انثرها عقد ياسَمين

       انثرها عقد ياسَمين

                                          زهير دعيم

ثبّت قدميَّ يا سيّدي فوق المُرتفعات.

قُدْ خطواتي في مسارات الحقِّ الى الينابيع الثّرّة، وشذّبني من أشواكي وحسكي وأعشابي، واعصرْ ثمري في دنّك، خمرةً مُنعشة يستعذبها  كلُّ مَن حولي، فيشيروا الى السماء قائلين : من هناك!

 فأنا بدونِكَ  يا سيّدي يبابٌ وأوراق خريف  تطير في مهبِّ الرّيح، وبدون حُبّك وحنانك آلة تُفرِّخ الشّرّ وتلد الخطيئة.
فمعك وبكُ أرفع الانسان في داخلي الى فوق ، أرفعه بقدرتك “من طين الحمأة” الى مصافّ الأحبّاء، فأروح- وأنا المُطالب بالتواضع- أروح احلّق فرحًا وشَمَمًا ، فأنا ابن مُدلّل عند الإله الذي كوَّنَ الكون بكلمة ، ولوّنه بكلمة وغرّده سيمفونية حُبٍّ سرمديّ.
  كنت في الماضي أخاف المرتفعات والشواهق ، فما عُدت وأنت معي أخشى شيئًا ، فكلّ شيء برفقتك وبعونك وروحك  تقزّمَ ….
  ما عُدْتُ أخشى شيئًا، وكيف أخشى والطبيعة الخلابة تحكي عنك، وطيور السّماء ترنّم لك ، والزنابق والرياحين تحمل عطرَ أنفاسِك؟!

 نعم كيف أخاف وأنا لك ومنك ومعك؟

قويّ أنا بقوّتك يا صانع المُعجزات …ثابت أنا على صخرتك، ومحمول في يوم الضّيق على كفيْكَ..
 بتُّّ لا اخشى شيئًا ، فالموت أضحى رُقادًا ، والضّيق غدا تنقية وتطهيرًا من الشوائب ، أمّا الاغنيات فانقلبت بقدرتك الى ترنيمات تشقّ العنان بخورًا  .

  عشقت فيروز وما زلت ، واليوم غدت تسبيحاتها  وغزلها فيك هي الأحلى والأروع.، وذُبتُ هوىً بالصّافي واليوم غدا مزمور يرتله هذا العملاق اجمل الاغنيات، فاسمك يا الهي حلو ؛ حلو بحروفه ومذاقه ووقعه ورؤياه ، حُلو بأثره وعمقه وأبعاده وحنانه وجبروته…
  حلوٌ أنت يا يسوع !
حلو يا مَن تُمسك بيميني فوق المُرتفعات وتروح تشجعني: أنا معك لا تخف تهمس ، حلِّقْ ، أنثرِ البشارة غير هَيّابٍ، أنثرها لؤلؤًا وعقودَ ياسّمين…

انثرها في الوديان والتلال والروابي والصحراء وفوق المرتفعات..
انثرها ولا تجامل احدًا ..انثرها ، ففي نثرها حياةٌ، وفي عُمقها شَبَعٌ..
 أنثرها وأنا معك.

Posted in فكر حر | Leave a comment

جمل وأحلى المفردات ومعانيها في تاريخ العراق

أجمل وأحلى المفردات ومعانيها في تاريخ العراق

سرسبيندار السندي: “لتعميم الفائدة إرتأيت نشره في موقع ( مفكر حر ) وشكرا لمن أعده حيث لم يذكر إسمه “؟

القبانجي : الشخص الذي يوزن البضاعة، ومتأتية من ألقبان أو الميزان.ه

الاطرقجي : بائع السجاد والبساط.ه

مغازجي : بائع الكراسي والمناضد المرايا واللوازم المنزلية.ه

العبايجي : بائع العبي وناسجها، والعباية تسمى أحيانا (بشت) وتعني بالفارسية والكردية الظهر، ومنه ورد أسم (بشت كو) طرف العراق الشرقي التي يقطنه العراقيون الفيلية، و الذي يعني ظهر الجبل.ه

علوجي : يبيع الحبوب والطحين. والعلوة هي السوق أو سوق الجملة، وتعني باللغة الكثبان أو مرتفع الأرض، وشرح عنها وقال الكثير المرحوم مصطفى جواد، وكانت ساحة الشهداء بالأساس علوة، وأشهر العلاوي الباقية (مستلهمة أسمها من الحلة) والواقعة على أطراف الكرخ، وكانت تباع فيها السلعة الآتية من جهات الحلة والفرات.ويتذكر جلنا أنها كانت  شحيحة البنيان حتى بعد أن أنشاء المحطة العالمية لسكة القطار ثم المطار المدني (المثنى).ه

العربنجي : صاحب العربة.ه

قلمجي : تاجر التبغ. وكان لا يطلق على تاجر التبغ (تاجر) بل قلنش.ه

الفروجي : خياط العبي (الفرو).ه

القندرجي : الشخص الذي يصنع الأحذية، و (قندره) كلمة تركية.ه

جرخجي : حارس ليلي، وجرخ يعني دائر أو دورة، والاسم متأتي من دورانه في الأزقة، ويسمى أحيانا النوبجي، ويعني الذي يأتي بالنوبة، أي بوقت معين أو فترة عمل محددة

الحمامجي : صاحب الحمام، والحمام كلمة عربية.ه

الفيترجي : وهو مصلح السيارات، والكلمة وارده من (فيتر

Fitter)

 الإنكليزية، وتعني صاحب المقاييس أو آخذ القياس بـ (ألفيته)، وليس مصلح شيء ما.ه

بنجرجي : وهو مصلح إطارات السيارات المطاطية، والكلمة واردة من الإنكليزية (بوينجر

Puncture )

 والكلمة تعني صاحب (النقطة) أو محددها وتعني مجازا مكان التنفيس، ولا علاقة لها بإطارات السيارات.ه

شاهبندر : (شاه بندر) رئيس التجار وهي من الفارسية مركبة من (شاه) ويعني رئيس أو ملك كما هو متداول، وبندر يعني الميناء وجعلت لدى المصريين المدينة للتمييز عن القرية (الكفر)، وبذلك فالمركب يعني كبير رئيس الميناء.ه

جلبي : وتعني مثل شاهبندر لكن من اللغة التركية، وتداولها العراقيون للدلالة على ملاك الأراضي، كما عبد الهادي بن عبد الحسين الجلبي والد السياسي أحمد الجلبي المتوفى 1988ه

دامرجي: وتعني حداد، والكلمة واردة من التركية حيث (دامر) يعني حديد، وثمة عائلة غنية في بغداد تحمل هذا الاسم.ه

دايه: بمعنى مربية، أو سيده، والكلمة من أصل فارسي بمعنى الرب أو الرئيس، وقد كان الأعراب في العراق القادمين من الجزيرة العربية يروجون (العراق دايه ونجد أمايه) ، أي أن أصلهم من نجد وتربيتهم في العراق، وهذا ما ذكره علي الوردي في لمحاته الاجتماعية. وداي أو دائي، ربما لها صلة مع اصطلاح (يدعي) و (مدعي بها) أي (شقي) (اباضاي عند الشاميين) ومتقوي بين القوم بجسارته وشكيمته، فهو مثل السيد. والداعي: أي الشخص المتكلم أي الداعي لكم بالدعوات الصالحة كما يفسرها البعض.وداي تداولها الولاة الأتراك في الجزائر وتونس، كلقب لهم وأشهرهم حسين داي. وترادف كذلك تداول لقب (بآي) كما أحمد بآي والي قسنطينة الذي طرده الفرنسيون 1832م، وبآي، تعني درجة رفيعة أو ذو المراتب، وهي من الفارسية كما (بآية) درجة السلم عند العراقيين.ه

كولجي : حارس المرمى، وكول كما هو معروف كلمة إنكليزية، مثلما كل مصطلحات اللعبة. والسبب لأن البريطانيين هم من أتى بهذه اللعبة بعد احتلالهم العراق.ه

كلاوجي أو كلاوات : يعني يضحك على ذقن الناس ويخدعهم.ه

لوتي: تأتي بمعنى محتال، وهي تذكر بطبقة الشطار والعيارين في التراث العراقي أو الحرافيش في التراث المصري. وبعضهم يرجعها للمفردة الإنكليزية

Looting

   وربما الأمر أبعد من ذلك، وينسبها البعض إلى قوم يسكنون سلطة عمان اليوم، و يدعون (اللواتي أو اللوتي)، وكانوا يؤمون البصرة ويكثرون فيها، ويتعاملون بالتجارة، ومن هناك انطلقت الكلمة كون بعضهم كان يحاول الاحتيال. واللواته العمانيين شيعة، ويتكلمون العربية مع لغة سنسكريتية خاصة، لكنهم أكثر الناس تعريبا وصيانة للعربية في السلطنة. والغريب في الأمر أن أسمهم يرتبط بقبيلة (لواته) البربرية في المغرب الإسلامي، وهي حمولة من قبائل صنهاجة البربرية، التي كني بها أبن بطوطة (اللواتي) الطنجي. وقد رحلتْ مع الفاطميين إلى مصر ثم كتب لها أن تستقر في اليمن، التي تبعت للفاطميين بالإضافة للحجاز والشام. ولكن أخبروهم بأن صلاح الدين الأيوبي سوف يتعقبهم ويفنيهم، فهربوا إلى الهند بعد سقوط الدولة الفاطمية، ثم عادوا بعد أجيال إلى عمان، وهم اليوم يشكلون أحدى فسيفسائها الجميل.ه

خشب جاوى : جاوى اسم البهارات التي كانت تأتي من مدينة جاوه في اندونيسيا وآخذت التسمية على الخشب القوي الممتاز.ه

لولة أو نبوبة : خشبة صغيرة كان يلف عليها خيوط الحرير، وفي بعض مناطق العراق يطلق على الحنفية (لولة)، وتسمى (جشمه) لدى البعض وهي من التركية. ونبوبه وأنبوب العربية كلها من مصدر (نبار) السومرية ويعني القصب، ومنها جاءت كلمة أنبار، ربما بسبب وجود القصب على ضفاف الفرات فيها، أو ربما من (نبر) السامية التي ترمز لارتفاع أرضها، بما يرد مثلا في (نبرة الصوت) .ه

النونة : دائرة صغيرة سوداء التي ترسم بين الحاجبين.ه

نمنم : وهو الخرز الصغير الذي يستعمل في توشيح الأنسجة النسائية، وفي كساء بعض المقتنيات الجميلة. وربما الكلمة واردة من (نمنم) ومنها (منمنمة) وهي الرسوم الدقيقة التي كانت تزوق بها الكتب، ولاسيما في الحقبة العباسية، ولاسيما القصص والمقامات ومنها مقامات الحريري التي رسمها الواسطي عام 1237م. ونرجح هنا أن هذا العرف قد ورد من كتب ماني البابلي، الداعية العراقي (213-277م) ، حيث كان رساما، وكان يضفي على كتبه الدينية وتعاليمه المكتوبة مسحات فنية من خلال الرسم عليها، ودعي كتابه حينئذ، قبل أن يمنع (ماني نامه) أي سجل أو كتاب ماني، ومنها حرفت لتصبح مع التقادم (منمنمة) التي احتفظت بفعل الرسم على الكتب، وقد ترجمها الأوربيون

(Miniature

 وترجمها البعض منهم (مصغرات) بما بدا لهم أنها تعني نمنم أي الصغير كما مفهوم النمنم لدينا.ه

الكليدار : رئيس سدنة الروضة المقدسة كمرقد الروضة الحيدرية والروضة الحسينية والعباسية.ه ه

الكيم : (القيم) رئيس سدنة في المراقد المقدسة مشتقه من مقام، ويعني الضريح

الأسطة : كلمة تحوير لكلمة أستاذ، ويعني معلم الحرفة أو حرّيف، وكان تطلق على المهندس والمعمار.ه

شقندحي : الشخص الفكه المحب للنكتة.ه

سيبندي : أي أبو الثلاث ورقات، من مركب (سي- بند) من الفارسية، وتستعمل كلمة (دربدو) محاكية لها في الكردي والفارسي والتركي، ونقلها الأتراك للبلقانيين، ومعناها طارق الأبواب أو المتسول.وكنت أسمع والدي يقول عن الشخص الضائع (در بدر) أو (هدر بدر) ومعناها من باب إلى باب.ه

بلتيقة (برتيقة): ومعناها حيلة، واردة من اللغات الغربية التي تعني سياسة

 (Political)

، لما فيها من حيل.ه

بلشتي : ومعناها صاحب الحيلة، وقد اشتقت من بلشفي، وترتبط بحادث تسلق البلاشفة إلى السلطة في روسيا، بعدما كان المناشفة أعدائهم وأصحاب الثورة أكثر منهم، لكن حيلتهم أوصلتهم للسلطة.ه

مسقوفي : ومعناه الشخص الذي لا دين له (دين سز) ولا يحرم أمر، وانطلقت منذ هجوم الروس على العراق بعد عام 1914، من ضمن أحداث الحرب العالمية الأولى، وعاثوا في قرى ومدن شمال وشرق العراق ظلما واغتصاب وسرقه.ه

حبنتري : وهي متعددة المعاني وأهمها المعتد بنفسه، والمنتفخ اختيالا، وذهب الدكتور علي الشوك، بأنها واردة من مغامر (

أوفنتور) في اللغات الغربية

(Adventure)

 .ه

القمري : الآنة الهندية وهي تساوي 4 فلوس، والظاهر أن كان بها شعار القمر في سكتها، وما زال الناس يستخدمون (ما يساوي ولا قمري) يعني لا يساوي شيء. وقد سمعنا مثلا كلمه (طره وكتبه) وهي تعني وجهي العملة التركية، فطره تعني رسم الطغرائي المميز للعثمانيين، والكتبة هي الكتابة على الوجه الآخر.ه

البابوج، الكلاش : نعال جلد أو المداس، ويسمى أحيانا الصندل.ه

قصر : هو البيت الكبير ذو الواجهة الفخمة والذي يطل على النهر مباشرة، وبلاط كلمة قديمة يذكر البعض أنها محرفة من مصدر روماني.ه

سكاير المزبن : سميت لوجود الزبانة في قاعدة السكارة.ه

 كرنتينه: ومعناها نظام الحجز الصحي لمن يحمل مرضا معديا. والكلمة أصلها إيطالي، وعممها الأتراك.ه

كنتور: هو دولاب الملابس، والكلمة من أصل إيطالي ويعني المحتوي

Counter) )

مزين : حلاق، وإن أول من ادخل كلمة حلاق على محل عمله هو الحلاق مكي الأشتري (في بغداد العشرينات)- عباس بغدادي.ه

صوج : كلمة تركية معناها الذنب أو الجناية.ه

يمعود، معود : أي طويل العمر الذي تعود عليه السنون تلو السنون وهو في أحسن حال، أو يذهب البعض على تعوده على الكرم والعطاء. وفي السياق نشير إلى أن اسم (مناتي) العراقي الذي لم يعد يطلق على المواليد منذ نصف قرن معناه المعطي أو الكريم من المصدر الآرامي، وهي نفسها كلمة (متي

Matti)

 ومعناها (معطي) المقترنة باسم احد حواريين السيد المسيح (ع) .ه

عالكيف : حسب المرام، وترد بكيفك أي كما تبتغي. وكيفجي، يعني كثير الأفراح، والراغب بالحفلات، وهي واردة من كيف أي فرح التي تعني المخدر (الحشيش) لدى المصريين والمغاربة.ه

الطوبجي : جندي المدفعية.طوب معناها مدفع (كلمة تركية) جي ضمير يدل على النسب لشيء مثل (عربان جي) أي صاحب العربة.ه

التوثية : عصا غليظة تتخذ من شجرة التوت، وجذع هذا الشجر ضخم حتى ورد في الأمثال البغدادية (فحل التوت بالبستان هيبة)، بما يعني شخص ضخم، ومهيوب، لكنه ليس ذي فائدة كثيرا.ه

جام : كلمة مخففة من كلمة الزجاج، وتستعمل بالتركية وفي لغات البلقان.

محروك الصفحة: هي شتيمة يطلقها الشامت على الميت، وتعني أن الميت قد أدخل جهنم لسوء عمله، وأن جانبا منه قد أحترق فيها.ه

فد : فرد واحد.ه

جفيان : كلمة مشتقة من كفى . كأن يقال مثلا، كفى الله شر فلان.ه

ملا : كلمة تستعمل لدى الشعوب الأعجمية محرفة من (مولى) أي سيد، و تعني في الدارجة الشيخ أو الأستاذ، ويتداولها المغاربة باسم الشيخ أو الفقيه.ه

جلت: كلت من كل أي اكتفى ومل.ه

الكاع : القاع الأرض، وتعني عند بعض المغاربة (الكل) .ه

جيب: أصل الكلمة فعل أمر من جاء يجئ. فيقال هات الشيء، أو جئ به. ثم حرفت.ه

الآنة : (العانة) عملة هندية تسير على نظام الأربعة، فهي أربع بيزات، والقران أربع آنات، والربية أربع قرانات. ونعتقد هنا أن بيزه قد حرفت من كلمه (بيسه) البرتغالية وتعني قطعة من اللاتينية.. وتداوها الأسبان تصغيرا (بيسيتا)، وقران هي محرفة لكلمة (كورون) وهي عملة الكثير من الأوربيين ومنها النمسا في القرن التاسع عشر التي كانت تعتبر عملة قوية. والكلمة محرفة من (قرن) السومرية المصدر، التي استعملت في (هورن) المنبه أو البوق، و(كورن- كورنر) أي زاوية..الخ.ه

السيان : طين أسود كريه الرائحة لوجود غاز الكبريت فيه، تخلفه مياه المجاري، والمياه الآسنة.ه

البزاز : بائع القماش. البز (الثياب) مهنة البزاز، البزازة (عربية (.ه

عزه العزاك : أي أصابك من الحزن والنكبات ما يستحق التعزية وتطيب الخاطر عليه.ه

عمامة آخوندية : هي عمامة كبيرة الجليلة القدر التي يلبسها كبار العلماء والفقهاء، و(آخون) كلمة فارسية بمعنى القارئ، ومنها جاءت (روزه خون) أو قارئ الروضة كون بعض الواعظين والقراء كانوا يحفظون كتاب (روضة الصالحين) عن ظهر قلب ويقرءوه على الناس. ومنها جاءت (قصه خون) أي قارئ القصة، وهو ما يقابل الحكواتي في الشام والكوال في المغرب العربي.ه

الوادم : الأوادم بلهجة أهل الريف في العراق جمع آدمي.ه

الطلي : هو الخروف الفتي، وهو أكبر من الحمل وأصغر من الكبش.ه

خلي : فصيحة، بمعنى، دع أو أترك.ه

السردار : السر، كلمة أعجمية، معناها رأس. دار، معناها القوم، رئيس القوم، ويذهب البعض أنها عربية وتعني دار السر، وكانت تطلق في السودان على القائد العام للجيش.ه

درد : كلمة فارسية تعني الألم والوجع (الشبعان ما يدري بدرد الجوعان).ه

دا : وتستخدم من قبل ساكني بغداد الحبيبة في الغالب وتعني الاستمرارية مقل دا خابر أو دا أدور دا يدك…. الخ

جا : وهي أداة استفهام وتستعمل عند أهل الجنوب والوسط مثل جا شسوي؟ جا شلون؟ جا ليش؟….الخ

شبيك : أداة استفهام ويستعملها جميع العراقيين وتعني ماذا بك؟

خو ماكو شي : أيضا أداة استفهام ويستعملها جميع العراقيين وتعني ارجوا أن لم يحصل لك شي؟

شعواط : ويستعملها جميع العراقيين وبالذات عندما يشموا راحة بلاستك محروق.ه

شيل : وتعني ارفع.ه

اثول : وهو نعت يطلع على الشخص الأبله.ه

هيج : وتعني هكذا.ه

بكيفي : وتعني على مزاجي.ه

دفره : وتعني ركله بالقدم.ه

راشدي : وتعني ضربة بالكف.ه

ملتح : وتطلق على الشخص الالعوبان.ه

مفتح بالبن : وتطلق على الشخص الذكي والذي لا تفوته فائتة.ه

حباب : وتطلق على الشخص الرزن والذي يحترم نفسه وذو أخلاق عاليه مع كافة الناس.ه

تمًن : وتعني الرز.ه

خاشوكه : وتعني ملعقة.ه

اتزقنب : وتعني تفضل بالأكل، ولكن تطلق في حالة العصبية للشخص المقابل.ه

ولًي : وتعني اذهب ولكن في حالة العصبية، وهي مأخوذة من الفصحى ولًى.ه

قنقينه : وتطلق على الشخص الذي يبقى يلح ويدقق في الموضوع ويلح بالأسئلة ويتردد وهي مأخوذة من نبتة القنقينة المتسلقة.ه

لوكي : وتطلق على الشخص الذي يتملق للمقابل في سبيل الحصول على مبتغاه.ه 

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتضليل والتحايل الساذج: محمد الغزالي نموذجا 1.

الفكر الإسلامي بين الانتقائية والتضليل والتحايل الساذج: محمد الغزالي نموذجا 1.

عبد القادر أنيس

كتب محمد الغزالي (المفكر المصري الإخواني الراحل) كتابا تحت عنوان: (حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة)، بنية الانتصار لحقوق الإنسان في الإسلام وإثبات تفوقها على المواثيق العالمية في هذا الشأن وبغرض تعطيل انتشار هذه المبادئ الإنسانية العظيمة في بيئاتنا البائسة.
هذا التأثير الكبير الذي كان للغزالي وأمثاله ومازال على مختلف أوساط المتعلمين والأوساط المتنفذة بما فيها الكثير من الحكام وما ساهم فيه هذا الفكر الرجعي عبر تخريج قوافل من المتأسلمين والإرهابيين وما أدى إليه من تضليل للناس وإبعادهم عن الأخذ بأسباب التمدن والحضارة بحجة أن عندنا في تراثنا الإسلامي ما يغنينا عن الأخذ من تجارب الأمم الحديثة من حداثة وديمقراطية وعلمانية وحريات مختلفة وحقوق إنسان، عاشها أسلافنا المسلمون قبل أربعة عشر قرنا.
سأقوم بقراءة تفكيكية لبعض ما ورد في الكتاب بهدف البرهنة على ما أزعم أنه السمة الغالبة على الكتاب: الانتقائية في التعامل مع الموروث الديني والتحايل على النصوص وتحميلها من المعاني والمقاصد ما لا تحتمل بهدف استغفال المسلمين وخداع الآخرين.
مقالاتي سوف تتناول أبواب الكتاب كما وردت:
المساواة العامة، الحقوق القضائية، الحريات، الرجل والمرأة في المجتمع، كيان الأسرة، الهجرة واللجوء، الكرامة الاقتصادية، المستوى الثقافي، واجبات بإزاء حقوق، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، البيان العالمي عن حقوق الإنسان في الإسلام.
في باب المساواة العامة (ص 12 – 22) يمهد الشيخ لمحاججته حول الحقوق السياسية والمدنية في الإسلام التي يعطيها بعدا عالميا لا تستحقه فيبدأ بمصادرة حق الأمم والحضارات الأخرى في الوجود ككيانات لها رؤاها وفلسفاتها وتفاسيرها للحياة والوجود تختلف عن الإسلام ومع ذلك يتعمد الغزالي تجاهلها لأنه يحصر الحقيقة في دينه الذي يزعم لنفسه امتلاك الحقيقة المطلقة النهائية (أليس محمد هو خاتم الأنبياء ولا نبي بعده وبالتالي فرسالته تلغي ما قبلها ما بعدها؟). وهو ما يشي به استشهاده بآية: (“يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث فيهما رجالا كثيرا ونساء” النساء 1).
ثم بآية (“يا بني آدم إما يأتينكم رسل منا يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون” الأعراف 55).
الحضارات الهندية والصينية وحضارات أمريكا اللاتينية القديمة والحضارة الحديثة العلمانية لها فلسفاتها ورؤاها ودساتيرها وأديانها المختلفة عن أديان الشرق الأوسط التي تنعت نفسها بالسماوية دون سواها، وأي محاولة لفرض هذا التصور على العالم هو من قبيل التعسف والإقصاء، ناهيك عن أن الفلسفة والعلوم العصرية لا تتبنى هذه الرؤية بتاتا عن وجود الإنسان وهو ما انعكس في دساتيرها ومواثيقها التي خلت لوائحها وخاصة المنظمات الدولية ومواثيقها حول حقوق الإنسان من أية هيمنة في هذا المجال يحدوها في ذلك حرصها على كرامة الإنسان وأهليته وحريته.
بالإضافة إلى ذلك فإن تفاسير القرآن لا تؤيد مزاعم شيخنا بتاتا. فمعنى تعبير (خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) الذي تفادى الشيخ شرحه، مغرق في السذاجة والضحالة من منظور العلوم العصرية. وقد ورد المعنى في أربع آيات في القرآن وكلها تتفق أن البشرية من آدم وحواء وأن حواء خلقت من آدم. نقرأ في تفسير ابن كثير ((خلقت المرأة من الرجل فجُعلت نهمتها (شهوتها) في الرجل وخلق الرجل من الأرض فجعلت نهمته في الأرض فاحبسوا نساءكم)) . وفي الحديث الصحيح (ورد في خطبة حجة الوداع)” إن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج “)) لهذا فهي ناقصة عقل ودين بنص الحديث ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لِلُبّ الرجل الحازم من إحداكن، فقيل يا رسول الله ما
نقصان عقلها؟ قال: أليست شهادة المرأتين بشهادة رجل ؟ قيل يا رسول الله ما نقصان دينها ؟ قال : أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟)).
بينما يتهرب الشيخ من هذا وينتقي لنا مقطعا آخر من الخطبة نفسها ((أيها الناس، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد…) فكيف يفهم الهندوس أو البوذيون هذا؟ أكيد أن كلام الغزالي لا يشملهم كبشر ضمن حقوق الإنسان التي يتحدث عنها ويعطيها طابعا عالميا مع ذلك.
محمد الغزالي يقفز فوق كل هذ الموروث ليكتب: (إن هذين النداءين نماذج لضروب النداء التي وردت في القرآن والتي تنضح بأن الإنسانية معنى مشترك. يتساوى سكان الأرض في حقيقته ونتيجته، لا فرق بين أهل المناطق الحارة والمناطق الباردة، ولا فرق بينهم جميعا الآن وبين آبائهم من قرون مضت أو ذراريهم بعد قرون مقبلة). ويقول: (إنه كاختلاف ألوان الورود في البستان أو اختلاف الأزياء التي يرتديها الإنسان). انتهى.
وهذه محاولة ماكرة للتحايل على الناس من أجل تمرير خطاب إسلامي لا يعكس حقيقة الإسلام نصا وروحا. ومع ذلك يأتي الغزالي بآية: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) (الحجرات 13). وهنا أيضا تتفق التفاسير على أن المراد بالتقوى هو مخافة الله والإيمان به حسب شريعة خاتم النبيين، أما الشعوب الأخرى غير المسلمة فليست من التقوى في شيء لأنها مشركة أو وثنية، أما أن يفكر الشيخ في حق الناس في الإيمان أو عدمه فهو من قبيل المستحيل الذي لا يخطر بباله.
نواصل مع (حقوق الإنسان في الإسلام) حسب الغزالي، ونقتطف ما يلي: ((كان العرب في جاهليتهم يزدرون السود ويؤخرون منزلتهم، حتى أن الشاعر الفارس عنترة بن شداد أهدرت مكانته الاجتماعية، وأقصاه أبوه عنه، لا لشيء إلا للونه الأسود. مع أن الرجل من الشجعان المقاديم والشعراء المعدودين… فلما ظهر الإسلام كان المؤذن الأول لرسول الله بلالا، العبد الأسود… وبهذا التعليم المبين الحاسم محا الإسلام من المجتمع كل نزعة إلى التفرقة العنصرية…).
ويواصل الغزالي رصف هذه الأمثلة والأحاديث في صفحات طويلة حتى يقول بثقة مضحكة: (والعرب عندما اتصلوا بجيرانهم الأقوياء من فرس ورومان، وعندما اشتبكوا معهم في معارك دامية، لم يكونوا عنصرا يدعي التفوق الجنسي ويخضع الآخرين لامتيازه المادي والمعنوي. كلا.. كلا.. فلا العرب الأولون تطرق إلى نفوسهم هذا الزعم، ولا القرآن الكريم تضمن لفظا واحدا يبيح هذه الدعوى..) !!!
فهل يمكن أن يكون هذا الشيخ العلامة الضليع في الإسلام وتاريخه يجهل فعلا أن علاقة العرب بغيرهم خلال خروجهم من جزيرتهم الصحراوية (ليفتحوا البلدان) كانت علاقة عدوان وغزو واحتلال واسترقاق لشعوب بعيدة عنهم، وأغلبها لم تعادهم. الشيخ ينتقي ألفاظا غاية في الخداع. العرب (اتصلوا بجيرانهم) هكذا، وليس غزوهم! واشتبكوا معهم في معارك دامية فقط، وليسوا غزاة ومحاربين خيروا الشعوب بين الخضوع طوعا أو كرها وما يتبع ذلك من سبي واحتلال وفرض للجزية والخراج يدفعها هؤلاء وهم صاغرون بنص القرآن وتحت شعار أسلم تسلم. طبعا قد يعترض علينا معترض فيقول إن العلاقات بين الناس كانت هكذا يومئذ، وهذا صحيح ولكن عندما تتم باسم الله وتبرر باسم توحيد الله وتفرض علينا منذ قرون على أنها حقائق مطلقة لا مجال لتجاوزها أو تطويرها أو تعديلها (بحجة أنه لا اجتهاد مع النص) فهذا هو المأزق الذي سبب لنا هذا الانسداد، بينما أمكن تجاوز الكثير من الأفكار التي لم تزعم لنفسها القداسة.
ثم هل يعقل أن يجهل الشيخ الغزالي ظاهرة العبودية في الإسلام التي استمرت قرونا حتى تأثرت البلاد الإسلامية بالحضارة الغربية وتوقفت مكرهة عن هذه الممارسة البغيضة؟ هل كان فقهاء الإسلام طوال كل تاريخنا وهم يشرعون لملكية وتجارة العبيد يجهلون الإسلام؟
وبما أن الغزالي يعطي لنفسه كل الحرية فيغرف من الموروث الديني، كتابا وسنة وغيرهما، ما يشاء بانتقائية مقززة، فماذا يقول لنا هو أتباعه عندما نسرد عليهم هذه الأحاديث:
‏أيما عبد ‏ ‏أبق ‏ ‏من مواليه فقد كفر.
‏أيما عبد تزوج بغير إذن ‏ ‏مواليه ‏ ‏فهو ‏ ‏عاهر.
أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم. ‏
‏ أيما عبد ‏ ‏أبق ‏ ‏إلى أرض الشرك فقد حل دمه.
ومن صحيح البخاري: حدثنا ‏ ‏عبد الله بن محمد بن أسماء ‏ ‏حدثنا ‏ ‏جويرية ‏ ‏عن ‏ ‏مالك بن أنس ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏عن ‏ ‏ابن محيريز ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏ ‏قال ‏‏أصبنا سبيا فكنا نعزل فسألنا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال ‏ ‏أو إنكم لتفعلون؟ قالها ثلاثا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي ‏ ‏كائنة.
من صحيح مسلم: أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يوم ‏ ‏حنين ‏ ‏بعث جيشا إلى ‏ ‏أوطاس ‏ ‏فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم ‏ ‏سبايا ‏ ‏فكأن ناسا من ‏ ‏أصحاب رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏تحرجوا من ‏ ‏غشيانهن ‏ ‏من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله عز وجل في ذلك ‏(‏والمحصنات ‏ ‏من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) ‏أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن.
الآية 28 من سورة الروم: ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
استرقاق الناس واقتناء الجواري والإماء والغلمان ظلت ظاهرة مباحة طوال تاريخ المسلمين حتى خمسينات وستينات القرن العشرين في بعض البلاد الإسلامية لأنها مباحة شرعا: وكانت أسواق النخاسة ومصانع الخصيان منتشرة أسواقها في ربوع العالم الإسلامي، وقد تعرض لها الفقهاء بالتشريع بيعا وشراء ومعاملة يستحي أمثال الغزالي من التعرض لها اليوم رغم أنهم يتبجحون دائما بلازمة لا حياء في الدين” في قضايا تافهة مثل النفاس والحيض ونواقض الوضوء…
ثم يأتي الغزالي بمهزلة المهازل وهو يستشهد بقول عمر بن الخطاب: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا” متماديا في تجاهله لنصوص الإسلام وممارسات المسلمين. وكيف أن الناس في عصر عمر وما بعد عصره كانوا يولدون أحرارا، ويولدون عبيدا حسب أوضاعهم الاجتماعية مثلما كان شأن أبناء العبيد بل حتى أبناء الأحرار من الإماء كانوا يولدون عبيدا تماما مثلما كان الحال في الجاهلية. وهذا هو معنى قول عمر وهو نفسه كان يملك عبيدا وجواري، وحادثة ضربه للجواري اللواتي كن يرتدين الحجاب مشهورة لأنه، حسب رأيه، لا يجب عليهن أن يتشبهن بالحرائر.
خرافة حادثة ضرب ابن أحد المصريين وكيف اقتص له عمر من ابن عمرو بن العاص وكان واليا على مصر ساذجة إلى حد القرف لأن المسلمين احتلوا هذا البلد وعربوه وأسلموه واحتقروه وجوعوه لكي يشبع المسلمون في المدينة بناء على تعليمات عمر نفسه. وعليه فكلمة الحرية لم يكن لها المعنى ذاته كما فهمه اليوم. الحر هو نقيض العبد، ليس إلا وهذا ما عناه عمر، ولم يكن من حق ابن عمرو بن العاص استعباد الحر، أو العبد فهو تحصيل حاصل.
لماذا تجاهل محمد الغزالي ذلك الجانب المقيت من تراثنا الذي شرع للظلم والعبودية بنص الكتاب وسنة نبيه. لماذا مر مرور الكرام على آيات مثل “أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ”؟. فأين المساواة في هذه الآية التي تشرع للامساواة وتتناقض مع أول مبادئ حقوق الإنسان (المادة الأولى: يولد جميع الناس أحرارا في الكرامة والحقوق، وقد وُهِبوا عقلا وضميرا، وعليهم أن يعامَل بعضهم بعضا بروح الإخاء)، بينما جاء في تفسير الآية السابقة : (أهم يقسمون رحمة ربك ” أي ليس الأمر مردودا إليهم بل إلى الله عز وجل والله أعلم حيث يجعل رسالاته فإنه لا ينزلها إلا على أزكى الخلق قلبا ونفسا وأشرفهم بيتا وأطهرهم أصلا (لاحظوا) ثم قال عز وجل مبينا أنه قد فاوت (هكذا !!) بين خلقه فيما أعطاهم من الأموال والأرزاق والعقول والفهوم ( !!) وغير ذلك من القوى الظاهرة والباطنة فقال ” نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا” الآية . وقوله جلت عظمته ” ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ” قيل معناه ليسخر بعضهم بعضا في الأعمال لاحتياج هذا إلى هذا وهذا إلى هذا قاله السدي وغيره وقال قتادة والضحاك ليملك بعضهم بعضا وهو راجع إلى الأول ثم قال عز وجل ” ورحمة ربك خير مما يجمعون ” أي رحمة الله بخلقه خير لهم مما بأيديهم من الأموال ومتاع الحياة الدنيا).
http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?nType=1&bm=&nSeg=0&l=arb&nSora=43&nAya=32&taf=KATHEER&tashkeel=1
نعم الغزالي، شأنه شأن كل رجال الدين، يعرف هذا، لكنه يتجاهله لأن عمله يندرج ضمن تحالف مقدس بغيض بينهم وبين السلاطين والأمراء والملوك، بعد أن تقاسموا النفوذ والأدوار، بين وازع الفرقان ووازع السلطان
يتبع..

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | 1 Comment

إضاعة الوقت في المساجد

إضاعة الوقت في المساجد

جهاد علاونة

بعض الناس ماهرون جدا بالتخفي مثل الحيوانات التي تعتمد في نظامها البيئي على الصيد, فالبعض مثل تلك الحيوانات خصوصا في إضاعة الوقت دون أن يلحظهم أحد ,أين… ومتى أضاعوه…وكيف تم ذلك!!,وبعض الناس تُضيع وقتها علنا أمام كل الناس وأمام ألله وخلق الله من خلال الذهاب والإتيان طوال النهار من البيت إلى المسجد ومن المسجد إلى البيت وصدقوني بأن معظم المصلين في المساجد هم فئتين من الناس:أولهما الرجال كبار السن حيث لا يجدون مكانا يناسب صحتهم إلا المسجد وثانيا هنالك كثير من الشباب الذين يحضرون للصلاة في المسجد خمسة أوقات وهم على الأغلب من العاطلين عن العمل ولو لم يكونوا عاطلين عن العمل لَما حضروا أكثر من خمسة أوقات للصلاة طوال النهار,أي أن معظم المصلين لا شغله ولا عمله لديهم إلا تمضية الوقت في باقي ما تبقى من أعمارهم,طبعا وكلامي هذا ناتج عن رؤيتي ومشاهدة للفئة التي تدخل المجد للصلاة في المجتمع الإثني الذي أقطن به.

إن أهم شيء يميز الناس المحيطين بي من كل جانب هو إضاعة الوقت وقدرتهم العبقرية في التخفي دون أن يتركوا خلفهم دليلا واحدا على فسادهم في إضاعة الوقت كاملا في المساجد فهم يذهبون للصلاة كل يوم 5 خمسة أوقات أو أربعة أوقات لكي يضيعوا كثيرا من أوقات فراغهم والتي أغلبها يقضونها في الذهاب وفي الإتيان من المسجد,وهكذا كما يقول المثل(خِتي مِتي),والمفزع في الأمر أن العصر الحالي اختلف عن العصر الذي ظهر فيه الإسلام فأيام زمان أي أيام ظهور الإسلام كان الناس يقضون معظم أوقاتهم في فراغ كبير حتى وإن كان لديهم عمل فأغلب أعمالهم كانوا يعملونها وهم في المنزل لذلك كان لدى الإنسان أوقات فراغ كبيرة جدا ويوما طويلا جدا وخصوصا في أيام الصيف لذلك كانوا يصلون خمس أوقات ويستغفرون 100مرة ومرة,واليوم الوضع معكوس جدا أي أن الإنسان ليس لديه وقت فراغ كالماضي وبالتالي يجب تخفيض عدد الصلوات من خمسة أوقات إلى يوم واحد في الأسبوع أو إلى مرة واحدة كل يوم ,ويجب أن تنشغل الناس في تمضية أوقاتهم في شيء آخر ما عدى الصلاة لكي نستفيد جدا من أوقات الفراغ, فبدل أن يقضي المسلم 90% من وقته في المسجد يجب أن يكون هنا إنصاف وعدل بحيث يقضي المسلم 20% من وقته في المسجد والباقي في السينما والملاهي الليلية والمكتبات والمختبرات العلمية لكي يستفيد المجتمع كله وفي مؤسسات المجتمع المدنية مثل الأندية الرياضية والثقافية التي تعتني بأصحاب المواهب لأن الموهبة مصدر دخل للوطن,إن الناس اليوم يدخلون المسجد دون أن يتعلموا شيئا من المسجد ,حيث بالأحرى أن يتعلموا الجنس لكي يعرفوا كيف جاءوا إلى هذه الحياة, والفلسفة وعلم الاجتماع لكي يعرفوا كيف كانت حياة الذين سبقوهم وكيفية النظام الاجتماعي وما هيته.

ولا أعرف ما هي الفائدة التي تعود على المجتمع من كثرة الصلاة في المسجد غير ثواب الآخرة الذي يزعمون؟؟؟ دون أن يتعلم المسلمون شيئا في المسجد فهم يدخلون ويخرجون منه بلا فائدة تعود بالنفع على الناس وهذه نقطة أنا لا أفهم منها إلا شيئا واحدا وهو إضاعة الوقت والتسلية وملء الفراغ بالجمل المفيدة وغير المفيدة أي أن 99% من المصلين يذهبون للمسجد من أجل التسلية وإضاعة الوقت وأحيانا اعتقادا منهم أنهم يقومون بالتكفير عن ذنوبهم وفسادهم في البر والبحر,,إنهم بارعون في الفساد وفي التكفير عنه وفي إضاعة الوقت والتسلية بالكامل وليس جزئيا فهم يموتون في الكلام الفارغ غير المهم,فأهم شيء عندهم أن يضيعوا أوقاتهم وأن يقضوا وقتاً كثيراً في عمل أشياء غير مفيدة.

وأنا رغم معرفتي بـأن الوقت ثمين جداً ولا يقدر بثمن وغالي إلا أنني في بعض الأيام أكون مثل أولئك الناس محتاجا لإضاعة الكثير منه وليس كله بين الكُتب أو مع الناس في الطرقات والشوارع والأزقة ودائما ما يقع اختياري على المناسبات العائلية الكبيرة مثل الموت والأعراس لإضاعة الكثير من الوقت وليس الوقت كله فأنا هنا وفي هذه النقطة أستطيع أن أضيع الكثير من وقتي دون أن أشعر بالندم على ذلك,وأحيانا أشعر بأن لي رغبة بالصعود إلى القمر وبالنزول من عليه طوال النهار لكي أضيع كثيرا من الوقت هنالك بين طيات الفضاء وكأن الفضاء كتابٌ أو سجل طويناه بأيدينا ونحن نقع في إحدى صفحاته أو أسطره.

طبعا أنا لا أحب مضيعة الوقت على الفاضي والمليان ولكن أحيانا أشعر بأن مضيعة الوقت عامل مهم من عوامل تفريغ الشحنات السالبة والطاقة السالبة من جسمي ومن أفكاري وأود لو أجد يوميا أو على الأقل في الأسبوع 6 ساعات أستطيع خلالها أن أضيع كثيرا من الوقت كما أنني أشعر بأنني أريد أن أنفق الكثير من الوقت على نفسي تماماً كما ينفق صاحب النقود نقوده على رفاهيته,وطبعا أعرف بأنكم كقراء لي لا تحبون إضاعة الوقت ولكن أنا متأكد أنكم في أغلب الأحيان تحبوا أن تُضيعوا كثيرا من الوقت وأنتم تقرؤون بعضا من مقالاتي علما أن المكوث على مقالاتي ليس مضيعة للوقت ولكنه في كل الأحوال عبارة عن استثمار لأوقات الفراغ,والذي لا يوجد لديه وقت فراغ يجب عليه أن يخترع هذا الوقت ليقول بين زملائه في العمل:قضيت ليلة الأمس وقتا ممتعا وشغلت نفسي بعضا من الوقت في تنظيف حديقة المنزل أو في الجلوس بدار من دور السينما.

إن الوقت يا شباب مهم جدا ويجب أن لا نُضيعه ولكن في بعض الأحيان نكون بحاجة لإضاعة الكثير من الوقت للتخلص منه ونحن نعيش في بيئة لا يوجد فيها مكان نُضيع به الوقت إلا المساجد فلا توجد لا حدائق ولا ملاهي ولا خمارات ولا أندية ثقافية ولا منتزهات غير تلك الحديقة الصغيرة التي بنتها الحكومة لأكثر من 10000مواطن وفي داخلها مرجوحتين للأطفال تتدليان مثل المشنقة, وأنا أحيانا أكون مستمعا إليكم وأنتم تقولون لأزواجكم: تعال يا زوجي العزيز لنُضيع بعض الوقت في قراءة مقالة لجهاد العلاونه.

ربما لا تعرفون بأن هنالك أناس ينظرون إلى إضاعة الوقت كما ينظر بعض الناس إلى استثمار الوقت,وبعض الناس يخربطون بين تلك المفاهيم فمنهم من يقول عن إضاعة الوقت جملة أخرى غير تلك الجملة فمنهم من يسمي إضاعة الوقت ب(التسلية) فيقولون لبعضهم لنتسلى بشيء آخر أو لنتسلى باللعب,وبعض الناس يقولون:نريد استثمار الوقت,وبعض الناس يقولون نريد أن نقطع الوقت بالمزاح وبالتسلية وبالضحك,وبعض الناس يسمون إضاعة الوقت ب(شم الهواء) والبعض الآخر يتخذ من المسجد مكانا لإضاعة الوقت ,والبعض يخرجون من بيوتهم للجلوس في الأمكنة العامة من أجل قضاء بعض الوقت ريثما يأتي موعد صلاة المغرب أو العشاء أو الظهيرة ,أو من أجل التسلية وهو في كل الأحوال هنالك قاسم واحد مشترك بين إضاعة الوقت وبين استثمار الوقت.

وبعض الناس يسمون إضاعة الوقت ب (وقت الفراغ) فيقضون هذا الوقت في صنع أشياء غير مهمة أو في الحديث والكلام والتسلية بحكايات غير واقعية مثلهم في ذلك مثل نجوم المسرح حيث لا يسمحون للفراغ بأن يتشكل على خشبة المسرح فهذا الفراغ حتى لو كان دقيقة واحدة فإنه يعمل على قتل روح المسرحية وتجعل الناظر ينظر بملل إلى المسرح وكأن روحه تريد أن تخرج منه.

Posted in الأدب والفن, فكر حر | 1 Comment

يوميات صحفي … سائق تاكسي 4

يوميات صحفي … سائق تاكسي 4

محمد الرديني

بعبع المخابرات

ذات يوم…

تناقلت الصحف العربية والاجنبية ذات يوم خبر فصل 137 صحفيا عراقيا من نقابة الصحفيين العراقيين واعتبرتهم الحكومة العراقية السابقة التي اصدرت هذا القرار اما مأجورين او مرتزقة او مرتدين  ولان العراق كان ساحة اخبار لكل صحف العالم آنذاك فقد نشرت بعض الصحف العالمية هذا الخبر مع اسماء الصحفيين الذين شملهم هذا القرار وكان كاتب هذه السطور من ضمن هذه القائمة.
ولاني اعرف كما يعرف غيري ان هذا القرار يعني بالدرجة الاولى ان هؤلاء الصحفيين غير مرغوب فيهم وبالتالي فانه يعني –  اي هذا القرار-  ان اغتيال هذه الاسماء  غير المشروط بزمن محدد هو امروارد ايضا.
ليس هذا هو الخبر بل التفاصيل بعد التالية هي الخبر نفسه
وكان من الطبيعي ان يتخذ الواحد منا احتياطاته، لانه يعرف تماما ان القتل عند هؤلاء مثل  شربة ماء، كما تقول امي، ولهذا سارعت للاتصال بعمدة مديتنا “اوكلاند” وهي المدينة التجارية لنيوزيلندا حيث  حدد لي موعدا شرحت له فيه الوضع بالتفصيل.
وعدني العمدة خيرا، وطمأنني الى ان بلدا مثل نيوزيلندا لايمكن ان تبالي بهذه التهديدات.
لم تمض عشرة ايام حتى جاءتني رسالتين احدهما  من وزير الخارجية والثانية من عمدة المدينة
جاء في رسالة العمدة مايلي:
“لقد احلنا مخاوفك الى السيد وزير الخارجية الذي اكد انك  ستكون  في  مأمن من كل الادعاءات التي  نشرت في الصحف، كما خاطبنا الجهة المختصة التي لايخامرها شك في انك تعيش في بلد آمن ونؤكد لك ان الجهات ذات العلاقة قد اخذت الموضوع في غاية الجدية”
اما وزير الخارجية فقد ذكر في رسالته مايلي :
 “لقد  اهتممت  بموضوع رسالتك ونحن يهمنا جدا ان يعيش جميع النيوزيلنديين آمنين في بلدهم ، لقد اوعزت الى الجهات الامنية لتقوم بمسؤلياتها المفروضة في هذا الخصوص، ارجو ان تكون مطمئنا الى اجرائتنا”
اكرر ان هذا ايضا ليس لب الموضوع، فبعد وصول الرسالتين باقل من اسبوع رن هاتف البيت وسمعت صوتا من الجانب الآخر يقول:
” انا جوناثان كيفن من المخابرات النيوزيلندية ارجو اذا لم يكن لديك مانع ان تحدد لي موعدا لاقابلك بشأن رسالتك الى مستر موريس  وليمسون عمدة منطقكتم”.
وحددت له موعدا رغم ان الامر بدا لي غير مهضوم او بمعنى ادق غير مقبول لدخول طرف مكروه لايتمتع بحسن سيرة وسلوك في وطننا العربي على الخط.
جاء الضيف – غير المرغوب فيه – حسب الموعد وكانت الساعة آنذاك الثانية من بعد الظهر  تحدثنا طويلا، ولم يكن هذا هو  الخبر نفسه ايضا.
الخبرهو ان هذا الشخص كان في غاية الدماثة طيلة ساعة من الحديث، وفجأة قطع الحديث ليسألني عن موعد وصول الاولاد من المدرسة فقلت له انهم عادة يأتون بعد الساعة الثالثة بقليل رأيته ينهض قائلا:
 ” انها  الساعة الثالثة وخمس دقائق الان، لاشك ان الاولاد سيأتون في اي لحظة وعلي ان انصرف على ان ازورك في يوم اخر>
لم افهم ماقاله بالضبط وحين وجد الحيرة على وجهي قال ببطء ملحوظ:
”   حين  يروني اولادك هنا سيسألونك عني وسيمطروك بوابل من الاسئلة لااول لها ولا اخر حين يعرفون من انا، ولااريدك ان تتعرض لهذا الموقف كما لااريد ان يشعر الاولاد بالقلق لهذا  ليس من المستحب ان يروني هنا سأتصل بك لنحدد موعدا اخر.
غادر الرجل المخابراتي البيت وتركني شبه مذهول غير مصدق ما جرى ساءلت نفسي : هل حقا يعني هذا الرجل ما يقول ام انه يلعب احدى لعبهم المعروفة.  بصراحة لم اعثر على الجواب حتى الان لاني ببساطة لا اثق بكلام السلطة فلدي كما لدى كل افراد شعبي تراثا سيء الصيت عن هؤلاء الرجال
حين كنت اسمع القصص والحكايات التي تروى عن رجال المخابرات في بلادنا العربية اشعر اني محظوظ جدا فلم يتسن لي ان التقي بواحد منهم بعد ان تركت بلدي منذ اكثرمن ثلاثين عاما، ولكن المؤسف حقا اني وجدت نماذج مستنسخة منهم في بلاد الغربة  نماذج مريضة بداء الهلوسة المخابراتية او بمعنى ادق مرض الشيزوفرينيا الاستخباراتي او لنقل انهم خلقوا اما ليخافوا من تلك الهلوسة او انهم يحبون بشكل مطلق ان يكونوا  نسخة طبق الاصل من هؤلاء كما ان هناك انواعا من البشر خلقوا ليتوهموا انهم بشر من طراز خاص ، والخاص الذي اعنيه ليس امتيازا لهم ولاعبقرية وانما هو اشبه بذاك الذي يريد من الاخرين ان ينظروا اليه بعين العطف مهما كانت الاسباب ، انهم يستمدون وجودوهم الانساني من الضعف بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ، بايجازانهم يريدون ان يحس الاخرين بضعفهم حتى يستدروا عطفهم.
ولان مثل هؤلاء البشر مؤهلون للاستكانة وليس لشيء اخر، فانهم يرون في كل شيء من حولهم  اشارة الى الرقابة والمراقبة ومادار في فلكهما اذ تجدهم في سنين حياتهم الدراسية الاولى  – في الابتدائية مثلا  – يكرهون مراقب الصف لانه ببساطة جاسوس المدير الذي وضعه في هذا المنصب ، وفي الاعدادية يكرهون الطلاب الاذكياء لانهم قريبون من الاساتذة وفي هذه الحالة فانهم مستعدون – اي الطلاب الاذكياء – ان ينقلوا اسرار الطلاب الخاصة ومايتناقلوه ضد الاساتذة من شؤون خاصة التي تتعلق – ربما-  بمشاكلهم الجنسية او غيره.ا
وفي الجامعة يبدأ التحزب الاهوج اوما يسمى بالشللية بعد ان تتلاقى مشارب الخوف مع بعضها عندهم  : فهذا الشاب سخيف لانه يركض وراء البنات وذاك منطو على نفسه ليقولوا عنه انه   عبقري ، اما ذاك الذي يحمل حقيبة  السمسونايت  فانه يتأهب ليكون معيدا بالجامعة  ثم ذاك وذاك وهذا …. الخ.
وبعد التخرج تبدأ مرحلة التآمر الوظيفي – هذا اذا اكمل احدهم الخدمة العسكرية الالزامية في المدة المحددة ، وهو مستحيل  – فالكل يريد ان ينهش الكل من اجل الكرسي، والكل يشعر بانه احق بمنصب المدير مهما جر ذلك المنصب له من متاعب  لماذا ؟ لانهم لايشعرون بوجودهم الا اذا جلسوا على كرسي الامر والنهي حتى ولو كان الذين يؤمرونه فراشا مغلوب على امره او موظفا من الدرجة الرابعة بعد العشرين، وحتى لو قدم هذا الكرسي لهم بالوكالة.
ولكنهم يكتشفون بعد زمن ان هذا الكرسي فتح عليهم عيون البعبع، فالفراش الذي يقدم لهم الشاي الصباحي  يعرف الكثير من خباياهم كما ان موظف الشؤون الذاتية يعرف سيرة حياتهم الوظيفية من الملف  البني اما القلم السري  * فهو قسم لايعلم مايدور بداخله الا قادة   الفصائل  والراسخون في كتابة التقارير الاستخباراتية ثم هؤلاء الذين يطلق عليهم اسم   انصارالنظام.
ولاتسأل عن حياتهم الزوجية ، فهم يعودون من العمل منهكي الاعصاب شاردي الذهن يمدون بوزهم ثلاثة امتارالى الامام ، نظراتهم تنتقل من البؤبؤ الى البؤبؤ كما ينتقل  رقاص ساعة الحائط  وتعتقد الزوجة المسكينة ان هذا الزوج يفني زهرة شبابه في الوظيفة، وما عداها فالكل يعرف ان زهرة هذا الشاب قد فنيت في امور اخرى ليست منها هذه الوظيفة بالتأكيد.
ويتفنن هؤلاء في رسم التعابير المحزنة على وجوههم فهم، كما قلنا، يريدون العطف ولاشيء غيره
ولهم بعد ذلك مواهب اخرى فهم يتفننون في ضرب طوق العزلة حولهم، ونادرا ماتجدهم يمدون ايديهم لصداقات جديدة فهم مثلا لاينادون على بعضهم باسمائهم المجردة وانما هم دائما اما ” ابو فلان” او” ابو علان ” ولست اجد تعبيرا ادق من تعبير القاص العراقي عبد الستار ناصر حبن نعتهم   بالخرفان  ولكن بآذان طويلة ولحية ذات اهداب قصيرة  انهم كذلك حقا ، حتى لحاهم تبدو مثل مزرعة “ابو داوود “*: الحشيش والبرسيم والكرفس والفاصوليا في مكان واحد.
والغريب في الامر تراهم يتراكضون في ايام الجمع الى المساجد لاداء فريضة الصلاة حتى اذا انتهت عادوا من حيث اتوا : عيون زائغة تراقب الاخرين باذان طويلة تلتهم همس الاخرين والمقربين، وسيقانهم النحيلة ترتجف مثل بوز الارنب راكضة نحو الظل تحتمي به ضد النور.
واذا اجبرت احدهم على الحديث فانه يكتفي بالقول وبصوت هامس لايكاد يسمع:
” ان الجو ممطر هذا اليوم”
وتضحك حين تسمعه يقول ذلك ، تضحك حد الجنون فانت تعرف ان ذلك الوقت الذي همس فيه ابو فلان هذا كان في عز الصيف ، وتسأل نفسك بعد ذلك :  اذا كان رب العزة قد خلق الانسان في احسن تقويم فلماذا يصر هذا المخلوق لأن يكون في اسوأ تقويم ؟
1 * القلم السري ادارة موجودة في الوزارات الجكومية ولها فروع في العديد من الدوائر الرسمية في الدول العربية والتي قد يتغير اسمها من مكان لاخر وهي ترتبط مباشرة بمدير الدائرة ومهمتها كتابة التقارير السرية عن خصوصيات وعموميات العاملين الذين لاتناشهم الترقية الا بامر من مدير هذا القلم الذي عادة مايكون سمينا اصلع الراس له شعيرات في وسط الرأس  فقط ويلبس البدلة السوداء حتى في حر تموز اللاهب.
2 * ابو داوود شخصية حقيقية كان يعيش في جنوب العراق ، مات دون ان يحقق حلمه في ان يكون فلاحا ناجحا

 

صورة طبق الاصل من رسالة وزير الخارجية *

 

صورة طبق الاصل من رسالة عمدة المدينة *

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

العلاقة بين السريان والأشوريين والكلدان

يتساءل الكثيرون ما هي العلاقة بين السريان والأشوريين والكلدان …؟؟.وهل يمكن أن يكون لكل واحد منهم استقلاله الخاص منفصلاً عن الآخرين؟؟؟ أم أنهم شيء واحد؟؟ ولكن لماذا لا نراهم واحد؟؟؟

 

 

هناك شعوب كثيرة في التاريخ ظلمت وهُضمت حقوقها إلا أن الشعب السرياني الكلداني الآشوري ظُلم مرتين، مرة لأنه ذُبح وأُبيد وشُردت بقيته الباقية من موطنها التاريخي، ومرة ثانية لأن التاريخ والعالم اللذان كانا شاهدين حيينها على تلك المجازر البربرية لم يعترفا له بتلك التضحية الجسيمة على مذبح الإنسانية فتم التنكر لها وكأنها لم تكن. لذلك نقدّم لكم لمحة تاريخية عن شعوب أصبح تاريخها طيّ النسيان:هي مجموعة عرقية تسكن في شمال ما بين النهرين في العراق وسوريا وتركيا وبأعداد أقل في إيران، كما توجد أعداد أخرى في المهجر في الولايات المتحدة ودول أوروبا وخاصة بالسويد وألمانيا. ينتمي أفراد هذه المجموعة العرقية إلى كنائس مسيحية سريانية متعددة ككنيسة السريان الأرثوذكس والكاثوليك والكنيسة الكلدانية وكنيسة المشرق. كما يتميزون بلغتهم الأم السريانية وهي لغة سامية شمالية شرقية نشأت كإحدى لهجات الآرامية في مدينة الرها. يعتقد الآشوريون/الكلدان/السريان بانحدارهم من عدة حضارات قديمة في الشرق الأوسط أهمها الآشورية والآرامية. كما يعتبرون من أقدم الشعوب التي اعتنقت المسيحية وذلك ابتداءً من القرن الأول الميلادي، فساهموا في تطور هذه الديانة لاهوتيا ونشرها في مناطق آسيا الوسطى والهند والصين. وعملت الانقسامات الكنسية التي حلت بهم على انفصالهم إلى شرقيين (آشوريون وكلدان) وغربيين (سريان) كما حدثت اختلافات لغوية بين السريانية الخاصة بالمشاركة وتلك الغربية. كما ساهموا في ازدهار الحضارة العربية الإسلامية في بلاد المشرق وخاصة في عهد الدولة الأموية والعباسية. غير أن المجازر التي حلت بهم ابتداءا بتيمورلنك في القرن الرابع عشر مرورا ببدر خان بداية القرن التاسع عشر أدت إلى تناقص أعدادهم كما تقلص عددهم بأكثر من النصف بسبب المذابح الآشورية عشية الحرب العالمية الأولى، وشهد النصف الثاني من القرن العشرين هجرة العديد منهم إلى دول أوروبا وأمريكا، كما أدت حرب الخليج الثالثة والانفلات الأمني الذي تبعها إلى تقلص أعدادهم بشكل كبير في العراق بعد نزوح مئات الآلاف منهم إلى دول الجوار وخاصة سوريا. 

الحرب العالمية الاولىوقفت النمسا وتركيا وبلغاريا إبان هذه الحرب الى جانب المانيا. وكان قيصر المانيا صديقاً مخلصاً للمسلمين وقد بنى في مدينة برلين مسجداً. خُدعت تركيا فأمرت بإلغاء الحقوق الممّيزة لبريطانيا وفرنسا. ومن قبيل العجب أنّ النمسا المسيحية ارتضت بقتل المسيحيين، والمانيا لم تفعل شيئاً لمنع المجازر عن المسيحيين. فتشجّع العثمانيون واتفقوا مع الاكراد وآغاواتهم على إبادة المسيحيين. ومن يوم الثالث عشر من تموز 1915 أرسلت ألمانيا الى منطقة (دورتيول) أربعة جواسيس بشكل إنكليز الى الارمن، غشّوهم وكتبوا رسائل يعبّرون فيها عن تذمرهم من الشرور والعذابات التي يتحملونها ويطلبون عوناً من الانكليز. 

راح الضباط الاتراك يسوقون المسيحيين الى الجندية وراحت الدولة التركية تطلب من مؤمني كل دين وخاصة المسيحيين مساعدات وتبرعات تفوق طاقتهم. ساق الاتراك الرجال الى الجندية بدون مؤونة وطعام ومعظم العساكر حفاة الاقدام وكان بدل الخدمة العسكرية خمسين دينار ذهب.في 12 آب من تلك السنة صدر أمر ان تذهب القوّات الى بغداد فقاموا بمصادرة كل الحمير والبغال والاحصنة من القرى المسيحية وأرسلوها الى بغداد. وفي مدينة ماردين كانوا يسجّلون موجودات وبضائع الحوانيت وكل ما يملك التجار بغية مصادرتها فيما بعد. شاع الخبر بين الناس أن المملكة العثمانية أعلنت الحرب على روسيا وأن الحرب أصبحت عالمية. وقد صدر الفرمان (
ܦܪܡܝܐ)(وهي كلمة تركية تعني ان الحرب والاضطهاد بإذن من السلطة ضد المسيحيين). فوضعت إشارات وعلامات على ابواب الكنائس.

في 21 آب نشبت النار في أسواق ديار بكر فأتت على الف وخمسمئة وثمانية وسبعين محلاً تجارياً ودكاناً ومركزاً ملكاً للمسيحيين. وكان هذا شأن الاتراك كل يوم احد فيقصدون الكنائس ويسوقون الرجال الى الحرب، ويجمعون القمح والحنطة من المسيحيين.

ويوم 18 شباط 1915 صدر أمر بقتل وإعدام اثني عشر شاباً من قرية قره باشي لانهم هربوا من الخدمة العسكرية. فأعلن مطران الارمن الحداد وأقام عزاءً في الكنيسة ورتّب لهم تذكاراً سنوياًمع أنهم كانوا سرياناً.

 

بتاريخ 1 آذار 1915 صدر قرار عثماني في ولاية ديار بكر ان يسلّم المسيحيين سلاحهم، وقادوهم ليعبّدوا الطرقات ويكسروا الحجارة. كما ألقوا القبض على وجهاء المسيحيين ونقلوهم الى شاطئ النهر وبعد ان عرّوهم من ثيابهم وكل ما كانوا يحملون قتلوهم ببنادقهم واحرقوا جثثهم. وكانوا يجمعون العمال من المسيحيين حتى بلغ عددهم ألف ومئة عامل. وكان المراقبون يرفضون ان يطعموهم ويفرضون عليهم الجوع حتّى لم يعد لسانهم يتحرك لينطقوا وكانوا ينامون على الارض فأصابتهم الأمراض القاسية ولكن لم يسمح لهم ان يتوقفوا عن العمل. وكانوا يدعونهم كفّار ويميتونهم بالضرب بالعصا والهراوات وسكاكين وأسياخ الحديد. ولا ينفكون عنهم حتى يذيقوهم أنواع العذاب، فيسقطون موتى وشهداء. وفي مكان آخر كان عدد العمال مئتين واثنا عشر شخصاً ففرزوا الارمن بينهم فبلغ عددهم مئة وشخصان فاخرجوهم وعرّوهم من ثيابهم وقتلوهم جميعاً. وكانوا إذا تأخر احد العمال عشر دقائق عن العمل يقتلونه بدون رحمة.وفي ديار بكر كانوا يسوقون أربعين أو خمسين عائلة ارمنية ويقودوهم الى مدينة دارا ويقتلونهم ويلقون بجثثهم في الآبار. ومنهم من يقتلونهم بالفؤوس وغيرهم بالسيوف وكثيرين كثيرين بالمطارق والمكالب والمنشار فكان البعض يلقون بنفسهم في الآبار حتّى يتخلّصوا من هذا العذاب. كانوا يهجمون على القوافل الهاربة فيجرّدوهم من الثياب والمال ويقتلوهم. وكانوا يأخذون النساء والبنات الجميلات لانفسهم. وبحسب أوامر القادة كان مفروضاً ان يُقتل كل يوم ألفا شخص.وكانت إذا ما تأخرت بعض النساء الحوامل في السير يقومون بقتلهن. وللشهادة نقول كان من بين المسلمين رجال رفيعي الاخلاق من بينهم رجل يدعى حجّي مصطفى فهذا قال للمسيحيين إن حياتي فداء لحياتكم وساعدهم كثيراً. بعد أن هدأت الحرب قليلاً وضعفت قوة المملكة العثمانية فكّرت ان توقف اضطهاد المسيحيين. وسمحت لبعض أهالي قره باش أن يعودوا الى قريتهم. لكن الحكومة كانت قد اسكنت مسلمين مهاجرين من بلغاريا في بيوتهم. مذابح السريان، الأشورين والكلدان مذابح سيفو:مذابح سيفو وتعرف كذلك بالمذابح الآشورية أو مذابح السريان ، تطلق على سلسلة من العمليات الحربية التي شنتها قوات نظامية تابعة للدولة عثمانية بمساعدة مجموعات مسلحة كردية شبه نظامية استهدفت مدنيين آشوريين، سريان وكلدان أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى. أدت هذه العمليات إلى مقتل مئات الآلاف منهم كما نزح آخرون من مناطق سكناهم الأصلية بجنوب شرق تركيا الحالية وشمال غرب إيران.

لا توجد إحصائيات دقيقة للعدد الكلي للضحايا غير أن الدارسون يقدرون أعداد الضحايا السريان/الآشوريين بما بين 250,000 إلى 500,000. كما يضاف إلى هذا العدد حوالي مليوني أرمني ويوناني بنطي قتلوا في مذابح مشابهة معروفة بمذابح الأرمن ومذابح اليونانيين البونتيك. لكن على عكسهما، لم يكن هناك اهتمام دولي بمجازر سيفو، ويعود السبب إلى عدم تكوين كيان سياسي يمثل الآشوريين في المحافل الدولية. كما لا تعترف تركيا رسميا بحدوث عمليات إبادة مخطط لها. بدأت هذه المجازر في سهل أورميا بإيران عندما قامت عشائر كردية بتحريض من العثمانيين بالهجوم على قرى آشورية به، كما اشتدت وطأة المجازر بسيطرة العثمانيين عليه في كانون الثاني 1915. غير أن عمليات الإبادة لم تبدأ حتى صيف 1915 عندما دفعت جميع آشوريي جبال حكاري إلى النزوح إلى أورميا كما تمت إبادة وطرد جميع الآشوريين/السريان/الكلدان من ولايات وان وديار بكرومعمورة العزيز. أدت سلسة المجازر هذه بالإضافة إلى المجازر الأرمنية وعمليات التبادل السكاني مع اليونان إلى تقلص نسبة المسيحيين في تركيا من حوالي 33% قبيل الحرب إلى 0.1 حاليا ونزوح مئات الالاف من الآشوريين/السريان إلى دول الجوار، فما هي أسبابها؟ أعطى الباحثون عدة أسباب لعمليات الإبادة التي نفذها العثمانيون بحق الأقليات المسيحية بالأناضول ابتداء من أواخر القرن التاسع عشر. غير أن معظمهم يتفق على يقين القادة العسكريين بأن أي ثورة أو حرب ستؤدي إلى انفصال أجزاء واسعة من الإمبراطورية مثلما حدث في دول البلقان بمنتصف القرن التاسع عشر حين نالت معظم تلك الدول استقلالها. كما أدت محاولات تتريك الشعوب القاطنة ضمن الدولة إلى ردود فعل معارضة أدت إلى انتشار الفكر القومي المعارض لهذه السياسة كالعربي والأرمني والآشوري،ما أدى إلى أستعمال العثمانيين للعنف في محاولة لدمج تلك الشعوب في بوتق تركي.بدأت أولى عمليات الإبادة على نطاق واسع سنة 1895 أثناء ما سمي بالمجازر الحميدية عندما قتل مئات الآلاف من الأرمن والآشوريين في مدن جنوب تركيا وخاصة بأضنة وآمد وذلك بعد أتهام الأرمن بمحاولة اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني. غير أن السبب الرئيسي من وراء المجازر التي حلت بالآشوريين/السريان هي خشية العثمانيين من انضمامهم إلى الروس والثوار الأرمن وخصوصا بعد فشل حملة القوقاز الأولى في شتاء 1914. يعتقد المؤرخون أن السبب الرئيسي وراء التورط الكردي في المجازر هو الانسياق وراء حزب تركيا الفتاة الذين حاولوا إقناع الأكراد أن المسيحيين الموجودين في تلك المناطق قد يهددون وجودهم. وبالرغم بعض المجازر التي اقترفها الجيش العثماني ضد مدنيين أكراد في بايازيد وألاشكرت، إلا أن سياسة الترحيب والترغيب دعت معظم العشائر الكردية إلى التحالف مع الأتراك. كما استغلت ميليشيات كردية شبه نظامية فرصة الفوضى في المنطقة لفرض هيمنتها وهاجمت قرى آشورية وسريانية من أجل الحصول على غنائم. مجزرة مدينة سعرت سكانها سريان وكلدان وأرمن عانوا من الاضطهاد وقد حوّل الاكراد كنيسة الكلدان الى مسجد دعوه (مسجد الخليلي) مجزرة نصيبينمدينة شهيرة بقدمها يقسمها نهرها الشهير هرمس باليونانية اما بالعربية يدعى (جقجق) وكانت يوماً مدينة نصيبين الحدود الفاصلة ما بين المملكتين الرومانية والفارسية. وكان سكانها من السريان وفيها بعض العائلات اليهودية. أذاق الاكراد سكان نصيبين مرّ العذاب والاضطهاد. اما محمد رئيس عشيرة (طي) فأمر جميع أبناء عشيرته أن يحافظوا على المسيحيين ويحموهم. أما مطران الارمن فقد صبّوا عليه زيتاً حامياً ونفطاً مغلياً واحرقوه حياً وجرّوا جثته والقوها في المزبلة. كما ربطوا حبلاً بأعناق الكهنة الخمسة وظلوا يشدونها حتى ماتوا جميعاً.أما النساء فيقودونهن الى بئر عميقة ويعرّوهن من ثيابهن ويقتلونهن ويلقونهن في الجبّ. ومن لم يمت من التعذيب فقد مات من الجوع والعطش والبرد والوباء (الكوليرا) وكانوا ينهبون ممتلكات المسيحيين فيبيعونها بأسعار رخيصة ويضعونها في خزانة الدولة العثمانية. مذبحة ماردينفقد بدأت عندما كانت المانيا حليفة للامبراطورية العثمانية وكان الاتراك منذ امدٍ بعيد ينوون تدمير الاقتصاد الارمني في ديار بكر. حاولوا مراراً منذ عام 1910 الاستحواذ على تجارة الولاية والسيطرة عليها، فكانت تصادر البضائع التابعة للارمن لصالح الجيش التركي. ثم احرقوا البازار الارمني الذي كان يضم 1800 متجراً. وبعد اعلان التعبئة العامة في البلاد عام 1914 رفض 2000 من الشباب الارمن في ديار بكر الانصياع له واعتصموا فوق سطوح منازلهم مدة خمسة اشهر وسميت هذه المجموعة “كتيبة السطوح”.باشر رشيد بك (الطبيب الشركسي الاصل واحداً من اكبر المجرمين في تاريخ الابادة الجماعية وتقع على عاتقه مسؤولية التخطيط للمجازر في اقليم ديار بكر) باعدام شباب “كتيبة السطوح” وطلب من الجميع تسليم الاسلحة. فامرت السلطات بترحيل الارمن الى الموصل وثم اتخذ قراراً خطياً بابادة قوافل المهجرين وكانوا يقتلون تدريجياً ليصار بالتالي الى تنظيم عملية محو الارمن من مناطقهم. جاء القرار اما الترحيل وبالتالي القتل او اعتناق الاسلام. فارتكبت الفظائع بحقهم. وعندما صدر قرار العفو من العاصمة بعدم اضطهاد وملاحقة غير الارمن طبّق فقط في المدن ولكنه لم يطبّق في القرى والبلدات وبدأت الابادة الشاملة لجميع المسيحيين بصرف النظر عن انتماءاتهم المذهبية.اخذ الاكراد بتمثيل جرائم فظيعة بحق المسيحيين وكان منهم من يدفع فدية بمبالغ طائلة. وتم السطو على البيوت والكنائس. فحصل الاكراد على ضمانات من الحكومة تقضي بوجوب قتل المسيحيين ولكن بعد ان اتموا المهمة استعادت السلطات تلك الوثائق المحرجة لاتلافها. فكانت تلك العمليات الاجرامية من صنع مبادرات محلية اكثر منها قرار حكومي. وتم حرق الجثامين لمحو الآثار. ففي منطقة ماردين وديار بكر وحدهما اُبيد اكثر من 120 الف من المسيحيين غير الارمن، وصدر الفرمان عن السلطان ممهور بالختم الاحمر (جميعكم محكوم عليكم بالموت).وتمت الهجرة لدير الزور ورأس العين في سوريا. منهم من كان يموت على الطريق ومن يصل منهم الى الجهة التي هجّر اليها كانوا يقتلون او يذبحون جماعات ويجردون من ثيابهم ويتركون عرضة للبرد والامراض. كانت تدفع الفدية مقابل انقاذ الاطفال فيتم استردادهم مقابل مبالغ طائلة يدفعها رجال الكنيسة والاعوان المسيحيين الاثرياء، ليتم توزيعهم على اسر للاعتناء بهم.ومنهم من خطف على يد الاكراد فاندمجوا كلياً في العائلات المسلمة لدرجة لم يعد بالامكان تحديد هويتهم، ومنهم لم يكن يرغب بالتخلي عن هويته الجديدة. في سعرت وحدها تم تدمير كلّي لـ 36 قرية كلدانية، لم يبق فيها حجر على حجر، ومن تبقى منهم تم طليهم بالنفط واحراقهم جميعاً.طالت مذبحة سيفو 1914-1915 مدن وقرى اورفا (الرها)، ديار بكر، ديريكه ويران شهر، رأس العين، دير الزور، سنجار، الجزيرة (جزيرة ابن عمر وتعرف ببازابدى) بلدة على ضفة الدجلة، سعلات، كربوران، دير العمر، دير الصليب، باسبرينا، مدياد، وصُلُح، عين ورد، كفرجوزة، وباتّه، قلّث وحصن كيفا، الصَور، نصيبين، دارا، قلعة المرا (قلعة مرا)، معصرتا، بافاوا، بنابيل، منصورية، القصور (الكولية)، تل أرمن، شذرات. منفذو الابادة الجماعيةبالنسبة لمنفذو الابادة الجماعية فلم يتم محاكمة المخططين والمنفذين للابادة الجماعية بالشكل الصحيح فتم تقديمهم كمجرمي حرب وليس جرائم ضد الانسانية او ابادة جماعية وافلتوا من يد العدالة. اعتبر هؤلاء المجرمون انفسهم قد قاموا بعمل وطني في غاية الكمال وهم مقتنعون بالابادة، معتبرين الارمن خونة للوطن. وطبعاً انكروا الجرائم والابادات بحق الشعوب المسيحية الاخرى وحتى انه لم يتم ذكر اي من السريان وباقي المسيحين في كثير من المرافعات والمحاكم. وقد اعتقل فقط اربعة مذنبين لم يتم محاكمتهم ابداً وتم مقايضة بعض معتقلين آخرين باسرى انكليز وآخرون فرّوا، وآخيراً اطلق سراح البقية دون محاكمة. علماً ان هؤلاء الرجال الاربعة تمت ادانتهم المباشرة في المجازر وهم: عارف فيضي بك: احد مدبري المجازر (نائب ديار بكر في البرلمان العثماني)، بعدما القي القبض عليه سجن في مصر، فالقيت التهمة على غيره.فيلي نجدت بك
Viliكان ايطالي الاصل: منسّق المجازر على المستوى الاقليمي. كان رئيس الشرطة فسُلّم الى السلطات الانكليزية، ولم تتم محاكمته.

بدر الدين (الامين العام لديار بكر): المشرف على اعمال القتل وتنفيذ الابادة في ماردين، اعتقل في مالطا. كانت استراتيجيته تجويع المسيحيين حتى الموت.

يوسف بن نوري البدليسي: رئيس ميليشيا ماردين (كان مجرّد منفّذ) والمسؤول المباشر عن مذابح السريان في الغولية بالاتفاق مع الاكراد. سجن في مالطا.

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | Leave a comment

شخصيات عالمية أذهلتني (1) نيكوس كازنتزاكيس

شخصيات عالمية أذهلتني (1) نيكوس كازنتزاكيس

بتصرّف: رياض الحبيّب

خاص: كلام الأول

تنويه: شكرًا للقسم العربي في ويكيپـيديا على تقديم المعلومات المفيدة بالعربية ولا سيّما المترجم منها عن لغات عالمية قد لا يجيدها القارئ والقارئة. ومن بين المعلومات التعريف بشخصيات عالمية راقية أسهمت في مدّ شجرة الإنسانية بماء وغذاء لازمَين لاستمرارها حيّة. ومن جهتي؛ قد سمحت لقلمي المتواضع بتصحيح الأخطاء الإملائية والنحوية والبلاغية التي سَها عنها المترجم والمترجمة، دون التصرف بأيّة معلومة، أيًّا كان محتواها، لكني قد أضيف معلومة أخرى واثقًا من صحّتها. أمّا المعلومة المغلوطة أو التي أشكّ في صحّتها فسأفرد لها تعليقًا في هامش المقالة. فالغاية في النهاية هي إحاطة القرّاء الكرام عِلمًا بالحقيقة. لذا أدعو الأحباء من المترجمين والمترجمات إلى التزام جانب الأمانة العِلميّة في أدب الترجمة؛ لأنها من متطلّبات شرف المهنة ولأنّ الدنيا قد أصبحت قرية بفعل تقنية المعلومات السريعة فلا مجال للتحريف والتعتيم

 

نيكوس كازنتزاكيس 1883-1957 م

Νίκος Καζαντζάκης نيكوس كازنتزاكيس باليونانية

يُعتبَر الكاتب اليوناني نيكوس كازنتزاكيس من أبرز الكتَّاب والشعراء والفلاسفة في القرن العشرين. فقد ألَّف العديد من الأعمال الهامة في مكتبة الأدب العالمي، تضمَّنت المقالات والروايات والأشعار وكتب الأسفار (1) والتراجيديات، بالإضافة إلى بعض الترجمات. وقد تُرجِمَتْ كتبُه إلى أزيد من 40 لغة

لمحة من سيرته

ولد نيكوس كازنتزاكيس في 18 شباط من العام 1883 في جزيرة كريت. وأمضى طفولته في هذه الجزيرة التي خاضت حرباً ضد الأتراك لنيل استقلالها. وكان والده (الكابتن ميخائيل) ضمن الذين حاربوا الأتراك. على رغم أن والده لم يكن متعلمًا فقد أراد لابنه أن يكمل تعليمه لأنه كان يؤمن: “بأن النضال لا يقتصر على القتال، بل يكون أيضاً بالعلم” لذا أرسل ابنه لدراسة الحقوق في مدرسة القانون في أثينا. حصل كازنتزاكيس على شهادة الدكتوراه في الحقوق عام 1906 ثم سافر لدراسة الفلسفة في باريس حتى عام 1909 فأمضى كازنتزاكيس معظم فترة شبابه في رحلات تأملية، حيث اعتكف في جبل آثوس. وزار العديد من أديرة اليونان وكنائسها. كما زار القدس وسيناء مصر. وسافر إلى دول عدَّة، منها أوروبية: بريطانيا، أسبانيا، فرنسا، إيطاليا، فيينا، ألمانيا، قبرص. ومنها آسيوية كالصين واليابان. ومنها تشيكوسلوفاكيا (قبل الانفصال) والإتحاد السوفياتي- قبل تفككه

زواجه

تزوج في عمر متأخر (2) من صحافية وكاتبة يونانية تدعى إيليني. ولأنه كان يفضل العزلة، لم تكن زوجته تلتقي به إلّـا عشرة أيام في السنة. وذلك في عقد عائلي سُمِّيَ بعقد الأيام العشرة

كازنتزاكيس ونيتشه

إبّان فترة دراسة كازنتزاكيس في باريس؛ تأثَّر بالفيلسوف الألماني والشاعر نيتشه الذي غيَّر نظرته إلى الدين والحياة والله- كما يقول- ودعاه إلى التمرد على أفكاره ومعتقداته القديمة كلِّها. حتى نظرته إلى الفنِّ تغيرت. وأدرك أن دور الفن يجب ألّـا يقتصر على إضفاء صورة جميلة وخيالية على الواقع والحياة، إنما مهمته الأساسية هي كشف الحقيقة، حتى لو كانت قاسية ومدمِّرة. يقول كازنتزاكيس في نيتشه: (ما الذي قام به هذا النبي؟ وما الذي طلب منَّا أن نفعله بالدرجة الأولى؟ طلب منَّا أن نرفض العزاءات كلَّها: الآلهة والأوطان والأخلاق والحقائق. وأن نظلَّ منعزلين دون أصحاب ورفاق. وألّـا نستعمل إلا قوّتنا. وأن نبدأ في صياغة عالم لا يُخجِل قلوبنا) فلم يكن كازنتزاكيس ينتقد رجال الدين كأفراد، على رغم انتقاده الدائم للأديان، إنما انتقد استخدام الدين كغطاء للتهرب من المسؤولية والعمل الفعَّال

كازنتزاكيس وبوذا

بعد مغادرة كازنتزاكيس باريس، سافر إلى فيينا. وهناك بدأ مرحلة جديدة من حياته من خلال التعرف إلى بوذا، حيث عكف على دراسة المناسك والتعاليم البوذية. وحسب وجهة نظره (إن دين المسيح كان ينظر إلى الحياة نظرةً مبسَّطة ومتفائلة جدًّا، على عكس بوذا الذي ينظر إلى الكون بعين ثاقبة وعميقة) لقد أحبّ بوذا بوصفه معلمًا ومرشدًا روحيًّا ومخلِّصًا. يقول كازنتزاكيس في بوذا: (من بين الناس الذين ولدتْهُم الأرضُ جميعًا يقف بوذا متألقًا في الذروة، روحًا نقية خالصة، دون خوف أو ألم، مليئًا بالرحمة والحكمة. كان يمدُّ يده ويفتح الطريق إلى الخلاص وهو يبتسم بوقار، والكائنات كلُّها تتبعه دون تفكير، وتخضع بحرية) ولقد كان بوذا في نظر كازنتزاكيس المرشد الذي نظَّم فوضى أسئلته وأعطاه السَّكِينة والسّلام الداخليَّين

المناصب التي تولّـاها

تطوَّع في العام 1912 في الجيش اليوناني في حرب البلقان، ثم عُيِّنَ في العام 1919 مديرًا عامًّا في وزارة الشؤون الاجتماعية في اليونان. كان مسؤولاً عن تأمين الغذاء لحوالي 15 ألف يوناني ومسؤولـاً عن إعادتهم إلى اليونان من القوقاز. لكنه استقال بُعَيْدَ ذلك من منصبه. عمل في السياسة فترة قصيرة، إذ عُيِّن وزيرًا في الحكومة اليونانية في العام 1945 ومديرًا في اليونسكو في العام 1946 وكانت وظيفته العمل على ترجمة كلاسيكيات العالم لتعزيز جسور التواصل بين الحضارات وخصوصًا التي بين الشرق والغرب. ثمّ استقال بعد ذلك ليتفرغ للكتابة

مؤلَّفاته

كتب الأوديسة في ملحمة مؤلَّفة من 33.333 بيتًا، بدأها من حيث انتهت أوديسة هوميروس. وقد اعتُبِرَ هذا العملُ ثورة في مجال المفردات اللغوية والأسلوب، كما أظهر مدى عمق معرفة كازنتزاكيس بعلم الآثار والأنثروبولوجيا. وكتب العديد من الأعمال الأدبية الهامة وترجم العديد. نذكر منها؛ رياضات روحية: مخلَّصو الله، الثعبان والزنبقة، الحرية أو الموت، فقير أسّيزي، الإخوة الأعداء، زوربا اليوناني، الإغواء الأخير للمسيح، الأوديسة: التكملة الحديثة 1929-1938

الكوميديا الإلهية لدانتي، هكذا تكلم زاردشت لنيتشه، الإسكندر الأكبر- كتاب للأطفال، الآلام باليونانية أو المسيح يُصْلَبُ من جديد، تقرير إلى غريكو- وقد نشرتْ زوجتُه هذا الكتاب عام 1961 أي بعد وفاته، من خلال قيامها بجمع رسائل كازنتزاكيس ومذكراته

عُرِّضتْ بعضُ أعمال كازنتزاكيس للرقابة. فمُنِعَ نشرُها في بعض دول العالم. إلّـا أنّ كتاب “الإغواء الأخير للمسيح” الذي نُشِرَ عام 1951 قد اعتُبِرَ أكثر إثارة للجدل (3) إلى درجة قيام الكنيسة الكاثوليكية الرومانية بمنع الكتاب؛ كما عمد البابا آنذاك إلى إدراج كتابه ضمن لائحة الكتب الممنوعة في الفاتيكان سنة 1954 والذي أثار الجدل ذاته بعد أن قام المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي بإخراج هذا العمل في ثمانينيات القرن الماضي

من الجوائز التي حصل عليها

مُنِحَ كازنتزاكيس في 28 حزيران من العام 1957 جائزة لينين للسلام في مدينة ڤيينا. ورُشِّح عام 1956 لنيل جائزة نوبل، لكنه خسرها للمفكر الفرنسي ألبير كامو بفارق صوت واحد

وفاته

كان في أواخر أيامه يطلب إلى ربِّه أن يمدَّ في عمره عشر سنوات أُخَر ليكمل أعماله و”يفرغ لنفسه” كما كان يقول. وقد تمنى لو أنّ في إمكانه أن يتسول من كلِّ عابر سبيل ربع ساعة ما يكفي لإنهاء عمله. توفِّي في 26 تشرين الأول سنة 1957 في ألمانيا عن عمر 74 عامًا. ونُقِلَ جثمانُه إلى أثينا. لكنَّ الكنيسة الأرثوذوكسَّية منعت تشييعه هناك فنُقِلَ إلى كريت. وكُتِبَتْ على شاهدة ضريحه، بناءً على طلبه، العبارة التالية من قصص التراث الهندي: لا آمُل في شيء، لا أخشى شيئًا، أنا حُرٌّ

ذكراه

خُصِّصَ له متحفٌ صغير في جزيرته- كريت- فارفاري ميرتيا. واحتوى المتحف على أشيائه الشخصية ومجموعة قيِّمة من المخطوطات والرسائل، بالإضافة إلى النسخ الأولية لكتبه. وصور ومقالات كُتِبَتْ عن حياته وأعماله. تمَّ إخراج أربعة أفلام أُخِذتْ عن رواياته وهي: الهوى اليوناني، زوربا، الإغواء الأخير للمسيح. ومؤخرًا فيلم مأخوذ عن كتاب الإسكندر الأكبر. قالت زوجته عنه: كان نقيًّا وبريئًا وعذبًا بلا حدود مع الآخرين. أما مع نفسه فقد كان شديد القسوة؛ ربَّما أوّلًـا: لإحساسه بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه وحجم العمل المطلوب منه. وتاليًا: لأن ساعاته في الحياة محدودة 

* * * * *

1. قصد المترجم بالأسفار (جمع سَفَر- بفتح السين والفاء) الرِّحلات

2. أشار القسم الإنگـليزي في ويكيپـيديا إلى أنه تزوّج أوّلًـا من غالاتيا أليكسيو عام 1911 لكنّهما انفصلا عام 1926 ثمّ تزوّج من هيليني ساميو (أو إيليني) عام 1945

3. أشار القسم الإنگـليزي المذكور إلى قيام الكنيسة الأرثوذوكسية بحرمان كازنتزاكيس (وهو أرثوذوكسي) من الكنيسة بسبب كتابه المتعلّق بالسيد المسيح له المجد. أمّا الڤاتيكان فقد أدرج ذلك الكتاب في قائمة الكتب الممنوعة. ولم يرد أيّ ذِكر لقداسة البابا شخصيًّا. علمًا أنّ كازنتزاكيس لم يقصد الإساءة إلى السيد المسيح وإلّـا لما اعترض على قرار كنيسته ولما همَّهُ قرار الڤاتيكان

– – – – –

المزيد من سيرة كازنتزاكيس عبر الرابط

http://en.wikipedia.org/wiki/Nikos_Kazantzakis

وهنا شريط مصوّر بين العامين 1983-2010 لمتحف نيكوس كازنتزاكيس

http://www.kazantzakis-museum.gr/index.php

مع خالص المحبّة وفائق الاحترام

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- الحلقة الأولى

تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- الحلقة الأولى

رياض الحبيّب

لقد بيّنت بأدلّة قاطعة في مقالتي “لفت الإنتباه عن المسمّى حديث الله” المكتوب رابطها أدنى أحاديث لمسلمين من أصحاب محمد قد أتى كل منهم بحديث لم يكن قرآناً، ثمّ نزل به القرآن فصار قرآناً، منهم الخليفة الثاني عُمَر بن الخطّاب ومصعب بن عُمَيْر- الذي قتل يوم أحُد وهو يحمل اللواء. وقد وقع مثل ذلك لبعض الكفار أيضاً، منهم النُّضْر بن الحارث- الذي كان يقول لقرَيْش: هلمّوا فإني والله يا معشر قريش أحْسَنُ حديثاً منه، ثم يحدّث قريش عن ملوك فارس، حتى قتله محمد بيده- وعبد الله بن سعد بن أبي سرح- وهو من كتّاب الوحي لمحمد ومن الستة الذين أمر محمد بقتلهم بعد “فتح” مكة. هنا رابط المقالة المذكورة- في عدد الحوار المتمدن 2705 المؤرّخ في 2009 / 7 / 12:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=177888

وقد تمّ بها تبيان موضوع مهمّ جدّاً وهو أنّ تلك الأحاديث- التي نسبها محمد لله- كانت أحاديث بشريّة صرفة وهي بمجموعها تمثل أحد المصادر التي اعتمَدَ محمدٌ لتأليف القرءان.

وفي سلسلة هذه المقالة سأبيّن طريقة تأليف القرءان، مستعيناً بدرجة كبيرة بكتاب الشخصيّة المحمّدية لمؤلفه: معروف الرصافي* والذي ركّز في كتابه هذا على قول الحقيقة مهما يكن الثمن! وسأكتب مقتطِفاً فحوى الكلام ومختصِراً قدر الإمكان، أمّا تعليقاتي وإضافاتي ما بين سطور المقالة فسأضعها بين قوسين كبيرين [ ] من أجل التوضيح والإستطراد.

القرآن
نقرأ في الصفحة 551-552 من كتاب الرصافي: كان محمد في خلوته في حراء يفتكر في وضع الأساس الذي تقوم عليه الدعوة، يفتكر في الصور التي تقوم عليها الدعوة، بل الواسطة التي يؤدي بها الدعوة. ومعلوم أن الدعوة تقوم بالكلام، ولكنْ بأيّة صورة من الصور الكلامية يُصاغ كلام الدعوة ويُسبك؟ أيجعل الكلام شعراً منظوماً أم نثراً مسجوعاً أم ماذا؟ حتى استقرّ رأيه على جعل الكلام قرآناً يُقرأ ويُحفظ. فابتدع- بما أوتي من فطنة واسعة وذكاء وقاد- لكلامه الذي يؤدي به الدعوة أسلوباً لم تعرفه العرب ولم يسبقه إليه أحد منهم، فجاء كلامه على هذا الأسلوب لا هو من الشعر المنظوم ولا هو من النثر المسجوع، إنما جعله جملاً تنتهي بفواصل؛ كل فاصلة منها تفصل الكلام الذي تقدّمَها عمّا بعده إمّا فصلاً تامّاً في اللفظ والمعنى معاً، فيكون الكلام المختوم بها مستقلاً بمعناه ولفظه، منفصلاً عمّا قبله وعمّا بعده، وإمّا فصلاً غير تامّ أي في اللفظ فقط، فيكون الكلام المختوم بها مستقلاً في اللفظ فقط، وإنْ كان من جهة المعنى مرتبطاً بما قبله أو بما بعده. وقد سمّى كلّ كلام ينتهي بفاصلة آية! فجاءت آيات القرآن كلها مفصّلة على هذا النمط- كما وصفها هو في القرآن إذ قال:
(كتاب فصّلتْ آياته قرآنا عربياً لقوم يعملون)- سورة فصّلت، الآية 3

ثمّ قسّم آيات القرآن إلى أقسام مختلفة في الطول والقِصَر، وسمّى كلّ قسم سورة! ولم يُراعِ- في تقسيم هذه الآيات إلى سُوَر- شيئاً من موضوعها ولا من زمان نزولها أو مكانه، بل قد تكون السورة الواحدة مشتمِلة على آيات مختلفة من الأمور التي يتكلم عنها القرآن. وقد تكون في السورة الواحدة آيات متقدمة في الذكر وهي متأخرة في النزول وبالعكس! وقد تكون في السورة الواحدة آيات نزلت في مكة وأخرى نزلت في المدينة. وهكذا جاء ترتيب الآيات والسّوَر على هذا النحو [بدء الصفحة 553 من الكتاب] بتوقيف من النبي، أو الذين جمعوا القرآن بعد وفاته هم رتبوه على هذا الترتيب بلا توقيف منه. والظاهر أنّ المقصود من تقسيم الآيات إلى سور متعددة هو تسهيل قراءتها وحفظها على القرّاء والحُفّاظ ليس إلّا.

[والسؤال المطروح هنا: هل استكمل محمد خلال ثلاث وعشرين سنة تلاوة كُلّ الكلام المكتوب في اللوح المحفوظ- المزعوم في السماء- أم بقي منه شيء؟ ومن جهة أخرى- بعد ثبوت حرق عثمان سائر المصاحف مزكّياً مصحفه، وبعد ضياع قرآن كثير؛ بما فيه من سائر الحروف باستثناء حرف قريش، وبما فيه من آيات القرآن، كالذي كان في سورة الأحزاب- مثالاً- والتي كانت تعدل سورة البقرة، وبما فيه من الآيات التي ذهبتْ تلاوتها وبقيَ حكمها وبالعكس، ألمْ يكنْ ربّ محمد قادراً على حفظ كلامه من الحرق والإسقاط والضياع؟ لقد تناول الرصافي هذا الموضوع في أماكن أخرى من كتابه ممّا ليس في إطار بَحْثي الحالي]

قال الجاحظ: سمّى الله كتابه مخالفاً لما سمّى العرب كلامهم على الجُمَل والتفصيل، سمّى جملته قرءاناً كما سمّوا ديواناً، وبعضه سورة كقصيدة، وبعضها آية كبَيْت [في الشعْر العمودي] وآخرها فاصلة كقافية (الإتقان في علوم القرءان 50:1) فالفواصل هي أهمّ ما يدعو إلى الإنتباه في القرءان- أي كون آياته مفصّلة- وهي قوام أسلوبه. كتب الرصافي [في الصفحة 555] أمثلة لفواصل القرآن التي هي نوعان- كما أسلفت- فإمّا كلمة واحدة تنتهي بها الآية- ويكون الكلام في الآية مبنيّاً عليها وتكون هي ممتزجة به- وإمّا جملة تجيء في آخر الآية فتفصلها عمّا بعدها فصلاً تامّاً في اللفظ والمعنى، أو فصلاً في اللفظ فقط وتبقى الآية مرتبطة في المعنى بما بعدها.

النوع الأوّل
تكثر أمثلة النوع الأوّل في السوَر القِصار، منها الكوثر 1-3:
إنا أعطيناك الكوثر* فصل لربّك وانحر* إنّ شانئك هو الأبتر*
ومنها الليل 1-4: والليل إذا يغشى* والنهار إذا تجلى* وما خلق الذكر والأنثى* إن سعيكم لشتى*
ومنها المدّثّر 1-5: ياأيها المدثر* قم فأنذر* وربك فكبّر* وثيابك فطهّر* والرجز فاهجر*
وقد جاء نحوها في بعض الطوال أيضاً كالكهف ومريم. ولا ريب في أنّ هذا ضرْبٌ من السّجع، إلّا أنّهم لم يسمّوه سجعاً تأدّباً مع القرآن الذي هو كلام الله والسجع عندهم من شأن الكهّان.

[أتمنّى- على القارئ الكريم والقارئة الكريمة- العودة إلى مقالتي التي علّقتُ من خلالها على سورة الكوثر- بما اٌستوحيت من كتب التراث، كما كتبت مطوّلة على شاكلتها مقتبساً من السيرة المحمّديّة:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=166580

علماً أني لم أكن الأوّل في هذا الإتجاه، لكنّ السؤال المطروح هنا: لماذا سُمّي كلام محمّد قرآناً وكلام الكهّان سجعاً وكلاهما كلام- أحدهما أصبح مقدّساً بينما أمسى الآخر غير مقدّس؟ سأضرب هنا مثالاً على سجع الكهّان:
من خُطب قسّ بن ساعدة الإيادي:
تبّاً لأرباب الغفلة* ليصلحنّ العامل عمله* وليفقدنّ الآمل أمله* كلّا بل هو إله واحد* ليس بمولود ولا والد* أعاد وأبدى* وأمات وأحيا* وخلق الذكر والأنثى* ربّ الآخرة والأولى*

وهنا مثالان مما وصل من قرآن مسلمة بن حبيب- مسلمة الذي أطلق عليه المسلمون لقب الكذاب ومسيلمة تصغيراً، مثلما أطلقتْ قريشُ على محمّد لقب المذمّم**
من قرآن مسلمة: إنَّا أعطيناك الكواثر* فصَلِّ لربّك وهاجر* إن مبغضك رجلٌ فاجر*
وورد أيضاً:
إنَّا أعطيناك الكواثر* فصَلِّ لربّك وبادر* في الليالي الغوادر* واحذر أن تحرص أو تكاثر*
فلنقارنْ مع سورة الكوثر- المكتوبة أعلى- ما بين قرآن مسلمة وبين قرآن محمد

المثال الثاني من قرآن مسلمة:
والشمس وضحاها* في ضوئها وجلاها* والليل إذا عداها* يطلبها ليغشاها* فأدركها حتى أتاها* وأطفأ نورها ومحاها*
فلنقارن مع سورة الشمس ما بين القرآنين:
سورة الشمس 1-6:
والشمس وضحاها* والقمر إذا تلاها* والنهار إذا جلاها* والليل إذا يغشاها* والسماء وما بناها* والأرض وما طحاها*

قلت من وجهة نظري الشخصي: فلو انتصر جيش مسلمة في معركة اليمامة على جيش المسلمين نهائيّاً لحلّ على قرآن محمد القول الحالّ اليوم على قرآن مسلمة- والذي لم يصلنا منه سوى القليل. ولعلّي أوفّق في تأليف ضرب من السجع:
والمركب الطافي* على البحر الصّافي* يحمل الكلام الكافي* والشرح الوافي* لكتاب خرافي* بقلم معروف الرصافي*

فلو أردتُ الآن تأليف سورة على شاكلة قرآن مسلمة بن حبيب- مثالاً- لقلت:
فاء قاف* والمدن والأرياف* إنّ الناسَ لفي خلاف* لو علموا بربّك كامل الأوصاف* لاٌتفقوا في آخر المطاف* على كلمته الفضلى باٌئتلاف* أرسلناها إليهم زمن القحط والجفاف* فبشّر بالخير والإنصاف* واٌنصحْ بالطهر والعفاف* إنّا قوّمنا حقوق الإنسان بلا اٌنحراف]

النوع الثاني
أمّا النوع الثاني من الفواصل فكما جاء في الأعمّ الأغلب من آيات السّوَر الطوال، ففي سورة النحل 1-2:
أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون* ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فَاتَّقُونِ. فالجملة تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [التي قمت بتشكيلها] فاصلة، وكذلك فاتَّقُونِ.

وفي سورة طه 130-132:
فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لَعَلَّكَ تَرْضَى* ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه وَرِزْقُ رَبّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى* وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى* فالجمل الثلاث [التي قمت بتشكيلها] فواصل!

فواصل من النوعين
وأكثر السّوَر لا تكون فواصلها كلها من نوع واحد بل تكون من النوعين كما ترى في سورة الفرقان 5-6:
وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا* قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا* فالفاصلة الأولى من النوع الأول والثانية [التي قمت بتشكيلها] من النوع الثاني.

وفي سورة الشعراء 23-24:
قال فرعون وما رب العالمين* قال رب السماوات والأرض وما بينهما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ* فهذه [التي قمت بتشكيلها] من النوع الثاني والتي قبلها من النوع الأوّل.

وقبل الإستمرار في قراءة الصفحة 556 من كتاب الرصافي أجدني تاركاً للحديث بقيّة
…………..

* يمكن التعرّف على سيرة معروف الرصافي عبر ويكيبيديا بسهولة، لكنّ جدّي- لأمّي- الذي في شبابه عاصر الرصافي في بغداد وكان يؤمّ بعض مجالسه، حدّثني كثيراً عن الرصافي واصفاً إيّاه بصفات العبقريّة وسرعة الحفظ وقوّة الذاكرة- رحمة الله عليهما

** نقرأ في تفسير القرطبي للآية الأولى من سورة المسد: وكانت قريش إنما تسمّي رسول الله مُذمَّمًا؛ يسبّونه، وكان يقول: (ألا تعجبون لما صرف الله عني من أذى قريش، يسبّون ويهجون مذمَّماً وأنا محمّد) علماً أنّ امرأة أبي لهب قالت: يا أبا بكر، إن صاحبك قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضرَبْتُ بهذا الفِهْر فاه [والفِهْرُ في الطّبّ: حجر رقيق تسحق به الأدوية- المنجد في اللغة والأعلام] والله إني لشاعرة: (مُذمَّمًا عَصَيْنَا وَأَمْرهُ أَبَيْنَا وَدِينهُ قَلَيْنَا) ثم انصرفتْ. فقال أبو بكر: (يا رسول الله، أما تراها رأتك؟) قال: (ما رأتني، لقد أخذ الله بصرها عني)

المصدر الحوار المتمدن بموافقة الكاتب رياض الحبيب

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

هكذا قرأتُ القرآن ٧ سورة التكوير

هكذا قرأتُ القرآن ٧ سورة التكوير

رياض الحبيّب

قرأت اليوم أُسْجُوْعَة سورة التكوير والتي ترتيبها ٧ في ترتيب “التنزيل” و٨١ في مُصْحَف عثمان. وقد بيّنت في المقالة السابقة معنى السَّجْع وأنّ القرآن كلّه مؤلّف من مجموعة أساجيع (سُمّيَتْ سُوَراً) متطابقة شكلاً ونوعاً مع سجع الكواهن والكهان في العصر المسمّى بالجاهلي. إلّا أنّ مؤلّفها قد تمادى في إدخال العامل الديني بها حتى نسب مؤلّفاته كلّها- سواء ما نطق عن الهوى وما نطق عن خلافه- إلى وحْي إلهي؛ داعياً الناس جميعاً إلى تصديق دعوته واتباعه بالإكراه وبتأليف القلوب وإلّا فالموت لهم في الدنيا ولهم سقر في الآخرة أو دفع الجزية وهم صاغرون. ولقد دعاني أحد المُحمّديّين دعوة (ذكيّة) إلى اعتناق الدين المُحَمّدي وقد غاب عنه أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين- في زمن المعلوماتية السريعة- فآثرتُ اغتنام تلك الدعوة {كحجّة مُوَثّقة} لكي أقرئهُ قرآنه بصوت عالٍ، مسموع في أنحاء المعمورة، مبيّناً له 1. مساوئ هذا الكتاب 2. خطورته على ماضي البشريّة وحاضرها ومستقبلها 3. استحالة قيام إله أهل الكتاب بالتنازل إلى مستوى تكليف المدعوّ محمداً رسالة ما إلى الناس، لأنّ الشخصيّة المحمّديّة مريضة وذات أخلاق دونيّة وذات نزعة دمويّة 4. جهل الشخصيّة المذكورة باللغة السليمة وبالأخلاق الراقية وبفنون الأدب وبالعلم والتاريخ والجغرافيا… إلخ ممّا سيأتي إثباته في حينه؛ ذلك بقدر ما أوتيتُ من معرفة باللغة العربيّة وبأدب الفترة المسمّاة بالجاهليّة ومستفيداً من كتب التفسير المعتمَدة لدى غالبية المسلمين ومن المعاجم اللغويّة ومن مصادر عدّة استقى مؤلّف القرآن بياناته منها.
ولقد بدأت بقراءة السّوَر بحسب ترتيب “تنزيلها” أي الترتيب التاريخي؛ لا بحسب المصحف العثماني إذ لم يُعِرْ جامعو القرآن ومدوّنوه ونسّاخه اهتماماً للتاريخ وتسلسل الأحداث، ما زاد القارئ الباحث التباساً فوق التباس وشكوكاً فوق شكوك حول ظلاميّة هذا المؤلَّف- بفتح اللام- وتردّي الحالة المَرَضيّة لدى مؤلِّفه- بكسر اللام، بالإضافة إلى إحساس القارئ الباحث بالإمتعاض من تعاليم القرآن المُغـْرضة وأساليب مؤلّفه المُبْغِضة في أيّة سورة- من بدايته إلى نهايته- سواءٌ أقصُرتْ أم طالتْ؛ كما حصل لي وأنا أقرأ بطريقة مُحايدة، مستبعداً من ذهني جميع ترسّبات الماضي، ممّا عانيت من أخلاق المسلمين، في الأوساط الإسلاميّة ولا سيّما الشارع، ما زاد على ثلاثة عقود قضيْتُها على مضض. ولكن لكلّ إنسان طريقة ما في القراءة والتحليل وفق الخلفيّة الثقافيّة أيّاً كانت مصادرها.

هنا نصّ سورة التكوير مع تفسير الجلالين لبعض جُمَلِها محصوراً بين هلالين:
{إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ١ (لُفـِّفتْ وَذ ُهِبَ بنُورِها) وإذا النجومُ اٌنكدرَتْ ٢ (اِنقضَّتْ وتسَاقطَتْ على الأرض) وإذا الجبَالُ سُيِّرَتْ ٣ (ذ ُهِبَ بها عن وجه الأرض فصَارَتْ هَبَاء مُنبَثّاً) وإذا العِشَارُ عُطِّلتْ ٤ (النُّوق الحَوَامِل تُرِكتْ بلا رَاعٍ أو بلا حَلْب لِمَا دهاهُمْ مِن الأمْر، وإنْ لمْ يَكُنْ مَال أَعْجَب إليهم منها) وإذا الوحوشُ حُشِرَتْ ٥ (جُمِعَتْ بَعْد البَعْث لِيَقتصّ لِبَعْض من بعض ثُمَّ تصِير تُرَاباً) وإذا البحَارُ سُجِّرَتْ ٦ (أُوقِدَتْ فصَارَتْ نارًا) وإذا النفوسُ زُوِّجَتْ ٧ (قُرِنَتْ بأجسَادها) وإذا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ٨ (الجارِيَة تُدفـَن حَيَّة خوْف العَار والحَاجَة “سُئِلتْ” تبكِيتاً لقاتلها) بأيِّ ذنْب قُتِلتْ ٩ (حِكاية لِمَا تُخاطَب به وجوابها أنْ تقول: قُتِلْتُ بلا ذنْب) وإذا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ١٠ (صُحُف الأعمال فُتِحَتْ وَبُسِطَتْ) وإذا السَّمَاءُ كُشِطتْ ١١ (نُزِعَتْ عن أماكنها كما يُنْزع الجلد عن الشّاة) وإذا الجَحِيمُ سُعِّرَتْ ١٢ (النَّار أُجِّجَتْ) وإذا الجَنَّةُ أُزْلِفتْ ١٣ (قُرِّبَتْ لأهلها ليَدخلوها وجواب إذا [وهي أداة شرطيّة غير جازمة] أوَّل السُّورَة وما عُطِفَ عليها »»» عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ ١٤ (كُلّ نفس وقت هذه المَذكُورَات وهو يوم القيامة “ما أحْضَرَتْ” من خير وشرّ) فلا أُقسِمُ بالخُنَّسِ ١٥ الجَوَارِ الكُنَّسِ ١٦ واللَّيْلِ إذا عَسْعَسَ ١٧ والصُّبْحِ إذا تنفَّسَ ١٨ إنَّهُ لقوْلُ رَسُولٍ كريم ١٩ ذِي قوَّةٍ عِند ذِي العَرْشِ مَكِينٍ ٢٠ مُطَاعٍ ثَمَّ أمِين ٢١ ومَا صَاحِبُكُمْ بمَجْنون ٢٢ ولقدْ رَآَهُ بالأفُقِ المُبينِ ٢٣ ومَا هُوَ عَلى الغيْبِ بضَنِين ٢٤ وما هُوَ بقوْلِ شَيْطان رَجيم ٢٥ فأيْن تذهَبُون ٢٦ إنْ هُوَ إلّا ذِكْرٌ لِلعالمِين ٢٧ لِمَنْ شاءَ مِنكمْ أنْ يَسْتقِيمَ ٢٨ وما تشاءُون إلّا أنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ العالمِين ٢٩} انتهت

تعليقي 1. وجدتُ صُوراً ظلامية تشاؤميّة من بداية الأسجوعة إلى نهايتها، لا مَحَبّة فيها ولا خير ولا بهجة ولا سلام ولا تفاؤل فيا ليت شعري كم كانت شدّة الظلاميّة والتشاؤم في عقليّة ذلك المخلوق الصحراوي وفي خياله؟ 2. سأدرس بعض الجُمَل كي لا أطيل؛ بقوله في البداية (إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وإذا النجومُ اٌنكدرَتْ…) إلى قوله (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ) هل شرع محمد بحلّ مشاكله اليوميّة ومشاكل مجتمعه التي على الأرض- ولا سيّما مصادر الرزق كالزراعة والصناعة والتجارة بدلاً من الغزو والسلب والنهب- وهل أنهى رسالته الأرضيّة لكي يتفرّغ إلى ما يمكن حصوله يوم القيامة عبر النظر إلى الفضاء- الشمس والنجوم والسماء- وتخيّل انحلاله وزواله؟ أظنّ مؤلّف القرآن لم يكن موفّقاً في اختيار التوقيت المناسب للتصريح بمثل هذه الأمور فالسورة مرقّمة ٧ ولا تزال في جعبته أمور كثيرة لتُطرَح، منها وصايا إلهه وتعاليمه (أي الشريعة) وورقة العمل لحاضره ومستقبله 3. ألا توجد مُعطيات تفاؤليّة لتعلم بها النفس ما أحْضرَتْ من خير وشرّ؟ فمثالاً سورة العمل:
إذا الأرضُ زُرعَتْ* وإذا الأمطار هطلتْ* وإذا النباتات أورقتْ* وإذا الزهور تفتحتْ* وإذا الثمار أينعتْ* وإذا الزراعة ازدهرتْ* وإذا الصّناعة لزمت* وإذا التجارة بُدِئت* وإذا المشاكل سُوِّيَتْ* وإذا القبائل تصالحتْ* وإذا الأيدي تكاتفتْ* قلّت الخلافات وتبدّدتْ* والصحراء اخضوضرتْ* والطبائع تمدّنتْ* وعوامل الخصْب اٌنجلتْ* وأسباب الجَدب اٌنحَسَرَتْ* والحضارة تطوّرتْ* ما تقدّمتْ سرعتها وما تأخرَتْ*

4. لاحظت- من جهة الفن الأدبي- تنوّع القوافي؛ يبدأ المؤلّف بقافية تائيّة ثمّ سينيّة ثمّ ميميّة متناوبة مع نونيّة، قد حصل هذا في أساليب سَجْع الكواهن والكهّان- كما مرّ ذكره في المقالة السابقة، لذا لم يأتِ مؤلّف القرآن بجديد 5. ما معنى تكوير الشمس وما الهدف منه وهل يتفق المعنى مع العلوم الكونيّة؟ سألقي أوّلاً نظرة على تفسير قوله (إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) في محاولة لفهم طريقة تفكير المؤلّف- هنا مقتطفات من تفسير الإمام الطبري:
{اِختلفَ أهْل التَّأْوِيل فِي تأوِيل قوْله: (إذا الشَّمْس كُوِّرَتْ) فقالَ بَعْضهمْ: مَعْنى ذلِكَ: إذا الشَّمْس ذهَبَ ضَوْءُهَا. عَن اِبْن عَبَّاس يقول: أَظْلمَتْ. وعَنْ اِبْن عَبَّاس [أيضاً] يَعْنِي: ذهَبَتْ. عَنْ مُجَاهِد قال: اِضْمَحَلَّتْ وَذهَبَتْ. عَنْ قتادَة قال: ذهَبَ ضَوْءُهَا فلا ضَوْء لهَا. عَنْ سَعِيد قال: غُوِّرَت، وَهِيَ بالفارِسِيَّةِ، كُوَر تُكَوَّر. وقال آخرُون: رُمِيَ بهَا؛ عَنْ أبي صَالِح قال: نُكِّسَتْ [وعنه أيضاً] قال: أُلقِيَتْ. عن رَبيع بْن خَيْثَم قال: رُمِيَ بهَا. والصَّوَاب مِن القول في ذلِك عِندنا [أي عند الطبري] أن يُقال {كُوِّرَتْ} كمَا قال الله جَلَّ ثناؤُه؛ والتَّكْوِير في كلام العَرَب: جَمْع بَعْض الشَّيْء إلى بَعْض، وذلِكَ كتكوير العِمَامَة، وَهُوَ لفّهَا على الرَّأس، وكتكويرِ الكارَّة، وَهِيَ جَمْع الثِّيَاب بَعْضهَا إلى بَعْض، وَلفّها، وكذلِك قوْله: {إذا الشَّمْس كُوِّرَتْ} إنَّمَا مَعْناهُ: جَمْع بَعْضهَا إلى بَعْض، ثُمَّ لُفَّتْ فرُمِيَ بهَا، وإذا فُعِلَ ذلِكَ بها ذهَبَ ضَوْءُهَا. فعلى التأوِيل الّذي تأَوَّلناهُ لِكِلا القولين اللذيْنِ ذكرْت عَن أهْل التأويل، وَجْه صَحِيح، وذلِك أنَّهَا إذا كُوِّرَتْ وَرُمِيَ بهَا، ذهَبَ ضَوْءُهَا} انتهى. أمّا من معرض تفسير القرطبي فاقتطفت:
{في الترمذي: عن ابن عُمَر قال: قال رسول الله ص: (من سَرّهُ أن ينظر إلى يوم القيامة «كأنه رأي عين» فليقرأ إذا الشمس كوّرت، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقتْ) قال: هذا حديث حسن «غريب» قال ابن عباس: تكويرها: إدخالها في العرش. سَعِيد بْن جُبَيْر: عُوِّرَتْ. أبو عبيدة: كُوِّرَتْ مثل تكوير العمامة، تُلفّ فتُمْحَى. وقال الربيع بن خيثم: “كوِّرت رُمِيَ بها؛ ومنه: كوّرته فتكوّر؛ أي سقط. قلت [أي قال القرطبي] وأصْل التكوير: الجَمْع، مأخوذ من كارَ العِمَامَة على رَأسه يَكُورُها أيْ لاثها وجمعها فهيَ تُكوَّر ويُمْحَى ضَوْءُهَا، ثمّ يُرْمَى بها في البَحْر. واَلله أعْلم} انتهى

وتعليقي: 1. ما سبب الإختلاف الكثير نسبيّاً في تأويل قوله (إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) والجملة في تقديري عبّرت بخيال يميل إلى نهاية الكون بظلام أبدي؟ 2. هذا الخيال- من جهة العلوم- مريض؛ نفسيّاً: بسبب ميله إلى العتمة، علميّاً: كيف كان شكل الشمس- هندسيّاً- قبل التكور؛ مربّعاً، مُثلثاً، هَرَمِيّاً…إلخ؟ بلاغيّاً: حتى التعبير المجازي يُوصف بالعقم إذا ما افتقر إلى مقوّمات الربط الذهني بين عناصر الطبيعة وتجسيد الخيال بصورة شعريّة نابضة بالحياة وأمّا الغاية من حُسْن استخدام المفردات فلتقريب لغة الإحساس الى الواقع؛ أنظر صورة الشاعر الراحل السِّيَاب في “أنشودة المطر” كيف نظر إلى عَينـَي حبيبته- سواء أكانت امرأة أم الوطن: {عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعة السّحَر… أو شرفتان راح ينآى عنهما القمَر} أمّا دينيّاً فتقتضي معرفة الخالق (أو الطريق إليه) مزيداً من التفكّر والتأمّل في مزايا خليقة الخالق بهدف الإقتراب إلى فكره وتقريب صورته إلى الأذهان ما يُشعر السامع بالأمان والسلام والطمأنينة لا بالخوف والإرهاب والموت عبر التحسّب والترقب والتوجّس من مجهول متكبّر ومُضِلّ وماكر… إلخ
وإذا شئت العودة إلى حدود الزمن المحمّدي فانظر قول امرئ القيس ممّا في معلّقته- بحر الطويل: تُضِيءُ الظَّلامَ بالعشيّ كأنَّهَا *** مَنَارَةُ مُمْسَى رَاهِب ٍ مُتبَتِّلِ
شرح الزوزني: {تُضيء العشيقة بنور وجهها ظلامَ الليل فكأنها مصباحُ راهب منقطع عن الناس. وخصّ مصباحَ الراهب لأنهُ يوقدُهُ ليهتديَ به عند الضلال فهو يضيئه أشدّ الإضاءة، يريد أنّ نور وجهها يغلب ظلامَ الليل كما أنّ نورَ مصباح الراهب يغلبُه} انتهى

وانظر في قول النبيّ أشعياء الذي عاش في القرن الثامن قبل الميلاد، الأصحاح 40 والآية 22:
{الجَالِسُ عَلى كُرَةِ الأرضِ وسُكّانُهَا كالجُنْدُب. الَّذِي يَنشُرُ السَّمَاوَاتِ كسَرَادِق ويَبْسُطُهَا كخـَيْمَة للسَّكَن}

3. ومن جهة علم الفلك فحجم الشمس أكبر بـ 000 300 1 مرّة من الارض ويقدّر عمرها بـ 4,57 بليون سنة فالحديث عن تكوّرها وانحلالها وزوالها كعلامة دالّة على حلول يوم القيامة لا محلّ له من الإعتبار وأمّا قول القرطبي (فهيَ تُكوَّر ويُمْحَى ضَوْءُهَا، ثُمَّ يُرْمَى بها في البَحْر. واَلله أعْلم) فيدعو إلى الرثاء. وإذا ما علِمنا (من ويكيبيديا وسواها) عن ظاهرة الإندماج النووي بأنّ عمليّة تحويل گرام واحد من المادة إلى طاقة يكفي لإنتاج طاقة مكافئة لطاقة القنبلة التي تمّ إلقاؤها على اليابان وأنّ قطر الشمس يزداد مع الزمن حتى يبتلع كوكبَي عُطارد والزُّهَرَة فإنّ تصوّر مصيرها من التمدد يتفوّق على احتماليّة مصير الإضمحلال. أمّا النظريات حول مصير الكون فثلاث وشخصيّاً أميل إلى تصديق الرأي القائل بالتمدد لأني اعتبرت الشمس أبديّة بدليل استمرار توهجها حوالي 5 بلايين من السنين- هنا رابط عن مصير الكون:
http://en.wikipedia.org/wiki/Ultimate_fate_of_the_universe

4. وما علاقة حادثة وأد البنات الإستثنائيّة بأحاديث الشمس والنجوم ويوم القيامة؟ فأوّلاً أنها لم تكن ظاهرة عامّة إنما حصلت في بعض القبائل وانتهت وإلّا لما استطاع الرجل الزواج بأزيد من امرأة بل لحصل العكس. ولم تُحَلّ تلك المشكلة إلّا بالوعي لا بالقرآن وكيف كان القرآن حَلّاً في وقت قام مؤلّفه وأتباعه بضرب أعناق الألوف من معارضيه ولا سيّما الرجال سواء أكانوا من بني قريظة أم غيرهم وسواء في شبه الجزيرة وفي سائر الأنحاء التي طالتها الغزوات. علماً أنّ هناك روايات عن أسباب وأد البنات آنذاك؛ منها الفقر والعار وتقديم قرابين للآلهة.

5. بقوله (وإذا الجَحِيمُ سُعِّرَتْ) فهل ستمرّ نار الجحيم بحالة من البرودة والخمود حتى تحتاج إلى تأجّج؟ وهل يمكننا المقارنة بين درجة حرارة قلب الشمس ودرجة حرارة الجحيم وبين حجم الشمس وحجم الجحيم؟ لكنّ الشمس مرئيّة أمّا الجحيم فأين موقعها من الكون؟ وما هذا التناقض بين النظريّتين؛ من جهة ستضمحلّ الشمس (بعد تكوّرها) ما يؤدّي إلى هبوط درجة حرارة الأرض إلى مستوى الإنجماد لتنعدم الحياة على سطحها وفي مياهها لولا ظاهرة شذوذ الماء- ومن جهة أخرى تُسَعّر الجحيم لترتفع درجة الحرارة والجحيم لا يعلم بمكانها أحد وتالياً كم ستبلغ درجة حرارة الجنّة المحمّديّة وأين موقعها وكم المسافة بينها وبين الجحيم؟

6. من ذا يُعَوّل على قوله ابتداءً بـ (إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) إلى قوله (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ)؟ لأنّ فرضيّات مؤلّف القرآن نابعة من الخيال فحسْب، لذا فهي بعيدة في نظري عن المنطق السليم وعن الواقع كلّ البعد، حتّى أنّه باستعمال أداة الشرط {إذا} قد أساء إلى أداة الشرط عينها، أنظر طريقة استعمال طرَفة بن العبد في معلقته- بحر الطويل:
إذا القوْمُ قالوا مَنْ فتىً خِلْتُ أنني *** عُنِيْتُ فلمْ أكْسَلْ وَلمْ أتبَلَّدِ
وطريقة عمرو بن كلثوم في معلقته- بحر الوافر:
مُشَعْشَعَةً كأَنَّ الحُصَّ فِيهَا *** إذا مَا المَاءُ خالطَهَا سَخِينا
تجُورُ بذِي اللبَانةِ عَنْ هَوَاهُ *** إذا مَا ذاقهَا حتّى يَلِينا

7. فسّر الطبري والجلالان قوله (إنَّهُ لقوْلُ رَسُولٍ كرِيم ١٩) بأنّ الرسول المذكور هو جبريل وفي رأيي أنّ الصّفة اللائقة بجبريل هي الملاك وليس الرسول ولولا كتب التفسير لحصل اختلاف في ذهن القارئ على الشخص المقصود كرسول.

8. أقتطف من تفسير الطبري لقوله (وما صاحبكم بمجنون): {وما صاحبكم أيها الناس محمد بمجنون، فيتكلم عن جَنّة، ويهذي هذيان المجانين، بل جاء بالحق، وَصَدَّقَ المرسلين. 28307 – عن مَيْمُون بْن مَهْرَان: (وما صاحبكم بمجنون) قال: ذاكُمْ مُحَمَّد صلعم} انتهى

وتعليقي: يبدو لي أنّ هناك سبباً وراء تأكيد محمّد على إبعاد صفة الجنون عنه في مواضع شتّى من القرآن فلقد حاول جهده ليُقنِع الناس بأنّ النوبات العصبيّة التي تنتابه وإنْ دلّت على مرض (الصّرَع) لكنّه على أمل في ألّا يكون الداء عضالاً وألّا يصل به إلى مرحلة الجنون بل عسى أن يُرجى منه شفاء. وفي رأيي القاطع بهذه المناسبة: كان مؤلّف القرآن متأرجحاً بين حافات الصحّة والمرض من جهة وكان من جهة أخرى مفكّراً ذا خيال واسع- ولو احتوت عقليّته على هَوَس وهلوسة- بل كان ثاقب النظر وذكيّاً ومُبْدعاً في تأليف أساجيعه بأشكال متنوّعة.
______________

في الحلقة القادمة قراءة في سورة الأعلى
____________________________

شكراً جزيلاً لكلّ من تفضّل-ت بالتعليق على مقالتي السابقة ولكلّ من تفضّل-ت بالتصويت: الأخت الرائعة سناء (لقد وجدتُ التباساً في نسب بيت الشعر المذكور، لذلك لم أستطع ذكره جازماً ولم يسعفني الوقت للتحرّي على اسم صاحبه الحقيقي. أمّا الأمثلة التي تفضّلتِ بها فمبنيّة على أسس مُوثّقة في التراث الإسلامي ولقد أحسنتِ، أتفق معك تماماً والربّ يباركك) – الأخ العزيز محمد البدري (أضمّ صوتي إلى صوتك بقوّة) – السيد الفاضل عبد الله بوفيم (1. إنها من سورة المدّثّر إلّا ما كان لديك دليلٌ ما على أنها من سورة الكوثر 2. لا مشكلة لديّ إمّا انطبقت تلك الأسجوعة على مصيري أو على مصير الوَلِيد بْن المُغِيرَة وأبي لهب وأبي طالب «عمّ محمّد الذي رفض ربّ القرآن حتى الرمق الأخير في حياته» وعلى مصائر أبي جهل وكعب بن الأشرف وعصماء بنت مروان… إلخ بالإضافة إلى مواقف الملايين الذين- واللواتي- انكشفت لهم حقيقة الإسلام فاٌرتدّوا بلا رجعة، لكنّ المشكلة تكمن في معرفة مَنْ يقرّر مصير الناس، إنه الخالق الذي أحبّهم فخلقهم وإنه الديّان يوم الدينونة، لذا لا يحقّ لك- ولا لغيرك- تقرير مصير كافِر أو مُلحِد أو مُشرِك 3. قولك “إنما ستلتحقون بالمسلمين, ورغما عنكم, خاصة وأن كتاب الله شهيد عليكم” فلماذا “رُغماً” ولم تحاول بالعقل أن تقنِعنا- ولو بحجّة عقلانيّة واحدة- بأنّ القرآن كتاب الله؟ في وقتٍ أيّد كثيرون وشهدوا بأنّ القرآن أساجيع من تأليف محمّد وأثبت كثيرون بأدلّة قاطعة بأنّ تعاليم القرآن سُوقيّة وإرهابيّة وهذه النتيجة حتميّة لأنّ طريقة تفكير محمّد (مؤلِّف القرآن) وأخلاقه لفِي الدّرَك الأسفل، كما مرّ في مقالاتي السابقة وبما يأتي قريباً ولاحقاً. وسيبقى حقل التعليق على كلّ مقالة من مقالاتي مفتوحاً فهاتِ ما عندك من حجّة إن حاولت دحض رأي واحد من آرائي أو تفنيد معلومة واحدة من معلوماتي وشكراً لك على المتابعة)

المصدر الحوار المتمدن بموافقة الكاتب رياض الحبيب

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

الليالي الخمسة 4

الليالي الخمسة 4

محمد الرديني

ملحق الليلة الثالثة

في الثالث عشر من تشرين الاول رحل حمد العسكرمن المدينة* موليا وجهه صوب الصحراء . في البداية وهو يمشي سيرا على الاقدام قادته رجلاه باتجاه معاكس لسير القطار الذي يمر بالمدينة من طرفها الجنوبي كل يومين وليلة، لايعرف لماذا اتخذ هذا الاتجاه ربما لانه كان يحب ان تلفحه الرياح اثناء المشي.
منذ كان صغيرا لايحب ان تدفعه الرياح الى الامام وهو يمشي، لذلك اعتاد حتى في ايام المطر ان يسير بعكس اتجاه المطر.
انه يتذكر جيدا حين يبدأ المطر بالانهمار، وهو طفل يافع، كيف ينتابه شعور بالغبطة والفرح، يجد نفسه بدون ان يدري يقف عند عتبة باب البيت الخارجي لبرهة ثم يندفع  نحو الشارع العام بعد ان ينظر الى السماء ويبدأ المسير العكسي باتجاه رذاذ المطر.
 على حافة الطريق الضيق الذي يفصل بين حاجزي سكة الحديد وقف قليلا يسترجع  انفاسه وآثر بعد ذلك ان يجلس بعد ان احس انه سار لمسافة طويلة. الشمس مازالت في كبد السماء قوية مبهرة يغطي نورها مدى بصره.
هل من الطبيعي ان يترك زوجته وخمسة اولاد منفردين في هذه المدينة الصاخبة دون معيل..؟  ولكن… هل من الطبيعي ان يبقى هو في ذلك المكان حتى يصاب بالجنون.
الجنون!؟ ربما تحمل هذه المفردة آلاف المعاني ولكن (جنونه) هو لايوجد له مرادف في اي قاموس لغوي.
مثلا هو يكره الشمس لانها رتيبة تشرق من الشرق وتغرب من الغرب . تطلع لساعات يسمونها ساعات النهار ثم تغيب . هي كذلك منذ آلاف السنين، لم تتغير ومن الصعب ان تتغير حتى بعد وفاته. ومن العجيب الا تصاب هذه الشمس بالجنون من كثرة الرتابة التي تعيشها، هل يعقل انها هناك في المكان نفسه تشرق يوميا منذ ملايين السنين، الا تضجر؟ انه نفسه ضجرمنها ، بل انه كان يحمل ( الشمسية) كلما رآها تتوسط السماء وترسل اشعتها المحرقة بعكس القمر هذا الذي تغنى له وبه مئات الشعراء ، ولعل اغلبهم ادرك ان هذا القمر الابيض يغيب كلما يحلو له ويظهر كلما اراد، انه يطل بين الحين والاخر وقد تحجبه غيمة ثقيلة ولكنه يصبر عليها حتى تنقشع ثم يعاود الطلوع.
ابتسم.
 استمع امس الى نشرة الاخبار الرئيسية من التلفزيون الملون في مقهى المدينة. قالوا ان المدينة المجاورة لمدينتهم والتي تشهد منذ سنوات قتالا مريرا بين فصائل متعارضة ، استطاع سكانها ان يناموا الليلة الماضية بهدوء لاول مرة في حياتهم بعد ان اتفق رؤوساء الفصائل على استلام السلطة بالتناوب وان يبدأ الاختيار حسب الحروف الابجدية*.
زادت رقعة ابتسامته هذه المرة، غطت وجهه احس بها اكثر شفافية من اي ابتسامة رسمها على شفتيه في السابق وهو  يتذكر حكاية الكاتب العدل * .
مر القطار الحديدي سريعا من امام ناظريه، ورغم الدخان الكثيف الذي خلفه وراءه الا انه لمح وجه طفل شبه مغمض العينين يطل من احدى نوافذ القطار. مر الوجه سريعا لم يستطع ان يتبين ملامحه جيدا ولكنه لايدري لماذا تذكر امه في تلك اللحظة.
نهض متثاقلا غير عابىء بتلك الاحاسيس التي تتضارب في رأسه رماها كلها جانبا  فلا زوجته يمكنها ان تكون صديقته ولا اولاده يمكن ان يتخلصوا من ادمان التلفزيون ولا الشمس ستعاند وتضرب عن الشروق عدة ايام ولا هو ينوي  ان يحلق لحيته الكثة ولا القطار الذي مر الان سريعا يمكن ان يقف الا في المحطات المعتادة.
المعتادة .. آه من هذه الكلمة، انه ابي ذلك الذي اورثني الجنون.
قي يوم ما كنت صغيرا واحساسي باني المدلل في العائلة هو الذي اوقعني في مآزق جنونية لاحقة.
كان اخوتي يتسابقون صباح كل يوم وميدان سباقهم صالة البيت التي لم تكن تتسع لهرجهم وركضهم، وحين تحتج امي صائحة بصوت قوي يرد عليها اكبرالاولاد سنا : انها رياضة الصباح.
كنت اجد فرصتي في دخول الحمام قبلهم بعد ان يصل السباق الى حد العراك المعتاد. ولكن الذي حدث في صباح احد الايام قلب هذه المعادلة، فقد وجدت نفسي في خضم معركة قاسية معهم اناضل من اجل ان احتفظ بحقي في الدخول الى الحمام قبلهم كعادتي دائما، وفجأة انقشع غبار المعركة عن قامة ابي الذي اتجه الي مباشرة ومسك يدي وخضني بقوة كما يخض الفلاح عذق النخلة.
سمعته يقول بوحشية:
” اما آن لك ان تتخلص من هذه العادة.
لم ادرك في حينها ماذا كان يعني بذلك، مرت سنوات طويلة تزوجت فيها  ورزقت بولد سمعته يصرخ في وجه امه ذات يوم:
” لماذا تركت ابي يدخل الحمام قبلي ، انه يعرف اني معتاد على الدخول في مثل هذه الساعة.
فجأة شعرت ان الدم الذي تجمع في شرايين قحف الرأس قد اندلق على وجهي وغطى عيني اولا رغم اني كنت ارى ابي وهو يقف امامي بقامته المديدة وهو يضحك … يضحك حتى شعرت انه قام من قبره الذي انفلق الى فلقتين وهو يضحك ومشى بين المقابر وهو يضحك ، ليس هذا كل ما هنالك بل انه دخل الحمام ووقف امامي وهو يضحك ورأى الدم يغطي عيني وهو يضحك.
ومنذ ذلك اليوم لم اعتد الدخول الى الحمام في المواعيد ( المحددة).
خفت حرارة الشمس ونهاية الظريق الترابي مازالت غير واضحة. شعر بالجوع يدغدغ معدته. ادار عينيه حواليه لم يجد ما يستحق الاكل ، كل الذي رآه شجيرات صبار مرمية هنا وهناك، ماحاجتي الى الاكل الان. حاجتي الحقيقية هي لوجه صبوح .. وجه يبتسم كله، وجه مثل الذي وجدته في ذلك اليوم . التقيته صدفة رغم اني  اخاف النساء ولا احب الاقتراب من عالمهن ، الا ان الوجه قادني اليه، وجدت نفسي اقف امامه بشجاعة:
” هل يمكن ان اقول شيئا.
” قل ولو اني لا اعرفك.
” لايهم ولكنها امنية غالية ان اقول لك شيئا عزيزا على نفسي.
” قل ياهذا فانا مصغية.
” اجمل مافي وجهك عيناك.
” شكرا.
قالت ذلك وادارت ظهرها.
صاح:
” تعالي لم اكمل حديثي بعد.
حسنا.
” من اين لك هاتين العينين.
ضحكت ببراءة زادت من ضحكة عينيها وقالت:
” انهما من ربي.
” انهما تضحكان رغما عنك.
كاد ان يقول انهما تضحكان رغم عبوس وجهك ، ولكنه تدارك في اللحظة الاخير.
ضحكت مرة اخرى ربما لتؤكد قولي في عينيها وادارت ظهرها للمرة الثانية وهي تضحك . شعر بخفة عجيبة، انها المرة الاولى التي احس فيها ان جوفي اصبح اجوف: لامعدة ولا احشاء ولا قولون، تماما كما لو ان احدهم مد يده الى الداخل ورمى كل هذا الجوف بما فيه الى خارج الجسد. لم اكن اعتقد ان هذه الاحشاء ثقيلة على جسدي الى هذا الحد…. ظللت اتابعها بنظري حتى اختفت ، كنت اريدها ان تختفي اذ لو حدث غير ذلك لانكسر كل شيء.
في ذلك اليوم والايام التي تلت ظل حمد العسكر يبحث عن عينين ضاحكتين ، يبحلق في المارة حتى رأى ذات يوم  امرأة على قارعة الطريق كانت تضحك فطلب منها الزواج فظلت تضحك ولم ترد.

ذيليات
 1 – مضت سنوات طويلة ومازال سبب رحيله غامضا حتى ان زوجته التي عاشت معه اكثر من خمسة عشر عاما لم تعرف السبب الحقيقي وراء هذا الانقلاب. ولكن الرواة يقولون – وهو قول غير موثق-  ان سبب رحيله كان خلافا بسيطا بينه وبين احد المتنفذين في المدينة، ولكن هؤلاء الرواة لم يستطيعوا تفسير كلمة متنفذين اذ ان معظم الاهالي كانوا يطلقون كلمة ( الشيخ) على عدد محدود من الاشخاص الذين يملكون محال تجارية كبيرة اشتروها ابان الحرب بينهم وبين اهالي المدينة المجاورة والتي استمرت سنوات طويلة.

2 – بعد شهور اندلع القتال في المدينة اعلاه لسبب غير معروف ولكن المقربين من الجهاز المشرف على اختيار الحروف الابجدية للرؤوساء اكدوا ان سبب القتال هو  ان عددا من رؤوساء الفصائل المتعارضة احتجوا على تأخر استلامهم للسلطة بحجة ان الاحرف الاولى من اسمائهم لاتحمل اي اشارة لوجودها في القاموس اللغوي.
• ويذكر – حسب الاخبار – ان القتال مازال دائرا رغم ان القانون المدني لهذه المدينة يعطي حرية تغيير اسماء الاهالي دون الرجوع الى الكاتب العدل.   
•   3- يقال ان كاتب للعدل في المدينة هو الجد السابع لكاتب العدل الحالي الذي يشير بفخر الى اجداده الستة حيث يتحدث عن مآثرهم في الديوانيات ولكنه يتحاشى الحديث عن جده السابع ، فقد قال الرواة مرة اخرى  ان هذا الجد ليس فقط لايعرف القراءة والكتابة وانما كان يستعمل قلم ( القوبيا) في تلطيخ  بصمته من اجل تصديق  الاوراق الرسمية . ذات مرة وهي من المرات النادرة التي يشعر فيها هذا الجد بالبهجة طلب من زوجته ان تريه ابهامي رجليها فلبت له ماطلب رغم استغرابها الشديد ولكن استغرابها زال حينما رأته يقعد عند رجليها ويمسك قلم ( القوبيا) ويرسم دوائر صغيرة على كل ابهام وحين انتهى من ذلك – ومازال الحديث للرواة- فرش عدة اوراق رسمية على ارض الغرفة الوحيدة في منزله وطلب منها ان تدوس على حاشية كل ورقة ولكن من الاسفل، وظل هذا الجد يستعمل هذه الاوراق في عقود الزواج والميراث والوصاية فترة طويلة.
4- البلاهة تعني ان وجه حمد العسكر سترتسم عليه كل علامات البلاهة.
5- بعد شهور اقسم شاهد عيان انه رأى حمد العسكر نائما في الطريق الذي
 يربط بين حاجزي السكة الحديدية وقد لف يديه بشجرة صبار صغيرة.
 وزاد بعد ان اعاد القسم بشكل غليظ هذه المرة بان جسد حمد العسكر لم يكن يتحرك بل اصبح امتدادا لهذه الشجرة. ولكن اهالي المدينة لم يصدقوا هذا القول لانهم يعرفون الطريق جيدا وبعضهم يسلكه لحاجة ما راكبا او راجلا ولم يحدث ان رأوا شخصا ينام هناك او انه يحتضن شجرة صبار.
ولكن رواة اخرين اكدوا ان حمد العسكر قد تزوج من امرأة مجهولة النسب والابوين كانت كما
يقولون تمتلك وجها عبوسا بعينين ضاحكتين.         

Posted in الأدب والفن | Leave a comment