسة بأعياد الميلاد لسماع وعظة البطريرك عن عيد الميلا ومعانيه السامية, فيتفاجؤن بان معظم الوعظة هي عبارة عن حملة انتخابية ومديح للديكتاتور المستبد الذي يسرق شعبه ويقتل اطفاله ويسجن احراره ومفكريه دون واعز من ضمير.

العطايا التي يمنحها عادة الديكتاتور للكهنة مقابل تطويع رعاياهم:

حصة من المناصب السياسة: وتتم هذه المحاصصة ضمن الغرف المغلقة ومن وراء الكواليس, حيث يتم اعطاء مناصب سياسية وادارية لبعض الرعايا المسيحيين التي توافق عليهم الكنيسة من رجالها المقربين والتي تعتبرهم من الذوات. من هذه المناصب: منصب وزارية, او اعضاء بمجلس الشعب او رؤساء جامعات او ما شابه, وبذلك يضمن المستبد بأن الكنيسة ورعاياها اصبحوا جزءا من النظام ومرتبطين به, والاكثر من هذا يعطي المستبد للرأي العام العالمي بان نظامه ديمقراطي يشارك به جميع طوائف البلد, فيقوم هؤلاء المتوزرون بتلميع صورة النظام بالخارج وأيضا يقوم رجال الدين بتصوير الديكتاتور المستبد للغرب على انه بولص الرسول (الذي يعود له الفضل الاكبر بانتشار المسيحية).

حصة من رجال الاعمال الفاسدين : حيث تتم ايضا ضمن الغرف المغلقة, وفيها يتم منح جزءا من المزايا اقتصادية الاحتكارية لبعض المقربين من الكنيسة وبصبحوا هؤلاء من اصحاب الذوات , والذين بالمقابل يقومون بالتبرع للكنيسة كرد للجميل, ويصبحوا هؤلاء الفاسدين من وجهاء الكنيسة ويتم حفر اسمائهم على لوحات رخامية تعلق بداخل الكنيسة, ويتم النظر اليهم كرعايا بررة غيورين على الكنيسة؟؟

ومن العطايا ايضا تبرعات سخية من الديكتاتور المستبد لبناء الكنائس بشتى انحاء العالم, والمساهمة بمصاريف الخدمات الكنسية التي تقدمها الكنيسة لرعاياها..

لقد ذكرنا بمقالنا :”سوريا بعد الثورة” والمنشور ايضا بصفحتنا على النت, بأن ما يخسره الشعب السوري كل عام من جراء استمرار نظام بشار الاسد الاستبدادي حوالي 500 مليار دولار سنويا. الآن, لنفترض جدلا بان ما تحصل عليه الكنائس من عطايا الديكتاتور هي بضعة ملايين من خلال الأنواع الثلاث للعطايا التي ذكرناها سابقا, وبحسبة بسيطة نجد بان شعبنا يخسر مئات المليارات مقابل بعض الفتات من المستبد. طبعا ربما يظن رجال الدين بأن هذه العطايا هي نتيجة لصلاتهم واستجابة لتضرعهم للرب , وهم يظنون بأن الرب لا يجيد الحساب فيحرم عباده من مئات المليارات لكي ينعم رجال الدين ببعض الفتات!

ما هو الحل ؟؟ هل نطالب نحن باصلاح الكنيسة وفصلها عن السياسة اسوة بالكنيسة الغربية؟؟؟ كلا . مانطالب به هو اصلاح دين الاكثرية وفصل دينهم عن السياسة وعندها فقظ سيكون اصلاح دين الاقلية تحصيل حاصل, وهذا هو منطق التاريخ بين الاقلية والاكثرية. نحن نعتقد بان هذه الاخطاء المناقضة للعلمانية التي يرتكبها رجال الدين المسيحي العرب , سببها الرئيسي وقوعهم ببيئة اسلامية غير صحية لتبني المبادئ العلمانية. ومن هذه العوامل الغير صحية هي ان الاسلام دين ودولة , وعدم ايمان الاسلام بمبدأ المواطنة. راجعوا مقالاتنا : “الوطنية كفرا بالنسبة للمسلم”, “وهل هناك حاجة لنقد المسيحية بعد ان تم فصلها عن الدولة؟” والمنشورة بصفحتنا على النت.

من هنا نرى بانه تم عزل الكنائس المسيحية العربية وتم ابعادها عن التغيير الايجابي الذي حصل بالكنائس الغربية, وتم أيضا اسلمة الكنائس العربية من حيث انها تلعب دورا سياسيا تقوم من خلاله بمساعدة الحاكم الاستبدادي في تدجين المسيحيين, وبذلك يتم مساواتهم مع اخوتهم المسلمين من حيث التدجين الذي يتم بالنسبة لهم عن طريق المساجد. ونحن نتعتقد بان حل معضلة الكنائس العربية لا يكون الا عن طريق حل معضلة الاسلام, ولا يمكن على الاطلاق حل مشكلة الاقلية الا بحل مشكلة الاكثرية اي بحل معضلة المسلمين.

وفي الختام هذا هو الحوار الذي دار بين القس بولص خياط والعلماني طلال الخوري.

…………………………………………………………….

الاختلاف بالرأي لايفسد للود قضية

الاب بولص خياط
استاذي الفاضل طلال .تحية محبة وبعد.نعم انا عربي ولكنني اقولها لك وبكل صراحة لولم اكن سوري الجنسية وعشت وترعرعت بسوريا وتعلمت كيف اعيش المحبة بكل معنى الكلمة مع اخوتي واخواتي المسلمين وهذا نابع من التربية التي تربيناهامنذ الصغر ,لكنت قلت لك لا اتشرف بهذه العروبة ,وخصوصا بعد ظهور الجماعات المتطرفة التي تشن حربا على اخوتي المسيحيين في بعض الدول العربية من قتل وتشريد واغنتصاب للفتيات وحرق وتدمير للكنائس .اشكر الرب لأنني سوري الجنسية فهذا شرف كبير لي فمسليمي سوريا اخوتي هم اشرف وانقى من الكثيرين من بعض المسلمين العرب وحتى من بعض المسيحيين الاجانب والعرب الذين يتعاملون مع الصهاينة والامريكان .سيدي الفاضل ليس لي الحق ان انتقد اي رئيس او ملك عربي لانهم لايهموني ,ولكن الذي يهمني هو رئيس بلدي سيادة الدكتور بشار الاسد الذي اكن له كل محبة وتقدير واحترام .هو رئيس محترم ويحب شعبه والشعب يحبه ولقد بدأ فعليا مع الاشراف والاحرار في بلدنا الحبيب سوريا بمسيرة الاصلاح والتصدي للفساد وعلاجه والخلاص منه .فلا اقبل ان يكون اسمه من ضمن أسماء الرؤساء الفاسدين لانه نقي وشريف ونظيف .اشكرك استاذي الفاضل طلال ,
…………………………………………………………….

طلال عبدالله الخوري

اولا : سأفترض بانك فعلا الاب بولص خياط ولست شبيحا متنكر بقسيس كما يتنكر الشبيحة عندما يذهبون الى الكنائس والمساجد بهدف الاعمال الامنية؟؟
ثانيا : من حيث لا تدر, لقد خالفت بهذا التعليق على الاقل ثلاثة من الوصايا العشر على الاقل , هذا عدى عن مئات الآيات بالانجيل…..لذلك وبما اني من عئلة قساوسة ابا عن جد اطلب منك بان تسير حافيا الى دير صيدنايا وتعتكف هناك حتى اخر حياتك وتصلي يوميا الوردية خمسة مرات..
ثالثا: بالمسيحية تم فصل الدين عن الدولة واصبحت العلمانية من ركائز الايمان المسيحي, فلماذا تتدخل بما لاتفهم؟؟
رابعا: القس لا يخاطب المؤمن باستاذي الفاضل كما فعلت؟؟
خامسا : الاب بولص يعرف عنواني وتلفوني ويكلمني يوميا ولم يتدخل قط بالسياسة
سادسا : اللبيب من الاشارة يفهم
شكرا

…………………………………………………………….

13 – من ضربك على خدك الايمن حول له الاخر

الاب بولص خياط
اشكرك (سيدي الفاضل )ايها الابن الروحي والاخ الحبيب بالمسيح الاستاذ طلال عبدالله الخوري .اطلب من الرب الاله ان يسامحك على كل كلمة وجهتها لي واساءة الي,كوني تعلمت المسامحة ممن علق على خشبة الصليب لكي يسامح ويغفر لمن اساء اليه (كما نحن نغفر لمن اخطأ واساء الينا ,)(الصلاة الربانية )تعرفها على مااظن ,اما كتابة اسمي الصريح والذي افتخربه لهو دليل على صدق ماتكلمت وسطرت .اما ان اكون من الشبيحة فخير لي ان اعلق بحجر الرحى ولا اكون عثرة للأخرين .ولكن بالنسبة لدفاعي عن سيادة الرئيس الدكتور بشار الاسد فهذا ماتعلمته من كنيستي ومن ربي والهي ومخلصي يسوع المسيح الذي علمنا ان نصلي من اجل حكامنا وجنودهم لكي يؤازرهم الرب الاله في كل عمل صالح .اما تدخلي بالسياسة فهذا من صلب عملي كخادم للرب وخادم للشعب مسيحي كان ام مسلم الا اذا كانت السياسة بنظرك هي محصورة فقط على نخبة معينة فهذا شيء اخر .ونعود لمعرفتك باالاب بولص والذي يعرفك ويكلمك شخصيا وكل يوم ربما هنالك تشابه بالاسماء علما انه لايوجد اب بهذا الاسم في سوريا الا انا .وانا للاسف الشديد لا اعرفك ,ولكن بالنسبة للاعتكاف بالدير والصلاة اترك الامر لصاحب الامر .
…………………………………………………………….

14 – يجب احترام مشاعر الاخرين

الاب بولص خياط

اسمي واضح وصريح حتى لوكان اسم مستعار يجب ان تخاطبي باسمي وليس برقم ,فأنا خاطبتك باسمك ولقد بجلتلك واحترمك ,فاذا لم تكن مستحق التبجيل والاحترام فهذا عائد لك ولكنك لاتستطيع ان تفرض علي كيف اخاطب الاخرين فهذه مبادئي وشيمي التي تربيت عليها ولن يستطيع احد ان ينتزعها مني لانها وراثة وليست كالكهنوت كما ادعيت سيادتك انك اب عن جد من عائلة قساوسة ,الكهنوت نعمة معطاة من الله وليست وراثة الا اذا كانت مثل وراثة تحكيم .انا دافعت عن سيادة الرئيس الدكتور بشار الاسد ولم ادافع عن نظام معين فأنا ضد الظلم وممارسته ضد اي ظالم وانا مع المظلوم .عندما بدأ سيادة الرئيس حكمه كان هناك نظام فاسد وهو تكلم عن ذلك وكلنا يعرف ذلك ,ولكن ليس من العيب ان نعطيه فرصة للاصلاح وكلنا يريد الاصلاح ومحاربة الفساد لان الفساد منتشر في كل العالم حتى اوباما الذي تدافع عنه حضرتك يتغاضى عن الفساد المنتشر في امريكا وفي اسرائيل من اجل مصالحه الشخصية وليس حبا ببلده وشعب بلده اذا هو فاسد ,واما قولك لي ان اسير حافيا الى الدير فهذا شرف كبير لي لان غاندي العظيم حرربلاده بهذه الطريقة المهم ان يكون الانسان حافي القدمين ولا يكون حافي العقل .
…………………………………………………………….

15 – الفاضل الاب بولص خياط

يوسف روفا

استاذ طلال:المسيح نفسه تدخل في السياسة عندما دخل إلى الهيكل و أخرج جميع الذين كانوا يبيعون و يشترون فى الهيكل، وقلب موائد الصرافه و كراسى باعة الحمام .إذاً لماذا تستكثر على الاب بولص ان لا يتدخل في السياسة؟!
تقول[بالمسيحية تم فصل الدين عن الدولة واصبحت العلمانية من ركائز الايمان المسيحي]ما هذا؟منذ متى اصبحت العلمانية إحدى وصايا الله العشرة؟السياسيون هم اللذين فرضوا هذا الواقع،وليس رجال الدين من فصل الكنيسةعن السياسة.
الاب بولص خياط يقول: من ضربك على خدك الايمن حول لهالاخر!
الرئيس المتدين جورج بوش الابن حول لبن لادن المئات من صواريخ -توماهوك- وليس الخد الآخر، هل تعتقد جورج ارتكب خطيئة بفعل ذلك ام كان على حق؟
تحية لكم

…………………………………………………………….

16 – شكر ومحبة وتقدير للاخ الفاضل يوسف روفا

الاب بولص خياط
اخي الحبيب بالانسانية مادمت موجود وامثالك في هذا العالم فالعالم بالف خير .اخي الفاضل اشكرك من كل قلبي لانك لمست مشاعري واحاسيسي وداويت جراحي فالكلمة الطيبة هي بلسم للشفاء .فليس كل كاتب كاتب وليس كل طبيب طبيب وليس كل محام محام وليس كل من يقول يارب يارب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يعمل مشيئة الاب السماوي .القلم ذو حدين كمشرط الطبيب اما ان يقتل او يداوي ,فكلماتك كانت دواء لي ,اكررشكري واحترامي وتقديري لك لانك مستحق مستحق مستحق .
…………………………………………………………….
17 – يوسف روفا

طلال عبدالله الخوري
تحياتي
كنت اتمنى لو انك ناقشت موضوع المقالة
في كل سينودس مسيحي يتم التركيز على العلمانية كاحد ثوابت الايمان المسيحي
اي فصل الدين عن السياسة
ونتمنى ان يتم فصل الاديان الاخرى عن السياسة وعدم تدخل اي رجل دين بالسياسة كما في الغرب
لا اعتقد بان القس هو شخصية حقيقية لان القس لا يدافع عن مجرم يقل شعبه
انا ما زلت اعتقد بان الاب بولص هو احد الشبيحة المتنكر بقس لكي يحيد النقاش عن موضوع المقالة , فيجب ان لا تكون جزء من هذه الحيلة
شكرا

…………………………………………………………….

18 – ماذا اقول وبماذا ارد

الاب بولص خياط

ايها الاخ الحبيب بالمسيح الاستاذ الفاضل طلال عندالله الخوري .تحية مسيحية ارسلها لك لعلك تتعظ ولا ترمي الاخرين بصفات غير لائقة لانني كما اعرف بأن الكتاب والمثقفين يحترمون الرأي والرأي الاخر ونحن هنا نكتب على اساس حوار متمدن واتضح لي للاسف الشديد بعيد كل البعد عن التحضر والتمدن .انا لن ادافع عن من يقتل شعبه بل بالعكس على من يحترم شعبه ويحبه والشعب ايضا يحترم هذا الرئيس المحترم سيادة الدكتور بشار الاسد ,ولكن انت للاسف الشديد تدافع عن القتلة والمجرمين الذين يدعون الحرية ويريدون الاصلاح ,فهل برأيك من يقتل وينهب ويغتصب ويدفن الجثث الجماعية في المقابر يستحق من يدافع عنه ,ومن ثم للمرة الثانية تتهمني بأنني انتحل شخيصة كاهن علما ان بريدي الاكتروني موجود في الصفحة ,اسأل عني في اسرة الاخاء السورية للاطفال المعاقين ان كنت تسمع عنها او تعرفها فأنا عضو فيها منذ خمسة وثلاثون عاما مضت ,وتقول عني انني من الشبيحة فهل ادب الكتابة يسمح لك بشتمي ,ايضا اقول سامحك الله .سأقرب لك المسافة اسأل في جديدة عرطوز عن الاب بولص خياط قبل ان ترد علي علما انني مقيم في كندا ولو كانت هذه المعلومات شخصية فهذا لايضرني . .
…………………………………………………………….
20 – آخر رد للمعلق رقم 18

طلال عبدالله الخوري
اخجل على نفسك يا شبيح
انا لا اسمح لك بالتنكر بأبونا الحبيب بولص خياط
لو كان ابونا يريد ان يقول لي شيئا فهو يعرف كيف يجدني, فيكفي سفاهة واحترم عقول الاخرين وانت لست بهذا الذكاء وكشفناك بسهولة.
نرجوك ان تناقش موضوع المقالة الذي وضعنا بها جهودا كثيرة من اجل المساهمة بانجاح التغيير بسوريا الحبيبة بلد المسيح والرسل

شكرا

…………………………………………………………….

22 – احترم الموقع والقائمين عليه

الاب بولص خياط

الى طلال عبدالله الخوري .للمرة الثالثة تشتمني وتهينني اشكرك لكرم اخلاقك ,ولكن اسفي على الموقع المحترم الذي يسمح بنشر الشتائم ولايحترم ضيوفه فهذه ليست من عاداتنا ولا تقاليدنا .لوكنت اضع اسم مستعار فهذا عار علي علما انني احترم كل انسان وخصوصياته ولانني صريح ولا احب الكذب وضعت اسمي الحقيقي كما اضعه على الفيس بوك وعلى السكايب لانني لااهتم ولا اخاف كوني لا اسيء لاحد.اما انك تعرفني شخصيا فلا يشرفني معرفتك ,وماردي الان عليك الا لكي اقول لم يقرأ انا هو الاب بولص خياط وحتى يلافتكر احد بأنني منتحل الاسم ,واذا اردت معلومات اضافية ساعطيك ايميلي.اما عن الموضوع فقد قرأته ولم امسح جوخ ورديت بكل صراحة وقلت لك ارجوك ان لاتصف سيادة الرئيس الدكتور كما وصفت باقي الرؤساء والملوك لان امرهم لايعنيني .اناسوري الجنسة ومن جديدة عرطوز ومقيم في كندا ,فمن هو السفيه ياطلال عبدالله الخوري ,عيب عليك والف عيب ان تخاطب اب كاهن بهذه الصفات هذه المرة سأترك الامر لمن يدافع عني الا وهو الهي ومخلصي يسوع المسيح له كل المجد,انا لم ارد بعد الان .poulos_kh@hotmail.com
…………………………………………………………….

23 – المعلق رقم 22

طلال عبدالله الخوري
براهين على انك لست بقس ولكن شبيح لص:
اولا: تقول بانك تريد ان تعبر عن رأيك بقضية سياسية. ونحن نقول بان القس الذي يريد ان يعبر عن رأيه بمسألة سياسية يجب ان يحترم ثوب الكهنة ويخلع الثوب قبل ان يعبر عن رأيه السياسي.
ثانيا: تقلب الحقائق وتشتم شعبي الثائرالذي سرقه حبيبك بشار ووالده على مدى اكثر 40 عام
وتنعت قاتل الاطفال والنساء بالدكتور المحترم
ثالثا: الهوت ايميل الذي وضعته يستطيع اي شبيح باقتنائه فهذا الايميل عام ولا يدل على اي هوية
انا الان فتحت ايميل جديد
poulos_kh13@hotmail.com
ولم يكلفني فلس واحد
جميع القساوسة برعيتي يباركون عملي ويؤيدونه
احترم عقولنا ايها المعلق

…………………………………………………………….

العدد: 252334

25 – ايضا اقول لك سامك الله

الاب بولص خياط

فكرت الا ارد عليك لان الاناء ينضح بما فيه فما شتمك لي الا تعبيرا عن مدى اخلاقلك النبيلة التي تتحلى بها واشكرك .اما اذا صدقت او لم تصدق بأنني الاب بولص خياط فهذا ايضا لم يعنيني ولكن الذي يعنيني هو ان يعرف كل من يقرأ لك بانه يجب ان يفكر الف مرة قبل ان يرد عليك ,اما ان تتهمني بأنني اقلب الحقائق واشتم فهذه ليست من شيمي ولاتسمح اخلاقي وتربيتي وكهنوتي الذي اعتز وافتخر به لان معطى لي من رب المجد .فأنا اب والاب لايشتم اولاده .ولكنني قلت لك بأن من يقتل رجال الامن والجيش وينكل بجثثهم ويسلب وايضا يرفع علم اسرائيل في بلده تعتبره يستحق الدفاع عنه ,ام يجب ان يحاكم امام القضاء .فأنت وغيرت شاهدت ماحصل في المحافطات السورية من هجوم على يد العصابات الارهابية ,لو بالفعل ارادوا الاصلاح كما يدعون لكانت مظاهراتهم سلمية ,ورأيت انت وغيرك ردة فعل الشارع السوري كيف كانت المظاهرات تعبر عن رأي الملايين بالسلام والمحبة لسوريا وشعبها ورئيسها وما وجود الاستاذ المحترم مشيل كيلو مع لجنة الحوار من اجل الاصلاح لهو دليل كاف لصحة ماأقول .اردد واقول عيب ان تشتم كاهن يحترمك وتتهمه بأنه لص.عيب ياطلال عبدالله الخوري وشكرا.
…………………………………………………………….

26 – المعلق 25 انت مطرود من صفحتي

طلال عبدالله الخوري

لقد وجهت عدة تنبيهات الى تجاوزات المعلق رقم 25 الدي يدعي بأنه قس
ويضفي القداسة على الاعمال الاجرامية للنظام الاستبدادي بسورية ويباركها وكأنها نزلت برؤيا دانييل؟؟هههههه
والاكثر من هذا فهو يجرم الانتفاضة المباركة للشباب سورية الاحرار ضد الطاغية وسارق قوت الاطفال والاسر السورية وشعبها!!!
لذلك لم يبق امامي اي مساحة للتسامح وانا مضطر اسفا الى طرد المعلق اياه من صفحتي
فأرجو من ادارة الحوار التأييد والعمل على تطبيق هذا القرار ولكم جزيل الشكر

شكرا
…………………………………………………………….

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 1 Comment

يوميات صحفي … سائق تاكسي 2

يوميات صحفي … سائق تاكسي 2

محمد الرديني

سألتني الراكبة باهتمام
– هل انت عربي
اجبت باكترات
– نعم
 قالت
سمعتم انكم تقتلون البنت التي يغتصبها الرجل بدعوى ان القتل يأتي غسلا للعار الذي لحق بالعائلة
– هذا صحيح
سالت بلهفة
–  ولكن لماذا؟
قلت
– لانها فرطت باغلى شيء لديها ، عذريتها
قالت
 –  ولماذا لاتقتلون الذي اقدم على سرقة هذا الذي تسمونه اغلى شيء لديها؟؟؟؟؟

 

لماذا ينتحرون ؟؟

 

جميع من يسكن هذه البلاد يعرف جملة من الحقائق البسيطة عنها ، اولها ان السكان لايتجاوزون اربعة مليون نسمة يعيشون في جزيرة كبيرة  تكونت بفعل البراكين، اكتشفها بحار يدعى ( كوك) ، جاءها البريطانيون اولا ثم المهاجرين من بلدان غربية متعددة حيث وجد الماوريون وهم سكان البلد الاصليون انهم قلة في هذا البلد.
 ايها السادة
لقداخذوا اروع مافي شريعتنا الاسلامية، طبقوا  نظام  بيت المال حيث تتكفل الدولة بصرف راتب اسبوعي لكل عاطل او عاطلة  عن العمل مع راتب خاص لجميع الاولاد منذ بداية ولادتهم حتى التحاقهم باول عمل لهم بعد التخرج من الجامعة، وهناك الصدق في التعامل – آه مااجمل هذه الكلمة- انهم يثقون في كل ماتقوله ، ثم الاخلاص في العمل حيث لارئيس ولا مرؤس.
ولكن هذه البلد تعاني من مشكلة قاتلة انها الدولة رقم ثلاثة عالميا في نسبة الانتحار، وهذه النسبة تنحصر مابين اعوام  (24-45) سنة  وهي السن الرائعة في عمر الانسان شغلني هذا الامر كثيرا، سألت العديد من الشباب، كانت الفرصة امامي –بفعل مهنتي- ان اعرف الجواب من هؤلاء الذين اقلهم الى بيوتهم في عطلة نهاية الاسبوع بعد ان يتجولوا بين البارات الى ساعة متأخرة من الليل
لم اعثر على الجواب
ولكن لماذا؟
ها هي نيوزيلندا ، بلد من اجمل بلدان العالم في خضرته وهدوءه، بلد يحتل فيه قطع غصن شجرة او صدمها من قبل سائق مراهق الخبر التلفزيوني الاول في نشرة الاخباراليومية  بلد فيه اروع هدية تقدمها  في اعياد رأس السنة الميلادية هي كتاب جديد بلد حباها بنعمة انها بلد بلاجيران، وهي نعمة لاتقدر بثمن في هذه الايام ، فالجزيرة المعزولة – مثل نيوزيلندا – لاتعرف الحروب ولا الارهاب ولا حتى الاعتقالات
ولكن شبابها ينتحرون!
هذه الجزيرة التي تغلق فيها معظم مراكز الشرطة في الخامسة مساءا من كل يوم مثل اي متجر في سوق عمومي، ليتسمر شبابها بعد ذلك امام التلفزيون، ويخلد كبارها الى النوم، وتنعم فيها الخرفان 40) مليون وهو اضعاف عدد السكان( بهدوء عجيب في هذه الجزيرة التي تضطجع على خاصرة الموت كل يوم.

لأن شبابها ينتحرون
لماذا، لا احد يدري!
سألت العديد منهم ، شبابا من مختلف الاعمار ومختلف المهن ، لااحد يملك الاجابة المقنعة، فبعضهم يعتقد ان الحياة مملة ليس فيها مايستحق العيش ، والبعض الآخر يهز كتفيه غير مبال حتى بالسؤال ولكن كلهم يعرفون ان نسبة الانتحار في نيوزيلندا هي الاعلى في العالم
كانت تجتاحني رغبة في ان اصرخ بوجوههم كنت اريد ان اقول لهم ، وهذا مافعلته ذات يوم اذ صرخت بوجه شاب كان يتأفف لان عليه ان يصحو في اليوم التالي مبكرا للذهاب الى العمل
هل رأيتم عسس الليل في البلدان التي يستحم ليلها بمياه البحر الاحمر او البحر العربي او حتى مياه النيل الذين يقعون( كما يقعى الكلب) في الشوارع ويقتلون الناس على الهوية  هل سمعتم باحد يقلب اهم ركن من اركان علم الفيزياء بقوله ( ان المادة تفنى) مدعما قوله بوضع الاجساد البشرية  في احواض تحوي سائلا لايذيبها  فقط وانما يلغيها من الوجود هل سمعتم عن ذاك الذي يطعم كلابه ونموره قلوبا بشرية لبشر لم تعجبه اشكالهم او انهم تجرأوا ونظروا اليه  هل سمعتم عن شباب يذهبون الى الحروب وهم لايعرفون لماذا ؟ هل سمعتم عن عواميد الاسمنت التي تجعل من اجساد البشر قوالب لها ؟ هل سمعتم عن الغرف التي تتحرك جدرانها باتجاه بعضها لتعجن البشر بعد ان تطبق عليهم؟
اذا لم تسمعوا بكل هذا وقصص اخرى يشيب لها شعر الوليد فارجوكم صادقا ان تسمعوها الان وتتوقفوا تماما عن التفكير بالموت فبلادكم ايها السادة ليست اجمل منها الا بلادي ، وحين يضوع الياسمين في صباحاتكم المشرقة فليس اعطر منه الا  خضر الياس في بلادي.
لديكم حدائق تفوح منها عطور الدنيا كلها عطور ليس اروع منها الا عطر القداح في بلادي. هل شممتم الجوري ؟ هل عندكم بيوتا تسبح بالماء ، هل لديكم “عيون كلي علي بك” ، هل عندكم جبل حمرين ، هل عندكم الفتاة التي اذا شربت عصير الزبيب يظهر لونه في شرايين عنقها، ربما عندكم اجمل من ذلك.
ولكنكم تنتحرون.
توقفوا عن الموت ايها السادة فليس الواحد منكم “عنده من الاسى جبل يمشي معه وينتقل” وليس الواحد منكم ايها السادة حين يخرج في الصباح لايعرف في اي محطة من محطات الباصات يموت
انه يموت غصبا عنه لانه يحب الحياة حد الجنون  ومن اجلها يموت.
هل عرفتم الان  لماذا  نموت نحن ولماذا انتم تموتون؟؟؟

الجزء الأول

https://mufakerhur.org/?p=1063

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَنْتخِبُونِ

ساهم المصريون علي ارض السعودية

محمد البدري

 وبدون ملابس الاحرام في إنتخاب رئيس جديد لهم بعد ثورة مجيدة. هكذا وقف الخلق ينظرون جميعا كيف ابني قواعد الديموقراطية علي ارض السعودية أمام صندوق الانتخاب وليس بالطواف حوله. فالعري والتجرد من كل الحقوق بما فيها حق الرأي وحق الاختيار هو افضل ما في دستور السعودية، هذه المملكة التي تحكم بلا دستور. قبل هذا الحدث التاريخي الذي لا يقل في اهميته عن فتح مكة وقف المصريون ينظرون كيف ينتقم النظام السعودي من ثورة المصريين متهمين الناشط السياسي “أحمد الجيزاوي” بانه صاحب سوابق جنائية.

علاقة البلدين تاريخية تراوحت قديما بين المد والجذر طوال التاريخ. مقاتلين ياتون من هناك ليحكموا وقوافل مؤنة وغلال الي هناك لياكلوا. أما في العصر الحديث فاموال من هناك لرشوة الاسلاميين كسوابق جنائية ليدمروا ويخربوا بها الوعي السياسي المصري. ويقابلها عمالة، خالية من الحقوق، الي هناك ليبنوا ويعمروا. بعد الثورة، التي يكرهها ويتمني زوالها نظام خدمة الحرمين وقفت العمالة أمام صندوق انتخاب لينتخبوا … . اليست من المعجزات في عالمنا الحديث؟

يحرص الكتاب السعوديين في صحف المملكة الا تاتي كلمة الديموقراطية ضمن ما يكتب ويملأ صفحات صحفها، فهي مما يوسوس به الشيطان من مفاسد ويحذر منها علماء الامة وأهل الذكر هناك. ظل المنع قائما لهذه الكلمة “البذيئة” طوال عهد المملكة ومنذ نشاتها ومنذ ان اخترعها اصحاب “السوابق” بالكفر والعلمانية والديموقراطية والليبرالية والشيوعية وكل ما هو وضعي. وفجأة وعلي طريقة المدد السماوي بالملائكة المسومة اقام اقل الناس حقوقا علي ارض المملكة عرسا في “البذائة” علي ارض المقدسات الاسلامية دون مرجعية له في الكتب التي يؤمنون بها.

يذكرني هذا الموقف بما قيل يوما كحل لمشكلة القرآن واحكام الشريعة، بما نسخ نصا وبقي حكما. فالديموقراطية منسوخة نصا في عرف المملكة لكنها باقية حكما وتنفيذا عند الوافدين هناك من اصحاب قوافل عام الرمادة قديما. فما اكثر الاحكام الغير انسانية من بتر للاطراف وقطع للرقاب وجلد للظهور ورجم للاجساد كاحكام باقية طبقا للكتاب والسنة يدافع عن تنفيذها الحاكم الذي لم يات يوما عبر صندوق انتخاب. وما أكثر ما يحمله اهل الحضارة والبناء من آيات بينات في الديموقراطية لم يوحي بها بعد أو ربما من التي نسخت نصا وحكما عند العرب باعتبارها من المتشابهات المقصود بها الذين في قلوبهم مرض.

يشفق المصريون علي الرئيس الجديد فالتركة ثقيلة والفساد يملأ ربوع مصر كنور السماوات والارض وامانيهم كبيرة في الانتقال الي مجتمع ديموقراطي حقوقي حديث بلا فساد أو رشوة. لكنهم، ويا لها من مفارقة مذهلة، تستطيع المرأة في ادني الدرجات الاجتماعية عندهم أن تمارس ما لا تستطيعه الاميرات في العائلة المالكة. فالمرأة في مصر يمكنها قيادة عربة كارو يجرها البغال والحمير دون رخصة او تصريح من اولي الامر بينما الناشطة الحقوقية “منال الشريف” زميلة “الجيزاوي” في المطالبة بالحقوق لا تستطيع استخراج رخصة لقيادة السيارة الرولز رويس المنتظرة امام باب القصر. مؤخرا تعرضت منال للطرد من وظيفتها لو ذهبت الي النرويج لالقاء كلمة عن حقوق المرأة في السعودية التي كرمها الله واعطيت حقوقها كاملة منذ 1400 عام. فهل هناك نصوصا نسخت نصا تخص المرأة وتخفيها العائلة المالكة منذ جمع عثمان القرآن، دستور المملكة؟

سيكتب المصريون دستورهم الجديد. ويقول الاخوان “القرآن دستورنا” وعندما شكلت لجنة من اغلبية مجلسي الشعب والشوري (المجلسين جاءا بالانتخاب) لكتابته رفضها المصريون ورفضتها المحكمة الدستورية فتم حل لجنة اهل الحل والعقد التي كانت علي هوي الاسلاميين وهوي السعوديين. فما ياتي بالديموقراطية تلغيه الديموقراطية لو انه ليس علي هوي المصريون وصاحبة العربة الكارو وبغلها. فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون إذا ما اتت نتائج الانتخابات برئيس لمصر يحمل حزاما ناسفا ويرفع المصحف والسيف من المرشحين الذين تؤيدهم المملكة وتعززهم بأموال ورشاوي ضخمة وقف الجيزاوي ضدها. فالثورة حية والكفاح دوار والعربة الكارو والبغل الـ 12 سيلندر جاهزين للتوجه لقصر الرئاسة – بدون رخصة- لخلع اي ارهابي يحتله.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

الخمر والتبغ*….

الخمر والتبغ*….

هناء شني

على بعد صيحات
حُكم بضربة جزاء
ركلة في امعاء كلاب جرباء
المرمى في غاية الخطورة

أيكون من الممكن تصحيح غوامض اللعبة؟!!
لا بد من جمع معجزات تؤهلُنا للمرتبة الالوهية
وردّ هجمات مخربة متخمة بالظلمات
اصوات القهر بلغت عنان السماء
شياطين الملعب عمروا جسرا
لينشأو علاقة عشق رذيلة مع الكلاب الجراباء
القهر يتكاثر..

الفجر،، مُحنط في بطن مومياء رخوة
تبا لنا…!
الى الجحيم يا اولاد ال….)..!

هلموا يا رفقاء
يا عورات الفضيلة..! لنلتهم الخمر والتبغ ..
ها نحن ..
نبتلع الحسرات والتنهدات بنكهة روائح لزجة تتناكح مع خيالات شبقة

واه..يا ليل يا عين
.نتغنّى على ليلا نا…
*جلالتها* مشغولة بهزّ عجيزتها الضخمة
على ايقاع طبل بلدي…!
وهذا كل ما في الامر ….!!!!

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

تداووا بالمحبة

تداووا بالمحبة

جهاد علاونة

كيف ستدير يا عزيزي القارئ المخاطر التي تحيط بك من كل جانب؟وكيف ستدير مجتمعا فيه أكثر من 1000مادة قانونية تخص الأحوال الشخصية؟كيف لك ذلك إذا كنتَ تعيش في مجتمع كله أنظمة وقوانين ولا أحد مع ذلك يأبه بقانون العقوبات لتجريم المجرم وللأخذ بيد المظلوم ليس لأن يصبح مجرما ولكن لدرئ الخطر عنه… كيف ستتصور نفسك في هذا المجتمع وما هي الطريقة المُثلى لقيادة المجتمعات ولضبط المخالفين وتحويلهم من أشرار إلى أخيار!! إنها المحبة,فكما تداوى بالأعشاب الأمراض كما أنه بالمحبة تُداوى الأرواح والأنفس المريضة والمظلومة.

وهكذا جاءنا يسوع بالعدالة الشاملة وبتحقيق السعادة الشاملة للناس من خلال توسيع مفهوم المحبة,ومن الملاحظ على الشريعة الإنجيلية سواء أكانت كاثوليك أو أبروتستانت أو أورثذكس أنه لا يوجد فيها كثيرا من أمور التشريعات التي تحدد للناس تنظيم أمورهم المالية والاقتصادية,لقد أهمل الرب هذه الشريعة واستبدلها بشريعة الحب والمحبة,وعلى رأي يسوع(ما جئت لأنقض الناموس وإنما لأتممه) أي أنه لم يأت لوضع قوانين جديدة لأنه راضٍ عن تلك القوانين وإذا كان هنالك قوانين أخرى ستسود المجتمع فإنها المحبة لوحدها التي ستسود وبالحب وحده تتحقق الأمنيات ويسود العدل بين الناس, الناموس الذي سيتممه يسوع إن هو إلا المحبة, فالحب والمحبة يحققان لنا جميعنا مبدأ المساواة والعدالة الشاملة للإنسانية أجمعها ,ولم أرَ في حياتي إنسانا يتحدث عن الحب وعقيدة المحبة إلا ورأيت عليه أفعالا يقوم بها لوحده دون أن يكون هنالك دافع آخر له غير المحبة نفسها ودون أن يكون مؤمنا بعذاب النار وبالجنة التي سيسكنها آخر العمر كما يسكن في بيته آخر النهار أي أن الإنسان المحب يعمل الخير دون أن يكون وراءه أي تهديد أو أي إغراء من المغريات عدى أن تكون المحبة هي التي تغريه بعمل الخير,إن المحبة وحدها تجبرنا على تحقيق العدالة فلا المدفع ولا الصاروخ ولا السجون تجبرنا على إعطاء الناس حقوقها إلا إذا وقعت المحبة في نفوسنا لهؤلاء الناس, وبعض الناس لا يجبرهم القانون المدني أو الإلهي على مساعدتنا ولكننا نجدهم يمدون لنا يد العون من قارة أخرى يبعدون بها عنها آلاف الأميال والكيلومترات وكل هذا لأنهم يحبوننا,أما أولئك الذين يسكنون معنا في نفس البيئة أو الحارة نجد أن قانون ألله يجبرهم على مساعدتنا بنصوص دينية مثبتة وصحيحة غير أنهم يتحدون تلك النصوص القرآنية ويضربون بها عرض الحائط ويتهربون بذلك من مساعدتنا وكل هذا بسبب عدم تعميق ثقافة المحبة في نفوسهم غير ثقافة القتل والذبح والسلخ والوعيد ومضايقتنا ومقاتلتنا لإجبارنا بقوة السيف وبقوة البندقية على تمثيل الدور الذي يريدونه لنا على أرض الواقع,ولو تعمقتْ لدى هؤلاء الناس ثقافة المحبة لَما احتاجوا إلى مليون مئذنة مرتفعة في أغلب العواصم العربية ولَما احتاجوا إلى 100 محطة فضائية تحث الناس على فعل الخير ولَما احتاجوا إلى انفاق الملايين والمليارات على بناء المساجد في الوقت الذي لا تؤثر فيه المساجد على سلوكيات الناس بل على العكس الفساد يزداد يوما بعد يوم والعدالة غائبة وكل ذلك بسبب غياب كلمة المحبة من كُتب المدارس ورياض الأطفال وبسبب غياب هذه الكلمة من على ألسنة الناس التي لا تحسن غير القسم واليمين الكاذب من أجل تمرير بعض القرارات الصعبة في حياتهم , مئات من المئاذن مرتفعة بالأعالي ومئات من قُبب المساجد لكن بدون جدوى على رأي المثل القائل (تيتي تيتي مثل ما رُحتي مثل ما جيتي) ولو أنهم آمنوا بالمحبة لأحبونا ولساعدونا ولكنهم للأسف لا يؤمنون إلا بإله الغضب والحرب والقتل والانتقام وتغليظ العقوبات لتصل إلى بتر الأعضاء,ولقد صدق اليهود حين سألوا محمدا:من يأتيك من الملائكة بالوحي؟ قال:جبريل,قالوا:اممم هذا ينزل فقط بالحرب وبالدمار ولو قلت ملكا غيره لآمنا بك,وهذا تفسير للآية القرآنية القائلة(..قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ98البقرة.

,فالمحبة تجبر الإنسان على ارتكاب الخير وعمل المعروف ورميه في البحر الأبيض المتوسط, فإذا لجأنا إلى الحب والمحبة في ديننا الإسلامي نجد أن الحب والمحبة ومشتقاتهما من مترادفات لغوية وغيرها تأتي في المرتبة الأخيرة في حياة كل مسلم,فالزواج مثلا يبدأ بالمهور من مُعجل ومُتأخر ومن ذهب وأثاث وآخر شيء يأت الحب في الدرك الأسفل من سُلم العلاقات الزوجية والعاطفية.

والمحبة يجب أن تكون أولا ويجب أن نحمل جميعنا شعار الحب أولا أو المحبة أولا والقانون وتحقيق العدالة لا يمكن أن يتحقق هذا المطلب الذي نقول عنه بأنه قانون إلهي أو بشري إلا إذا حققنا مفهوم الحُب والمحبة أولا فحين يقع الحب -كما كانت تقول جدتي رحمها الله-يبطل التكلف,والناس يقولونه هكذا(إذا وقع الحُب بَطُلَ التكلف) أي تبطل كل السنن والفرائض والقوانين لتحقيق مبدأ العدالة الشاملة والمساواة الشاملة بين أبناء البشر من الجنس الواحد.

ومع أننا جميعنا مؤمنون بمبدأ الحب غير أننا نخالف عقائدنا وفطرتنا فنلجأ إلى القوانين وإلى التخمين وإلى أعمال العنف والضرب بيد من حديد وإلى إشعال الحرب ونار الفتنة,ومن ثم نرغب جدا في تخمين أشياء أخرى تتحقق فيها العدالة والمساواة منها جمع المال من أجل إدخال السعادة إلى نفوسنا ولو سألنا أصحاب المال والأعمال لوجدناهم مخالفين لنا فيما نذهب إليه من تخمينات بحيث أن ما جمعوه من أموال لم يحقق لهم السعادة ولم يحقق لهم مفهوم العدالة,فالمال في أغلبه فتنة وتعب وإرهاق شديدين ولا يحقق لنا السعادة وجمع المال في أغلبه يكون مضيعة للوقت وقد يسأل الرجل أو الإنسان الناسَ أن يعطوه من مال الله أو الرب وهو معه منه الكثير ذلك أن المال يعلم الناس على الطمع ولا يعلمهم على المحبة,وهنا لا المال نافع ولا الطرق الأخرى نافعة من أجل إحقاق الحق وتحقيق مفهوم العدالة الشاملة.

إننا في طريقنا لتنظيم الكون آخر ما نلجأ إليه هو القانون ومن بعد ذلك المحبة,فحتى نحقق العدالة نلجأ أولا لجوءاً خاطئاً إلى توقيع أقصى أنواع العقوبات بحق المخالفين للأعراف السائدة ومعايير المجتمع الذي نعيش به ,ونحن بالتالي نرتكب جريمة أخرى لا تقل إجراما عن جريمة المجرم نفسه وأحيانا نرتكب عقوبة كبيرة قد لا يستحقها المجرم حيث تكون أكبر بكثيرٍ من حجم المشكلة نفسها أو تكون كبيرة بحق المجرم ولا تتطابق مبدئيا مع قدرات المجرم ,نحن البشر نرتكب الإجرام أكثر بحق المخالفين للنواميس الطبيعية والسماوية.

إن الأشياء التي نفكر فيها في نهاية المطاف من أجل إحقاق الحق تأت بالمرتبة الأخيرة في حين من الواجب أن تأت المحبة بالمرتبة الأولى.

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

الليالي الخمسة 2

الليالي الخمسة 2

الليلة الثانية

محمد الرديني

بصراحة لم اعد اطيق هذا الوضع … انه وضع غريب بالنسبة لي على الاقل، فالكل ينعتني بالجنون او العته حينما اتحدث – ويتكرر ذلك  في ديوان القرية- عن ضرورة الاستماع الى الاخرين واحترام ارائهم حتي باتوا يلقبونني ب (الديمكراتي العجوز).
 كنت في البداية احس باني مثل الاطرش بالزفة بين هؤلاء ولكني لم استطع ان اعتاد على هذا الوضع بسبب ان ناس قريتنا ( لايزيد عددهم عن الفي نسمة) الفوا وتداولوا قصص وحكايات كثيرة عما كان يدور بيني وبين ابني ، بعضها ملفق والاخر مبالغ فيه والنوع الثالث لااساس له من الصحة.
هي في الحقيقة ليست مشكلة عويصة كما يتصورها البعض … فقد حدث منذ سنوات طويلة ان نذرت لله تعالى حين يرزقني باول ولد ان اتركه يقول مايريد، يتعلم متى يتحدث ومتى يصغي ، كما نذرت باني لااستعمل اي افعال امر في حديثي معه فالقاموس زاخر بافعال الرجاء والسماح والطلب غير المباشر.
ولم اكن اعتقد ان تلك المسألة ستكون لب المشكلة، كنت اريد ان اسمع منه ثم احاول ان اقول له رأيي بصراحة ودون اصرار، كنت مولعا بالحوارات التي اشاهدها في الافلام التلفزيونية ( خصوصا الامريكية) متمنيا في داخلي ان اكون واحدا من هؤلاء الذين يتكلمون ببراعة في هذه الافلام ويتمتعون باصغاء رائع من الذين في سنهم او من هم اصغر منهم سنا.
دعوني اتحدث قليلا عن هذه النقطة فانا اعتقد انها مهمة جدا.
حين كنت اتابع المسلسلات الاجنبية خصوصا تلك التي تعالج المشكلات  الاسرية، كنت اهتم بنقطتين، الاولى تعابير الوجه اثناء الحديث والثانية فرق العمر بين المتحدثين… ففي النقطة الاولى اجد – وهذا مايحدث دائما – ان المحاور صغيرا كان ام كبيرا لايهم – يقنع الاخر بوجهة نظره، انه يقنع الاخر بسهولة فهو يتمتع بمنطق واضح وحجة مفحمة ، قد يقول بعضكم ان ذلك مااراده كاتب السيناريو، هذا صحيح ولكن الكلمات المستعملة في الحديث هي نفسها المتداولة بين الناس ان كانوا في بيوتهم او عملهم او في فراش نومهم.
وفي النقطة الثانية اجد تعابير الوجه التي تشع احتراما وتقديرا وتبجيلا للمتحدث تنبىء هي الاخرى عن هذا الادب الجم في تبادل الاتهامات وبروح رياضية كما يقولون.
اما في الافلام الفرنسية فحدث ولاحرج فالاب يصرخ في وجه ابنه والابن يصرخ في وجه ابيه ثم تسود فجأة فترة صمت يحاول كل منهما ان يعيد التوازن الى عقله . وسرعان ما يحتضن الواحد منهما الاخر     – ولايهم من يكون البادىء- وتذوب المشكلة التي يتخيل المشاهد انها ستكون نقطة انعطاف حاد في حياة احدهما.
بصراحة كنت اتمنى ان اكون احد هؤلاء… وكانت تأسرني تلك الحوارات وانا مستلق على فراشي اما اذا غفوت – وكنت متزوجا حينذاك- فكل الاحلام تنصهر في حلم واحد: الاب يجلس في باحة المنزل ، قلقا يرسم على وجهه تعابير قاسية يفكر في الطريقة المجدية التي يفتعل فيها مشكلة مع ولده البالغ من العمر خمسة عشر عاما، ويسترجع في ذهنه بعد ذلك سيناريو الحوار الذي سيؤديه، وفي النهاية اي بعد ان تنتهي المشكلة وحواراتها المتبادلة ينظر الاب الى ابنه والابن الى ابيه ثم تسود فترة صمت ويحتضن كل منهما الاخر.
وحين يصل الحلم الى هذه النقطة كنت غالبا ما الف يدي على رقبة زوجتي – اثناء الحلم طبعا- فتستيقظ مرتعبة وتدفعني الى حافة الفراش صارخة:
” ابتعد عني ايها المراهق” .
وابتعد، وابدأ مرة اخرى بالسؤال …. لماذا تصرخ هذه المرأة ، لماذا لاتقول مثلا بكل ود:
” اني متعبة هذا اليوم، ولكني اقدر تلك اللمسة الرائعة .. شكرا.
ماذا يحدث لو قالت هذه الكلمات.
انا سأقول لكم ماذا سيحدث… ستنقلب الدنيا رأسا على عقب لا كما يتصور البعض بل عاليها سافلها وواطيها عاليها وعاليها واطيها… وستصرخ :
” لقد تحملت بما فيه الكقاية، كنت سكيرا ورائحة فمك لايدنو منها حتى البقر- اهناك انثى رقيقة تستطيع ان تتفوه بهذه الكلمات القاسية- وهددتني  بالطلاق ذات يوم اذا شربت هذا الزفت مرة اخرى ، ومثل اي رجل يخاف الفضيحة وكلام الناس اقسمت الا اعود الى الخمرة وكنت عند وعدك. ولم تمض شهور عدة حتى اصبحت مدمنا على الجنون… كل الناس يتناولون ثلاث وجبات في اليوم الا انت تتناول سبع وجبات ، ومعظم الناس يتناولون الحلويات في المناسبات الا انت تتناولها قبل وبعد وجبات الاكل.
” كنت تخافين علي من السمنة.
” لتذهب انت وسمنتك الى الجحيم.
” اذن دعينا نناقش الامر بديمقراطية.
” كفاك خزعبلات، من هي هذه الديمقراطية التي تريد ان تحتج بها.
” انها ليست امرأة على اية حال.
” حتى ولو كانت امرأة، فانا اعرفك جيدا ، الست انت صاحب القصة اياها؟
” ارجوك لاتكرري ذلك مرة اخرى.
” بل اكرره، اما كنت تقول ان مراهقتك كانت تعيسة واكتشفت تلك التعاسة على يدي احدى بنات الهوى . كنتم اربعة شباب ينتظر كل منكم دوره، وحين جاء دورك دخلت وانت تغني فسألتك المرأة اياها وهي مضطجعة على السرير فاتحة فخذيها كالعادة عن سبب الغناء فقلت انك لاتعرف لماذا ولكنك كنت تريد       – حسب روايتك- التي رددتها اكثر من مائة مرة ان تهيىء الجو الشاعري المناسب،  وكنت تقول انك كنت تغني ( ياماجلسنا تحت الشجر ياوهيبة واكلنا برتقال) وانت تنام فوقها باكيا وحين سألتك مرة اخرى عن السبب قلت لها : لاشيء ، كنت اريد ان اغني فقط  فدفعتك بيديها لتسقط من السرير على الارض وهي تقول لك : انك لاتصلح حتى للبكاء.
” ارجوك …
” دعني اكمل قصتك التي حفظتها عن ظهر قلب.
 ” لا … ارجوك.
” اذن دعني انام.
” حسنا.
في هذه اللحظة اعرف تماما ما يتوجب علي ان افعل .. ابحث في قنوات التلفزيون عن فيلم او مسلسل تكون المرأة او الرجل فيه في غاية الاسترخاء حتى انه لا ينادي  زوجته باسمها الاول بل يقول لها:
” هل تسمحين لي ان ادعوك الى وجبة عشاء متواضعة.
” بكل سرور ياحبيبي، بكل سرور.
” هل لديك مكان محدد نذهب اليه.
” بل كل الاماكن التي تريدها فانا رهن اشارتك.
” اشارتي؟؟
” نعم، اشارتك الست زوجي و(ابو بيتي) وحبيب عمري.
” ولكن.
وتدور الكاميرا واعتقد انه من الافضل ان نعود الى حديث قريتنا، ولعل الكثيرين لايعرفون السبب وراء هذه الحكايات التي يسردها الناس وخصوصا في ديوانية القرية.
فقد حدث ذات يوم ان طلب مني ابني ان أخذه معي الى الديوانية فلم امانع سيما وانه اصبح شابا لايستهان بحديثه.
وبعد ان دارت القهوة بين الحاضرين انبرى احدهم ملتفتا الي :
” يا(ابو محمد) ان الديوانيات مجمع الرجال وليس المراهقين.
فرد ابني ببرود اعصاب:
” هل تعرف من هو المراهق.
ارتبك المتحدث ، ليس من السؤال ولكن من برودة اعصاب ابني التي لاتتآلف مع من في مثل عمره.
اسرعت الى الرد  لانقاذ الموقف:
” جاء محمد لكي يتعلم من الكبار يابو كاظم.
وتفاجأت بصوت ابني قائلا:
” وهل جئت اتعلم الاهانات.
” اخرس ياولد.
ساد جو من التوتر بين الجميع وما كان مني الا ان وقفت وامسكت بيد ابني  واستأذنت في الانصراف.
بعد ايام اصابتني وعكة برد الزمتني الفراش لعدة ايام، ولم اعلم ان ابني حضر احدى امسيات الديوانية بدون علمي.
قال ابوكاظم اثناء زيارته لي:
” جاءنا ابنك قبل يومين وكنا في غاية الصبر معه فقد كان لسانه طويلا.
” وماذا قال يابوكاظم.
” كنا نتحدث عن موسمنا الزراعي والقحط الذي اصاب معظم المحاصيل بسبب كما تعرف من العين التي اصابتنا من ناس القرية المجاورة.
” وماذا بعد.
” هب ابنك واقفا وصاح بغضب: تريدون اراحة ضمائركم برمي عيوبكم على الاخرين، تماما مثل حديثكم عن البعبع الامريكي والغول اليهودي الذي بلع فلسطين. تتباكون وانتم تدخنون في هذا الديوان بعد ان رميتم كل خذلانكم على الاخرين. تريدون اراحة ضمائركم فسعيتم الى تبريرافعالكم ورمي الاخطاء على الاخرين.
يسكت ابنك لبرهة ثم يصرخ مرة اخرى: اي عين هذه التي تحرق مزارعكم ، ثم اي مزارع هذه التي تتحدثون عنها وانتم لم تحرثوها منذ سنتين؟ وهل تستطيعون ان تقولوا كيف ولماذا قتل محمد الرضوان؟ انا اقول لكم لانه اراد ان يحفر بئرا خاصا ليروي مزرعته، واعتبرتم ذلك خروجا على التقاليد، تقاليدكم، اذ كيف يحق له ، هذا محمد الرضوان، ان يتخذ هذا القرار دون الرجوع الى شيوخ القرية خصوصا وانه قال لكم: ان هذه المياه ليست ملكا لاحد ، انها ملك  الله عز وجل فقط واذا اردت ان اسأل احدا فعلي ان اسأل ربي الذي يمطر السماء وينبت العشب والزرع.
” وماذا بعد يابو كاظم.
” هل هناك بعد … لقد خرج ابنك راكضا كمن اصابه مس من الجنون، كان يضحك بعصبية.
لااخفيكم، انا ايضا كنت اضحك بعصبية ولكن في داخلي اذ تحاشيت ان اظهر مشاعري امام صديق عمري ، وبصراحة لم اكن اعرف سبب ضحكي ولكن الذي ادريه ان ابني كان على حق.
سمعت ابوكاظم يقول:
” يجب ان تعاقبه وتمنعه من الذهاب الى الديوانيات مرة اخرى.
وحاولت ان اكون مجاملا جدا:
” لقد تعدى ابني حدوده وحان موعد عقابه.
عاقبت ابني ولكن على طريقتي الخاصة. استمعت اليه جيدا فانا معروف بين الجميع باني اجيد فن الاصغاء ولدي خبرة مع المسلسلات التلفزيونية – كما تعرفون- واقتنعت بوجهة نظره، ومن هنا بدأت المشكلة اذ سرعان مابدأت الاقاويل تنتشر بعد ان اعلنت رأيي في الديوانية. فقد همسوا من ضمن ماهمسوا به ان هذا الاب ضعيف الشخصية والا لما استمع لابنه . ثم كيف يستمع الاب الى ابنه ومن المفروض ان يحدث العكس، وحتى لو حدث ذلك فاين سلطة الاب ثم الا يجب ان يكون كل ذلك الحديث سرا بين الاثنين وعلى الاب ان يعلن بغير ما يبطن، لانه الاب في كل الاحوال. انها فعلا علامة من علامات يوم القيامة!.
وتذكرت ان ابني رسم صورة قلب يخترقه سهم على جذع شجرة ذات مرة وكانت مصادفة على ما اعتقد ان هذه الشجرة كانت قريبة من احد الابار فثارت ثورة الاباء وقاد حملة الغضب ابوكاظم نفسه وكان يصيح في الديوان:
” هذا الولد يريد افساد بناتنا  لقد بتن يعرفن ان هذه العلامة تعني القلب العاشق وتخيلوا لو ان احداهن ارادت ترسم هذه العلامة على شجرة ثانية وتاتي اخرى وترسم علامة اخرى.
كانت همهمات الحاضرين تعلو وتنخفض ولايمكن  لاحد في تلك اللحظة ان يلتقط جملة مفيدة واحدة من احدهم.
تركت الديوان دون ان يشعر بي احد الا ابو كاظم الذي كانت تعابير وجهه تقول طبعا ان هذا الحديث لايعجبك ولايعجب ابنك ايضا افكلاكما من طينة واحدة.
في تلك اليلة لم استطع ان اخفي غيظي على جميع الموجودين في البيت .
كنت مستعدا للمشاجرة انتظارا لاول اشارة وكانت ام محمد هي الضحية الاولى.
قالت:
” لماذا كل هذا العبوس.
صرخت:
” وهل تستكثرون علي العبوس متى اريد؟
” وهل تريد جوابا ام تريد ان تتعارك؟
” الاثنين معا.
” يجب ان تختار ، الست من المؤمنين بالديمقراطية.
” وماعلاقة كل هذا بذاك.
” …….
” لماذا خرست.
“………………
” تكلمي،  قولي اي شيء.
خرجت ام محمد بهدوء . كانت تعرف جيدا ان الحديث اذا استمر على هذا المنوال سوف ينتهي بكارثة والكارثة هي الصراخ ولاشيء غير الصراخ.
رباه لو لم تخرج بهذه الطريقة الاستفزازية .. لو انها ادارت وجهها الي بدلا من ظهرها … لو انها اقبلت رافعة يديها نحوي… لو انها ضغطت على اعصابها وقالت:
” ماذا حل بك .. لماذا كل هذا الهم المرسوم على وجهك .. انفض عنك كل هذا العبوس يارجل ، ثم تسكت قليلا لتضيف ضاحكة:
” ادخرت مبلغا من المال واستطيع ان ادعوك اليوم على العشاء  في ارقى مطعم تختاره.
وكنت ساجيب بالتأكيد:
” لقد تعبت يا حبيبتي.. لماذا يتوجب علي ان اكون حاملا الراية بدلا من صاحبها.
” هكذا خلقت وعليك ان تتقبل قدرك.
” لااعتقد ان الامر بهذا الشكل ؟
” ماذا عن دعوة العشاء؟
” هل يمكن تأجيلها؟
” كما تريد.
في اليوم التالي قال لي ابني محمد وملامحه تعبر عن هدوء تام:
: اريد ان اعتمد على نفسي .
” وماهو المطلوب.
” ان اغادر البيت.
” تغادر البيت؟.
” نعم.
ودون ان يتنظر مني اي رد ادار ظهره نحوي واتجه مباشرة الى باب البيت الرئيس. مرت عدة ثوان حاولت خلالها  ان استوعب الامر. كان الامر بالنسبة لي اكثر من رمي صخرة  كبيرة في مستنقع ماء راكد.
استرجعت في ذهني كل اللقطات السينمائية التي تعالج مثل هذا الموضوع، خصوصا تلك اللقطات الامريكية ولكن دون جدوى فقد توقف كل شيء داخل جمجمتي وبات من العسير ان افكر في شيء محدد … لماذا انا هكذا؟ ، لماذا هو كذلك  لااحد يدري.
هل هي الضريبة التي يجب علي دفعها؟ ام ان بقايا العقل الذي احتفظ به هو الذي قاد الى ذلك؟ لايمكن لي ان اعترف بسهولة رغم ان قرار محمد هو قرار طبيعي سيتخذه عاجلا ام آجلا، اين لي تلك الشجاعة التي اعترف بها ان الامر بهذه السهولة.
مازال الحال كما هو عليه في هذه القرية البائسة، ماعدا نظرات السخرية التي تصادفني يوميا من   (ابو كاظم ) والاخرين. لم اعر الامر اهتماما، كان كل اهتمامي بنصب على ابني محمد، انا اعرف انه سيشقى ويتعذب.
انا اعرف انه يحمل عقلا يتعب جسمه … انا اعرف انه سيعاني كثيرا . لقد سمعته يقول لامه ذات يوم:
” سابحث عن حياتي في البحر كما فعل ابي.
لاسبيل الى النسيان سوى تذكر ايام البحر.. آخ  ايها البحر الجميل ما اعذب ومااشهى نساؤك. 

https://mufakerhur.org/?p=1057

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

فوز الإسلاميين، نعمة أَمْ نقمة؟

فوز الإسلاميين، نعمة أَمْ نقمة؟

عبدالقادر أنيس

عنوان هذه المقالة هو نفس عنوان المقالة التي كتبها الكاتب عبد الخالق حسين
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=285493
ولم أشأ الاستعاضة عنه بعنوان آخر لمناسبته لمقتضي الحال. لكن عدا العنوان، ورغم حصافة الأفكار التي قدمها الكاتب، فأنا لا أشاطره الرأي في بعض نقاطها التي سأناقشها نقطة نقطة، مؤيدا أو معارضا أو مثريا:
أسباب انتصار الإسلاميين كما عددها الكاتب ولخصها في سبع نقاط:
“أولاً، أن الحكومات التي حكمت الشعوب العربية كانت علمانية مستبدة، وفاسدة إلى أبعد الحدود، وفشلت في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتفاقمة، لذلك شوهت سمعة العلمانية، الأمر الذي استغله الإسلاميون، ولتفشي الجهل والأمية بين الشعوب العربية، صوروا لهم أن العلمانية تعني الإلحاد والإباحية، ومعاداة الإسلام، وطرحوا شعارهم المعروف (الحل في الإسلام). كما ويجب أن لا ننسى أن الجماهير الواسعة من الشعوب العربية هي محافظة ومتدينة وخاضعة لتأثير التراث العربي- الإسلامي، الذي صور لهم أن سبب تخلف العرب هو تخليهم عما كان عليه السلف الصالح، وأنهم لن يعيدوا مكانتهم المرموقة في العالم إلا بتمسكهم بهذا التراث وإحيائه، والعودة إلى الماضي “المجيد”.
وهو سبب أتفق فيه مع الكاتب في نقاط كما أختلف معه في أخرى. فالقول بأن “الحكومات التي حكمت الشعوب العربية كانت علمانية مستبدة، وفاسدة إلى أبعد الحدود”، صحيح، لولا إدراج الكاتب للعلمانية ضمن خصوصيات أو (التهم) الموجهة لتلك الحكومات وكررها أكثر من مرة، والكاتب، برأيي، لا يبتعد عن الطرح الإسلامي هنا. بينما واقع الحال يقول لنا بأن الحكومات التي حكمت الشعوب العربية لم تكن علمانية. صحيح أن بعضها كان يدعي ذلك كنوع من الزعم بأنه مع موقف عادل تجاه جميع الطوائف والمذاهب، لكن معظمها كان ينفي هذه (التهمة). في الجزائر مثلا والتي فاز فيها الإسلاميون سنة 1991 وفي الدور الأول وبأغلبية المقاعد، كانت الدولة علمانية في جوانب من سياستها خاصة الاقتصادية، حيث كانت البنوك ربوية كما يصورها الإسلاميون، ولم تكن الدولة تهتم بجمع الزكاة، بل كان الناس يخرجونها كعبادة، مثلما كان عليه الحال في أغلب عهود الدولة الإسلامية، وكانت الدولة علمانية أيضا ولو شكليا في النظام السياسي (برلمان، تنظيم حكومي، الفصل بين السلطات الثلاث، إشراك المرأة في كل ذلك..)، وهذه تهم كان يوجهها الإسلاميون لدولنا ولكنهم، حاضرا، أسقطوها، ولم تعد قابلة للتراجع عنها عندهم، عدا ذلك فالدولة كانت أبعد ما يكون عن العلمانية خاصة في مناهج التربية والتعليم والمساجد وقانون الأحوال الشخصية وحرية الاعتقاد ومختلف الحريات وكل ما يساهم في تكون العقل والفرد العاقل. وعليه، وباعتبار أن العلمانية تعني قبل كل شيء، امتناع الدولة عن التدخل في شؤون الدين والإشراف عليه والتدخل في توجيه رجاله ومؤسساتهم، وأيضا امتناع الدين من خلال رجاله ومؤسساته عن التدخل في السياسة والدولة والتحزب لها أو عليها، باعتبار هذا، فلم تكن الدولة علمانية في أي قطر عربي. بل كان هناك تحالف دائم بين رجال الدين ورجال السياسة، وكان بينهم تأثير متبادل، وفي أحسن الأحوال كانت الدولة تسخر الدين لخدمة توجهاتها المختلفة فكان الدين اشتراكيا مع الاشتراكية ورأسماليا مع الرأسمالية وإقطاعيا مع الإقطاع واستبداديا مع الاستبداد وثوريا مع الثوار. وقف رجال الدين مع تحديد النسل، كما عارضوه حسب سياسات الدول ومقتضيات المرحلة، أيدوا التأميمات (الناس شركاء في ثلاثة: الماء والكلام والنار) يجوز تأميمها، فصار الماء سدودا وأنهارا وبحارا، وصار الكلأ أراضي وغابات ومزارع وصارت النار محروقات، كما عارضوها عندما تخلت الدولة عن تلك السياسات وتبنت الخوصصة فصار الله هو الرازق وهو المانع. وفي الكثير من الأحيان كانت الدول ترضخ لضغوط رجال الدين خاصة ما تعلق بحقوق النساء والتبني والحريات الفردية وبناء المساجد والمعاهد الدينية والإشراف عليها..
لهذا فقول الكاتب بأن دولنا كانت علمانية ليس صحيحا تماما. والإسلاميون ظلوا دائما يضخمون هذه التهمة وينفخون فيها، خاصة في الآونة الأخيرة عندما ضعف اليسار والشيوعية ولم تعد مشاجب صالحة ليعلقوا عليها حملاتهم، فحوّلوا العداء نحو العلمانية وحملوها أسباب الفشل حتى يقنعوا الناس بمطالب الإسلام هو الحل وضرورات تطبيق الشريعة. أما في الجزائر فلم يفز الإسلاميون عبر الهجوم على العلمانية. بل إن هذه الأخيرة لم تكن محل نقاش أبدا إلا نادرا. بل يعود فوزهم إلى عدة عوامل أهمها: تدهور الأوضاع الاقتصادية نتيجة انهيار أسعار البترول، والانفجار السكاني الذي أدى إلى تضاعف عدد السكان أربع مرات في جيل واحد وفشل المنظومة التربوية التعليمية في تخريج أجيال متعلمة حقا بسبب هذا الضغط، والعاملان الأخيران ساهما فيه رجال الدين التقليديون والإسلاميون لأنهم عارضوا تنظيم النسل وكفروا اللجوء إليه، وأشرفوا كمسئولين ومعلمين على التعليم وحقنوا الأجيال بالفكر الديني اللاعقلاني. وأنا أتذكر هنا أن الطلبة كانوا يتلقون في كل المراحل حماقة من أشد الحماقات التدميرية للعقول، وهذا في أغلب مناهج العلوم الإنسانية، مفادها هو أن في العالم نظامين: اشتراكي ورأسمالي، الاشتراكي يقتل الفردية لصالح الجماعة، والرأسمالي يقتل الجماعة لصالح الفرد، أما الإسلام فهو يوفق بينهما فيعطي لكل ذي حق حقه، فترعرعت الأجيال على هذه الكذبة وصدقتها حتى أتت أُكُلها.
أما اعتبار “تفشي الجهل والأمية بين الشعوب العربية”، سببا فهو صحيح ولكنه سبب متواضع جدا. وأخذه بعين الاعتبار لا يفسر لنا سبب انسياق أغلبية المتعلمين من خريجي المدارس العليا والجامعات بهذه (الصحوة). رأيي أن انهيار مستوى التعليم وتدني مستويات العقلانية والعلمانية فيه هو ما قدم للإسلاميين، ومجانا، آلاف المؤطرين للحركات الجماهيرية من هؤلاء المتعلمين الذين أسيء تعليمهم. لهذا فمن الظلم أن نقول بأن أنظمتنا كانت علمانية هكذا بإطلاق.
والسب الثاني كما قدمه الكاتب هو “أن الإسلاميين اكتسبوا خبرة هائلة في مخاطبة الرأي العام العالمي الغربي، والجماهير العربية، فطرحوا أنفسهم على أنهم ديمقراطيون حقيقيون، وأنهم سيلتزمون بالديمقراطية، والتعددية، واحترام الحقوق…الخ إذا ما استلموا السلطة”.
وفي الحقيقة، فهذا (التحول) في فكر الإسلاميين حديث جدا، يعود إلى عدة سنوات قليلة. قبل ذلك كان الإسلاميون يعادون الديمقراطية ويعتبرونها من الأفكار المستوردة. في الجزائر، أي قبل عشرين سنة فقط، وخلال الانتخابات المشئومة، كان أغلب الإسلاميين يكفرون الديمقراطية. وكان أفضلهم (الشيخ نحناح) قد استعاض عنها بلفظة منحوتة (الشوراقراطية)، أي حكم الشورى لا حكم الشعب كما هو معنى الديمقراطية الأصلي. والشورى في الإسلام ظلت مهملة وأقصى ما كان يتحدث عنه رجال الدين في شأنها أنه من واجب الخليفة أن يستشير أهل الحل والعقد (وهم أصلا طائفة غامضة لا نجد لها في نصوص الإسلام التأسيسية أساسا)، وإذا كان من المستحب للخليفة أن يستشيرهم حسب الفقهاء، فليس هو ملزما بالأخذ برأيهم. هكذا كان تاريخ الإسلام طوال أربعة عشر قرنا. وبالتالي فالشوراقراطية أكذوبة الهدف منها إيهام الناس بأن في الإسلام سياسة حكم يمكن أن نستعيض بها عن الديمقراطية الحديثة الغربية من أجل تمرير الاستبداد الديني.
تحول الإسلاميين الأخير، إذن، حديث، فيه من الانتهازية والتحايل أكثر مما فيه من الصدق، وأسطع دليل أنهم لا يرون الديمقراطية إلا في شكلها الإجرائي الانتخابي. تحول الإسلاميين إذن لم يأت عن قناعة راسخة، وهم لهذا لم يقدموا للناس مراجعة حقيقة ونقدا ذاتيا لأفكارهم التي كانت تكفر كل ما هو غربي، ولا نجد بينهم من انتقد حسن البنا مؤسس حركتهم الذي كان أشد المطالبين بإلغاء الديمقراطية والتعددية الحزبية ولا سيد قطب الأب الروحي للإرهاب:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=285868
تقديري أن التحول الأول جاء من الغرب الذي لم يعد في حاجة إلى الإسلاميين في صراعاته العالمية والجهوية، ثم جاءت الضربة القاضية بعد غزوة نيويورك وصار القرضاوي بعدها إرهابيا غير مرغوب فيه ولو للعلاج. الغرب إذن صار في حاجة إلى إسلام آخر وسعودية أخرى وتوظيف آخر للبترودولار غير الجهاد وتكوين المجاهدين، كما صار مهيئا للتخلي عن حلفائه في أنظمة الاستبداد التي عجزت عن التحكم في إرهابييها كبضاعة وحيدة قابلة للتصدير بعد الثروات الطبيعية طبعا.
السبب الثالثً حسب الكاتب، “إن الحكومات العربية العلمانية الفاسدة كانت تخاف على سلطتها من القوى الديمقراطية الليبرالية أكثر من خوفها من الأحزاب الإسلامية، لذلك كان هناك نوع من التحالف غير المعلن بين الإسلاميين والحكومات الفاسدة في محاربة العلمانيين الديمقراطيين، وتضييق الخناق عليهم في التبشير برسالتهم، وتصفيتهم إعلامياً، وحتى جسدياً، وهناك قوائم طويلة بأسماء قوافل الشهداء الديمقراطيين العرب الذين اغتيلوا على أيدي الإسلاميين، ودون مقاضاة الجناة”.
وهو سبب أتفق فيه مع الكاتب، عدا صفة العلمانية طبعا، وأضيف للتوضيح فقط، أن علاقة الأنظمة الاستبدادية عندنا بالإسلاميين والعلمانيين كانت تشبه تأرجح البندول في الساعة القديمة. ففي صراعها مع أحد الطرفين، تعمد الحكومة إلى التحالف مع الطرف الآخر ويحدث الاقتراب حتى يقضي الحاكم حاجته ويضعف الطرف الخطير ثم يشعر بالخوف من هذا الابتعاد عن الأصل فيتنكر لهذا التحالف ويعيد البندول تحركه نحو الطرف الآخر، على حساب الطرف الأول الذي يصير مغضوبا عليه، فيتهم بالخيانة أو محاولة الانقلاب مع أطراف منه، ويقترب نحو الطرف الآخر أحيانا حد التماهي مثلما حدث في السودان وفي الجزائر مع الإسلاميين، إلا أن كلا الطرفين، الإسلامي والعلماني، عانى نتيجة مواقفه الانتهازية أو الوهمية مع النظام الحاكم، من السجون والمنافي والاغتيالات، وليس العلمانيين فقط. لكن الإسلاميين كانوا أكثر إفادة من العلمانيين من خلال فزاعتهم الدائمة تجاه النظام بتهمة العداء للإسلام ولهذا كانت الأنظمة تبالغ كثيرا في منافسة الإسلاميين حول من هو الأشد حرصا على حماية الدين والمؤمنين وكانت تقيم لذلك الملتقيات الدينية وتنشر الكتب تصدر الصحف والإذاعات والفضائيات الدينية وتنفق بسخاء على بناء المساجد ومختلف المؤسسات الدينية حتى تنفي عنها تهمة الكفر وتستميل بذلك جماهير المؤمنين وتبعدهم عن خصمها كما كانت تسمح بتفريخ الجمعيات (الخيرية) و(الدينية) كتنظيمات ظاهرها خيري ديني وباطنها سياسي تعبوي. وكان الإسلاميون يفيدون من ذلك أيما فائدة فيمررون فكرهم الديني بينما تشدد الحكومات على الفكر العقلاني الفلسفي العلمي بحجة المساس بالمقدسات وتجنبا للفتنة التي ينجح الإسلاميون ورجال الدين كثيرا في إثارتها ضد المفكرين العلمانيين. كما كانت تسد الأبواب في وجه جمعيات المجتمع المدني العصرية وتمنع المحاضرات في المرافق الثقافية العامة وغير ذلك من النشاطات العلمانية التي تأبى الخضوع لإشراف الدولة وتوجيهها.

السبب الرابع كما يراه الكاتب هو أن “يمتلك الإسلاميون آلاف المنابر المنتشرة في طول البلاد العربية وعرضها مثل المساجد والمدارس الدينية، وحتى الشوارع والساحات العامة، لنشر أفكارهم وأيديولوجيتهم بمنتهى الحرية، والعمل على تشويه سمعة الديمقراطيين الليبراليين، وإصدار الفتاوى بمحاربة العلمانيين، والتصويت للإسلاميين في الانتخابات، وآخرها كانت فتوى الشيخ يوسف القرضاوي في هذا الصدد”.
وهذا صحيح، وأكثر. لكن كيف نفهم وصف الكاتب حكوماتنا بالعلمانية؟ هل يعقل أن تكون الدولة علمانية وهي مع ذلك تسمح بهذا للإسلاميين ولا تسمح به للعلمانيين؟ وكمثال على ذلك ما كان للغزالي من نفوذ على حكامنا. في الجزائر خصص له النظام الحاكم حصة تلفزية أسبوعية للتبشير بفكر الإخوان حتى توصل به الأمر إلى معارضة سياسة الحكومة في تنظيم النسل وغير ذلك إلى غاية توجيه اللوم للحكام عندنا على عدم مخاطبة الشعب بـ (يا أيها المسلمون)، أو (أيها المؤمنون)، أو (يا أيها الذين آمنوا)، بدل مخاطبتهم بـ (أيها المواطنون) الغريبة عن ثقافاتنا الإسلامية. وبلغ من تأثر الرئيس به (الشاذلي) حتى أنه صار يقلده فعندما يقول الغزالي (أنا فرعوني عربني الإسلام) يقول رئيسنا (أنا أمازيغي عربني الإسلام)، وكأنه يجب أن يكون الإنسان عربيا حتى يُغْفَرَ له ويكون من الصالحين.
أما في مصر فكلنا نتذكر مهزلة محاكمة قتلة فرج فودة. أنقل لكم ما سبق لي أن كتبت حول تلك المحاكمة المهزلة:
“كتب القرضاوي دفاعا عن صديقه محمد الغزالي في قضية اغتيال فرج فودة على أيدي الإسلاميين: (واستدعت المحكمة الشيخ الغزالي، وأفتى بجواز أن يقوم أفراد الأمة بإقامة الحدود عند تعطيلها، وإن كان هذا افتياتا على حق السلطة، ولكن ليس عليه عقوبة، وهذا يعني أنه لا يجوز قتل من قتل فرج فودة. فقامت الدنيا ولم تقعد بعد شهادة الشيخ الغزالي، واتُّهم الرجل بألسنة حداد أشحة على الخير مِنْ أناس لم يستقر الإيمان في قلوبهم، فضلا عمن يعادي منهج الإسلام. وذهب وزير إلى بيت الشيخ، وطلب منه أن يصرح أو يكتب مقالا يفسر به موقفه من قضية فرج فودة، لكن الشيخ أصر على موقفه، وعاد الوزير مرة ثانية يلح على الشيخ، فأجابه: أنا لم أكتب مقالا في صحيفة، ولا ألقيت خطبة في جامع، ولا محاضرة في جمعية، ولكني استدعيت للشهادة أمام محكمة، فشهدت بما أعتقد أنه الحق الذي أدين الله به وألقاه عليه، فإذا كان في شهادتي بعض الغموض فلتدعني المحكمة مرة أخرى، وأنا أشرح لها موقفي (الشيخ الغزالي كما عرفته، ص: 271-275، للدكتور يوسف القرضاوي.
رأي الغزالي في المحكمة كان ([ليست هناك عقوبة لقاتل المرتد ولكنه يعاقب على افتئاته على السلطة وليس هناك عقوبة منصوصة عن ذلك الافتئات على حد علمى) ؟! وهذا الكلام يعني البراءة لقاتل فرج فودة، وكان القاتل أميا لا يعرف فودة ولا أفكاره، وكان الأولى محاكمة الغزالي نفسه. لكن لم يحدث، بل سعت الدولة إلى تملقه بزيارة وزيرها. وتكرر الأمر مع سيد القمني، ومع ذلك ترشح الدولة المصرية وزيرها لرئاسة اليونسكو، التي تعني منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، بينما أغلب البلدان العربية لا تفعل الشيء الكثير ولا القليل لحماية المنتجين الحقيقيين للتربية والعلوم والثقافة، بل نكاد نقول العكس هو الصحيح.”
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=186871
يتبع

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | Leave a comment